التاريخ الكنسى لزكريا البليغ ترجمه عن السريانية الباحث/بروكس، والدكتور هاملتون تعــريب مع مقدمات وحواشى: الأب الدكتور/ بـولا سـاويرس
هو زكريا البليغ، أو الخطيب،أو المدرسى([1])، أو أسقف مليتين([2]) Melitene. كلها ألقاب اشتهر بها شخص واحد هو المؤرخ الغزاوى المولد، والمحامى بالمدينة الملكية، القنسطنطينية ، فى القرن السادس الميلادى. والذى كان رفيق دراسة ورهبنة وكفاح وجهاد للقديس ساويرس البطريرك الأنطاكى لاحقا. وسوف استخدم كل هذه النعوت ليتعود قارئى الحبيب عليها.
حـيـاتـه
لقد اجمعت المصادر العديدة على نقاط معينة لحياة زكريا الخطيب (أو البليغ). وقد وجدتها كافية فى نظرى للتعرف على شخصية مؤلفنا من الناحية العلمية والبحثية، وعلى مدى قدرته على الاطلاع على الوثائق التى قد اعتمد عليها فى كتابته لمؤلفه التاريخى هذا. ولم اجد ضرورة ما للبحث عن مزيد. ويكفى أن مخطوطته فى أصلها اللغوى ظلت قائمة من القرن السادس الميلادى إلى القرن الثانى عشر الميلادى، إلى أن قام مؤرخ سورى بترجمتها من اليونانية ترجمة تكاد تكون للعمل كله، فحفظ لنا دون أن يدرى هذا العمل من الانقراض، إذ لا نسمع حتى الآن عن الأصل اليونانى لعمل زكريا هذا، حيث لم أعثر على أى ذِكر له فى المصادر التى وقعت تحت يدى، وأرجو أن أسمع شيئا عنه. على أية حال كما ضاع عمل يوحنا النقيوسى التاريخى باللغة القبطية وحُفِظ فى ترجمته الأثيوبية، هكذا فُقِد النص اليونانى لزكريا البليغ ولكنه حُفِظ فى ترجمته السريانية.
ويزودنا المؤلف نفسه بنبذة وافية لا تحتاج إلى فضول أكثر. فقد وُلِد من عائلة مسيحية متيسرة الحال فى بلدة مايوما Maiuma([3]) بغزة، فى أواخر عام 460م تقريبا. وتلقى، كشاب، تعليما عميقا فى البلاغة والنحو والأدب فى مدينته. وكانت هذه العلوم هى الأساسيات فى عصره والتى نصادفها فى حياة الكثيرين فى هذه الحقبة. وكانت غزة فى هذه الفترة احدى المراكز الدراسية الشهيرة. فنحن نسمع عن تخرج عدد من الشهيرين منها، مثل بروكوبيوس الغزاوى الذى كتب تاريخا مدنيا، وله أيضا تعليقات على الكتاب المقدس([4]).
وفى حوالى 484م أو 485م ترك زكريا غزة واتجه نحو الأسكندرية ليستكمل تعليمه هناك، فحضر دروسا فى البلاغة والفلسفة، ولذا اتسمت كتاباته بالبلاغة والروح الجدلية.
وفى الأسكندرية، انهمك مع مجموعة عُرِفت بمحبتها للكد philoponoi([5]) وهذه المجموعة كانت من المسيحيين الغيورين التى ترفض الآراء والسلوكيات الوثنية التى كانت مازالت سائدة فى الأسكندرية بين المدرسيين والتلاميذ. وهناك التقى برفيق الدراسة ساويرس، البطريرك الأنطاكى لاحقا، والذى أُعجَب بذكاء وحيوية وأسلوب زكريا وخاصة عندما ألقى كلمة تأبين فى وفاة أحد رفقاء مجموعة "أحباء الكد"، فشجعه على قراءة اعمال آباء الكنيسة، وكذا اعمال الوثنيين.
وعندما ترك ساويرس الأسكندرية لدراسة القانون فى بيروت فى حوالى سنة 487م، ظل زكريا فى الأسكندرية بعده حوالى سنة، ثم لحقه فى بيروت لدراسة القانون أيضا لإشباع رغبة أبيه. وهنا درس القانون([6]) بعمق لمدة حوالى اربع سنوات، وبذلك تأهل للعمل فى المحاماة بالقنسطنطينية ، وهو نفس الخط الذى انتهجه اشخاص متميزون آخرون منهم سوزمينوس([7]) المؤرخ الكنسى الشهير، وبروكوبيوس الغزاوى المؤرخ المدنى. وكانت بيروت آنذاك احدى المدن القليلة للتعمق فى القانون. وكانت القنسطنطينية فقط هى المدينة المنافسة لها فى الإمبراطورية الشرقية. ويرى روبرت فينكس، أنه انهى هو وساويرس دراستهما القانونية فى حوالى سنة 491م، ثم توجها معا إلى ترايبولس، حيث نال هناك ساويرس المعمودية، ثم إلى آماسيا([8]) حيث تباركا من رأس يوحنا المعمدان([9]). وبعد ذلك افترقا فذهب ساويرس إلى أورشليم ثم تبنى الحياة الرهبانية، أما زكريا فتوجه إلى القنسطنطينية لممارسة المحاماة تحت ضغط أبيه.
وقد بدأ نشاط زكريا الأدبى من بيروت حيث كتب باكورة عمله الفلسفى (حوار مع امونيوس، أو خِلقة العالم)، ثم حياة بطرس الأيبيرى([10])، وثيودور الذى من عسقلون. ثم اختار الحياة النسكية هو وساويرس فى حوالى سنة 491م أو 492م. ولكننى ألاحظ أنه بينما سلك صديقه الحياة الرهبانية بالمعنى الديرانى الحالى، فإن زكريا ـ على ما يبدو لى ـ احتفظ بالرهبانية كنمط حياة باطنية له، أى ما يُشبه حياة التكريس البتولى حاليا. حيث لا تزودنا المصادر عن اقامته بدير معين، أو جماعة رهبانية معينة ينتمى لها. فتحت ضغط أبيه، توجه إلى المدينة الملكية لممارسة المحاماة، وهو الأمر الذى كان يمثل آنذاك مهنة صفوة أو عِلية المجتمع. ولعل الله كان يُعده بذلك لعمل جلل، فإن غزارة اطلاعه على النحو الموصوف به فى المصادر القديمة من أنه كان يقضى نهاره إلى وقت متأخر فى المساء فى الاطلاع، ووجوده بالقرب من مكتبة عاصمة الامبراطورية الشرقية، وسهولة اطلاعه، كمحامى، على ملفات المراسلات الامبراطورية، وصداقته بالقديس ساويرس وباباوات الأسكندرية على نحو مكنه من الحصول على مراسلاتهم منهم وإليهم، كل ذلك شكَّل مصادر قوية لعمله التاريخى الكنسى. فغطى الفترة ما بين 449م أو 450م إلى حوالى 461م. ويمكننى القول أنه، كمعاصر وشاهد عيان لكثير من الأحداث، لم يستطع التحرر بالطبع من النمط العام للكتّاب فى عصره، من الاسهاب فى أمور فرعية مهما ادعى من رغبة فى الايجاز حتى لا يمل القارىء، فضمَّن فى كتابه التاريخى، كما سنرى، أمورا تدخل تحت باب الأساطير وتغطى نحو 150 صفحة فى المخطوط السريانى.
وما من شك فى أنه لفت أنظار غير الخلقيدونيين فى القنسطنطينية ، ومنهم يوبراكسيوس Eupraxius حارس مخدع الملك الذى أهداه تاريخه الكنسى، والخصى ميصائيل الذى أهداه اعمال بطرس الأيبيرى (المفقود) وسيرة ثيودور اسقف انتينوى بمصر(مفقودة)، وسيرة اشعياء.
وفى الفترة ما بين 527م و 536م، نسمع عنه فى مجمع القنسطنطينية الذى أدان ساويرس وأتباعه وحرمهم، ولكنه رفض التوقيع على أعمال هذا المجمع. وفجأة نسمع عنه كأسقف على متيلين([11]) mitylene بجزيرة ليسبوس Lesbos. واعتقد أنه سيم اسقفا فى الفترة التى مال فيها الامبراطور يوستنيان إلى ساويرس قبل أن يغيّر موقفه نحوه عقب زيارة آجابيتوس اسقف روما، أى فى حوالى 535/536م. ومن ثم مع تغير موقفه من هذا الفريق، وكان ذلك أمرا معتادا كما سنرى فى النص، لابد وأن يكون زكريا قد عُزِل بالتالى، حيث نجد بالفعل اسقفا آخر لميتيلين فى مجمع القنسطنطينية المنعقد سنة 553م. ولما كان (فى ك5:12) يقول "وهوذا منذ السنة الثالثة حتى التاسعة[أى فى 561م] وهم يطوفون بها". وفى (ك1:1 و3:1) نجد اشارة إلى سنة 880 A.S. أى سنة 569م، فإن بروكس يرى أن العمل الكنسى هذا قد كُتِب فى أوقات مختلفة، حيث يرى أن (ك4:12) يرجع إلى سنة 561م، و(ك7:12) يرجع إلى سنة 555م و(ك3:1) إلى 569م. ويستنتج من ذلك أن تكون وفاته بعد ذلك بقليل.
ميتلين mitylene أم مليتين Melitene ؟.
قلنا أن بروكس قد نعت مؤرخنا هذا بأنه اسقف ميتيلين، وأنه يرى أن النعت "ميليتين" الوارد فى الفقرة التى اقتبسها ديونيسيوس بار اتساليبى Dionysius Bar Tsalib، والواردة فى القصاصاصات الفاتيكانية([12]) التى وصلتنا، إنما هو خطأ فى النساخة.
ولكن أثناء ترجمة المُعرِّب للتاريخ الكنسى لسوزومينوس، ورد - ضمن أسماء الاساقفة الذين حضروا مجمع تيرانا لتثبيت عقيدة مساواة "الإبن للآب" فى الجوهر([13])- هذا الاسم واوتريوس اسقف مليتين Melitene بهجاء واضح. وبالرجوع إلى تاريخ هذه المدينة المذكورة فى نسخة سوزومينوس تبين لى أنها ترِد فى المصادر التاريخية فعلا بهذا الاسم "مليتين" دون خلط بين هجائه وبين هجاء ميتلين mitylene كما ورد فى ترجمة بروكس، والتى تقع كما ذكرنا فى جزيرة ليسبوس اليونانية الحالية. أما مدينة مليتين هذه الواردة فى عمل سوزومينوس فهى المدينة الحالية التى تقع فى جنوب شرق تركيا الحالية، والتى تذكرها المصادر العربية بإسم مالاطية([14]) . والمعروف أن المدينة القديمة كانت تُعرَف باللغة الأشورية بإسم Meliddu، ومنه جاء الاسم اليونانى مليتين، والذى انتقل بدوره الى اللاتينية. وتقع المدينة القديمة الآن على بعد بضعة كيلومترات من المدينة الحديثة باتالغازى([15]) بتركيا. والملفت للنظر أنها كانت مركزا لإيبارشية السريان الأرثوذكس. ويذكر المؤرخ الأرثوذكسى اللاخلقيدونى ميخائيل السورى أسماء اساقفتها والأديرة التى جاءوا منها من القرن التاسع الى الثانى عشر الميلادى.
ولأن هذه المدينة كانت ضمن أراضى أرمينيا قديما قبل قيام تركيا بحدودها السياسية الحالية، وكانت أرمينيا أساسا لا خلقيدونية، لذلك يُرجَّح المعرب هنا أن يكون زكريا البليغ قد كان اسقفا لمليتين، وليس متيلين حسبما يظن بروكس.
أعمـاله
فى نحو 490م نسمع عن عمله الفلسفى (حوار مع امونيوس) أو(خلقة العالم). ثم حياة اشعياء، وبطرس الايبيرى الذى وصلنا منه بضعة أسطر فقط بالسريانية، وسبعة فصول عن المانويين. فضلا عن كم من الكتابات المنسوبة اليه، والتى يدعوها الدارسون الغربيون "الأعمال المنحولة لزكريا". وهى على أية حال لا تهمنا كثيرا هنا.
وله "سيرة ساويرس الأنطاكى"، وقد حُفِظت فقط فى الترجمة القبطية لها([16]). وهذا العمل محذوف فى الترجمة السريانية لأعمال زكريا، ربما بعد حرم المجماع الخلقيدونية اللاحقة لساويرس وأتباعه.
ثم "تاريخه الكنسى" موضع انشغالنا هنا، وقد كتبه أصلا مثل سائر أعماله الأخرى باليونانية. وهذا شهد انتشارا واسعا لم يستطع المؤرخ الخلقيدونى القريب العهد منه واللاحق له ايفاجريوس الذى من مدينة ابيفانياEpiphania الواقعة على نهر أورانتس (= العاصى) بسوريا، أن يقضى على مخطوطته فألف تاريخا([17]) يحاول أن يدحض به عمل زكريا هذا. ويبدو أن الغرب والشرق الخلقيدونييَّن قضوا على الأصل اليونانى بصورة أو بأخرى، لكن الله لم يشأ أن ينمحى هذا العمل بالكلية، فكان أن أدمج مؤرخ سورى من القرن الثانى عشر، هو ميخائيل السورى، فى تاريخه باللغة السريانية، أجزاء كبيرة من مؤلف زكريا هذا بعد أن ترجمه من اليونانية إلى السريانية. وقد حُفِظت نسخة من مخطوطة هذا المؤرح الثانى، بدير السيدة العذراء الشهير بالسريان، بوادى النطرون فى مصر. إلى أن انتقلت ضمن مجموعة اشتراها الرحالة من الدير فى القرن التاسع عشر إلى مكتبة المتحف البريطانى([18])، فنشر land نصها عام 1870م وأضاف اليها مخطوطة ترجع إلى حوالى سنة600م.
ويغطى تاريخ زكريا البليغ الفترة حسبما يذكر فى التمهيد من 448م – 569م ولكن ما وصلنا منه يقف عند أحداث سنة 556م.
ترجمات "التاريخ الكنسى" لزكريا
كان أول من تصدى لإستخلاص التاريخ الكنسى لزكريا من عمل ميخائيل السورى، فى المخطوطة المعنونة بديونيسيوس وترجمتها إلى الإنجليزية، هما الدكتور هاملتون والسيد/بروكس سنة 1899م.
وهذه هى الترجمة التى اعتمد عليها المعرب هنا بصفة أساسية. ولكن، وكما يذكر بروكس نفسه فى المقدمة التى وضعها للعمل، كانت هناك صعوبات جمة فى اختيار "القراءة" المناسبة للكثير من الكلمات السريانية الواردة فى النص. ومن هنا كانت الغالبية الغالبة لهوامشه عرض الكلمة محل البحث بالخط السريانى كما وردت فى النص ثم تقديم الاقتراحات التخمينية لقراءتها. وطبعا هذا غير متاح فى طبعتنا هذه. لذلك قام المعرب بإدماج اقتراحه فى تعريب المتن، والاشارة إلى رأيه متى لزم ذلك فى الهامش، مرفقا بكلمة بروكس أو المترجم([19]).
ويعطينا بروكس نبذة مختصرة فى مقدمته لترجمته، لا بأس أن نوجزها هنا:
الفصل الأول من الكتاب الأول -----> مفقود بالكامل.
الفصل الأول من الكتاب الثانى -----> محذوف.
والكتب 2-6 كلها تقريبا كنسية. هى إلى حد بعيد كاملة هنا.
أما الكتب الباقية (7-10) فهى لسوء الحظ قد وصلنا منها قصاصات.
فالكتاب العاشر الذى يستمر فيه التاريخ إلى سنة 548م، لدينا منه رؤوس، أو عناوين، الفصول كاملة وأجزاء من الفصول ذاتها. وقد استطعتُ (أى بروكس)، استرداد بعض الفصول المفقودة من عمل ميخائيل. ومن قصاصات من يعقوب الذى من اديسا.
-----> الكتاب الحادى عشر، مفقود كله.
والكتاب الثانى عشر، لدينا منه قصاصة تغطى فقط من الفصل الرابع إلى منتصف الفصل السابع وهى تتناول الفترة 553-556م. أما بداياته إلى موضع ما من الفصل الرابع، فهو أيضا مفقود. وهذه الأجزاء المفقودة، واضح أنها، كما يقول، مفقودة من زمن مبكر، إذ لم يعثر عليها فى المخطوطة التى ترجم منها.
ولأن ترجمة 1899م كانت عملا مشتركا بين الدكتور هاملتون، والباحث بروكس، لذا يقول بروكس أن ترجمة الكتب 3-7 هى من د/هاملتون. اما ترجمة الفصل التمهيدى، والكتب 8-9 وقصاصات ك10 و 12، فهى منه.
ثم فى سنة 2011م، صدرت ترجمة أخرى لذات العمل من اعداد روبرت فينكس وكورنيليا هورن، عَلِمنا بها بعد الانتهاء من تعريبنا للنص حسب ترجمة بروكس كما قلنا. وعندما تصفحناها، لم نجد اختلافا يُذكَر. وقد قام المعرب، بالاسترشاد بها فى بعض المواضع القليلة التى شعر بتباين الدلالة بين ترجمة بروكس، وترجمة روبرت، واشار إلى ذلك صراحة.
ولكن، ينبغى الوعى جيدا أن كلا الترجمتين اللتين لبروكس ولروبرت، ليستا ترجمة كاملة لنص عمل زكريا البليغ، فقد حذف كلاهما معظم الكتابين الأول والثانى، وهما يغطيان، كما قلنا، نحو مائة وخمسين صفحة من الأصل فى المخطوطة السريانية، لأنهما يشتملان على أمور تدخل فى باب الأساطير، أو دعنى أسميها الفلوكلور الشعبى، مثل قصة "النائمين السبعة" فى أفسس والشهيرة فى الأدب العربى "بأهل الكهف"، والخلاف على كيفية عماد الملك قسطنطين، وقصة يوسف وأسنات، وتسلسل الأنساب. حيث رأى كلٌ من المترجمين، أن مثل هذه الأمور موجودة فى أعمال أخرى، أو تدخل فى دائرة اهتمام آخرين، ومن ثم لا يتعين إدراجها فى عمل تاريخى، بالمعنى المحدد للكلمة. ومن ثم ترجموا من هذين الكتابين الفصول أو الفقرات الخاصة بالتاريخ الكنسى، أو التاريخ المدنى المرتبط بالتاريخ الكنسى، والتى لها أهمية قصوى للمؤرخ، خاصة وأن الفترة التى كانت محل انشغال زكريا البليغ تداخلت فيها العلاقات السياسية للدولة مع الشؤون الكنسية بشدة، إلى الحد الذى يُمكن للمعرب أن يقول أن الدولة كانت آنذاك بتعبيرنا اليوم "دولة دينية".
ويقول روبرت أنه قدَّم فى طبعته ترجمة للفصلين16:10 و7:12. ولكننى لم أر حاجة اليهما لدمجهما فى العمل الكنسى هذا.
ويمكننى هنا أن أقدَّم جدولا قدمه روبرت فينكس عن مشتملات "التاريخ الكنسى" لزكريا البليغ، يمكننا الاسترشاد به بالنسبة لمصادر عمل زكريا حسب رأيه.
الكتاب
خاص بـ
ترجم
المصدر
ك1/1
المقدمة
نعم
غير معروف
ك1/2-3
الأنساب
لا
غير مؤكد
ك1/4-6
يوسف واسنات
لا
موسى من انجلنز
ك1/7
عماد قسطنطين
لا
غير مؤكد
ك1/8
اكتشاف رفات يوحنا المعمدان
لا
غير مؤكد
ك1/9
اسحق ودودو
نعم
غير معروف
ك2/1
النائمين السبع بأفسس
لا
غير مؤكد
ك2/2-4
تاريخ كنسى
نعم
سقراط، اعمال المجامع
ك2/5
خطاب بروكلس
لا
الخطاب نفسه
الاحداث المدنية (438-450)
نعم
الحوليات
ك3
عهد مرقيان، 450-457
نعم
زكريا
ك4
عهد ليو 457-474
نعم
زكريا
ك5و6
زينو وباسياكوس 474-491
نعم
زكريا
ك7
عهد انستاسيوس 491 - 518
نعم
الانستاسيات
ك8
عهد يوستين 518-527م
نعم
ك9
عهد يوستنيان، 527-537م
نعم
يوستنيان
ك10
عهد يوستنيان 537-
نعم
يوستنيان
ك10/16
وصف روما
قصاصة
ملاحظات اوربس
ك11-3:12
مفقود
ك4:12، 5
علامات نهاية العالم
نعم
كتابات رؤيوية
ك 12/6
احداث آميدا فى 550م
نعم
مصادر يوستنيان
ك7:12
وصف العالم
نعم
بتولمى
ك12/7
احداث القوقاز
نعم
مصدر شفاهى
ملاحظات على هذا العمل
سيقابل القارىء هنا اسلوبا قد يراه تكرار ولكنه بالنسبة للنساخة قديما، يفيد الباحث فى ضبط بعض الفقرات أو الجملة وتصويب ما يرد بها من أخطاء النساخة، مثلما نقول اليوم أخطاء السهو فى الطباعة. وهذا الأسلوب هو أن يورد المؤلف مختصرا للفصل كعنوان، ثم يكتب الفصل ولو كان سطرين. وبفضل هذه الطريقة فى التأليف، أمكن للمترجم بروكس تصحيح كلمات كانت ستؤدى بالتالى إلى تشوش شديد فى السياق وترتيب استنتاجات خاطئة بعيدة تماما عن قصد المؤلِّف الأصلى، كما سنرى فى حينه.
1- يلاحظ القارىء لزكريا أنه يميل فى اسلوبه الى استخدام التعبيرات الكتابية. فمثلا بدلا من أن يقول سبع سنوات، يقول وبعد مرور "اسبوع" من السنوات، وغنى عن القول أن هذا هو التعبير الذى استخدمه دانيال النبى فى السفر المعنون بإسمه. وكثيرا ما يُسقِط تأملات كتابية على أحداث تاريخية معينة، على نحو قد يصدم قارىء اليوم أو يختلف معه فى تأمله. ولكن علينا جميعا أن نتذكر أنه لم يكن يكتب وهو قابع فى برج عالى، أو بعد قرون من الحدث، أو وهو سائحٌ فى برية، وإنما كان يكتب وهو فى قلب الضغوط النفسية المريرة، والإبادة البدنية، ومصادرة الممتلكات، والطرد والنفى، وهدم الكنائس والحرق والتنكيل الجهرى برجال الدين غير الخلقيدونيين، اكليروس ورهبان، ولم تسلم حتى الراهبات من ذلك ليس على يدى الوثنيين كدقلديانوس، ولا على يدى الملك اليهودى مثلما حدث مع المسيحيين الحموريين بنجران (اليمن)، وإنما على يدى السلطة الدينية الخلقيدونية المتحالفة مع السلطة العسكرية الزمنية، وهذه هى الطامة الكبرى والكارثة الأشد عبر التاريخ البشرى، عندما يرتبط النظام الحاكم بدين معين أو مذهب معين. أقول ذلك لنلتمس العذر لمؤرخنا متى وجدنا عبارة هنا أو هناك قالها من شدة الشعور بالغبن والقهر. ولكنه فى الحقيقة كان صادقا على قدر ما يسمح به الضعف البشرى، فى ألاَّ يتدخل فى الحدث ذاته، وإنما كان يورده كما وجده فى المصدر الذى نقل منه.
2- ونلاحظ ثانية أن المؤرخ اعتمد هنا على نمطين فى تأريخ dating الحدث. أحدهما يُعرَف بالتاريخ السلوقى، أو التاريخ لليونان، وهذه أوجد المترجم لنا أولا بأول المعادل لها حسب التقويم الميلادى قدر الإمكان. وهناك تاريخ آخر نعته بكلمة Indiction وهذا عبارة عن دورة معينة من السنوات قدرُها خمسة عشر سنة، وتُحسَب السنوات فيها بالاعداد فيُقال السنة واحد من الدورة كذا، والسنة اثنان وهكذا. ولها طريقة حساب معينة([20]). وقد أُستخدمت هذه الطريقة فى مستندات العصور الوسطى فى شرق وغرب اوربا. فضلا عن طريقة التأريخ بالأولمبياد. وقد أشرنا إلى ذلك فى الهوامش فى مواضعها. وكان يكتبها دائما بالحروف اليونانية، مما استلزم من المترجم(بروكس) أن يترجمها هو أيضا بالحروف ولكننى استعضت عن ذلك فى بعض المواضع بالأرقام تسهيلا للقارىء.
3- هناك نعت يتكرر بإستمرار فى هذا النص، وله دلالة معينة لدى الأنبا زكريا البليغ يتعين أن نشير إليه هنا، وهو "المؤمن". فهو يقصد به دائما، الشخص الأرثوذكسى غير الخلقيدونى، أى الرافض لمجمع خلقيدون و"طوم"([21]) ليو.
4- هذا العمل يفيد كثيرا فى التعرف على مدى ارتباط الليتورجيا بالأحداث العقائدية التى شهدتها الكنيسة الجامعة عبر التاريخ. وكيف كان الآباء يُدمِجون العقائد الجوهرية للأرثوذكسية، فى الليتورجية، والتسابيح الكنسية([22])، ومدى تفاعل الكراسى الأرثوذكسية مع بعضها البعض تأثيرا وتأثرا. فعلى سبيل المثال "يا مَن صُلِبت عنا" لم تُوجَد أولا فى الاسكندرية بل فى انطاكية، ومع ذلك سرعان ما قبلتها كنيسة الأسكندرية وأدمجتها فى الثلاثة تقديسات. ويساعدنا هذا العمل على التعرف على كيفية فهم كل فريق لهذه التسبحة.
5- كذلك يساعدنا هذا العمل على معرفة أعلامنا الأرثوذكس غير الخلقيدونيين من الكنائس الشقيقة، وبالتالى ما وصلنا، وما لم يصلنا من أعمالهم.
6- ومن هذا النص نلم أيضا بمؤلفات الهراطقة، والخلقيدونيين، ونكتشف أساليب التحايل التى كان يلجأ اليها الفريق الأول لخداع البسطاء، واساليب التزوير لنصوصنا التى كان يستخدمها الفريق الثانى والتى اشتكى منها قديسنا الأنبا ساويرس الأنطاكى، وفضحها.
7- ورغم أن هذا العمل هو أساسا تاريخى فى المقام الأول، إلا أننا نستطيع تتبع اشارات طقسية كثيرة، نوهنا اليها فى مواضع عدة فى النص.
8- تميز هذا العمل بإحتوائه على عدد كبير من الوثائق الأولية والتى مكنته وظيفته بالمدينة الملكية من الحصول عليها، والتى قدَّرها بلودو([23]) بنحو عشرين، والتى كانت مودعة بمكتبة القنسطنطينية ، وملفات القصر الامبراطورى.
9- يُقر المترجمان([24]) من السريانية إلى العربية، وكذلك روبرت فينكس، بإضطرارهم إلى اضافة كلمات بين أقواس مربعة لإمكان نقل المعنى من اللغة السريانية إلى القارىء باللغة الانجليزية، محتفظين بالأقواس الصغيرة لإضافات الناسخ الأول. ولما كان المعرِّب بدوره مضطر إلى وضع اضافات تمكن القارىء العربى من متابعة النص، وكانت عادته وضع الإضافة بين القوسين المربعين، فإنه متى كانت الإضافة بين هذين القوسين من المترجمان اشار إلى ذلك فى الهامش، والباقى خاص به.
10- بالنسبة لشكل الاسماء الواردة فى النص، فهذه عربتها لفظا حسبما وردت بشكلها فى المتن، ثم قمت بتسجيل معظم إن لم يكن كل الأشكال التى ورد بها هذا الإسم فى المخطوطات العربية القديمة، وأشكاله فى الكتابات العربية الحديثة، المصرية والشامية، لكى يألف القارىء عليها ويسهل البحث بها فى مواضع البحث الآلى.
11- سوف يجد القارىء فى متن العمل الأصلى هنا، أن أسماء سائر باباوات الكراسى الرئيسية والبطاركة، مذكورة بدون الألقاب الرسمية المتعارف عليها الآن، سوى عبارة "أسقف مدينة.."([25]).
وأخيرا وليس آخرا فإننى أتوجه بالشكر إلى صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا ابوللو على تفضله بتصدير هذه الطبعة واهتمامه الكبير بالدراسات والأبحاث الجادة، وإلى سائر الآباء الأحباء، والإخوة الزملاء الباحثين الذين ساهموا فى إخراج هذا الكتاب. وأخص بالشكر الأخ الدكتور/ صموئيل القس قزمان الأستاذ بجامعة مونستير بألمانيا على تفضله، وسط مهامه الرسمية وانشغالاته العديدة، بقراءة الترجمة الأولية وتزويدنا بالتعليقات والملاحظات والهوامش العديددة القيمة التى بلا شك قد طرَّزت النص المترجَم وزخرفته بخيوط ذهبية جميلة.
بــولا ساويرس
1 يوليو 2013م [email protected]
المقـدمـة لـبروكس
فى مخطوطة المتحف البريطانى رقم17202، هناك عمل تاريخى بالسريانية، كان قد نُشِر بواسطة الدكتور لاند Land بعنوان Zachariae Ep. Mitylenes aliorumque scripta historica Graece plerumque deperdita. وفى مخطوطة الحوليات التى بدون اسم مؤلف، ولكنها معنونة ببساطة بعنوان"مجلد بسجلات الأحداث التى وقعت فى العالم."، ترد فيها مقتطافات من ذات العمل (أيضا بدون اسم). وفى Cod. Syr. Vat. 146 (سابقا 24) ورقة 78. وهذه المقتطفات والاقتباسات قد نشرها السمعانى باللاتينية فى مايو 1838م. وهناك فقرة فى هذه القصاصاصات الفاتيكانية اقتبسها ديونيسيوس بار اتساليبى Dionysius Bar Tsalibi على أنها "من زكريا البليغ واسقف مليتين" بينما يعزوها السمعانى للمؤلف "زكريا من مليتين". ويتأكد اسم زكريا من حقيقة أن مخطوطة المتحف الرومانى رقم 12154 تحتوى على اقتطافين من حوليتنا المسجلة على انها "التاريخ الكنسى لزكريا". وبالاضافة إلى ذلك فإن ايفاجريوس فى كتابيه الثانى والثالث من تاريخه يذكر مرارا كاتبا مونوفيزيا([26]) monophysite، كان يدعوه زكريا البليغ، وهذه المقتطفات وثيقة الصلة مع نصنا. كذلك يرد ذكر "زكريا البليغ" أيضا لدى ميخائيل السريانى (الذى نسخه غريغورى ابو الفرج)، عن مجمع افسس الأول، وقصة النائمين السبع، واحداث عهد مركيان، والضربة فى عهد يوستنيان([27]).
ومع ذلك، بالرجوع إلى العمل المحفوظ فى مخطوطة لندن، نجد أنه فى ملحق الكتاب الثانى يسجل المؤلف أن الكتاب الثالث مستمد " فى معظمه من حولية زكريا البليغ الذى كتب باليونانية إلى رجل يدعى يوبراكسيوس Eupraxius الذى عاش فى البلاط، وخُصِّص لخدمة الملك والملكة". ويفتتح الفصل الأول من الكتاب الثالث، بتمهيد لزكريا موجه إلى يوبراكسيوس. ومرة ثانية فى ملحق الكتاب السادس يرِد أن ذلك الكتاب مأخوذ من حولية زكريا البليغ الذى كتب عن هذه النقطة باسهاب طويل طبقا لعادة الاسهاب اليونانية". وواضح من هذا أن عمل زكريا ينتهى بسنة 491م، وأنه كان فقط واحدا من المصادر التى اُستُخدِمت فى العمل المؤَّلف الذى تحت يدنا، والذى اتبعه فى الكتب3-6 فقط، والذى التصق اسم زكريا بالخطأ على باقيه([28]) من قِبل الكتاب اللاحقين. وقد تأكد هذا من حقيقة أن كلَا من الكتب 4-6، وليس سواها، يَرِد فى مقدمتها أنها مأخوذة من زكريا، حيث ترِد عبارة "التاريخ الكنسى لزكريا" فى رأس الصفحة فى الكتب 3-6 فقط (بإستثناء ك1). وأن الاقتباسات الواردة فى ايفاجريوس تقتصر على هذه الكتب الثلاث ذاتها.
أما بالنسبة لهوية زكريا فإن سيرة اشعياء الراهب المنشورة بواسطة الدكتور لاند من مخطوطة المتحف البريطانى رقم 12174 ورقة 142، تُنسَب فى المخطوطة إلى "زكريا المدرسى الذى كتب التاريخ الكنسى". وسيرة ساويرس Severus لنفس المؤلف التى نشرها الدكتور سبانوث Spanuth من مخطوطة ببرلين (مجموعة ساخاو Sachau،321), نعلم منها أن زكريا كان مواطنا من غزة، درس القانون مع ساويرس فى الاسكندرية وبيروت فى عهد [الامبراطور] زينو. وامتهن المحاماة فى القنسطنطينية حيث كان يعيش وقت كتابة السيرة. ولذلك يكون التردد قليلا فى مطابقته بزكريا([29]) الغزواى الذى تُوَّجه له قصيدة من يوحنا الغزواى. وكذا بزخاريا المرسَل اليه خطابات عديدة من بروكوبيوس الغزواى وبمؤلف حوار de mundi opicio المسطَّر فى مخطوطة يونانية والذى يسجل فى مقدمته أنه درس بالاسكندرية. وأما كلمة melitene عند ديونيسيوس فهى خطأ لكلمةmitylene ([30]). وقد حضر زخاريا الذى من ميتلين([31]) مجمع عام 536م. ولكن فى سنة 553م كان الذى يشغل هذا الكرسى [شخص اسمه] بالاديوس([32]). ومن ثم يمكننا أن نستدل من ذلك أن زخاريا البليغ([33]) rhetor أو المدرسى الغزواى قد أقام فى القنسطنطينية بين سنتى491م و518م، وأنه كتب التاريخ الكنسى عن الفترة 450-491م. وكتب أيضا حياة ساويرس([34]) فى الفترة بين 511 و 518م. وفى وقت متأخر ربما اتفاقا([35]) مع ايمان خلقيدون سيم اسقفا على ميتلين. وتوفى أو عُزِل بين سنتى536 و553م. وقد أهدى التاريخ الكنسى إلى أحد رجال الحاشية الملكية، يدعى يوبراكسيوس Eupraxius. وهذا قد ورد ذكره أيضا فى سيرة ساويرس على نحو يتضمن أنه قد توفى، مما يعنى أن التاريخ قد كُتِب فى حياته. وما من شك فى أنه هو ذاته كان حارس مخدع الملك الذى وُجهَّت إليه رسالة ساويرس.
إذن عمل زكريا يشكل أساس كتب مؤلفنا([36]) هذا(ك 3-6). ومع ذلك لم يُدمِج مؤلفنا عمل زكريا بالكامل، ولكنه لخصه كما هو واضح من حقيقة اقتباس ايفاجريوس لعبارة لزكريا ليست موجودة فى نصنا هذا([37]). ومن ناحية أخرى الرواية الأساسية فى هذه الكتب متجانسة على وجه العموم. ويمكننا أن نفترض أنها لم تستخدم أى مصدر آخر. ومع ذلك فى الفصل الأول من الكتاب الثالث، ترد ثلاث فقرات تتطابق تقريبا مع عبارات يوحنا الافسسى، ولذلك ربما تم حشوها فى النص الأصلى إما من يوحنا نفسه أو من مصدر آخر حيث يمنعنا تطابق اللغة من افتراض الاستعمال العام لزكريا اليونانى. ويمكننا أن نعزو أيضا الى مصدر آخر قائمة الاباطرة والتاريخ المدنى المختصر الذى يختم به الكتاب الثالث، والملخص التاريخى فى نهاية مقدمة الكتاب الرابع، والاشارة إلى موت زينو والأحداث المدنية فى عصره فى ك6:6.
ويبدأ المصنف بفصل تمهيدى يحتوى على الخطة العامة للعمل. ومنها نعلم أن العمل كله كان مساهمة من رجل واحد، وليس مجموعة اقتباسات.
أما عن شخصية الكاتب فهناك احتمالان ممكنان: الأول من عبارة "أعرفه" فى ك7ف5 اثناء الحديث عن جادونو Gadono الذى شارك فى حملة آميدا([38])Amida سنة 503م . والثانى فى ك9 ف18 حيث يرد نفس التعبير عن شخص ايطالى يدعى دومنيك أو ديمونيكس الذى هرب إلى القنسطنطينية خلال حكم القوط. ولكن لا يمكن التأكد فى أى من الحالتين من أن المؤلف ينسخ التعبير من كاتب آخر. فهذا الافتراض يدعمه فى الحالة الأولى التاريخ المبكر للأحداث المروية، وفى الحالة الثانية حقيقة أن يوحنا الأفسسى الذى يظهر أن مؤلفنا قد استخدمه، كان يقيم فى القنسطنطينية ، بينما انشغال مؤلفنا يقع بالكامل فى الشرق.
أما عن مكان الكتابة، فنجد أن المؤلف يتحدث فى ك5:12 عن واقعة حدثت فى آميدا قائلا "هنا"، ومنها نستدل أنه كان يعيش فى آميدا أو ميسوبوطاميا([39]). كذلك علاقته بآميدا تظهر من معرفته ليوستاس Eustace مهندس آميدا كما نرى من ك19:9. والاشارة الخاصة إلى الحامية الاسكندرية فى آميدا. وارتباط المؤلف بالأسرى الآميديين فى 7:12 واذا كانت الفصول 3-5 من ك7 أصلية فإن الالمام الوثيق بتاريخ آميدا الظاهر فيها لا بد أن يؤخذ فى الحسبان.
أما تاريخ الكتابة فمذكور فى 1:1 و3:1 بأنه سنة 880 A.S. أى سنة 569م. وهذا التاريخ لا بد أن يكون تاريخ الانتهاء من العمل على نحو يعنى أن أجزاءً مختلفة قد كُتبت فى أوقات مختلفة. فمثلا ك4:12 كُتٍب فى سنة 561م، ك7:12 فى سنة 555م، ك12:10- الذى استرددته من ميخائيل ـ كُتب فى سنة 545م. ولكن لما كان نمط الرواية يجعل من الصعب تصديق أنها كُتبت فى خلال سنة الأحداث المسجلة، فإن عبارة "السنة الثامنة هذه" يجب أن تُفهم كما يلى" السنة الثامنة هذه التى نتناولها الآن". وطوال تاريخ عهد يوستنيان يتحدث المؤلف عن الامبراطور على أنه مازال حيا.
غير أن صعوبة ما تنشأ بالنسبة للتاريخ من استخدام رسالة سيمون من بيت ارشامArsham فى ك3:8. فهذه الرسالة توجد فى عمل يوحنا الافسسى (كما هو محفوظ فى الحولية المنسوبة لديونيسيوس) وكلاهما مختصر للرسالة الاصلية المحفوظة فى المتحف البريطانى، ومتحف بورجيان، والتى طبعها البروفيسور جودى. ولا يمكن لرجلين أن يكونا لهما نفس الملخص لنفس المستند، ومن ثم لابد أن يكون أحدهما قد نسخ عن الآخر([40]). وكون أن الناسخ هو مؤلفنا فهذا يظهر من حقيقة أن الرسالة تظهر فى عمله قائمة بذاتها بينما عند يوحنا الافسسى مدمجة فى روايته عن الشؤن الهومرية . وأيضا رواية مؤلفنا عن آميدا فى 5:8 متماثلة مع السمعانى لدرجة أنها على الرغم من التنوع لا تظهر أنها نسخت اعتباطا وبالكاد يُصدق أنها مستقلة تماما.
ومع ذلك، كان الجزء الثانى من تاريخ يوحنا الافسسى غير كامل قبل سنة 571م بينما أتم مؤلفنا كما رأينا عمله فى سنة 569م. ومع ذلك ليس من الضرورى أن نفترض أن الجزء الثانى من عمل يوحنا الافسسى قد نشر فى وقت واحد. فنحن فى الواقع نعرف من روايته أن الاضطهاد الذى بدأ سنة 518م، والتى إن لم تكن جزء من التاريخ الكنسى فلابد أنها قد أضيفت بعد ذلك، بدرجة كبيرة. وروايته عن اضطهاد الهوميريين قد نُشِرت قبلها بثلاثين سنة قبل 567م. فإذا أخِذ هذا التاريخ حرفيا فهو حقا تاريخ مبكر جدا بالنسبة لغرضنا. حيث أن رؤوس الفصلان 2و3 من كتابنا العاشر مفقودة والتى تتناول اضطهاد ابراهام بار خيللى فى آميدا فى الفترة 537-539م، بالمقارنة مع الفصول التى فى ديونيسيوس المسجلة عن يوحنا. ولذلك يجب افتراض أنها مستمدة من عمل متأخر. ومع ذلك فى إحدى قصاصات التاريخ يذكر يوحنا رواية عن هذا الاضطهاد كان قد كتبها. ومن ذلك ينتُج أنه إما أن تاريخ الاضطهاد لم يكن قد كُتب قبل سنة 539م. وإما أن عملا لاحقا يتناول هذا الاضطهاد الثانى قد أضيف بعد ذلك([41]). وفى كلتا الحالتين لدينا شرح كاف لاستخدام مؤلفنا ليوحنا([42]). ومع ذلك لم يكن مؤلفنا مجرد ناسخ ليوحنا الافسسى لغاية أحداث 540م فعلى سبيل المثال رواية يوحنا عن زلزال انطاكية سنة 526م المحفوظة تختلف تماما عن رواية مؤلفنا. وروايته عن اضطهاد اديسا فى ظل اسكليبيوس من الصعب جدا أن تماثل الرواية فى نصنا(4:8)، ولكن العلاقة الحقيقية بين الاثنين يمكن حلها عندما يُنشر النص الكامل للعمل المنسوب إلى ديونيسيوس.
هذا التعقيد يجعل من العسير تحديد ما إذا كانت فقرة معينة لدى ميخائيل([43])مشتقة من مؤلفنا([44]) أم من يوحنا. ولذلك وجدتُ من الأفضل الاشارة إلى ميخائيل طوال العمل عن المخاطرة بقرارات اجتهادية قد تضر. ولما كان عمل ميخائيل لم يُنشر([45]) فقد أضفتُ الاشارات المرجعية إلى ناسخه غريغورى.
وهناك فى الواقع إختبار يمكن التمييز به، وهو أسلوب التأريخ dating فيوحنا يؤرخ بسنوات سلوقية فقط بينما يستخدم مؤلفنا احصاءً استدلاليا، ويكتب بصفة عامة الأرقام باليونانية، وهو أسلوب قد وُجِد أيضا فى حولية من اديسا. واستخدام هذه الطريقة فى عمل ميخائيل قد مكننى من استرداد بعض الفصول المفقودة من الكتاب العاشر.
+ + +
ويحتوى الكتاب الأول على فصول تمهيدية، ومناقشة تاريخ التكوين، وتاريخ يوسف وآسنات، واعمال سلفستر، ورواية اكتشاف رفات اسطفانوس، وغمالائيل ونيقوديموس بواسطة الكاهن لوقيان. ويختتم بوصف قصير لإثنين من الكتّاب السريان الأوائل.
ويحتوى الكتاب الثانى على قصة النائمين السبعة([46]) فى الفصل الأول. بينما يتناول الفصل الثانى السرد التاريخى مستهلا بمجمع القنسطنطينية سنة 448م. وفى نهاية الكتاب التاسع يصل إلى الاستيلاء على روما سنة 536م.
والفصل الأول من الكتاب الأول مفقود بالكامل.
والكتب من الثانى إلى السادس كلها تقريبا كنسية. أما الكتب 7-9 فبها معلومات قيمة للغاية بالنسبة للشؤن المدنية وبالأخص العلاقة بين روما وفارس([47]). وهذا العمل إلى حد بعيد كامل إلى هنا.
أما الكتب الباقية فهى لسوء الحظ قد وصلنا منها قصاصات. فالكتاب العاشر الذى يستمر فيه التاريخ إلى سنة 548م، لدينا رؤوس الفصول كاملة وأجزاء من الفصول ذاتها. وقد استطعتُ استرداد بعض الفصول المفقودة من عمل ميخائيل. ومن قصاصات من يعقوب الذى من اديسا.
والكتاب الثانى عشر، لدينا منه قصاصة تغطى فقط من الفصل الرابع إلى منتصف الفصل السابع وهى تتناول الفترة 553-556م.
أما العمل الأصلى فكان يغطى كما قيل لنا فى التمهيد إلى سنة 569م.
أما بالنسبة للموضوع الاسطورى الوارد فى بداية العمل، فعلى الرغم من أن له قيمته الخاصة فى المقارنة بينه وبين النسخ الأخرى لنفس الاسطورة، وهو قائم بذاته عن بقية العمل، إلا أنه بوضعه الحالى لا يختلف كثيرا عما هو موجود فى النسخ اليونانية واللاتينية ، ولذلك لم أر داعيا لترجمته فحذفته.
وبالنسبة للأجزاء الباقية، الفصل الأول من الكتاب الثانى محذوف
والكتب 3-7 ترجمة الدكتور هاملتون. أما الفصل التمهيدى، والكتب 8-9 ، وقصاصات ك10 و 12 فأنا المسؤول.
الـكـتـاب الأول
[مجلد روايات الأحداث التى حدثت فى العالم]
الكتاب الأول: الفصل الأول اعتذار عن القيام بالعمل. الفصل الثانى خاص بالرسالة التى تحتوى على طلب جدول الأنساب فى سفر التكوين. والفصل الثالث، دفاع عن جدول الأنساب وفقا لقانون التسلسل التاريخى الوارد أسفل. الفصل الرابع، خاص بالرسالة التى تحتوى على ترجمة الكتاب اليونانى لأشعياء الذى وُجِد فى مكتبة بيت بيرويا Beruya الاساقفة من مدينة راس العين Rhesaina([48]). الفصل الخامس خاص بالرد على الرسالة. الفصل السادس، ترجمة كتاب اشعياء. الفصل السابع ترجمة "سيرة سلفستر، بطريرك روما"، ويروى اهتداء وعماد قنسطنطين الملك المؤمن، ومنازعات المعلمين اليهود. الفصل الثامن خاص بالرؤية الخاصة بمستودع رفات استيفانوس ونقوديموس وغمالائيل وهبيب ابنه. الفصل التاسع عن اسحق ودودو الملافنة السوريين.
الكتاب الأول : الفصل الأول
ان الرجال الذين كانوا يتحركون([49]) كحيوانات برية غير عاقلة (وكانوا مجرد حيوانات) بعاداتهم الغبية وتقاليدهم الشريرة وميولهم الفظة وحياتهم الأرضية وتقاليدهم الشرير، قد سلَّموا من واحد لآخر التتبع الشغوف للأهواء وفساد الجسد والرغبات الجسدانية الدنسة. أولئك الرجال الذين دعاهم الكتاب المقدس جسدانيين قائلا "لا يمكث روحى بعد بين البشر فهُم جسد"([50]). والذين دعاهم أيضا سليمان([51]) بالمنافقين قائلا " لكن المنافقين استدعوا الموت بأياديهم وأقوالهم، ظنوه حليفا لهم فاضمحلوا، وعاهدوه لأنهم أهل أن يكونوا من حزبه. لأنهم قالوا فى أنفسهم ( ولم يعقلوا الصواب) إن حياتنا قصيرة وشقية، وليس لممات الانسان من دواء، ولم يُعلَم قط أن أحدا قد نجا من الجحيم([52]). لقد وُلِدنا اتفاقا وسنكون بعد كأننا لم نكن قط لأن نسمة مناخيرنا كدخان، والنطق شرارة من حرارة قلوبنا. فإذا انطفأت عاد الجسم رمادا وانحل النفَس كنسيم رقيق وزالت حياتنا كأثر غمامة، وكضباب يسوقه شعاع الشمس، ويسقط بحرها. ويُنسَى اسمنا بعد وقت، ولن يتذكر أحد أعمالنا، لأن حياتنا ظل يمضى سريعا، ولا دواء لنا عند الموت، لأنه يختم علينا ولا أحد يرجع. فتعالوا إذن لنتمتع بالطيبات الحاضرة ولنستخدم سريعا الخليقة فى الشبيبة. لنرتو من الخمر الفاخرة ونتضمخ بالأدهان، ولا تفتنا زهرة الآوان. ولنتكلل بزهور الورد قبل أن تذبل، ولا يكن أحد منا بلا مرح إلى شيبتنا. ولنترك فى كل مكان أثرا على فرحنا.لأن هذا هو حظنا ونصيبنا"([53]). هؤلاء فعلوا كما شهد موسى([54]) "وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة وحدث فى ارتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة فى أرض شنعار وسكنوا هناك. وقال بعضهم لبعض هلم نصنع لبنا ونشويه شيا. فكان لهم اللبن مكان الحجر، والحُمر مكان الطين، وقالوا هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء، ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه الأرض". وكدوا وشيَّدوا بغيرة برجا، ولكنهم عبثا تعبوا.
وأيضا شيَّدت أسباط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى، عندما رجعوا عن باقى الاسباط اخوتهم الذين امتلكوا أرض الموعد، أقاموا مذبحا عظيمَ المنظرِ فى الجلجال فى عبر الأردن فى أرض كنعان من الحجارة التى جمعوها. وعندما سمعت باقى الأسباط بذلك، جاء فينحاس بن اليعازر الكاهن ورؤساء المجمع وقادة قوات اسرائيل إليهم، واستعلموا منهم عن ذلك فأجابوهم "ليكون شاهدا بينكم وبيننا حتى لا يقُل أبناؤكم لأبنائنا فيما بعد، ما لكم وللرب إله اسرائيل يا بنى رأوبين وبنى جاد؟. فهوذا قد وضع الرب حدا بينكم وبيننا هو الأردن([55]) فقلنا نصنع لأنفسنا مذبحا، ليس لمحرقة ولا لذبيحة ولا لتقدمة، ولكن ليكن شاهدا بينكم وبيننا وبين أجيالنا من بعدنا"([56])
وأيضا جدعون بعدما تغلب على المديانيين، فرش رداءً وطلب من كل رجل من الرجال الذين معه الأقراط التى جمعها. فكان وزن الاقراط التى طلبها ألف وسبعمائة شاقل ذهبا. فأخذها جدعون وصنع منها افودا ووضعه فى قريته([57]) عفرة. فضلَّ بنو اسرائيل وراءه وصار فخا لجدعون وبيته([58]).
وأيضا أم ميخا من جبل افرايم([59]) تلقت هى أيضا من ابنها أحد عشر مائة شاقل من الفضة وصنعت تمثالا منحوتا وتمثالا مسبوكا.
وأيضا أبشالوم بن داوود، أقام وهو حى نُصبا، فى غور([60])الملوك، لأنه قال ليس لى أحد يحفظ ذكرى اسمى. ودعا النُصُب بإسمه. فدُعى نُصُب ابشالوم إلى هذا اليوم.([61])
وأيضا ميثوديوس أسقف اوليمبوس والشهيد، فى العمل الذى وجهه إلى أجلوفون بشأن قيامة الأموات، يخبرنا بقصة فدياس الصانع والنحات الذى صنع تمثالا من العاج جميل المشاهدة، ولكى ما يجعله يدوم لمدة طويلة دون أن يتشقق أو يتداعى سكب زيتا عند قاعدته ودهن الباقى.
ونحن نرى تماثيلا لأشخاص عديدين فى مواضع عديدة، وسجلات مكتوبة على اوراق البردى بشأن أحداث عديدة قد حدثت فى العالم، وكذلك، تماثيل تُقام لحفظ ذكرى ومدح استحقاقات اولئك الذين ماتوا.
لذلك كم هو عادل وصواب أن يجد الحصيف والغيور الأحداث التى وقعت من وقت لآخر بعد تلك المدونة فى التواريخ الثلاث التى ليوسابيوس وسقراتيس وثيودوريت، المتناثرة وغير المجمَّعة، مجمعة معا فى كتاب واحد على قدر الإمكان، من الوثائق، أو الرسائل أو المخطوطات أو التقارير الموثوق بها. فهذا سيكون لفائدة المؤمنين وأولئك المهتمين بالتعليم السليم والامتياز العقلى.
فليعيننا المسيح الهنا على تسجيلها، ونسأله أن يهبنا الحكمة والبلاغة لنكتب بدون تشويش الوصف الحقيقى للأمور التى حدثت.
والآن، لما كانت المخطوطات السريانية لجدول تسلسل الأجيال فى سفر التكوين بها بعض الاختلافات عن تلك التى فى اليونانية وقصور ليس بالقليل فى عدد السنوات فإنه من الصواب لنا، اتفاقا مع عملنا، ومن المعقول أن نبدأ بسفر التكوين ثم نستمر بعد ذلك مع كتاب اشعياء، وبعدئذ نتناول سيلفستر واهتداء قنسطنطين الملك وعماده حيث أخفق يوسابيوس فى روايته، وحاد فيه سقراتيس عن الصواب (لأن الملك لم يعتمد فى نهاية حياته كما كَتب([62]) إذ أن قصة اهتدائه بواسطة سيلفستر محفوظة أيضا كتابة وبالصور فى أماكن عديدة بروما حسبما اخبرنا مَن كانوا هناك بما شاهدوه). وأكثر من ذلك ما يخص الرؤيا الخاصة بمثوى عظام اسطفانوس ورفقائه، وما يخص اسحق ودودو المُعلِميَن السريانيَين.
وهنا ننهى الكتاب الأول، ثم نكتب بعد ذلك على قدر ما نجد فى هذه المصادر الأحداث التالية فى كتب منفصلة، وفى الفصول العديدة التى تحتويها. كما هو مكتوب بعده، من السنة الثانية والثلاثين لثيودوسيوس بن اركاديوس إلى سنة 880 لليونان([63]).
والآن نلتمس من القراء أو السامعين ألا يلوموننا إذا لم ندعُ الملوك بالمنتصرين والجبابرة، والجنرالات بالصناديد والحاذقين، والأساقفة بالأتقياء والمباركين، والرهبان بالأطهار والمكرمين، لأن غرضنا هو رواية الحقائق متتبعين خطوات الكتاب المقدس. ولا نقصد فى روايتنا مدح أو اطراء الحكام بكلمات تملق، أو أن نذم ونسىء بإنتهار أولئك الذين لهم ايمان مختلف شريطة أن لا نجد شيئا ما من هذا القبيل، فى المخطوطات والرسائل التى نحن عتيدون أن نترجمها([64]).
الكتاب الأول
ç قلنا أن الفصول الثمانية الأولى من الكتاب الأول مفقودة فى هذه النسخة التى طُبِع نصها هنا بالانجليزية([65]).
الكتاب الأول: الفصل التاسع
هذا الفصل عن اسحق ودودو الملفانيَن السريانيَّن اللذين عاشا فى أيام الملكيَن المؤمنيَن أركاديوس وثيودوسيوس.
برز اسحق الملفن([66])، وهو مواطن من سوريا، من أحد الأديرة الكائنة فى الغرب. وفى اجتهاده توجه إلى روما، وسافر أيضا إلى مدن أخرى. وكانت له كتب مملوءة بالتعاليم المفيدة تشتمل على تعليقات على كل مواضيع الكتاب المقدس متتبعا [تقاليد]([67]) افرايم وتلاميذه.
كذلك كان دودو راهبا فاضلا من ساميكا Samke'، وهى بلدة([68]) تخص منطقة آميدا Amida. وقد أُرِسل من قِبل قادة الشعب إلى الملك بسبب المجاعة والسبى الذى حدث فى تلك البلاد فى أيامه، فكان محل قبول كبير. وكان لهذا الرجل أيضا، كما يظهر لنا، نحو ثلاثمائة عمل، أكثر أو اقل، عن كل أمر فى الأسفار المقدسة، وعن القديسين. وأيضا تسابيح([69]).
الكتاب الثانى
بعد (التاريخ) الكنسى ليوسيبيوس القيصرى كتب كل من سقراتيس([70]) Socrates وثيودوريت Theodoret، فى المقالات التى ألفوها على التوالى، إلى السنة الثانية والثلاثين من عهد ثيودوسيوس الصغير([71]) تذكارا ولفائدة الفطنين بأفضل ما استطاعا، ورويا المعاملات والأمور التى جرت فى أماكن مختلفة والتى اجتهدا فى تجميعها من المجلدات والرسائل والسجلات وأحاديث الأحياء التى فحصوها.
وبناء عليه، أنا أيضا على الرغم من عدم كفايتى، مزمع أن أكتب، بناء على طلبكم ومشورتكم، من أجل تعليم الاخوة ومن أجل تعضيد محبى العقيدة ولتثبيت المؤمنين بمعونة المسيح ربنا والهنا الذى يعطينا قوة الكلمة، وبمشورتك أيها الأخ المثابر وبصلواتك من أجل أن اكتب، الحقيقة بأسلوب بليغ بدون تشويش أو علة للوم.
وإذ استهل هذه المقالة للكتاب الثانى فاننى سأروى باختصار ما أمكن بدون اطناب أو ارهاق للقارىء أو ملل للسامع ما امكننى اكتشافه من حقائق وفحصها بعناية من السجلات و"الاعمال"([72]) والخطابات. وسأدون هنا حقيقة قيامة([73]) سبعة شبان كانوا فى كهف بمنطقة أفسس التى حدثت فى أيام ثيودوسيوس الملك([74])، وكذلك السجلات السورية إلى أُكتُشِفت، وذلك لحفظ تذكار القديسين، ولمجد الله القادر على كل شىء.
ثم أدون بإيجاز على شكل فصول حتى لا يطول سرد الأحداث لفترة واحدة ونحن نكتبها بالتفصيل، التى وجدناها فى" الأعمال" وفى كل مكان وماحدث خلال العشر سنوات الباقية من حياة ثيودوسيوس. أى سأكتب فى هذا الكتاب ما يمكن أن نقول أنه حدث فى القنسطنطينية ، بشأن الأرشيمندريت يوتيخس([75])، وفلافيان رئيس الكهنة، ومجمع الواحد وثلاثين اسقفا والإثنين وعشرين أرشيمندريت الذين التقوا معا وأقروا بحرم يوتيخس. وأيضا بشأن المجمع الثانى الذى عُقِد فى أفسس بشأن فلافيان فى أيام ديسقورس وجوفيناليس([76]) Juvenalisودومينوس والمائة وثمانية وعشرين اسقفا الذين كانوا معهم. ثم أبدأ الكتاب الثالث.
الكتاب الثانى: الفصل الثانى
[الفصل الثانى من الكتاب الثانى يخبرنا عن هرطقة يوتيخيس الكاهن وحرمه]
كان فى أيام الملك ثيودوسيوس أرشيمندريت كاهن حبيس ينتمى إلى القاطنين بالقنسطنطينية يدعى يوتيخس. وكان يزوره الكثيرون (الذين كانوا يلتجأون إليه بسبب عفته وتقواه) وتصادف أن كان فى المدينة، وبصفة خاصة مع جنود القصر المحبين للعقيدة لأنه فى ذلك الوقت كان نستوريوس([77]) Nestorus قد عُزِل ونُفِىَّ بعدل بسبب عقيدته الدنسة. نستوريوس هذا هو الذى علَّم الأراء الوضيعة بشأن تجسد الله الكلمة وتخيل أن الطبيعتين توجدان منفصلتين فى المسيح الهنا بعد الاتحاد وتمسك بأسبقية الطفل الذى حُبِل به وتشكَّل فى العذراء والذى دعاه "يسوع" و"المسيح". وعلَّم أن الله الكلمة قد حلَّ([78]) عليه أخيرا. وهى آراء تختلف قليلا عن تلك التى قالها بولس الساموساطى Paul of Samosata. وتماثل تعاليم مدرسة ديودورس([79]) Diodorus كثيرا التى درسها وقبِلها وأحبها، ولكنه رفض بخفة وبلا تأنيب ضمير أن يدعو القديسة مريم الدائمة البتولية([80]) بلقب "ثيوتوكس" theotokos على الرغم من أن الملافنة doctors الذين كانوا قبله: أثناسيوس وغريغوريوس وباسيليوس ويوليوس وآخرون قد دعوها هكذا. وأكثر من ذلك انتقدهم كما يشهد بذلك الكتاب الذى كتبه من الواحات إلى الكهنة والمواطنين. وبناء عليه إذ انزعج الكثيرون من عقيدته انعقد مجمع من مائة وثلاثة وتسعون أسقفا فى أفسس وفحصوا تعليمه بدقة واستدعوه ثلاث مرات طبقا للقانون الكنسى لكى يعتذر ويلوم تعليمه الخاص ويعترف بأن يسوع هو الله الكلمة الذى تجسد، اقنوم واحد وطبيعة واحدة، كما علَّم معلمو الكنيسة المقدسة. ولكنه لم يقتنع كما يروى سقراتيس أيضا فى الرواية المختصرة التى كتبها عنه والتى وردت بالكامل فى الأعمال الأصلية. ومن ثم كان حرمه فى أيام سيلستين([81]) Celestine وكيرلس وجوفيناليس([82]) Juvenalis قبل وصول يوحنا الأنطاكى والأساقفة المرافقين الذين كانوا قد تأخروا.
وفى نحو هذا الوقت، إذ أراد يوتيخس التأكيد على الطبيعة الواحدة للسيد المسيح، أن رفض حقيقة التجسد المأخوذ الجسد المستمد من العذراء، الذى أخذه الله الكلمة منها. وفى المحادثة التى تمت معه من قِبل أولئك الذين أتوا إليه، أكد يوتيخس هذا على عقيدة غير دقيقة لم تُعلَّم جيدا.
ولكنه علَّم كثيرين أن (الكلمة صار جسدا) كما يلبس الجو شكل جسدى ويصير مطرا أو ثلجا تحت تأثير الرياح، أو كمياه صارت ثلجا بفعل الهواء البارد.
وعندما انتشرت أخبار تعليمه الشرير فى الخارج، فحصها يوسابيوس من دوريليوم Dorylaem الذى تصادف أن كان فى المدينة، فأبلغ فلافيان رئيس الكهنة بشأنها واعطاه شكوى.
وتم استدعاؤه ثلاث مرات مِن قِبل الاساقفة الواحد والثلاثين الذين كانوا هناك والاثنين والعشرين أرشيمندريت لكى يأتى ويعتذر عن آرائه ويشجبها ويُقدم اقرارا مكتوبا بالاعتراف الحقيقى. وفى البداية، حقيقة، لم يشأ عمل ذلك قائلا فى مرة أنه مريض ولديه سعال وهو عجوز، وفى أخرى أنه عزم عزما ثابتا البقاء فى عزلة دائمة(إلى آخر هذه الأعذار)، متكلا على مساعدة جنود القصر الذين كانوا اصدقاء له. وسمع الملك عن هذه الأمور. وأخيرا عندما صدر مرسوما بحرمه، اضطِر إلى الحضور أمام مجمع الأساقفة. ومع ذلك لم يرذل تعليمه بإخلاص قلب تام ولكنه استمر قائلا "كما أنكم تُعلِّمُون بطبيعتين فى المسيح هكذا أنا اقول".
وها هى كل هذه الأمور مكتوبة بوضوح واحدة تلو الأخرى بإسهاب فى "أعمال" ذلك المجمع. ولكى لا نطيل روايتنا ولكن نضغطها بالأكثر إلى أقل ما يمكن كما يقول الحكيم، فإننا نُحجِم عن روايتها ثانية وكتابتها هنا. وحُرِم الآن، فى الاتهام الذى وُجِّه إليه، وفى المحادثة، وبصفة خاصة ما قيل من قِبل يوسيبيوس من دوريليوم عندما تحاور معه، الطبيعتان بعد الاتحاد تم تعليمها بوضوح بالاتساق مع عقيدة نستوريوس([83]). وكانت للمباحثات مع فلافيان نفس الرأى. أما يوتيخس فقد رفض حزب فلافيان ويوسيبيوس الذى عزله، وأرسل طعنا إلى ليو([84]) بروما الذى كان رئيس كهنة هناك ملتمسا فحص هذه الأمور فى مجمع آخر مؤملا أن يتلقى ردا على هذا الطعن. وعندما سمع حزب فلافيان بذلك كتبوا هم أيضا، وأرسلوا "أعمال" المجمع بشأن يوتيخس إلى ليو. فكتب الأخير خطابا إلى فلافيان دُعِى "طوم"([85]) فيه رؤوس كثيرة أدانها المعلمون العقائديون، والتى أدانها أيضا ديسقورس وتابعوه فى ذلك الوقت، ثم تيموثاوس الكبير الذى كان معه. [وأيضا] بواسطة مقالات كثيرة لآخرين، والتى حذفنا ذكرها وتدوينها هنا.
الكتاب الثانى: الفصل الثالث
[الفصل الثالث خاص بوصف مختصر لأعمال مجمع أفسس الثانى الخاص بأوطيخا وفلافيان].
وانعقد بالتالى مجمع ثانى بأفسسس بشأن مسألة يوتيخس وفلافيان، فى حضور مندوبى ليو الذين أُرسَلوا بخطاب منه. وكان عدد الأساقفة الذين أتوا إلى هناك 188 بالعدد، وكان القادة الرئيسِّين [هم] ديسقورس الاسكندرى، وجوفيناليس([86]) الأورشليمى، ودومنوس الانطاكى. وفُحِصت "أعمال" مجمع القنسطنطينية بشأن أوطيخا واُستُبعد يوسيبيوس وفلافيان. وثارت ضجة من قِبل الاساقفة الذين كانوا هناك. وحرموا كل مَن يقول هناك طبيعتان فى المسيح بعد الاتحاد. ولكن ثارت مسألة بخصوص ثيودوريت الذى من كيروس([87]) cyrrhus الذى كتب منتقدا الرؤوس([88]) الإثنى عشر التى اصدرها كيرلس ضد نستوريوس الذى نُفِى سابقا. وخطاب هيبو Hibo([89]) من اديسا الذى كُتِب إلى موريس من نصيبين([90]). ضد كيرلس لصالح نستوريوس وما قاله فى تفسيره بشأن يسوع المسيح ومريم كما شهد شمامسته الذين اشتكوه. وإلى جانب ذلك عُزِل أنصار يوحنا الذى من جايوس([91]) Gaios وآخرين. ولكن يوتيخس الأرشيمندريت قد قُبِل لأنه قدَّم للمجمع الذى انعقد فى أفسس، اعترافا جهريا بالايمان الحقيقى وعدَل عن [رأيه السابق]([92]). وعيَّن المجمع أناتوليوس اسقفا على القنسطنطينية محل فلافيان ثم انفض.
الكتاب الثانى: الفصل الرابع
يتناول الفصل الرابع تسلسل رؤساء الكهنة من مجمع افسس الأول إلى وفاة الملك ثيودوسيوس فى أيام فالنتينوس الذى خلفه مركيان الذى عقد مجمع خلقيدون فى بيثينية فى السنة 764([93]) لأسكندر اليونانى.
أما بالنسبة للتسلسل المنتظم لرؤساء الكهنة من مجمع افسس الأول إلى وفاة ثيودوسيوس، فمن الملائم لموضوعنا أن نذكر مَن كانوا فى روما: كان ليو([94]) اسقفا بعد سليستين لمدة واحد وعشرين سنة وثلاثة واربعين يوما.
وفى الاسكندرية، كان بعد كيرلس ديوسقورس اسقفا لثمانى سنوات وثلاثة أشهر.
وفى القنسطنطينية ، مكسيموس([95]) لسنتين وشهرين. وبعده بروكلس لسنتين وشهرين. وبعده فلافيان لست سنوات وبعده أناتوليوس لثمانى سنوات.
وفى أنطاكية: بعد يوحنا دومنوس اسقفا، وبعده مكسيموس.
وفى اورشليم جوفينالوس لست وثلاثين سنة الذى شغل المنصب وكان حاضرا لثلاثة مجامع لأن مدة سنواته كانت ممتدة.
الكتاب الثانى: الفصل الخامس
يشتمل الفصل الخامس على خطاب بروكلس([96]) رئيس كهنة القنسطنطينية إلى الأرمن. وهو خطاب ممتاز جدا، لأنه يُظهر إيمان الرجل، ولكى نحافظ على تذكاره، فقد نقشناه([97]) هنا لمنفعة الإخوة المؤمنين.
"أيها الأحباء إن سر الايمان الحقيقى هو الحب الحقيقى والاعتراف النقى بدون أدنى شك بالثالوث المساوى غير المنقسم وغير القابل لأية اضافة، ولا يتبدل العقل فى حالته بل يظل راسخا فى ايمانه بالله. هذا الايمان لا نمتلكه على ألواح من الحجر كما فى المثال([98])، ولكننا نقبله على ألواح قلوبنا كما فى السر mystery. ألواح (أقول مسمَّرة على الصليب ومنقوشة برش دم الله. وأنه من الصواب لنا) ليس فقط أن نؤمن بل أيضا أن نتبع بشغف الفضائل والأخلاق الجديرة بالايمان. لأن الفضيلة تُختَار من قِبل كل واحد، وبصفة خاصة من قِبل أولئك الذين لهم نفوس جميلة لم تفسد بأى حب كريه للشهوات. وهناك حقا أنواع كثيرة للفضيلة، فحتى الوثنيون الذين غرقوا فى الخطأ وفقدوا العقل قد كتبوا أمورا مشهودا لها بشأن الفضيلة. ولكن بالنسبة لهذه الفضيلة التى تُرى وتتدفق بلا انقطاع شعروا بها فقط فى تعاليمهم المكتوبة. ولكن إما أن أبصارهم قد اظلمت بسبب طول الزمن أو أنهم صاروا عميانا من جراء الضلال، على نحو يعوقهم عن إدراك الحق، وعن الفضيلة الحقيقية. لأنهم يقولون فى تعليمهم أن هناك أربعة أنواع من الفضيلة تسمى العدالة، وضبط النفس، والحكمة، والجَلَد. وهذه الأمور على الرغم من تقديرها بدرجة كبيرة إلاَّ انها تُمَارس هنا اسفل، ومجالها على الأرض. صحيح أنهم يقولون أن الجَلَد هو الرضا بالطبيعة المتوحشة، وأن ضبط النفس هو الانتصار على الأهواء، والحكمة هى الادارة المتميزة للمدن، والعدالة هى التقسيم السليم. وهكذا رتبوا وصنفوا العالم تبعا لما هو فى القانون. وعرَّفوا الشر من كل نواحيه. ومع ذلك لم يدركو أى شىء أفضل أو محل تعامل خارج هذا المشهد المرئى، ولا كانوا بقادرين على وصفه فى كتاباتهم. ولكنهم بعمى اذهانهم قد ضيقوا [نطاق] الفضيلة ذاتها وحصروها داخل ما هو مرئى فقط. أما المسيحيون الذين أُستُنيرت عيون قلوبهم والذين معلمهم وسيدهم هو المطوَّب بولس، فقد أعلنوا أن الفضيلة [هى] التى ترفعنا إلى الله والتى تحكم بنظام منظم الأمور التى على الأرض. لقد اعتبر بولس الأكثر استنارة أن هناك انواع كثيرة للفضيلة، ولكنه كرز بهذه الثلاثة فقط: الايمان والرجاء والمحبة. لأن الايمان يُعطِى للبشر شيئا يفوق الطبيعة البشرية. ويجعل الطبيعة الجسدية المحاصَرة بأهواء كثيرة تتجاوب مع الكائنات الروحية. لأن معرفة ما لم تعرفه القوات الروحانية والملائكة بسبب سموهم، غرسه الإيمان فى البشر الذين يمشون على الأرض ويتمرغون فى التراب، وأحضرهم بالقرب من العرش الملكى، وأخبرهم عن تلك الطبيعة التى بلا بداية وبلا نهاية. وبأشعة النور المشِع تتبدد ظلمة الفكر من النفس. وعندما تطهرها من القتامة، و[تطهر] القلب من الغباوة تجعلها ترى بوضوح ما يُدرَك فى غير المرئى ويُرى أيضا غير المُدرَك. ولكن الرجاء يُظهر الأشياء العتيدة حاضرة، ليس كما فى حلم ولكن، يمكن القول، بقوة ويَثبِّت فى الذهن ما هو فى المستقبل، بدون أى شك، كما لو كان مُشاهَدا بالفعل. ويشكِّل أمام عين الانسان، إن جاز القول، ما هو ما زال متوقعا. لأن هذا الرجاء يفوق كل حاجز ويُقرب بدون أى إبطاء الأمور المتوقعة لمن يتوقعها. وأما المحبة فهى رئيس كل أسرارنا لأنها هى التى أقنعت الله الكلمة، على الرغم من أنه دائما على الأرض، وقريب من الجميع ومع الجميع(فالسماء والأرض مملوءان به) أن يتجسد ويأتى عن طريق الجسد. وإذ هو الله صار أيضا إنسانا. لقد احتفظ بما يخصه على وجه التحديد من جانبه وصار مثلنا فيما يخصنا. لقد اتفق هذان الأمران معا. لأن الايمان مرآة المحبة، والمحبة كمال الايمان. لذلك نحن نؤمن أن الله الكلمة قد تجسد بدون أدنى تغيير. ونحن نؤمن بالصواب بهذا لأن هذا هو أساس خلاصنا. لأن طبيعته لم يلحقها أى تغير ولا نتج([99]) أى اضافة للثالوث. وهذا هو فى الحقيقة ما نؤمن به نحن أيضا.
لذلك كل مسيحى ليس غنيا فى الايمان والرجاء والمحبة لا يكون، كما يُدعَى، بل حتى إن بدا أنه أخضع جسده وخلَّص نفسه من الأهواء ذاتها فإنه ليس مستحقا إكليل الغلبة بمقدار ما هو يأخذ بالمظهر الخارجى للفضيلة دون أن يتحد بذاك الذى يُتوِّج الغالبين الذين قاوموا بعزم من أجل الفضيلة بإيمان ورجاء ومحبة.
الإيمان إذن، طبقا لما قد قلناه، هو سيد كل البركات. فلنحافظ عليه إذن بلا غش، ولا نلطخه بالأفكار البشرية الزائفة، ولا نطرحه فى وسط الأصوات المشوشة أو تفسيرات أولئك الذين يدعون الحكمة. لأن الإيمان لا يُشرَح. الإيمان سر. لنبق إذن داخل حدود انجيل الرسل، فلا يتجرأ أى أحدٍ أن ينازع بتفسيره هذا الايمان الذى به قد خلُص، والذى به قد اعترف فى المعمودية بتوقيع لسانه. لأن هذا الايمان الرفيع العالى قد درأ كل تهور وطيش وهجوم ليس فقط من الانسان بل أيضا عن كل طبيعة روحية. ويشهد المبارك بولس صارخا إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بأى شىء خلاف ما قد تسلمتموه فليكن ملعونا"([100]). لأن الملاك معيَّن للخدمة وليس لتعليم العقيدة. وهو يوقع العقوبة عل كل مَن لا يظل على موقفه المحدد ولكنه يسعى وراء ما هو عال جدا عن طبيعته. ولكن حتى ولو عرض سمو طبيعته، لا نقبل ابتداع تبشيره. لنحرس إذن ما قد تسلمناه بعناية لا تـنم، ولتبق عين نفوسنا - بضياء ايماننا الساطع - مفتوحة دائما.
ولكن ما هو الذى استلمناه من الاسفار المقدسة الالهية سوى هذا. أن الله بكلمته خلق العالم من لا شىء، وأوجد الخليقة التى لم يكن لها وجود سابق، وصنع الانسان على مثاله وصورته، وكرَّمه بقانون الطبيعة وأعطاه وصية عندما كان فى حالة الحرية، وآراه كيف يساعد نفسه لكى بإختيار الصالح يهرب من الشر. ولكن الميل المنحرف للإنسان نحو الشر أدى به إلى العصيان والطرد من الفردوس؟. وأيضا علَّم خالقنا طبيعتنا بواسطة الآباء البطاركة والناموس والقضاة والأنبياء، أن نبتعد عن الخطية، وأن نعتنى بما هو جيد لنا ونفعله. وأخيرا عندما بسطت الخطية مملكتها علينا بإرادتنا الخاصة لأن ناموس الطبيعة كان قد فسد فى جانبه، وأُستُخِف بالناموس المكتوب وبالأنبياء بحسب سلوك البشر، وأدت الأعمال إلى التذكر ولكنها لم ترفع طبيعتنا الجسدية من أعماق الشر جاء الكلمة نفسه على الرغم من أنه بلا بداية ونهاية غير المرئى، غير المُدرَك، القدير(أقول) الله الكلمة أتى وتجسد لأنه يقدر أن يكون ما يريد. إذن الله الكلمة، الواحد من الثالوث تجسد. ولكنه تجسد لأنه أراد ذلك. وإذ أراد أن يُظهِر ذاته فى كل مكان أنه انسان حقيقى، وُلِد من العذراء. لأن الانجيلى لم يقل أنه دخل فى انسان كامل، ولكنه تجسد قاصدا بذلك بدايته الطبيعية ومشيرا بذلك إلى أصل مولده. لأنه مثلما أن الرجل الذى يولد طبيعيا لا يخرج كاملا فى تمام قوة نشاطه فى الحال ولكن بذرة الطبيعة تصير أولا جسدا وتكتسب بعد ذلك قليلا فقليلا القوة والنشاط، فهكذا الله الكلمة صار انسانا كاملا عندئذ ولم يفقد أيا من طبيعته الخاصة غير المتغيرة، بالمعجزة التى أجراها. تلك المعجزة التى لا يدركها قلب الانسان ولا تُدرك بالفحص، ولكن التى نتعلمها بالايمان. وإذ صار انسانا خلَّص بجسده سائر الجنس البشرى، وسدد دين الخطية، إذ مات كإنسان عن كل البشر، ولكن كإله كاره للشر أباد ذاك الذى له سلطان الموت أى الشيطان. وأظهر كمال الناموس بتتميم كل بر. وأعطى لطبيعتنا جمالها الأوَّلى. وبصيرورته إنسانا كرَّم الطبيعة المجلوبة من التراب وأظهر أنه خالقها.
لذلك هناك ابن واحد، لأننا نعبد الثالوث فى الوحدة ولا نضيف رابعا فى العدد. ولكن هناك ابن واحد مولود من الآب بلا بداية وبلا نهاية. به ـ نحن نؤمن ـ صُنِع العالمين. هو الذى من ذات الأصل نبع من الآب بدون اندفاق([101])، الله الكلمة ذاته الذى خرج من الآب بدون تغير فى المكان لكنه ظل كما هو. لأنه على الرغم من أنه قد تأنس وظهر على الأرض إلا أنه لم يرحل عن الذى ولده.
لقد أراد الله الكلمة، لذلك، أن يُخلِّص الكائن الذى خلقه، فأقام فى الرحم الذى هو بوابة الطبيعة العامة للجميع، وأحيا وبارك الرحم، وبخروجه منه ختمه. وبميلاده الفائق للطبيعة أظهر أنه تجسد على نحو يفوق العقل لأنه لا يقدر أحد من فوق أو [من] أسفل أن يعرف كيف تجسد. ليس هناك إذن واحد هو المسيح وواحد هو الكلمة. (فليبعد مثل هذا الفكر) لأن الطبيعة الإلهية لا تعرف ابنان. لذلك كان المولود هو الواحد من الواحد. لأنه حيثما ليس هناك اقتران أبوين لا يكون ممكنا ثنائية الخلف. ففى الحقيقة "بإسم يسوع المسيح تسجد كل ركبة مما فى السماء وما على الأرض وما تحتها"([102]). لأنه إذا كان المسيح آخر وليس الله الكلمة فإنه لابد وأن يكون بالضرورة مجرد انسان. فكيف تسجد الكائنات ذات الطبيعة السمائية الممجدة وتعبد اسمه إن لم يكن هو إله من إله؟. أو كيف سنقبل أصوات الأنبياء الصارخة "الله تراءى على الأرض وتردد بين البشر"([103]). لأنه بخصوص تجسده قيل "تراءى"، والعبارة "تردد" تُستخدَم بشأن المحادثات التى أجراها مع البشر فى نهاية العصور وهكذا أظهر ذاك الممجد فى عظمته قوة قدرته الكلية، وكضابط للكل كل شىء يسير لديه، صار ما أراد من أجلنا.
ولكن إن كانت الأقمطة والرقاد فى مزود ونمو الجسد، والنوم فى المركب، والتعب فى السفر، والجوع العرضى وكل تلك الأمور التى حدثت له، للإنسان الكامل، سببا فى عثرة بعض الأشخاص فعليهم أن يعرفوا أنهم إن شكوا فى آلامه، فإنهم يُنكرون التدبير وأنهم إن أنكروا التدبير، فإنهم لا يؤمنون بالتجسد. وإذ لا يؤمنون بالتجسد يخسرون حيواتهم. لأنه لم يولد قط منذ تأسيس العالم ممن وطئوا الأرض بمثل هذا الميلاد. وليُظهِر هؤلاء المشاحنون اليهود الجدد ذلك، وعندئذ تنتهى حقا منازعاتهم المتعبة. ولكن إذا كانت هذه هى البداية العامة للطبيعة، والله الكلمة صار انسانا بالحقيقة فكيف إذن وهم يعترفون معنا بالتدبير يُنكرون الآلام؟. عليهم إذن أن يختاروا لأنفسهم واحدا من إثنين إما أن يُنكروا، بإنكارهم للآلام، التدبير أيضا ويُحسَبون ضمن الكافرين، وإما إن قبلوا بالمنافع الناجمة عن التدبير فعليهم ألا يخجلوا من الآلام.
إننى اتعجب حقا من عمى قلوبهم إذ بقبولهم لإبتداعات جديدة قد سلكوا الطريق المؤدى للخطأ. لأننى أنا نفسى أعرف وتعلمتُ بالصواب من الكتاب المقدس أن هناك ابن واحد. وأؤمن أن هناك طبيعة واحدة لله الكلمة الذى صار انسانا وهو نفسه الذى تألم والذى أجرى المعجزات، المولود من أبيه قبل كل الأشياء وتجسد فى نهاية العصور، ووُلِد من مريم الثيوتوكس. ونحن نقر أنه إله فوق الكل ولا ندخل عنصرا أجنبيا على الطبيعة الألوهية لأنه لا يمكن الإضافة إلى الثالوث فى الوحدة. ولكن الرب يسوع المسيح نفسه الذى به كان كل شىء قد حمل آلامنا وأسقامنا كما يقول النبى([104]). وإذ هو الواحد ذاته، أجرى المعجزات وتألم عوضا عنا.
ولكن ربما يجادل هؤلاء اليهود الجدد، فى نزاعهم معنا، بأفكار أوهى من شبكة العنكبوت، ويقولون أنه إذا كان الثالوث حقا من جوهر واحد، إذن فالثالوث غير قابل للتألم. ومادام الرب يسوع المسيح معدودا من الثالوث وهو الله الكلمة لذلك هو بلا تألم. وبناء عليه الذى صُلب هو شخص آخر([105]) وليس الله الكلمة الذى هو بلا تألم.
وفى الحقيقة أولئك الذين يتكلمون بهذا الأسلوب ينسجون نسيجا من خيوط العنكبوت والذين يتفكرون بهذه التعريفات الجديدة انما يكتبون على المياه، وإذ "يظنون أنفسهم أنهم حكماء يصيرون أغبياء، فقلوبهم الغبية قد اظلمت"([106]). لأن العين التى انبهرت بنور الشمس الرائع لا تقدر أن ترى بوضوح، والذهن المريض لا يقدر أن يتلقى سمو الايمان.
فماذا نقول اذن، الثالوث واحد فى الجوهر وهو منزه عن كل ألم، هذا فيما يتعلق بالألوهية موضوع انشغالنا. وعندما نقول أن الإبن قد تألم لا نعنى أنه تألم بالطبيعة، لأن طبيعته فوق التألم. وفى اعترافنا أن الله الكلمة الواحد من الثالوث قد تجسد، نعطى سببا للفهم لأولئك الذين يسألوننا بإيمان لماذا تجسد. لأن الانسان الذى شُكِّل على صورة الله والذى أُعطِيَّت له الحرية الامبراطورية([107])، قد أخطأ بحريته وانقاد بمشورة المخادع وسلم نفسه للخطأ وصار عبدا للأهواء الشهوانية، تلك الأهواء التى تمارس سيادتها على كائن مركب، والتى نهايتها الموت. [هذه] الأهواء لا يقدر أحد من الخليقة أن يبطلها، فأراد الله الكلمة أن يلاشى تلك الأهواء التى نهايتها الموت. لقد أراد حقا أن يتجسد وأن يكون كائنا مركبا أى انسان تام فى كل شىء مثلنا ما عدا الخطية. لأنه ليس من الممكن لتلك الطبيعة غير القابلة للفساد، غير الجلية للعيان، غير المرئية أن تقبل الأهواء. لأن كل الأهواء تقاوم كل كائن مركب. لأن طبيعة الألوهية الممجدة التى هى وحدها سامية، ومرتفعة فوق كل الأشياء ليس فيها تركيب. لذلك لم تكن الأهواء قادرة على الدخول حيث ليس هناك تركيب. إذن الله الكلمة أراد أن يبطل الأهواء التى تسود على الطبيعة الخاضعة للأهواء (كما قلنا قبلا) والتى قلعتها الموت. وصار جسدا من العذراء بأسلوب يعرفه الله الكلمة. وتأنس بالكمال، وهو فى نفس الوقت إله الكل لأنه لم يتخل قط عما يخصه عندما صار مثلنا، ولكن إذ هو الله صار إنسانا لأن هذه هى إرادته. وأخلى ذاته لذلك بإرادته الخاصة أخذ شكل العبد وتأنس وتألم عوضا عنا بإرادته الخاصة على الرغم من أن ألوهيته لم تكن بأى حال من الاحوال محدودة وهكذا خلَّص سائر الجنس البشرى. لذلك قال جبرائيل أيضا لمريم، عندما بشرها بقدرة وسلطان ذاك المولود منها أنه سيخلِّص شعبه من خطاياهم. ولكن الشعب ليس شعبا لإنسان بل لله، والإنسان لا يقدر أن يخلِّص العالم من الخطية لأنه هو أيضا دخل إلى العالم فى حالة فساد. لذلك هو([108]) بالضرورة هو هو وليس منقسما إلى إثنين (حاشا مثل هذا الفكر) ولكن بكونه واحدُ، بولادته من إمرأة أظهر أنه إنسان حقيقى، ولكن بكونه متأنس بدون اقتران، وحافظ لعذراوية أمه أظهر أنه الله. لذلك الرب يسوع المسيح الذى أتى الى العالم، وتردد بين البشر كما تُظهِر الأسفار المقدسة، خلَّص العالم. ولكن، إذا كان المسيح انسان وليس الله الكلمة فكيف خلق كل شىء فى البداية إذ هو ليس له أى وجود. لأنه إذا كان انسانا لاحقا(لآخر) قد خلق الأشياء، فهذا دليل على أن هذا المسيح لم يُوجِد ما كان موجودا قبله. فكيف يصرخ بولس إذن قائلا "هناك رب واحد يسوع المسيح الذى به كان كل شىءِ"([109]).لأنه إذا كانت جميع الأشياء بالمسيح فإنه من الثابت أن المسيح هو الله الكلمة. كذلك يشهد الإنجيلى أيضا قائلا " فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله. فى البدء كان مع الله وكل شىء كان به"([110]). لذلك، إذا كان الانجيلى يصرخ أن كل الأشياء كانت بالكلمة، وبولس يفسر هذا التعبير قائلا "هناك رب واحد يسوع المسيح الذى به كانت كل الأشياء" فمن الثابت إذن أن المسيح هو إله كامل. ولكن إذا أورد المعترضون أقوالا من الكتاب المقدس دُعِىَّ فيها بالإنسان مثل قول بطرس الذى يقول "يسوع الناصرى، إنسان" ([111]) و[قول] بولس الذى يقول "بواسطة هذا الانسان الذى عيَّنه الله، يجب أن نؤمن"([112]) وعن ربنا نفسه وهو يقول عن نفسه " لماذا تريدون قتلى أنا الانسان"([113]) فعليهم أن يعرفوا أنهم إما أنهم بغباوتهم لم يفهموا الكتاب المقدس، أو بسبب شرورهم قد أوَّلوا ما هو مكتوب جيدا بحسب قصورهم الذاتى. لأن السيد المسيح أيضا، بالحقيقة، انسان. ولكنه صار انسانا ولم يكن قبل انسانا، بل إلها. وإذ هو اله غير مخلوق هو أيضا إنسان حقيقى بشخصه. وبكل تأكيد بدون أى تغير أو أى نوع من الخيال phantasy. فنحن لا نؤمن أن جسد ربنا من السماء. وفى الحقيقة نحن نحرم كل مَن يقول هذا. ولكننا نعترف أن الروح القدس وقوة العلى ظللت القديسة العذراء مريم الثيوتوكس. ولكن إذا لم تكن العذراء قد حملت الله، إذن هى التى بقيت بلا دنس لا تستحق الإعجاب. ولكن إذا كانت أصوات الأنبياء قد سبقت وأخبرت بالطبيعة التى لا تُدرَك للسر الذى لنا، قائلة "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، وسيدعون اسمه عمانوئيل أى الله معنا"([114]) فلماذ يستبعدون تعظيم أمه بقولهم أن المولود على نحو أدنى هو إله فوق الكل([115]). ولكن قد يثير المعترضون هذا الاعتراض، صحيح أن كل مولود لابد أن يكون من نفس طبيعة أمه التى ولدته. فإذا كانت هى التى ولدته بشرا، فإن ذلك يستتبع أن يكون المولود بالضرورة بشرا. أنتم تتكلمون حسنا أيها المثرثرون البطالون!! فالطفل إذن من نفس طبيعة التى تلده بطلق الولادة عندما يكون المولود [مولودا] بحسب المعاشرات الطبيعية. لذلك الطفل المولود طبيعيا هو فاسد منذ البداية لأن التزاوج يسبق الفساد. ولكن هذا التوبيخ لا يرد حتى على الذهن، لأن هناك معجزة غير قابلة للتصديق فالولادة فوق الطبيعية ولذا فالمولود هو الله. ونحن نعترف به أنه هو نفسه الذى خلق العالم وأعطى الناموس ووضع "الروح" فى الأنبياء وفى نهاية الأزمنة من أجل حياة البشر وخلاصهم، تجسد وتأنس، وألهم الرسل وأرسلهم لأجل خلاص الشعوب والأمم.
فلنهرب إذن، يا إخوتى من تيار الخطأ هذا، أعنى العقائد التى تحارب ضد الله، الناجمة عن حماقة أريوس الجنونية الذى كان يُقسِّم الثالوث غير المرئى. و[الناجمة] من تهور يونوميوس الذى أخضع الطبيعة التى لا تُدرَك لعلمه. ومن جمود مقدونيوس الذى فصَل الروح [القدس] المنبثق غير المنفصل (أو المنبثق أبديا) من الألوهية. بالإضافة إلى سائر الهرطقات التى ضلت وبصفة خاصة هذا التعليم الجديد والتجديف المؤلف من نسطور الذى فاق كثيرا اليهود فى تجديفهم. لأن هذه الهرطقات السابقة كانت تزدرى بأزلية الإبن الذى هو منذ الأزل مع الآب، وتحرم الجذر من ثمره، ولكن هؤلاء المعلمون فى أيامنا، يأتون بتعليم آخر بالإضافة إليه([116])، ذاك الذى منذ الأزل والذى تأنس لأجل خلاصنا. وبذا يصنعون جمعا من الأبناء فى ذلك الواحد والطبيعة غير القابلة للفساد، التى هى من نفس الجوهر.
لنقل إذن مع بولس أن المسيح هو الذى "جعل الإثنين واحدا،"([117]) اليهود والوثنييين، بالمعمودية. لقد خلق انسانا جديد واحدا وصنع هذا الواحد بسلطانه، ذاك الذى بممارسته للحرية، انقسم. وليجلب هؤلاء المعلمون الدنسون لأنفسهم حكم الدينونة عندما يصير المنقسم متحدا. ولكن هذا الأقنوم الواحد الذى جعل الإثنين واحدا، بعد انقسامهما عقليا.
والآن لنترك كثرة الكلام ونأتى إلى عبارة موجزة للعقيدة الحقيقية. كل مَن يرغب فى أن يعرف أن الإبن الواحد الوحيد الجنس الذى كان قبل حياة ابراهيم، أنه هو نفسه قد تجسد فى نهاية الأزمنة فليسأل بولس الذى أرعد بصوته معلنا بصواب أن ذاك الذى وُلد من اليهود بحسب الجسد هو الله السرمدى لأنه بينما يتحدث ويعلن عن ازدراء ومنازعات اليهود لشعب الله والأصل الذى للآب والنسل الذى هو المسيح ربنا يقول هكذا، "الذى له التبنى"([118]) لأن الله يقول بأنبيائه :إسرائيل ابنى بكرى مجدى"([119]) وهم فى الحقيقة حصدوا أمجاد لا تحصى من المعجزات المستمرة، والعهود مع ابراهيم التى تكلمت عن جمهرة من الشعوب والبركات، وإعطاء الناموس على جبل سيناء المكتوب بأصبع الله، والوعود بكل من أرض فلسطين ومباركة الأمم بواسطة نسل ابراهيم، ومنهم الآباء. لأنه فى ليل الخطأ برزوا كنجوم للإيمان والذين منهم ظهر يسوع المسيح فى الجسد "الذى هو إلها فوق الجميع". وهو لم يقل ذلك فقط واعتبره كافيا لأنه أيضا بالحقيقة بداية الله الكلمة الذى هو بلا بداية وبلا نهاية ليس من وقت ولادته من مريم. فمن إذن المسيح هذا؟. الذى ولد من الآب قبل سائر العالم بأسلوب لا يقدر ذهن كائن مخلوق أن يُدركه. وفى نهاية الأزمنة أخذ جسدا وصار انسانا من العذراء مريم الثيوتوكس. هو الذى حُصِر فى الرحم وفى المغارة بأسلوب هو نفسه الذى يعرفه. هو الذى رقد فى مزود، هو الذى نما بالجسد، هو الذى نزل إلى الأجزاء السفلية للأرض وبإرادته وحده تحمل كل آلام البشر لكى ما يُصدَّق أنه إنسان وأنه ليس آخر سوى الذى نزل. ولكن الذى نزل والذى صعد هو واحد. ومع ذلك هو لم يصعد أولا، بل نزلا أولا. لأنه لم يصِر إلها بالإضافة (حاشا لذلك الفكر) لكنه صار انسانا بالتدبير لأن جنس البشر كان فى حاجة إلى ذلك. وإنك لن تسمع هذا منى أو من أى شخص آخر بل من بطرس ومن بولس: من بطرس عندما يقول "أنت المسيح ابن الله الحى"([120]). ومن بولس أيضا الذى تعلم بإعلان من الآب بشأن الإبن يقول "عندما أفرزنى الله من أحشاء أمى ودعانى بنعمته، سُرَّ أن يكشف لى ابنه"([121]). إن بولس هذا قد علمك مَن يكون المسيح عندما صرخ وقال "المسيح بالجسد إله الكل المبارك إلى الأبد"([122]). إن كلام بطرس وبولس يستبعد أية فرصة لأولئك الذين يحبون الإفتراء. فكلاهما يدعوانه "المسيح" لكى يُظهرا أنه إنسان بالحقيقة. فهو يقول عنه "الذى هو من اليهود بحسب الجسد" لكى يُظهِر أن وجوده لا يُؤرخ من الوقت الذى تجسد فيه. وهو يقول عنه "هو يكون" ليخبرنا بصيغة التعبير هذه أنه بلا بداية وقال عنه "الذى هو فوق الكل" ليعلن أنه رب الخلائق. وقال عنه "الذى هو الله" حتى لا ننقاد بمظهره الخارجى وآلامه إلى انكار طبيعته غير القابلة للفساد. وقال عنه "مبارك" لكى ما نعبده كضابط للكل، ولا نعتبره كعبد رقيق. لقد قال عنه "الذى إلى الأبد" ليُظهِر أنه هو الذى بكلمته خلق جميع الأشياء المرئية وغير المرئية، الذى به تمجدت الألوهية. إذن لنا المسيح الذى هو "إله فوق الكل"، الذى نعبده، ونقول للهراطقة، كل مَن ليس فيه روح المسيح ليس منه. لأن لنا فكر المسيح، ولذلك ننتظر استعلان الله مخلصنا، الرب يسوع المسيح الذى سيجازى الصالحين بإكليل الغلبة والمحتقرين بحسب تهورهم. انظروا إذن يا إخوتى ألا يسلبكم أى أحد بكلام دنس، أو يضلكم بعلم زائف، تاج بساطتكم واعتدال إيمانكم النقى الجميل. واننى لأكرر لكم ثانية كلام بولس "احترسوا لئلا يسبيكم أحد بفلسفة زائفة، حسب الناس"([123]). الناس المبتدعين لأمور باطلة الذين لا يعلمونا حسب تعليم الأنبياء والرسل لكنهم ضلوا بحكمتهم واتبعوا تفسير أذهانهم لذلك تعليمهم حجر عثرة بالنسبة لكنيسة الله التى اشتراها بدمه الكريم. لأنه لا يقدر أى انسان أن يضع أساسا آخر للإيمان الحقيقى خلاف ما هو موضوع. وهو هناك إله واحد الآب ضابط الكل، ورب واحد يسوع المسيح به كانت جميع الأشياء الذى هو منذ الأزل مع الآب، منه ومن نفس الطبيعة معه، وروح قدس واحد الرب معطى الحياة المنبثق من الآب([124]) الممجد والمسجود له مع الآب والابن. البثوا اذن بروح واحدة وذهن واحد وجاهدوا من أجل الايمان ولا تدعوا أى شىء من [كلام] المعاندين يقلقكم، ولكن حافظوا على التقليد الذى استلمتوه من الآباء المباركين الذين من بين سائر الخليقة التقوا معا بفعل الروح القدس وبشرونا بالايمان الحقيقى غير الدنس الذى لنا من اقاصى الأرض إلى أقاصيها.
نهاية الرسالة التى كتبها المبارك بروكلس اسقف القنسطنطينية إلى أرمينيا العظمى التى للفارسيين([125]) بشأن الايمان الحقيقى.
ولكن ثيودوسيوس عاش، كما تخبرنا الحوليات، خمسين سنة. حكم منها اثنين واربعين سنة، إذ كان عمره ثمانى سنوات عندما اعتلى العرش. وقد رُوِيَت أعمال الإثنين وثلاثين سنة من حكمه فى التاريخ الكنسى لسقراتيس، وأعمال السنوات العشر الأخرى قد ذكرناها بإختصار، فى الكتاب الثانى هذا عاليه. وتوفى فى السنة 308 للأولبياد([126]) وخلفه مرقيان فى الحكم.
وفى السنه 764 بحسب حساب العصر اليونانى للاسكندر، جمع([127]) مجمع خلقيدون من 567 اسقفا والذى سنصف أعماله باختصار على قدر ما يمكن فى الكتاب الثالث المدون هنا بعده، وفى فصوله التى أخذنا الجزء الأكبر منها من تاريخ زكريا البليغ([128]) الذى كتبه باليونانية لرجل يُدعى يوبراكسيوس Eupraxius الذى عاش فى القصر الملكى وانشغل بخدمة الملوك. ولكن جسد القديس يوحنا الاسقف المدعو فم الذهب قد أُعيد من منفاه وكُرِّم بموكب فى القنسطنطينية . وذهبت الملكة افودكيا زوجة ثيودوسيوس إلى اورشليم للصلاة، ولما عادت توفيت. وأخضع جزيرك([129]) Geiseric قرطاجة بافريقيا وحكموها. وقُتِل يوحنا الجنرال على يد خدم اريبندوس، وكانت هناك زلازل فى مواضع عديدة. ثم توفى ثيودوسيوس.
الكتاب الثالث
بداية الكتاب الثالث الذى بوصفه هذا، نقلا عن تاريخ زكريا المؤمن الذى دوَّنه باليونانية إلى شخص اسمه يوبراكسيوس([130])Eupraxius حارس مخدع الملك([131]) المهتم بخدمته، يسجل الأحداث التى حدثت فى المجمع الذى انعقد فى خلقيدون عقب وفاة ثيودوسيوس([132]) فى أيام مرقيان، فى السنة 764 حسب اليونان، وكان عدد الاساقفة 567([133]) الذين حضروا تلبية لحث ليو الرومانى والخطاب الذى كتبه إلى الملك وزوجته بولخريا Pulcheria. وارسل المجع ديسقورس إلى غنغرا([134]) بتيراس، وعيَّن بروتيريوس Proterius بدلا منه، وقُبِل خطاب ليو الذى يُدعى "الطوم"، والأمور الأخرى التى حدثت فى اورشليم أو الاسكندرية، أو فى أماكن أخرى فى خلال حياة مركيان. أى فى غضون ست سنوات ونصف ها هى مكتوبة هنا فى هذه الكتب الإثنى عشر والفصول التى تحتويها.
ويروى الفصل الأول الأحداث التى حدثت فى مجمع خلقيدون، والخطاب العام الذى وجهه الملك مركيان إلى الأساقفة المجتمعين هناك.
ويخبرنا الفصل الثانى عن نفى ديوسقورس([135]) إلى غنغرا، وسيامة بروتيريوس بدلا منه والأحداث التى حدثت بالاسكندرية عند دخوله هناك.
ويروى الفصل الثالث الأحداث التى جرت بفلسطين بشأن جوفيناليس([136]) الأورشليمى الذى نقض وعوده وانفصل عن ديوسقورس ووافق على المجمع، وعندما علِم مواطنوا اورشليم والرهبان الفلسطينيون بهذا عينوا راهبا صانع عجائب، [اسمه] ثيودوسيوس اسقفا محله، الذى فى غيرته حضر المجمع وراقبه عن كثب ثم رجع إلى اورشليم وأخبرهم بما جرى فى خلقيدون.
ويخبرنا الفصل الرابع عن بطرس الأسير، ابن ملك الأيبيريين([137])وهو رجل عجيب، الذى حمله شعب غزة واحضروه إلى ثيودوسيوس الاورشليمى ليرسمه اسقفا لهم.
ويتكلم الفصل الخامس عن هروب ثيودوسيوس الاورشليمى نتيجة لتهديدات الملك، وايضا عن عودة جوفيناليس بالقوة إلى اورشليم والمذبحة العظيمة التى نجمت عن دخوله هناك.
ويعطينا الفصل السادس وصفا لكفيف ما سامرى لطخ عينيه بدم الشهداء فانفتحت.
ويخبرنا الفصل السابع كيف ظهر المسيح فى رؤيا لبطرس الأيبيرى اسقف غزة وأمره أن يرحل من هناك وايضا عن نفيه برضائه.
ويتحدث الفصل الثامن عن راهب ما يُدعى سليمان الذى تصرف بمكر ودخل على جوفيناليس الأورشليمى وألقى بسلة من التراب على رأسه ووبخه.
ويخبرنا الفصل التاسع كيف قُبض على ثيودوسيوس الأورشليمى، وسُجِن فى بيت به جير وظل هناك إلى أن تُوفى.
ويحدثنا الفصل العاشر عن هرطقة يوحنا النحوى([138]) وكيف أن هذه الهرطقة كانت قد حُرِمت من تيموثاوس اسقف الاسكندرية بعده.([139])
ويتكلم الفصل الحادى عشر عن ارسالية يوحنا رئيس موظفى البوابة silentarius([140]) من قِبل الملك إلى الأسكندرية.
ويتكلم الفصل الثانى عشر عن انثيموس وساويروس واولبيريوس وليو الصغير، وما حدث فى السنوات السبع من عهدهم([141]).
الكتاب الثالث: الفصل الأول
الفصل الأول من هذا الكتاب يحدثنا عن الأحداث التى حدثت فى المجمع، مأخوذة من تاريخ زكريا بالإسم، "الذى بدأ الكتابة باليونانية إلى يوبراكسيوس Eupraxius كالآتى:
"لما كان من المقبول والمرغوب لك ايها المحب للمسيح يوبراكسيوس، المقيم بالقصر الملكى والمهتم بخدمة الملوك أن تعلَم ما قد حدث فى عهد مركيان لكنيسة الله المقدسة، ومَن هؤلاء الذين كانوا رؤساء كهنة بتسلسل منتظم للأسكندرية وروما والقنسطنطينية وانطاكية وأورشليم، منذ وقت مجمع خلقيدون، ذلك المجمع الصورى الملتئم بشأن مسألة يوتيخس، لكنه أدخل بدعة نستوريوس وزادها وأزعج العالم كله وأضاف شرورا على شر، ووضع الهرطقتان معا جنبا إلى جنب، وملأ العالم بالانقسامات، وشوش الايمان المسلَّم من الرسل، ونظام الكنيسة الجيد، ومزق ثوب المسيح الكامل المنسوج من فوق، إلى عشرة ألاف قطعة([142]). لذلك نحن نحرم هاتان البدعتان وكل مُعلِّم شرير لهذا التعليم الفاسد والمضاد لكنيسة الله، وللإيمان الأرثوذكسى للمجامع الثلاث([143]) التى صانت بمهارة العقيدة الحقيقية. ومن اجل هذا الغرض ندون هنا التاريخ الذى حثثتنا على القيام به.
عقب وفاة القديس كيرلس الاسكندرى الذى جاهد ضد تعاليم فاسدة كثيرة وفندها، اعتلى ديوسقورس الكرسى خلفا له. وكان رجلا سلاميا، وأيضا مجاهدا([144]) على الرغم من أنه لم تكن له نفس الجسارة([145]) والاستعداد التى كانت لكيرلس.
فى ذلك الوقت كان ثيودوريت الذى من كيرس Cyrrhus، وهيبو([146]) اللذان كانا مع فلافيان القسطنطينى، ويوسيبيوس([147]) قد خُلِعوا من مجمع افسس الثانى الذى انعقد هناك فى أيام ثيودوسيوس بشأن موضوع يوتيخس وفلافيان. ثيودوريت، لأنه كتب اثنى عشر انتقادا على رؤوس([148]) كيرلس ضد نستوريوس. وهيبو من اديسا لأنه كتب خطابا إلى موريس([149])Moris الذى من نصيبين([150]) Nisibis منتقدا كيرلس. وكلاهما يتبنيان تعاليم ثيودور.
وذهب ثيودوريت إلى ليو الرومانى وأعلمه بكل هذه الأمور. وبواسطة الهبات التى تعمى عيون النفوس، كما قيل([151])، والكلام الخداع نال حظوته. وبناء عليه ألف ليو ذلك الخطاب الذى يُدعى "الطوم" والذى كُتِب ظاهريا إلى فلافيان ضد الاوطاخية، ولكن ليو كتب أيضا إلى مركيان الملك والى زوجته بولخريا وأوصاهما بحرارة على ثيودوريت.
وكان مركيان هذا يشايع تعليم نستوريوس، وكان يتصرف جيدا معه. ولذا ارسل يوحنا التربيون ليستدعى([152]) نستوريوس من مكان منفاه بالواحات([153])، ولكى يستدعى أيضا دوروثيوس الاسقف الذى كان معه([154]) . وحدث أنه اثناء عودته أن ازدرى بالقديسة العذراء الثيوتوكس وقال "ماذا([155]) تكون مريم؟ ولِم تُدعَ حقا ثيوتوكس؟!. فحل عليه قضاء الله البار بسرعة (كما حدث سابقا مع اريوس الذى جدَّف ضد ابن الله)، فسقط فى الحال من فوق بغلته وقُطِع لسان نستوريوس هذا وأكل الدود فمه ومات فى الطريق([156]). ومات دوروثيوس رفيقه أيضا. وعندما سمع الملك بذلك حزن بشدة، وكان يفكر فيما جرى وكان فى حيرة عما يجب أن يفعله.
ومع ذلك سُلِّمت تعليمات مكتوبة من الملك إلى ديسقورس وجوفيناليس بواسطة يوحنا التربيون يدعوهما إلى حضور المجمع وأعلمهما يوحنا أيضا بما حدث لنستوريوس ودوروثيوس. وبينما كان اساقفة كل مكان، المدعوون يُعِدُّون أنفسهم للالتقاء فى نيقية، لم تسمح العناية لهم، إذ اصدر الملك أمرا جديدا أن يجتمع المجمع فى خلقيدون، حتى لا تكون نيقية مكان اجتماع للعصاة.
وحث الحزب النسطورى الملك بإلحاح أن يُعيِّن ثيودوريت رئيسا للمجمع، وأنه طبقا لكلامه سيتقرر كل شىء هناك([157]). وعندما تقابلوا فى خلقيدون دخل ثيودوريت وعاش هناك كأسقف مكرَّم، ذاك الذى كان قبلا منذ قليل مرذولا من الكهنوت مِن قِبلهم. وكان ديوسقورس ورؤساء الكهنة متكدرين من وقاحة وصفاقة ثيودوريت، ولكنهم لم يقدروا أن يوقفوها بسبب السلطان الملكى، على الرغم من أنهم رأوا احتقاره وأيضا [احتقار] هيبو للقوانين الكنسية بمساعدة مبعوثى ليو الرومانى الذين كانوا يساعدونه ويحرضونه.
وعندما اعلن ديوسقورس عقيدة الايمان فى المجمع ومعه جوفيناليس وثاليسيوس من كبادوكيا، وأناتوليوس وامفيلوكيوس من صيدا، ويوسابيوس من انقرا، ويوستاس من بيروت. عندئذ كما بمعجزة اتفق معهم يوسابيوس من دوريليوم لأنهم رأوا أن التعليم النسطورى من طبيعتين قد تثبت وساد هناك بالتعاون الجديد بين يوحنا من جرمانيكا الذى نازع بضراوة فى الجدل هناك ضد الجانب الذى قال "من الصواب لنا أن نعترف بعد تجسده بطبيعة واحدة من اثنين، طبقا لإيمان باقى الآباء ولا ندخل فى اى ابتداع أو نضيف أى بدعة إلى الايمان".
وبناء عليه حكم يوحنا من جرمانيكا وباقى الحزب النسطورى مع ثيودوريت على رأسهم، بعزل ديوسقورس لأنه قال " من الصواب لنا أن نؤمن بأن المسيح قد تجسد من طبيعتين، ولا نعترف بطبيعتين بعد الاتحاد مثل نستوريوس"([158]).
وعندئذ صاح اناتوليوس اسقف المدينة الملكية على إثر ذلك بهذا الكلام، "لم يُعزل ديوسقورس بسبب الإيمان، ولكن لأنه رفض الاشتراك فى التناول مع رئيس الكهنة سيدى ليو"
وبعد صياح الكثيرين، والكلام الكثير الذى قيل، والمدوَّن فى "الأعمال"([159]) لذلك المجمع، أُجبِر الأساقفة أخيرا على فعل ذلك، وهو تعريف ربنا يسوع المسيح بأنه فى طبيعتين In two natures([160]). ومدحوا "طوم ليو"، ودعوا ذلك [القول] الذى قال "هناك اقنومان وطبيعتان بخواصهما وعملهما" تعريفا أرثوذكسيا. وإذ كان ذلك كذلك، طُلِب منهم التوقيع بالإجبار([161]). أولئك الكهنة أنفسهم الذين كانوا منذ زمن قليل فى أيام المبارك ثيودوسيوس قد اجتمعوا فى مجمع افسس الثانى وصاموا مرات عديدة "إذا قال أى واحد هناك طبيعتان فلتحل عليه سيلنتياريوس Silentiarius"([162]).
وعندما كرروا هذا على ديوسقورس بواسطة يوحنا رئيس الحجَّاب([163])، وطلب منه أن يوافق عليه ويوقِّع ليعود إلى كرسيه، قال بشجاعة "ما أسرع أن يرى ديوسقورس يده مقطوعة ودمها تتساقط على الورق عن أن يفعل مثل هذا الشىء ". وبناء عليه نُفِىَّ إلى غنغرا، لأن الحزب النسطورى نشر تقريرا عنه أن رأيه مثل رأى أوطيخا. وإننى أرى أنه من الجيد أن اسجل هنا ملخصا مكتوبا لما كتبه ([164]) من موضع منفاه إلى سيكوندينوس secundinus، حاذفا أقواله التى قالها وكتبها إلى دومينوس الانطاكى والتى قالها فى مجمع خلقيدون نفسه، والتى تشهد بأن ايمان الرجل([165]) كان مثل ايمان اثناسيوس وكيرلس والمعلمين، الآخرين.
وها هو كلامه.
"إذ أحذف أمورا كثيرة عاجلة أعلن هذا: لا أحد يقول أن اللحم الذى أخذه ربنا من العذراء مريم بفعل الروح القدس على النحو الذى هو نفسه يعرفه، كان مختلفا وغريبا عن جسدنا. ومادام ذلك كذلك، لذا الذين يزعمون أن المسيح لم يتجسد من أجلنا إنما يُكذِّبون فى الحقيقة بولس. لأنه قال لقد أخذ (الطبيعة) ليس من ملائكة ولكن من نسل بيت ابراهيم، الذى لم تكن مريم غريبة عنه كما تعلمنا الاسفار المقدسة. وأيضا كان حسنا أن يصير فى كل شىء مثل اخوته. إن كلمة "فى كل شىء" لا تُسقِط أى جزء من طبيعتنا من أعصاب وشعر وعظام واحقاء ومعدة وقلب وكِلية وكبد ورئة. وبإختصار، من كل الأشياء التى تخص طبيعتنا. لقد أدمج الجسد المولود من مريم مع نفس فادينا العاقلة الراشدة بدون تناسل بشرى زيجى لأنه إن فكَّر الهراطقة أن ذلك لم يكن كذلك فكيف يُدعَى "اخونا" على افتراض أنه أخذ [جسدا] مختلفا عن جسدنا. وكيف يكون ذلك حقيقيا عندما يقول "سأعلن اسمك لإخوتى"([166]). فلنُرذِل، وبالأحرى فلنحتقر، أولئك الذين يقولون بهذا. لأنه كان مثلنا، من أجلنا، ومعنا، ليس خيالا([167])، ولا بالمشابهة المجردة طبقا لهرطقة المانوييين، ولكن بالحقيقة فعلا من مريم الثيوتوكس ليقوِّم ما قد خرب ويُصلِح ما قد كُسِر. لذا جاء الينا جديدا. وكعمانوئيل حقيقى، اعترف أنه قد افتقر من اجلنا طبقا لقول بولس "لكى باتضاعه نغتنى"([168]). لقد صار بالتدبير مثلنا لكى نصير بحنوه مثله. لقد تأنس، ولكن لم يلاش ما هو لطبيعته وهو ابن الله، لكى نحن بنعمته نصير ابناءً لله. هذا ما أعتقده([169])، وأؤمن به. واذا كان أى شخص لا يفكر هكذا فهو غريب عن ايمان الرسل".
وعلى الرغم من أن هذا الرجل الرسولى قد سجل اعتراف الايمان هذا منذ بداية حياته إلا أنه عُزِل ونُفِى لأنه لم يعبد صورة بوجهين، التى وضعها ليو ومجمع خلقيدون، ولأنه رفض التناول مع ثيودوريت وهيبو المحروميَن بسبب تجاديفهما.
ولكن الرواية تمضى فتحكى أنه بينما كان ثيودوريت جالسا، ذات مرة، على العرش فى المجمع، ويتكلم من فوقه ولم يقف ليقدِّم دفاعه كما يجب قانونيا لشخص مجرد من كهنوته، قام هو([170]) ونزل من على الكرسى وجلس على الأرض قائلا "لا أجلس مع الأشرار ولا اقف مع المنافقين". فصاح الحزب النسطورى "لقد عزَل نفسه". ولكن الأساقفة الآخرون صاحوا "ايماننا يهلك، إذا كان ثيودوريت الذى يتمسك بآراء نستوريوس يُقبَل فإننا نرفض كيرلس". فوقف باسيليوس اسقف ترايبوليس وقال "نحن انفسنا عزلنا ثيودوريت".
ولكنهم يقولون أن أمفيليكيوس قد ضُرِب على رأسه من قِبل ايتيوس Aetiusالدياكون([171]) ليجعله يوِّقع. وايتيوس هذا هو ذاك الذى ذهب إلى ثيودوريت ليلا وصنع له نسخة كاملة من معلومة([172]) الطبيعتين. وعندما قُبِلت من الاساقفة ووافقوا عليها، سخر عندئذ ثيودوريت منهم قائلا بوقاحة "انظروا كيف جعلتهم يتذوقون أرغفة تعليم نستوريوس، ويتلذذون بها"
ولكن عندما وقع يوستاثيوس البيروتى على هذا المستند كتب بإختزال "لقد وقعتُ بالإجبار ولستُ موافقا عليها([173])" وبكى كثيرا. وأعلن كثيرون أيضا عن الاجبار، واظهروا اعترافا نفاقيا بالإيمان الذى أُتخِذ لأن رئيس السيناتورات كان يحضر من وقت لآخر المناقشات ويراقب عن كثب اجراءات المجمع. وأخيرا جاء الملك بنفسه مع زوجته بولخريا وألقى خطابا عاما فى كنيسة الشهيدة اوفيميا كما يلى:
منذ اليوم الأول الذى تم اختيارنا فيه وصرنا أهلا لمملكة الله، لم نسمح لأى أمر مهما كان من بين الأعمال العامة أن يعوقنا عن الاهتمام بإيمان المسيحيين الحقيقى وتكييف أذهان الناس له بالنقاوة. لذلك فليُنزَع من بيننا كل ابتداع لتعاليم زائفة لا تتفق مع عقيدة الآباء المبرهن عليها جيدا. ومن أجل ذلك اجتمع هذا المجمع المقدس ليبدد الظلمة، ويُزيل دنس الأفكار، وليتأسس تعليم الإيمان بربنا يسوع المسيح بصواب". وهكذا كان الحال.
وعندما أنهى الملك خطابه العام مدحه الاساقفة، والسينات. وكذلك خطاب ليو قائلين أنه يتفق مع ايمان الرسول بطرس.
الكتاب الثالث: الفصل الثانى
الفصل الثانى يحدثنا عن عقوبة ديوسقورس وتكريس بروتيريوس فى محله، وعن المذبحة التى وقعت عند دخوله إلى هناك. وعن اموال الكنيسة الخاصة بالفقراء التى انفقها على حلفائه الرومان
وإذ وصل المجمع إلى هذه النهاية أُرسل ديوسقورس إلى غنغرا([174]) ليعيش [هناك]. وأُعتُبِر ديوسقورس معترفا. وعُيِّن بروتيريوس اسقفا للأسكندرية بدلا منه. وبروتيريوس هذا كان كاهنا مؤيدا له، وجاهد بحماس ضد المجمع فى البداية، ولكنه إذ تطلع إلى الكرسى لنفسه صار بعد ذلك مثل يهوذا خائنا لسيده وكأبشالوم لأبيه فأظهر نفسه كذئب مفترس فى وسط القطيع. فأذل وأساء معاملة الكثيرين من غير الراغبين([175]) ليُجبِرهم على الاتفاق معه، وأرسلهم إلى المنفى. واستولى على ممتلكاتهم بمساعدة الحكام الذين اطاعوه نتيجة لأمر الملك.
ومن ثم اجتمع الرهبان والكهنة وكثيرون من الشعب الذين أدركوا أن الايمان قد تلوث نتيجة للخلع غير العادل لديسقورس والسلوك العدوانى لبروتيريوس وشره بالأديرة، وفصلوا انفسهم عن الشركة معه ونادوا بديوسقورس وكتبوا اسمه فى سفر الحياة([176]) ككاهن الله الأمين المختار.
وكان بروتيريوس حانقا للغاية فأعطى هبات للرومان وسلحهم ضد الشعب وملأ أياديهم بدماء المؤمنين الذين قتلهم لأنهم هم أيضا تقووا وأعلنوا الحرب. ومات كثيرون على ذات المذبح وفى غرفة المعمودية، عندما فروا ولجأوا إلى هناك.
الكتاب الثالث: الفصل الثالث
يروى هذا الفصل الثالث الأحداث التى حدثت فى فلسطين الخاصة بجوفيناليس الاورشاليمى الذى حنث بوعوده وانفصل عن ديوسقورس. وعن الراهب ثيودوسيوس الذى راقب اعمال المحمع بغيرة وغادره عائدا ليُبلِّغ الرهبان والمواطنين بذك. وسيامته اسقفا لأورشليم بدلا من جوفيناليس.
وكان فى فلسطين شرورا مثل هذه وأسوأ. ولكن من أين أبدأ. عندما اُستدعِى جوفيناليس إلى خلقيدون، وعرف من يوحنا التربيون رغبة الملك، وأن نستوريوس الذى دُعِى أيضا قد مات فى الطريق عند عودته من المنفى عندئذ جمع الكهنة (بقدر اقتناعه بأن عقيدة "الطوم" التى تشايع رأى نستوريوس فاسدة) وجمع كذلك الرهبان والشعب معا، وعرض معا هذا التعليم الزائف وحرمه. وثبت نفوس الكثيرين على الايمان الصحيح، وتعهد معهم جميعا أنه إذا حاد فى المجمع عن ذلك فعليهم ألاَّ يشتركوا معه فيما بعد.
وفى البداية عندما ذهب إلى هناك ابدى مقاومة شديدة مع ديوسقوروس من أجل الايمان. ولكن لأن الضغط الملكى كان فوق الطاقة، وبسبب اطراء وتهانى الملك الذى كان يخدم بنفسه الاساقفة فى الولائم ويُظهِر تنازلا كبيرا لهم، ولأن الملك نفسه وعد بإعطاء ثلاثة مقاطعات فلسطينية لكرسى اورشليم([177])، عندئذ اظلمت عينى ذهنه وترك ديوسقورس المدافع وحده([178]) وانتقل إلى الجانب المضاد وازدرى بالأقسام التى ابرمها بإسم الله ووافق هو والاساقفة الذين كانوا معه ووقَّعوا.
وعندما سمع بذلك ثيودوسيوس الراهب ورفقائه الذين كانوا على ألفة وثيقة معه، والذى كان يراقب عن كثب ما كان يجرى فى المجمع، عادوا سريعا إلى فلسطين واتوا إلى أورشليم، واخبروا بخيانة الايمان. ودعوا جميع الرهبان معا واطلعوهم بكافة الأمور.
فاجتمع الرهبان واعدوا انفسهم وذهبوا لمقابلة جوفيناليس وهو قادم، وذكَّروه بقسَمه الذى اخفق فى الحفاظ عليه، وطلبوا منه أن ينتقد الاجراءات التى تمت ويحرمها. ولكنه اظهر نفسه مثل بيلاطس قائلا "ما كتبتُ قد كتبتُ". فقال له الرهبان، ونحن لن نقبلك اذن لأنك نقضت قسمك ووعودك". وهكذا عاد إلى الملك.
وعاد الرهبان والاكليروس إلى اورشليم. وكان الشعب والاساقفة الذين معهم مضغوطين وتشاوروا عما يمكن عمله فقرروا اقامة اسقف آخر بدلا من جوفيناليس. وبينما هم يتحدثون عن الرهبان الاطهار رومانوس ومركيان والرجال الآخرين الممتازين، اتفقوا اخيرا على تعيين ثيودوسيوس الذى كان غيورا وجاهد لسنوات من أجل الايمان. فأخذوه عنوة وهو يقاوم رافضا ملتمسا منهم ألا يفعلوا ذلك، ورجاهم أن يدَعُوه مساعدا للشخص الذى يُعيِّنوه من بينهم. فلم يُذعِنوا لتوسلاته. وباركوه وأجلسوه على الكرسى. فلما سمعت مدن فلسطين الأخرى بذلك إذ كانوا يعرفونه كرجل فائق فى الفضيلة وغيور على الحق أحضروا له اشخاصا لينالوا بركته ويقبلهم فى الكهنوت.
الكتاب الثالث: الفصل الرابع
ويخبرنا الفصل الرابع عن بطرس الأيبيرى، وكيف أُخِذ وأُحضِر إلى ثيودوسيوس بواسطة شعب غزة وصيرورته اسقفا.
ومن بين هؤلاء كان بطرس الأيبيرى([179])، رجل رائع تماما ومتميز فى سائر أرجاء العالم ابن ملك. هذا كان اسيرا لثيودوسيوس وكان محبوبا منه ومن زوجته افدوكيا بسبب خصاله الممتازة. وقد ترعرع فى القصر الملكى وعُهِد اليه بالإشراف على الجياد الملكية. ولكنه اعتزل هذه الوظيفة وسلَّم نفسه للتلمذة للمسيح مع يوحنا الخصى الذى كان اشبينه وابيه بالماء والروح. ونميا وصنع الله بهما آيات فى القنسطنطينية . فهربا من هناك وتوجها إلى برية فلسطين. وهناك أحبا وتبنيا الحياة الرهبانية. وعلى الرغم من انهما قد أرادا بهذا الاسلوب الاختفاء، إلا أنهما صارا مشهورَين بالأكثر، وأجريا آيات مثل الرسل. وكانا ينتقلان من مكان إلى مكان إلى أن وصلا إلى مقابل غزة ومايوما. فخرج الرجال والنساء والشعب من كل الرتب والأعمار وقبضوا على بطرس وأحضروه إلى اورشليم، إلى ثيودوسيوس متوسلين اليه ان يرسمه اسقفا لهم.
فأثار عديدا من الدعاوى ضد نفسه ورفض السيامة. فوضع ثيودوسيوس يديه على رأسه رغما عنه ورسمه لأنه كان يعرف الرجل. وعندما اضطرب بشدة ودعا نفسه هرطوقيا تردد ثيودوسيوس لبرهة ثم قال له "لتكن علتى وعلتك تحت حكم عرش المسيح". فغير كلامه قائلا لست هرطوقيا، ولكننى خاطىء. وإذ كان ثيودوسيوس ملما جيدا بالرجل باركه ككاهن لشعب غزة.
ولكن هناك اعمالا اخرى ممتازة أُجريت بواسطة هذا الرجل قد حذفتها مع ذلك حتى لا تطول روايتى هنا للغاية([180]).
الكتاب الثالث: الفصل الخامس
يتحدث الفصل الخامس عن هروب ثيودوسيوس الاورشليمى نتيجة لتهديدات الملك. وعن جوفيناليس الذى عاد بجيش من الرومان، والمذبحة العظيمة التى جرت عند دخوله.
وبينما كان ثيودوسيوس موفقا على هذا النحو بلغت اخبار كل ما كان يفعله إلى الملك. فعاد جوفيناليس ومعه الكونت دورثيوس وجيشا بقصد القبض على ثيودوسيوس وأسره وخلع سائر الأساقفة الذين سامهم فى منطقته، ومعاقبة الرهبان والشعب وطردهم نتيجة لتهورهم واندفاعهم فى اقامة ثيودوسيوس اسقفا على اورشليم. ولكن بحسب رغبة الملكة انقاذ حياة بطرس الايبيرى وحده حتى ولو لم يوافق على الاشتراك مع الاساقفة الآخرين.
وعندما وصل جوفيناليس إلى نيابوليس([181]) وجد عددا كبيرا من الرهبان هناك. فحاول فى البداية خداعهم لكونهم بسطاء وسليمى الطوية والذين كانت عدتهم وعتادهم هو الايمان القويم واعمال البر. فحاول اقناعهم بالاشتراك معه. فابتعدوا عنه وقابلوا عرضه بالاستهجان ما لم يحرم أعمال خلقيدون الغاشمة. فعندئذ قال انها ارادة الملك، فظلوا رافضين. وبناء عليه أعطى التعليمات للرومان والسامريين، فضربوا وقتلوا هؤلاء الرهبان بينما كانوا يرنمون المزامير ويقولون "اللهم إن الأمم دخلوا ميراثك ونجسوا هيكل قدسك. وقد جعلوا أورشليم مكانَ خزي"([182]). فأشفق بعض الرومان وبكوا، ولكن بعضهم قتلوا مع السامريين([183]) كثيرين من الرهبان الذين سالت دمائهم على الأرض.
الكتاب الثالث: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثالث، يتحدث عن كفيف سامرى لطخ عينيه بدم الشهداء فأبصر
وكان هناك كفيف سامرى خدع مرشده، وقال له "حيث أن عينى لا تقدران أن ترى دماءَ قتلى هؤلاء المسيحيين لكى تفرح نفسى، فخذنى بالقرب منها لكى أتحسسها". وعندما أحضره المرشد بالقرب منها لكى يلمسها، غمس يديه فى الدماء وانطرح على الأرض وبكى مصليا ومتضرعا لكى يكون شريكا فى استشهادهم. ثم نهض ولطخ عينيه ورفع يديه إلى السماء فانفتحت عيناه واسترد بصره.
واندهش جميع من رآوا هذه المعجزة، وآمنوا بالله، وآمن أيضا الرجل الكفيف واعتمد.
ولكن الحزب الذى كان ينفذ تعليمات الملك قبض على المؤمنين الأحياء وطردهم. من كل المنطقة.
الكتاب الثالث: الفصل السابع
الفصل السابع يروى كيف ظهر ربنا لبطرس الايبيرى الغزاوى، وأخبره بأنه يجب عليه الرحيل مع المطرودين.
ولكنهم يقولون أن بطرس المنير كان فى راحة، إذ تُرك بلا ازعاج من قِبل الجميع، بسبب تعليمات الملك وأيضا العناية الودية من الملكة به. ولكنه رأى الرب فى رؤيا قائلا له بشدة "ما هذا يا بطرس أنا مطرود فى عبيدى المؤمنين، وأنت قابعٌ هادىء وفى راحة". فندم بطرس وأطاع وقام وترك غزة. وانضم إلى أولئك المطرودين، ورحل معهم.
الكتاب الثالث: الفصل الثامن
الفصل الثامن يتكلم عن الراهب سليمان الذى دخل بحيلة إلى جوفيناليس وألقى على رأسه سلة تراب ورماد، بعد أن وبخه.
وإذ طرد جوفيناليس بواسطة القوة العسكرية الرومانية الرهبان والمؤمنين الذين كانوا فى المنطقة، وصل إلى اورشليم وجلس على العرش. ولم يكترث اطلاقا لا بوعوده ولا بالمذبحة التى حدثت عند دخوله هناك ولا بحنث أقسامه.
عندئذ ثار بالروح راهب يدعى سليمان، وبواسطة ثوب عفته المكرَّم وكأنه يريد أخذ بركة رئيس الكهنة نفسه، تصرف بمكر وملأ سلة من التراب والرماد ووضعها تحت ابطه، واقترب من جوفيناليس، وكان الأخير مسرورا أن يقترب منه راهب. وعندما استقبله قال له سليمان "فليباركنى سيدى". وعندما سمح الجنود له بالإقتراب وجاء بالقرب من جوفيناليس اخرج سلة التراب وافرغها على رأسه قائلا "عار عليك. عار عليك. أيها الكاذب المضطِهد". وعندما كان الجنود الرومان على وشك ضربه، لم يسمح لهم جوفيناليس، ولم يكن ساخطا بل بالأحرى تحرك بالتوبة بهذا، ونفض التراب من فوق رأسه، وأخرجوا فقط الراهب من حضرته. وأمر أن تعطى نقود لنفقاته لكى يترك بلده. ومع ذلك، رفض الراهب النقود وغادر البلد.
الكتاب الثالث: الفصل التاسع
ويخبرنا الفصل التاسع عن كيفية القبض على ثيودوسيوس وسجنه فى بيت يحتوى على جير حى، ووفاته هناك أخيرا.
وإذ كان ثيودوسيوس مطلوبا فى سائر ارجاء المقاطعة بأوامر الملك، ارتدى رداءً رومانيا ووضع شعرا وخوذة على رأسه، وجال يشجع ويثبت المؤمنين. وعندما وصل أخيرا إلى اطراف صيدون، قُبِض عليه بواسطة أحد أصدقائه وسُلِّم للرومان.
فحنق عليه الحزب النسطورى بشدة لأنه كان يجول فى سائر أرجاء العالم ويفند ويحرم تعليم نستوريوس الزائف لدرجة أنهم صعدوا إلى الملك واقنعوه أن يُسلِّم لهم هذا الرجل للتحفظ عليه. فأخذوه وسجنوه فى بيت صغير للرهبان كان به جير حى.
وكان هؤلاء النساطرة يذهبون إليه فى أفواج ويجادلونه على أمل أن يغير رأيه ويوافقهم على مشيئتهم. فتغلب عليهم جميعا وأنبهم [على ضلالهم]، وعندما خرجوا من عنده خجلين ومدحورين قال "حتى لو سُجِنت ومُنِعت من التجول فى المناطق المختلفة حسب عادتى السابقة، فإنه طالما هناك نفَس فى منخارىَّ فلن تُسجَن كلمة الله فىَّ، بل ستكرز بما هو حق وصواب فى أذان السامعين".
ولكن الحزب الأوطاخى أيضا، ظنوا أنه سيتفق معهم فجاءوا إليه وتناقشوا معه. وبالمثل، وعلى العكس من توقعهم، بيَّن لهم أنهم يتفقون مع فالنتينوس، ومانى وماركيون، وأن هرطقتهم هى أشر وأردأ حتى من هرطقة بولس الساموساطى وابوليناريوس ونستوريوس. وهكذا رحلوا بدورهم عنه بعدما أدانهم.
ولأنهم عذبوه [الواحدُ] تلو الآخر، ظلت نفسه راسخة جيدا فى الحرب. وبينما هو هناك، التقى بكتابات يوحنا المنطقيى([184]) الاسكندرى التى كانت مملوءة من التعاليم الزائفة وبها قصور شديد وهرطقة. ففضح الرجل وحرمه. وإذ أكمل جهاده ونزاله فى الحرب، وحفظ ايمانه، تُوفىَّ أخيرا. وإذ نُقِل من السجن رحل إلى المسيح ربنا. وترك مثالا فى الشجاعة للمؤمنين.
الكتاب الثالث: الفصل العاشر
يقدم لنا الفصل العاشر من الكتاب الثالث تقريرا عن هرطقة يـوحنا الـنـحـوى الاسكندرى، وكيف رُذِلت وحُرِمت.
كان يوحنا تابعا لبالاديوس الاسكندرى السوفسطائى، وكان الثانى له. ولهذا السبب دُعِىَّ الخطيب([185])، ولُقِّب لذلك بالنحوى.
هذا الرجل إذ رأى كل مدينة الاسكندرية قد كرهت بروتيريوس الذى خلف ديوسقورس: البعض نتيجة غيرته على الايمان. وآخرون لأنهم أُضطُهِدوا ونُهِبوا بواسطته لكى ما يجبرهم على الموافقة على المجمع والتوقيع على "الطوم". فكَّر عندئذ فى أن يتعاطف مع الشعب وأن يُقدِّم مظهرا جميلا، ويجمع نقودا لنفسه ويُكرَّم بهذا المجد الفارغ. وبدون أن يقرأ الأسفار المقدسة، ولا أن يفهم معانى أسرارها، ولا أن يتمرس على كتابات معلمى الكنيسة المقدسة القدماء، وبدون معرفة ما يُجادل عنه أو ما يقوله انتفخ وكتب برهانا ما: أن الله الكلمة قد التحف بالجسد على غرار النسل([186])، وأنه تألم بطبيعته إن كان قد تألم حقا على الاطلاق. ولكنه أنكر أن الكلمة قد اتحد بجسد بشرى. ولم يعترف بالطبيعتين اللتين جاء منهما المسيح. وأعد وجمع الكلام قائلا" لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يدعى التجسد طبيعة، بدون زرع بشر حقيقى فى العذراء". لذلك السيد المسيح ليس منها ولا بواسطتها. ولم يتفق مع معلمى الكنيسة الذين اعلنوا أن الطبيعة البشرية اتحدت بالله الكلمة وأنه صار انسانا.
وبكلام فارغ مثل هذا اعتاد ان يتسامر. وكتب أيضا كتبا كان متناقضا فيها مع نفسه. فأحيانا يتفق مع أبوليناريوس، وأحيانا مع يوتيخس، وأيضا يدون شيئا جديدا مختلفا تماما. ولأنه كان فى شك من أن تنقض كتاباته، لم يوَّقع عليها بإسمه، ولكنه كتب اسم ثيودوسيوس اسقف اورشليم فى مرة على كتاب. واسم بطرس الايبيرى على آخر لكى ما ينخدع بها المؤمنون ويقبلوها. وقيل أن بطرس الأيبيرى رأى، [وهو] فى دير ما، كتابا منها كان مسجلا عليه اسمه. وعندما تناوله وقرأه اندهش بشدة وحرم الإنسان الذى كتبه. وليس هناك فقط، بل [حرم] هو وثيودوسيوس كتابات هذا الرجل فى الاسكندرية وفلسطين وسوريا.
الكتاب الثالث: الفصل الحادى عشر
يتحدث الفصل الحادى عشر عن ارسال يوحنا رئيس موظفى الأبواب إلى الاسكندرية بعد وفاة ديوسقورس، ليحثهم على الاتحاد مع بروتيريوس.
وعندما وصلت أخبار وفاة ديوسقورس إلى الاسكندرية كان هناك كرْب وحزن عظيمين. وعقب وفاته وضعوا اسمه فى الدبتيخا([187])diptych. واعتبروه من الأحياء بسبب حبهم له. ولكن لا يقدر أى رجل حتى من اولئك الذين يجتهدون أن يجد خطأ فيما لم يُعمَل فى الواقع([188]).
ولكن فريق المؤمنين كان تواقا لتعيين اسقفا محل ديوسقورس. ومع ذلك كانوا خائفين من تهديدات ماركيان الملك لأنه كان قد أرسل خطابا إلى كل المناطق ووعيد ضد كل من لا يوافق على المجمع والطوم. وهكذا عندما سمع عن شعب الاسكندرية وميلهم إلى سيامة اسقف لهم عقب وفاة ديوسقورس، ارسل يوحنا رئيس موظفى الأبواب بخطاب منه يحض شعب الاسكندرية على الاتحاد مع بروتيريوس.
وكان ليوحنا نفس فكر الملك، وكان رجلا أريبا. فعندما جاء ورأى الحشود وأعداد الرهبان المتسربلين بالعفة، والذين يملكون استعداد الخطابة دفاعا عن الايمان. وأيضا الأجساد القوية للشعب العام الذين كانوا مؤمنين والذين كان عليه أن يتعامل معهم، صُعق وقال اننى مستعد إن أراد الله أن أُعلِم الملك وأتوسل إليه من أجلكم". واستلم منهم التماسا خاصا بالمعلومات الخاصة بإيمانهم وما يتعلق بما حدث لهم على يدى بروتيريوس وسلوكه الشرير وغير التقوى، وممتلكات الكنيسة التى بددها، مكتوبة بإسهاب، قد حذفته حتى لا أكون مملا للقارىء.
وعندما عاد إلى الملك وأخبره بهذه الأمور قال له "لقد أرسلتك، فى الحقيقة، لتقنع وتحض المصريين على طاعة إرادتنا ولكنك عدت الينا ليس حسب رغبتنا، إذ بنا نجدك مصريا". ومع ذلك عندما أدرك الأمور المكتوبة بشأن بروتيريوس فى الإلتماس الذى أرسله الرهبان لام الرجل ومكره.
وبينما هو مشغول بهذا الأمر توفى، بعد أن حكم ست سنوات ونصف. ومات أيضا موريان الذى حكم معه أربع سنوات. وتولى المملكة بعده انثيموس وساويرس واوليبريوس. وبعد ذلك بسنة اشترك معهم ليو الأول. حتى أن حياة هؤلاء قد شغلت سبع سنوات.
الكتاب الثالث: الفصل الثانى عشر
عن حكم أنثيموس وساويرس واوليبريوس وليو معا وعلى التوالى مدة سبع سنوات.
وبعد أن حكم أنثيموس خمس سنوات قتله رسيمر. وإذ حكم ساويرس سنة واحدة توفى. ومات اولبيريوس الذى حكم بعد ساويرس مع انثيموس سنة واحدة. ومات أيضا ليو الأول بعد أن حكم مع انثيموس ثلاث سنوات، وسنتان بعده.
وفى الحقيقة، فى السنة الأولى من حكم ليو، قلب زلزالٌ انطاكيا، وكانت هناك نيران عظيمة. وفى السنة الثانية من حكمه قُتل سولينوس القوطى الطاغية. وفى السنة الثالثة من حكمه، قُتل الجنرال آسبار وأبنائه.
ولكن فى هذا الكتاب الثالث وفصوله المكتوبة عاليه، مدة ثلاثة عشر سنة ونصف. وهى مجمعة كالآتى: ست سنوات ونصف لمرقيان وموريان. وسبع سنوات لانثيموس وساويرس واولبيريوس وليو الأول الذين حكموا على التوالى ومعا.
وهذه المدة تبدأ من السنة الثالثة للأوليمبياد الثلاثمائة وخمسة([189])، وتنتهى فى الأولمبياد الثلاثمائة وثمانية.
الكتاب الرابع
هذا الكتاب الرابع هو أيضا، كما هو، من تاريخ زكريا البليغ. وهو يروى (فى فصوله الاثنى عشر المدونين بالتفصيل بعده) ويبين الأحداث التى جرت عقب وفاة ماركيان وموريان([190]) وانثيمسوس وساويرس واولبيريوس الذين حكموا جميعا اثنى عشر سنة، كما تشهد الحوليات. هذه الاحداث(أقول) توضح ما حدث فى الاسكندرية وافسس فى أيام ليو([191])، وليو([192]) خلال فترة عشرين سنة. وتتكلم عن تكريس تيموثاوس الكبير الملقب "ابن عرس"([193])، وكيف قُتِل بروتيريوس المعيَّن كخليفة لديوسقورس من قِبل مجمع خلقيدون. وكيف قدَّم كهنته بعد وفاته طعنا([194]) إلى تيموثاوس، وأرادوا دخول الكنيسة. ولكن الكهنة الغيورين المشايعين لتيموثاوس والشعب لم يسمحوا لهم. وبناء عليه ذهبوا إلى روما ليُعلِموا ليو([195]) بالأمر. فكتب خطابا إلى الملك منتقدا سيامة تيموثاوس.
ولكن هذا الكتاب يخبرنا أكثر من ذلك بخطاب تيموثاوس إلى ليو([196]) منتقدا الاضافات التى وُضِعت فى المجمع وفى"الطوم". واكثر من ذلك يحدثنا عن يوحنا الذى كان اسقف أفسس بعد استقالة باسيانوس، والخطاب الدورى لليو الملك الذى كتبه للاساقفة والذى يطلب فيه توضيح آرائهم كتابة بشأن التعريفات التى وُضِعت فى المجمع. فمدح جميعهم هذه التعريفات فيما عدا امفيلوكيوس الذى من صيدا. وُيخبِرنا هذا الكتاب أكثر من ذلك كيف نُفِى تيموثاوس إلى غنغرا، ومن غنغرا إلى كيرسون. وأن خليفته كان واحدا من حزب بروتيريوس يُدعَى تيموثاوس المُلَّقب بسالوفاكيولس([197]) Salophaciolus. وأكثر من ذلك يحدثنا عن اشعياء الاسقف، وثيوفيلس الكاهن اللذين كانا اوطاخييَّن. وعن الخطاب الذى كتبه تيموثاوس بشأنهما والذى فضحهما فيه.
فالفصل الأول يخبرنا عن سيامة تيموثاوس الكبير الملقب بابن عرس والأحداث التى حدثت آنذاك. ويُظهِر الفصل الثانى كيف قُتِل بروتيريوس وسُحِل وأُحرِق جسده بالنار. ويشرح الفصل الثالث كيف قدم الكهنة التابعين لبروتيريوس التماسا إلى تيموثاوس بعد أن صار اسقفا منفردا، يُظهِرون فيه رغبتهم فى الحضور إلى الكنيسة. ولكن الكهنة الغيورين الذين فى جانب تيموثاوس لم يسمحوا لهم.
ويتحدث الفصل الرابع عن ذهاب هؤلاء الكهنة إلى روما ليعلموا رئيس الكهنة ليو(بالأمر)، لأن تيموثاوس لم يقبلهم.
ويحدثنا الفصل الخامس، عن تيموثاوس وما حدث ليوحنا اسقف افسس خليفة باسيانوس.
ويشرح الفصل السادس الالتماس الذى قدمه تيموثاوس إلى الملك ويتضمن نقدا لليو ورسالته.
ويتحدث الفصل السابع عن الردود على الخطاب الدورى الخاص بالمجمع التى أُرسِلت إلى الملك من قِبل الاساقفة. وكيف لم يتفق امفيلوكيوس مع الآخرين فيما كتبوه.
ويتحدث الفصل الثامن عن خطاب أناتوليوس إلى الملك الذى يبرهن له فيه تأثر الأساقفة بالنسبة لمضمون ردودهم الخاصة بالمجمع.
ويتحدث الفصل التاسع عن نفى تيموثاوس والأحداث التى حدثت عند رحيله من الاسكندرية.
الفصل العاشر يخص تيموثاوس الآخر الأسقف الذى كان من حزب بورتيروس والذى كان يُدعى سالوفاكيولوس.
أما الفصل الحادى عشر فيتحدث عن نقل تيموثاوس من غنغرا إلى كيرسون.
ويخبرنا الفصل الثانى عشر عن اشعياء وثيوفيلس الأوطاخيين، والخطاب الذى كتبه تيموثاوس بخصوصهما، والذى فضحهما فيه.
ولكن المدة التى يغطيها الكتاب الرابع هى سنتين أو ثلاث من ليو الأول([198])، وسبعة عشر سنة إلا شهرين من ليو الثانى كما تُعلِمنا الحوليات. لأن تيموثاوس الكبير كان أسقفا للأسكندرية مدة سنتين أكثر أو أقل، ثم نُفِى إلى غنغرا. وبعد غياب نحو ثمانية عشر سنة عاد إلى كرسيه وسرعان ما تُوفى.
ان الكتاب الرابع رواية لسيامة تيموثاوس والأحداث التى حدثت فى أيام الملِكيّن ليو الأول وليو الثانى.
الكتاب الرابع: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الرابع يتحدث عن سيامة تيموثاوس الكبير الملقب"بابن عرس" والأحداث التى حدثت عندئذ.
وبينما كانت كنيسة الاسكندرية فى الحالة التى وصفناها عاليه، وردت فجأة أخبار وفاة ماركيون. فتشجعوا جميعا وتشاوروا مع كل الرهبان عمن يقيموه اسقفا للمؤمنين. لأن الجنرال ديونيسيوس لم يكن هناك وقتئذ، بل كان فى زيارة لمصر([199]). فاتفقوا على تيموثاوس وكان رجلا مختبرا فى الحياة النسكية والعملية، وكان قد أُحضِر من البرية بالقوة إلى كيرلس لسيامته كاهنا، وأكثر من ذلك كان من نفس ايمان ديوسقورس، وكان ضليعا فى كل حقائق الايمان التى لمعلمى الكنيسة. فقبض شعب الاسكندرية مع الرهبان على هذا الرجل واحضروه إلى الكنيسة الكبرى التى تدعى القيصرية([200]) وفتشوا عن ثلاثة أساقفة بحسب الفريضة القانونية لسيامته. ولما كان اسقفان حاضران كان من الضرورى حضور اسقف ثالث([201]). وفى أثناء البحث الجاد سمع بعض الناس عن وجود بطرس الأيبيرى الذى كان قد ترك فلسطين وتغرب بالأسكندرية فركضوا إليه سريعا وأمسكوا بالرجل([202]) وحملوه على أكتافهم ولم يدعوه يلمس الأرض. وبينما هم يُحضرونه سُمع صوت فى أذهان الاكليروس والرهبان والمواطنين المؤمنين مثل ذلك الصوت الذى سمعه فيلبس بشأن خصى الملكة كنداكة. قائلا "ارسموه عنوة حتى لو كان غير راضٍ واجلسوه على عرش مار مرقس"([203]). وكان ضعيف الجسد من فرط الاماتة الذاتية، لدرجة أنه بسبب هزاله نعته حزب بورتيريوس، من باب السخرية "بابن عرس". وعندما سمع الجنرال ديونيسوس بالأمر صار قلقا من أن يُوَّبخ لوجود اسقفين بالمدينة، عندما يسمع الملك بذلك. وبناء عليه عاد وأخذ معه كل القوة الرومانية وسجن تيموثاوس، وقٌتِل كثيرون. واصدر ديونيسيوس أوامره بنقله إلى مكان يدعى Cabarsarin([204]). وعند رحيله صار الصراع بين المواطنين والرومان شديدا. وكان شغب عظيم، وقتلٌ يومى، وخاصة أنه (ديونيسيوس) كان يُهيِّج ويحرض الرومان المدعوون cartadonالذين كانوا اريوسيين، وحادين الطبع. وهكذا أنفق قيّم الكنيسة([205]) أموالها على الرومان الذين كانوا يحاربون الشعب. ولكن حدث أن بعضا منهم ومن زوجاتهم سقطوا فى هذه المعركة وانقسموا إلى فرق وحاربوا بعضهم بعضا. وعندما سادت فوضى كهذه على المدينة لعدة أيام كان ديونيسيوس فى غاية حنقه. لذا احضر راهبا معينا مكرَّما لعفته وفضيلته [يدعى] لونجينوس([206]) وعهد بتيموثاوس إليه لكى يعيد الاسقف إلى المدينة وإلى كنيسته بشرط أن تكف المعركة، ولا يكون هناك قتلى أكثر. وعندما عاد تيموثاوس إلى الكنيسة الكبرى التى أُخِذ منها عنوة، و أخذ بروتيريوس لنفسه الكنيسة التى تدعى Quirinian([207]). واقترب عيد القيامة([208]) أُحضِر عدد لا يُحصى من الاطفال إلى تيموثاوس ليعمَّدوا لدرجة أن أولئك الذين كانوا يقرأون ويكتبون أسمائهم قد تعبوا. ولكن خمسة فقط هم الذين أُحضِروا إلى بروتيريوس. وكان الشعب ملتصقا بتقوى شديدة بتيموثاوس لدرجة أنهم أخرجوا بروتيريوس من كنيسة quirinian وقتلوه.
الكتاب الرابع: الفصل الثانى
الفصل الثانى يتحدث عن كيف قُتل بروتيريوس، وسُحِلت جثته فى المدينة وأُحرِقت.
وعندما استمر بروتيريوس فى تهديد الرومان([209]) واظهار الحنق ضدهم لأنهم أخذوا ذهبه ولم يملأوا أياديهم من دماء أعدائه. استشاط احد الرومان غضبا وغلِىَّ [الدم] من السخط، فدعا بروتيريوس الى أن يتطلع حوله ليريه أجساد القتلى أين يرقدون. ثم استل سيفه فجأة وسرا وطعن بروتيريوس مع رفقائه الرومان، وجروه الى التيترابيلم([210]) tetrapylum، وهم ينادون وهم سائرين "هذا هو بروتيريوس". وشك آخرون فى أن تكون مكيدة ماكرة. ولكن الرومان تركوا الجثة وانصرفوا. وعندئذ أدرك الشعب ذلك واهتاجوا هم أيضا، فجروا الجثة واحرقوها بالنار فى ساحة سباق الخيل([211]). وهكذا حدث موت بروتيريوس الذى صنع شرورا للاسكندريين مثل جورج الأريوسى([212]) ونال على أيديهم مثلما ناله هو. وهكذا عمل له بالمثل.
الكتاب الرابع: الفصل الثالث
الفصل الثالث يروى كيف قدَّم كهنة بروتيريوس التماسا لتيموثاوس بقبولهم، ورفض الكهنة الغيورين ذلك.
ولكن تيموثاوس عندما ظهر أمامهم كرئيس كهنة الاسكندرية الوحيد، كان فى الحقيقة على ما يجب أن يكون عليه الكاهن، إذ أنفق الذهب والفضة التى كانت تُعطَى للرومان فى أيام بروتيريوس على الفقراء والأرامل وضيافة الغرباء وعلى المحتاجين بالمدينة، حتى أنه فى زمن قصير إذ ادرك الأثرياء سلوكه المكرَّم أمدوه طواعية وبحُب بالأموال ذهبا وفضة. فاجتمع الكهنة الذين كانوا من حزب بروتيريوس معا وهم عالمون بفضائله وسيرة حياته الملائكية، وتوقير المواطنين له وقدَّموا طلبا يلتمسون منه أن يقبلهم ووعدوه أيضا بالذهاب إلى روما لينصحوا ليو بشأن الابتداعات التى كتبت فى "الطوم" وكان من بين هؤلاء الأشخاص مَن كانوا بلغاء ومستعدون وذوى ثروة وكرامة وشريفى المولد أيضا. وكانوا قد دعيوا للكهنوت من قِبل كيرلس. وكانوا مكرَّمين فى عيون مواطنى روما. وقدموا الالتماس نيابة عنهم إلى تيموثاس. وكتب ايضا يوستاس من بيروت توصية بقبولهم. ولكن غيرة المواطنين الكارهين لهؤلاء الأشخاص كانت كبيرة بسبب الأحداث التى حدثت فى أيام بروتيريوس والآلام العديدة التى قاسوها، لذلك لم يكونوا راضين بقبولهم بل جعلوا الآخرين يصيحون "لن يطأ أى واحد منهم هنا، ولن يُقبَل المذنبون".
الكتاب الرابع: الفصل الرابع
يتحدث الفصل الرابع عن ذهاب هؤلاء الكهنة إلى روما واخبارهم بالمعاملة التى لاقوها.
وهذا هو سبب اضطراب الامور وتحولها الى فوضى، لأنه عندما رُفِض هؤلاء الرجال بخزى توجهوا الى روما. وهناك تكلموا عن كسر القوانين، وعن الموت المرعب لبروتيريوس، وقالوا أنه مات من أجل المجمع واكراما لليو وأنهم هم أنفسهم، قد قاسوا من السخط الشديد. وأكثر من ذلك أتى تيموثاوس بأسلوب وضيع لينال الكهنوت. وهكذا قلبوا الأمور لتظهر فى عينى ليو بصورة منحطة وأثاروه ضد تيموثاوس.
الكتاب الرابع: الفصل الخامس
يتحدث عن الأمور اللاحقة بخصوص تيموثاوس، وأيضا التى حدثت فى افسس ليوحنا خليفة باسيانوس.
ولكن كيف هُجِر تيموثاوس؟. هذا ما سأرويه الآن. بعد أن مات ماركيان، حكم انثيموس وساويرس واولبيريوس لفترة قصيرة، فى ايطاليا والأماكن المجاورة. وحكم ليو الأول بعض مقاطعات أوربا معهم. وكان مؤمنا وغيورا، ولكنه بسيط الايمان. وعندما علِم ليو الملك بالشرور التى حدثت فى مصر والاسكندرية، وفى فلسطين وفى كل مكان وأن كثيرين قد تفرقوا بسبب هذا المجمع وأيضا كان هناك قتلى كثيرون فى افسس عند دخول يوحنا بعدما هرب باسياناس الذى رفض التوقيع على اعمال خلقيدون. ولكن يوحنا هذا إذ كان ملتهبا بشهوة المنصب، خان الحقوق وكرامة الكرسى لدرجة أن الافسسيين دعوه "الخائن" إلى اليوم، ومحوا اسمه من سفر الحياة. وبالتالى عندما تلقى([213]) خطابا من تيموثاوس الاسكندرى كان راغبا فى عقد مجمع، ولكن أناتوليوس اسقف المدينة الملكية منعه ليس لأنه كان قادرا أن يجد خطأ فى عبارات تيموثاوس المكتوبة، ولكن لأنه، فى الحقيقة، كان قلقا للغاية من أنه اذا اجتمع مجمع قد يضع نهاية لأعمال خلقيدون. ولم يكن قلقه من أجل الايمان ولكنه كان بالأحرى من أجل الإمتيازات والكرامات التى كانت تُمنَح بغير عدل لكرسى المدينة الملكية.
وبالتالى اقنع اناتوليوس الملك ألا يعقد مجمعا، ولكن يستعلم بواسطة خطابات مكتوبة تدعى "دوريات"([214]) عن آراء الاساقفة بشأن مجمع خلقيدون وبشأن سيامة تيموثاوس.
وبدأ الملك فى كتابة خطاب دوري إلى الاساقفة بشأن مجمع خلقيدون، وبشأن تيموثاوس، على النحو التالى:
" فليضع كل واحد منكم نصب عينيه خوف الله وحده، بدون خوف من انسان، او محاباة، أو تحيز مع أو ضد. وتعتبرون أن عليكم أن تُقدِّموا له وحده دفاعكم، وتخبروننى برأيكم العام الذى تتمسكون به أيها الكهنة فى نطاقنا، وما ترونه صوابا بعدما تفحصون أعمال خلقيدون بعناية، و[رأيكم] بشأن سيامة تيموثاوس الاسكندرى".
وعندما وصل خطابٌ مثل هذا الى ليو الرومانى. كتب خطابَين للملك ليو واحد بخصوص تيموثاوس والآخر بالنيابة عن حزب بورتيريوس، الذى يؤكد فيه أيضا أن كهنة القنسطنطينية من نفس فكر تيموثاوس، ودعا اناتولياس بالمتراخى ودافع عن "الطوم" الذى كتبه هو بخصوص يوتيخس، والذى قُبِل فى مجمع خليقدون. ومع ذلك، تناول بالتفصيل كتابة فى هذا الصدد مسألة ناسوت المسيح فى هذا الخطاب أيضا. فأرسله الملك ليو الى تيموثاوس الاسكندرى. وعندما استلمه كتب الأخير هذه العريضة الى الملك كما يلى:
الكتاب الرابع: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الرابع خاص بإلتماس تيموثاوس بشأن ايمانه، والاتهامات الموجهة لطوم ليو
"ايها الملك الطيب والمبرَّز. لما كان ليس هناك أهم من النفس عند الحكماء، وكنا قد تعلمنا ايضا أن نزدرى بأمور الجسد وألا نخسر أنفسنا، لذلك على قدر ما أعطيت لى من قوة احافظ على نفسى لئلا أدان قبل وقت الدينونة كمحب للجسد وأعد لنفسى نار جهنم. وأظن أن كل الحكماء المهتمين بالصالح لا يرغبون قط فى حدوث أى شىء كريه لإخوتهم. وبناء عليه أوكد لسموكم وأنا أكتب هذه العريضة، أننى قد تعلمت الاسفار المقدسة منذ شبابى ودرستُ الاسرار الالهية التى تتضمنها، والى الآن ما زلت مهتم بالايمان الحقيقى كما سُلِّم لنا من الرسل ومن الآباء المعلمين. وقد بلغت شيخوختى الحالية وأنا متحد معهم بنعمة الله مخلصنا. واننى اعترف بالايمان الواحد الذى سلَّمه فادينا وخالقنا يسوع المسيح عندما تجسد وأرسل رسله المباركين، قائلا "اذهبوا وعلِّموا الأمم وعمدوهم بإسم الآب والإبن والروح القدس"([215]). لأن الثالوث كامل ومساوٍ فى الطبيعة([216]). وفى المجد وفى البركة وليس فيه أقل أو اكثر. ولهذا علَّم الآباء المباركون الثلاثمائة وثمانية عشر، بشأن تجسد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الحقيقى، لأنه ليس هناك [شىء] صعب فيه. ولا تتطلب تعريفات الايمان التى وضعها الآباء أية اضافة. وكل من يتمسك(أيا كانوا) بآراء أخرى ويفسدون بالهرطقة، هم مرذولون منى، وأنا نفسى أفر منهم. لأن هذه هى المرض الذى يُهلك النفس. وهو([217]) المسمى تعليم ابوليناريوس وتجاديف النساطرة وكلاهما يتمسكان بآراء ضالة بشأن تجسد يسوع المسيح الذى تجسد من أجلنا ويشقونه إلى اثنين ويشطرون تدبير ابن الله الوحيد، وأولئك الذين من ناحية أخرى يقولون بخصوص جسده، أنه أُخِذ من السماء أو أن الله الكلمة قد تغير أو أنه قد تألم فى طبيعته، والذين لا يعترفون بنسبة ما يخص الجسد البشرى الى النفس المأخوذة منا المتحد بها. واننى أقول لأىٍ من الذين سقطوا فى واحدة أو أخرى من هذه الهرطقات، أنتم فى ضلال عظيم ولا تعرفون الأسفار المقدسة"([218]) واننى لا اشترك فى التناول مع هؤلاء ولا اعتبرهم مؤمنين. ولكننى التصق واتحد وأوافق بالحقيقة على الايمان المُعرَّف بنيقية وهذا هو اهتمامى أن أحيا طبقا له ولكن عندما أتى ديوميدس رئيس موظفى الأبواب المكرم إلىَّ وأعطانى خطاب اسقف روما، ودرسته لم أسر بمحتوياته. ولكى لا تضطرب الكنيسة، أيها الرجل المحب للمسيح، لم أقرأه جهرا ولا انتقدته. ولكننى أرى أن الله قد وضع فى ذهن سموكم أن أصوب العبارات فى هذا الخطاب التى هى علة عثرة المؤمنين. لأن هذه العبارات تتفق وتتطابق مع عقيدة نستوريوس الذى أدين لأنه يُقسِّم ويشق تجسد ربنا يسوع المسيح بالنسبة للطبائع والأقانيم والخواص والأسماء والأفعال operations. والذى([219]) فسَّر أيضا كلام الكتاب المقدس بمعنى(طبيعتين) وهو غير وارد فى [قانون] إيمان الثلاثمائة وثمانية عشر، إذ هم يصرحون أن ابن الله الوحيد الذى هو من نفس الطبيعة مع الآب نزل وتجسد وتأنس وتألم وقام وصعد الى السموات وسيأتى ليدين الأحياء والأموات. ولم تُذكَر عندهم الطبائع والأقانيم، والخواص، ولا قسموها. ولكنهم اعترفوا بالخواص الالهية والبشرية بأنها واحدة بالتدبير. وبناء عليه لا اوافق على أعمال خلقيدون لأننى أجد انقساما وشطرا للتدبير.
والآن ايها الملك المنتصر اقبلنى لأننى اتكلم هذا بأمانة من أجل الحق لكى ما يَنعم معاليك فى السماء كما على الأرض. ولتقبل عريضتى هذه بحسن نية، لأنه يرد فى هذا الخطاب[الذى] من الغرب اعترافا يسبب العثرات على نحو ما، فهو يشق التدبير. واننى لأرجو أن يُحذَف هذا الخطاب لكى ما يُعترَف بالمسيح الرب بنقاوة، من قِبل كل لسان بأنه تألم بالحقيقة بالجسد بينما ظل بدون ألم بلاهوته الذى له مع الآب والروح القدس.
واننى اتوسل والتمس من جلالتكم صدور الأوامر إلى كل الناس أن يتمسكوا بالايمان المعلَن عنه من الآباء الثلاثمائة وثمانية عشر، والذى يُظهر بإختصار الحق لكل الكنائس ويضع نهاية لكل هرطقة وتعليم زائف يسبب العثرة والذى لا يحتاج فى ذاته إلى تصحيح. ولكن الأمور التى تحتاج إلى تصحيح فى هذا الخطاب، كما تظهر لى، فهى هكذا.."
( لم نكررها هنا) لأنها ذكرت بإسهاب وبإقتباسات تدحضها حتى لا يمل القارىء، ويمكن للمؤمنين فى كل مكان أن يجدوا الانتقادات التى وضعها الحكماء ضدها، من ديوسقورس أولا، وتيموثاوس من بعده، وبعدهما بطرس([220])، واخسونيو من هيرابولس([221])، والملفان ساويرس رئيس كهنة أنطاكية، فى عمله "ضد النحوى"، ومن قزماس([222])، ومن سيمون([223]) [الذى] من ليجنو، وفى رسالة الكساندرينس([224]).
نهاية الفصل السادس.
الكتاب الرابع: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الرابع، يتحدث عن الخطابات إلى كتبها الأساقفة الآخرون إلى ليو الملك ومدحهم كلهم للمجمع ولطوم ليو، فيما عدا امفيلوكيوس
[هكذا] كتب تيموثاوس بأمانة عاليه بخصوص خطاب ليو([225]) ومجمع خلقيدون. ولكن الأساقفة الآخرون مطارنة كل مكان، عندما تلقوا خطاب الملك الدورى شهدوا لما تم فى مجمع خلقيدون، وأنهم متفقون معه وانتقدوا سيامة تيموثاوس الذى دعاه اسقف روما "ضد المسيح". وقالوا أن الأساقفة الآخرين، تأثروا أيضا فى الكتابة بأناتوليوس وخطاباته إليهم.
ولكن امفيلوكيوس Amphilochius الذى من صيدا Side، أظهر وحده الحق والبر بدون خوف. وكتب هو واساقفة مقاطعته بأمانة منتقدا وشاجبا اعمال المجمع وتعليم "الطوم" مُخبرا بالمحاباة والعنف اللذان حدثا ومؤكدا لأقواله ببراهين وشهادات أكيدة من الأسفار المقدسة والآباء. وأكثر من ذلك، التمس من الملك الغاء اعمال خلقيدون حيث أنها علة عثرة المؤمنين، وايضا للإضطراب. ومع ذلك انتقد سيامة تيموثاوس وقال انها تمت بأسلوب غير قانونى([226]). وفى الحقيقة هذا الرجل الذى شهد هكذا بأمانة وصدق للملك بخصوص المجمع صار فى خطر من الحزب النسطورى نتيجة للمكائد والوشايات التى أثاروها ضده، لأنه كان الوحيد من بين جميع الأساقفة الذى كان شجاعا فى شجب المجمع وأعماله وأيضا "الطوم". ولكن آسبار Aspar الذى كان جنرالا فى تلك الأيام، على الرغم من أنه كان اريوسيا توسل والتمس من أجله لكى لا يتعرض مثل هذا الكاهن الصادق لخطر. وهكذا نجا امفيلوكيوس من الخطر.
ولكن الملك فى سعيه لتصحيح الشرور التى حدثت فى ايام ماركيان، عوقه الأساقفة. وبوسائلهم أيضا، أُدين تيموثاوس ونُفِى إلى غنغرا, وكان اناتوليوس القنسطنطيني هو الذى حرض الأساقفة على أن يُقدموا ذلك فى دوريات الملك. وسوف تعلم ذلك من خطابه للملك الذى دونته أسفل.
الكتاب الرابع: الفصل الثامن
خطاب أناتوليوس إلى الملك ليو الأول أو الكبير.
"من أناتوليوس اسقف القنسطنطينية إلى الملك المؤمن([227])، محب المسيح اوغسطس الظافر، الامبراطور ليو. إنه موضوع صلواتى أيها الملك المؤمن والمحب للمسيح...الخ". وبعد ذلك بقليل، يقول "إن تلك الأعمال الوقحة التى أُرتُكبت فى الاسكندرية لا تسمح لى بالسكوت، إذ بوصفى اشغل كهنوت هذه المدينة الملكية[التى] لك، ولكونى حريص على مشيئة جلالتكم السلامية التى ترغب فى عدم الازدراء بقوانين الآباء بل الحفاظ على هذه القوانين، لهذا اشهد لرئيس الكهنة التقى ليو والمطارنة الأجلاء الذين فى سلطنتكم. واننى لأبكى([228]) على القوانين التى ازدرى بها تيموثاوس بأعماله الشريرة. إذ أن التقارير المرسلة لجلالتكم بخصوصه تُظهِر أنه قد داس على قوانين الكنيسة والعالم، وأنه أحب المجد الباطل طبقا لقول الكتاب المقدس أن الشرير مُزدرِى حتى وهو ساقط إلى أعماق الجحيم"([229])
أما بقية الخطاب فهى مفهومة من هذه العينة، وكيف كان علة الخطابات المرسلة من الاساقفة إلى الاباطرة، التى اتفقوا فيها على اعمال المجمع([230]). ولكن سيناتورات كثيرين ومواطنين عندما علموا بهذا، انفصلوا عن الشركة مع اناتوليوس.
الكتاب الرابع: الفصل التاسع
الفصل التاسع يخبرنا عن نفى تيموثاوس والأحداث التى حدثت عند رحيله من الاسكندرية
ولكن لأن أمر الملك برحيل تيموثاوس كان قد أُرسِل فى ذلك الوقت، فقد حزن الجنرال بالتالى بشدة، وشعر بأنه محصور بتكبد أمورا كثيرة أكثر من فقدان المدينة لكاهن مثل هذا. ومع ذلك إذ رأى القتل الذى كان يهدد به الحزب البروتيرى([231])، وخاصة أن أعضاء من هذا الحزب قد التجأوا إلى الملك وكانوا مسنودين من سائر الاساقفة، فكر هذا الجنرال استيلاس stilas أنه من الجيد أن يلجأ هو والأسقف إلى غرفة معمودية الكنيسة الكبرى كملجأ. وفعل ذلك لسببين: أولهما أن يسلما هما من الضرر. والثانى لكى لا يكونا عِلة لفقدان الحياة، والقتل. ولكن عندما نزل([232]) تيموثاوس إلى جرن المعمودية [ليحتمى فيها] لم يكترث اكليروس حزب بروتيريوس سواء بالكهنوت أو بالعفة أو بالشيخوخة أو بالحياة النسكية أو بأتعاب الرجل أو فى الحقيقة بالمكان الذى لجأ اليه، ولكنهم بالقوة المسلحة انتشلوا رئيس الكهنة من الجرن ذاته وجروه خارجا. وما أن انتشر خبر ذلك بين الشعب، [حتى] قُتل أكثر من عشرة آلاف لكى ينقذوا الكاهن منهم([233]). ومع ذلك بعد أن قتل الرومان كثيرين من الاسكندريين، أخذوا الرجل. ورحل إلى فلسطين عبر مصر([234]) وكانت رحلته على طول البحر([235]) إلى فينيقية. ولكن عندما سمعت المدن التى على شاطىء البحر وسكان فلسطين به، أتوا اليه ليتقدسوا منه وكان المرضى بينهم يُشفون من امراضهم بنعمة الله التى كانت ملتصقة بشخصه، وكانوا يخطفون قطعا من قماش ردائه لتكون حرزا لهم يحميهم من الشر.
وعندما وصل إلى بيروت حث يوستاثيوس الاسقف المواطنين على استقباله بتكريم عام. وطلب من تيموثاوس عند دخوله المدينة الصلاة من أجلها فوقف الثانى فى وسط المدينة ورفع صلوات وتضرعات إلى الله من أجلها وباركها.
ولكن اوكسونيوس الذى كان فى ذلك الوقت مفسرا للشريعة سالكا بمشورة أخيه([236]) قضى الليل كله مع تيموثاوس متحدثا بحرارة عن الايمان وضد نستوريوس. وطوال حديثه كله كان تيموثاوس يسمع بصمت. وعندما كف اوكسونيوس بعد كلام طويل عن الحديث، قال تيموثاوس له "مَن يقدر أن يغوينى حتى تكتب هذه الأصابع الثلاثة على ورق خلقيدون". وعندما سمع أوكسينوس هذا حزن جدا وبدأ يبكى([237])، فشجعه تيموثاوس عندئذ، هو وأخيه يوستاثيوس الذى لحق بهما بعد ذلك وقال "انضما لى ولندافع معا عن الايمان، وسننتصر. وإما أن نسترد ايبارشياتنا وإما أن نُنفى من قبل اعدائنا ونحيا حياة مخلصة مع الله". فاعتذر يوستاثيوس بتدشين الكنيسة، الهيكل العظيم الذى كان قد شيده ودعاه "اناستاسيا"، فقال تيموثاوس أو سننتظر تدشين الهيكل الأرضى؟. إن اطعتمانى فإننا سنحتفل فى اورشليم السمائية".
وكان تيموثاوس يلقى نفس التكريم طوال طريقه إلى أن وصل إلى غنغرا.
الكتاب الرابع: الفصل العاشر
الفصل العاشر يتكلم عن تيموثاوس آخر يلقب بسالوفاكيولوس، كان اسقفا من حزب بروتيريوس.
ولكن اعضاء حزب بروتيريوس بسبب أمر الملك والحكام الذين كانوا طائعين للأمر، انتخبوا واحدا منهم يدعى تيموثاوس سالوفاكيولسsalophaciolus وأقاموه على كرسى الاسقفية. وكان رجلا يبحث عن الشعبية، رقيقا فى سلوكه، عطوفا فى معاملاته، كما أثبتت الأحداث حقا. فعندما هجر كل شعب المدينة الكنيسة، واجتمعوا مع الكهنة المؤمنين فى الأديرة لم يحزن ولم يسخط. وعندما تضايق كهنته [وأرادوا] حجز الشعب بواسطة القوة العسكرية الرومانية لم يسمح لهم.
والآن، حدث أن امرأة قد لاقته وهى تحمل طفلا كان قد اعتمد توا بواسطة [كهنة] مؤمنين. وكان محمولا فى [موكب] الغلبة طبقا للعادة السارية([238]). وكان المرافقون له([239]) حانقون جدا على ذلك. ولكنه أمرهم بإحضارها له بهدوء. ورفع الطفل وقبَّله، وأمر الأم أن تأخذ ما تريد. وقال لتابعيه "دعونا وهؤلاء المسيحيين نؤمن ونعبد ربنا، كل حسبما يراه صوابا"([240]). وعلى الرغم من أنه فعل كل هذا، لم يستطع أن يحد من سخط المواطنين. وإذ كان يخشى من مصير بروتيريوس كان لا يخرج خارجا بدون الرومان([241]). وبقدر ما أحب الناس تيموثاوس المؤمن بقدر ما كرهوا هذا الرجل ولم يكفوا عن التوسل والتضرع إلى الملك أن يعيد لهم تيموثاوس من المنفى.
ولكنهم يقولون عن سالوفاكيولس هذا أنه حاول بشدة استمالة الاسكندريين للاشتراك معه. وكتب اسم ديوسقورس فى الدبتيخا، كما ولو كان يرفض المجمع([242]). وعندما علم ليو الرومانى بذلك حرمه.
وفى احدى المرات عندما صعد إلى القنسطنطينية كانت له منازعة كبيرة مع جناديوس خليفة اناتوليوس فى حضور الملك، وقال اننى لا اقبل المجمع الذى جعل كرسيك يلى فى الأهمية كرسى روما ويجور على كرامة كرسىَّ". فضحك الملك عندما رأى وسمع الكاهنين يتنازعان على الأولوية. وكتب إلى اسقف روما بخصوص هذه المنازعة، الذى رد عليه كتابة فى ذلك الوقت أن امتياز كل كرسى يجب أن يُرَد إلى مؤسسه الأصلى([243]). وأوضح ذلك للملك.
وهذا يكفى عن تيموثاوس سالوفاكيولس.
الكتاب الرابع: الفصل الحادى عشر
يتحدث الفصل الحادى عشر عن نقل تيموثاوس من غنغرا إلى كيرسون نتيحة لمقت الحزب الخلقيدونى له.
ولكن جناديوس وتابعيه لم يكفوا عن اضطهادهم لتيموثاوس حتى وهو فى منفاه، فأغووا الملك أن يأمر بنقله من غنغرا إلى كيرسون([244]) chersonوهو اقليم يسكنه البرابرة وغير المتحضرين. ووافق اسقف غنغرا على ذلك بسبب الحسد الذى شعر به نحو البار المؤمن صانع العجائب تيموثاوس صديق الفقراء، لأنه اعتاد أن يتلقى هبات من مؤمنى الاسكندرية ومصر والأماكن الأخرى ويوزعها طواعية على راحة المحتاجين. ولما اعتلى سطح المركب وانطلق فى البحر، وصل إلى كيرسون بلا خطر رغم شدة البرودة. وعندما علم سكان البلد السبب، امتلأوا اعجابا به وصاروا تابعين لإيمانه وأخضعوا أنفسهم لسلطانه.
ولكن الكراهية التى أثارها ضده الحزب النسطورى قد نجمت عن اجتهاده المستمر فى الكتابة بإستمرار موبخا ومنتقدا للمجمع والطوم، ومرسلا اياها([245]) إلى الجميع فى كل الأماكن ومشجعا بها المؤمنين. وأيد كلامه بالكتاب المقدس، ومعلمى الكنيسة منذ أيام كرازة المسيح الى يومه هو.
ونتيجة لهذه الكتابات، فإن أولئك الذين فهموا الأمر تركوا جناديوس[اسقف] القنسطنطينية، واشتركوا فى التناول مع اكاكيوس الكاهن ومعلِّم الأيتام، واخو تيموكليتس المؤلف الذى انضم الى المؤمنين وقاوم بغيرة شديدة النساطرة. وألف أيضا قصائد موسيقية اعتادوا أن ينشدوها. وكان الشعب مسرورا بها وهرعوا افواجا إلى دار الأيتام.
ولكن الملك أمر أن تُدوَّن مريم المباركة فى "كتاب الحياة" كـ "ثيوتوكس"، بسبب مرتيريوس الانطاكى الذى كان نسطوريا، ولم يكن راضيا بتعليم هذه الأمور، والذى عُزِل أيضا.
ولكن غريغوريوس النيصى([246])(رجل فاضل ومؤمن، وهو سمىٌ لغريغوريوس المتعلّم) قد أُستُدعِىَّ من قِبل الملك ليضع نهاية لتعاليم النساطرة فى ذلك الوقت. إذ أن بعض الرهبان ذهبوا كوفد إلى الملك بشأن مسألة مرتيريوس. وكان جناديوس قد مات، وعُيِّن أكاكيوس خلفا له. وكان الأخير قد وعد بوضع نهاية لطوم ليو ومجمع خلقيدون، والابتداعات والإضافات التى فُرِضَت على الايمان بواسطته.
الكتاب الرابع: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر من الكتاب الرابع، يحدثنا عن الأوطاخييَن اشعياء اسقف هرموبوليس وثيوفيلس الكاهن الاسكندرى. وعن الخطاب الذى كتبه تيموثاوس وفضح فيه ضلالاتهما.
كانت أحوال شؤون كنيسة المدينة الملكية، فى الحقيقة، كما وصفناها عاليه. ولكن تيموثاوس لم يكتب وهو فى منفاه ضد النساطرة وحدهم بل وضد الأوطاخيين أيضا. وهذا يظهر من رسائله إلى الأسكندرية وفلسطين ضد أولئك الذين يتشيعون لآراء يوتيخس ولا يعترفون بأن للمسيح طبيعة بالجسد مثل طبيعتنا إلى جانب طبيعته الإلهية مثل الآب.
وهكذا حدث أن الأوطيخيان اشعياء أسقف هرموبوليس([247]) وثيوفيلس كاهن الأسكندرية كانا متغربان فى المدينة الملكية سعيا وراء المال. وأذاعا خبرا أن تيموثاوس من رأيهما. وعندما سمعا بذلك كتب خطابا يتناول فيه تعاليم يوتيخس ونستوريوس وأرسله إلى القنسطنطينية موقعا عليه بتوقيعه الخاص. وعندما صار حملة هذا الخطاب معروفين، عوملوا بإحتقار من قِبل هذين الرجلين، وتعرضوا للخطر، لأنه دعا أتباع اشعياء "المخادعين". وبناء عليه أرسل ثانية خطابا آخر بخصوصهما معززا إياه بإقتباسات من الآباء. وكان على هذا النحو:
خطاب تيموثاوس
"إن ربنا والهنا يسوع المسيح لكى يفدينا ويحررنا من سلطان الشيطان ويجعلنا أهلا لبركات السماء، قد حدد لنا بواسطة الآباء القديسين شريعة تلك الأمور السارة له. وأعطى وصية أن أى إنسان يفكر فى الكرامة لا يجب أن يُسىء إلى الرحوم، وإنما عليه أن يُسلِّم بالتدبير لأجل فدائنا، وقال "لا تميلوا يمنة ولا يسار بل سيروا فى طريق الملكوت"([248]). وقال أيضا "لا تكونوا بررة بزيادة ولا تعتبروا أنفسكم حكماء للغاية ولا عنيدين لئلا تموتوا قبل الوقت"([249]). ومعناها لئلا ينفث الشرير فيكم أى شىء مضاد لوصاياى ويضع حجر عثرة لكم فى طريق الملكوت الذى أنتم سائرون عليه ويقتلكم. لأنه قال "وضعوا لى فخا فى طريقى.."([250]) لذلك احترزوا لأنفسكم ولا تحيدوا ولا تبتعدوا عن طريق الملكوت لأن هذه هى رغبة الشرير الذى إذ ملأك بشرور كثيرة سيلقيك، وستسقط فى خطر.
افترض ان رجلا يريد أن يدخل مدينة محاطة بالمياه. إن أراد أن يمر فى المياه على أقدامه سيغرق فى أعماقها. وإذا كان من ناحية أخرى خائفا أن يعبر لن يقدر أن يدخل المدينة على الإطلاق. ولكن إذا كانت هناك وسيلة ملائمة، وأراد أن يعبر بها فإنه يقدر عندئذ دخول المدينة. وبالمثل، نحن أيضا ونحن مهتمون بدخول أورشليم التى هى فوق، إذا لم نتبع شريعة الله التى تعلمناها من المعلمين القديسين لا نقدر فى الحقيقة الوقوف على الصخرة التى لمعلمنا بطرس كيفا([251]) [أى] الإيمان الصحيح، لأنك فى الحقيقة ستُدعَى كيفو([252])، وعلى هذه الصخرة([253]) سأبنى كنيستى وأبواب شيؤول([254]) لن تقوى عليها"([255])
لا يضل أحد من الشرير ويتخيل أنه يقدر أنه يقدر أن يقلب نظام الايمان الحقيقى، وإذا نازع فإنه ينازع ضد نفسه. فإن شيئا ما لا يقدر أن يتغلب على الايمان. وهذا هو معنى "أبواب شيؤول لن تقوى عليكِ". وبناء عليه إذا لم يقف أى شخص على الحق الذى للإيمان، بل كان بارا بزيادة وهو يظن أنه يُقدِّم كرامة، إنما يقدم بالأحرى إهانة. ولكن إن قبل شريعة الرب التى ارساها لنا بواسطة القديسين إنما يتخطى رؤوس الموت وشفير شيئول shoel . لأننا قد تعلمنا أنه بدون الايمان القويم لا يمكن أن نُسِّر الله.
لقد كتبتُ هذه الأمور لأننى قد سمعتُ أن بعض الأشخاص ميالين للنزاع، وغير طائعين لشريعة الرب التى أرساها لنا بواسطة قديسين، والتى توضح [لنا] أن الرب بتجسده أخذ ذات الطبيعة معنا بالجسد الذى أخذه منا. تلك العقيدة التى تُرفَض إذا لم يكونوا بهذا الفكر.
وبناء عليه، لا يظن أحدٌ أنه يُكرِّم الله برفضه لعقيدة الآباء القديسين الذين صرحوا أن ربنا يسوع المسيح هو من نفس الطبيعة معنا بالجسد وأنه واحد بجسده، [فهو] يُسِىء إلى رحمته. لأننى سمعتُ أيضا الرسول القديس يعلِّم ويقول " فلَمَّا كانَ الأَبناءُ شُرَكاءَ في الدَّمِ واللَّحْم،(هو أيضا اشترك بالمثل فى ذاتهما) لكى بواسطة الموت يُهلِك الذي لَه القُدرَةُ على المَوت، أَي إِبليس، ويُنقذ كل المقبوض عليه بخوف الموت والخاضعين للعبودية، ليحيوا إلى الأبد"([256]). لأنه لم يأخذ (الطبيعة) من ملائكة، لكنه أخذها من نسل إبراهيم، وكان مناسبا، أن يُشبه إخوته فى كل شىء، ويصير كاهنا رحيما وأمينا لله، ويصلح خطايا الشعب. ولأن هذا قاسى التجربة، فإنه "يقدر أن يُنقذ المجرَّبين". لأن هذه العبارة "صار مثلنا فى كل شىء" تُعلِّم كل مَن يُريد أن يكون مستحقا للسماء، وأن يُفتدَى، أن يعترف بتجسد ربنا يسوع المسيح، بكونه من مريم القديسة العذراء والثيوتوكس، المسيح الذى هو من نفس الطبيعة معها ومعنا بالجسد، ومن نفس الطبيعة مع الآب فى اللاهوت.
لأن الأباء قد حرموا، ونحن نتفق معهم فى حرمهم، كل مَن لا يعترف بعقائدهم. ولكننا قد أضفنا فى خطابنا، أكثر من ذلك، بعض الاقتباسات منهم لتأكيد حقيقة هذه العقيدة:
من اثناسيوس:
"لهذا يكتب الرسول، فى الحقيقة، على نحو معبر، أنه " لايقدر احدٌ أن يضع اساسا آخر (غير ما هو موضوع) الذى هو المسيح. فليحترز الانسان كيف يبنى([257]). والآن من الضرورى أن يكون أساس مثل هذا راسخ ومماثل لما يُبنى عليه. الله الكلمة، لأنه هو الله الكلمة والإبن الوحيد الجنس، ليس له صنو يمكن أن يكون ابنا لله بنفس الأسلوب مثله. ولكن لأنه صار، بالأحرى، إنسانا من طبيعتنا وتدثر بجسدنا، صرنا من ذات الطبيعة معه. وبالتالى بالنسبة لمسألة ناسوتنا هو الأساس لكى نكون أحجار كريمة، ونُبنَى عليه ونصير هيكلا لسكنى الروح القدس.
لأنه بالمثل كما أنه هو الأساس ونحن الأحجار المبنية فوقه، هكذا أيضا هو الكرمة ونحن الأغصان المتفرعة منه وفيه. ليس فى الحقيقة بالطبيعة الإلهية لأن ذلك غير ممكن، ولكن بالناسوت. والآن، من المناسب أن تكون الأغصان مثل الكرمة لأننا أيضا مثله بالجسد الذى أخذه منا. ونحن نقر أنه ابن الله، والله بالروح، وانسان بالجسد. وليس هناك طبيعتان فى الإبن الواحد([258]): واحدة تُعبّد والأخرى غير جديرة بالعبادة. ولكن طبيعة واحدة لله الكلمة الذى تجسد([259])، والذى مع الجسد الذى تدثر به([260]) يجب أن يُعبد بعبادة واحدة".
ونفس الأمر فى رسالته إلى ابكتيتوس:
والآن هناك كثيرون يختبأون ويخجلون، أولئك الذين يتخيلون أننا عندما نؤكد على أن جسد ربنا من مريم، إنما نُدخل اقنوما رابعا إلى الثالوث. ولكننا عندما نؤكد أن الجسد من نفس الطبيعة مع الكلمة، يبقى الثالوث بذلك بدون اضافة عنصر غريب. بينما إذا حافظنا بالنسبة لجسده على أنه بشرى فحينئذ طالما أن الجسد غريب على طبيعة الله، فعندما يكون الكلمة فيه فإنه يكون هناك بالضرورة اربعة بدلا من ثلاثة نتيجة لإضافة الجسد.
إنهم لا يشعرون عندما يتكلمون بهذه الطريقة. كيف أن حجتهم تخفق وتنهار. لأنهم حتى ان انكروا أن يكون الجسد من مريم، فإنهم ليسوا اقل ممن يتمسكون بجسد مميز، ومن ثمة يأخذون بالرباعية. لأنه بالمثل كما أن الإبن من نفس الطبيعة مع الآب، وليس هو الآب، بل الإبن بالأقنوم، ولكن لكونه من ذات الطبيعة مع الآب. فهكذا أيضا إذا كان الجسد من نفس الطبيعة مع الكلمة فهو ليس الكلمة، ومن ثم هناك آخر. وعندئذ يكون الثالوث طبقا لتصورهم رابوعا([261]).
ولكن الحقيقة أن الثالوث الحقيقى الكامل غير المتجزىء لا يمكن أن يقبل أية إضافة. فماذا اذن يجب أن تكون أذهان هؤلاء الأشخاص، وكيف يمكن أن يكونوا مسيحيين اولئك الذين يقولون أن هناك آخر بجانب الله؟.
وعن نفس الأمر من ذات الرسالة:
" كان، فى الحقيقة، جسد فادينا المأخوذ من مريم بشريا حقيقيا فى الطبيعة لأنه كان مثل جسدنا إذ أن مريم أختنا لأننا جميعا من نسل أبينا آدم".
ومن يوليوس الرومانى:
" ليس هناك أى تغير مهما كان فى الطبيعة الإلهية لأنها غير خاضعة للنقصان أو الزيادة. وعندما يقول "مجدنى" فهذا صوت الجسد، ومنطوق بشأن الجسد. لأن المجد كان قد تأكد بالنسبة للكائن كله لأنه الكل فى واحد. وبعبارة "بالمجد الذى لى قبل العالم"([262]) يشهد لألوهيته التى هى ممجدة دوما، لأن هذا المجد يخصها، حتى ولو قيل بخصوص كينونته كلها. وهكذا بالروح، هو من نفس الطبيعة مع الآب غير المرئى. ولكن لأن الجسد أيضا متحدا به فى طبيعته فإنه مشتمل بالتساوى فى اسمه. وأيضا لاهوته مدرك تحت الاسم لأنه متحد بطبيعتنا. ولم تتحول طبيعة الجسد إلى طبيعة اللاهوت، بالاتحاد والاقتران فى الاسم وفى الطبيعة. وإذ أن طبيعة اللاهوت لم تتغير بالاقتران بالطبيعة البشرية فإنه بالمثل طبيعة الجسد [هى] طبيعتنا".
وعن نفس الأمر فى رسالته إلى ديونيسيوس:
" فى الحقيقة هؤلاء الذين يعترفون أن إله السماء تجسد من العذراء وأنه إذ اتحد بالجسد صار واحدا، لا يسببون لأنفسهم أية متاعب فى المنازعات مع أولئك الذين يتشيعون لآراء مضادة الذين يزعمون (كما سمعتُ) أن هناك طبيعتان. إذ أن يوحنا أثبت أن ربنا واحد بقوله "والكلمة صار جسدا"([263]). وبولس بقوله "رب واحد يسوع المسيح، الذى به كل الأشياء"([264]). والآن، إذا كان الذى وُلِد من العذراء يُدعَى يسوع، وهو الذى به كان كل شىء، فهو طبيعة واحدة لأنه اقنوم واحد غير منقسم إلى اثنين لأن طبيعة الجسد غير منفصلة عنه ولا ظلت طبيعة اللاهوت منفصلة عن الجسد. ولكن كما أن الإنسان المكون من جسد ونفس هو طبيعة واحدة. هكذا هو الذى فى شبه بشر، هو واحد يسوع المسيح".
ومن غريغوريوس صانع العجائب:
" كل مَن يقول أن المسيح قد ظهر فى العالم بالخيال([265])، ولا يعترف به أنه قد أتى بالجسد، فليكن ملعونا". "كل من يقول عن جسد المسيح أنه بدون نفس بشرية وبدون عقل، ولا يعترف بناسوته أنه كامل، كما هو مكتوب أنه هو ذاته ليكن ملعونا". "كل من يقول أن المسيح قد أخذ جزءً فقط من الانسان ولا يعترف به أنه مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية فليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن المسيح خاضع للتغير والتنوع، ولا يعترف بأنه غير متغير بالروح، وبجسد غير فاسد كما هو مكتوب، ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن المسيح كان انسانا كاملا منفصلا "والله الكلمة، منفصلا"، ولا يعترف به رب واحد يسوع المسيح ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن مَن تألم خلاف مَن لا يتألم، ولا يعترف بأن الله الكلمة نفسه غير المتأثر قد تألم بالجسد كما هو مكتوب ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن هناك واحد موجود قبل العالميَن ابن الله، وآخر الذى أتى أخيرا إلى الوجود، ولا يعترف به أنه هو نفسه الذى كان قبل العالمين هو الذى أتى أخيرا إلى الوجود طبقا لما هو مكتوب "يسوع هو هو امس واليوم"([266])، فليكن ملعونا". " كل من يقول أن المسيح كان من نسل الانسان على غرار البشر ولا يعترف بأنه تجسد وتأنس من الروح القدس ومن العذراء مريم التى من نسل داوود كما هو مكتوب فليكن ملعونا". "كل من يقول أن جسد المسيح كان من نفس طبيعة لاهوته ولا يعترف بالله قبل العالمين الذى اخلى ذاته وأخذ شكل العبد([267]). كما هو مكتوب ليكن ملعونا"." كل من يقول أن جسد المسيح لم يُخلق جسدا، ولا يعترف أن الله الكلمة غير المخلوق قد تجسد وتأنس من الانسان المخلوق كما هو مكتوب، فليكن ملعونا". "لأنه كيف يقول أن جسد المسيح غير مخلوق مادام أن غير المخلوق غير قابل للتألم أو اللمس أو الجرح. لكن المسيح نفسه بعد قيامته من الأموات أرى تلاميذه آثار المسامير وجرح الحربة، ووفَّر لهم لمس جسدى له. وعلى الرغم من أن الأبواب كانت مغلقة، دخل لكى يُظهِر قوة لاهوته وحقيقة جسده([268]). لأن الجسد الذى ظهر للوجود بعد فسحة من الزمن، لا يمكن القول عنه أنه من نفس طبيعة اللاهوت الأبدى. لأن كل ما هو بالطبيعة والخواص غير قابل للتغير هو من نفس الطبيعة". "هو الإله الحقيقى غير الجسدانى الذى ظهر بالجسد، الكائن الكامل، إنه ليس اقنومان ولا طبيعتان. لأننا لا نعبد أربعة: الله، وابن الله، والروح القدس، والإنسان. ولكننا على العكس نحرم أولئك الذين يقولون هذه الشرور والذين يضعون الانسان فى مجد الله. ولكننا نؤمن أن الله الكلمة تأنس من أجل فدائنا، وأنه أخذ شبهنا، وأن ذاك الذى جاء فى شبهنا هو بطبيعته الحقيقية ابن الله، ولكنه بالجسد انسان، ربنا يسوع المسيح".
"ومن باسيليوس القيصرى"
"المصنوع ليس من نفس طبيعة الصانع، والمولود هو من نفس جوهر مَن ولده. وبالتالى المخلوق والمولود ليسا واحدا، ولا هما متماثلين. وأيضا الأبناء لهم نفس طبيعة الوالدين حتى لو كان المولود قد أتى إلى الوجود بأسلوب مختلف. لأن هابيل المولود نتيجة التزاوج لم يختلف فى شىء عن آدم الذى لم يولد، ولكن صُنِع. وأيضا إذا كان المختلفون فى أسلوب خلقتهم هم أيضا مختلفون فى وجودهم الجوهرى، إذن لابد يكون البشر مختلفين بعضهم عن بعض فى الطبيعة. لأن هناك خلقة معينة لآدم الذى صُنِع من التراب. وأخرى لحواء التى صُنِعت من ضلعه. وأخرى لهابيل الذى جاء نتيجة التزاوج. وأخرى لذاك الذى جاء من مريم الذى هو من عذراء فقط. وفى الحقيقة نفس الشىء يجب أن يُقال بشأن الطيور والحيوانات".
ومن غريغوريوس أخيه([269]).
" فى الحقيقة، طبيعة المولودين، لابد أن تكون بالضرورة مثل طبيعة الوالدين".
ومن غريغوريوس النزينزى:
"والآن هذه عقائد مقبولة على نحو عام، أن ذاك الممجد فوقنا قد أخذ لأجلنا خواصنا وصار انسانا. ولم يُحدَّد بتجسده بالجسد، لأنه غير محدودٍ إذ أن طبيعته لا نهائية. ولكن لكى يُقدِّس الانسان بواسطة جسده، صار كخميرة للعجين كله، وأخذه([270]) لنفسه. وحرر المذنبين من ذنوبهم. لقد كان مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، من أجلنا، بجسد ونفس وعقل، الذين يتركب منهم الانسان الزائل العادى. ذاك الذى أظهر ذاته هو الله بالنسبة لوجوده الروحى، ولكنه بشر بالنسبة لآدم والعذراء التى جاء منها. من الأول كسلف له، ولكن من الثانية التى كانت أما له بناموس(الطبيعة) والتى أعطته الولادة على نحو فائق للطبيعة، وليس بحسب ناموس(الطبيعة).
ومن يوليوس الرومانى([271]):
"ولكن أيضا بالنسبة لتدبير فادينا بالجسد، نحن نؤمن بأن الله الكلمة غير المتغير صار جسدا بغرض تجديد البشرية. وذاك الذى هو ابن الله الحقيقى بالميلاد الأزلى صار انسانا بالميلاد من العذراء. وهو الذى إله كامل بلاهوته ومن نفس الطبيعة مع الآب، وأيضا انسان كامل له نفس الطبيعة الجسدية مع البشر بالميلاد من العذراء، هو واحد بالمثل. لذا كل مَن يقول أن المسيح أخذ جسدا كان من طبيعته([272]). فليكن ملعونا".
"كل مَن ينكر أن جسد ربنا هو من العذراء وله نفس الطبيعة مثل جسدنا فليكن ملعونا". "كل من يقول أن ربنا ومخلصنا الذى هو من الروح القدس ومن مريم العذراء بالجسد. أنه غير مركب وبلا وجدان وبلا عقل([273]) فليكن ملعونا". "كل من يتجرأ على القول أن المسيح تألم بلاهوته وليس بالجسد، كما هو مكتوب، فليكن ملعونا". "كل من يفصل ويقسِم ربنا ومخلصنا ويقول أن الله الكلمة هو ابن واحد، وأن الانسان الذى أخذه هو آخر، ولا يعترف به واحد، فليكن ملعونا".
"ومن يوحنا فم الذهب"
"ذاك الذى يفوق كل أفكارنا ويسمو عن ادراكنا، وممجد فوق الملائكة وكل القوات العاقلة قبِل أن يصير انسانا وأخذ جسدا الذى كُوِّن من تراب الأرض. وقد فعل ذلك بدخوله فى رحم العذراء حيث حُمِل لتسعة أشهر، وبعد ولادته رضع اللبن. وفى الحقيقة قاسى كل ما يخص البشرية. لماذا دُعِىَّ مائدة؟. لأننى عندما آكل السر، الذى انتعش به. لماذا دُعِىَّ بيت؟. لأننى أسكن فيه. لماذا دُعِىّ الساكن؟، لأننى هيكله. لماذا دعى الرأس؟. لأننى عضو له. عندما غمر الزانية بحبه، ماذا فعل؟. إنه لم يُقمِها لأنه لم يُصعِد الزانية الى السماء، لكنه نزل إليها إذ لم تكن قادرة أن تصعد إليه، وجاء إلى كوخها الحقير. ولم يكن خجلا، ووجدها سكرى. وكيف جاء؟. ليس علانية بطبيعته، لكنه جاء مثل الزانية نفسها، بالطبيعة وليس بالإرادة، لئلا عندما تراه تضطرب من الرعب وتهرب. لقد جاء إليها وصار انسانا. وكيف صار إنسانا؟. لقد تنازل فى الرحم ونما بالتدريج".
وله أيضا
"هذا هو اليوم الذى وُلِد فيه الأزلى وصار انسانا الأمر الذى لم يحدث من قبل على الرغم من أنه لم يتغير من كونه الله لأنه لم يتأنس بتغيير لاهوته، ولا صار إلها بنمو أصله البشرى. ولكن الكلمة غير المتأثر لم يلحقه أى تغير فى طبيعته بصيرورته متجسدا. ذاك الجالس على العرش، الممجد والعالى، قد وُضِع فى مزود. ذاك البسيط الذى بلا جسد ولا يمكن لمسه، لُمِس واحتضنته الأذرع البشرية. ذاك الذى حطم قيود الخطية، قُمِّط بالأقمطة".
ومن أثناسيوس([274])
"إذا علَّم أى شخص عقائد مضادة للأسفار المقدسة، وقال أن ابن الله واحد وأن الانسان من مريم [هو] آخر، وأنه صار ابنا بالنعمة مثلنا. وبذلك يكون هناك "اثنان" فى الربوبية واحد من نفس الطبيعة مع الله، والآخر الذى صار كذلك بالنعمة الإنسان من مريم. وكل مَن يقول أكثر من ذلك أن جسد ربنا من فوق وليس من العذراء مريم، أو أن اللاهوت قد تحول إلى جسد، أو أنه اختلط، أو تغير، أو أن لاهوت ربنا قد تألم، أو أن جسد المسيح بقدر ما هو من البشر لا يجب السجود له، وليس السجود للجسد لأنه جسد ربنا والهنا. المرء الذى يقول هذه الأمور فليكن محروما. لأننا نطيع الرسول عندما يقول "كل من يبشركم بإنجيل مختلف عما قد بشرناكم به فليكن ملعونا"([275]).
ومن الأسقف أمبروز([276])
"انه نفس الاقنوم الذى يتكلم، على الرغم من أنه ليس دائما بهذا الاسلوب. إنه فى وقت ينسب المجد إلى الله. وفى آخر إلى آلام البشر. هو كإله يعلم بالأمور الإلهية لأنه الكلمة. وكإنسان يعلم بالأمور البشرية لأنه يتكلم بطبيعتنا".
ومن ثيوفيلس الأسكندرى([277])
"الكلمة الإله الحى رب الجميع، وخالق العالمين لم يلتحف بجسد سمائى كجوهر غالى ويأتى إلينا، ولكنه أظهر بالطين عظمة فنه. لأنه عندما أراد أن يسترد، وأن يُجدِّد الانسان الذى صنعه هو من الطين، وُلِد كإنسان من العذراء وصار مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية وحدها، وجاء إلى الوجود بمعجزة وأشرق علينا وبارك طبيعتنا البشرية".
"ومع ذلك جاء الانسان الأول على نحو مختلف، ويختلف عنا إذ لم يكن هناك تزاوج رجل وامرأة فى خلقته. فإذا سمحوا فى حالته أنه قد شُكِّل من التراب بإرادة الله بدون والدين يهبانه الميلاد نتيجة تزاوج ذكر وأنثى، فلماذا يتشاجرون بالنسبة لتجسد ربنا ومخلصنا الذى كان من عذراء؟. وعندما يعارضوننا فى هذه المسألة، نسألهم أيهما أيسر أن يأتى انسان إلى الوجود من التراب بدون والدين، أو أن يولد مخلصنا من العذراء بجسد ونفس وعقل([278])؟. لقد كان الانسان الأول الذى من التراب، فى الحقيقة، من لحم ودم فى كل ما يخص البشرية. ولكن مخلصنا بسلطانه الخاص خلق وأعد من العذراء جسدا لنفسه من لحم ودم ونفس وعقل. ونحن نعترف أنه كان مماثِلا للبشر. حتى وإن لم يكن - فى تجسده المقدس – ليس هناك أى دور للتزاوج البشرى لرجل وامرأة.".
وله أيضا
"والآن، ليس من الصعب لله الكلمة أن يهيىء لنفسه هيكلا من جسد العذراء لغرض فدائنا. تذكروا أن الله، فى الحقيقة، لم يتدنس بالتزاوج الطبيعى عندما خلق الانسان، فكم بالأحرى عندما يتجسد، برحمته، من دم العذراء بقصد فدائنا".
ومن كـيـرلـس([279])
"وظلت، فى الحقيقة، "ثيوتوكس"، عذراء بعد ولادة المسيح بمعجزة. وشابهنا فى كل شىء، فى الجسد والدم، ليس من طبيعته كما يقول الهراطقة، ولكن من طبيعتنا طبقا للقول "أخذ نسل ابراهيم"([280])
وله أيضا
"نحن نؤكد أن جسد الكلمة كان جسده، وليس جسد انسان آخر منفصل ومتميز ومختلف عن المسيح الابن. وكما أن جسد كل واحد منا يُقال أنه جسده. هكذا أيضا نؤمن بالنسبة للمسيح الواحد. وعلى الرغم من أنه أخذ الجسد من جنسنا وطبيعتنا، لأنه وُلِد من العذراء إلا أنه يجب أن يكون جسده. ولما كان الله الكلمة هو الحياة فى طبيعته، فقد صرَّح أن جسده معطِى الحياة. ولذلك صار بركة لنا معطيا حياة للجميع. فإذا كان ذلك ليس كذلك، فكيف إذن يكون مثلنا، وهو مازال كما كان قبلا الله الكلمة. ومع ذلك اتحاد الاقنوم بجسده لم ينفصل ولم يجرده من جسده. ولهذا أنا أعبد بالصواب، ابنا واحدا، الذى هو من نفس الطبيعة حقا مع الآب فى اللاهوت، ولكن من نفس الطبيعة معنا فى الناسوت. وأما بالنسبة لأولئك الذين يبتهجون بهذه الحقائق فإن المسيح سينير معرفتهم أيضا عن نفسه بسرائره".
وله أيضا
"من الصواب لنا، حقا، أن نقول ونؤمن أن الله الكلمة مازال بنفس الطبيعة مع الله الآب. أُرسِل وتأنس من نفس الطبيعة معنا، هو هو ولم يتغير بتأنسه. لقد أُرسِل ليبشر المأسورين بالخلاص وليُبصر العُمى"([281])
ومنه أيضا، من رسالته إلى سكينسوس
"انهم يقولون إذا كان المسيح إله تام، وانسان تام، وأنه من نفس الطبيعة مع الآب فى اللاهوت، ومن طبيعتنا فى الناسوت فكيف يكون كاملا إذا كانت طبيعته البشرية لا تُرَى؟. وكيف يكون من طبيعتنا إذا كانت هذه الطبيعة ذاتها الفعلية والتى مثلنا لا تُرى؟. إن الاجابة التى قدمناها فى البداية لكافية. لأنه عندما نتكلم عن طبيعة واحدة للكلمة، إن امتنعنا عن القول "متجسدة" رافضين التدبير سيكون كلامهم مقبولا عندما يسألون كيف يكون كاملا فى الناسوت وفى الطبيعة؟. ولكن لما كان ربنا يشهد، فى الحقيقة، أنه هو كامل بالناسوت وبالطبيعة بقوله أنه أتى فى الجسد، إذا فليكفوا عن هذه الاعتراضات ولا يتكأوا على قصبة مكسورة.
وله أيضا
"فى الحقيقة، بجبروت لاهوته، أمسك بيد ابنة يايروس قائلا يا صبية قومى. إنه لم يُعطِ أمرا لفظيا مجردا، بل تمَّ العمل حسب ارادته. ولكن يجب أن نؤمن أن جسده المقدس، كان من نفس طبيعة أجسادنا بينما كان أيضا ممجدًا، ومتألها، ويفوق ادراكنا. وبكونه جسده، عمل به([282]). ولهذا السبب أيضا دعا جسده "خبز الحياة"([283]).
وهكذا، هؤلاء الآباء والقديسون أمثالهم قد حرموا بالإجماع كل رجل لا يطيع هذه العقيدة.
لقد كتبتُ إلى الكهنة بالاسكندرية، والرهبان، والأخوات العذارى للمسيح، وللشعب المؤمن، وأرسلتُ خطابا إليكم أيها الأصدقاء الأعزاء، لكى تعرفوا ما قد كتبته. أنا تيموثاوس أرسل التحية بخط يدى. كل مَن لا يؤمن بعقيدة الآباء القديسين طبقا لتقليد ربنا يسوع المسيح ليكن ملعونا. لأنه من الصواب لكل واحد منا أن يثبت فى الايمان وأن يحيا فيه أو أن يموت من أجله ويحيا إلى الأبد.
إن أخى أناتوليوس الكاهن، وثيوفيلس وكيروس وكرستودورس وجناديوس الشمامسة وأعضاء الاخوية الذين معى يرسلون لكم تحياتهم.
لقد دونا هنا، الخطاب السابق مع الاقتباسات الملحقة به، لكى بقرائته والتمعن فيه يجد محبو العقيدة دحضا وافيا لفكر نستوريوس الذى يذهب إلى وجود طبيعتين فى المسيح بعد الاتحاد، وأيضا لتعليم يوتيخوس الذى لم يعترف بأن الله الكلمة صار انسانا تاما، وبقى (الله الكلمة) بدون تغيير. اقنوم واحد متجسد.
والى جانب هذا الخطاب أرفقنا شرحا آخر للطريقة السليمة لقبول أولئك الذين يتوبون عن الهرطقة.
(خطاب تيموثاوس الذى كتبه إلى الاسكندريين، والذى يقطع فيه اشعياء وثيوفيلس من شركة المؤمنين).
"من تيموثاوس إلى محبى الله الاساقفة والكهنة والشمامسة والارشيمندرات والشعب المؤمن بالرب، تحياتى.
لما كان اشعياء وثيوفيلس هراطقة سرا منذ زمن طويل، وقد أرسلتُ إليهما خطابا أنصحهما واحثهما على الاتفاق مع العقيدة المقدسة للآباء، ولكنهما لم يُطيعا خطابى الذى ارسلته لهما بالقنسطنطينية، والذى يشتمل على براهين من الكتاب المقدس، ومن ملافنة الكنيسة أن ربنا يسوع المسيح كان من نفس الطبيعة مثلنا بالجسد. وأكثر من ذلك أظهرا عدم تقدير لآلامى فى النفى من مكان إلى مكان، بل سلكا بغدر نحو حاملى خطابى، وأعلما أيضا الحكام ضدهم، وهيجَّا الآخرين قائلين "إنه مزوَّر" رغم أنهما يعرفان توقيعى الذى كان على الخطاب. وانتظرت وقتا مناسبا لهما، على الرغم من أننى اعرف تخطيطهما ولم يردَّا علىَّ لا بكلام فم ولا بكتابة. وبعد التفكير وجدتُ من الصواب أن أرسل لهما خطابا آخر، وهكذا كتبتُ إليهما احثهما على الاعتراف بالايمان السليم، وفى نصحى لهما ذكَّرتهما بأن الله لا يدين ولا يُرذل مَن يتوب. وأوردتُ لهما نماذجا لقديسين قد أخطأوا وأنكروا الرب ولكنهم تابوا بعد ذلك، وقبل الله توبتهم وحسبهم أهلا لكرامتهم الأولى مثل حالتىّ داوود وبطرس. وكتبتُ لهما أنهما بالمثل إن تابا واعترفا بأن جسد المسيح هو من نفس الطبيعة مثلنا، فإننى سأستمر فى معاملتى لهما بتقديرى القديم ومحبتى لهما، وسأحفظ لهما كرامة رتبتهما. ولكنهما لم يُظهرا أى ود لى بل عاملانى بإحتقار. وبعد ذلك صبرتُ عليهما اربع سنوات أكثر بدون ذكرهما بالإسم. ومازالا مصرين على عصيانهما، ولم يُظهرا أية علامة على التوبة، ولم يقبلا العقيدة لا من الآباء ولا منى. وارتبطا مع بعض الهراطقة الذين أنكروا صراحة أن ربنا أخذ جسدا بشريا، وأنه صار انسانا كاملا من أجلنا. وتسللا إلى البيوت وسعيا بشراهة وراء المكسب الذى اتخذاه إلهًا لهما وهما متغربان فى المدينة الملكية. وكتبتُ إليهما أن يرحلا من هناك، ولكنهما لم يفعلا. وإذ استمرا يضلان البسطاء، وينشران الاشاعات ضدى بقصد الحاق الضرر الكبير بى، فقد صرتُ حزينا ومضغوطا بشدة من أجلهما. لذلك، اضطررتُ أن أحرمهما بالإسم لئلا يسببان عثرة وضلالة لكثيرين. وأصدرتُ حكما على اشعياء وثيوفيلس اللذين يقولان أن جسد الرب هو من طبيعته الإلهية وليس من طبيعتنا، واللذين ينكران ناسوته الحقيقى. وبذلك قد قطعا نفسيهما عن الشركة مع الآباء القديسين ومعى. ومن الآن فصاعدا لا يشترك معهما أحد. لأن يوحنا الانجيلى يأمرنا قائلا يا إخوتى، لا تصدقوا كل روح ولكن امتحنوا الأرواح هل هى من الله، لأن أنبياء كذبة كثرين ظهروا فى هذا العالم. وبهذا تعرفون أن الروح من الله، كل روح يعترف أن المسيح جاء بالجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بالمسيح فهو ليس من الله. وهذا هو روح زائف"([284]). وايضا "ان جاءكم أحد وكرز بخلاف ما قد بشرناكم به فلا تقبلوه ولا تسلموا عليه ولا تشتركوا معه فى أفعاله"([285]). ولأن الرسول يقول "كل من يبشركم بانجيل مختلف عما بشرناكم به فليكن ملعونا"([286]). أنا برىء من دمهما ومن دم كل مَن يشترك معهما لأننى لم أكف عن أن أظهر لهما طبقا لإرادة الله ما هو خير لهما. لأن بولس يحضنا أكثر من ذلك قائلا "بعد أن تنذر المبتدع مرة واثنتين، ويرفض نصيحتك، تجنبه لئلا باستمراره فى الخطية يفسد ويُذنب"([287]). ولكن المبارك ديوسقورس قد كتب أحكاما تتفق مع هذه التى لآبائنا القديسين، وعلى نفس المنوال، وفى خطابه إلى سيكوندينوس....".
ويستطرد الخطاب فيقول:
"والآن، اتوسل اليكم يا اخوتى بإسم الرب يسوع المسيح، وبمحبة الروح، بشأن اولئك الذين يتوبون ويعودون من هرطقة الديوفيزيت([288]) Diphysites كما كتبتُ فى خطاب فى السنة الماضية أنكم أيها الاساقفة والاكليروس وكل المؤمنين الآخرين الخاضعين لكم أن تساعدوهم وتمدوا لهم اليد فى الرب. وعندما يهتدى أى واحد دعه سنة للتوبة، وبعد ذلك أعِده إلى رتبته الأولى، ورُد له كرامته. واذا لم يكن هناك اسقف مؤمن فليقم الاكليروس أو اساقفة مؤمنون من أى مكان يتصادف وجودهم فى البلد بمحبة الله بالمطلوب حتى ولو كان التائبون ليسوا خاضعين لاختصاصهم.
نفس هذا الترتيب والنظام راعاه كيرلس وديوسقورس وهو سنة توبة واحدة للاساقفة والكهنة والشمامسة، وبعد ذلك يثبتون فى رتبتهم الأولى. صلوا من أجلى لكى ما يعيننى الله فى هذا الجهاد. الرب معكم. آمين".
هذه هى الخطابات التى كتبها ناصحا اياهم كيف يقبلون المهتدين من حزب بروتيريوس.
وصار مكرَّما للغاية حتى من قِبل شعب الهند لدرجة أنه عندما توفى اسقفهم، وكان من نفس الايمان معه، ارسلوا التماسا اليه أن يُعيّن لهم اسقفا.
وفى الحقيقة، لم يكف الاسكندريون عن ارسال الالتماسات والتوسلات إلى الملك من أجله، مرة تلو الأخرى، ويُثيرون شغبا عاما من أجله، وبمجرد أن سمعوا عن موت ليو، واعتلاء باسيليسكوس، ارسلوا وفدا من رهبان مختارين، وبولس الفيلسوف sophist، ويعقوب وثيوبومبوس.
أما عن رؤساء الكهنة الذين شغلوا الوظيفة من مجمع خلقيدون حتى زمن باسيليسكوس، والخطابات الدورية التى كتبها هو وماركوس إلى عهد زينو الذى صار امبراطورا. فهم كالآتى:
فى روما: ليو([289]) وخليفته هيلارى.
فى الاسكندرية: بروتيريوس الذى قُتِل. وخليفته([290]) تيموثاوس الكبير([291]) الذى نُفِى إلى أن عاد. فعينوا تيموثاوس سالوفاكيولس([292]).
فى القنسطنطينية : اناتوليوس وخليفته جناديوس الذى خلفه اكاكيوس.
وفى افسس: يوحنا الذى شغل مكان باسيانوس، وبولس الذى نُفى وعاد بواسطة "الدوريات" لكنه نُفِى ثانية.
وفى انطاكيا: دومنوس وخليفته مكسيموس. ثم مارتيريوس الذى طُرِد، وبعده جوليان، الذى خلفه استيفان، ثم استيفان آخر الذى طُرِد، ثم بطرس الذى عاد من النفى مرتين أو ثلاث.
فى أورشليم: جوفيناليس وانستاسيوس خليفته.
ومات الملك ليو الامبراطور، وتولى بعده باسيلسكوس وماركوس وزينو، الذى اعتكف بعد قليل فى حصن سالمون Salmon، لكنه عاد بعد ذلك وصار امبراطورا وطرد باسيلسكوس ومرقس.
الـكـتـاب الـخـامـس
يتحدث الكتاب الخامس( بفصوله الاثنى عشر المدونة اسفل بوضوح) عن باسيليسكوس وماركوس الشهير وعن الكتاب الدورى الذى كتباه إلى الاساقفة الذين فى نطاقهما والذى حرما فيه أيضا مجمع خلقيدون والطوم. لأنه بعد سنوات النفى الثمانية عشر فى غنغرا وكيرسون. عاد تيموثاوس الكبير ووصل إلى القنسطنطينية. وعندئذ اقنع هو- وبولس الفيلسوف ويعقوب وثيوبمبوس رهبانه المختارون- باسيليسكوس على كتابة دورية. ويخبرنا أيضا بشأن الالتماس المرسَل من اساقفة اسيا الذين التقوا فى افسس ووقعوا على الدورية. وعلاوة على ذلك يُخبرنا عن تآمر بعض الرهبان الاوطاخيين الذين كانوا يقيمون آنذاك فى القنسطنطينية، مع زينيا([293]) Zenaia زوجة الملك، ضد تيموثاوس لنفيه ثانية، ومن ثم رحل إلى افسس. وهناك، بواسطة مجمع عقده، أعاد تثبيت بولس وأعطاه حقوق البطريركية التى نزعها منه مجمع خلقيدون، وأعطاها للمدينة الملكية بواسطة المجاملة وخديعة يوحنا الذى اقاموه اسقفا بدلا من باسيانوس. لأن الأخير خُلِع ورُحِّل ونُفِى. واستُقِبل تيموثاوس بكل تقدير. وبدون أية ضغينة، قبِل شركة الذين تابوا من حزب بروتيريوس، ومن حزب سالوفاكيولس الذى طُرِد قبله بأمر الملك.
ولكن هذا الكتاب يروى أيضا اعمال اكاكيوس فى القنسطنطينية، وكيف أثار شغبا وعصيانا ضد باسليسكوس، واستولى على ممتلكات الكنائس واجبر باسيليسكوس على كتابة منشور مضاد يُنكر فيه منشوره السابق. ووقع الاساقفة ثانية على هذا المنشور المضاد([294])، ما عدا امفيلوكيوس الذى من صيدا، وابيفانيوس من مجدلون. ثم عاد زينو وصار امبراطورا، وطرد باسيليسكوس وألغى كل قانون وسُنَّة اصدرها.
وعندما كان يريد خلع تيموثاوس، توفى الثانى محافظا على كرسيه إلى النهاية، واختفى بطرس([295]) خليفته من تهديدات زينو.
وعاد سالوفاكيوس ثانية واستولى على ممتلكات الكنيسة وفتش عن بطرس.
كذلك يحدثنا هذا الكتاب بالأكثر عن يوحنا الأرشيمندريت الذى أُرسِل إلى زينو بإلتماس من حزب سالوفاكيولس يلتمس امرا، أنه بعد وفاة سالوفاكيولس يكون واحدا منهم اسقفا على الاسكندرية. وكان يوحنا هذا يطمع فى الكرسى لنفسه. فاستمع زينو إليه، ولكى ما يختبره، طلب منه أن يُقسِم فى حضور السينات، وكذلك فى حضور أكاكيوس الاسقف ألا يأخذ الايبارشية. وعاد يوحنا إلى الأسكندرية حاملا أمرا من الملك بأن يخلف تيموثاوس سالوفاكيولس أىٌ من حزبه يختاره المواطنون وبرغبون فى تعيينه. وحدث أن توفى سالوفاكيولس فى نحو هذا الوقت، فحنث يوحنا عندئذ بقسمه واستخدم الرشوة ليحصل على الاسقفية لنفسه. ولكن عندما سمع زينو ذلك بواسطة تقارير المؤمنين البارزين من الرهبان هناك الذين صعدوا إليه واعلموه بكل الأحداث التى جرت فى الاسكندرية منذ زمن المجمع، تأثر جدا وغيَّر رأيه وكتب خطابا يُدعى "الهينوتيكون"([296])، واصدر تعليماته أن يعود بطرس إلى مكانه بشرط قبوله للهينوتيكون، وأن يُعزل يوحنا الكاذب. وعندئذ توجه يوحنا إلى روما، وصرَّح أنه عانى من التجريد من أجل المجمع والطوم. وعندئذ كتب زينو إلى البطريرك هناك وفضح يوحنا. وعاد أيضا بطرس الانطاكى وعقد مجمعا وقبل الهينوتيكون. وبالمثل اكاكيوس فى القنسطنطينية، ومارتيروس فى اورشليم خليفة انستاسيوس. وجميعهم فيما عدا اسقف روما، كتبوا رسائل مجمعية وقبلوا بطرس الأسكندري فى شركتهم. ولكن رهبانا غيورين انفصلوا عن بطرس وصاروا "منفصلين" لأنه وقع على الهينوتيكون دون أن يرِد فيه حرم للمجمع. فطردهم بطرس من أديرتهم. ومن ثم صعدوا إلى زينو واقنعوه أن يرسل معهم قزماس من الحرس الامبراطورى الخاص spatharius([297]) ليستعلم عن أمرهم. وفى وقت آخر ارسل ارسينيوس الوالى وطال الجدل المثار.
هذه فى الحقيقة، الأمور التى كُتبت بوضوح فى الفصول الاثنى عشر لهذا الكتاب الخامس الذى (يمكن القول) قد تُرجِم من نفس تاريخ زكريا باليونانية، وكُتِبت هنا باللغة السريانية للدراسة والعِلم من قِبل المجتهدين، لكى ما يعلموا الأحداث التى جرت فى الأزمنة السابقة.
الكتاب الخامس: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الخامس يخبرنا عن كيفية عودة تيموثاوس من منفاه بعد موت ليو. وأنه هو الذى حث باسيليسكوس على كتابة رسالة دورية.
عندما أكمل تيموثاوس ثمانية عشر سنة فى منفاه، ومات ليو الامبراطور، واستلم زينو خليفته المملكة، ارسل شعب الأسكندرية، وهو يراقب هذه الأزمة فى الشؤون الامبراطورية، التماسا بواسطة بعض المختارين (وما يمكن القول) الرهبان المشهورين النبلاء ومن بينهم آمون الملقب بالثور البرى، وبولس الذى كان فيلسوفا([298]). وثيوريان، ويعقوب صانع العجائب، وثيوبومبس أخو مدير الخدمات([299]). ومع ذلك ونتيجة للعصيان الذى أثير ضد زينو من قِبل باسيليسكوس أخو فيرينا Verinaزوجة ليو، والذى عيَّنه ليو مع زينو فى ادارة الجيش، اعتكف زينو فى حصن يُدعى سالمون، وتقلد باسيلسكوس التاج. وعَّين ثيوكتستوس طبيبه الأسكندري، اخو ثيوبمبوس الراهب، مديرا للتشريفات([300]).
والآن، عندما دخل هؤلاء الرهبان إلى الحِضرة الملكية، ذُهِل الملك والبلاط إعجابا بهم. ولكن ثيوكتستوس مدير التشريفات، وأكاكيوس الأسقف قدَّما لهم المساعدة.
وهكذا أصدر باسيليسكوس أمرا بعودة تيموثاوس من منفاه. وفى البداية كان أكاكيوس يُعَّد له استراحة فى الكنيسة التى تُدعى ايرينى، وخصص بعضا من الاكليروس الخاص به لخدمته وراحته. ولكن فيما بعد إذ ظن أنهم يخططون([301]) لجعل ثيوبمبوس اسقفا على المدينة الملكية بدلا منه، اغتم اكاكيوس وحنق وسعى لإيقاف عودة تيموثاوس، ولكنه لم ينجح. لأنه عاد ورُحِّب به للغاية من قِبل البحارة الاسكندريين والشعب الذى تصادف وجوده آنذاك بالقنسطنطينية، وتوجه ليقيم فى قصر الملك. وحضر إليه عدد غفير ليتباركوا منه، ويتقدسوا به، ولينالوا الشفاء منه. وصار تيموثاوس أليفا لكل من باسيليسكوس وزوجته، ومَن تصادف وجوده هناك معه. ومن جانبه اقنع الملك أن يكتب منشورا يحرم فيه الطوم والإضافة التى وضعها مجمع خلقيدون. وكان بولس الراهب الذى كان بليغا وفيلسوفا([302])هو الذى حرره، والذى فى مناقشة مع أكاكيوس البطريرك كان قادرا على إظهار أن هرطقات نستوريوس ويوتيخوس ما هى إلا واحدة ونفس الشىء على الرغم من أنهما يبدوان على نحو عام أنهما متضادان كل منهما للأخرى. ففى الحقيقة الواحدة تعترض معلنة أنه حط لله أن يُولد من إمرأة، وأن يكون مثلنا فى كل شىء عندما يشاركنا اللحم والدم، بينما هو شريك([303]) بهوية الاسم وبالسلطان والسكنى والفعل. والأخرى، من أجل تمجيد الله وتحريره من الحط والاشتراك مع الجسد البشرى تنشر، فى الحقيقة، تعليما أنه تجسد من جوهره الخاص وأنه لبس جسدا سمائيا. وأنه كما أنه لا يبقى أى أثر للطبع بختم ذهبى على الشمع، أو على الطين، هكذا لا يلتصق بالمسيح أى خاصية بشرية أيا كانت. وعندما تحدث على هذا النحو اندهش اكاكيوس من صلابة منطقه ورضخ ووافق. وذهب إلى تيموثاوس وتناقش معه، على نحو ودى عن حقوق كرسيه. ومع ذلك عندما طلب منه تيموثاوس التوقيع على المنشور تردد.
الكتاب الخامس : الفصل الثانى
الفصل الثانى يعرض منشور([304]) باسيليسكوس وماركوس الذى كان كما يلى:
"الملك باسيليسكوس المؤمن، الظافر، الحاكم الفاضل، أوغسطس، مع ماركوس القيصر الشهير إلى تيموثاوس المبجل والمحب لله، رئيس اساقفة المدينة العظمى الاسكندرية. استنادا إلى سائر القوانين التى استنها بالعدل والصواب الملوك المؤمنون طيبوا الذكر الذين كانوا قبلنا، من أجل خلاص العالم والعناية الجيدة به، ودفاعا عن الايمان الحقيقى، كما علَّم به الرسل والآباء القديسون، فإن ارادتنا هى تعزيز كل هذه القوانين وعدم الغائها. وإنما بالأحرى، نتفق معها ونعتبرها سارية مثل قوانينا.
وإذ نحن راغبون بشغف لتكريم مخافة الله أكثر من أى أمر يخص الانسان، وذلك بالغيرة من أجل الرب يسوع المسيح الهنا، المدينين له بخلقتنا وعظمتنا ومجدنا وبالأكثر ونحن مقتنعون تماما بأن وحدة قطيعه هى خلاص لأنفسنا ولشعبنا، وهى الأساس الراسخ والأكيد، والملجأ الرفيع لمملكتنا فإننا الآن، مدفوعين بنبض الحكمة، [نريد] اتحاد ووحدة كنيسة المسيح فى سائر ارجاء مملكتنا، أى ايمان الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا المجتمعين بنيقية، والذى أُعِدَّ أولا من الروح القدس لضمان وخير الحياة البشرية. الايمان الذى نتمسك به مثل جميع الذين سبقونا والذى به نؤمن ونعتمد لكى ما يسرى على جميع الكنائس([305]) بقوانينها المختارة، الايمان الكامل والتام، بكل تقوى وصدق حقيقى. والذى يُرذل ويفضح جميع الهرطقات، ويطردها من الكنيسة. الايمان الذى وافق وصدَّق عليه المائة وخمسون اسقفا الذين اجتمعوا هنا لإدانة محاربى الروح القدس وثبته الرب القدوس، الايمان الذى تثبت أيضا بأعمال مجمعى افسس مع رؤساء كهنة روما والأسكندرية، سيليستوس وكيرلس وديوسقورس فى ادانته لنستوريوس الهرطوقى وكل الذين شايعوه فى نفس الآراء وخالفوا نظام الكنيسة من بعده، وعكروا سلام العالم، وشقوا الوحدة. ونقصد طوم ليو، ومراسيم خلقيدون، سواء بالنسبة لتعريفات الايمان، أو العقيدة، أو الإضافة، أو أى شىء مبتدع آخر، قيل أو عُمِل ضدا للإيمان وتعريف الثلاثمائة وثمانية عشر.
ولذلك نأمر أنه أينما توجد مثل هذه العقيدة المكتوبة، سواء هنا أو فى أى مكان، تكون محرومة ولُتحرق بالنار. لأنه طبقا لهذا الأمر، أمر أسلافنا المباركون فى المملكة قنسطنطين العظيم، وثيودوسيوس بالمثل. وأيضا الثلاثة مجامع اللاحقة، أى المائة وخمسون اسقفا هنا([306]) والمائتين بأفسس، قد أقروا فقط مجمع نيقية. ووافق على التعريف الحقيقى الذى تم هناك. وأكثر من ذلك نحن نحرم كل مَن لا يعترف بأن ابن الله الوحيد الجنس قد تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، ولم يأخذ جسداَ من السماء على سبيل الخيال([307]) أو المشابهة. وأيضا نحرم كل تعليم زائف لسائر تلك الهرطقات التى هى ضد ايمان الآباء الحقيقى".
وهكذا بالنسبة لباقى المنشور. وقد وقع على هذا المستند ووافق عليه تيموثاوس، وبطرس الأنطاكى، وبولس الأفسسى، اللذان كانا قد أُعيدا من منفاهما، وأنستاسيوس الاورشليمى والذين تحت اشرافه، واساقفة اسيا والشرق، لدرجة أن عدد الاساقفة الذين وقعَّوا على هذا المنشور بلغ نحو سبعمائة، أكثر أو اقل. وقد حرموا طوم ليو، والمجمع، وارسلوا التماسا إلى باسيليسكوس ومرقس على النحو التالى:
الكتاب الخامس: الفصل الثالث
يعطى الفصل الثالث معلومات عن الالتماس الذى قدمه اساقفة اسيا، الذين كانوا مجتمعين فى افسس ووقعوا على المنشور، إلى باسيليسكوس ومرقس.
"إلى المؤمن محب المسيح، الظافر، الملك باسيليسكوس وماركوس اوغسطس.
بولس وبرجاميوس وجناديوس وزينودوتيوس وزوتيكوس وجناديوس وثيوفيلس والاساقفة الآخرون المجتمعون بأفسس. انكما قد اظهرتما انفسكما فى كل شىء انكما مؤمنيَن ومحبى المسيح. لدرجة أنه عندما تعرَّض الايمان الحقيقى للاضطهاد من قِبل أناسٍ خبثاء، كنتما أنتما أيضا مضطهديَن معه. لأن هناك أناس عصاة ومحبين للمجد الباطل فاسدى العقل وأغبياء، بلا ايمان بإبن الله الذى اتضع من أجلنا وتجسد، وجعلنا مستحقين للتبنى كأبناء. فلتفرحا اذن ولتبتهجا وتتعظما وتتمجدا لأنكما صرتما أهلا للإضطهاد من أجل الإيمان. لأن دينونة النار الأبدية محفوظة لمثل هؤلاء البشر، التى تلتهم المضطهّدِين، وأيضا تهديدكما بعقابهم، لأنهم احتقرونا وقتلونا وكذَّبونا وأجبرونا بالعنف على التوقيع على عقيدتهم.
ولكن الآن، وقد أشرق علينا نور الإيمان الحقيقى، وانقشعت عنا ظلمة سحابة الضلال، فإننا نعلن لمعاليكم ولكل العالم بهذا الإعلان إيماننا الحقيقى. ونقول أننا بحرية وبرضا ارادتنا قد وقعنا على هذا المنشور، بمعونة معلمنا يوحنا الانجيلى. ونحن نوافق عليه وعلى كل ما فيها بدون ضغط أو خوف أو مجاملة لإنسان. وإذا ما تعرضنا لعنف من إنسان ما فى أى وقت فى المستقبل، فإننا مستعدون للإزدراء بالنيران والسيف والنفى ولنهب ممتلكاتنا، ولكل آلام جسدية، بكل رضا لكي ما نحافظ على الإيمان الحقيقى. لقد حرَمنا، ونحرم طوم ليو، ومراسيم خلقيدون التى كانت سببا لأراقة الدماء والبلبلة والشغب والمتاعب والإنقسامات والمنازعات فى كل العالم. لأننا مقتنعون بعقيدة وإيمان الرسل والآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، والمجمع الشهير المائة والخمسون فى المدينة الملكية، والمجمعيَن الآخرين بأفسس اللذين صدَّقا [عليه]. وننضم إليهم فى حرم نستوريوس وكل مَن لا يعترف بأن ابن الله الوحيد الجنس قد تجسد من الروح القدس، ومن العذراء مريم، وصار انسانا تاما، بينما ظل هو نفسه إله تام بلا تغيُّر. وأنه لم يتجسد من السماء كخيال أو مشابهة. ونحرم بالأكثر كل الهرطقات الأخرى".
ولكنهم دونوا بعض الأمور الأخرى. ومدحوا بصوت عالِ، وصادقوا عليها. وكتب أيضا اساقفة آخرون من مناطق متعددة اعلانا آخر كانت بدايته كما يلى:
"برضا قلوبنا نرجو من معاليكم أن تتفقوا مع الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا لأنكم غيورون على الإيمان الحق لكى ما ينمو ويُكرَز به فى سائر الأمم التى تحت سلطانكم."
الكتاب الخامس: الفصل الرابع
الفصل الرابع من هذا الكتاب الخامس عينه، يروى الأحداث التى حدثت فى القنسطنطينية وافسس عقب اعلان المنشور.
وعندما انتشرت اخبار منشور الملك على نطاق عام، جاءت مجموعة من الرهبان الذين يتمسكون بآراء شبيهة بتلك التى ليوتيخس، والذين تصادف وجودهم بالمدينة الملكية إلى تيموثاوس ظانين أنه من نفس طريقة تفكيرهم. وتجادلوا معه بشأن بنود المنشور، لأنها تحرم كل مَن يقول أن المسيح تجسد بالمشابهة. ولكن عندما قال لهم: اذن، ما هو رأيكم بخصوص التجسد؟. أوردوا له عندئذ مثَل الختم الذى بعد الطبع لا يترك من مادته أى أثر على الشمع أو الطين. وإذ اكتشف مفاهيمهم، نصحهم وعلّمهم أن الكتاب المقدس يعلّمنا أنه صار مِثلنا فى كل شىء، وأنه أخذ طبيعتنا بالكامل بدون حركات الخطية، وأنه على الرغم من أنه قد وُلِد بطريقة فوق طبيعية، بدون تزاوج، إلاَّ أنه رغم ذلك صار انسانا كاملا، إذ حُبِل به فى العذراء مريم ووُلِد منها بالروح القدس. وإذ تجسد ظل هو نفسه فى ألوهيته بلا تغيير.
ولما علم تيموثاوس من المحادثة مع أولئك الذين أتوا إليه كيف كان فكرهم، اصدر تقريرا مكتوبا يُعلن فيه أن المسيح مثلنا فى كل شىء يخص الناسوت. وعندئذ انفصل عنه رهبان ذلك المكان قائلين "ليس لنا شركة مع الاسكندريين". ولكن الآخرين وقد اكتشفوا أنه ليس له أية علاقة بالتعليم الأوطاخى التصقوا به".
وعندئذ أشار الأوطاخيون وتابعوهم على زينونا Zenona([308]) زوجة باسيليسكوس، استاذة تعليمهم بوجوب إعادة نفى تيموثاوس. ولما سمع ثيوكتستوس بما كان عتيدا أن يقع له، حثه على ترك المدينة، وأن يرحل إلى الأسكندرية بدون تعوق. فتركها ووصل فى رحلته إلى افسس. فعقد هناك مجمعا أعاد فيه تثبيت بولس الذى كان أسقفا سابقا هناك ولكنه نُفى، فى ذلك الوقت، لعدم قبوله مراسيم خلقيدون. واسترد تيموثاوس بصفة قانونية حقوق كرسيه التى كان مجمع خلقيدون قد سلبها منه ووهبها لكرسى المدينة الملكية من باب المجاملة.
ووصل تيموثاوس إلى الأسكندرية وأستُقبِل بترحاب عظيم بالمشاعل وقصائد المدح من قِبل أناس عديدين ولغات عديدة. وحتى من قِبل اعضاء من حزب بروتيريوس الذين شاهدوا العواطف التى اظهرها المواطنون نحوه. ولكن جماعة الكهنة والرهبان والأخوات فى المسيح وكل الشعب رنموا التسابيح قائلين "مبارك الآتى بإسم الرب"، واقتادوه إلى الكنيسة الكبرى إذ كان تيموثاوس سالوفاكيولس قد طُرِد بأمر الملك.
وإذ كان رجلا رقيقا سلاميا ولطيفا فى كلامه، ولم يكن هوائيا بأى حال من الأحوال، فقد طبق على أفراد الحزب البروتيرى شروط التوبة التى كان قد كتبها وحددها للتائبين وهو فى المنفى. وحتى برولاتيوس نفسه الذى كان قد جره وأخرجه من جرن المعمودية، نال هذه المعاملة الرقيقة والسلامية كالآخرين وهو باكٍ ولائما لنفسه على عصيانه السابق وسلوكه المشين. لأنه، هذه هى قاعدة الكنيسة التى اظهرها تيموثاوس بالحقيقة نحو الكثيرين، وهى المحبة الأخوية التى لا تطلب ما لنفسها، وليس من السهل أن تخزى.
ولكن بعض الأشخاص الذين كانوا يجهلون حقوق المحبة الأخوية قد فصلوا أنفسهم عنه بسبب لطفه وطيبته نحو التائبين، وأنه لم يطلب منهم شيئا آخر سوى حرم المجمع والطوم، وأن يعترفوا بالايمان الحقيقى، ولم يعزلهم حتى لوقت قصير عن التناول الذى هجروه. وكان على رأس هؤلاء ثيودريت([309]) اسقف يافا الذى كان قد سيم بيد ثيودوسيوس قبل ذلك بوقت ما، فقد امتلأ حسدا لأنه لم تُقبَل عودته إلى كرسيه ثانية. وها هو بطرس الايبيرى لم يعد إلى غزة، ولكنه لم يتفق على الاطلاق مع هذه العصبة بل كان ملتصقا بحرارة بتيموثاوس، وأثبت أن مسلكه يتفق مع ارادة الله. ولكن المنفصلين الذين انحازوا إلى جانب ثيودوتس قد سقطوا فى ضلال لدرجة أنهم كانوا يُعِيدون [سر] التثبيت لذلك دُعِيُوا النوفاتيون([310]).
ولكن محبة الشعب لتيموثاوس كانت تتزايد بدرحة كبيرة، لأنه بواسطة أمر الملك قد أحضر عظام ديوسقورس وأناطوليوس اخيه معه فى تابوت من الفضة، ودفنه بإكرام عظيم فى موضع الأساقفة وكرَّمه كمعترف. ولكن محبته كانت عميقة حتى أنه بكامل ارادته الحرة عيَّن أن يُعطَى من الكنيسة دينارا يوميا لنفقات تيموثاوس الذى خُلِع وصار منذ ذلك الوقت يعول نفسه بشُغل يديه، بنسج السلال وبيعها. وأعطى الرجال العظماء وحكام المدينة هبة، محددا لكل منهم ثلاثة قطع من البقسماط. وارسل إلى باسيليسكوس والنبلاء نفس الشىء فقط. وقد أتى اليه ذات مرة محصل ضرائب بخطاب ملكى، فأعطاه نفس الشىء فقال له "اريد هبة من الدنانير". فأجابه "إن واجب الكنيسة أن تنفقها على الأرامل والأيتام".
ولكن الشعب سمع أن الوالى prefect([311])هناك واسمه يوتيوس كان اوطاخيا فصاحوا فى الكنيسة "يا بابا اعلن حرم نستوريوس ويوتيخس" وفى الحال حرمهما بكلمة فمه فى حضور الوالى. وبهذا، تبرأ من أى شك فى الارتباط مع الوالى كأوطاخى.
هكذا كانت اعمال الأسكندرية
الكتاب الخامس: الفصل الخامس
هذا الفصل الخامس من الكتاب الخامس هذا، يتحدث عن استعدادات اكاكيوس القنسطنطيني. وعن "المنشور المضاد". وعن بطرس الانطاكى وبولس الافسسى اللذين نُفِيا ثانية عند عودة زينو الملك وخلع باسيليسكوس.
ولكن اكاكيوس القنسطنطيني عندما سمع عن استرداد بولس الافسسى لسلطة كرسيه الشرعية طبقا لدستورها السابق بواسطة تيموثاوس، وعودة بطرس إلى انطاكية واعدادهما لمجمع ينعقد ضده فى اورشليم بقصد خلعه وتعيين ثيوبمبس أخو مدير التشريفات بدلا منه هيج الرهبان وحرضهم، وانزل دانيال من فوق العامود([312])، واستولى على ممتلكات الكنيسة، وأثار فتنة ضد باسيليسكوس معلنا أنه هرطوقى([313]). واضطر باسيليسكوس عندئذ إلى تحرير منشور مضاد يلغى به منشوره السابق خاصة بعد أن بلغته اخبار عودة زينو بجيش كبير.
وعند عودة زينو خلع باسيليسكوس وأصدر قانونا يلغى به سائر القوانين التى سنها باسيليسكوس. وخلع أيضا بطرس الانطاكى وبولس الافسسى، واصدر تهديدات شديدة ضد تيموثاوس. ولكن الأخير كان قد توفى ورحل إلى جوار ربه، ودُفِن بإجلال عظيم، وأمَّ الجنازة بطرس الذى سيم قانونيا خلفا له بواسطة اساقفة القطر.
ولكن اساقفة اسيا قدَّموا طعنا لأكاكيوس انهم وجدوا خطأ فى المنشور ووقعوا على المنشور المضاد. وبالمثل قدَّم الاساقفة الشرقيون طعنا إلى كالانديون خليفة بطرس يحرمون فيه أيضا المنشور [السابق].
ولكن انستاسيوس الاورشليمى ثابر على كرامته، ومعه مقاطعات فلسطين الثلاثة، ولم يستسلم لهذا الحزب ولا تنكر للمنشور على الرغم من أنه اشترك بحرية مع الاساقفة الذين أتوا معا اليه.
وبالمثل رحل ابيفانيوس الذى من مجدوليم بمفيلية، مدفوعا بعزة نفسه، إلى الاسكندرية وتغرب فى الاديرة هناك وكُرِّم من تيموثاوس وبطرس خليفته.
ولكن الملك زينو استشاط غضبا بشدة عندما سمع عن بطرس، وارسل تهديدا عَلِم به بطرس مسبقا فإختفى فى المدينة منتقلا من مكان إلى مكان ومن بيت إلى بيت. وعاد تيموثاوس سالوفاكيولس الذى كان قد طُرِد قبلا بأمر الملك، واستولى على ممتلكات الكنيسة وانتشر الشغب والقتل عند دخوله هناك.
وكان ثيوكتستوس والى المدينة يفتش عن بطرس ليقبض عليه، فسُمِع صوتٌ يقول "سأخفيه وسأحميه لأنه عرف اسمى. سيدعوننى فأستجيب له، وفى يوم الضيق انقذه وأكرمه"([314]).
واجتهد تيموثاوس سالوفاكيولس بكل السبل والوسائل لاستمالة الشعب إلى جانبه. فبشر بإيمان نيقية والمائة وخمسين، واعترف ووافق على اعمال افسس([315])، وحرم نستوريوس، ودوَّن اسماء كيرلس وديوسقورس فى الديبتيخا وقرأهما. وفعل الكثير بالإضافة إلى ذلك، ومع ذلك كان غير قادرِ على جر الشعب اليه.
الكتاب الخامس: الفصل السادس
يخبرنا الفصل السادس من الكتاب الخامس عن مارتيريوس خليفة انستاسيوس الاورشليمى الذى كان هو أيضا يكرز للشعب بالايمان الحقيقى ويحرم نستوريوس وخلقيدون.
وكان مارتيريوس الاورشليمى أيضا، واحدا من الذين تبعوا انستاسيوس سلفه، وانفصل عن "المنشور المضاد"، واجتهد بشدة فى توحيد الشعب. وكسب مركيانوس الراهب الممتاز، فاستقبله هذا الرجل وحض الرهبان الآخرين على فعل ذلك بالمثل. ولكن الذين لم يقبلوه طردهم. ويقولون أنه بعد وفاته صلى أحد تلاميذه وكان كفيفا إلى الله "إذا كانت عقيدة سيدنا سليمة حقا، فلتبصر عيناى عندما اضعهما على جثمانه"، فأبصر عندئذ.
خطاب مارتيريوس العام
"المسيح سلامنا الذى جعلنا جميعا واحدا. ونقض الحائط الأوسط الفاصل. وأباد العدو بجسده. فهوذا الكنيسة قد استردت ثانية ابناءها الذين لم يكونوا، فى الحقيقة، بعيدين عنها برضائِهم. والآن، هم أظهروا لنا ذلك بأفعالهم. إنه الوقت الآن لنقول: المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام. لذلك من أجل خاطرهم قد لُمنَا نحن الأساقفة المحبين للمسيح هؤلاء الأرشيمندرات العفيفين، والاكليروس الممتازين لكى ما يُقنِعوا، فى حضوركم، باقى بقية إخوتنا، لكى لا يكون لنا تعريف آخر للإيمان سوى الذى عُمِّدنا به، لأنهم هكذا اعتمدوا وآمنوا كما نحن. ولهذا كل من يتمسك أو تمسك أو تعلّم أى تعليم مضاد لتعريف الإيمان هذا الذى حدد اطاره الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا المجتمعون بنيقية وصدَّق عليه المائة وخمسون اسقفا، المؤمنون والصادقون الذين اجتمعوا فى هذه المدينة الملكية، وأكدوه. وكما فعل أيضا مجمع افسس. (اقول) أن كل من يتمسك أو تمسك أو تعلم ما هو مضاد لهذا التعريف، سواء فى رامينى او سارديكا أو خلقيدون أو أى مكان آخر أيا كان، [فإنه] طبقا لكلام الرسول "إن بشركم أى انسان بغير ما بشرناكم به، فليكن ملعونا"".
وتكلم أيضا مارتيرويوس نفسه بهذا الكلام: "إن علَّم اى انسان أو أظهر جديدا أو فكَّر أو فسَّر، أو تبنَّى أى تعريف آخر أو ايمانا مضادًأ لهذه العقيدة الأرثوذكسية المبرهن عليها لإيمان الأساقفة القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر، والمائة وخمسين، والذين فى افسس فليكن غريبا عن الكنيسة المقدسة. وها أنا اناشدكم أمام الرب ومسيحه والروح القدس والملائكة المختارين ألا تسمحوا لأى انسان أن يُضِلُكم عن هذا الايمان، ولكن الاعتراف الموقع عليه بتوقيعاتكم هاهى مسجلة فوق فى السماء. وستُعطون حسابا عنها امام عرش الدينونة العادل والمخوف إن قبلتم أى شىء أكثر أو أقل من الإيمان الحق. أنا برىء من دمكم. واننى لم أكف عن الكلام إليكم.".
وبإستخدام لغة مثل هذه كان الاساقفة يعظون من انفصل عنهم.
ولكن فى الأسكندرية لم يرض ولا مؤمن واحد أن يشترك فى التناول مع تيموثاوس([316]) وتابعيه. وتشاور عندئذ بعض الرهبان والرجال المتعلمون الحكماء معا، وكتبوا التماسا إلى رؤساء المدن يلتمسون فيه أنه بعد وفاة تيموثاوس لا يقبلون أى فرد آخر من حزبه كأسقف، ولكن فقط مَن يتفق مع بطرس المؤمن المعيَّن شرعيا اسقفا، على الرغم من اختفائه حاليا.
وإذ سمع حزب تيموثاوس([317])، بذلك حرروا طلبا وارسلوه إلى الملك بواسطة يوحنا كاهن كنيسة الشهيد يوحنا المعمدان، وكان راهبا من الطبانيسيين([318]). والتمسوا من الملك أنه بعد وفاة تيموثاوس لا يُقام اسقفا إلا أحد افراد حزبه، وألا يقبل شعب الأسكندرية بطرس.
وعندما سُمِح ليوحنا هذا بالمثول فى حِضرة الملك، قال له الأخير بغرض اختباره "نحن نظن أنه يجب أن تكون أنت اسقفا هناك". لأن الملك كان قد علِم مسبقا أنه متحالف مع يوليوس الجنرال الذى كان بسبب رئاسته لجيش الملك كان يُعِّد لتمرد ضد الملك بالتحالف مع ليونتيوس ويوربيوس. وكشف يوحنا ذلك ليوليوس([319]). فقال للملك "لستُ مستحقا". فقال له فليفكر فى ذلك. وعندما سمع يوليوس ذلك قال له "اسأل شعورك، ولا تتردد فى كشفها للملك". عندئذ أقسم فى حضور أكاكيوس والسيناتورات أنه لن يكون أبدا اسقفا. فأصدر الملك أمرا، وأعطاه ليوحنا، بمقتضاه يكون أى أخٍ يختاره الاكليروس وشعب المدينة خليفة لتيموثاوس([320]).
ولكن عندما عاد إلى المدينة استلم خطابا من يوليوس إلى ثيوجنوستوس الوالى([321]) هناك، الذى كان احد المتآمرين مع يوليوس، ووعد أنه إذا صار اسقفا سيعطى([322]) الآنية الملكية التى خصصها الملك اركاديوس للهيكل وقدمها لثيوفيلس الذى كان اسقفا فى ذلك الوقت، وبنى كنيسة هناك ودعاها بإسمه.
الكتاب الخامس: الفصل السابع
الفصل السابع من هذا الكتاب الخامس، يتكلم عن يوحنا الذى كذب واستولى على الاسقفية عقب موت سالوفاكيولس، وعن كيروس الكاهن الذى تحالف معه. وأيضا عن عودة بطرس إلى كرسيه.
وبعد بضعة أيام توفى تيموثاوس، فحنث بوعوده التى اقسم عليها، وأعطى رشوة لثيوجنوستوس، وحصل على الأسقفية لنفسه.
ولكنه أمال إلى جانبه كيروس الكاهن، الذى كان فيما سبق مرتبطا بديوسقورس ولكنه هجره فيما بعد. فقد كان هذا الرجل طامعا فى الأولوية لذلك كان يلتصق تارة بأكاكيوس القنسطنطيني، وتارة أخرى بتيموثاوس الذى مات. وكان يسخر بتيموثاوس الكبير ويسب بطرس خلفه، لدرجة أن الاسكندريين اعتادوا أن يهزأوا به بسبب تعدياته، وذلك بأن يمسكوا بلحا غير ناضج أمامه فى الشارع العام ويتهمونه بسلوك شائن مع امرأة متزوجة. وكان المبارك ديوسقورس قد لعن هذا الرجل قائلا "وحق الله، كيروس سيموت علمانيا". وهذا ما حدث فى الواقع له كما هو مكتوب اسفل.
وعندما سمع الملك عن يوحنا، غضب بشدة لأن الأخير حنث بوعده الذى اقسم عليه، وحصل على الاسقفية لنفسه. وكان هناك فى القنسطنطينية بعض الرهبان المختارين الذين كانوا يتوسلون من أجل بطرس. فأظهروا له [أى للملك]، بمستندات مكتوبة فى حوزتهم، المشاعر الحزينة التى كانت تجتاح [شعب] الأسكندرية ومصر والمناطق المجاورة الأخرى، من وقت لآخر بسبب هذا المجمع.
واستجاب الملك لطلبهم وأصدر أمرا بخلع يوحنا الكاذب، ورد الكنيسة إلى بطرس شريطة أن يوقِّع على "الهينوتيكون" الذى كان زينو قد كتبه وأرسله إلى هناك، وإلى مصر وبنتابوليس، وأن يقبل ويشترك مع الأساقفة الذين يوقعون على "الهينوتيكون". وأكثر من ذلك اولئك البريتوريون([323]) الذين كانوا فى الأسكندرية اعترف كثيرون منهم بأنهم موافقون على تعاليم "الهينوتيكون" التى كتبها فى الحقيقة اكاكيوس الاسقف واُرسِلَت إلى الأسكندرية بعهدة برجاميوس الحاكم المعين حديثا محل ثيوجونوستس.
وعند وصوله إلى المدينة ادار برجاميوس الامور بفطنة. فعندما اكتشف أن يوحنا قد هرب خفية، فتش عن بطرس وأعلمه بأمر الملك، وأراه "الهينوتيكون" قائلا "عليك بعد أن تدرسه جيدا أن توافق عليه وتوقعه وتقبل أيضا الاساقفة الاخرين من البروتيريين بدون أى تردد متى وافقوا على ما سطره الملك هنا فى "الهينوتيكون".
وعندما تفحص بطرس محتويات هذا المستند وجد أن مواده قد صيغت بأمانة وبكل بر. ولكنه تردد نوعا ما، لأنه لم يكن هناك حرم واضح وصريح للمجمع والطوم. وخاف بالتالى أن يسبب ذلك عثرة للشعب. ومع ذلك، قرر قبوله، حيث أنه يصرح بتعريف الايمان الموضوع بواسطة الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، ويعترف بالحق الذى للمائة وخمسين اسقفا. ويوافق أيضا على الاثنى عشر رأسا لكيرلس. ويحرم نستوريوس ويوتيخس، وأيضا يعترف بأن جسد المسيح المستمد من العذراء هو من نفس طبيعة جسدنا". وبالتالى وقَّع عليه، ووعد أيضا أنه إن تاب الآخرون، من كل الرتب، وقبلوا كل مواد "الهينوتيكون"، وأقنعوا الشعب بهذا المضمون سيقبلهم فى شركة التناول معه.
وعندما اجتمع معا الحاكم والدوق والرؤساء والاكليروس والرهبان والأخوات والشعب المؤمن فى المكان الذى كان فيه. أجلسوه على مركبة، وأحضروه إلى الكنيسة الكبرى بأبهة وتسابيح كشخص حافظ غلى الايمان الحقيقى، وكانوا ينحنون أمامه. وحثه برجمايوس على قبول الاعضاء الآخرين من الحزب البروتيرى. ولكنه أعلن أولا للشعب معانى "الهينوتيكون"، وشرحها قائلا:
لقد كُتِبَت جيدا وبصدق، حيث أنها تقبل الرؤوس([324]) الاثنى عشر التى لكيرلس، وتحرم نستوريوس ويوتيخوس، وتعترف بجسد المسيح المأخوذ من العذراء بأنه من نفس طبيعة جسدنا. وأن الآلام التى تحملها بالجسد، والمعجزات التى أجراها يخصان نفس المسيح الإله. وأن هذا المستند أكثر من ذلك، يلغى ويدين تعاليم خلقيدون والطوم لأن ديوسقورس وتيموثاوس قد فكرا أيضا وشرحا [ذلك] بالمثل.".
وألقى خطابا أطول على الشعب على النحو التالى:
"إنه من الصواب لنا جميعا، رجالا ونساء، أن نقدم بأفواه مفتوحة، الشكر والصلاة والتضرع إلى ربنا والهنا، من أجل الملك الظافر زينو التى الذى كانت أعماله النبيلة وأخلاقه الحميدة تحث الفهماء فى كل مكان على هذا. لأنه عندما قدَّم آباؤنا الرهبان الأطهار إلتماسا إليه بشأن إصلاح الايمان، وأعلموه بالأحداث التى كانت تجرى هنا، والشغب الذى بسببه قاسى شعبنا من وقت لآخر، بكى عندئذ وتطلع إلى السماء وسأل الله أن يعينه، وأن يضع فى قلبه ما يأمر به مهما كان، بما يتفق مع إرادته الإلهية ويحقق رفاهية الناس ووحدة الشعب واجتهد فى أن يزيل العثرات التى فى سائر الكنائس بسبب الابتداعات الخشنة التى حدثت فى خلقيدون.
والآن، يا أبنائى الأحباء، لنا نور الايمان الحقيقى الذى لآبائنا القديسين مكتوبا فى هذه الوثيقة بعبارات ارثوذكسية. سنقرأها بصوت عال فى حضوركم وستسمعونها بآذانكم. لأنه بالإعتراف بالإيمان الحقيقى هنا، وبالقبول بالرؤوس الاثنى عشر التى لكيرلس المبارك، وحرم نستوريوس ويوتيخوس، وإعلان أن الله الكلمة الذى تجسد هو طبيعة واحدة فى الآلام والمعجزات إنما يرفض بكل هذا تعليم الطبيعتين. لأن تعليمهم وتعليم الطوم مختلف تماما عن تعايم هذه[الوثيقة]. وضدهم تماما آباؤنا القديسون ديوسقورس وتيموثاوس الشهود الحقيقيون المجاهدون بأمانة. ولكن صلوا من أجله كى يحفظه الرب فى الإيمان السليم وفى محبته. لأننا نثق برحمة المسيح إلهنا أنه عندما تُسمَع صلواتكم وتسابيحكم لن نخشى فى الحصول على أىٍ من هذه الطلبات الأخرى التى نسألها منه بالصواب. لكنه سيتلقى طلباتكم ويهبكم سؤلكم([325])".
"اسمعوا هذه الوثيقة المكرمة "الهينوتيكون" التى حررها بأمانة والتى ستُقرأ عليكم الآن".
الكتاب الخامس: الفصل الثامن
"الهينوتيكون" لـزينـو
"قيصر الامبراطور، زينو الملك الظافر، المنتصر، الجبار، المبجل دوما، اوغسطس، إلى الاساقفة والشعب فى الأسكندرية، ومصر، وليبيا، وأيضا بنتابوليس. حيث اننا نعرف أن اصل واستقرار وعدم انهزام امبراطوريتنا هو فقط الايمان الحقيقى والصحيح الذى أعلنه بوحى الهى الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا فى نيقية، وصدَّق عليه الآباء القديسون المائة وخمسون فى القنسطنطينية بالمثل. فإننا نتضرع ليلا ونهارا بصلوات مستمرة ومثابرة، وبسن الشرائع لكى ما تزيد فى كل مكان الكنيسة الرسولية الجامعة المقدسة، غير القابلة للفساد أو الزوال أو صولجان مملكتنا. وبهذا يرفع الشعب المؤمن وهو متمتع بسلام وتقوى ووفاق، إلى جانب الاساقفة القديسين والأتقياء والاكليروس خائفى الله، والارشيمندرات والرهبان صلوات مقبولة من اجل امبراطوريتنا. لأنه إذا كان الهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذى تجسد من مريم العذراء القديسة والثيوتوكس سيُسَّر ويكون مستعدا لقبول خدمتنا وتسبيحنا بالإجماع، فإن الأعداء سيفنون ويتلاشون. وسيحنى كل انسان رقبته لنيرنا الذى يلى ذاك الذى للمسيح. وسيعم حينئذ السلام والبركات التى تليه من اعتدال المناخ ووفرة الثمار وكل تلك الأشياء التى تخص خير الانسان حيث توهب له بسخاء. هذا الايمان غير المتدنس إذ هو هكذا حافظ لنفوسنا وللأمور الروحانية فقد قُدِّمت إلينا التماسات من أرشيمندرات محبين لله ونساك آخرين يلتمسون منا بدموع، وحدة الكنائس المقدسة وترابط المفاصل معا، التى جاهد كارهو الخير منذ زمن طويل مضى فى شقها وفصلها عن بعضها البعض، لأنهم عرفوا أنه إذا ما شن الواحد حربا مع كل جسد الكنيسة الصحيح والتام فإنه سيُهزَم.
فقد حدث أن أجيالا بلا عدد قد انتقلوا خلال سنوات الحياة الكثيرة هذه: بعضهم رحل وهو محروم من حميم الميلاد الثانى. وبعضهم بدون تناول السرائر الإلهية إذ انتقلوا بالرحلة التى لا مفر منها للبشرية. وبعضهم بادوا بغارات القتلة، وبإراقة الدماء التى لم تدنس الأرض فقط بل حتى الهواء ذاته. فمن ذا الذى لا يرجو أن تتغير مثل هذه الحالة إلى أفضل. اذن، من أجل هذا السبب، نتوق إلى ان تعرفوا أن كلانا، نحن والكنائس المقدسة للأرثوذكس فى كل مكان، والكهنة المحبين لله الذين يشرفون عليها، لا نتمسك، ولا قد تمسكنا، ولا نعرف أحدا الآن يتمسك بأى شعار أو عقيدة، او ختم ايمان او قانون ايمان غير الذى قد ذكرناه عاليه. الشعار المقدس الذى للآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، والذى أكده أيضا الآباء القديسون المائة وخمسون الذين اجتمعوا فى مجمع هنا. لأنه كما قد قلنا توا نحن واثقون أن هذا فقط يحفظ مملكتنا، وايضا كل الشعب المعتبر اهلا للمعمودية المحيية سيعتمد بقبوله البسيط لهذا القانون وحده. وأكثر من ذلك، جميع الآباء القديسون الذين اجتمعوا فى افسس وخلعوا نستوريوس الشرير وكل حلفائه فى العقيدة قد تبعوا ذات الإيمان.
ونحن نحرم نستوريوس ويوتيخوس بإعتبارهما قد تمسكا بعقائد مضادة لما قد اعلناه هنا. ونحن نقبل أيضا الرؤوس الاثنى عشر المسلَّمة لنا من طيب الذكر المحب لله كيرلس رئيس اساقفة كنيسة الأسكندرية الجامعة. ونحن نعترف أن ابن الله الوحيد الجنس هو نفسه الله ، ربنا يسوع المسيح الذى تأنس بالحقيقة. هو من نفس الطبيعة مع الآب فى الألوهية، وهو من نفس الطبيعة معنا فى الناسوت. هو الذى نزل واتخذ جسدا من الروح القدس ومن مريم العذراء والثيوتوكس. هو ابن واحد وليس اثنين. لأننا نؤكد أن المعجزات التى أجراها والآلام التى احتملها بإرادته بالجسد، تخص ابن الله الواحد وحده. وأكثر من ذلك، نُرذِل أولئك الذين يقسِّمون أو يخلطون أو يُدخِلون([326]) خيالا. لأن التجسد الحقيقى والذى بلا خطية من الثيوتوكس لم يسبب أية اضافة إلى الابن. لأن الثالوث ظل [كما هو] رغم تجسد الله الكلمة الذى هو أحد الثالوث.
إذن، فلتعرفوا أن كلا من الكنائس المقدسة الارثوذكسية فى كل مكان، والكهنة المحبين لله الذين يُشرفون عليها ومعالينا، لم نقبل ولا نقبل أى تعريف آخر للإيمان سوى العقيدة المقدسة التى أوضحناها عاليه فلتتحدوا معا بدون تشكك. لأننا كتبنا ذلك، لا لكى نضع أى ابتداع للايمان ولكن لكى ما نطمئنكم.
ونحن نحرم هنا كل الذين تمسكوا أو يتمسكون الآن، أو فى وقت ما، سواء فى خلقيدون، أو أى مجمع آخر أيا كان بإيمان مختلف. ولكن بصفة أساسية هؤلاء الذين ذكرناهم بالفعل نستوريوس ويوتيخوس وكل تابعيهم فى العقيدة. انضموا اذن إلى أمكم الروحية، الكنيسة، وابتهجوا بها معنا أيضا فى شركة إلهية طبقا لهذا التعريف الواحد للإيمان وحده الذى صانه الآباء القديسون، كما أوضحنا عاليه. لأن أمنا المقدسة، الكنيسة، تتوق إليكم، لكى تحتضنكم كآبناء أحباء، وكانت شغوفة لأن تسمع صوتكم الحلو لزمن معتبر. اسرعوا لذلك لأنكم بفعلكم هذا ستجلبون لأنفسكم مسرة الهنا ومخلصنا المسيح وتنعمون أيضا بإمتيازنا([327]).
الكتاب الخامس: الفصل التاسع
الفصل التاسع من الكتاب الخامس يتكلم عن المنفصلين
وإذ مضت الأمور هكذا، فإن بعضًا [من ذوى] النفوس الغيورة كانوا مغمومين لأن وثيقة الملك - "الهينوتيكون"- لم يكن بها أى حرم صريح للإضافة المفروضة فى خلقيدون. ولكنهم ظلوا مع ذلك، فى الشركة مع بطرس لأنه دافع عن نفسه ضدهم، وبصفة خاصة عندما قال " لن يخزينا الملك فى الاجابة لِما نطلبه منه".
وعندما رآى باقى البروتيريون كيف كانت الأمور، خرجوا إلى ضاحية المدينة التى تدعى كانوبس canopus، وظلوا يصيحون بكلام شرير. ومع ذلك كانوا قليلي العدد وضعفاء، وكان على رأسهم بعض القراء وكيروس الكاهن الذى سجلنا عنه عاليه أنه كان تابعا قبلا لديوسقورس لكنه هجره بعد ذلك. وإذ سمع برجاميوس pergamius بهذا الشقاق، استدعى كيروس للتباحث معه. فلما عاد إلى رفقائه فى كانوبس، توسل إليهم بحماس قائلا أنه من الصواب لنا أن ننضم فى الشركة مع الآخرين وأن نطيع وثيقة الملك. ولكن الكهنة الغيورين الذين كانوا مع بطرس، عندما سمعوا عن ذلك، اغتموا بشدة، ورفضوا الاشتراك مع كيروس. وعلى الرغم من أنهم قد قبلوا عددا كبيرا من رفقائه عندما وقَّعوا على "الهينوتيكون" وحرموا كل مَن فكَّر على نحو مختلف عما فيه، إلاَّ أنهم رفضوا كيروس نفسه حتى عندما وقّع، ولم يقبلوه. وقالوا لبرجاميوس إنَّ مجرد رؤيته كافية لأن تُذكِّر الشعب بأعماله، وسيكون حجر عثرة فى طريق الكثيرين. وهكذا ظل كيروس عِلمانيا([328]) إلى أن مات طبقا للعنة القديس ديوسقورس.
وكان الجميع مرتبطين معا فى الشركة([329]) مع بطرس([330]). وبطرس الايبيرى، واحتفلوا بشكل رائع، [هم] والراهب المقتدر اشعياء، وفلسطينيون آخرون، ورهبان مباركون من أديرة رومانوس وثيودور.
وأرسل بطرس اسقف الاسكندرية، بولس الملقب اركاديوس إلى الملك بشأن بعض الأمور لمسألة أو أخرى تتطلب تصحيحا.
ولكن يوحنا الذى كان اسقفا توجه إلى روما, وهناك اخبر سيمبليكوس البطريرك بما حل عليه، زاعما أنه مستمر فى الخطر من أجل الطوم والمجمع. وعندما سمع الملك بذك، كتب خطابا وارسله إلى سيمبليكوس هذا، بيد اورانيوس محصل الضرائب، يبين فيه كل الشرور والخداع الكاذب ليوحنا، وصرَّح أنه بأمره عُيِّن بطرس اسقفا هناك للأسكندرية بهدف جلب الناس للتناول.
ولكن كالانديون الانطاكى عندما سمع عن الشؤن الاسكندرية كان مغموما للغاية، وكتب خطابات إلى اكاكيوس وزينو الملك وسيمبليكوس الرومانى دعا فيها بطرس بالمعلم الزائف"([331]). ومدح الطوم والمجمع. ولكنه كان وثيق الصلة بنستوريوس لأنه دعا كيرلس فى خطابه بالغبى.
ومع ذلك، أخذ جانب يوليوس وليونتيوس ويوبريبيوس فى عصيانهم الذى أثاروه فى الشرق توا ضد زينو الملك، فطُرِد من مكانه. وبناء على أوامر الملك استرد بطرس الذى جاهد وكابد مرة واثنتين من أجل الايمان الحقيقى، لكرسيه. واستقبله شعب انطاكية بأبهة عظيمة وكرموه كسمعان بطرس. فعقد مجمعا عندئذ لمقاطعته، وشفى، وأغلق الشقاقات، وقوَّم الأمور. وحرر أيضا المجمع الذى عقده خطاب شركة، تبعا للعادة القانونية، وارسله إلى بطرس الاسكندرى. كان على النحو التالى:
الكتاب الخامس: الفصل العاشر
يتحدث الفصل العاشر من الكتاب الخامس عن الخطاب المجمعى المرسل من مجمع انطاكية فى ايام بطرس [الانطاكى] إلى بطرس الاسكندرى.
"إلى ابينا المحب لله، القديس، رئيس الاساقفة بطرس. من المجمع المنعقد الآن بأنطاكية.
مثلما كان يشوع بن نون قائد القوات، وهو يستثمر سرائر يسوع المسيح إلهنا، يُظهِر عناية واهتماما بحقوق وممتلكات اسباط رأوبين وجاد ومنسى، عندما عبروا الأردن وهم مسلحون، تبعا لأمر موسى، الذى خصص له القيادة، ليتعاونوا مع اخوتهم. ودخلوا ارض الموعد ليمتلكوها، واستمروا فى المساعدة فى الحرب إلى أن سبب الله لإخوتهم ولهم الاستقرار بسلام هناك. فنحن بالمثل نطلب من غبطتكم معروفا، أيها الاسقف، أن نأتى نحن أيضا اساقفة العربية وليبانتيوس وفينيقية وسوريا وسيكوندا والفرات وكيليكية، إلى انطاكية مسلحين إلى أن يمتلك اخوتنا الشرقيون ميراث كنائسهم من الله، ولكن كيف نتوق بشدة إلى السلام، بعد المشقات والصراعات التى حلت بنا، وكيف نُدعَى الآن إلى اللقاء بأنطاكية، بواسطة خطابات الملك المتسامحة، فإن ابنك الحبيب والشهير اورانيوس محصل الضرائب سيخبرك[عن هذا]. لأنه بإرادة الملك وأمره، قد أوصل لنا وأرانا الخطاب المرسَل منه لقداستكم والرهبان الأطهار والشعب المؤمن.
ولكننا وقد اجتمعنا معا، وقد تلقينا بحقوق المحبة الإلهية لأبينا المؤمن البطريرك بطرس الذى اظهر لنا شفقة ووداعة مع فطنة، كنا جميعا بفكر واحد معه فى كل الأمور وهو معنا. واجتمعنا فى شركة واحدة الواحد مع الآخر فى خدمة([332]) روحية. وقد كُرِّمنا أيضا من المواطنين الذين قابلوه ورحبوا به بفرح وسرور. وبخدمة التسبيح. وكرَّموه كسمعان كيفو الرسول قائدنا. وأكثر من ذلك سمعنا عن الاعمال فى المدينة الملكية، من اتباع رئيس الاساقفة القديس اكاكيوس الذين اجتمعوا معا بأمر الملك، وعن اتحادهم به وببعضهم البعض، وكيف كتب لبركتكم مُظهرا وشارحا رغبة الملك المؤمن، وأن محتويات مستنده الممتاز "الهينوتيكون" كانت متفقة تماما مع ايمان آباء نيقية القديسين والذى صدق عليه أيضا المائة وخمسون المجتمعون بالمدينة الملكية، والذى تأكد فى مجمع افسس فى أيام كليستينوس([333]) وكيرلس. والأخير له أيضا اثناعشر رأسا شرحت وحرمت كل تعليم نستوريوس الزائف ويوتيخوس والهرطقات الأخرى.
هذه الأمور جعلت فى الواقع المصريين فى اتفاق تام مع الشرقيين، أو بالأحرى يجب أن نقول مع كل مَن يسعى إلى السلام فى كل مكان ويُحب وحدة الايمان الحقيقى.
ونحن نؤمن وواثقون أن مثابرة صلوات قداستكم قد أدت إلى هذه النتيجة السعيدة للشعب المؤمن فى كل مكان بإرادة ربنا وأخينا يسوع المسيح الذى نتوسل إليه أن يحفظ لنا حياة عفتكم، ناميا فى كل فضيلة، ومبتهجا بالرب لما فعله هنا عند عودة أخيكم المكرَّم أبينا الطاهر، بواسطة مثابرة ابنكم اورانيوس الذى نوصى محبتكم التقوية عليه، ولكى تكتب وترسل الشكر للملك المؤمن. لأنه فى الحقيقة يخدمه بكل قدرته، بتنفيذ أوامره والسعى بحرارة لتحقيق وترقية وحدة كنائس المسيح، ولغرس السلام لأبنائه الأحباء"([334]).
الكتاب الخامس: الفصل الحادى عشر
يشتمل الفصل الحادى عشر على رسالة اكاكيوس القنسطنطيني إلى بطرس الأسكندري([335])
وإذ كف اكاكيوس فى الحقيقة عن فكره السابق الذى كان فى صالح المجمع، والتصق بموافقة ودية بمبادىء "الهينوتيكون" كتب أيضا رسالة إلى بطرس الاسكندرى على النحو التالى:
"إلى اخينا التقى، والخادم الشريك، محب الله بطرس. يرسل اكاكيوس التحية. ان اسم السلام ذاته مبهج حقا، ولكن أثره حلو جدا. لأنه عندما كمل بواسطة اتحاد ايمان الكنيسة أثمر نعمة أكثر وفرة فى الفطناء، وأعمالا أكثر فرحا لهم، وأظهر امورا عظيمة. ونحن الآن كنا ننعم بفرح كهذا فى مدينتنا عندما بلغتنا الأخبار الخاصة بالإيمان التى ازعجتنا، وأدت أكثر من ذلك إلى ضيق وغم بين الكثيرين من الرهبان الأطهار هنا ولدى الشعب وكهنتنا الممتازين. ومع ذلك فإن خطابكم المكرَّم الذى ارسلتموه إلينا وسُلَّم لنا وللرؤوساء المشهورين قد فضح زيف الاشاعات الخاصة بكم وبدد قتامة الغيمة وأوضح ضياء ونقاوة فضائلكم التقوية. إنه الوقت الآن، الذى نقول فيه "المجد لله فى الآعالى"، لأن إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح ربنا قد أنتج "السلام فى أرض" ايماننا، والمسرة بين الشعوب. ولذلك، ذلك المجد الذى اعلنه جمهور الملائكة من السماء فى نشيدهم الأول، فى آذان الرعاة على الأرض فى بيت لحم، ذلك المجد ذاته قد جعل الرعاة وقادة الغنم، شعبه، معا يدا بيد فى اتحادهم ووفاقهم ينسبونه فى تسابيحهم للرب الإله الذى هو الرأس والراعى الحقيقى للقطيع.
ولكن أيضا نجم المسيح المنتصر([336]) [الظاهر] من الشرق، هو الملك المؤمن الخائف لله. فكما أرشد النجم أولئك الذين كانوا للمسيح إلهنا قديما لكى ما يصلوا إلى المغارة ويقدمون هباتهم اكراما لعبادته، هكذا الآن اظهر([337]) وبعث ضياء الايمان الحقيقى إلى كل المغارة التى تحت سلطانه. ونقض أيضا الحائط المتوسط الذى يشق ويفصل ويزعزع اتحاد اعضاء الكنيسة المقدسة، وجعلهم بذلك ينمون إلى إنسان تام بقامة كاملة([338])، لكى يُظهِر الجسد بأقنوم ومثال figure واحد، وجعل الاثنين واحدا. ولقد فهمنا أيضا من خطاب قداستكم المحمود أنه هو أيضا مثل داود، فى التنبؤ والحكم، قد ذبح مرة جليات فى الحقل بالصليب وحده، وإذ ضرب الشر مرة كما بمقلاع، فقد غلبه ودمره بخطابه الصادق الذى كتبه، وبسيف الروح الحقيقى الذى استله قطع وازال تلك الهرطقات واحجار العثرة التى هى رؤوس الوحش ذاتها. وأيضا، بعد أن غلبه طرحه فى الظلمة الخارجية، وقيده وأسره فى أجزاء الأرض السفلية.
وبالتالى ابتهجت اورشليم العلوية أم الأبكار وأيضا بناتها الكنائس، وطربت ورنمت مسبحة الله بشدة، بصلوات من اجل انتظار الملك المسيح، قائلة "المجد لله فى الاعالى". لأننا أُعجبَنا أيضا بانتصار الله عندما علمنا من خطابكم أن "الهينوتيكون" الذى أُرسِل فى حضورنا إلى قداستكم بيد برجاميوس قد وصلكم وأنكم وافقتم عليه، وفرحنا بإيمانك. ونصلى أن يحفظ الله لنا حياة هذا الملك المؤمن الذى وحَّدنا بالحق. والآن، أنا والذين معى نرسل التحية إلى الرهبان الأطهار وإلى الشعب المؤمن ونكتب خطاب الرد هذا".
نهاية خطاب اكاكيوس القنسطنطيني.
الكتاب الخامس: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر يحدثنا عن خطاب مارتيريوس الاورشليمى إلى بطرس اسقف الأسكندرية.
"إنه الوقت الآن، لنقول مثل النبى([339]) "اسبحك ايها الرب الإله، وامجد اسمك لأنك صنعت عجائبً وارادتك حق منذ القدم. آمين يارب". لأن أفواهنا قد امتلأت فرحا ولساننا تسبيحا، لأننا رأينا بالفعل أن قلب الملك فى يد الله متمما الحق باستمرار، ووحد ثانية الأعضاء المنفصلين.
والآن، وقد استلمنا هذا الرد الودود، انضم شعبنا إلى النبى فى التهليل بصوت عال "ارفعوا عيونكم حولكم وانظروا ابناءكم مجمتمعين معا"([340]) تلك البركة التى نبتهج بها ونحن نحيى قداستكم فى الرب، ونرنم المزامير مع داوود النبى ونقول، ليزيدكم الرب أكثر وأكثر انت وأبنائك. مبارك أنت من الرب الذى صنع السماء والأرض"([341]). أنا والذين معى نرسل افضل ما عندنا فى الرب([342])، وأيضا [إلى] الكهنة الذين مع عفتكم، وإلى الشعب المؤمن والرهبان الأتقياء".
نهاية خطاب مارتيريوس الاورشليمى هذا.
الـكـتـاب الـسـادس
يحتوى الكتاب السادس المأخوذ من عمل زكريا على سبعة فصول
الأول، بخصوص المنفصلين عن الشركة مع بطرس [الاسكندرى] لأنه قبل "الهينوتيكون".
والثانى، يحدثنا عن قزماس الحارس الامبراطورى([343]) الذى أُرسِل من قِبل زينو والأحداث التى جرت فى الأسكندرية مع الرهبان المنشقين.
وفى الثالث، وصف لبطرس وأشعياء الراهب.
ويحدثنا الرابع عن ارسينيوس الحاكم الذى أُرسِل إلى الأسكندرية وكيف تصرف مع المنفصلين.
ثم يخبرنا الخامس، عن خطاب فرافيتا fravitta الذى كان اسقف القنسطنطينية إلى بطرس.
ويحتوى السادس على تسجيل خطاب بطرس إلى فرافيتا.
ويعطينات السابع معلومات عن رؤساء الكهنة الذين كانوا فى أيام زينو، وأيضا ما يخص نهاية حياة زينو.
الكتاب الأول: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب السادس، يتحدث عن أولئك الذين انفصلوا عن الشركة مع بطرس بسبب عدم ذكر حرم الطوم والمجمع بوضوح فى "هينوتيكون" الملك أو خطاب بطرس اليه.
أما الأمور التى ترتبت على "هينوتيكون" الملك فكانت كالآتى: وافق ثلاثة أو أربعة رؤساء كهنة هم اساقفة افسس واورشليم والاسكندرية وانطاكية معا، ومع الاساقفة التابعين لإختصاصهم، واتحدوا فى مضمون "هينوتيكون" الملك هذا، وقبلوه ووقعوا عليه. وانفصل عندئذ جوليان ويوحنا من كهنة الأسكندرية، وهيلاديوس وسيرابيون الشماسان، ورجال مكرمون ينتمون للكنيسة هناك. وثيودور اسقف انتينوى، ويوحنا ومصرى آخر، واندراوس ارشيمندريت عظيم، وبولس الفيلسوف، ورهبان مشهورون آخرون عن الشركة([344]) مع بطرس الأسكندري. وقد اتخذوا هذا الموقف لأنه لم يكن هناك حرم مسجَّل بوضوح ضد المجمع والطوم سواء فى "الهينوتيكون" أو فى خطابات رئيس الكهنة بطرس. وتزايد بالتدريج عدد هؤلاء المنفصلين، وحظوا بتأييد معتبر لهم فى الأديرة. وعندما سمع اكاكيوس بذلك كتب إليهم يحثهم على الوحدة.
ولكن بطرس فى حديثه العام، ودفاعاته الأخرى التى قدمها أمام الشعب، استمر فى نقد المجمع. وأخيرا سمع اكاكيوس بذلك أيضا، فأرسل كاهنه ليستعلم عن حرية وايمان بطرس, وهناك أثار استجوابا أمام قاضى المدينة بخصوص هذه المسألة وهى أن المجمع لم يُحرَم بوضوح من قِبل بطرس. ووصل ذلك إلى آذان الكثيرين، وصار حجر عثرة لهم. وقُدِّمت إليه طلبات كثيرة من الأرشيمندريت والاسقف المنفصليَن. وعُيّن بطرس الايبيرى اسقف غزة الذى كان متغربا هناك آنذاك، وايليا الراهب الملقب الفخرانى potter لفحص ودراسة هذه الأمور. وعندما فحصاها معهم ومع مجمع الرهبان، اختاروا اربعة من أحاديث بطرس بشأن الايمان، وقالا له "إذا كنتَ توافق على هذه فوقع عليها". وبناء عليه انضم كثيرون منهم إلى الشركة معه، لأنه حرم بذلك المجمع والطوم عندما ألقى هذه الأحاديث على مسمع الشعب. ومع ذلك ظل آخرون غير راغبين فى الشركة مع بطرس([345]). وإذ رأى الأخير هذا، حرَم دير الاسقف ثيودوريت، وطُرِد لذلك، الرجل الصالح الذى فتَّح عين كفيف عندما رشه بماء من جرن المعمودية، فثار هياج عظيم بين الرهبان. وارسلوا نيفاليوس الذى كان أحد هؤلاء الذين طُرِدوا من بطرس، وكان أيضا مُهيِّجا للشعب، إلى زينو الملك.
الكتاب السادس: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب السادس يتحدث عن نيفاليوس الذى صعد إلى الملك وقدم شكوى ضد بطرس. وعن ارسال قزماس إلى الأسكندرية، وما حدث عند دخوله.
فاستعد الراهب نيفاليوس بوسيلته كمهيج للشعب وصعد إلى الملك زينو حاملا معه خطابا من رفقائه المنفصلين، الذين يشهدون فيه ضد بطرس. وأُرسِل قزماس الحارس الملكى([346]) بخطاب يحتوى على تهديدات ضد بطرس، ويُعلِن فيه أن جلالته، كان متسامحا للغاية فى تعيينه اسقفا للأسكندرية بغرض توحيد الشعب معا وليس تقسيمهم إلى احزاب.
وعندما وصل قزماس فى صحبة نيفاليوس ومعه الخطاب، وسلَّمه إلى بطرس. اجتمع الرهبان عندئذ بكنيسة الشهيدة اوفيمية نحو ثلاثون الف راهب بالعدد، وعشرة اساقفة معهم. ولكن رسالة وصلت إليهم ألاَّ يدخلوا المدينة لئلا يُثار الشعب ويحدث شغبٌ. ومع ذلك أُختير كمندوبين ثيودوريت الاسقف ويوحنا وجوليان ويوحنا[الآخر] الكهنة، وبالاديوس وسيرابيون الشمامسة الشماسيَّن، واندراوس الكبير، وبولس الفيلسوف مع نحو مائتى ارشمندريت([347]). ودخلوا الكنيسة الكبرى لعقد مقابلة مع بطرس[البابا]. وألقى قزماس حديثا مسهبا، وكذا حاكم المدينة، وقُرِأ خطاب الملك بصوتٍ عالٍ. ثم ألقى بطرس لهم خطابا دفاعيا، حارِما على مسمعهم المجمع والطوم. وأكثر من ذلك كتب بخط يده ما يلى "أنا بطرس اسقف الأسكندرية أحرم الآن، وكما فعلتُ قبلا مرارا، كل ما قيل وورد فى مجمع خلقيدون ضد الايمان الحقيقى الذى لآبائنا القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، وأيضا طوم ليو. وأعترف أن هذا هو عملى وأن كل من لا يتفق معه سواء أكان اسقفا أو كاهنا او شماسا أو راهبا او علمانيا هو غريب. وأنه إذا كتبتُ أنا (أو أى شخص آخر) ما يتفق مع اعمال المجمع ومحتويات الطوم أكون بذلك مطرودا من الثالوث القدوس.
ومع ذلك، لم يرغب الرهبان فى قبول هذا الاعتراف وقالوا أن بطرس قد اشترك مع رؤساء كهنة لم ينطقوا بحرم ضد المجمع والطوم، كما فعل.
فأجاب بطرس "السبب فى اشتراكى معهم هو أنهم قبلوا "هينوتيكون" الملك الذى يلغى كل اضافات وأعمال كل مكان فيما عدا المجامع المقدسة الثلاث، وهى: نيقية وافسس والقنسطنطينية. وفى خطابى العام شرحتُ "الهينوتيكون"، وأريتكم كيف أنه يلغى مجمع خلقيدون، بقبوله الاثنى عشر رأسا لكيرلس المبارك، وبحرمه لنستوريوس ويوتيخوس وكل واحد آخر يأخذ بثنائية الطبيعة فى المسيح، ويعزو المعجزات لواحد والآلام لآخر. ويُقسِّم الأقانيم فى الخواص والأفعال".
ولكنه، بعد كل هذه المناقشة، اتفق قلة من الرهبان مع بطرس. وقدَّم الآخرون طعنا ضده لقزماس. واستولوا على اديرتهم وسكنوا فيها مجتمعين بمفردهم. وسعوا إلى تعيين اسقف بدلا من بطرس. ولكن ثيودور إذ كان رجلا منضبطا منعهم قائلا "إنها ليست معاملة مناسبة لرجل يؤمن بما نؤمن، ويحرم المجمع والطوم(حتى ولو كان قد اشترك مع أولئك الذين قبلوا "الهينوتيكون" ووقعوا عليه) لئلا نُلام على طرده ونُحَسب كأشخاص غير منتظمين". ولكنهم قالوا أن ثيودور قال هذا الكلام لأنه أحد الأساقفة الذين وضعوا أياديهم على بطرس. ومع ذلك، لما كان الشعب قد قبِل بطرس بلا نزاع عندما حرم المجمع، ثاروا بشدة ضد الرهبان. ولكن الرؤساء وبطرس منعوهم، حتى لا يكون هناك شغبٌ عام.
الكتاب السادس: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب السادس يروى، مرور قزماس بفلسطين بحثا عن بطرس الايبيرى واشعياء الراهب حسب امر الملك.
ولكن قزماس، وهو فى طريق عودته مر بفلسطين وفتش عن بطرس الشهير والراهب اشعياء المقتدر. ومع ذلك لم يستطع أن يجد بطرس لأن الأخير كان قد علِم مسبقا بقدومه فرحل قبله من هناك.
أما اشعياء فصلى إلى الله أن يمرض لئلا إذا صعد إلى المدينة الملكية، يكون مضطرا إلى تملق الأثرياء. وهكذا حلَّ عليه المرض.
وعندما وصل اليه قزماس وأعطاه خطاب الملك، آراه سقمه ومرضه قائلا "حيث اننى رجل مريض فإننى لا اقدر أن اتحمل السفر بحرا لئلا أموت فى الحال، ولا استطيع المثول بالتالى امام الملك، وستُلام أنت عندئذ من الملك ومن الله، لأنك حملت جثة حول العالم". ونجح بهذه الطريقة من الهرب. وبعد ذلك بقليل شُفِى وثابر على ممارساته الرهبانية وجهاداته كل أيام حياته. وقد كان هذا الرجل، حقا، رائيا و(كما نقول) صنوا بالإسم والفعل لأشعياء النبى.
الكتاب السادس: الفصل الرابع
الفصل الربع يروى كيف أُرسِل ارسينيوس كحاكم للأسكندرية من قِبل الملك عندما سمع عن أحوال الأسكندرية بشأن الرهبان المنفصلين، والأوامر التى اصدرها الحاكم.
وعندما عاد قزماس الحارس الامبراطورى إلى الملك وسلَّمه تقريرا مكتوبا عن الأمور التى تمت فى الأسكندرية وعن الرهبان المنفصلين، وعن قادتهم واساقفتهم، أرسل الملك عندئذ ارسينيوس حاكما إلى ا للأسكندرية، وأعطاه أيضا سلطة على الرومان([348]). وأمر بأن يُدعى مرة واثنتين ثيودور ويوحنا الاسقفان وجميع الآخرين، بواسطة بطرس اسقف الأسكندرية إلى الاتحاد طبقا لبنود الايمان المدون فى "الهينوتيكون". وأنه فى حالة رفضهم الانضمام معه يُطرَدون من أديرتهم.
وعند وصول ارسينيوس التصق به نيفاليوس مهيج الشعب ثانية. وعندئذ أحضر معا الأساقفة والكهنة والأرشيمندريت، وآراهم أمر الملك الذى قرأه بصوت عالٍ على مسامعهم. وكرر لهم بطرس أيضا بثبات شرحه وحرمه متوسلا فى نفس الوقت الانضمام إلى شركته. ومع ذلك لم يقبلوا ولم يرضوا بذلك. ولكن ثيودوريت الاسقف قال له "إن كتبتَ اقرارا تجحد فيه الاشتراك مع رؤساء الكهنة الآخرين، وتوقع عليه، فسنشترك معك عندئذ". ولكن بطرس رد بنفس الدفاع السابق، قائلا " إنه من المناسب لى الاشتراك مع هؤلاء الذين قبلوا "الهينوتيكون" الذى يُعلِّم الايمان الحق".
ومن ثم أجبر ارسينيوس هؤلاء الرجال على التوجه إلى الملك ليعرضوا عليه شخصيا طلباتهم ورغباتهم لكى يُنفذ أمره بالتمام. فذهبوا جميعا فيما عدا ثيودور الذى انسحب. وعندما مثلوا أمام الملك، ذُهِل من عفتهم ومن حوارهم معه عن كل شىء لم يسرهم فى معاملاته.
ولكن بينما كانوا هناك، توفى اكاكيوس اسقف القنسطنطينية ، وعُيِّن فرافيتا fravitta خلفا له. وكان رجلا مؤمنا لطيفا، فكتب خطابا حسب الاسلوب القانونى وأرسله إلى بطرس الأسكندري بيد بعض الاكليروس. فتلقاه بفرح وكتب هو أيضا ردا عليه حرم فيه بكل وضوح المجمع وطوم ليو. وبينما كان هذا فى الطريق، توفى فرافيتا، وعُيِّن يونيموس رجل من اباميا خلفا له وكان قد تعلم بالاسكندرية ولكنه كان موصوما بالهرطقة النسطورية.
فعندما استلم الخطاب استشاط غضبا بشدة، وكذا على لونجينوس الكاهن واندراوس الشماس اللذين كانا يحملان هذه الرسالة وأثار اتهاما ضدهما. ولكنهما استنكرا اتهاماته بإظهار غيرة شعب الأسكندرية. وفصل يونيموس نفسه عن الشركة مع بطرس، وفكَّر فى عزل بطرس وعزم على عقد مجمع لهذا الغرض. ولكن ارخيلاوس([349]) وكان رجلا متعلما بارزا منعه قائلا "ليس من الممكن اتهام اسقف الأسكندرية العظيم وطرده بواسطة مجمع اقليم واحد. فقط مجمع عام يمكنه أن يفعل ذلك". ولكن، عندما سمع بطرس بذلك هدد هو أيضا يونيموس قائلا أنه كما أن المبارك كيرلس قد ارسل نستوريوس إلى الواحات هكذا سيفعل بالمثل ويخلع يونيموس من كرسيه. ومع ذلك رحل بطرس أيضا من هذه الحياة. ولكن خطابه شوهد فى القنسطنطينية، واقتنع الكثيرون بأنه كان مؤمنا. وعندما رأى يوحنا وجوليان ومَن معهم من المنفصلين الذين تصادف أن كانوا هناك خطابه إلى فرافيتا غيروا رأيهم، واستعدوا للعودة إلى الأسكندرية للشركة معه. ولكن بينما كانوا عائدين توفى وخلفه اثناسيوس وهو رجل محب للسلام مؤمن وبليغ. اجتهد ورغب فى ضم الرهبان المنفصلين إلى الشركة مع الكنيسة. ولذلك ذكر فى كلمته للشعب أسماء ديوسقورس وتيموثاوس، وحذف عن قصد ذكر اسم بطرس لكى ما يختبرهم. وعندئذ هاجوا بشدة (ولم يهدأوا) إلى أن ذكر اسم بطرس أيضا فى كلمته.
الكتاب السادس: الفصل الخامس
الفصل الخامس من هذا الكتاب السادس يسجل رسالة فرافيتا القنسطنطيني إلى بطرس الأسكندري كما يلى:
"إلى ابينا القديس محب الله، والخادم الشريك بطرس، من فرافيتا الذى يرسل التحيات فى الرب. عندما أزن ضعف طبيعتى وأتعجب من أعمال الله الرحيم نحوى، أدرك فى الحقيقة على الاطلاق أنه "يرفع البائس من المزبلة ليجلسه مع رؤساء الشعب". فمن المعلوم جيدا أن رحمة الله هذه ليست نتيجة لأعمال استحقاقية من جانب الانسان. ولكنها تنتج من النعمة الالهية التى تنسكب من وقت إلى وقت على ابناء الكنيسة بواسطة محبة الله الآب. حتى أنه ليس الحكماء ولا المباحثون ولا بلغاء هذا العالم [هم] الذين ترفعهم النعمة كقادة بالإنتخاب.
والآن كان هابيل، غير المتعلم، مقبولا أمام الله قبل الناموس. وبالمثل الآباء الأبرار الذين أتوا بعده. وفى ظل الناموس، أفرزت النعمة رعاة غنم ورعاة مواشى وجامع جميز وجعلتهم أنبياء. وبعد الناموس، عيّنت نفس النعمة صيادى سمك، وصانع خيام ليكونوا كارزين بكلام الحياة من السماء. لكى ما تظهر قوة الله القدير بالحقيقة، وتكمل فى الضعفاء. وهذه هى سرائر المسيحيين الذين يؤمنون بتجسد المسيح، بحسب كلامه فى الانجيل "اشكرك ايها الآب، رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه الأشياء عن الحكماء والفهماء، وأعلنتها للأطفال. أيها الآب لأن هذه هى إرادتك"([350]).
لأن المسيح الهنا هو الأساس وحجر الزاوية للكنيسة المقدسة. ولذلك هذه البركات التى نلناها ليست عرضا غريبا عن رحمته. ولكننا نرجو أن نفهم منها رحمته المتساوية للبشر. وسنُظهر أنفسنا لطفاء وشفوقين نحو اخواتنا فى الجسد والايمان، ونحو الكهنة شركائنا فى الخدمة، والاخوة محبى المسيح. ولذلك سنسعى لقيادة الكنيسة المقدسة فى كل مكان بنفس الايمان القويم وفى كمال المحبة. وأما بخصوص الأحداث التى حدثت(الله يعيننا) فإننا سنظهر للقطيع العاقل الذى تعلَّم من عنايتنا فى كل المواضع أن يكون واحدا للراعى العظيم الذى عيّنا لأن نكون قادة لقطيعه. وسنطرد تلك الذئاب الخطيرة، والهرطقات اللعينة، وبالأخص النسطورية واليوتيخية، بالكرازة والتمسك بإيمان الآباء القديسين الذين حافظوا على الحق واحتفظوا بنظام الكنيسة، ونعلّم فى أيامنا الايمان السليم للشعب وللناس. وبإستخدام الحب الاخوى والرأى الواحد فى تحياتى، فإننى أقدم لقداستكم عربون محبتى بيدى لونجنيوس الكاهن واندراوس الشماس. ولأكمِل ما هو صواب أرسِل تحياتى إلى كل الرعاة والكهنة المكرَّمين والرهبان الأطهار والشعب المؤمن الذى تحت رعايتكم. ونسأل قداستكم بالأكثر الصلاة معنا لكى نكون حكماء وقادة فى كل شىء كمثل سليمان، وكمثل بولس وبطرس وباقى الرسل فى الكرازة بالحق لأبناء الكنيسة. وأن نكون قادرين على تقديم المساعدة المناسبة للكنائس الأخرى، فى كل شىء تشير به علينا، وكذلك فى الأمور التى تجرى فى المدينة المحبة للمسيح بمجهودات محبى المسيح، والملك المجتهد المراقب والساهر والذى يرغب فى اقرار السلام للكنائس والوفاق بين الكهنة ووحدة الشعب. أنا والإخوة معى نرسل كل الاحترام إلى عفتكم والإخوة الذين معكم.".
الكتاب السادس: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب السادس يخبرنا عن رسالة بطرس الأسكندري التى كتبها رداَ على رسالة فرافيتا القسطنطيني، على النحو التالى:
"إلى أخى محب الله والتقى، والخادم الشريك سيدى فرافيتا. من بطرس الذى يرسل التحيات فى الرب. ترتيبا على انتخاب سموكم فإن الوقت الآن لنا، للقول فلتبتهج السماء من فوق ولتفرح الأرض ولتغنى بفرح تبعا لكلام النبى([351]) لأن ربنا يسوع المسيح الذى هو وحيد الجنس، ابن الله الآب، لم يفتدينا بأشياء تفسد كالذهب والفضة لكنه بالأحرى وضع حياته من أجلنا كحمل بلا عيب وقدَّم ذبيحة من عطر طيب لله الآب، وبذل جسده بديلا عن حياة الجنس البشرى بأسره. هو المكرَّم من كل الخليقة، والمساوى للآب، الله الكلمة المتجسد، تألم بدون تغير أو تنوع. ولكنه كإنسان بقى كما هو، وهو فى الحقيقة حى إلى الأبد ومن نفس الطبيعة. تعالوا إذن نقدم الشكر لله بلسان واحد وفكر محب للمسيح. ونقول مع المبارك باروخ "هذا هو ربنا لا أحد غيره معه. وجد كل الحكمة وأعطاها ليعقوب عبده، ولإسرائيل حبيبه. وظهر فيما بعد على الأرض وتردد بين البشر"([352]). لأنه لم يكن هناك - بحسب مفهوم نستوريوس- واحد: هو ابن الله الموجود قبل الأزمنة والدهور الذى به صُنِعت سائر الأشياء، وآخر وُلِد فى آخر الزمان بالجسد من الثيوتوكس. ولكن بالأحرى هو واحد أخذ نسل ابراهيم بحسب كلام المبارك بولس ([353]) وكان أيضا شريكا فى جسدنا ودمنا ومثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، لأننا لا نقول أن جسد ربنا يسوع المسيح هو من السماء كيوتيخس فى مفهومه الغبى ولا هو تجسد بالمشابهة والخيال. بل على العكس نحرم هؤلاء المعلمين. ولكننا نعترف بإبن الله الآب، الوحيد الجنس، الذى هو ربنا يسوع المسيح. ونحن نعرف أنه الله كلمة الآب الذى تجسد من أجل فدائنا، وفى طبيعته الإلهية، أخذ شكل العبد كالتدبير. هذا هو ايمان كنيسة الاسكندرية الذى نعبد به جميعا، نحن وكل خائفى الله الاساقفة والاكليروس والرهبان وكل شعب الله. واجتماع الشعب ينمو ويتضاعف بزيادة فى الكنائس، ونحن مطيعين للرسول الذى يقول "إن بشركم أى انسان بإنجيل آخر خلاف ما بشرناكم به فليكن ملعونا"([354]). ولكن سبب كل هذه البركات واضحٌ ومقبول لدينا وهو انتخاب سموكم التقى الذى ذكرناه عاليه وأيضا مسرة زينو المحب للمسيح والمؤمن الذى وافق على انتخابكم. وهو أيضا من أجل وحدة الشعب ولكى ما تترسخ فى القوة وفى الحق كتب بإخلاص "الهينوتيكون" وحرم كل افكار رعناء، وكلام خلقيدون وطوم ليو. وقد قبلنا هذا المستند ونشرناه شفاهة وكتابة بين كل الأمم المؤمنة. وأيضا كان يرى ذلك ويُعلِّم إلى يوم وفاته أخونا طيب الذكر القديس اكاكيوس الخادم الشريك حسبما شهد لنا الاسكندريون بإيمانه. وكما أن قداستكم أيضا مقتنعون. لأنه من الصواب للملك المحب للمسيح ليس فقط أن يُخضِع أعداءه ويطأ جنس البرابرة بأقدامه، ولكن أيضا أن يفضح شِباك الأعداء العقلية وأن يجعل الايمان الحقيقى يُشرق على الشعب المؤمن لأن قدسك قد أزهرت لنا ونبعت كنبات سلام. وهذه هى عطية الملك المؤمن لنا. بإرادة الله الذى اختاره قبلا كما قلنا توا. لذلك نحن مسرورين بهذا، أن كاهنا صالحا كهذا يقوم ويظهر للشعوب المؤمنة. ليحفظه الله وليعوضه بالتاج السمائى بيده الغنية. كما نرجو ونصلى أن يسير طوال طريق الحق على آثار آبائنا القديسين الكهنة المختارين برحمة المسيح مخلصنا، الذى به وللآب مع الروح القدس كل مجد إلى الآبد، آمين. ونحن نرحب بكل مودة بحاملى خطاب بركم، لونجينوس الكاهن الممتاز واندراوس الشماس، ونحن نعيدهم الآن بسلام لقدسكم".
ولكن اثناسيوس كتب أيضا، بنفس المنوال بعد ذلك بسنتين، إلى بالاديوس الذى كان خليفة بطرس فى انطاكية، حارما بوضوح ومقتبسا بتصرف من "الهينوتيكون" .
وعُيِّن يوحنا خلفا لأثناسيوس. وعندما كان يسأله أى واحد أن يقدم كتابة حرما للمجمع ولطوم ليو، كان يفعل ذلك بكامل رضاه بلا خوف. وكان فلافيان خليفة بالاديوس فى انطاكية، قد ارسل سليمان كاهن كنيسته إلى يوحنا الأسكندري هذا ليطلب منه خطابا إلى فلافيان بشأن اتساق الايمان. ولكن يوحنا لم يكن راضيا بعمل ذلك له إلى أن يتلقى من فلافيان قسَما بأنه سيُرسِل اليه خطابا فيه حرم للمجمع والطوم. وكان يوحنا سميَّه وخليفته مؤمنا وسالكا مثله.
والآن، بعد أن حكم زبنو سبعة عشر سنة وجرت الأمور هكذا فى الكنيسة. وقام ضده الطغاة باسيلسكوس ومركوس وطُردِا كما روينا عاليه، وأعلن أيضا ايللوس وليونتيوس ويوبربيوس العصيان ضده وقُتِلوا فى الشرق. وأيضا فى أيامه، قام طاغية [يُدعى] ثيودوريك وسبى من تيراس وأماكن أخرى كثيرة وتوجه إلى روما وأخضعها لأن اودكر المضاد لقيصر هناك كان قد فرَّ قبله إلى رافينا احدى مدن ايطاليا. ومات زينو فى السنة الثمانى مائة واثنين طبقا للحساب اليونانى([355]). ونال انستاسيوس خليفته المملكة فى اليوم الرابع من الاسبوع العظيم([356]). عندما كان يوفيميوس Euphemius اسقفا للقنسطنطينية وفلافيان لأنطاكية. واثناسيوس للأسكندرية. وسالوستيوس Sallusttius خليفة مارتيريوس لأورشليم. وفيلكس خليفة سيمبليكوس لروما.
الكتاب السادس: الفصل السابع
يحدثنا الفصل السابع من الكتاب السادس عن رؤساء الكهنة فى ايام زينو.
وفيما يخص رؤوساء الكهنة فى أيام زينو، فهم كالآتى:
فى روما: سيمبليكوس بعد هيلاريوس، مؤلف الخطاب إلى زينو بخصوص يوحنا الكاذب الذى طُرِد من الأسكندرية. وبعده فيلكس الذى كان مازال حيا عندما صار انستاسيوس امبراطورا.
فى الأسكندرية: تيموثاوس الكبير الذى أُعيد من المنفى. وتيموثاوس سالوفياكيولس[الدخيل]، ويوحنا الذى طُرِد (كما قلنا عاليه). وبطرس وخليفته أثناسيوس.
فى أورشليم: انستاسيوس ومرتيريوس وسالوستيوس.
فى انطاكية: مرتيريوس الذى طرد وجوليان واستيفين، واستيفن الآخر. وبطرس المؤمن وكالانديون الذى طُرِد. وبالاديوس وفالفيان خليفته الذى طُرد فى أيام انستاسيوس.
وفى القنسطنطينية: بعد جناديوس، اكاكيوس وفرافيتا خليفته، ويوفيميوس خليفته الذى طُرِد فى أيام انستاسيوس.
ولكن هذا الكتاب السادس والكتاب الخامس السابق له، واللذين تُرجِما بإيجاز وبإختصار(إن جاز القول) بأسلوب مدغم من أجل إعلام القارىء السورى، من التاريخ اليونانى لزكريا البليغ المنطيقى الذى كتبه هكذا بأسلوب مطول حسب الاسهاب اليونانى. فهنا فقط سبعة عشر سنة من حياة زينو الامبراطور.
الكـتـاب الســابـع
يخبرنا الكتاب السابع، فى فصوله الخمسة عشر التى يحتوى عليها، عن الأحداث التى حدثت فى عهد اناستسيوس. ففى الفصل الأول، عن بداية عهده وكيف خُلِع ابيفانيوس. وفى الفصل الثانى عن الاسوريين الذين تمردوا وأُخضِعوا والطغاة الذين على رأسهم الذين قُتِلوا. وفى الفصل الثالث عن مدن ثيودوبوليس وأرمادا التى أُخضِعت. وفى الرابع عن الأحوال فى مدينة ارمادا التى أُخضِعت, وفى الخامس عن المجاعة التى كانت فيها، وكيف رحل الفارسيون عنها. وفى السادس عن دارا وكيف بُنيت المدينة. وفى السابع عن نفى المقدونيين الذين طردهم من القنسطنطينية. وفى الثامن عن خطاب سيمون الكاهن الذى يُقدِّم معلومات عن نفيه. والتاسع عن خليفته تيموثاوس وكيف انتشر تعبير "الذى صًلِب عنا" فى القنسطنطينية فى أيامه. والعاشر عن المجمع الذى عُقِد فى صيدون فى أيام فلافيان واخسونيو الاساقفة فى السنة الخامسة([357]) من الـ indiction (السنة 823 لليونان). والفصل الحادى عشر عن الالتماس الذى صاغه رهبان الشرق وقزما الانطاكى وقُدِّم للمجمع. والفصل الثانى عشر عن المجمع الذى عُقِد فى صور فى أيام ساويرس واخسونيو الذى حرم مجمع خلقيدون وطوم ليو بحرية تعبير أعظم. والفصل الثالث عشر عن اريادن الملكة التى توفيت وعن فيتاليان الطاغية الذى أسر هيباتيوس فى الحرب. والفصل الرابع عشر عن تيموثاوس الذى توفى وخلفه يوحنا. وعن الشياطين التى دخلت([358]) المصريين والاسكندريين والعرب الذين أتوا إلى الاحتفال التكريسى لأورشليم، والذين انطرحوا على الصليب فشفيوا. أما الفصل الخامس عشر فيتحدث عمن كانوا رؤساء كهنة فى ايام انستاسيوس الملك. وموت انستاسيوس فى السنة 829 لليونان([359])، الـ 324 للألمبياد.
الكتاب السابع: الفصل الأول
الفصل الأول من هذا الكتاب السابع يتناول عهد الإمبراطور([360]) انستاسيوس الذى استلم المملكة بعد زينو، وعن يوفيميوس Euphemius الاسقف هناك الذى خُلِع.
بعد أن حكم زينو سبعة عشر سنة كما هو مسجل عاليه فى الكتاب السادس وفصوله، مات فى السنة الـ 317 للألمبياد، [أى] سنة 802 بحساب اليونان، فى "الدورة" ([361]) indictionالرابعة عشر، فى اليوم الرابع من الأسبوع الكبير([362]). عندئذ حصل على المملكة انستاسيوس الذى كان عضو السينات ورئيس([363]) حُجَّاب الأبواب silentiary([364]). وهذا الرجل كان من مدينة درهاخيوم Dyrrhachium([365])، وكان قوى البنية، نشط الذهن، ومؤمنا. وعندما كان جنديا كان موضع ثقة الملكة اريادن Ariadne، التى رغبت ووافقت أن يكون ملكا. [فقد حدث]([366]) لهذا الرجل [ما يلى]: قبل أن يصير ملكا ببضعة أيام، كان هناك شخص ما يُدعَى يوحنا المدرسى، أخو ديث dith مواطن من آميدا([367])، رجلا شجاعا وبارا ومستقيما يخاف الله ويكره الشر، ولكنه بكامل رضائه وإرادته الحرة كان مستمرا فى الخدمة بكونه مُعلِّما([368]) بالكنيسة. وعندما كان فى القنسطنطينية فى مهمة بالنيابة عن مدينته، رأى رؤيا، مرة واثنتين تُظهِر أن انستاسيوس رئيس حجاب الأبواب سيكون ملكا. فدعاه وقال له "بموجب فضائل وخصال وكرم نفسك، تمم مسرة الله، وكن رجل سلام ولطيفا ومتواضعا ومستقيما وأظهر نفسك هادئا مع كل أحدٍ وطيبا لمنفعة البشر الذين هم أقرباءك. وليس لأننى أريد أى شىء منك، أو لأننى أتملقك أن أكشف لك أنك ستصير ملكا سريعا". ولأن يوحنا هذا كان مكرَّما ومشهورا لإستحقاقاته وكان معروفا لكثيرين، وأكثر من ذلك كان متعلما، فقد صدَّقه انستاسيوس وأخذ [كلامه] كحق. وكان مداوما معه على سهرات الكنيسة. ولكنه حدث أنه بعد أن حصل على المُلك، وكان راغبا فى مكافأة صديقه بهبات شكر مثل تلك التى يسعى إليها الناس، أن يوحنا هذا لم يأخذ منه أى شىء على الإطلاق، وترك المدينة وعاد إلى بلده قانعا بالمستندات التى كان زينو قد حررها. وأخذ فقط تأكيدا من انستاسيوس أنها ستكون مقبولة([369]).
ولكن يوفيمويوس([370]) الاسقف هناك، كان يهدد بطرس الأسكندري([371]) بأنه سيتسصدر مرسوما بخلعه، لأنه كتب ردا إلى فرافيتا سلف يوفيميوس حرم فيه مجمع خلقيدون وطوم ليو. ولكن يوفيميوس مُنِع عن عمل ذلك، فى ذلك الوقت بناء على نصيحة ارخيلاوس اسقف قيصرية، الرجل الحكيم الذى تصادف أن كان هناك. وعندما توفى بطرس حافظ يوفيميوس على ذات الكراهية ضد أثناسيوس خليفة بطرس فى اسقفية الأسكندرية الذى حرم بسلطة وجهرا المجمع والطوم. ومن ثم أعد يوفيميوس العُدة لخلعه، وطلب من فيلكس [اسقف] روما مساعدته. وعندما صارت مكيدته معلومة لأثناسيوس بواسطة مندوبيه الرسميين([372]) هناك الذين كتبوا وأرسلوا أيضا، إليه نسخة من الخطاب الذى ارسله إلى فيلكس. عندئذ اتخذ أثناسيوس الاستعدادات، وكتب إلى سالوست Sallust الأورشليمى، وتلقى ردا منه بشأن اتفاق الإيمان. وأعلم كلاهما الملك انستاسيوس بشأن يوفيميوس أنه هرطوقى، وأروه نسخة من خطابه تعضيدا (لإتهامهما). وعندما فُحِصَت أعماله بواسطة بعض الاساقفة الذين تصادف وجودهم فى القنسطنطينية، وأيضا بواسطة رهبان مؤمنين من الأسكندرية، والشرق، نُفى وطُرِد من كرسيه، وحلَّ محله فى الاسقفية مكدونيوس الذى خُلِع أيضا بعده بخمسة عشر سنة كما هو مدون بعده.
الكتاب السابع: الفصل الثانى
الفصل الثانى من هذا الكتاب يتكلم عن ثورة ايسوريا
والآن، كان الايسيوريون([373]) isaurian، مزدهرين فى أيام زينو (الذى كان قد انسحب من أمام باسيلسكوس ومركوس الطاغيين، وأقام كلاجىء فى حصن هناك يدعى سلمون). وكانت لهم أيضا علاقات بالمملكة فى أيامه، وكان يكافأهم، ويراهم يستحقون لتلقى كل الطيبات من كل الأنواع، منه. ولكنهم لم يقدروا أن يحافظوا على حظهم الطيب. فكانوا متكبرين ووقحين عندما تولى انستاسيوس المُلك، وأعلنوا العصيان ضده وعينوا طاغية لأنفسهم ورفضوا الهبات التى كانت تُرسَل إليهم من انستاسيوس، ولم يوافقوا على إعطائه الجزية. بل أغاروا أيضا على المقاطعات التى حولهم. وعندما وصل الصراخ والشكاوى منهم إلى الملك، أرسل جيشا وأعد التجيهزات ضدهم. وهزم الاسيوريين فى المعركة وظهر ضعفهم وأُخضِعوا، وقُتل الطغاة.
ولكن زلزالا قد حدث، وغزا الجراد عرب ميسوبوطاميا، وكانت هناك مجاعة فى السنة التاسعة التى كتب عنها الملفن يعقوب [الذى] من باتينيا batnae وصفا، فى السنة الحادية عشر من حكم انستاسيوس. ومات كثيرون من العرب فى آميدا حيث اعتزلوا فى أماكن أخرى عديدة.
الكتاب السابع: الفصل الثالث
الفصل الثالث من هذا الكتاب السابع يُعِلمنا كيف أُخضِعت ثيودوسيوبوليس فى ارمنيا، وعن مدينة آميدا فى ميسوبوطاميا
عندما كان بيروز ملك الفارسيين يحكم فى بلده فى السنة الثالثة عشر لانستاسيوس، اندفع الهُون من البوابات التى كان يحرسها الفارسيون، ومن الأقاليم الجبلية هناك، وغزوا مقاطعة الفارسيين. فإرتعب بيروز وجيَّش جيشا وخرج للقائهم. وعندما استعلم منهم عن سبب غزوهم لبلاده، أجابوه "ما أعطته لنا مملكة الفارسيين عن طريق الجزية غير كافٍ لنا نحن البرابرة الذين [نعيش] فى الأقليم الشمالى الغربى كحيوانات مفترسة نرفض الله، ونحيا على سلاحنا وقوسنا وسيفنا، ونعول انفسنا بسفك الدماء من كل الانواع. وقد وعدنا ملك الرومان([374]) من خلال سفرائه أن يعطينا جزية مضاعفة إذا ما قطعنا علاقاتنا مع الفارسيين. وبناء عليه أخذنا استعداداتنا وجئنا إلى هنا، لكى ما تعطينا مقدار ما يُعطينا الرومان، ونحافظ على معاهدتنا معك، وإلاَّ إذا لم تعطنا فسنشن عليك الحرب". وعندما أدرك بيروز تصميم الهون، على الرغم من قلة عددهم عن جيشه، فكر فى الزيف معهم وخداعهم، ووعد بإعطائهم. واجتمع اربعمائة من رؤساء شعب الهون، وكان معهم يوستاس تاجر من آباميا([375]) apamea، رجل ماهر كانوا يسترشدون بمشورته. والتقى بهم بيروز أيضا بأربعمائة رجل معه. وصعدوا إلى الجبل، وعقدوا معاهدة وأكلوا معا، واقسموا رافعين أياديهم إلى السماء. وعندما بقى عدد قليل منهم ليستلموا النقود التى جُمعِت، وانصرف باقى الهون إلى بلادهم، نقض بيروز بعد عشرة أيام الاتفاق معهم، وشن حربا ضد الهون الذين انصرفوا، وأيضا ضد الأربعمائة رجل الذين بقيوا ومن معهم. ولكن يوستاس التاجر شجَّع الهون ألا ينزعجوا بالرغم من قلة عددهم. وفى المكان الذى اقسموا فيه ألقوا مسكا وأطيابا على فحم متقد، وقدَّموا تقدمة للرب طبقا لمشورة يوستاس لكى يتغلبوا على الكاذبين. ودخلوا معركة مع بيروز وقتلوه هو وعدد كبير من جيشه ونهبوا مقاطعة الفارسيين، وعادوا إلى بلادهم. ولم توجد جثة بيروز. ويدعونه فى بلده الكاذب.
ولكن كاواد Kawad الذى خلفه فى المملكة والنبلاء أثاروا كراهية ضد الرومان قائلين أنهم هم الذين حرضوا الهُون على الغارة على بلادهم وعلى النهب والخراب. وجمع كاواد جيشا وخرج ضد ثيودوسيوبوليس فى أرمينيا التى للرومان، وأخضعوا المدينة. وعامل سكانها برحمة لأنهم لم يهينوه. ولكنه أسر قنسطنطين، حاكم مدينتهم.
وفى شهر اكتوبر وصل إلى آميدا فى ميسوبوطاميا(ولكنه على الرغم من أنه قد أغار عليها) بغارات متوحشة من السهام الحادة وآلات الكباش التى دكت الأسوار ودمرت البيوت التى لجأ إليها أولئك الذين كانوا يجلبون المواد للمحاصرين لترميمها والارتفاع بها إلى مستوى السور لمدة ثلاثة أشهر يوما بعد يوم إلا أنه لم يقدر أن يستولى على المدينة بينما كان الشعب يعانى من مشقات كثيرة من العمل والحرب، وكان يسمع بإستمرار السباب من الرجال غير المنضبطين على السور وسخريتهم واستهزائهم. وانضغط بضيقة شديدة، واستولى عليه الغم والأسى لأن الشتاء حل عليه بقسوته. ولأن الفارسيين وهم متدثرون بأردية فضفاضة كانوا غير كفاة، وارتخت اقواسهم بفعل الرطوبة، ولم تقدر آلات كباشهم أن تؤذى السور أو تُحدِث أى تصدع فيه. لأن المدافعين كانوا يربطون حزما من السمار لتتلقى عليها ضربات آلات كباشهم أن تؤذى السور أو تُحدِث أى تصدع فيه. لأن المدافعين كانوا يربطون حزما من السمار لتتلقى عليها ضربات آلات الكباش وتمنعها بذلك من نقب السور. ولكن هم أنفسهم صنعوا نقبا فى السور من الداخل لينقلوا مادة التراب من الخارج إلى داخل الحصن، وحصنوه تدريجيا بعروق من اسفل. وعندما صعد محاربون فارسيون مختارون الساتر الترابى ووضعوا عروقا على السور لإحداث مدخل (وكانوا ممتشقين السلاح، وكان الملك قريبا مع جيشه من الخارج، وكان يعضدهم بإظهار القوة والقاء السهام، ويشجعهم بالصياح وينشطهم ويحثهم إلى الأمام بحضوره ومظهره، وكانوا نحو خمسمائة رجل)، ألقى المدافعون بشرائط من الجلد مسلوخة من ثيران ومنقوعة فى مزيج من نبات البيقة مع زيت المر من فوق السور على العروق وسكبوا السائل من نبات البيقة على الجلود ليجعلوها زلقة. ووضعوا نيرانا بين الدعامات التى كانت اسفل الساتر الترابى. وعندما انهمكوا فى المعركة بين بعضهم البعض لنحو ست ساعات، وأخفق (المحاصرون) فى عمل أى مدخل توهجت النيران والتهمت أخشاب الدعامات، وتحولت فى الحال إلى رماد من شدة النيران، وانهار الساتر الترابى وسقط. واحترق الفارسيون الذين كانوا فوق وانسحقوا أيضا بتأثير الأحجار التى كانت تُلقَى عليهم من أولئك الذين فوق السور. وانسحب الملك فى خزى وغم وقد صار أكثر هزءً وسخرية من أولئك الرجال المتجاسرين المتفاخرين غير المنضبطين. وإذ لم يكن هناك اسقف يعلمهم الانضباط. لأن يوحنا الأسقف الطاهر والنبيل والشخصية المبجلة كان قد توفى قبل ذلك بأيام قليلة وهذا الرجل كان قد دُعِى من دير كارثامين، وإذ قد أنتخب، جاء وصار اسقفا لهم. ومع ذلك لم يغير نسكه وإماتته الذاتية ونمط حياته ولكنه استمر (فيها) ليلا ونهارا. وكان يُحذَّر ويلوم أثرياء المدينة، فى زمن المجاعة، وغارات الغرب، والأوبئة قائلا ألا يحجزوا القمح فى زمن الشدة، بل يبيعوه ويُعطوا للفقراء، لئلا إن حجزوه يكونوا فقط مكتنزين له للأعداء، طبقا لكلام الكتاب المقدس. وهذا ما حدث فى الواقع. فلقد ظهر له ملاك([376]) جهرا واقفا إلى جوار مائدة المذبح وأنبأه بغارة العدو، ولذا يلزم انتقاله كرجل بار من وجه العدو. وأعلن هذا القول ونشره فى حضور شعب المدينة لكى ما يتوبوا ويخلصوا من السخط.
الكتاب السابع: الفصل الرابع
الفصل الرابع من هذا الكتاب السابع، يُخبرنا عن كيفية إخضاع آميدا، وما حل بسكانها.
وعنما فشل كاواد([377]) وجيشه فى التغلب على المدينة بغاراته المتعددة التى شنها عليها، وهلك عدد كبير من جيشه، ارتخت يداه وطلب أن تُعطَى له هبة صغيرة من الفضة لينسحب من المدينة. ولكن ليونتيس ابن بابلوس رئيس المستشارين وكيروس الحاكم وبول بار زينب Bar Zainab الخازن([378]) steward طلبوا منه عن طريق الرسل الذين أرسلهم ثمن الخضروات التى أكلها جنوده، وأيضا [ثمن] الحنطة والنبيذ التى جمعوها وجلبوها من القرى. وعندما اغتم بشدة من هذا، وكان يستعد للإنسحاب بخزى، ظهر له المسيح([379]) فى رؤيا ليل، كما روى فيما بعد، وقال له أنه فى خلال ثلاثة أيام سيُسلِّم له سكان المدينة لأنهم أخطأوا إليه، وهذا ما حدث كما يلى:
كانت هناك، فى الجانب الغربى للمدينة، عند [مبنى] الأبراج الثلاثة([380])، حراسة من رهبان كانوا قد طُرِدوا من دير يوحنا الذى من آنزتين anzetene، وكان الأرشيمندريت لهم فارسيا. وكان من الخارج فى مقابلهم برج مراقبة، وكان يعسكر هناك مرزبان يدعى كاناراك [أى] الأعرج. وكان مجتهدا يوما فيوم فى المراقبة ساهرا ليلا ونهارا. وكان ماهرا فى وضع الخطط من أجل اخضاع المدينة. وكان هناك شخص يدعونه فى المدينة كوتريجو kutrigo [لأنه] لص وعربيد. وكان هذا الرجل جسورا جدا فى كل أنواع الهجوم على الفارسيين واعتاد الإغارة عليهم وخطف المواشى والبضائع، لدرجة أنهم اعتادوا سماع الرجال من على السور وهم يصيحون ويدعونه كورتيجو. وراقب كاناراك هذا الرجل وأدرك أنه يخرج من مجرى الماء المتاخم [لمبنى] "الأبراج الثلاثة"، ويخطف الغنائم، ويدخل ثانية. وتركه الفارسيون يتمم ما يريد لبعض الوقت، وهم يدرسون ويفحصون أعماله. وركضوا وراءه، ورأوا المكان الذى خرج منه ومن أين دخل.
ولكن حدث فى تلك الليلة التى أُخضِعت فيها المدينة أنه كانت هناك ظلمة وغمامة كثيفة تُسقِط مطرا رقيقا، وقدم رجل ما معاملة رقيقة للرهبان الذين كانوا يحرسون [مبنى] "الأبراج الثلاثة"، وأعطاهم نبيذا ليشربوا فى آخر الليل، ومن ثم غلبهم النوم، ولم يسهروا بإجتهاد فى حراستهم طبقا لعادتهم المعتادة. وعندما صعد كاناراك وبضعةٌ من الجنود إلى أعلى، تتبعوا كوتريجو، واقتربوا من السور، لم يَصِح الرهبان ولا ألقوا حجارة. وأدرك الرجال أنهم نيام، فأرسل إلى كتائبه وطلب سلالم. ودخل واتباعه من خلال مجرى الماء. وتسلقوا برج الرهبان وقتلوهم. واستولوا على البرج، وأيضا على شرفة الحصن، ووضعوا سلالم على السور وأرسلوا إلى الملك.
وعندما سمع بذلك أولئك الذين كانوا فى حراسة البرج المجاور، وصرخوا، وحاولوا المجىء الى الرهبان الذين كانوا قد قتلوا، كانوا غير قادرين، وجُرِح بعضهم من سهام الفارسيين، وماتوا. وعندما وصلت الأخبار إلى كيروس الحاكم وصعد بالمشاعل، جُرِح بسهم من الفارسيين الذين كانوا يقفون فى الظلام، بلا ضرر من ضاربى السهام، وانسحب جريحا. وفى الصباح وصل الملك والجيش إلى المكان ووضعوا سلالم على الأسوار وأمر قواته بالصعود، وهلك كثيرون ممن صعدوا، عندما جُرِحوا من السهام والأحجار والرماح. وأولئك الذين ارتدوا ونزلوا من الخوف قُتِلوا بأمر الملك، كجبناء وخائفين من المعركة. وبناء عليه تشجع الفارسيون وقرروا إما أن يُحرزوا النصر وإلحاق ويُلحِقوا الهزيمة بالمدينة ويُخضعوها، أو أن يموتوا فى معركة فعلية ليهربوا من العار أو القتل على يد ملِكهُم لأنه كان قريبا ويشاهد جهادهم. ولكن المواطنين حاولوا خلخلة بعض الأحجار من أسفل القبو الذى كان فيه الفارسيون وكانوا منهمكين فى خلخلة الدعامات. وبينما كان ذلك يجرى، أُخضِع برج آخر، ثم آخر، على التوالى، وقٌتِل حراس السور.
ولكن بطرس رجل ذو قامة هائلة، مواطن من أمخورو، وهو متدثر برداء حديدى، أمسك بأحد جوانب الشرفة بمفرده ولم يسمح للفارسيين بالمرور، وتمرد ورد برمحه أولئك الذين أغاروا من الداخل ومن الخارج وهو ثابت على الأرض وواقف كبطل. إلى أن أُخضِع أخيرا خمسة أو سنة ابراج فى الجانب الآخر، فهرب هو أيضا، ولم يُقتَل. واستولى الفارسيون أولا على كل السور وأخذوه. وقضوا ليلة ونهارا والليلة التالية فى قتل وطرد الحراس. وأخيرا نزلوا وفتحوا البوابات ودخل الجيش. وإذ تلقى أمرا من الملك بإهلاك كل الرجال والنساء من كل الطبقات والأعمار [فعلوا ذلك] لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليال. ولكن أميرا مسيحيا من بلدة آران توسل الى الملك بالنيابة عن كنيسة تُدعى الكنيسة الكبرى للأربعين شهيدا، وأنقذها إذ كانت ممتلئة من الشعب. وبعد ثلاثة أيام وثلاثة ليالى توقف القتل بأمر الملك. ودخل الرجال للمحافظة على كنوز الكنيسة وكبار المدينة. لكى يأخذ الملك ما يوجد فيها. ولكن الأوامر صدرت أيضا بتجميع جثامين مَن قُتلوا فى الشوارع، ومن صُلبوا وإحضارها إلى الجانب الشمالى للمدينة. لكى ما يدخل الملك، الذى كان فى الطرف الجنوبى فجمعت وأُحصِىّ عددها نحو ثمانية آلاف بالإضافة إلى مَن كُوِّم فى الانفاق وأُلقِى فى مجرى الماء، وتُرِك فى البيوت. ثم دخل الملك إلى خزانة الكنيسة، ورأى هناك صورة الرب يسوع مرسومة على شكل جليلى، فسأل مَن يكون هذا. فأجابوه أنه "الله" فأحنى رأسه أمامه وقال "إنه هو الذى قال لى أمكث واستلم منى المدينة وسكانها لأنهم أخطأوا ضدى". وأخذ كمية من الفضة والذهب من الأوانى المقدسة والثياب الباهظة الثمن التى كانت تخص سابقا اسحق ابن براى([381]) Bar Bar'ai الثرى وقنصل المدينة، والتى آلت إلى الكنيسة بالميراث منذ سنوات قليلة قبلا. ووجد هناك أيضا نبيذا جيدا قد جف فى أوانيه، اعتادوا أن يأخذوا بعضا منه فى سفرياتهم، ويسحقونه ويلفونه فى قطع من الكتان النظيف. وعندما يضعون قليلا منه فى الماء لعمل مزيج منه ويشربونه يزودهم بحلاوة وطعم النبيذ. وهم يقولون للجاهل أنه "هونونو"([382]) h'nono. وأُعجِب الملك به بشدة وأخذه. وفقد ابناء الكنيسة فن صناعة هذا المشروب الرائع منذ ذلك اليوم.
وجُمِعت فضة وذهب بيوت الأثرياء والملابس الجميلة ونُقِلت إلى خزائن الملك. واستولوا أيضا على تماثيل المدينة والساعات الشميسة والرخام، وجمعوا البرونز وكل ما يسرهم ووضعوه على طوافٍ rafts صنعوها من الخشب، وأرسلوها عبر نهر تيجرى الذى يتدفق من الشرق عبر المدينة ويتوغل إلى بلادهم. وفتش الملك عن عظماء المدينة وعن ليونتيوس وكيروس الحاكم الذى جُرح بسهم وباقى العظماء فأحضروهم إليه. ولكن الفارسيون كانوا قد قتلوا بولس بار زينب الخازن لئلا يُطلع الملك أنهم وجدوا كمية من الذهب فى ممتلكاته. وألبسوا ليونتيوس وكيروس ثيابا قذرة، ووضعوا حبال خنازير حول رقابهم، وجعلوهم يحملون خنازير واقتادوهم وهم يفضحونهم صارخين وقائلين "حكام لم يحكموا مدينتهم حسنا ولا منعوا شعبهم من إهانة الملك، لذا يستحقون إهانة كهذه ". وقُيّد أخيرا العظماء وكل الحرفيين، وأُحضِروا معا كأسرى للملك، وأُرسِلوا إلى بلده بصحبة الجيش. ولكن الرجال المؤثرين فى جيش الملك اقتربوا منه، وقالوا له "لقد قُتِل أقرباؤنا واخوتنا فى المعركة بيد سكان المدينة" وطلبوا منه أن يعطيهم عُشر الرجال ليعدموهم انتقاما. فأحضروهم وأحصوهم، وأعطاهم النسبة فقتلوهم بكل الطرق.
واستحم الملك فى حمام بولس بار زينب. ورحل من المدينة بعد الشتاء. وترك فيها الجنرال جلون كحاكم واثنان من المرازبة ونحو ثلاثة آلاف جندى لحراسة المدينة، ويوحنا بار هابلوهر أحد الأثرياء، وسرجيوس بار زبدونى لحكم الشعب.
وعندئذ جاء الرومان فى الصيف، وكان قائدهم باتريك القائد العام، رجل مسن، مؤمن ومستقيم، ولكنه محدود فى قواه الذهنية، وهيباتيوس وسلار مدير الخدمات، وأخيرا اريوبندس. وأكثر من ذلك الكونت جوستين الذى حظى بالمملكة بعد انستاسيوس. واجتمعوا معا وهاجموا المدينة بالأبراج الخشبية وكل أنواع وآلات النقب، واشعلوا النيران فى بوابة المدينة التى تُدعَى بوابة مار زور ليُحدِثوا مدخلا إلى الفارسيين ومع ذلك تعوقوا لأنهم كانوا مرتاحين ولم يندفعوا، فأغلق الفارسيون البوابة. ولم يُخضِع الرومان المدينة، ولا أخذوها منهم عنوة. على الرغم من أن السكان قد بلغوا حالة من البؤس بسبب المجاعة يوما بعد يوم، إلى حد أن أكل الناس فى النهاية بعضهم بعضا. ولكن كيف حدث هذا. ذلك ما سأرويه فى الفصل الخامس من هذا الكتاب لأنه على الرغم من أن القصة مرعبة وبائسة، إلا أنها حقيقية.
الكتاب السابع: الفصل الخامس
الفصل الخامس من هذا الكتاب السابع يتحدث عن المجاعة التى حدثت فى آميدا، وكيف رحل الفارسيون منها إلى بلادهم.
لقد ترك فيها الملك كاواد، كما هو مسجل عاليه، عند رحيله من آميدا إلى بلده مع جيشه، جلون Glon([383]) الجنرال، واثنان من المرازبة ونحو ثلاثة آلاف من الجنود لحراسة المدينة. وأيضا اثنان أو ثلاثة من الأثرياء وبعض السكان الخاصين. وهؤلاء الجنرالات الرومان لم يُخضِعوا المدينة ولا تغلبوا عليها. فذهب باتريك أخيرا ألى ارزنين التى للفارسيين وسبى سبيا، واخضع الحصن هناك. وتوجه أريوبندس وهيباتيوس إلى نصيبين([384]) فلم يخضعاها على الرغم من أن السكان كانوا يميلون إلى الرومان، وأظهروا تراخيهم فى الحرب. ومع ذلك، عندما سمع ملك الفارسيين بذلك جاء بجيش ضد الرومان فهربوا من أمامه، وتركوا خيامهم وامتعتهم الثقيلة التى كانت معهم. وهرب اريوبندس من ارزمينا، وافغادانا, وهيباتيوس وباتريك وآخرون من تلكاتسروا. وفقدوا كثيرا من جيادهم وركابها الذين سقطوا من جرف الجبال، وسُحقوا وهلكوا.
ولكن فارزمان وحده، رجل حرب، برز فى معارك عديدة سابقا، وكان مشهورا ومرعبا بين الفارسيين حتى أنَّ اسمه فقط كان يرعبهم، وصيته يبددهم ويُضعفهم، ويبرهنوا على أنهم جبناء فى حضوره، وينطرحون أمامه. هذا الرجل جاء ألى آميدا بخمسمائة فارس وراقب الفارسيين الذين خرجوا إلى القرى، وقتل بعضهم واستولى على الحيوانات التى كانت معهم وأيضا على جيادهم.
فجاء شخص داهية من مدينة آخورا([385]) Akhore، يُدعى جادونو([386]) Gadono، أنا نفسى أعرفه، وقدَّم نفسه له، وعقد معه صفقة على أن يغوى ويُحضر له بحيلة ما الجنرال الفارسى جلون وثلاثمائة أو أربعمائة فارس. ولأن جادونو السالف الذكر كان صيادا للحيوانات المفترسة وللسمك، وللحجلات، فقد اعتاد أن يدخل المدينة بحرية إلى جولن جلون حاملا فى يديه هدية من الصيد له. [فدخل] وأكل معه خبزا فى حضوره وتلقى منه بعضا من ممتلكات المدينة بما يعادل قيمة الصيد.
وأخيرا، قال له أن هناك نحو مائة من الرومان ونحو خمسمائة من الجياد على مسافة نحو سبعة أميال من المدينة فى مكان يُدعى أفوثورؤين([387]) Afotho Ro'en، ونصحه كصديق أن يخرج ويستولى على الحيوانات ويقتل الرومان ويصنع لنفسه اسما. فأرسل كشافون الذين رأوا قلة من الرومان والجياد، وعادوا وأخبروه. فإستعد عندئذ وأخذ معه اربعمائة فارس، وجادونو هذا على بغلة. فقاده ووضعه فى وسط كمين من الرومان الذين كانوا يراقبونه. وهكذا مزق الرومان الفارسيين إلى إرب وأحضروا رأس جلون إلى القنسطنطينية .
وعندئذ استولى الغضب والغم على ابن جلون والمرازبة الذين اعتادوا أن يسمحوا للسكان الذين انحصروا فى المدينة بالخروج إلى السوق الذى كان يُعقَد إلى جوار السور من قِبل الفلاحين من القرى وكان هؤلاء الفلاحون يحضرون النبيذ، والقمح والمنتجات الأخرى ويبيعوها للفارسيين والمواطنين بينما يقف الفرسان بالقرب منهم، ويوصلون إليهم عددًا [من الناس] فى كل مرة، ثم يعيدونهم. وبواسطة قانون ممتاز للفارسيين، لم يكن أحد يجرأ على أخذ أى شىء من القرويين الذين كانوا يبيعون ما يريدون ويتلقون الثمن نقدا ونوعا من المدينة. ومن ثم كانوا يحضرون السوق بإجتهاد. ومع ذلك نتيحة لمقتل جلون والفرسان، لم يُعقد السوق ثانية. وقُبِض على العظماء الذين تُرِكوا هناك وعلى نحو عشرة آلاف أيضا، وحُبسوا فى الاستاد. وتُركوا هناك بلا طعام حتى أكلوا احذيتهم، وأيضا أكلوا وشربوا فضلاتهم. وأخيرا هاجموا بعضهم بعضا. ولما صاروا هالكين تماما أُطلِق سراح الذين حُبِسُوا فى الاستاد، فساروا فى وسط المدينة كأموات من القبور. وكانت النساء المتضورات جوعا اللواتى كن جحافل هناك، تقبضن على بعض الرجال بحيلة أو بأخرى ويتغلبن عليهم ويذبحونهم ويأكلونهم. وأكلت النساء أكثر من حوالى خمسمائة رجل. وكانت المجاعة فى هذه المدينة عظيمة وفاقت المصيبة التى حدثت للسامرة، وخراب اورشليم الذى سُجِّل فى الكتاب المقدس وفى روايات يوسيفوس([388]).
ولكن فارزمان جاء أخيرا إلى المدينة وعقد اتفاقية مع الفارسيين هناك لأنهم ضعفاء للغاية. وجلس رؤساء الرومان والفارسيون عند بوابة المدينة، بينما كان الفارسيون يخرجون حاملين ما يقدرون بدون تفتيش. وإذا اصطحبهم أحد من المواطنين كانوا يسألونه عما إذا كان يريد أن يبقى أم أن ينصرف مع الفارسيين. وهكذا حدث اخلاء للمدينة.
ولكن، أُعطِيت أحد عشر مائة جنيه من الذهب بواسطة سيلار مدير الخدمات فدية للمدينة من أجل السلام. وعندما حُرّرت المستندات، وأحضروا مسوداتها إلى الملك للتوقيع. قيل للملك فى رؤيا([389]) ألا يصنع سلاما، وعندما استيقظ، مزق الورق، ورحل إلى بلده آخذا معه الذهب.
وظل فارزمان بالمدينة حاكما للسكان والبلد. (والآن، اعفى الملك البلد من الجزية لسبع سنوات) وعامل سكان المدينة بشفقة، ووهب الهبات بكرم لأولئك الذين عادوا من السبى، واستقبلهم بسلام، كل بحسب رتبته، وصارت المدينة فى سلام، وعُمِّرت. وأضيفت المبانى إلى السور. وبناء على مشورة ديث أُرسِل اسقف رحوم إلى المدينة. راهب ومشير اسمه توماس، رجل هادىء وودود. وبالإضافة إلى ذلك حضر بعناية الله إلى هناك صموئيل البار من دير كاثاروى katharoi صانع عجائب ومزيل الشكوك، فدعم هو أيضا المدينة بصلواته وساعد السكان.
الكتاب السابع: الفصل السادس
الفصل السادس من هذا الكتاب السابع، يحدثنا عن مدينة دارا فى ميسوبوطاميا: كيف بُنيت على الحدود الرومانية الفارسية فى ايام انستاسيوس الملك، وتوماس اسقف مدينة آميدا
واشتد غضب انستاسيوس ضد الجنرالات والقواد الرومان الذين التجأوا إلى المدينة الملكية بعد معركتهم مع الفارسيين لأنهم لم ينجحوا حسب ارادته، وبمعونة الرب، فى الحرب وفى إلحاق الهزيمة بالفارسيين، أو طردهم من مدينة آميدا إلا بهبة من الذهب الذى ارسله لهم. أما هم فاحتجوا فى دفاعهم له أنه كان من العسير على الجنرالات منافسة الملك الذى هو بحسب كلام الله، على الرغم من أنه آشورى وعدو، قد أُرسِل من قِبل الرب إلى بلاد الرومان للعقاب على الخطايا([390]). وبالإضافة إلى ذلك كِبر الجيش الذى كان معه، وأنه لم يكن بالأمر الهين لهم اخضاع نصيبين فى غيابه، إذ لم يكن لديهم آلات جاهزة ولا ملجأ يستريحون فيه. لأن الحصون كانت بعيدة للغاية وأصغر من أن تستوعب الجيش ولم يكن بها مورد للمياه ولا خضروات كافية. وتوسلوا إلى الملك لبناء مدينة بأمره إلى جوار الجبل لتكون ملجأً للجيش يستريح فيها، ولإعداد الأسلحة، ولحراسة بلاد العرب من غارات البربر والبدو. واستحسن البعض دارا، وآخرون آموديس. فأرسل عندئذ رسالة إلى توماس اسقف آميدا، وبعث بمهندسين رسموا مخططا. وأحضره معه توماس هذا إلى الملك. ووافق الملك والعظماء معه على ضرورة بناء دارا كمدينة. وكان فلكسيموس فى ذلك الوقت القائد. وكان رجلا نشطا وحكيما غير جشع على الإطلاق بل مستقيما وصديقا للفلاحين والفقراء.
وكان الملك كاواد فى حرب مع تاميورى وأعداء بلاده الآخرين. فأعطى الملك لتوماس الاسقف ذهبا كثمن للقرية التى كانت تخص الكنيسة واشتراها للخزانة. وحرر سائر الأرقاء الذين كانوا فيها. ووهب لكل منهم بيته وأرضه. ومن أجل بناء كنيسة المدينة، قدم مئات عديدة من الجنيهات الذهبية. ووعد بقسم أنه سيُعطى بيد سخية كل ما ينفقه الاسقف مهما كان، وأنه لن يبخس من التزاماته. وأخيرا اصدر مرسوما ملكيا بتفصيل وافى ينص على تنفيذ عمل بناء المدينة طبقا لتوجيهات الاسقف بدون ابطاء، وعلى مكسب وارباح الحرفيين، والعبيد والفلاحين اللازمين لجمع المواد هناك. وأرسل عددا من قاطعى الاحجار والبنائين، وامر بعدم حرمان أى شخص من الأجر الذى يكتسبه. لأنه أدرك بالصواب، وفهم بوضوح أنه بهذه الطريقة ستُشيَّد المدينة بسرعة على الحدود. وعندما شرعوا فى العمل، بمعونة الرب، كان هناك ملاحظون ومحصلون على رأسهم كيروس آدون([391]) ويوتيكيان الكاهن وبافنوت، وسرجيوس ويوحنا الشماس وآخرين من كهنة آميدا. وقام الأسقف نفسه بزيارات شخصية مرارا للموضع. وأُعطِى الذهب بوفرة للحرفيين بدون أى تلكأ، من أجل العمل من كل نوع بالمعدل التالى: مبلغ اربع "كراتن"([392]) فى اليوم لكل عامل، واذا كان معه حمار ثمانية. ومن ثم صار كثيرون أغنياء وأثرياء. ولما انتشر الخبر فى الخارج أن العمل كان أمينا جادَا وأن الأجور تُدفع بأمانة، هرع الحرفيون من الشرق والغرب معا. وتلقى الملاحظون أيضا هبات سخية واكتظت محافظهم، لأنهم وجدوا الرجل([393]) كريما ولطيفا وشفوقا، وأكثر من ذلك صدَّقوا([394]) الملك البار ووعوده التى قطعها. وشُيِّدت المدينة فى سنتين أو ثلاث، وبرزت، كما يمكن أن يُقال، فجأة على الحدود. وعندما سمع كاواد بذلك، وفكر فى ايقاف العمل، لم يكن قادرا. لأن السور كان قد ارتفع وشُيِّد بإرتفاع كافٍ لأن يكون حماية لمن يلتجأ خلفه. وشُيِّد حمام عام كبير، ومخازن فسيحة، وطريق يمر من أسفل الجبل. وفى داخل المدينة شُيِّدت أحواض cistern([395]) هائلة لتجميع المياه. وكان الملك يرسل مرارا أشخاصا إلى الأسقف لتسريع العمل، فكانوا يرجعون إلى الملك بأخبار رائعة، عن عدالته ونزاهته([396]). وكان فى الحقيقة مسرورًا جدا بالرجل، وأرسل ذهبا له بناء على طلبه، ووفىَّ بها بدون تأخير. وأخيرا أُحصِيَت مئات الجنيهات التى أرسلها، وقدَّم عنها الاسقف للملك مستندات مكتوبة متحدثا فى حضرة الله أنها قد أُنفِقَت على العمل، ولم يبق منها فى يده، أو أُعطِىّ للكنيسة [شىء]. فأرسل مرسوما ملكيا يحتوى على ايصال من بيت المال يُثبت أن كل الذهب الذى أُرسِل بأمره قد أُنفِق على بناء المدينة. وكملت دارا، ودُعِيت انستاسيوبولس، على اسم الملك العادل. واقسم بتاجه ألاَّ يُطلب أى حساب من توماس أو من كنيسته، سواء منه أو من أىٍ من خلفائه فى المملكة. وعيَّن هناك وكرّس كأول اسقف، يوتيكيان الكاهن: رجل غيور، واعتاد على صفقات الاعمال، واعطاه امتيازات معينة لبعض حقوق الكنيسة التى اخذها من كنيسة آميدا. وضم إليه يوحنا أحد الجنود الرومان، من آميدا. فحلق يوتيكا شعر رأسه وسامه كاهنا ([397]) ومدبرا لبيت الضيافة. وعندما صعد إلى المدينة الملكية اصطحب معه يوحنا هذا. وعندما قُدِّم للملك، أعطاه منحة لكنيسته. وكان ابرهام بار كيلى من تل ميدى رجلا بارزا فى ذلك الوقت وهو ابن افرايم القسطنطيني وكان هو أيضا ملتصقا بيوتيكيان الاسقف الذى جعله كاهنا. وقد أرسله كملاحظ للعمال ولبناء الحمّام وأخيرا صار خازنا للكنيسة.
وأعطى الملك يوتيكيان هبة: أوانى مقدسة، وذهبا لبناء الكنيسة الكبرى، وصرفه. وبعد أن عاش الاسقف لبعض الوقت، توفى. فخلفه هناك توماس بار عبيديو من رزينا([398]) الذى كان جنديا رومانيا، وعُيّن خازنا لكنيسة آميدا. وكان هو أيضا ساهرا ومختبرا فى الأعمال. وإذ كان يوحنا رجلا عفيفا ومكرَّما، فقد أحبه بصدق. وعندما عُزِل هذا القديس توماس([399]) من كرسيه بسبب غيرته على الإيمان، انضم إليه هذا المؤمن([400]) يوحنا، فعينه أسقفا مساعِدًا suffragan([401]) وعاش نحو سبعة عشر سنة فى المنفى([402])، فى مواضع شتى. وأرسله(يوحنا) إلى بيرية Berroea([403])، حيث توفى فى السنة الثالثة (عندما صعد خوسرون على انطاكية)([404])، إذ كان قد لحق بالرهبان الذين أُخرِجوا من مارد Marde أمام العدو، ودُفِن بدير بيت ثيرى Beth-Thiri، ووُضِع بجوار اسقفه الذى كان قد انتقل إلى ربه موضع الراحة([405]) قبله.
الكتاب السابع: الفصل السابع
الفصل السابع من هذا الكتاب السابع بشأن نفى ماكدونيوس الهرطوقى من المدينة الملكية.
ولم يُزِل ماكدونيوس([406]) الذى كان اسقف القنسطنطينية، الدسائس من قلبه ليُخفى آرائه. ولكنه كمثل ثمرة تفتحت فى أوانها طبقا لقول أيوب([407]) وكما قيل أيضا فى الإنجيل "ليس خفيا إلاَّ ويُستعلَن، وما تقولونه فى المخادع سيُنادى به من فوق الأسطح"([408]). كان هذا الرجل ملتصقا برهبان دير أكيوميتوى Akoimetoi([409]) الذين كانوا نحو ألف راهب، وكانوا يعيشون فى حمامات وملذات جسدانية([410])، ويَظهرون من الخارج مُكرَّمين ومزيّنين بشبه العفة، ولكنهم من الداخل كالقبور المبيضة المملوءة نجاسة. و[هؤلاء] اتفقوا مع فكر ماكدونيوس الذى اعتاد أن يحتفل بذكرى نستوريوس فى كل سنة، واعتادوا أن يحتفلوا معه فى ديرهم والمساكن الرهبانية الأخرى التى كانت تشايع ذات آرائه. وبالتالى كانت لهم حرية كبيرة فى الاتصال بماكدونيوس. وكانوا يقرأون بإستمرار كتابات مدرسة ديودورس([411]) وثيودوريت([412]). وألَّف ماكدونيوس نفسه كتابا به اقتباسات منهما، ومن عمل ثيودوريت بشأن اعمال المجمع (ليس ذلك الذى تُرجِم إلى اللغة السريانية)، وزخرفه بالذهب، وقال أنه من الآباء القديسين، وملافنة الكنيسة"([413]). وعندما أراه للملك لم يقبله، وقال له "أنتَ لست محتاجا إلى تعليم كهذا. اذهب بالأحرى واحرق هذا". وعندما أدرك فكر الملك، دبَّر خطة لإثارة عصيان فِعلى ضده، وكان معتادا على نعته بالهرطوقى والمانوى. وتشيع له بشدة مدير الخدمات لأنه أُرتُشِى بهبات وفيرة. ووصلت التقارير إلى الملك من قِبل بعض الأشخاص الصادقين الذين لا يعرفون كلام التملق. فعقد مجلسا، وفى حضور نبلائه تكلم عن الاهانة التى لحقت به من ماكدونيوس، وكان مغموما وبكى وحلف لهم أنه لم يتأثر خوفا، ولكن إن كان فى الحقيقة لا يسُرهم أو أصيب بخديعة هرطقة ما فليأخذوا السلطان منه وليطرحوه ككافر خارجا. فسقطوا جميعا على وجوههم باكين، وسبوا جسارة ماكدونيوس صائحين ولاعنين اياه وأمروا بنفى الاسقف. ولكى ما يُذَل مدير الخدمات الذى ساعده، أُمر بطرده إلى الواحات. وكذلك باسكاسيوس الشماس الذى كان ملتصقا بماكدونيوس وحبيبه قُبِض عليه (وكتبَ [أى الشماس]، فى حضور الحاكم فى سجل الاعمال، كل افعاله) هو وبعض الرهبان وآخرون ممن سببوا شغبا فى المدينة لمنع عبارة "الله، الذى صُلِب من أجلنا" من أن تُقال هناك، مثلما قُبِلت فى كل الإيبارشيات التابعة لأنطاكية منذ أيام يوستاس Eustace الأسقف([414]).
ولكى ما نبين متى وكيف تمت هذه الأمور، ها أنذا أدون على وجه الدقة، لتهذيب القراء، خطاب سيمون الكاهن وإخوته الرهبان الذين كانوا معه والذين تصادفوا أن جاءوا إلى المدينة الملكية من الشرق فى ذلك الوقت، والذى كتبه إلى الأرشيمندريت([415]) بشأن طرد ماكدونيوس كالتالى:
الكتاب السابع: الفصل الثامن
الفصل الثامن من هذا الكتاب السابع بشأن الرسالة المرسلة من القنسطنطينية بخصوص نفى ماكدونيوس
"إلى الأرشيمندريت والكاهن محب الله، المختار، والفاضل صموئيل والكهنة والشمامسة معا مع كل الإخوة. من سيمون الكاهن بالمدينة الملكية، والإخوة الذين معه. التحية.
بعد أن كتبنا خطابنا السابق لقداستكم بشأن كل ما فعله ماكدونيوس فى دير دلماتيوس ضد الإيمان القويم، أثار الله روح الملك المؤمن فزأر كأسد نحو فريسته، وأرعد سائر فرق أعداء الحق. لأنه قيل "كجدول مياه فى يد البستانى، هكذا قلب الملك فى يد الرب"([416]). لعل ذاك الذى لا يتغاضى عن صلاة مختاريه، والذى لا يُسَّر بأولئك الذين يعبدون الانسان بدلا من الله، يهب هذا الأمر ويقبل الوفاء البار بصلواتكم. آمين. نحن نشهد لك أنه بعدما فعل ماكدونيوس [ما فعله]، فى 20 يوليو، ذلك الذى أرسلنا خبره إلى تقواكم، وحرَم أولئك الذين شجبوا اشخاصَ والمجمع الملعون، كان هناك فى الثانى والعشرين (اليوم السادس من الاسبوع)([417]) احتفال تكريسى فى بكنيسة الشهيد بهبدومون([418]) Hebdomon، وكان الملك حاضرا بنفسه. ولكنه لا هو ولا الملكة قبِلا التقدمة منه، بل على النقيض خاطباه بكلام قاسى. وفى الرابع والعشرين(اليوم الأول من الاسبوع)، دخل رهبان هذا المكان الكنيسة، وتناولوا مع ماكدونيوس. فإغتاظ الملك منهم لدخولهم هناك. وفى اليوم الخامس والعشرين(الثانى من الاسبوع) دخل حفنة من الاخوة الذين انشقوا عن هؤلاء الرهبان([419])، وذهبوا إلى مار باتريك([420]) الجنرال وقدَّموا له طعنا ليرفعه إلى الملك قائلين: نحن نعلن أنه اعتاد الإحتفال بذكرى نستوريوس، واعتاد أن يرسل أوامره إلينا، وأننا أيضا نفعل نفس الشىء بأديرتنا فى كل سنة". وكتبوا أمورا أخرى ضده شاهدين بأن تلك الاعمال التى مثل هذه تحدث فى أديرتهم. وفى ذات اليوم أمر الملك بقطع المياه التى كانت تزود الحمامات عن أديرتهم، وتُرِكت فقط التى يشربونها. وأيضا ألغى الدنانير التى كانت تُصرَف لهم من الخزانة. وفى اليوم السادس والعشرين، دخل أحد السيناتورات ويُدعى رومانوس إلى الملك واعطاه تقريرا عن كل الأمور التى جرت فى دار الاسقف وأخبره أن باسكاسيوس الشماس مع ماكدونيوس كانا أصحاب كل سوء. وقال بالإضافة إلى ذلك "لقد وضعا كتابا كبيرا يحتوى على اقتطافات من كل الهرطقات، وأنه مزحرف بالذهب". فأرسل الملك فى طلبه، وأخذه لنفسه ليرى كل تجاديفه؟.
وفى اليوم السابع والعشرين عقد الملك مجلسا. وعندما دخل النبلاء قال لهم الملك أرأيتم ماذا فعل اليهودى الذى بيننا، لأنه فى حضورى وحضور معاليكم فعل كل ما فعله، فحرم ولعن المجمع وهؤلاء الأشخاص المكرَّمين. ولكى نتجنب متاعب عظيمة قبلنا عمله. فخرج ونقض فى دير دلماتوس كل شىء قد فعله هو. وناقض الحق كله، وكذب على الله أمامى وأمامكم. فهل هذا عدل؟. وفى الحال قال النبيل كلمنتينوس أمامهم جميعا " ليقطع الله نفسه من كهنوته ذاك الذى كذب على الله". وبناء عليه أمر الملك كبير الحكام chief prefect ليخرج إلى المدينة ويُحضِر كل الأرثوذكس الذين جُرِحوا عندما صاحوا "الذى صُلِب من أجلنا" لكى يعلَم [منهم] مَن كانوا المُغِيرون عليهم. فخرج الحاكم العظيم وفعل ما أُمِر به. وأخذ فى الثامن والعشرين أسماء جميع النساطرة الذين كانوا [فى] حياة ماكدونيوس، وأحضرهم إلى الملك، فأمر بالقبض عليهم.
وفى التاسع والعشرين، جمع الملك سائر قواد القوات وكل ضباط حرس القصر الامبرطورى scholarii والنبلاء وقال لهم، طبقا لعادتة المنتظمة، أريد أن أُعطِى منحة. لأنه هكذا كانت عادته أن يهبها مرة كل خمس سنوات منذ أن صار ملكا، وفى نفس الوقت يطلب من سائر الرومان أن يُقسِموا بألاَّ يدبروا أية مكيدة ضد المملكة. ولكنه فى هذه المرة طلب منهم أن يحلفوا على النحو التالى، وقد وُضعِت أمامهم نسخة من الانجيل. ودخلوا وحصل كل منهم على الدنانير وأقسموا كالتالى: "نقسِم بشريعة الله هذه، وبالكلام المكتوب فيها أن ندافع بكل قوانا عن الايمان الحق وعن المملكة وألا ندبر أية خيانة سواء ضد الحق أو ضد الملك". لقد طلب منهم، فى الحقيقة، ذلك القسم بهذا المنوال لأنه سمع أن ماكدونيوس كان يحاول إثارة العصيان ضده.
وفى الثلاثين من يوليو أعطى الملك منحة لكل الجيش. وفى نفس اليوم، الكهنة والشمامسة الذين انفصلوا من كهنوته لئلا يندرجوا ضمن شره، قدَّموا طعنا ضد ماكدونيوس إلى الملك يتهمونه فيه بالإضافة إلى كل شروره الأخرى، بأنه يُلقب جلالته باليوتيخى والمانوى.
وفى الواحد والثلاثين من يوليو(اليوم الأول من الاسبوع) دخلو إلى حضرة الملك بخوف عظيم ووجدوه ممتلئا سخطا وحنقا. وبعد أن انتظروا وقتا طويلا، وكان كل واحد يشاهد فى خوف ليرى أية أوامر ستصدر منه. بدأ يفتح فمه ويتكلم هكذا: ألا تعرفون أننى منذ طفولتى قد نشأت على الايمان. هل رآنى أحد منكم قط أحيد عن الحق؟. فقالوا، حاشا لنا يا سيد. وفى الحال استطرد لهم، إن ماكدونيوس يدعوننى مانويا وأوطاخيا. وهوذا أنا امام الله ديان الكل، أقدّم دفاعى مُثبتا أننى لم اتمسك، ولا أتمسك، بأى رأى غريب عن ايمان الآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، واننى لأعترف بأن أحد اقانيم الثالوث، الله الكلمة، قد نزل من السماء وتجسد من مريم الثيوتوكس والدائمة البتولية، وأنه صُلِب عنا، وتألم ومات ثم قام ثانية فى اليوم الثالث طبقا لإرادته وأنه ديان الأحياء والأموات. اننى استحلفكم بالثالوث القدوس، أنكم إن عرفتم أى شىء آخر عنى، أو إن كنتم غير مقتنعين بصدق ما قد قلته، خذوا هذا الثوب واخلعوا التاج عنى واحرقوهما فى وسط المدينة. وعندما قال هذا كان هناك بكاء عظيم. وانطرح سائر النبلاء أمامه وقال الجنرال باتريك: الله لن يغفر، ولا قوانين الكنيسة الرحيمة، ولا جلالتكم لمن فعل ذلك. فقال الملك: اذن، فليكن غريبا عنى كل من اشترك مع ماكدونيوس أو شايعه. وبينما هم واقفون أمامه، تكلم ضد مدير الخدمات قائلا" إن الكرامة والثراء الذى أعطانا الله إياه لم يكن كافيا، حتى نحتاج إلى رشوة فى مسألة تتعلق بحياة سائر البشر ونخسر حياتنا الخاصة؟. وبينما هو يتكلم نظر إلى مدير الخدمات، الذى فعل شرورا كثيرة ضد المؤمنين لكن الله الذى هو ديان الاحياء والاموات، جازاه بحسب اعماله. وفى نفس اليوم وضع الملك حرسا من الرومان على بوابات المدينة لئلا يدخل أحد من الرهبان([421]).
وفى أول أغسطس قُبِض على باسكاسيوس الشماس وأُدخِل إلى الحاكم، وأقر بكل شىء قد فعله فى دار الاسقفية قائلا أن ماكدونيوس كان يحاول إثارة العصيان ضد الملك. وفى اليوم التالى قُبِض على بعض النساطرة وأكدوا أن لديهم بعض الكتب المزورة عن هذه الهرطقة. فأحضروها إلى الحاكم، إلى البريتوريوم، فآراها للملك والسينات.
وفى اليوم السادس من الشهر، كان هناك مجلس عام. وحضر أمامه الأرثوذكس والنساطرة الذين تعهدوا بالدفاع عن ماكدونيوس. فوجدوا أن الملك قد وقف عندما دخل بعض الاساقفة من حزبنا. وقال الملك لإكليروس ماكدونيوس "لماذا أتيتم؟. فأجابوا: إن أمرت جلالتكم، فإن عبدك سيأتى إلى معاليكم". فقال دعوه يذهب إلى مَن أعلن له شروره والذى أطاعه. لأنه فى ذات مرة كان له كتاب مزخرف وأكد أنه مأخوذ من الآباء وأنهم علَّموا بطبيعتين بعد([422]) التجسد. فقلتُ له: لستَ محتاجا إليه، اذهب واحرقه. وقال للإكليروس "ما هما الطبيعتان؟. [وما هو] مجمع خلقيدون الذى قلَبه الله من اساساته؟. إنكم يهود ملعونون. إننى اعلن لكم أنه ليس هناك انسان واحد يخاف الله بينكم يحزن لِما حدث فى كنيسته. فخرجوا من حضرته بكل خوف وغم. وكان الأرثوذكس يمدحونه بصوت عالٍ. وعندما عاد الاكليروس إلى ماكدونيوس قالوا له: |سيد العالم قد حرَم فى حضور السينات، مجمع خلقيدون وكل واحد يقول بالطبيعتين". فأجابهم: وأنا بدورى احرم كل من لا يقبل المجمع ويقول بالطبيعتيَن ([423]). فصاح رئيس شمامسته: حاشا لنا اذن أن تكون لنا أية شركة معك.
وفى اليوم الأول من الاسبوع، الذى كان السابع من الشهر، جاء المؤمنون ودخلوا الكنيسة. وامتلأت من أقصاها إلى أقصاها. وعندما قٌرِأت فقرة من الرسول، بدأ كل الشعب يصيح معا "لا ندع ذاك الذى طُرِد من الثالوث، يدخل الكنيسة. ذاك الذى جدَّف ضد ابن الله لا يدخل إلى هنا. لا أحد يريد الاسقف اليهودى. وحيث ذهب نستوريوس فليذهب تلاميذه أيضا. يحيا الملك قنسطنطين الثانى مثبّت الايمان والانجيل، على العرش".
وفى هذه اللحظة أخذ الاكليروس الانجيل ووضعوه على العرش([424]). وعندما رأى الاكليروس كل شعب الكنيسة يصيحون معا، اظهروا هم أيضا ذواتهم وصاحوا قائلين وهم يهزون بطرشيلاتهم([425])، أيها الملك الظافر انتصر لكنيستنا.
وبمجرد أن كفوا، ألقى عليهم الحاكم الكلمة التالية: نحن نقبل غيرتكم ومسرتكم من أجل الحق، وهكذا سيد العالم، كما تعرفون، غيور على حفظ الارثوذكسية وسلام سائر الكنائس. وسوف ننقل إلى مسامعه صيحاتكم من أجل الايمان القويم.
وعندئذ نادى الشماس([426]) لم يذكر اسمه([427])، ولم يُقرأ فى الدبتيخا، وأُحتفِل بالسرائر([428]). و[هكذا] كما أراد الرب، طُرِد بأمر الملك، وصدر مرسوم بنفيه. ومن أجل إذلال مدير الخدمات، أرسله([429]) [لتنفيذ] نفيه. فوجده جالسا فى الكنيسة حيث هرب، ورأسه بين ركبتيه، فقال له "سيد العالم أرسل مرسوما بنفيك. فساله: إلى أين؟. فأجابه إلى حيث ذهب رفيقك([430]). فتشفع من أجله خدم الكنيسة قائلين: نتوسل إلى سيادتكم أن تشفق على شيخوخته، ولا تدعه يرحل نهارا لئلا يضربه شعب المدينة ويرجمونه، بل دعه يذهب ليلا. وعندما اقسموا له أنهم سيتحفظون عليه، انصرف عندئذ (مدير الخدمات) أيضا بعد أن ترك قوة معاونة معهم. فقالوا له لقد أمر الملك أن تُسلِّم كتاب المجمع الذى معك. فأجاب لن أسلمه. ولكنه إذ أُجبِر فعل ذلك: وضعه على المائدة، فتناوله الاكليروس وأعطوه لكبير الضباط، فأخذه وأحضره إلى الملك.
وفى اليوم السابع من الشهر وصل مدير الخدمات بقوة عسكرية وطرده وسلمه لأولئك المعينين لنقله([431]). وكان جميع الأرثوذكس فى خوف عظيم.
والآن، لقد أعلمنا قدسكم ياسيدى، فى الحقيقة، بكل ما قد جرى. وسنخبركم فيما بعد بما يفعله الرب. صلى من أجلنا يا مختار الله".
وقد برهن لنا الدفاع السابق للملك على أن اخسونيو الملفن المؤمن، اسقف هيرابوليس([432])، الذى كان رجلا غيورا، عندما علِم أن ماكدونيوس مهرطق، أرسل تقريرا مكتوبا بالإيمان الحقيقى إلى الملك (كما قد فعل أيضا فى أيام زينو) وقُرِأ أمام السينات. وأوضح أن تلك الآراء التى تتعارض معه([433]) مأخوذة من مدرسة ديودورس وتيودور ونستوريوس تلميذهما الذى خُلِع، ومن ثيودوريت وهيبو([434]) وأندرو ويوحنا واثيرك الرجال الذين أنشأوا مجمع خلقيدون وقبلوا الطوم، وشقوا وحدة الله الكلمة الذى تجسد قاسمين إياه إلى طبيعتين بخواصهما، بواسطة ما قد علَّموه بشأن المسيح بعد تجسده. وفى نفس الوقت حث (اخسونيو) الملك قائلا أنه من الصواب أن يُحرَموا جهرا من قِبل المفتخرين بأرثوذكسيتهم، والمتفقين فى الايمان مع جلالتكم. وعندما طُلِب من ماكدونيوس عمل ذلك، حرمهم تحت الإكراه. لكنه اعتاد بعد ذلك أن يحتفل سرا بذكراهم فى دير دلماتيوس، كما قد كتبتُ عاليه."
[نهاية خطاب سيمون الكاهن، الراهب الشرقى، إلى رئيس رهبنته]([435])
الكتاب السابع: الفصل التاسع
الفصل التاسع من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن تيموثاوس خليفة ماكدونيوس، وكيف أُضِيفت "الذى صُلِب عنا" فى أيام انستاسيوس، فى المدينة الملكية.
وصار تيموثاوس اسقفا للقسطنطينية بعد ماكدونيوس، وكان رجلا مؤمنا تطابقت أعماله مع اسمه، الذى يعنى "تكريم الله"([436]). وفى أيامه كان هناك شخص [اسمه] مارينوس من آباميا، رجل ماهر، وحكيم، ومتعلم. وكان أكثر من ذلك ذا ايمان حقيقى، وصديقا وموضع ثقة الملك والمحاسبين([437]). وعندما كان يسير فى الطريق، أو يجلس فى أى مكان، كان يكلف سكرتاريته أن يدونوا بإختصار كل ما يفكر فيه. وفى الليل أيضا كان هناك قلم وحبر معلق بجوار سريره، ومصباح موقد إلى جوار وسادته لكى يستطيع تدوين أفكاره على درج. وفى النهار كان يُخبر بها الملك، ويشير عليه بما يجب أن يفعله. وبناء عليه، بما أنه كان من منطقة انطاكية، فإنه كان متحمسا للغاية، منذ أيام يوستاس الاسقف، لأن يكون أول من يذيع "الذى صُلِب من أجلنا". وأيضا حث الملك انستاسيوس، بحماس وأشار عليه أن يفعل نفس الشىء. وعندما سمع بعض الهراطقة عن غيرته، ذهبوا معا وقالوا له : أترغب وتحث الناس على الأرض أن يتجاوزا تسبحة الحمد المقدسة التى تقدمها الملائكة للثالوث قائلين "قدوس، قدوس، قدوس، أيها الرب القدير. السماء والأرض مملوءتان من تسبحيك"([438]). وفى الحال، وضع الله الكلمة نفسه، الذى صُلِب بالجسد من أجلنا نحن البشر، دفاعا على فمه على النحو التالى: حقا، يُقدِّم الملائكة تسبحة الحمد التى تحتوى على اعترافهم بالثالوث المعبود والمساوى، دون أن يُذيعوا، بالصواب، أنه صُلب عنهم. ولكننا نحن من ناحية أخرى، فى تسبحة الحمد التى تحتوى على اعترافنا نقول، بالصواب، أنه قد صُلِب عنا نحن البشر، لأنه تجسد منا، ولم يتدثر بطبيعة الملائكة. وبهذا أبكمهم، وأعلم الملك الذى أمر بناء على ذلك أن تُعلَن كلمات "الذى صُلِب عنا" فى المدينة الملكية كما فى انطاكية. وفى نفس الوقت، حدثت آية عجيبة تُثبِت للحكماء أن المسيح الذى صُلِب بالجسد فى أورشليم كان هو الله [الكلمة]، وهى كسوف الشمس الذى حدث فى تلك الأيام ونتج عنه ظلمة من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة.
الكتاب السابع: الفصل العاشر
الفصل العاشر من هذا الكتاب السابع يعطينا معلومات عن المجمع الذى عُقِد فى صيدون فى السنة الخامسة، أى السنة الثمانيمائة وثلاثة وعشرون لليونان، والخمسمائة وستون للأنطاكيين.
كان اخسونيو رجلا متعلما، وملفنا سوريا، غيورا على الإيمان، واسقفا لهيرابوليس([439]). هذا ارسل فى أيام زينو تقريرا مكتوبا عن الإيمان وسأله بعض الأسئلة عن ايمانه، وتلقى ردا. ولكن، كانت له بعض الشكوك نحو فلافيان فى أنه هرطوقى. فأرسل خطابا ورسلا إلى الملك انستاسيوس يلتمسون منه عقد مجمع فى صيدون فأصدر الملك الأمر. وانعقد المجمع فى السنة الخمسمائة وستين([440]) من العهد العصر الأنطاكى([441]). وحث رهبان الشرق المؤمنين والغيورين، وقزماس وهو رجل متعلم من دير مار أكيبا فى كاليكس([442])، الذى كان يقيم فى أنطاكيا. فحرَّروا طلبا وقدموه إلى فلافيان والى مجمع الاساقفة الذين كانوا معه فى صيدون. وكتبوا بأسلوب منطقى ومقتدر قائمة اتهامات من سبعة وسبعين رأسا([443]) واقتباسات كثيرة من المعلمين القديسين، التى تعزز الاتهام ضد مجمع خلقيدون وطوم ليو. وقدّموا ذلك أيضا للمجمع فى نفس الوقت مناشدين وحاثين القسوس للقيام بالإصلاح وازالة الأحجار المُعثرة من طريق الكنيسة وتطهيرها وذلك بحرم صريح للمجمع. ولكن فلافيان رئيس الكهنة وبعض القسوس الذين كانوا معه أرجأوا الأمر قائلين"نحن قانعون بوثيقة تحرم مدرسة ثيودور وانتقادات اشخاص معينين لرؤوس كيرلس الاثنى عشر، ونستوريوس لئلا نثير التنين النائم ويُفسِد كثيرين بسمه"، وهكذا انفض المجمع.
ولكن اخسونيو فى غيرته حثّ الرهبان ثانية. فصعدوا إلى انستاسيوس وأعلموه بما حدث فى المجمع وما يخص فلافيان وأنه هرطوقى. وعندما استلموا أمرا بخلعه وعادوا إلى الشرق، اجتمعوا فى انطاكية ضده. وجُرِح البعض، وقُتِل الآخر، ومع ذلك خُلِع فلافيان من كرسيه. وكان خليفته ساويرس ([444]) رجل متعلم، وراهب مختبر من دير "ثيودور المحامى السابق"([445]) بغزة الذى كان مندوبا للأسقف apokrisiarios([446]) بالمدينة الملكية، وكان صديقا ومحل ثقة بروبس([447]) وأنسبائه. وكان هذا الرجل قد كتب سابقا "محب الحق" philolethes والذى حل أيضا المسائل الصعبة فى "الطبيعتين diphysites. وكان جاهزا فى المنازعات مع الهراطقة([448]). وكان معروفا جيدا للملك بواسطة بروبس، فعُيّن رئيسا لكهنة أنطاكيا. وبعد ذلك عندما كان هناك مجمع قى صور انضم إلى اخسونيو وإلى كهنة منطقته وإلى أولئك الذين من فينيقة ليبانى، والعربية والفرات وميسوبوطاميا، فى تفسير "الهينوتيكون" الذى لزينو، مُظهرين أن أثره هو نسخ مجمع خلقيدون. وحرم الاساقفة فى مجمع صور طوم ليو ومجمع خلقيدون صراحة. وكتبوا إلى يوحنا الأسكندري والى تيموثاوس [اسقف] المدينة الملكية، وتلقوا ردودا منهما ومن ايليا الأورشليمى الذى خُلِع فى النهاية، وخلفه يوحنا. وقد ألف سرجيوس النحوى بعد ذلك بقليل كتابا ضد المجمع وأعطاه لرهبان من فلسطين كانوا من نفس طريقة تفكيره. وعندما سمع ساويرس هذا عنه كتب دحضا له مسهبا للغاية بإقتباسات وبراهين من معلمى الكنيسة الحقيقيين وأكد عقيدته فى ثلاث مجلدات بعنوان "ضد النحوى". ولكن المقالات الأخرى لساويرس هذا، وتعليقاته، وعظاته وعمله "ضد جوليان" الخيالى، ورسالته العقائدية الرائعة [كلها] تقدم نفعا عظيما وتهذيبا لمحبى العقيدة.
الكتاب السابع: الفصل الحادى عشر
الفصل الحادى عشر من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن العريضة التى قدمها رهبان الشرق للمجمع الذى انعقد فى صيدون فى أيام الاساقفة فلافيان واخسونيو، فى السنة 560 للتقويم الانطاكى.
"قبل كل شىء نشكر المسيح الذى هو إله فوق الجميع. وكذلك نشكر ملكنا الرحوم محب المسيح الذى حثكم على الغيرة من أجل الدين، ودعا مجمعكم المقدس إلى الاجتماع فى مكان واحد بإسم ابن الله المسيح الواحد الوحيد، لكى به تُحضِرون جميع الناس معا إلى الايمان الواحد الذى سلموه لنا فى الكتاب المقدس وحافظ عليه الآباء دوما بثبات بفكر واحد متحدين ومتفقين معا كرجل صالح واحد([449]) وتعليم جميع الناس بالعقيدة الالهية بواسطة الروح القدس الذى تكلم بواسطتهم. لأن ربنا حسبكم أهلا واختاركم فى هذا الوقت من أجل وحدة كنائسه المقدسة، وليس لكى تضعوا ايمانا جديدا لهم لأن التعريف المكتوب والذى وضعه الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا الذين اجتمعوا فى نيقية كاف لتأكيد الأسفار المقدسة، ولكن لكى تعززوا([450]) الايمان الموجود دائما، والذى فكّر أشخاص كثيرون بتهور فى تدميره، متكلمين ليس بفم الله كما يقول النبى([451])، ولكن من بطونهم. وبحيلهم الشريرة قد شقوا الواحد عن الآخر، أولئك الذين ببساطة قلوبهم حافظوا على تقليد الآباء القديسين، وكانوا متحدين معا فى الايمان الحقيقى. لأن المسيح، أيها الرجال القديسون، هو الذى قُسِّم منهم. ولذلك طالما هو قد أُنكِر فليس من الممكن للكنيسة أبدا أن تأتى إلى أى اتفاق، وقد انشقت من قِبل أولئك الأشخاص بإبتداعاتهم لكلام مختلف. لأنه مكتوب أى مملكة تنقسم على ذاتها لا تثبت([452]). وأيضا إذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا، فاحذروا أن يفنى بعضكم بعضا([453]). ولما كنا إذن جسد واحد فى المسيح، وأعضاء من أعضائه، طبقا لقول الرسول([454])، فإننا نقترب لقدسكم كرعاة، وبكل ثقة، ملتمسين منكم المحافظة على الايمان الحقيقى للعالم كله بدون تلوث، كالحمامة الجميلة التى تكلم عنها نشيد الأناشيد، وأن تفصلوه عن سائر الهرطقات التى لها مظهر الديانة من الخارج، وأن تلبثوا حوله مثل ملكات وخصيان وجوارى، وأن تهتموا بالترابط وأن تكونوا واحدا معه وبه، وأن تقبلوه كحقيقى. وبعملكم هذا تنالون المجازاة وتسمعون الرب قائلا مَن يعترف بى أمام الناس، اعترف به أمام ابى الذى فى السماء"([455]). افصلوا([456]) اذن، كخُدَّام للكلام الالهى، بين النقى والفاسد كما يقول [الكتاب]([457]) واطرحوا أولئك الذين يخلطون الرفش بالحنطة النقية وتعاليمهم الشريرة معهم. لأنه يقول "اعزلوا فاعلى الشر" من اجتماعاتكم، فتكون الغلبة لها.
والآن، على الرغم من أن ما قيل جلى ومعلوم جيدا فإنه كان من الضرورى الشرح عاليه واثباته بجلاء لكى إذا ما اتفق الآباء القديسون على الايمان الحقيقى الواحد، يربطون جميع الناس بوثاق واحد. ولكن الهراطقة قد خلطوا المشاحنات غير الناموسية بكلام الآباء القديسين، وأرفقوها بحجج شقاقية وفصلوا الكنائس المقدسة، الذين وبخهم النبى قائلا "حافظوا الحانة خلطوا النبيذ بالماء"([458]).
وهكذا تمضى العريضة وبها اقتباسات كثيرة من الآباء تبرهن على الانتقادات السبعة والسبعين لمجمع خلقيدون.
الكتاب السابع: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر من هذا الكتاب السابع يحدثنا عن مجمع صور، الذى انعقد فى أيام الملافنة أخسونيو وساويرس، والاساقفة الذين معهما، والذى حرم صراحة وجهرا المجع وطوم ليو.
وكان ساويرس الذى خلف فلافيان فى انطاكية رجلا متعلما قرأ حكمة اليونان، وكان ناسكا وراهبا مختبرا، وأيضا غيورا على الايمان الحقيقى ومتضلعا فيه وكان قد قرأ الأسفار المقدسة بفهم، وتفاسير المؤلفين القدماء الذين كانوا تلاميذا للرسل، اعنى هيروثيوس وديونيسيوس وتيتوس، وأيضا تيموثاوس، ومن بعدهم اغناطيوس وكليمنضس وايرينيؤس، وبالمثل كتابات غريغوريوس وباسيليوس واثناسيوس ويوليوس ورؤساء الكهنة الآخرين، والمعلمين الحقيقيين للكنيسة المقدسة. وكمثل "كاتب متعلم فى ملكوت السماوات يُخرج من كنزه جددا وعتقا"([459])، هكذا هو أيضا قد درس بعمق التواريخ الكثيرة، وكانت تُشاهَد بجلاء متجذرة فى فكره.
وأيضا كان اخنوسيو ملفنا سوريا، وقد درس بإجتهاد الأعمال الموجودة بتلك اللغة. وبالإضافة إلى هذه، كان ملما جيدا بتعاليم مدرسة ديودورس وثيودورا وآخرين. ولكن بالرغم من ذلك - كما تبرهن أعماله للحكيم - كان هذا الرجل الغيور والمسن مؤمنا بالحقيقة.
هذان الرجلان أعطيا للملك انستاسيوس بيانا جليا ووافيا [بمقتضاه] رذل مجمع خلقيدون من كل قلبه، وأمر أن يُعقَد مجمع من الشرقيين بغرض اجراء الإصلاحات اللازمة، وأن يجتمعوا فى صور. فإجتمع أساقفة مناطق انطاكية وآباميا والفرات واورسين وميسوبوطاميا والعربية وفينيقية ليبانى.
وأوضحوا بجلاء الايمان الحقيقى. وشرح (أى ساويرس) هينوتيكون زينو بأنه يعنى إبطال اعمال خلقيدون. وأنه حرم بوضوح الإضافة التى أُجرِيَت على الإيمان. وأعلن الأساقفة فى المجمع المنعقد، إلى جانب ساويرس وأخسونيو المؤمنين والملافنة الغيورين الذين وقفوا معهم، الايمان الصحيح. وحرروا رسائل الاتفاق إلى كل من يوحنا الاسكندرى، وتيموثاوس اسقف المدينة الملكية، وأيضا ايليا الاورشليمى الذى وافق عليه فى ذلك الوقت، على الرغم من أنه قد عُزِل بعد ذلك بوقت قصير، وخلفه يوحنا. وبالنتيجة اتحد الكهنة ثانية فى الايمان الواحد، فيما عدا كرسى روما (وسبب هذا الاستثناء) هو أن اليمارك Alimeric كان ضد القيصر هناك وتمرد على انستاسيوس فى الاقليم الغربى، واستولى على المُلك فى روما. وكان رجلا محبا للحرب، وقدَّم فى أيامه خدمات كثيرة لشعب ايطاليا بأن خلصهم من البرابرة والقوط. كما أسبغ أيضا هبات كثيرة على مدينته، روما، فشيَّد المبانى ووهب الامتيازات. ومع ذلك، كان دايوفيزيت إذ تحول من هرطقة آريوس. ونتيجة لذلك لم يكن بإستطاعة سيماخوس وخلفه هورميسدا، رؤساء كهنة روما أن يوافقوا من جانبهم، على ما عُمِل فى الشرق. والأشخاص الغيورون يمكنهم أن معرفة المعلومات المتعلقة بهذه الأمور من الرسالة التى كتبها اخسونيو بعد نفيه.
الكتاب السابع: الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن وفاة الملكة اريادن، وظهور الطاغية فيتاليان فى المشهد، وأسره لهيباتيوس.
وتحالفت الملكة اريادن Ariadne زوجة زينو مع انستاسيوس هذا بعد وفاة زوجها وجعلته ملكا. وقد تولت المُلك لسنوات عديدة نحو أربعين سنة فى أثناء زواجها الأول والثانى، وماتت فى السنة الثمانيمائة واربعة وعشرين لليونان([460]). واستمر زوجها محافظا على الحق المقدس، على الرغم من تقدمه فى السنوات، وكان منشغلا بشؤون مملكته. وكان قلقا ومضطربا بسبب فيتاليان Vitalian القوطى الذى كان جنرالا شجاعا محبا للحرب وجسورا ماكرا فى المعارك. والتصقت بهذا الرجل شعوب كثيرة متوحشة، واعطاهم ذهبا بيد سخية إلى جانب أنهم أثروا انفسهم بالاسلاب التى اخذوها من مملكة انستاسيوس. وعندما كان فى سلام لزمن طويل، نقض فيتاليان كلامه وتمرد واعتدى على الممالك الرومانية. وكبس على المملكة وتعامل معها كمنافس وتقدَّم بغرور إلى ضواحى القنسطنطينية ذاتها بلا اى خوف. فأُرسِلت ضده جحافل على رأسها هيباتيوس، ذات مرة من انستاسيوس فهزمها وأَسِر هيباتيوس، وعامله بقسوة شديدة، بل لكى يُذله حبسه فى حظيرة خنازير. وفى مرة أخرى عرَّضه لخزى عام حاملا إياه بين الجيش بأقصى اسلوب إذلال، لأن هيباتيوس كان قد أخذ ذات مرة زوجة فيتاليان أسيرة وعاملها بإذلال. ومن ثم كان إذلال فيتاليان له شديدا للغاية. لأن هيباتيوس كان فى شبابه غير التقى جسدانيا وشهوانيا للنساء. وأخيرا أُفتُدِى بمبلغ كبير من الذهب أُرسِل من أجله، وعاد من أسر فيتاليان وقد امتلك حكمة ناتجة عن القصاص.
الكتاب السابع: الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر من الكتاب السابع يخبرنا عن وفاة تيموثاوس، وعن يوحنا خلفه. وعن الشياطين التى حلت ببعض الناس اثناء الاحتفال فى اورشليم.
وبعد أن عاش تيموثاوس ست أو سبع سنوات توفى فى السنة الحادية عشر([461])، وخلفه يوحنا. وفى السنة التى توفى فيها انستاسيوس الملك كان هناك بعض المصريين والاسكندريين ورجال من وراء الأردن وأدوم وعرب جاءوا للإحتفال بتكريس الصليب الذى يجرى فى الرابع عشر من سبتمبر، فاستولت الشياطين على كثيرين منهم ونبحت ثم كفت وخرجت. فسبَّب ذلك قلقا وحيرة لكثيرين من الفهماء الذين لم يفهموا، مع ذلك، السبب بدقة. إلى أن حدثت الواقعة، ودلَّت على المشاحنات الخاصة بالإيمان والمعاثر الناتجة عنها بعد ذلك. وهذا أظهره الله مسبقا لكى ما نحترز من التجربة، ونُختبَر بها، وبإحتمالنا لها ودوامنا فى الايمان نفرح كما يقول الرسول "احسبوه كل فرح يا اخوتى عندما تقعون فى تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان ايمانكم يُنشىء صبرا، وأما الصبر فليكن له عمل تام لكى ما تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين"([462]).
وتوفى انستاسيوس فى اليوم التاسع من يوليو، وخلفه يوستين الذى نزل بجيش فى صحبة الجنرالات فى وقت مجىء كاواد ملك الفارسيين إلى آميدا. وكان عجوزا وقورا بشعر أبيض، ولكنه غير متعلم، وقد شارك شعب روما فى آرائهم بخصوص الايمان لأنه كان ينتمى إلى تلك الايبارشية إذ كان من المعسكر الذى يُدعى موريانا، وماءه ردىء ويتحول إلى [لون] الدم عندما يغلى.
وفى هذا الكتاب، فترة سبعة وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف مدة حياة انستاسيوس .
الكتاب السابع: الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر من الكتاب السابع عن رؤساء الكهنة فى فترة انستاسيوس.
وفيما يلى رؤساء الكهنة فى فترة انستاسيوس. من الدايوفزيت([463]):
فى روما: فيلكس، وسيماخوس خليفته، وهورميسدا الذى ما زال حيا.
فى الأسكندرية: المؤمنون([464]). اثناسيوس([465])، ويوحنا خليفته، وأيضا يوحنا آخر([466]) وديوسقورس([467]) الذى يشغل الكرسى الآن.
فى أنطاكيا: فلافيان الذى عُزل، وساويرس المؤمن([468]).
فى القنسطنطينية: يوفيميوس ومقدونيوس الذى عُزِل، وتيموثاوس المؤمن، ويوحنا خليفته الذى قبِل المجمع فى بداية عهد يوستين ومات بعد ذلك بوقت قصير. فخلفه ابيفانيوس.
وفى أورشليم: سالوست وايليا خليفته الذى عُزل، ويوحنا الذى قبِل المجمع فى أيام يوستين، وبطرس خليفته.
الـكـتـاب الـثـامـن
يُقدم الكتاب الثامن فى فصوله الواردة أدناه معلومات عن اعتلاء يوستين للعرش فى الفصل الأول، وعن آمانتيوس العمدة الذى قُتِل فى القصر، وعن ثيوكريتس بلدياته والحاجب اندرو. وفى الفصل الثانى، مقتل الطاغية فيتاليان فى القصر، هو وبولس مسجله وسيلار بلدياته. ويخبرنا الفصل الثالث عن قصة الشهداء الذين قُتِلوا فى نجران بواسطة الطاغية اليهودى فى المدينة الملكية لأرض الحموريين. وفى الفصل الرابع يصف الفيضان الذى وصل إلى اديسا وكيف توقفت مياهه عند شيلو بأورشليم. وكيف قُلِبت انطاكيا بزلزال، ومعبد سليمان الذى احترق فى هليوبولس([469]). وفى الفصل الخامس وصف للمفاوضات التى أُجرِيَت على الحدود، والمنذر ملك البدو الذين غزوا المقاطعات الرومانية، وعن الاساقفة الذين نُفِيُوا. والفصل السادس، يُسجّل رؤساء الكهنة فى أيام الملك يوستنيان هذا. والفصل السابع بشأن استهلال مورو الاسقف.
الكتاب الثامن: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الثامن بشأن اعتلاء يوستين.
فى السنة الثمانيمائة والتسعة وعشرين بحساب اليونان([470])، فى العاشر من يوليو عندما اوشكت السنة الحادية عشر على الانقضاء بالفعل، صار يوستين ملكا عقب وفاة انستاسيوس. وكان رجلا وقورا فى مظهره، عجوزا بشعر أبيض، [يُدعَى] مارينوس، الذى من آباميا. كان أميا ورجلا مقتدرًا، و cura palati([471]). وكان ، قد رسمه فى الحمامات العامة، وكيف أتى من حصن موريانا فى ايلليركوم إلى القنسطنطينية، وتقدم خطوة خطوة حتى صار ملكا. وعندما أُتهِم هذا على هذا الاساس وصار فى خطر، استخدم دهائه ورد قائلا "لقد رُسِمَت هذه الأمور فى صور للفت انتباه وأذهان المتميزين لكى يتعلم الأثرياء والعظماء والعائلات العليا ألا يتكلوا على قوتهم وثرائهم وعظمة عائلاتهم النبيلة، ولكن على الله الذى يرفع الفقير من المزبلة ويجعله رئيسا فوق الشعب وفوق الرؤساء فى مملكة البشر التى يُعطيها لمن يشاء. ويجعل الأدنياء بين البشر فوقها، ويختار الوضيعين بالمولد فى العالم، والناس المرذولين، والذين لا شىء لكى ما يُبطل الناس الذين هم [فوق]". فقُبِل ونجى ونجَا من الخطر.
وكان امانتيوس أمين السر، هو واندرو الحاجب رفيقه مشايعين ومعجبين بثيوكريتس بلدياتهم. وبعد موت انستاسيوس أعطيا مبلغا من الذهب لهذا العجوز يوستين، بغرض تقديم هبات للاسكولاريان والجنود الآخرين، ليجعلوا ثيوكريتس ملكا. ولكن عندما أعطى الذهب لهؤلاء الرجال اكتسب عطفهم وجعلوه ملكا لأن الرب أراد ذلك. ولأنه كان يشارك الرومان فى آرائهم، فقد أعطى تعليمات صارمة، بنشر المجمع وطوم ليو. وقد حاول امنتيوس هذا منعه قائلا "إن توقيع البطاركة الثلاث واساقفة المملكة البارزين، الذين كتبوا وحرموا المجمع لم يجف بعد". فأُعدِم فى الحال لأنه تكلم بحرية، ومعه ثيوكريتس بلدياته واندرو الحاجب.
وتوفى يوحنا اسقف المدينة عقب ذلك بسنة، وخلفه ابيفانيوس. وكان ساويرس قد انسحب من انطاكيا خوفا من تهديد الملك بأن يقطع لسانه، وخلفه بولس الذى يُدعى "اليهودى"، لأنه كان يحتفل بذكرى نستوريوس، ثم طُرِد وخلفه يوفراسيوس الذى احترق فى مرجل متوهج بشمع عطرى خلال زلزال انطاكية.
الكتاب الثامن: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب الثامن، يتناول فيتاليان الطاغية، وكيف قُتِل فى القصر هو وبولس موثقه وسيلار بلدياته.
كان فيتاليان الطاغية جنرالا فى أيام انستاسيوس، ومحاربا مِقداما، وكان من القوط. وقد تبعه البرابرة. وقيل عنه أنه أراد اعلان العصيان ضد انستاسيوس الذى انتزع قسَما منه ولكنه لم يف به، وعصى وحرض القبائل البربرية على أن يتبعوه، ويهاجموا مقاطعات انستاسيوس ويستولوا على المدن وقراها. وزحف إلى المدينة الملكية وحاصرها وضايق الملك بطرق عدة، وسبب له قلقا لأنه أسر هيباتيوس الذى خرج لملاقاته وبدّد جيشه، وحمله معه وعامله بقسوة واهانة، وعرَّضه للهزء. وأطلقه نظير مبلغ كبير من الذهب من أجله. وعندما مات انستاسيوس كتب إليه يوستين العجوز يتوسل إليه لكى لا يتصرف ثانية بعدم عدل وعصيان فى أيامه، كما كان معتادا من قبل. وتبعته عندئذ القبائل العديدة، وجاء اليه القوط بأمانة، وخرج الملك إلى مقصورة الشهيدة اوفيمية بخلقيدون، وتبادلوا القسَم مع بعضهم البعض، ودخلوا المدينة. وصار أحد رؤساء الجنرالات. وكان يدخل القصر ويخرج بملء القوة، ويرأس تصريف الأمور. وكان مرتبطا بعلاقات روحية مع فلافيان الأنطاكى الذى طُرِد، فحمل أحقادا شديدة نحو القديس ساويرس الذى خلف فلافيان، ولكنه لم يكن قادرا على إلحاق الأذى به فى أيام انستاسيوس، ومع ذلك فى بداية عهد يوستنيان صدر أمر بالقبض عليه، وقطع لسانه. ويقولون أن ذلك كان بمشورة فيتاليان.
والآن، حدث بعد ذلك ببضعة أيام، أنه بينما كان فيتاليان يستحم فى المدينة الملكية، تلقى أمرا من الملك بدعوته إلى وليمة هو وجستنيان الجنرال رفيقه. فجاء من الحمام هو وبولس مسجله وسيلار بلدياته. وإذ كان بعض الرجال الذين كانوا قد أُرسِلوا ليتعقبونه، يتعقبوه وهو ينتقل من بيت إلى بيت، قتلوه هو ومسجله وبلدياته. وهكذا جازاه الرب على شروره التى عملها أيام انستاسيوس، وعلى حنثه بالقسَم، ولم يُصَب جيشه بضرر.
الكتاب الثامن: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب الثامن، يروى لنا قصة شهداء نجران، المدينة الملكية لبلاد الحموريين فى السنة الثمانيمائة وخمسة وثلاثين لليونان، فى السنة السادسة من عهد يوستين، كما كتب سمعان الاسقف، ومندوب المؤمنين فى بلاد فارس، إلى سمعان أرشيمندريت جابولا([472]).
"ونحن نُعلِم عطفكم، أنه فى اليوم العشرين من شهر يناير لهذه السنة الثمانيمائة وخمسة وثلاثين لليونان([473])، تركنا معسكر نعمان بصحبة ابراهيم الكاهن ابن يوفراسيوس([474]) Euphrasiusالذى كان قد أُرسِل إلى المُنذر من الملك يوستين، ليصنع سلاما معه، حسبما كتبنا فى رسالتنا السابقة. ونحن هنا، جميع المؤمنين، نقدم شكرنا على مساعدته لنا، وهو يعرف ما قد كتبناه سابقا، وما نكتبه الآن. لأننا قد سافرنا مسيرة عشرة أيام خلال الصحراء نحو الجنوب الشرقى، والتقينا بالمنذر عند سفح الجبال التى تُدعَى "تلال الرمل"، وبلغة البدو "الرملة". وما أن دخلنا معسكر المنذر حتى لاقانا بعض الساراسين الوثنيين والبدو([475])، وقالوا لنا "ما الذى تقدرون أن تفعلوه، فهوذا مسيحكم قد طُرِد من الرومان والفارسيين والحموريين". وعندما أهاننا البدو، حَزِنّا. وإلى جانب حزننا، حل بنا أيضا حُزنٌ [آخر]. لأنه بينما نحن حاضرون، وصل مبعوثٌ من ملك الحموريين إلى المُنذر وسلّمه رسالة مملوءة بالتفاخر، ومكتوبة على النحو التالى:
"لقد مات الملك الذى أقامه الأثيوبيون على بلدنا، ولأن موسم الشتاء قد بدأ، لذلك لم يكونوا قادرين على الزحف على بلدنا، وتعيين ملك مسيحى كما يفعلون بصفة عامة. ومن ثمة صرتُ ملكا على كل بلاد الحموريين. وقد عزمتُ على ذبح جميع المسيحيين الذين يعترفون بالمسيح أولا، إذا لم يصيروا يهودا مثلنا. ولقد قتلتُ الكهنة الذين وُجِدوا، مائتين وثمانين رجلا. وبالإضافة إليهم الأثيوبيين الذين كانوا يحرسون الكنيسة. وجعلتُ كنيستهم مجمعا لنا. ثم ذهبتُ إلى نجران مدينتهم الملكية، بقوة من مائة وعشرين الف رجل. وعندما حاصرتها مدة من الزمن، ولم استولى استولِ عليها، أقسمتُ لهم ولرؤسائهم أن يخرجوا إلىّ. ولكننى وجدتُ أنه من الصواب ألآَّ أحفظ كلمتى مع أعدائى المسيحيين. فقبضتُ عليهم وطلبتُ منهم أن يُحضِروا إلىّ ذهبهم وفضتهم وممتلكاتهم فأحضروها إلىّ، فأخذتها. وسألتُ عن بولس أسقفهم، فقالوا لى أنه قد مات فلم أصدّقهم حتى أرونى قبره, فنقبتُ عن عظامه وأخرجتها وحرقتها هى وكنيستهم وكهنتهم وكل مَن التجأ إلى هناك. وحثثتُ الباقين على انكار المسيح والصليب، وأن يصيروا يهودا فلم يقبلوا، لكنهم اعترفوا أنه إله وابن المبارك، واختاروا الموت من أجله. وقال رئيسهم أشياء كثيرة ضدنا وأهاننا. فأمرتُ بإعدام كل عظمائهم. وقبضنا على زوجاتهم وقلنا لهن ها انتن قد رأيتن ازواجكن وقد أُعدَموا من أجل المسيح، فأنكرن أنتن واشفقن على أولادكن وبناتكن. وحثثناهن فلم يُرِدن، بل جاهدت الراهبات بشدة ليمتن أولا، فغضبت زوجات العظماء منهن وقلن "ينبغى أن نموت بعد أزواجنا"، فأُعدِمنَّ جميعا بأمرنا فيما عدا راحومى Rhumiزوجة الملك التى كانت ستملك هنا، فلم نسمح بإماتتها بل تركناها ورجوناها أن تنكر المسيح وتعيش وأن تشفق على بناتها وتسترد كل شىء تمتلكه عندما تصير يهودية. ورجوناها أن تذهب وتفكر فى الأمر، محاطة بحرس من جيشى. فخرجت وطافت بشوارع وميادين المدينة برأس مكشوفة([476])، وهى المرأة التى لم ير أحدٌ شخصها فى الشارع منذ شبّت. وصاحت وقالت "يا نساء نجران، يا رفاقى المسيحيات والباقين أيضا من اليهود والوثنيين. أنتم تعرفون مولدى وعائلتى، وابنة مَن مِن المسيحيين أنا. وأننى أملك ذهبا وفضة وعبيدا، ذكورا وإناثا، وأراضى كثيرة وايرادات. والآن، قد أُعدِم زوجى من أجل المسيح، فإذا أردتُ أن أتزوج إلى زوج فأنا معى أربعين ألف دينار، وحُلِىّ من الذهب وفضة كثيرة، وجواهر، وثياب رائعة وفاخرة إلى جانب كنوز زوجى. وأنتم تعلمون بأنفسكم أن هذه الأمور التى أتكلم عنها ليست زائفة، وأنه ليست هناك أيام فرح للمرأة مثل أيام زواجها لأنه منذ ذلك اليوم فصاعدا يكون الحزن والرثاء، عند ميلاد أطفال وعند الحرمان منهم وعندما تدفنهم. ولكن منذ اليوم، أنا حرة من كل هذا. ومنذ اليوم الأول لزواجى وأنا ممتلئة فرحا، وهوذا الآن، وبكل سرور قلبى قد كللتُ بناتى الخمس العذارى للمسيح. أنظروا إلىّ يا رفيقاتى، لقد شاهدتمونى مرتين، فى زواجى الأول وفى هذا الثانى لأن بوجهى المكشوف([477]) أمامكم جميعا قد ذهبتُ إلى عريسى السابق، والآن بوجه مكشوف أنا ذاهبة إلى المسيح ربى وإلهى، وإله ورب بناتى الذى تنازل بحبه واتضع وأتى إلينا وتألم من أجلنا. قلدونى وبناتى، وفكروا أننى لستُ أقل منكم جمالا، وهوذا أنا ذاهبة إلى المسيح ربى، متسربلة بهذا الجمال غير المتدنس بإنكار اليهود، ليكون جمالى شاهدا عند الرب على أنه لم يضلنى ويقودنى إلى خطية الانكار، وأن ذهبى وفضتى وكل ما أملك شاهد على أننى لم أحبها كما أحب إلهى. وأن ذلك الملك العاصى، قد طلب منى، أن أنكر المسيح وأعيش. حاشا لى يا رفيقاتى، حاشا لى أن أنكر المسيح إلهى الذى أومن به، والذى اعتمدتُ أنا وبناتى بإسم الثالوث، وأعبد صليبه. ومن أجله أنا وبناتى نموت بفرح، مثلما تألم بالجسد من أجلنا، هوذا أنا اتنازل عن كل ما هو سار للعيون، وللحواس الجسدانية على الأرض، وأرحل لكى ما أنال من إلهى ما لا يزول. مباركٌات أنتن يا رفيقاتى إن سمعتن كلامى وعرفتن الحق ومحبة المسيح الذى من أجله أموت أنا وبناتى. وسيكون عندئذ راحة وسلام لشعب الله. إن دماء إخوتى وأخواتى الذين قُتِلوا من أجل المسيح ستكون سورا لهذه المدينة إن ثبتت فى المسيح ربى. ها أنذا بوجه مكشوف أرحل عن هذه المدينة التى كنتُ فيها كما فى خيمة عرضية، لكى ما أذهبُ مع بناتى إلى المدينة الأبدية لأننى خطبتهن لها. صلوا من أجلى يا رفيقاتى لكى ما يقبلنى المسيح ويغفر لى أن أننى عشتُ ثلاثة أيام بعد زوجى.
وعندما سمعنا صياح العويل من المدينة، ورجع إلينا الذين فد أُرسَلوا وقالوا لنا عندما سُئِلوا كما دوناه عاليا، أن راحومى طافت بالمدينة تتحدث إلى النسوة رفيقاتها وتشجعهن، وارتفعت صيحات الويل فى المدينة، حنقنا بشدة على الحراس لدرجة أنه، لو لم نقتنع بعمل ذلك كنا قد امتناهم لأنهم سمحوا لها أن تسلك على هذا النحو. ولكنها فى النهاية خرجت من المدينة مثل إمرأة مجنونة ووجهها مكشوف بصحبة بناتها، وجاءت ووقفت أمامى بلا خجل وامسكت بيديها بناتها اللواتى كنّ مُزيّنات كما لعُرس، وحلَّت عصابات شعرها ولفتهم حول يديها، ومدت عنقها وأحنت رأسها صارخة، أنا مسيحية وهكذا بناتى. من أجل المسيح نموت. اقطع رؤوسنا لكى ما نذهب إلى اخوتنا وأخواتى والى أب بناتى.
ولكن بعد كل هذا الجنون، حثثتها على انكار المسيح، وأن تقول فقط أنه انسان، ولكنها لم تُرِد بل إن إحدى بناتها اهانتنى لقولى هذا. وعندما وجدتُ أنه ليس من الممكن اقناعها بإنكار المسيح، فلأجل إثارة الرعب للمسيحيين الآخرين، أعطيتُ أوامرى فطرحوها على الأرض. وقطعتُ أعناق بناتها، وسالت دمائهن على الأرض إلى فمها، وبعد ذلك قطعتُ رأسها. وإننى لأقسِم بأدوناى([478]) أننى حزنتُ جدا بسبب جمالها، وجمال بناتها.
والآن فكَّر رئيس الكهنة وأنا، أنه طبقا لشرائع الناموس لا يجب أن يموت الأبناء بسبب والديهم، فوزعتُ الأبناء والبنات جميعا على الجيش لكى ما يربوهم، وعندما يكبرون إذا صاروا يهودا يحييون، وإذا ما اعترفوا بالمسيح يُقتَلون.([479])
لقد رويتُ هذه الأمور ووصفتها لجلالتكم، وإننى لأرجو لكم ألا تدع مسيحيا بين شعبكم ما لم يُنكر وينحاز لصفكم. والآن بالنسبة لليهود أيضا اخوتى الذين فى مملكتكم عاملوهم برقة يا أخى واكتب وارسل لى كلمة بما تريده منى لأرسله لك ردا على هذا.
كل هذه الأمور كُتِبَت له بعد أن وصلنا إلى المكان. فجمع جيشه، وقُرأت الرسالة أمامهم. وروى المبعوث كيف قُتِل المسيحيون ونُفِيُوا من أرض الحموريين. وقال المنذر للمسيحيين فى جيشه "ها أنتم قد سمعتم ما قد حدث، انكروا المسيح. لأننى لستُ أفضل من الملوك الآخرين الذين اضطهدوا المسيحيين".
وكان هناك رجل ما عالى الرتبة فى جيشه، وكان مسيحيا. هذا تحرك بغيرة، وقال للملك بشجاعة "لم نصر مسيحيين فى زمنك حتى ننكر المسيح". فغضب المُنذر وقال له "اتجرؤ على الكلام فى حضورى". فقال "بسبب خوفى من الله اتكلم بلا خوف، ولن يُسكتنى أحد لأن سيفى ليس أقصر من سيوف الآخرين. ولن أهتز من القتال حتى الموت". وبسبب مولده، وكونه رجلا عظيما ومتميزا وجبارا فى الحروب، صمت المنذر.
وعندما عدنا إلى معسكر النعمان فى الاسبوع الأول من الصوم([480]) وجدنا المبعوث المسيحى الذى أُرسِل من ملك الحموريين قبل أن يموت. هذا الرجل عندما سمع عن الشعب الذى قُتِل بواسطة هذا الطاغية اليهودى، استأجر فى الحال رجلا من معسكر نعمان وأرسله إلى نجران ليُحضِر له أخبارا عما يراه ويُعلمه بالنسبة للأحداث التى حدثت هناك. وعندما عاد روى هو أيضا فى حضورنا للمبعوث المسيحى السابق، الأمور المدونة عاليه، وأن ثلاثمائة وأربعين من العظماء قد أُعدَموا، الذين خرجوا له من المدينة، وكان قد أقسم لهم ثم حنث بقسمه. أما بالنسبة لرئيسهم الحارث بن خاناب([481]) زوج راحومى فقد أهانه اليهودى وقال له "لأنك تثق بالمسيح، فقد تمردت علىّ، ولكننى اشفق على شيخوختك، إنكره وإلا ستموت مع رفقائك". فأجاب وقال له "فى الحقيقية أنا حزين على رفقائى واخوتى لأنهم لن يُصغُوا إلىّ عندما قلتُ لهم أنك كاذب، وقلتُ لهم لا يجب أن نخرج إليك ولا نصدق كلامك بل نحاربك. ووثقتُ فى المسيح أننى سأتغلب عليك وما كانت قد أُخِذَت المدينة، لأنه ليس هناك ما يُعوِزها. وأنتَ لستَ ملكا بل حانثٌ بالقسَم. وقد رأيتُ أنا نفسى ملوكا كثيرين، كانوا صادقين ولا يكذبون. ولن أنكر المسيح إلهى لكى أصير يهوديا مثلك وكاذب. والآن أنا أعرف أنه يُحبنى وقد عشتُ طويلا فى العالم، ولى أولاد وأحفاد وبنات وأنسباء، واكتسبتُ شهرة فى الحروب بقوة المسيح. وإننى متأكد أنه مثل كرمة مثمرة تثمر ثمرا، هكذا سيتضاعف شعبنا المسيحى فى هذه المدينة، والكنيسة التى أحرقتها ستتزايد وتُشيَّد وستسود المسيحية وتحكم وتُعطِى أوامرها للملوك، وستزول يهوديتك، وينقضى مُلكك وينتهى سُلطانك، فلا تفتخر بأنك فعلت أى شىء ولا تنتفخ بمجد.
وعندما قال الحارث بن خاناب الشيخ المبجل هذه الأشياء، إلتفت حوله وقال بصوتٍ عالى عالٍ إلى رفقائه المحيطين به "هل سمعتم يا إخوتى ما قد قلتُ لهذا اليهودى؟". فقالوا "لقد سمعنا كل ما قد قلته يا أبانا" فقال ثانية "هل هذا صحيح أم لا؟". فصاحوا "إنه صحيح". فقال "إذا كان أى واحد يخاف من السيف وينكر المسيح، فلينفصل عنا". فصاحوا "حاشا لنا. اطمئن يا آبانا، نحن مثلك ومعك، نموت من أجل المسيح، ولن يبقى أحد منا بعدك. فصاح وقال "أيها الشعب المسيحى المحيط بى، وأنتم أيها الوثنيون واليهود. إذا أنكر أى واحد من عائلتى وأقربائى وأنسبائى المسيح وانضم إلى هذا اليهودى فليس له نصيب معى ولن يرث أى شىء مِلكى. ولكن كل ما يخصنى سيذهب لنفقات الكنيسة التى ستُشيَّد. ولكن إن لم يُنكر المسيح أى أحدٍ من اقربائى ويتذكرنى فليرث ممتلكاتى، ولكن ثلاثة حقول أيا كانت تختارها الكنيسة من مقاطعتى، فلتذهب لنفقات الكنيسة. وعندما قال كل هذه الأمور، التفت إلى الملك وقال: إننى أنكرك أنتَ وكل مَن يُنكر المسيح. ها نحن واقفون أمامك". فتشدد رفقاؤه وقالوا "هوذا ابراهيم أب الآباء يتطلع عليك وعلينا. كل مَن ينكر المسيح ويظل حيا نحن ننكره". فأمر أن يُؤخذوا إلى جدول يُدعى"الوادية"، فتقُطع رؤسهم، وتُلقَى أجسادهم فيه. فبسطوا أياديهم إلى السماء وقالوا "أيها المسيح إلهنا أعنا وهبنا قوة واقبل نفوسنا. ولتكن دماء عبيدك المسفوكة من أجل اسمك رائحة عطرة لك واجعلنا مستحقين لرؤياك. واعترف بنا قدام أبيك كما وعدت. ولتُبنَ الكنيسة، وليُعيَّن أسقفا عوضا عن بولس عبدك الذى أحرقوا عظامه. وودَّع كل منهم الآخر. ورسمهم الشيخ الحارث([482])، وأحنى رأسه وتلقى السيف. واندفع رفقاؤه نحوه وتجمهروا معا ولطخوا انفسهم بدمائه. وأُستِشهدوا جميعا.
وكان هناك طفل عمره ثلاث سنوات، كانت أمه قد خرجت لتُعدَم، وكانت تمسكه بيدها.(وتصادف أنه عندما رأى الملك([483]) جالسا مرتديا حلة ملكية أن ترك أمه وجرى إليه وقبَّل الملك فى ركبتيه). فأمسكه الملك وبدأ يهدهده ويقول له: أيهما تُحب: أن تموت مع أمك أم أن تبقى معى؟. فقال له الطفل بربنا أحب أن اموت مع امى. ومن أجل هذا انا ذاهب مع امى لأنها قالت لى، تعالى يا ابنى لنذهب ونموت من أجل المسيح. اتركنى لكى اذهب إلى أمى لئلا تموت ولا آراها، لأنها قالت لى أن الملك اليهودى أمر بقتل كل مَن لا ينكر المسيح، وأنا لن أنكره. فقال له منذ متى عرفت المسيح؟. فقال له الطفل، كل يوم أراه فى الكنيسة عندما أذهب إلى الكنيسة مع أمى. فقال له هل تحبنى أم تحب أمك؟. ثم قال له أيضا هل تحبنى أم تحب المسيح؟. فقال له المسيح أكثر منك. فقال له: لماذا جئتَ وقبَّلتَ ركبتى. فقال له الطفل ظننتُ أنك الملك المسيحى الذى اعتدتُ أن أراه فى الكنيسة، ولم أعرف أنك الملك اليهودى. فقال له سأعطيك لوزا وبندقا وتينا. فقال الطفل. لا بالمسيح لن آكل لوز اليهودى. واتركنى لأذهب إلى أمى. فقال له امكث معى وستكون ابنى. فقال الطفل لن أمكث معك بالمسيح لأن رائحتك كريهة وملوثة، وليست حلوة كأمى. فقال الملك للذين كانوا واقفين حوله "انظروا لهذا الجذر الشرير، كيف خدع المسيح هذا الطفل منذ طفولته، وجعله يحبه". فقال أحد الوجهاء للولد "تعالى معى وسآخذك لتكون ابن الملكة". فقال له الولد: أنت مضروب الوجه. أمى التى تأخذنى إلى الكنيسة هى لى أكثر من الملكة. وعندما وجد أنهم يمسكونه بإحكام عض الملك فى فخذه، وقال دعنى أيها اليهودى الشرير لكى أذهب إلى أمى وأموت معها. فأعطاه إلى أحد الوجهاء وقال "اعتنى به إلى أن يكبر. فإن أنكر المسيح يعيش، وإن لم يُنكره يموت. وبينما عبد الملك هذا كان يحمله قاوم بقدميه وصاح إلى أمه "تعالى يا أمى وخذينى لكى أذهب معكِ إلى الكنيسة. فصاحت أمامه وقالت "اذهب يا ابنى فقد استودعتك فى عناية المسيح. لا تبكى. انتظرنى فى الكنيسة فى حضرة المسيح إلى أن آتى". وعندما قالت هذا قطعوا رأسها.
وبسبب هذا الخطاب والتقارير التى تلقيناها، حلَّ الغم على المسيحيين هنا. ولقد كتبنا هذه الأمور التى حدثت بأرض الحموريين، لكى ما يعرف الأساقفة الأتقياء والمؤمنون بها، ويحتفلون بذكرى الشهداء المنيرين. ونحن نلتمس من محبتكم أن يُعرَفوا فى الحال لدى الاساقفة والأرشيمندرات، وبصفة خاصة رئيس كهنة الأسكندرية لكى ما يكتب إلى ملك الاثيوبيين ليأتى فى الحال ويساعد الحموريين([484])، وليقبض على الكاهن الأعلى لليهود فى تيبرياس Tiberias أيضا، ويُجبره على الإرسال للملك لهذا هذا اليهودى الذى ظهر، ويقول له أن يكف عن مضايقة واضطهاد المسيحيين فى أرض الحموريين".
وهكذا الباقى يشتمل على تحيات إلى رئيس الكهنة، واساقفة ذلك الزمان والأرشيمندرات المؤمنين المشموَلين فى الرسالة.
الكتاب الثامن: الفصل الرابع
الفصل الرابع من الكتاب الثامن يتحدث عن الفيضان على اديسا، وعن توقف تدفق مياه شيلوه([485]) بأورشليم، وانقلاب انطاكية [بفعل] زلزال، واحتراق هيكل سليمان بمدينة هليوبولس.
عندما كان اسكلبيوس بار مالوهى Asclepius bar Malohe أخو اندرو وديموثينس الحاكم يشغل كرسى اديسا، وقد صار اسقفا هناك بعد بولس الذى أظهر مظهر الارثوذكسية من الخارج([486]) (والآن هذا الرجل متباهِ فى مظهره ومتأنق، عندما كان اسقفا لإديسا فى أيام فلافيان قبل اسكلبيوس). [هذا] حرَّر مكتوبا لا يحرم فيه المجمع لأنه كان "مشيرا"([487]). ووصل هذا المكتوب إلى يدى القديس ساويرس الذى خلف فلافيان. وعندما صعد([488]) لتحية بولس هذا أعطاه له عند تأكده بأنه أرثوذكسى. فقد كان رجلا حكيما لذا أبقى على معرفته خفية كما هو مكتوب ولم يفضحه. لقد رفض أولا بثبات قبول المجمع فى أيام هذا الملك([489])، وأيده شعب اديسا فتعرضوا للخسارة والشغب بسببه كل يوم. ومع ذلك عندما نُفِى إلى يوخايتا Euchaita أذعَن([490]) وعاد إلى اديسا، وبعد أن عاش مدة قصيرة ضُرِب بالخجل ومات سريعا. فخلفه اسكليبيوس وكان نسطوريا([491])، لكنه كان عادلا فى أعماله وأظهر شفقة على فلاحى التربة، وكان لطيفا معهم وغير شره للرشوة. وكان عفيفا فى جسده، وبالنسبة للأمور الخارجية صنع حسنا لكنيسته وسدد ديونها. ولكنه كان نشطا وغيورا ضد المؤمنين. فنُفِى الكثيرون بواسطته، وتعرضوا لكل نوع من العذاب، وماتوا تحت أثر المعاملة القاسية الواقعة عليهم على يد ليباريوس القوطى الحاكم القاسى الذى كان يٌدعى "آكل العجل".
وبينما كانت الاحوال فى اديسا على هذا النحو، فاض نهر سكريتوس([492]) الذى يدخل ويمر خلال المدينة فى السنة 836 لليونان([493])، السنة الثالثة فى اليوم الثانى والعشرين من ابريل، وأغرق وهدم جانبين من السور، وأغرق اشخاصا عديدين، لأنه كان وقت العشاء وبينما كان الطعام فى افواههم اندفعت المياه فوقهم وفاض اسكريتوس. ولكن اسكليبيوس هرب، ومات ليباريوس. وكان تدفق مياه شيلوهو([494]) التى فى أورشليم فى الركن الجنوبى منها، قد توقف مدة خمسة عشر سنة([495]). و[احترق]([496]) هيكل سليمان الذى شيده سليمان فى مدينة بعلبك بغابات لبنان، وخزن به الاسلحة كما يذكر الكتاب المقدس. وكان هناك إلى الجنوب منه ثلاثة أحجار رائعة ليس مبنيا عليها شىء، ولكنها قائمة بمفردها متصلة ومتحدة معا ويلمس كل منها الآخر. والثلاثة يتميزون بأنهم على صورة وجه وكل منهم منها ضخم جدا. وبالمعنى المستيكى قد وُضِعوا كما هم عليه ليشيروا إلى هيكل معرفة الايمان بالثالوث المعبود، ودعوة الأمم، بالكرازة بأخبار الانجيل. وقد أتى نور من السماء، بينما كان المطر، يتساقط بكميات قليلة، وضرب المعبد ونقض أحجاره [حيث] صارت مسحوقة بفعل الحرارة، وقلع أعمدته وهشمها إلى قطع ودمرها. ولكن الأحجار الثلاثة لم يمسها وبقيت تامة. وقد بُنِيَ بيت للصلاة، هناك وكُرِّس للقديسة مريم العذراء الثيوتوكس.
وبعد ذلك بسنة، فى السنة الرابعة([497]) قلب زلزال عنيف [مدينة] انطاكية([498]) من شدته، وهلك عدد لا يُحصى من شعبها. لأنه كان وقت صيف، وبينما كانوا يحتفلون والطعام فى افواههم سقطت البيوت عليهم كما على ابناء ايوب بفعل الشيطان. وكان يوفراسيوس رئيس كهنة هناك، خليفة بولس الذى كان يُلقَّب باليهودى وسقط فى مرجل من الشمع المتوهج وهلك. وخلفه افرايم من آميدا، الذى كان فى ذلك الوقت "كومس"([499]) الشرق، وهذا الرجل كان بالسلطة التى مارسها فى بلاد عديدة بارا فى اعماله، ولم يكن شرها للرشوة وكان قادرا وناجحا. وكان مشايعا لسنوات، لتعليم الدايوفزيت من بعض الكتب التى ورثتها أمه من ماكو من بار شالومى الذى من قنسطنتينا، من مدرسة ديودورس وثيودور. وقد افسد وكسب اشخاصا كثيرين البعض بالود والاعتدال، والبعض بتهديدات الملك، الذى كان مغرما به ويهتم بما يكتبه له.
الكتاب الثامن: الفصل الخامس
الفصل الخامس من نفس الكتاب الثامن يتناول المفاوضات التى تمت على الحدود. وعن المنذر ملك البدو الذى صعد على مقاطعة اميسا وآباميا وأسر عددا كبيرا، ونقلهم معه. وعن الاساقفة المؤمنين الذين نفيوا وأُبعِدوا عن كنائسهم.
وظل كاواد ملك الفارسيين يطلب بضغط دفع جزية قدرها خمسمائة ليرة من الذهب الذى كانت تُدفع له من ملك الرومان لنفقات القوة الفارسية التى كانت تحرس البوابات المواجهة لأرض الهون. ولهذا السبب اعتاد أن يُرسِل من وقت لآخر بعض البدو للهجوم على المقاطعات الرومانية لنهبها والاستيلاء على أسرى. كذلك غزا الرومان آرزين وهى بلد يخصه، ومنطقة نصيبين واتلفوها. وقد جرت بهذه الخصوص مفاوضات على الحدود، وأرسل الملكان مبعوثين. فأرسل الملك يوستين هيباتيوس والرجل الشيخ فارزمان، [وارسل] كاواد أسثيبد. وجرت مناقشات طويلة على الحدود، رُفِعَت عنها تقارير من الوجهاء الملوك بواسطة حاملى الرسائل، ولكن لم تُرسَل رسائل سلام، بل كان كل منهما يكره الآخر.
وزحف المنذر ملك العرب، إلى مقاطعة أميسا وآباميا ومنطقة انطاكية فى مرتين، وخطف كثيرين من الشعب، وحملهم معه وسبى فجأة اربعمائة عذراء من بين الاجتماع فى كنيسة توماس الرسول بأميسا، وضحى بهن فى يوم واحد إكراما للعُزّى([500]). وقد رأى ذلك أيضا دودو المتوحد الشيخ الذى أُسِر ضمن الاجتماع بعينه وأخبرنى.
أما اساقفة الشرق وخاصة أولئك التابعين لإشراف الملفن ساويرس فقد نُفِى بعضهم وانسحب آخرون إلى الأسكندرية وبلاد أخرى عديدة مقتفين إثر الملفن ساويرس رئيس الكهنة. فقد أُرسِل اخسونيو من هيرابوليس إلى المنفى فى غنغرا، وسُجِن فوق مطبخ فى مستشفى هناك، واختنق من الدخان كما سجَّل فى رسالته، وتوفى أخيرا. واختفى كل من انطونيوس من بيرية، وتوماس الدمشقى، وتوماس من دارا، ويوحنا من قنستانتيا، وتوماس من آمرين، وبطرس من راس عينا rhesaina، وقنسطنطين من لاودكية، وبطرس من آباميا وآخرون. وعاشوا محتبئين فى أى مكان ملائم لهم. ولكن كرسى الأسكندرية لم يُزعَج، وخلف تيموثاوس ديسقورس، ولم ينسحب ولا قبِل المجمع فى أيام يوستين. والكهنة المؤمنون الهاربون الذين التمسوا ملجأ عنده تلقوا كل محبة وإكرام وتشجيعٍ لهم.
أما نونس السلوقى الذى أتى من آميدا فقد انسحب إلى مدينته، وأقام فى داره هناك، لأنه أتى من عائلة ثرية، وكان حاكما وخادما عظيما للكنيسة فى مدينته فى أيام يوحنا الأسقف الذى جاء من دير كارثامين، الرجل البار. وقد بارك فى أيامه نونس وقال "أنا واثق بإلهى أنك ستموت كأسقف على كرسى". وتأجل الحدث إلى ما بعد سبى آميدا، وصار توماس البار اسقفا هناك، الذى بنى دارا. هذا عندما جاء حامل الرسائل ليقبض عليه، لكى يختار بين قبول المجمع أو الطرد سقط مريضا حسب صلاته ومات فجأة وهو على كرسيه، وكان مازال حامل الرسائل فى المدينة، فأذهل هذا الكثيرين. وبالتالى لكى ما يتم قول المبارك يوحنا، قبض رجال آميدا على نونس وعينوه أسقفا هناك, وعاش بضعة شهور ورحل.
ومرة أخرى، لتعيين خليفة له، وفى حضور ثلاثة اساقفة كما تتطلب قوانين الكنيسة [وهُم] ارنوس من مارتيروبوليس، وآرثو من اجيلا، وهارون من ارساموستا الذى تصادف وجوده، رسموا مورو، ابن كوستانت الحاكم، الذى كان خازنا للكنيسة [وهو] رجل متقشف وبار فى اعماله، عفيفا ومؤمنا وكان طلقا فى اللسان اليونانى ومتمرسا إذ قد تعلم بدير سان توماس الرسول فى سلوقية. ثم بغيرة ايمان انتقل واستقر فى كنشير على نهر الفرات، وأعاد البناء بواسطة يوحنا الأرشيمندريت، رجل متعلم مواطن من اديسا، وابن ابسونيا كان فى ذلك الوقت محامٍ سابق. وقد شبَّ مورو هذا على كل انواع التعليم الصحيح والامتياز العقلى من طفولته، بواسطة شومنى ومورثو أخواته الأطهار الشجعان. وبعد أن ظل على كرسيه لفترة قصيرة، نُفى إلى بترا، ومن بترا إلى الأسكندرية. واستقر هناك لبعض الوقت وكون مكتبة هناك تضم الكثير من الكتب الرائعة وفيها وفرة من المنافع العظيمة لأولئك الذين يحبون التهذب والتميز والبحث. وقد نُقِلّت بعد وفاته إلى خزانة كنيسة آميدا. وقد رويتُ فى كل أمر سجلته، لكى لا أذم أحدا أو أمدح آخر، حقيقة الأمر مهما كانت بلا تزييف. ومع ذلك، تقدَّم الرجل اكثر فأكثر فى القراءة فى الأسكندرية، وهناك رقد. ونُقِل جثمانه بواسطة أختيه، اللواتى كن معه يخدمنه ويعزيانه ، كما هو مكتوب([501]) ووُضِع فى مقصورة الشهيد فى قرية بيت شورو([502]). وكدليل بليغ على محبته للتعلم، سأدوّن هنا "المقدمة" التى ألفها باللسان اليونانى، وأُدمِجت فى كتاب البشائر الأربعة.
والآن، وأكثر من ذلك، طُرِد رهبان آخرون من الأديرة المؤمنة فى الشرق. من السنة الثالثة إلى السنة التاسعة([503])، اسبوعا من السنوات([504]) من أديرتهم فى منطقة انطاكية والفرات، وأيضا من اوسروهن وميسوبوطاميا. ودير توماس فى سلوقيا مع الأخوية، وجاءوا إلى كنشير على الفرات واستقروا هناك مع الأرشيمندريت المتعلم يوحنا ابن ابسونيا. ونُفى أيضا كيروس ارشمندريت السوريين من انطاكية مع أخوية دير تل أودو، ودير رومانوس، وسمعان من ليجنو، واغناطيوس أرشيمندريت دير عجيبو فى كالكيس ودير صعنون، ويوحنا الأرشيمندريت الذى لخافرو دوبرثو، ودير سيدة باسوس ويوحنا المشرقى، ورهبان أرخس، ودير ماجنس وسرجيوس الحجار، وتوماس من بيت ناتيش، واسحق من بيت عبد يشو، وابرهام المدعو "المتضع" صانع المعجزات، ودانيال خورى ابيسكويس أديرة اديسا، وايليا من بيت اشكونى، وسيماى وكوزماس [من دير[ يوحنا من آنازتين، ومارون المشرقى، وسليمان من بيت سيدة صموئيل، وكيروس من سوغا، ورهبان [من أديرة] برج المراقبة، ورهبان تيهرى بالقرب من رهشعينا.
ولهذا السبب، استقرت اربعة أو خمسة جماعات من النساك فى الصحراء. مورى فى رامشو، رجل عفيف ذو خصال مكرَّمة. وفى ناتفو رجل واضح وبسيط يُدعى سرجيوس، وبعده انطونى، رجل وديع ومسالم. وذلك الشيخ الطيب ايليا من الريف وسيمون من كاليكس، وسرجيوس الذى أعاد بناء سوداكثا، والجماعة التى بجوار هارموشو من الدير الذى أسسه سيدى يوحنا من هورو. وسيمون ارشمندريت دير سيدى اسحق بجابولا الذى تدنس الآن بهرطقة يوليان الخيالى. وكان فى ذلك الزمان غيورا فى الايمان، هو والذين كانوا معه. وبار هاكيتو من بيت سيدى هانينو صانع المعجزات، الذى انتقل بالمثل، وصعد إلى المدينة الملكية ووعظ بنفسه الملك وأنبه على الرغم من أنه لم يقبل. وهذا شهدت به رسالة شكر اخسونيو التى كتبها إليه من غنغرا. وبالمثل مع رهبان بيت سيدى زكا فى كالينيكوس، وفى مستوطنة سيدى آبو، وبيت رعكوم.
وهكذا كانت الصحارى فى سلام، وكانت تنمو بوفرة بالسكان المؤمنين، الذين عاشوا فيها، وكانوا يتجددون يوميا بالمنضمين إليهم ويساعدوهم فى تضخيم عدد الإخوة، البعض من الرغبة فى زيارة إخوتهم عن محبة مسيحية، وآخرون لأنهم طُرِدوا من بلادهم من قِبل اساقفة المدن. وهناك نموا كما لو كانوا "كومنولث" من الكهنة والمؤمنين المنيرين، وأخوية هادئة بهم. وكانوا متحدين بالمحبة ومملوئين بالود المتبادل، وكانوا محبوبين ومقبولين فى عينى كلّ أحدٍ. ولم يكن يعوز رؤوس هذا الجسم المكرَّم شىء، المكوَّن من كل أعضاء الجسد، وفى صحبتهم يوحنا التقى من قنستانتيا، الرجل الناسك والمتدين (ولم يكن يتناول حتى الخبز الذى هو أساس حياة الانسان. وكان متقدما فى قراءة الأسفار المقدسة، وصار غنوسيا ومُنظِّرا([505]) لأنه اعتاد أن يرفع ذهنه إلى فوق بدراسة الأمور الروحية، لمدة ثلاث ساعات متأملا فى، ومتعجبا من، حكمة أعمال الله، ولمدة ثلاث ساعات أخرى، من السادسة إلى التاسعة، يستمر بفرح وسلام مع كل واحد، مشتركا مع كل واحدٍ يأتى إليه بعمل ضرورى). وأيضا توماس من دارا كان يهتم بالفيزيقا إلى جانب أعمال كثيرة.
والآن، فى السنة التاسعة([506])، أى فى السنة الخامسة من حُكم هذا الملك القاسى جوستنيان، ملك زماننا، إذ قد تحرك من الله ربنا الذى سبق فعرف أعماله، بسط العدل وأمر برجوع سائر الرتب من المنفى، ومن كل البلاد التى انسحبوا إليها فى غيرتهم على الايمان، كما استدعى إليه سائر الاساقفة المؤمنين. وبعد أن حدث ذلك فى السنة التاسعة، دخل فى السنة العاشرة جمهور من الهون الاقليم الرومانى وقتلوا أولئك الذين وجدوهم خارج الأسواق، وعبروا نهر الفرات وتقدموا إلى قرب منطقة انطاكية. وبالتالى بتوجيهات من الله الذى قال "هلم يا شعبى، أدخل مخادعك، واغلق ابوابك خلفك. اختبىء نحو لحيظة حتى يعبر الغضب"([507]). وبأمر الملك اختبأ المؤمنون ثانية. ولكن يوحنا الناسك من انستاسيا رجل مكرم قد قُتِل فى الصحراء على يد الهون، أما سيمون الناسك الذى دُعِى "ذو القرن" فلم يُصَب بضرر.
الكتاب الثامن: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثامن يسجل رؤساء الكهنة الذين كانوا فى أيام يوستين، الذى بعد أن حكم تسع سنوات توفى فى السنة الخامسة. وصار جوستنيان ابن اخته ملكا بعده، فى أيامنا هذه.
أما رؤساء الكهنة فى ايام يوستين فهم كالآتى:
فى روما هورميسدا. فى الأسكندرية: تيموثاوس. فى أورشليم: بطرس الذى خلف يوحنا. فى انطاكية: بولس اليهودى الذى طُرِد، وبعده يوفراسيوس الذى احترق فى مرجل من الشمع المتوهج فى زلزال انطاكية فى السنة الرابعة([508])، ومن بعده افرايم من آميدا. وفى القنسطنطينية: ابيفانيوس.
وفى هذا المؤلف مدة تسع سنوات من الزمن.
الكتاب الثامن: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الثامن يحتوى على التمهيد الذى ألفه مورو اسقف آميدا باللسان اليونانى فى كتاب البشائر الأربعة.
"لكى ما يجمع المرء معا معانى مقالة طويلة فإنه يكدس معرفة هذه الأشياء فى بضعة رؤوس([509]) بإيجاز فى ذهنه وذاكرته وفهمه. ولكى ما نفهم هذه الأمور من رؤوسها ندونها فى كتاب. وهذه أيضا تجعل كل الأمور الباطنية تنسل بسرعة وايجاز إلى الذهن عندما تُسمَع ويتم التفكير فيها بالترتيب. فإذا جمع المرء ما هو مدون فى الانجيل، فإنه سيعلم أن الله([510]) تجسد، وأن هذا الإله كانت له خواص بشرية بها صنع أُسُس العالم، وأنه فى مجيئه الثانى سيكون ظاهرا بجلاء. وهكذا كل واحد يتفحص هذه الأمور عدة مرات سيجد أولا الإشارة إلى الاكتتاب قبل تجسده، ثم ميلاد يوحنا المعمدان ليشهد بإله اسرائيل الذى حدث بناء على بشارة الملاك المسبقة. ثم يجد الميلاد فوق الطبيعى ليسوع الذى هو الله الذى حدث من العذراء مريم. وأن كل انسان من الارض له بداية كما قال المعمدان، ولكن ذاك الذى ليس من الأرض يسوع الذى من السماء([511]). وقد ذُكِرت شواهد تجسده هذا فى الانجيل: فى كلام اليصابات بالروح، ومن الملاك للعذراء، وللرعاة فى البشارة بميلاده، ومن جمهور الملائكة. وأيضا فى نبوة زكريا، وبروز النجم الذى اشار إلى مُلك ابن الله المولود الذى لا يُمحَى، ونبوة سيمون الكاهن وحنة بشأن مجىء المسيح لخلاص العالم واسرائيل. وإلى جانب هذا أيضا، اعلان المعمدان الذى يشهد أنه من الأرض، وأما مخلصنا فمن السماء. وأكثر من ذلك يسجل الانجيل أن الرجل سيُفهَم الإنسان سيفهم تدبيره الإلهى الذى حدث بواسطة الحكمة اللانهائية وليس بواسطة حكمة الكتب والسعى إلى التعلم، وقدرته على انجاز الاعمال العجيبة، بالفعل والقول، ومعرفته بكل شىء، وأنه بلا خطية. وأيضا أنه كان بمسرته الخاصة يتألم فى وقته الخاص، وألا بتألم عندما لا يكون الوقت. وأنه كان فى سلطانه أن يلاشى الألم بآلامه الطواعية بالجسد، وأن يدوس الموتَ بقيامته، وأن يصعد إلى السماء. ويسجل السجل بوضوح أنه تجسد من العذراء بالجسد، وله نفس وعقل. فهو يُسجل الحبل به تسع شهور، وميلاده فوق الطبيعى، وأنه قد قُمِّط بالأقمطة، وأنه رضع اللبن، وأنه أُختُتِن طبقا للناموس، وأنه هرب بالأكثر من هيرودوس إلى مصر محمولا من أمه، وأنه صعد من مصر لتجديد اسرائيل، حسب المثال السابق([512]). وأيضا أنه نما فى القامة، وكان خاضعا لأمه وليوسف زوجها. وأنه اعتمد بالماء من يوحنا اشارة إلى تجديد البشرية. والذى به مثال type للتجديد، لأن معموديته هى التى تهب لنا الميلاد المقدس من الروح القدس. وقد جُرّب من الشيطان كإنسان، ولكنه كإله تغلب على المجرِّب بسهولة فى المواجهة والنزال. لقد خدمته الملائكة وأعطى السلام لجنسنا ورد [لنا] الفردوس. وشارك التلاميذ فى الاسلوب البشرى، فانسحب من أمام المضطهِّدين ذات مرة. وجاع وعطش وتعب. ولكنه أظهر أنه لم يخضع لهذه الأشياء عن ضرورة طبيعية للطراز البشرى، كما لو كان ليس إلها. بالحقيقة، أنه صام اربعين يوما، وأنه وجاع أخيرا. (وبالمثل نام، ولكنه كان على الجبل ساهرا فى صلاة. وهذه الصلاة قدمها للآب بالأسلوب البشرى، نيابة عن البشر، ولكن فى البحر والعاصفة نام فى المركب، ليُعلِّم التلاميذ أنه هو الذى يُسَكِّن عواصف البحر وأصوات الأمواج). وأكثر من ذلك عندما فكروا فى طرحه إلى أسفل من قمة التل لم يستطعوا عمل ذلك، ولكن بينما كان جميعهم يقفون حوله اجتاز فى وسطهم وعبر ومضى فى طريقه. وعندما طُعن بالحربة فى جنبه على الصليب، لم تنته حياته بالضرورة، ولكنه احنى رأسه وأسلم الروح([513]). وفى كل النواحى كانت له خواصه البشرية والإلهية. ولكن الإصلاح الذى عمله المسيح فى العالم كان توبيخه للمخادع، والشياطين التى أخرجها، والمنحنين الذين أقامهم، والأمراض التى شفاها، والموتى الذين أقامهم، والتجارب المتنوعة التى أزالها، والآلام التى لاشاها. تلك الاصلاحات التى كانت نموذجا ومثالا للعالم الآتى، الذى سيكون بعيدا للغاية عن الأشرار، العالم الذى ننتظره نحن برجاء وايمان ومحبة. وتجذب تعاليم مخلصنا البشر، من هوى محبة المال ومحبة المجد والملذات، وترفعهم إلى أعلى ليخدموا الله بإستقامة الإرادة.
والآن، هناك فصل مُدرَج فى انجيل مورو الاسقف، فى القانون التاسع والثمانين، وهو المروى فقط فى انجيل يوحنا، والذى لا يوجد فى مخطوطات أخرى. هذا القسِم هو كما يلى: "حدث ذات يوم بينما كان يسوع يعلّم أن أحضروا اليه امرأة وجدوا أن لها ابن زنى، وأخبروه عنها فقال لهم (إذ عرف كإله أهوائهم المخجلة وأيضا أعمالهم) "بِم تأمر الشريعة. فقالوا له، على فم إثنين أو ثلاثة شهود، يجب أن تُرجم. فأجابهم وقال لهم: وطبقا للناموس من كان نقيا وبلا خطية ويمكن أن يشهد بثقة وسلطة، بكونه بلا لوم من جهة هذه الخطية فليشهد عليها، وليرجمها أولا بحجر، ثم يرجمها الباقون، وتُرجَم. ولكنهم، لأنهم كانوا خاضعين للوم والإدانة، بخصوص هذا الهوى الآثيم، خرجوا واحدا تلو الآخر، من أمامه وتركوا المرأة. وعندما انصرفوا إلى الأرض، وكتب على التراب هناك، وقال للمرأة: لقد احضروكِ وأرادوا أن يشهدوا عليكِ، وإذ فهموا ما قد قلته لهم، وما قد سمعتيه، تركوكِ ورحلوا. ولذلك اذهبى أنتِ أيضا، ولا ترتكبى هذه الخطية ثانية".
الـكـتـاب الـتـاســع
و يهتم هذا الكتاب التاسع أيضا، بعهد جوستنيان. فيسجل كيف صار مندوب قيصر anti-Caesar([514])، فى اليوم الخامس([515]) من الاسبوع، فى الاسبوع الأخير من الصوم. وبعد أن حكم لثلاثة أشهر فى معية خاله يوستين الذى توفى فى نهاية يوليو عندما انقضت السنة الخامسة([516])، صار يوستنيان هذا امبراطورا فى السنة 838 لليونان، والسنة 327 للأولمبياد. وتغطى الأحداث التى حدثت خلال حكمه إلى السنة الخامسة عشر([517]) مدة عشر سنوات، مدونة أسفل فى هذا الكتاب التاسع الذى يحتوى على ستة وعشرين فصلا، كما يلى:
يتناول الفصل الأول من الكتاب التاسع، المعركة التى اندلعت فى صيف السنة الخامسة، عند نصيبين، والحصن الفارسى ثيباثا thebetha. ويتناول الفصل الثانى المعركة التى وقعت فى صحراء ثانّورس. ويصف الفصل الثالث المعركة التى وقعت أمام مدينة دارا على الحدود. ويعطى الفصل الرابع معلومات عن المعركة التى وقعت على الفرات فى السنة التاسعة. ويتكلم الفصل الخامس عن مقتل الجنرال الفارسى جدار القادسى، وكيف قُتِل وعن ازديجرد الذى كان معه ابن أخ البيت بيتهاشا الآرزنانى الذى أُسِر. ويتناول الفصل السادس المعركة التى وقعت أمام مارتيريوبولس على الحدود والأعداد الكبيرة من الهون التى غزت مقاطعة الرومان فى السنة العاشرة. ويشرح الفصل السابع كيف حدث السلام فى صيف السنة الحادية عشر بين الرومان والفارسيين بواسطة السفراء روفينوس وهرموجينس قادة القوات. ويتناول الفصل الثامن من الكتاب السامريين الذين عصوا، وأقاموا طاغية عليهم فى بلادهم فلسطين. ويتناول الفصل التاسع هرطقة يوليان الخيالى phanatasiast أسقف مدينة هيلاكارنسيس وكيف ظهرت. ويسجل الفصل العاشر رسالة يوليان الأولى إلى ساويرس، وسؤاله عن جسد المسيح ربنا. ويتناول الفصل الحادى عشر رد الملفن ساويرس رئيس الكهنة الذى كتبه إليه. ويستعرض الفصل الثانى عشر معلومات الرسالة الثانية ليوليان التى أرسلها إلى ساويرس. ويحدثنا الفصل الثالث عشر عن رد ساويرس على هذه الرسالة الثانية ليوليان. ويتناول الفصل الرابع عشر من الكتاب التاسع الشغب الذى حدث فى المدينة الملكية، ويصف كيف اُعدِم هيباتيوس وبومبيوس وعدد كبير من الشعب فى مذبحة بالسيرك فى السنة العاشرة. ويتناول الفصل الخامس عشر المطلب الذى احتوى عليه الالتماس الذى قدمه الاساقفة المؤمنون الذين عادوا من المنفى إلى الملك جوستنيان بشأن الإيمان. ويستعرض الفصل السادس عشر من الكتاب التاسع الدفاع المقدَّم من ساويرس رئيس الكهنة إلى الملك جوستنيان، رافضا المجىء عندما اُستُدعِىَّ منه إلى المدينة الملكية. الفصل السابع عشر يتناول المدينة الرئيسية لإقليم افريقيا، قرطاج Carthage، وكيف أُخذها بليساريوس والجيش الرومانى، وأُخضِعت للملك جوستنيان. الفصل الثامن عشر من الكتاب التاسع يتناول روما ونابلس فى بلاد ايطاليا، وكيف استولى عليهما الجنرال بليساريوس والجيش الرومانى. الفصل التاسع عشر من الكتاب التاسع، يتناول مرة ثانية ساويرس البطريرك الذى صعد إلى المدينة الملكية وظهر أمام الملك، وأُستُقبِل فى القصر، وظل هناك إلى نهاية مارس من السنة الرابعة عشر ثم رحل. ويتناول الفصل العشرون رسالة البطريرك ساويرس إلى طغمة الكهنة ومجمع الرهبان فى الشرق، ونفيه من المدينة الملكية. ويعرض الفصل الواحد والعشرون من الكتاب التاسع، رسالة الاتحاد القانونية والاتفاق التى أُرسِلت من انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية إلى ساويرس البطريرك. ويتناول الفصل الثانى والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق القانونى المرسلة من ساويرس ردا على انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية القنسطنطينية. ويعرض الفصل الثالث والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق المرسلة من ساويرس إلى ثيودوسيوس الاسكندرى. ويتاول الفصل الرابع والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق القانونية المرسلة من ثيودوسيوس البطريرك إلى ساويرس. ويُعطى الفصل الخامس والعشرون معلومات عن رسالة الاتحاد والوفاق القانونية المرسلة من انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية إلى ثيودوسيوس رئيس كهنة المدينة العظمى الأسكندرية. وفى الفصل السادس والعشرين، الرد على الرسالة المرسلة قانونيا من ثيودوسيوس رئيس كهنة الأسكندرية إلى انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية عن الوفاق والاخوة.
ومُدرَج أيضا فى نهاية هذا الكتاب التاسع التمهيد([518]) المعطى عاليه الذى أُلِّف بإختصار تحت رئاسة القديس مورو اسقف آميدا، الرجل ذو الذكرى المباركة، على الانجيل وتدبير المسيح بالجسد، وأيضا القصة الواردة فى القانون التاسع والثمانين المأخوذة من إنجيل يوحنا والمذكورة فيه وحده. عن امرأة بطفل زنى قد أُحضِرت إليه بواسطة المعلمين اليهود.
الكتاب التاسع: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب التاسع يتعلق بإرتقاء جوستنيان للعرش، والمعركة التى دارت عند نصيبين وحصن ثيباثا.
فى السنة الخامسة([519])عندما كان يوستين، ذلك الرجل المسن الذى قدِمَ من بلاد ايلليريكوم، والذى روينا عنه عاليه([520])، ملكا جعل ابن أخته الذى كان جنرالا، نائبَ قيصر anti-caesar. فصار نائبا فى اليوم الخامس([521]) من الأسبوع الأخير للصوم([522]). وبعد أن حكم ثلاثة أشهر توفى خاله فى نهاية يوليو، فصار الامبراطور فى السنة الثامني الثمانى مائة وثمانية وثلاثين لليونان([523])، والسنة الثلاثمائة وسبعة وعشرين للأولمبياد. فأعطى أوامر ببناء مدينة عظيمة له فى castra mauriana، ومُنِحت لها الامتيازات، وعسكرت فيها قوة عسكرية، وجُلِبت إليها المياه من بعيد لأن مياهها كانت رديئة. وها هو منذ بداية حُكمه إلى اليوم قد أعطى فى الحقيقة اهتماما لبناء وإعادة تأسيس المدن فى بلاد عديدة، وإصلاح الأسوار فى أماكن عديدة لحماية سلطنته.
ولكن لما كانت هناك عداوة بين الرومان والفارسيين فى ذلك الوقت بين بعضهم البعض، فإنه عندما كان تيموس قائد القوات على الحدود دوقا، إلتف الجيش بضباطه حوله للحرب ضد نصيبين. فحاربوا ولكنهم لم يقدروا أن يستولوا عليها، فإنسحبوا عندئذ إلى ثيباثا، واقترب الجيش من السور وأحدث نقبا فيه. وكانت الفترة الأشد قيظا من الصيف, ولسبب أو آخر مُنِعوا من تحقيق غرضهم، ولم يستولوا على الحصن الذى كان على مسافة حوالى خمسة عشر باراسانجس([524]) parasangs من دارا. وأُمِر الجيش بالعودة إلى دارا، ولأنهم كانوا قد أكلوا عسلا بشراهة ولحمَ عددٍ كبير من الخنازير، مات بعض المشاة من العطش أثناء السير وفُقِدوا من الجيش، وألقى الآخرون بأنفسهم فى آبار الصحراء وغرقوا، واحترق آخرون من الحر أثناء السير، ووصل فقط الفرسان. وهكذا انكسر الجيش.
الكتاب التاسع: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب التاسع، يتناول المعركة التى دارت فى صحراء ثانورس.
وفى خلال حياة يوستين الملك الذى عرف أنّ ثانوريس مكان ملائم لبناء مدينة كملجأ فى الصحراء، وكمحطة للقوات العسكرية لحماية العرب ضد عصابات قطاع الطرق من البدو العرب، أُرسِل توماس الذى من أفادانا، رئيس موظفى الأبواب، لبناء مدينة كهذه. وعندما حقق بعض التقدم غير المعتبر توقف العمل الذى كان قد بدأ يكمل، ودُمِّر على يد البدو العرب والقادسيين من ثيباثا وسنجارا. والآن، كان الرومان، كما دونا عاليه، قد زحفوا وحاربوا ضد نصيبين وثيباثا، لذلك جاء أيضا الفارسيون فيما بعد وعسكروا بالمثل فى صحراء ثانورس. وإذ كان الدوق تيموس قائد الجنود قد مات، فقد خلفه بليساريوس ولم يكن شرها للرشوة، وعطوفا على الفلاحين، ولم يسمح للجنود بإلحاق الضرر بهم. وكان يصطحب معه سليمان الخصى الذى من حصن ادريباث، والذى كان رجلا أريبا متمرسا فى شؤون الدنيا، وكان مسجلا لفليكسيموس الدوق ثم أُلحِق بالحكام الآخرين. وكان قد اكتسب مكرا من خبرات المشقات. وبناء عليه احتشد الجيش الرومانى بهدف الزحف إلى صحراء ثانورس ضد الفارسيين بقيادة بليساريوس وكوتزس أخو بوتزس، وباسيليوس، وفنسنت والقواد الآخرين، وآتافار رئيس الساراسيين. وعندما سمع الفارسيون عن ذلك، وضعوا خدعة حربية فحفروا أخاديد عديدة بين خنادقهم وأخفوها وأحاطوها كلها من الخارج بأوتاد مثلثة من الخشب، وتركوا فتحات عديدة. وعندما صعد الجيش الرومانى لم يُدرِك خدعة الفارسيين الحربية فى وقتها، فدخل الجنرالات معسكر الفارسيين بأقصى سرعة فسقطوا فى الحفر وأُسِروا، وقُتِل كوتزس. أما فرسان الجيش الرومانى فقد انسحبوا وعادوا إلى دارا مع بليساريوس. ولكن المشاة الذين لم يقدروا أن يهربوا، فقد قُتلوا وأُسِروا. وضُرِب عتافار ملك الساراسيين أثناء هروبه من مسافة قريبة وهلك. وكان رجلَ حرب ومقتدرًا، وكانت له خبرة كبيرة فى استخدام الاسلحة الرومانية، وحاز على تميز وشهرة فى الحرب فى أماكن كثيرة.
الكتاب التاسع: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب التاسع بشأن المعركة أمام دارا.
كان الفارسيون متكبرين ومنتفخين ومتباهين، فجمع المهران والمرازبة جيشا وصعدوا إلى دارا وعسكروا فى آموديس، وهم واثقون تماما فى توقعهم بالاستيلاء علي المدينة، لأن الجيش الرومانى قد نقص بسيفهم. واقترب فرسانهم ومشاتهم إلى جانب المدينة الجنوبى وهم عازمون على أن يخيموا حولها بقصد محاصرتها. ولكن قوة رومانية تصدت لهم بمعونة ربنا الذى يؤدب ولكن إلى الموت لا يُسلِّم([525]). لأن الجنرال سونيكا وهو من الهون، وكان قد التجأ إلى الرومان واعتمد، وسيموث التربيون الرومانى وحاملى أسلحتهما مع عشرين رجلا لكلٍ [منهما]([526])، قد طردوا كل الجيش الفارسى عن المدينة مرات عديدة، وهم ينتقلون بشجاعة وجسارة من موضع إلى آخر فى الميدان، ويمزقون بحرابهم الرجال يمينا ويسارا. وكانوا متمرسين على استخدام السيف، وكانت صيحاتهم عالية ومرعبة تثير الرعب للفارسيين لدرجة أنهم كانوا يسقطون أمامهم، وقتلوا اثنين من قوادهم، بالإضافة إلى عددٍ ليس بقليل من الفرسان. بينما سقط الكثيرون من المشاة الفارسيين، ودُفعِوا إلى الوراء من قِبل الهليوريين بقيادة بوتزس Butzes إلى شرق المدينة.
وعندما رأى الفارسيون كِبر عدد الموتى، سلكوا بدهاء. فأرسلوا إلى [أهل] نصيبين نسيبس لكى يُحضروا عددا كبيرا من دواب الحمل حسبما يُمكنهم ويأتون فى الحال إلى دارا ليأخذوا من الغنائم ما استطاعوا. وعندما حضر عدد كبير [منهم] حملوها بأجساد الموتى، وعادوا عندئذ بخزى. ومع ذلك، غزت بقية القوات الفارسية، العربة الرومانية واحرقوها بالنار.
الكتاب التاسع: الفصل الرابع
يتناول الفصل الرابع من الكتاب التاسع المعركة التى دارت عند الفرات فى السنة التاسعة
وإذ تعلم الفارسيون الحكمة من خلال الضرر الذى لحقهم من الهجوم على الرومان فى كل مرة يقتربون فيها من المدينة ويخرجون ضدهم، صعدوا إلى الصحراء القريبة من المقاطعة الرومانية وعسكروا عند الفرات. وتبعا لعاداتهم القديمة حفروا خندقا. فصعد ضدهم بليساريوس وتربيونات على رأس قوة رومانية، للمعركة. ووصلوا فى الأسبوع الأخير من الصوم([527]). وكان الفارسيون كقطيع صغير أو هكذا ظهروا فى عيونهم([528]). وكان آسيثبد قائدهم والذين معهم خائفا منهم. فأرسل إلى الرومان أن يحترموا الصوم العيد من أجل "النصارى Nazarenes واليهود الذين فى الجيش معى، ومن أجل أنفسكم ايها المسيحيون([529])". وعندما فكر بليساريوس فى هذا كان راغبا فى الموافقة، ولكن القواد تدمدموا بشدة ولم يرضوا بالإنتظار أو احترام ذلك اليوم. وعندما خرجوا للمعركة فى اليوم الأول من الأسبوع، وهو يوم الفطير كان يوما بارادا برياح فى وجه الرومان، فظهروا ضعفاء وعادوا وهربوا أمام الفارسيين وقُتِل آخرون، ولكن بليساريوس هرب، بينما أُسِر ابن أخت بوتزس (لأنه هو نفسه كان مريضا فى آميدا، ولم يذهب للمعركة، ولكنه أرسل جيشه إلى ابيجرساتوم بقيادة دوميتزيولوس) ونزل إلى بيرسيا، ولكنه عاد توا. ولكن كيف حدث ذلك، هذا ما سأرويه فى الفصل التالى.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس.
الفصل الخامس من الكتاب التاسع، بشأن الجنرال الفارسى جادار القادسينى، وكيف قُتِل هو وازديجرد الذى كان معه. وكيف أُسِر ابن أخت هورميزد "بيتهاشا" الذى من آرزانين.
عندما مُنِع الرومان من البناء فى ثانورس على الحدود، عندما كان بليساريوس دوقا فى السنة الخامسة([530])، رغبوا فى تشييد مدينة فى ميلباسا. لذلك أرسل كاواد جادار القادسينى بجيش ومنع الرومان من تحقيق غرضهم، وأجبرهم على الفرار فى معركة شنها ضدهم عند تل ميليباسا. وكان محل ثقة كاواد الكبير، لذلك تمركز مع جيشه لحراسة الحدود الشرقية من ميليبسا Melebasa فى بلاد آرزانين Arzanene، لغاية مارتيروبوليس Martyropolis. وتفوه هذا الرجل بكلام فارغ وتفاخر ضد الرومان كثيرا، وجدَّف مثل راب شاكيه([531]) الذى أرسله سنحاريب. وأحضر نحو سبعمائة من الفرسان المسلحين وبعض المشاة الذين اصطحبهم بقصد السلب. فعبروا تيجرى الى منطقة آتاشيا([532]) فى مقاطعة آميدا. وكان بيسا([533]) Bessa دوقا فى مارتيروبوليس، وكان وقت الصيف فى هذه السنة التاسعة([534]). وكان مع جادار ايزدجرد ابن أخت بيتهاشا الذى كان، كجار لإقليم آتاشيا، يعرفه. وعندما سمع بيسا عن ذلك، خرج ضده بحوالى خمسمائة من الفرسان من مارتيروبوليس التى كانت على مسافة حوالى أربع استادات([535]) وقابله عند بيت هيليت واقتلع جيشه من تيجرى وقتل جادار وأسر ايزدجرد وأحضره الى مارتيروبوليس. وعقب السلام الذى تم فى السنة العاشرة([536]) سُلِّم هذا الرجل فى مقابل دوميتزيلوس الذى عاد من بلاد فارس. ولكن بيسا الدوق بعدما قضى على جادار والفرسان الفارسيين الذين كانوا يحرسون حدود آرزانين، دخل الريف وأتلف الكثير وحمل أسرى وأحضرهم إلى مارتيروبوليس.
الكتاب التاسع: الفصل السادس
يخبرنا الفصل السادس من الكتاب التاسع عن الحرب التى وقعت أمام مارتيربوليس، والكم الكبير من الراهبات [اللواتى أُسِرن] فى الغزو على مقاطعة الرومان.
كانت قرى ارزانين مملوكة للفارسيين، وكان يُجمَع منها مبلغا ليس بالقليل كضريبة رؤوس من سكانها لخزانة المملكة، ولخدمة البيتهاشا(وهو الحاكم الملكى) الذى يعسكر هنا. هذا الريف، كما روينا عاليه، كان بيسا الدوق قد ألحَق به ضررا كبيرا، وأسَر ابن اخت البيتهاشا وسجنه فى مارتيروبوليس. واغتم الملك كاواد بشدة، عندما سمع من البيتهاشا عن خراب الريف، والذى لم يترك هورميزد نفسه حجرا على حجر لم يُقلَع. فإستخدم القوة والمكر ضد مارتيروبوليس من أجل الاستيلاء عليها لأنها صارت ملجأ وكمينا للجيش الرومانى ومكنته من تخريب ارزانين. فجيش معدات، إن أمكن القول، للجيش الفارسى وأرسل ميهرجيروى الى الهون ليستأجر عددا كبيرا من الهون ويُحضِرهم لمساعدته. فجاءوا واجتمعوا معا ضد مارتيروبوليس فى بداية السنة العاشرة، وحفروا خندقا وركاما فى مقابلها ومناجم كثيرة([537]) وبدأوا يشنون الغارات عليها، ويضغطون عليها بشدة. وكان هنا بوتزس وقوة عسكرية ليست بصغيرة، وردوا عددا كبيرا من الفارسيين فى المعركة. ولكن نونس اسقف المدينة توفى. وإذ كان بليساريوس قد صار مذنبا أمام الملك بسبب الهزيمة التى لحقت بالجيش الرومانى فى ثانورس والفرات فقد عُزِل من قيادته وصعد الى الملك وخلفه فى دارا قنسطنطين. وحُشِد جيش كبير من الرومان بقيادة سيتاس الجنرال. وكان بارجابلا ملك الساراسين معهم، ووصلوا الى آميدا فى نوفمبر([538]) من السنة العاشرة([539])، واصطحبهم يوحنا الناسك من انستاسيا، رجل ذو خصال حميدة، الذى أُنتحُب للأسقفية وعندما ذهبوا إلى مارتيروبوليس كان الشتاء قد حل (والموضع فى الشمال بارد) وكان الفارسيون معوقين من المطر، والوحل ويعانون المشقات بالإضافة الى خوفهم من عدد الجيش الرومانى. ومات كاواد ملكهم بينما هم هناك، فعقدوا معاهدة مع الرومان وانسحبوا من المدينة.
وبمجرد أن انسحبوا وانفض الحصار عن مارتيربوليس، وعاد الجيش الرومانى، وصل الهون الذين كان الفارسيون قد اسأجروهم. وهاجم هذا الشعب الكبير فجأة مقاطعة الرومان، وذبحوا وقتلوا الكثيرين من الفلاحين، واحرقوا القرى وكنائسها وعبروا الفرات وتقدموا لغاية انطاكية، ولم يقف أحد أمامهم أو يُلحِق بهم ضررا، فيما عدا بيسا نفسه دوق مارتيربوليس الذى انقض على فيصل عسكرى منهم خلال انسحابهم، وقتلهم واستولى على خمسمائة حصان وغنائم كثيرة، وصار الرجل ثريا. وفى حصن سيثاريزن قمع الدوق هناك فريقا منهم يضم نحو أربعمائة رجل، واستولى على دواب الحمل منهم.
والآن، بعد كواد صار خوسرو ابنه ملكا. وكانت أمه طوال حياة زوجها، عليها شيطان. ولم يستطع المجوس والسحرة والمنشدون الذين جمعهم كاواد زوجها، وكانوا يحبونها بشدة، أن يفعلو أى خير لها ولكنهم، لقول الحق، أضافوا شياطينا الى الشيطان الذى كان فيها. وفى السنة الرابعة([540]) فى أيام ليباراريوس الدوق، أُرسِلت إلى المبارك موسى الذى كان راهبا بالقرب من دارا على مسافة حوالى اثنين "باراسنجس"([541]). وكان رجلا مشهورا. وكانت معه لأيام قليلة، فتطهرت وعادت الى بلدها([542])، بعد أن أخذت من القديس موسى هذا من دير كارمل تميمة مأخوذة من عظام([543]) سرياقوس الشهيد لتحميها، لتجد فيها ملجأً حتى لا يعود الروح [النجس] إليها. ولكى تكرّمه([544]) شيدَّت له بشكل رمزى بيتا للصلاة فى بلدها وكُرّم هناك. وقد سبب تذكار النعمة التى حصلت عليها بواسطة المبارك موسى من تامرل خدمة كبيرة لأرض الرومان، على النحو والأسلوب الذى سنرويه بعده.
الكتاب التاسع: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب التاسع يروى كيف تم السلام بين الرومان والفارسيين ودام نحو ست أو سبع سنوات فى أيام روفينوس وهرموجينس قادة القوات.
وإذ فكر جوستنيان الملك فى الأمور التى حدثت فى سلطنة ما بين النهرين، والقوات التى هلكت فى أوقات عديدة على يد الفارسيين، والفلاحين الذين قُتِلوا وأُسِروا بواسطة الهون، والبلدان التى أُحرِقت بقراها، لم يمل إلى ارسال أى جيش [مرة] ثانية للحرب ضد خوسرو Khosru الذى صار ملكا بعد ابيه كاواد. ولما كان هذا الرجل صديقا لروفينوس، وكان هو الذى نصح أبيه بأن يجعله خليفة له، واعتاد أن يؤكد للملك([545]) ويشجعه ويتعهد أنه اذا أثبت نفسه فى بلده، فإنه من أجل السلام المطلوب من الملك سيُقبَل ما يُطلبه منه بعدل. وهكذا أُرسِل روفينوس وهرموجينس قادة القوات كسفراء الى خوسرو فى السنة الحادية عشر([546])، وتحدثوا طويلا معه. ولأن روفينوس هذا كان معروفا جيدا هناك حيث كان يُرسَل فى مرات عديدة الى كاواد وكان صديقا له واعتاد أن يُقدّم هدايا كثيرة لوجهاء مملكته، وكانت الملكة أم خوسرو ودودة معه لأنه هو الذى نصح كاواد بأن يجعل ابنها ملكا، وكانت مدينة بالعرفان للمبارك موسى الراهب الذى من تارمل، بعد الله، بشفائها. فقد [لذا] شجعت بحرارة ابنها خوسرو([547]). ونظرا لمبلغ الذهب الذى تلقاه والذى أرسله جوستنيان له طبقا للرسالة المبعوثة له مع روفينوس وهرموجينس سفرائه، عقد [معاهدة] سلام. وحُررت اتفاقية مكتوبة وموثقة. ورقصت النجوم فى السماء على نحو غريب. وكان صيف السنة الحادية عشر([548])، ودامت نحو ست أو سبع سنوات الى السنة الثالثة ([549]).
الكتاب التاسع: الفصل الثامن
بشأن السامريين الذين عصوا، ونصَّبوا طاغية لهم فى بلاد فلسطين.
وعندما سمع السامريون الذين يعيشون فى بلاد فلسطين، ليس بعيدا عن قيصرية أن الفارسيين يهاجمون، من وقت لآخر، المقاطعات الرومانية، وافترضوا أنهم([550]) ضعفاء أمامهم، تجاسروا بفكر أنهم قد أُرسَلوا من خوث وبابليون ومن عوا، وحماة، ومن سيفاروايم بواسطة شلمناصر ملك أشور، وتوطنوا فى بلاد السامرة، فعصوا ونصَّبوا طاغية عليهم، ودخلوا نيابولس وقتلوا مومو الاسقف هناك. وأثاروا فتنة واشاعوا أنهم يرغبون فى مساعدة الفارسيين الذين يقيمون خارج بلادهم فى مقاطعات الرومان. واحرقوا هياكل قديسين كثيرة، واحتلوا المدينة واكتنزوا الغنائم. وعندما سمع الملك بذلك أرسل هادريان التربيون، واجتمع معه هناك دوق البلد أيضا، وجيش رومانى وعرب العربية وزحفوا ضد السامريين الذين قُطِّعوا إربا على يد الرومان الذين قتلوا طاغيتهم، وأخذوا المدينة واستردوها لحالتها الأولى المعتادة فى خضوعها لسلطنتهم. وعُيّن اسقف فيها، وحلت بها قوة عسكرية لحراستها ولبسط النظام بين سكان البلد.
الكتاب التاسع: الفصل التاسع
بشأن هرطقة يوليان اسقف هاليكارنسوس الخيالية. وكيف ظهرت.
كان يوليان اسقف هاليكرناسوس([551])، قد أُبعِد عن كرسيه، بواسطة غيرة الأساقفة المؤمنين الآخرين، وكان شيخا وغيورا فى الإيمان. ومن رغبته فى عدم الكلام عن الطبيعتين سقط مثل يوتيخس والرهبان الذين ليس لهم معرفة سليمة بالترتيب الحقيقى للأمور فى هرطقة أوطيخا. (وكان مدققا، وصديقا لساويرس المتعلم رئيس الكهنة. يوليان هذا، عندما سُؤل ذات مرة من شخص ما، ألفَّ مقالة ضد الدايوفزيت وأنتجها بإيجاز فسببت عثرة). ومع ذلك، عندما سمع عنها هذا المحارب الحكيم ساويرس، أبقى على عِلمه بذلك طى الكتمان، خشية أنه إذا صححها ينقسم بيت على بيت وتنفصم المحبة التى لا يُمكن لإنسان أن يفصلها، عازما بصبر على قبول فقره الذى هو بالصواب. وعندما أُضيف سبب إلى سبب([552]) كما أظهر ربنا بالترتيب، أى لكى يُظهِر عِلم ساويرس جمال ايمانه الحقيقى، لمنفعة وتميز أولئك الذين يُحبون التهذيب. اضطر الى فضح الأمر].([553])
ولكى أظهر طبيعة الموضوع الأصلى للنزاع فإننى سأدرج هنا بعض الرسائل التى[حُرّرت] بالترتيب، لتزوِّد القارىء بالمعلومات فى الفصول التالية من هذا الكتاب التاسع.
الكتاب التاسع: الفصل العاشر
بشأن الرسالة الأولى ليوليان الى ساويرس بخصوص مسألة "جسد المسيح".
"لقد ظهر هنا بعض الرجال الذين يقولون أن جسد المسيح ربنا قابل للفساد معتمدين على شهادة القديس كيرلس. أولا مما كتبه الى سكسنسوس Succensus قائلا "بعد القيامة كان الجسد هو ذاك الذى تألم على الرغم من أنه لم يعد يتسم بالأسقام البشرية ولكنه غير قابل للفساد([554]). ومن هذه أرادوا أن يُثبِتوا أنه قبل القيامة كان جسدا فاسدا مثل طبيعتنا، ولكن بعد القيامة نال عدم الفساد. وثانيا مما كتبه الى ثيودوسيوس الملك قائلا: إنه لعجيب وإعجازى أن الجسد الخاضع بالطبيعة للفساد قام بلا فساد. وقد اقتبسوا أيضا أشياء كهذه على سبيل المقتطفات، ولكننى وأنا أضع الفقرة كاملة أسعى لإظهار الرأى الذى يذهب اليه ملافنة عديدون. ولكنهم أحضروا لى أيضا مقالته السابعة والستين التى كتبها بخصوص القديسة العذراء الثيوتوكس، والتى يرد فيها هذا الكلام "لم يكن جسد ربنا خاضعا بأى حال من الأحوال للخطية التى تخص الفاسد، ولكنه [كان] قابلا للموت وللدفن، وقد أباده به". واننى فى الحقيقة فهمتها على أنها خطأ فى الكتابة([555]). ومن ثم لحل هذا النزاع بعد فحص الأمر بمعرفتك، قد أرسلتُ لك أيضا ما قد كتبته، وأنا مقتنع أن آباءنا يتفقون معه([556]) وأكتب لى فى الحال، لكى ما أعرف أى الآراء آخذ بها فى هذه الأمور. لأننى لا اعتبره صوابا أن نقول ثانية أن غير الفاسد كان قابلا للفساد. وأرجو أن تكون حياتنا متآلفة مع نعمة الله".
الكتاب التاسع: الفصل الحادى عشر
الرد الذى كتبه ساويرس على رسالة يوليان هذه، كما يلى:
"أولا عندما استلمتُ رسالتك التقوية فرحتُ كعادتى بتحياتك التى سُررتُ بها. إذ أنك تشجعنى بها على قراءة الرسالة المؤَّلفة منك التى ارسلتها معها والمكتوبة لأولئك الذين تقول عنهم أنهم يفكرون ويقولون أن جسد ربنا وإلهنا يسوع المسيح مخلصنا كان قابلا للفساد، وتطلب منى أن أكتب نقدا لذلك، وأن أرسله لمحب الله الذى هو أنت. وقد قمتُ بذلك، محبة لك، وأنا انتقل من مكان لآخر، وليس لدى وقت مناسب حتى بالنسبة لأمور أخرى مطلوبة. ومع ذلك على قدر ما كان ممكنا للكتابة كتبته بتجميع بعض الفقرات من تعاليم الآباء، جزئيا من ذاكرتى، ومن القليل من مجلدات أعمالهم التى كانت هنا، فى جزء آخر. لأننى أعلم جيدا أن هناك سؤالا مماثلا فى المدينة الملكية أيضا. وبواسطة براهين من الآباء المستخلصة من الجدل والنزاع. ولما بدا لى أن شيئا معيبا فى الأمور المكتوبة منك، إذ لما وجدتُ أن معلمى الكنيسة المقدسة الذين علمونى من وقت لوقت، يختلفون فى هذه الأمور، أرجأتُ إرسال ما قد كتبته لتقواك (وكان صوابا)، لئلا يظن بعض الجهلة أن الجدل فى هذا الموضوع هو نزاع بيننا على الرغم من أن مناقشة كهذه، كما أعلم، ستكون برباط المحبة، إلا أن البعض سيفترضها عداوة. ومن ثم دعنى، أعرف فى الحال ماهى مسرتك بالنسبة لهذا الأمر، لأن أنجز ما هو مقبول لمحبتك مع الأخذ فى الاعتبار قول الرسول القائل "لتصر كل أموركم فى محبة"([557])
الكتاب التاسع: الفصل الثانى عشر.
بشأن رسالة يوليان الثانية ردا على رد ساويرس على رسالته الأولى له.
"لقد كتبتَ أنه قد ظهر لك شىءٌ معيبٌ فيما كتبته، وكان ينبغى عليك أن تُعلِمنى به الحال حتى تحررنى من القلق. ولكننى أعتقد أننى فى كل ما قد كتبتُ قد اعترفتُ بالحقيقة بالتجسد المأخوذ منا، واجتهدتُ فى أن أثبت أن الآباء كانوا متحدين مع بعضهم البعض، لأننى اعتبر من غير الممكن لنا أن نعتقد ونتمسك، بأن الفاسد وغيره هما واحد. وبينما نعترف أن الذى جُلِد هو الذى شفى جميع البشر المتأثرين، ولكننا نعرفه أيضا أنه ممجد ومرتفع فوق الأهواء، وإذ كان قابلا للموت إلا أننا نعترف بأنه داس الموت وأعطى بموته حياة للمائتين. وبالتالى لقد سببتَ لى قلقا فقط بقولك اننى كتبتُ شيئا معيبا، ولم تُخبرنى ما هو لكى أدافع عنه. ولكن تنازل وأكتب وأخبرنى بما هو مدوَّن من الآباء أثناسيوس، وكيرلس وآخرين لأننى أود أن أعرف فكرك أيضا. ولكننى أعتقد أننى اتبعتُ نوايا الآباء الذين كانوا غير مختلفين مع أنفسهم، أو مع بعضهم البعض، مثلما لم يكن بولس الذى يقول أن الخلاص ليس بالأعمال ولكن بالإيمان، مختلفا فى ذلك مع يعقوب الذى يقول أن الإيمان بدون أعمال ميت. إنهما لم يقولا هذه الأمور فى تعارض بين بعضهما البعض، ولكن فى اتفاق. ولكن صلى لكى ما نستنير من الله، ولا نستسلم بالأهواء لإرادتنا، وفى نفس الوقت تُرسِل كلمة مختصرة تُشرق بها علينا. فالقديس كيرلس يكتب "ليس من اليسير لنا القول أن الفساد يمكن أبدا أن يسيطر على الجسد المتحد بالكلمة". وبعد ذلك بخمسة أسطر "إنه لأمر عجيب وإعجازى أن الجسد الخاضع للفساد يقوم". فما هى الفكرة التى يُريد أن يوضحها (لأنه ليس متناقضا مع نفسه فى هذه الأمور) إن لم يكن يفكر بهذا الكلام فى فساد الطبيعة العامة. لأنه حمل أسقامنا بإرادته وليس بضغط الطبيعة، وسَّمر خطايانا بجسده على الخشبة مائتا لأجل خطايانا".
الكتاب التاسع: الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر من الكتاب التاسع، خاص برسالة ساويرس الثانية المرسلة إلى يوليان هذا.
"إنه يبدو لى شيئا غريبا جدا عندما أتذكر الكلمات القليلة التى كتبتُها عن أن محبة الله التى فيك، حتى تقول أنك كنت فى قلق عظيم، إذ أننى أنجزتُ طلبك لا لسبب آخر سوى أن أخلصك من القلق والإنزعاج. لأنك لو كنتَ قد ارسلت لى مسألة زهيدة أو سؤالا بسيطا، لكنتُ بالطبع قد استخدمتُ كلمات قليلة فى الإجابة، ولكن إذا كان ذلك الذى أرسلته لى لأتفحصه، "مقالة"([558]) من سطورٍ كثيرة وعملا وافيا للغاية، فإننى بعد التفكير فيه فى كل يوم حسب قدرتى، سأعرض لك رأيى بوضوح.
والآن، بالنسبة للمناسب الذى وجدته، فهو كثير جدا وسأعرضه لك. إننى لا أتكلم بزيف. اصغى اصغِ لما قد كتبتُه كالآتى: لكى ما أعرض فهما لموضوع النزاع. لقد أرسلتُ لك ما قد كتبته، اختبره لترى ما إذا كان متفقا مع الأسفار المقدسة أم لا، لأننى اعتقد أن آباءنا كانوا متفقين على هذا. اكتب لى وأخبرنى ما هو الرأى الذى علىَّ أن اتمسك به، وإذ قد اعطيتنى موضوعا للنقاش، فكيف إذن فى رسالتك الثانية تطلب منى معالجة أمور كثيرة بسطور قليلة، وبكلمة مفردة كما تقول، الأمر الذى يحتاج كلاما كثيرا وبراهينً من الآباء الذين تكلموا بوحى من الله؟. الآن، الكتاب المقدس يقول "الله يُعلّم المعرفة، ويقضى على العالين"([559]). وفى موضع آخر "لأَنًّ الرَّبَّ يُؤتي الحِكمَة ومِن فَمِه العِلمُ والفِطنَة. يَدَّخِرُ لِلمُستَقيمينَ مَعونةً وهو تُرسٌ لِلسَّائِرينَ بِالكمال"([560]). لأنه إذا كان تقواك وأنا نسعى إلى إثبات أن هؤلاء الآباء لم يكونوا متعارضين مع بعضهم بعضا، فليس هناك ما يمنعنا من فحص الأمر بدقة، ومعرفة أنهم لم يكونوا بأى حال من الأحوال متعارضين مع بعضهم بعضا أو مع أنفسهم. لأنك تقول بالصواب والعدل أن الملافنة ليسوا متعارضين مع بعضهم، وأن بولس لم يكن متعارضا مع يعقوب عندما قال الواحد "بالإيمان يتبرر الإنسان، بدون أعمال([561]). بينما كتب الآخر"الإيمان بدون أعمال، ميتٌ". لأن بولس تكلم عن الإيمان قبل المعمودية، الذى هو الاعتراف التام من القلب عندما لم يكن هناك أعمال صالحة سابقة فى الدنيا، فمثل هذا الإنسان يتبرر بالإيمان والاعتراف فيُعمَّد. أما يعقوب فيشير إلى الإيمان بعد المعمودية عندما قال أنه بدون أعمال ميت إذا لم يُرفِقه الانسان بأعمال صالحة. لأن المعمودية هى سمة الإهتداء الصالح. لأنه حتى ربنا الذى كان مُعلِّما لنا بعد أن قدَّس المياه، واعتمد من يوحنا وأعطانا تأسيس المعمودية صعد إلى الجبل ومارس جهادا مع المجرِّب، وأهلك كل قواه لكى ما يُرشِدنا بذلك إلى أنه ينبغى لنا بعد التطهير الإلهى أن نجتهد بالأعمال، وأن نجاهد بحسب الناموس مع المقاوم، وبذلك نظهر فضائلنا. ولكن شخصا ما سيعترض ويقول" هوذا بولس قد أخذ ابراهيم كدليل على أن الانسان يخلص بالايمان بدون اعمال، قائلا "إذن الذين هم من الايمان يتباركون مع ابراهيم"([562]) الذى لم يعمل، ولكنه آمن بأنه يبرر الخطاة، "فحُسِب ايمانه برا"([563]). بينما يبرهن يعقوب، بحالة ابراهيم، أن الانسان لا يتبرر بالايمان وحده، ولكن بالإيمان المؤكد بالاعمال([564]). فكيف لا يكون هذا تناقضا؟، لأن نفس ابراهيم مثال للذين لم يعملوا ولكن آمنوا، ولأولئك الذين يُظهِرون ايمانهم بأعمالهم. وأنا مستعدٌ للشرح من الأسفار المقدسة لأن الذى يتفحص فترة حياة ابراهيم [سيرى] أنه مثال للإثنين: مثال للايمان الذى قبل المعمودية، [الذى] يعترف بالخلاص بواسطة الإيمان بالمسيح، ومثال للإيمان الذى بعد المعمودية المرتبط بالأعمال الذى هو إعادة انتاج لختان اللحم القديم الذى يستبعد انكار الغرلة ويجلب لنا التبنى كأبناء لله. ولذلك أُمِر موسى أيضا أن يقول هذا لفرعون". وقل لفرعون: اسرائيل فتاى، بكرى". لذلك يشهد بولس للكولسيين ويقول "الذى به اختتنتم بختان غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، وختان المسيح. مدفونين معه فى المعمودية"([565]). لذلك قال عن ابراهيم أيضا أنه قد تبرر بالايمان بدون اعمال عندما كان فى الغرلة، قبل ان يختتن، وبهذا يُشير إلى الاعتراف بدون أعمال قبل المعمودية، اثناء كتباته إلى الرومان"حُسب لإبراهيم ايمانه برا". كيف؟. ليس بالختان، ولكن بدون ختان"([566]). ولم يتكلم باطلا لأن كلام موسى شاهدٌ، الذى يقول عن الله أنه قال لإبراهيم "انظر إلى السماء وقل للنجوم إن كنتَ قادرا أن تقول لها. هكذا سأجعل نسلك. وصدَّق ابراهيم الله، وحُسِب له ذلك برا". ولكن أيضا معلمنا يعقوب أخذ نفس ابراهيم كمثال للإيمان الذى يخلص بالأعمال بعد المعمودية لأنه إذ أختتن، وليس فى الغرلة، كما نتعلم من الكتاب المقدس الذى يقول هكذا "اتعرف أيها الانسان أن الايمان بدون أعمال ميت. لأن آبانا ابراهيم قد تبرر بالأعمال عندما قدَّم اسحق ابنه كذبيحة محرقة. أرأيتَ أن الإيمان يظهر بأعماله، وبأعماله قد كمل". ويُكمِل الكتاب المقدس فيقول "آمن ابراهيم بالله، فحسب له برا، ودُعِى خليله"([567]). إنه من السهل أيضا لمن يقرأ كتابات موسى أن يعلم من سفر التكوين أن ابراهيم بعدما اختتن قدَّم ابنه اسحق محرقة وتمم الوصية، أنه تبرر بالأعمال معطيا لنا مثالا للإيمان بعد المعمودية، التى هى الختان الروحى التى تبرر الانسان بالأعمال لأنه مكتوب "ُخُتِن ابراهيم واسماعيل ابنه، وجميع رجال بيته، سواء أكانوا مواليد بيته أم مشترين بالفضة من الغريب."([568]). وعندما جرَّب الله ابراهيم وقال له "خذ ابنك وحيدك الذى تحبه اسحق، واصعد إلى التل الذى أريهه لك وقدمه لى محرقة"([569]). وبناء عليه، كلام الرسل هذا، وذلك المكتوب فى العهد القديم لا يبدو أنه متناقض مع بعضه البعض، ولكنه واحدٌ، وقيل بروحٍ واحد، بشأن الايمان قبل المعمودية الذى يشهد للإنسان الذى يُقدِّم نفسه بإعتراف قصير بدون أعمال، والمعمودية كخلاص تام إن ترك المرء العالم. وايمان آخر الذى هو بعد المعمودية، الذى يتطلب البرهنة عليه بأعمال صالحة، والذى أيضا يرفع الإنسان إلى قياس الكمال وإلى مكان مرتفع. وهكذا يقول يعقوب بالصواب عنه أنه الايمان الذى كمل بالأعمال إذ أن بولس الحكيم يعطى أيضا فى موضع آخر تعليما مماثلا بخصوص الإيمان قائلا أنه يكمل بالأعمال. لأن الغلاطيين بعدما اعتمدوا وحُسِبوا ابناء الله بالروح، قد ارتدوا إلى اليهودية وأُختتنوا إذ أنهم افترضوا باطلا أنه بختانة لحمهم يحصلون على شىء فى المسيح يفوق الغرلة. فكتب موبخا إياهم قائلا" فى المسيح يسوع، لا الختان ولا الغرلة ينفع شيئا، بل الإيمان العامل بالمحبة"([570]). ولذلك، يتضح أيضا من هذا أن نوع الإيمان بعد المعمودية المرتبط بالأعمال، والمتحد بالمحبة هو المفيد و[هو] الذى يخلِّص. وما هو ذلك العمل [الذى] بالمحبة؟، هذا ما يوضحه بولس ويقول "المحبة طول أناة، ورفق. لا تحسد، ولا تنتفخ، ولا تتفاخر. ولا تخزى. ولا تطلب ما لنفسها. ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. المحبة ترجو كل شىء، وتحتمل كل شىء. المحبة لا تسقط سريعا"([571]). هذه الأشياء هى لتوجيه الأعمال، وللكد والتعب، لكى ما يربح الكثيرون ويخلصون عندما ترتبط بالإيمان. ومن ذا الذى يجرؤ ليجد غلطة؟. لأن ربنا أيضا قال فى هذا الصدد "إن كنتم تحبوننى، احفظوا وصاياى"([572]). لذلك الكتاب المقدس وآباؤنا متآلفين معا فى التعليم المعطَى لنا. ولهذا بالنسبة لهذه المسألة أيضا هم بروح واحد فى التعليم لمن لا يقرأ بتوان. وبناء عليه، كما هو مكتوب "كل شىء معروف للفهيم، وواضح لمن يجد المعرفة"([573]). تلك المعرفة التى اسعى إلى أن ارسلها لمحبتكم بأسلوب محدد، كما هو الواجب على المسيحيين.
ولكن لما كنتُ قد سمعتُ من أنحاء كثيرة أنك نشرتَ الطوم الذى المقالة التى تحتوى على عملك والمعنون إلىَّ، ليس فقط فى المدينة العظمى الأسكندرية، ولكن فى مواضع عديدة. فإننى بناء على ذلك على قدر ما أنا مقتنعٌ بالمسيح الله معطى الشريعة، قد ارسلتُ وكتبتُ إلى أخينا توماس الكاهن ألا ينشر عملى ولكن يحتفظ به لنفسه لأننى رجوتُ أنه بمشورة إثنين، كما بفم واحد ونفس واحدة، تكون كتاباتى وكتابات قدسك معروفة. وعلى هذا المنوال فحصتُ مرة واثنتين تعليم الطيب الذكر اخسونويو Akhs'noyo وإلسينوس Eleusinus الأسقفيَن، والكتب إلى التى ألَّفاها عن أمور عسرة [الفهم] بشأن الايمان ولم أجد قط فى حالتهما أى تصريح عن العلاقات التى كانت بين بعضنا البعض بالمحبة خلال مناقشاتنا بينما كنا بمعونة ربنا بفكر واحد متماثل. لأننى لم أنتج كتابا أو مقالة لكى اكسب تميز بين الناس، أو شهرة تجاوز قياس ضعفى، ولكن [من أجل] الرأى السديد للإنجيل بحسب تعليم وتشريع الرسل. ولكن من المشين أن نترك فى وقت كهذا جهادنا ضد الهراطقة لنجتهد ونكتب ضد بعضنا البعض لئلا ينطبق قول الرسول علينا الذى يقول "إن كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا، فاحذروا أن يُفنِى بعضكم يعضا".([574]). فمثل هذا النزاع يجب أن يعرض عنه أولئك الذين يُحبون ربنا بكل قواهم، وأن يحبوا بعضهم بعضا، لكى ما يغمرنا السلام ويفتقد اسرائيل الله([575]). تحية للإخوة الذين معك. الواحد الذى معى يحييك بربنا".
وعندما استلم يوليان هذه الرسالة أيضا من هذا المتعلم ساويرس، اشتعل غضبا وسخطا بشدة، وكتب قائلا أن طلبه هذا قد رُفِض منه لمدة سنة وشهر، وأنه لم يلق منه الاحترام الواجب، وأنه خُدِع([576]).
فكتب عندئذ ساويرس مقالة طويلة مملوءة بالبراهين من المعلمين الحقيقيين للكنيسة المقدسة الذين يقولون أن جسد المسيح الذى أخذه منا كان خاضعا للآلام البريئة ما عدا الخطية، إلى القيامة. ولهذا السبب، ولكى ما يكون معلوما، قد دونتُ الرسائل عاليه للتمييز.
وهناك كتبٌ كثيرة موجهة ليوليان وفليكسيموس ورومانوس وآخرين، الذين شايعوه فى رأيه، وفيها أيضا الكثير من المواد النافعة فى الدراسة لأولئك الذين يُحبون التعلم. وصاروا معروفين للحكماء والفهماء من حزب الايمان الحقيقى بخصوص تجسد مخلصنا. وتم الحفاظ على البسطاء. وبصفة خاصة الرهبان، واستـناروا ولم يصيروا أوطاخيين.
الكتاب التاسع: الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر من الكتاب التاسع بشأن الشغب الذى حدث فى القنسطنطينية، وكيف قُتِل هيباتيوس وبومبيوس وذُبِح عدد كبير من الشعب فى السيرك.
لم تكن المذبحة التى جرت فى السنة العاشرة([577])، على يد كثيرين من الهون الذين غزوا مقاطعة الرومان ونهبوها وقتلوا كثيرين من الشعب الذين كانوا فى الريف هناك، وأحرقوها كما سجلنا عاليه بكفاية، بل هلك أيضا فى المدينة الملكية اشخاصٌ كثيرون هناك فى الشغب الذى اندلع. لأنه عندما كان يوحنا القيصرى حاكما على كبادوكيا، كان يُشِيع وشايات بمكر وحيل ضد اشخاص هناك وفى مدن عديدة، وكدَّس كمية كبيرة من الذهب للخزانة الملكية من كل الطبقات، الوجهاء والحرفيين. وكان يُصغَى إليه بعناية فى القصر، وكان محظورا على كل أحدٍ([578])، إذ كان يحتل مكانة عالية من ثقة الملك إلى درجة أنه قدَّم اتهامات باطلة ضد الكثيرين، وكان محاطا بالمنافقين والوشاة. فكان حاضرا فى المدينة الملكية عدد من الشعب ليس قليلا من كل النواحى ممن كانوا لهم شكاوى ضده، وعضدوا بعضهم بعضا وشكلوا فصيلا واحدا. لذلك كان هناك صراخ مستمر ضده وضد الملك، واتحد كل الفيصل وكانوا بقلب رجل واحد مع بعضهم البعض لأيام عديدة، وأُغلِقَت المحلات، وبدأوا ينهبون كل ما يصادفهم فى طريقهم، ويحرقون. وأُخطِر الملك، وأغلِق أخيرا القصر. واجتمعت الأطراف فى السيرك، وأثاروا شغبا عظيما، وطالبوا أن يكون هيباتيوس ملكا، وإلاَّ سيحرقون المدينة. واضطر هيباتيوس إلى الخروج، واصطحبه بومبيوس. فأخذوا عُقدا يخص أحد الجنود ووضعوه على رأسه، وتوجوه ملكا، وهللوا له ومدحوه. وعندما حدث ذلك احرقوا الكنيسة الكبرى بناء على مشورة بعض الأشخاص، لكى عندما يصل خبر الكارثة، يتبدد الشعب المجتمع لأن الملك جوستنيان كان مغتما فى القصر. وكان الجنرال موندوس وكتائبه حاضرون هناك، فتلقى هو والاسكولاريون([579]) scholarians، وكل الكتائب التى كانت فى متناول اليد الأوامر. فأُغلِقت أبواب السرك. وذبحوا وقتلوا كل فئات الشعب الذين كانوا حاضرين هناك. ولم تكن هناك وسيلة للهرب والفرار من المذبحة. وهلك فى هذا الشغب أكثر من ثمانين ألف شخص. وقُبِض أخيرا على هيباتيوس وبومبيوس، وأُحضِرا أمام الملك. وعندما فهم حالة الأزمة رغب فى إنقاذ حياة الرجلين، ولكنه لم يكن قادرا على فعل ذلك لأنه أقسم فى غضبه بالله وبنفسه بإعدام الرجلين([580])، فأرسِلا إلى شاطىء البحر، وقتلا وأُلقيا البحر.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس عشر.
الفصل الخامس عشر من الكتاب التاسع يختص بالأساقفة المؤمنين الذين تم استدعاؤهم من المنفى إلى المدينة الملكية، والإلتماس الذى قدَّموه إلى الملك بشأن الإيمان كما يلى:
"إن الرجال العديدين الذين توجوا رأسك أيها الملك الظافر بإكليل المديح، رجال ينتهزون فرص اشخاص آخرين ليكتبوا كلاما بشأن تعطفكم نحوهم، ولكننا نحن الذين حُسِبنا أهلا لنوال فضائلكم نقدم الشكر لكم بإكليل الحمد الذى ننسجه بكل روعة. فبينما كنا نقيم فى هدوء فى الصحراء، أو ما يمكن القول، فى آخر الدنيا لمدة طويلة كنا نصلى إلى الله الصالح والرحوم من أجل جلالتكم، وعن خطايانا، طوال تلك الأيام. وقد مالت سكينتكم نحو ضِعتنا، فى رسائلكم الإيمانية التى تستدعينا للمجىء إليكم. وإنه لأمر عجيب لنا أنك لم تتلق طلبنا بإحتقار، ولكن بالعطف الملازم لك، وتعاطفت معنا لكى ما تُخرجنا من مذلتنا بحجج هذا أو ذاك ممن تشفعوا من أجلنا.
والآن، لما كان من واجبنا أن نطيع أمرك تركنا الصحراء فى الحال ورحلنا بسرعة عبر الطريق بسلام، دون أن يسمع أحدٌ صوتنا، ونحن آتون على أقدامنا سائلين الله المعطى بسخاء أن يجازى سموك والملكة المحبة لله، بالخيرات التى من فوق، نيابة عنا، وأن يهب السلام والهدوء لكم، وأن يضع تحت أقدامك كل شعبٍ عاصٍ. ومع ذلك فإننا وقد أتينا، نقدم لسموكم هذا الإلتماس الذى يحتوى على ايماننا الحقيقى([581])، ليس عن رغبة فى المجادلة مع أى شخص فى أى موضوع ليس مفيدا، كما هو مكتوب([582]) لئلا نضايق آذانكم. لأنه من العسير جدا للإنسان أن يقنع اشخاصًا يرغبون بإستمرار فى النزاع، على الرغم من أنه يعلن الايمان الحقيقى. ولهذا، كما قلنا، نرفض الانشغال بالمنازعة مع المشاكسين الذين لا يريدون أن يتعلموا، لأن معلمنا الرسول يقول "فليس لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله"([583]).
وبناء عليه، نحن الآن نعلن، أيها الملك الظافر، حرية ايماننا، على الرغم من أننا كتبنا عندما استلمنا فى الصحراء مرسومكم بيد الدوق ثيودوتس، وأعلنا بما نؤمن به، وأعطانا جلالتكم رسالة صدق خالية من أى مكروه تحركتم به واستدعيتمونا إلى حضرتكم. ولما كنا قد حُسِبنا أهلا لمراحم الله، فنحن نعلن فى هذه الرسالة بنعمة الله لأرثوذكسيتكم أننا قد تلقينا منذ الطفولة المبكرة ايمان الرسل وتربينا عليه وبه. ونحن نفكر ونؤمن مثل آبائنا القديسين الملهمين من الله الثلاثمائة وثمانية عشر الذين حرروا ايمان الحياة والخلاص، والذى صُدِّق عليه أيضا من آبائنا القديسين المائة والخمسين الذين التقوا هنا([584])، وتثبَّت بواسطة الأساقفة الأتقياء الذين اجتمعوا فى أفسس ورذلوا نستوريوس غير التقى. وهكذا بإيمان الرسل هذا، اعتمدنا ونعمِّد. وهذه المعرفة متجذرة فى قلوبنا وهذه العقيدة ذاتها هى التى نعترف بها كدستور ايماننا ولا نقبل أى شىء يجاوزها. لأنها كاملة من جميع النواحى، ولم تشخ ولا تحتاج إلى تجديد.
والآن، نحن نعترف بثالوث معبود وقدوس من طبيعة وسلطان وقدرة واحدة، معروف بثلاثة اقانيم. لأننا نعبد الآب، وابنه الله الكلمة المولود منه أزليا قبل كل الدهور، وهو معه دائما بدون تغيُّر فى الأزمنة. والروح القدس المنبثق من الآب([585])، وهو من نفس طبيعة الآب والابن. وأن أحد الأقانيم من الثالوث القدوس، أى الله الكلمة، نقول، أنه بإرادة الآب أخذ جسدا فى آخر الأيام من أجل خلاص البشر من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم، الثيوتوكس، بجسد موهوبًا([586]) بنفس عاقلة وواعية قابلة للتأثر بحسب طبيعتنا. وتأنس، ولم يتغير عما كان عليه. كذلك نعترف أنه بينما هو فى الطبيعة الإلهية ظل من طبيعة الآب، فإنه كان أيضا فى ناسوته من طبيعتنا. وبالتالى هو الكلمة الكامل ابن الله غير المتغير [الذى] صار انسانا كاملا، ولم يدع شيئا يعوزنا بخصوص الخلاص([587])، كما قال الغبى ابولليناريوس القائل أن تأنس الله الكلمة، لم يكن كاملا، ويحرمنا طبقا لرأيه من أمور أولية فى خلاصنا. لأنه إذا كان عقلنا ليس متحدا به كما يقول هو بسخف، إذن فاننا لم نخلص. وبالنسبة لموضوع الخلاص نكون قد افتقرنا إذن إلى النتيجة الأسمى لنا. ولكن هذه الأمور ليست كما قال هو، لأن الله الكامل صار من أجلنا انسانًا كاملا بدون تغيُّر. ولم يدع الله الكلمة أىَّ شىءٍ معوزا فى تأنسه. وكما قد قلنا، لم يكن خيالا كما افترض مانى غير التقى ويوتيخس الضال. ولما كان المسيح هو الحق الذى لا يعرف الكذب أو الخداع لأنه هو الله، لذلك الله الكلمة قد تجسد بالحقيقة، حقا وليس شبها، بالطبيعة والأهواء البريئة([588])، لأنه بإرادته تحملها([589]) أيضا من أجلنا، ضمن الأشياء التى أخذها بجسد طبيعتنا القابل للتأثر([590]) وللموت، وأحيَّانا بالقيامة الخاصة بالله، اذ استرد عدم الفساد والخلود الأول لطبيعتنا البشرية. ولما كان الله الكلمة لم يترك، فى الحقيقة، شيئا معوزا، ولا كان شبحا([591]) فى تجسده وتأنسه، لذلك لم ينقسم إلى اقنوميَن وطبيعتيَن بحسب التعليم الذى أدخله نستوريوس "عابد الإنسان"([592])، والذين علَّموا مثله [بذلك] سابقا، والذين يفكرون هكذا فى أيامنا. والإيمان المشمول فى اعترافكم يدحض تعليم هؤلاء الأشخاص الذين يميلون إلى النزاع. لأنك فى غيرتك، قد قلتَ هكذا "الله الذى تجسد، ظهر. هو مثل الآب فى كل شىء ما عدا تفرد الآب([593]). وصار شريكا لطبيعتنا، ودُعِى ابن الانسان، وإذ ظل هو الواحد نفسه الله والانسان، أظهر ذاته لنا، ووُلِد كطفل من أجلنا. واذ هو الله تأنس من أجل البشر ومن أجل خلاصهم([594]). فإذا تشيع أولئك الذين ينازعوننا لهذه الأمور بالصدق، ولا يتظاهرون بالتمسك بها ظاهريا فقط، ولكن بالأحرى يؤمنون بها مثلنا ومثلك، ومثل آبائنا القديسين الملهمين من الله، فإنهم سيكفون عن هذا النزاع. لأن جميع علماء الكنيسة الحكماء قد قرروا بوضوح أن المسيح قد اتحد بمُركَّب([595]). وأن الله الكلمة قد اتحد بمركب [أى] بجسد ونفس عاقلة. فإن ديونيسيوس الأريوباغى الذى انتقل بواسطة سيدنا بولس من ظلمة وضلالة الوثنية إلى النور السامى لمعرفة الله، يقول فى مقالته التى ألفها عن الأسماء الإلهية للثالوث القدوس "فلنسبحه بتعقل، كما نقول بالصواب. لأنه فى الحقيقة اشترك تماما فى خواصنا ووحدها بشخصه جاذبا لنفسه ورافعا لضِعة بشريتنا، التى صار يسوع البسيط متحدا منها بمركب بأسلوب لا يُمكن وصفه([596]). وذاك الذى كان [موجودا] منذ الأزل وقبل كل الدهور، أخذ وجودا عرضيا. والذى كان ممجدا ومعظما فوق كل الرتب والطبائع صار على مثال طبيعتنا بدون تغير أو تشوش([597]). وأيضا أثناسيوس فى مقالة عن الايمان دعا اتحاد الله الكلمة مع الجسد الحائز على النفس مُركَّبا، متحدثا هكذا "ماهى علاقة عدم الايمان بأولئك الذين يقولون "سكن" بدلا من "تجسد". و"طاقة بشرية"، بدلا من اتحاد ومركب؟. لذلك، إذا كان الله الكلمة الذى كان قبلا بسيطا وغير مرَّكب، قد تجسد من العذراء مريم، الثيوتوكس، تبعا لآبائنا القديسين الذين يتبعهم جلالتكم، واتحد بجسدٍ ذى نفس عاقلة وجعله خاصا به كالتدبير، فإن هذا يُظهر، أنه ينبغى لنا أن نعترف طبقا لآبائنا بطبيعة واحدة لله الكلمة الذى تجسد وتأنس بالكامل([598]). وبناء عليه، الله الكلمة الذى كان بسيطا قبلا، لا يمكن الاعتراف به أنه قد صار مركبا بالجسد، إذا كان منقسما ثانية بعد الاتحاد بالقول أنه بطبيعتين. ولكن، كما أن الانسان العادى، المكوَّن من طبائع مختلفة جسد ونفس وهلم جرا، ليس منقسما إلى طبيعتين، لأن النفس متحدة بالجسد عن طريق التركيب لتكوين طبيعة واحدة وشخص واحد هو الانسان. هكذا أيضا الله الكلمة الذى اتحد شخصيا بجسد ذى نفس ليس منقسما إلى طبيعتين بسبب اتحاده بالجسد المركب. لأنه طبقا لكلام آبائنا الذين اتبعتهم بخوف الله، الله الكلمة الذى كان سابقا بسيطا قد رضى من أجلنا أن يتحد بجسد ذى نفس عاقلة وواعية، بدون تغير، ليصير انسانا. وبناء عليه، طبيعة واحدة، واقنوم واحد ممجد لله الكلمة الذى أخذ جسدا. وهناك فعل واحد لله الكلمة، الذى ظهر ممجدا ومعظما ولائقا بالله، وأيضا متضعًا وبشريًا. فكيف اذن يكون البعضُ([599]) ليسوا على صواب؟. وهم يرفضون بسرعة قبول ما قد كتبه ليو فى "الطوم" معارضا، هو والذين مع آرائه، هذه الأمور. وهم([600]) يقدمون اقتباسات منه ومن نستوريوس وثيودور وديدورس وثيودوريت ومجمع خلقيدون الذى تكلم عن طبيعتين بعد تجسد الله الكلمة، وعن اقنوميَن. وقدموا دحضا لهذه الآراء ببراهين مستقاة من الآباء الذين تمسكوا فى أوقات عديدة بآراء مضادة لهذه، وعلَّموا فى الكنيسة بطبيعة واحدة واقنوم واحد قائلين أن الله الكلمة، فى الحقيقة، تأنس بدون تغيُّر، وصار انسانا كاملا وظل هو نفسه إلها كاملا. بالإضافة إلى أمورٍ أُحجِم عن تسجيلها هنا بسبب طولها، ولأنها موجودة فى كل مكان فى الأعمال التى ضد الدايوفيزيت".
وفى نهاية إلتماسهم قالوا هذا: "ولهذا السبب نحن لا نقبل سواء لا "الطوم" أو ولا تعريف خلقيدون، أيها الملك الظافر، لأننا نحافظ على قانون وشريعة آبائنا الذين اجتمعوا فى أفسس وحرموا وخلعوا نستوريوس، وحرموا كل مَن يُؤلِّف تعريفا آخر للإيمان إضافة إلى تعريف نيقية الذى وُضِع بالصواب وبإيمان من الروح القدس. هذا ما نرفضه ونحرمه. وهذا التعريف والقانون قد أبطله ولاشاه أولئك الذين اجتمعوا فى خلقيدون، كما سجلوا فى أعمال ذلك المجمع، فخضعوا لعقوبة ولوم آبائنا القديسين من حيث أنهم قد أدخلوا تعريفا جديدا للإيمان هو ضدٌ للعقيدة الحقيقية لأولئك الذين تمسكوا بها من وقت إلى وقت بحسب الاسلوب السليم لمعلمى الكنيسة الذين، كما نعتقد، يعاملون المسيح الآن مثلنا، وأنه ينبغى أن تُعِين ايمانهم الصادق، مكرِّما المفاهيم التى يتعهد بها كهنتهم، والتى بها تتعظم الكنيسة وتتمجد. وبهذا يسود السلام فى عهدك بقوة يمين الله القدير الذى نصلى إليه من أجلك لكى ما يضع اعداءك تحت موطىء قدميك، بلا كفاح أو تعب يَدَين".
وعندما قُدِّم خطاب الدفاع عن الإيمان كما ورد عاليه إلى الملك، وقُرِأ، وقيل كلام كثير خلال مدة لا تقل عن سنة وأكثر، من قِبل الاساقفة المؤمنين، الذين جاءوا إلى هناك، إلى المدينة الملكية حسب أمر الملك، كما دونا عاليه، ومن ضمنهم يوحنا الأرشيمندريت المتعلم، ابن افثونيا( وكتب سجلا بهذه المناقشات) لم يشأ الملك أن يُقصِى مجمع خلقيدون من الكنيسة، بينما استدعى بخطاب القديس ساويرس رئيس الكهنة الذى كان مختبئا فى أماكن عديدة. ولما رفض طلب الملك، ورفض أن يأتى إليه، عاد كلٌ من الأساقفة المؤمنين الذين كانوا فى القنسطنطينية إلى الاختباء فى أى مكان، [كلٌ حسبما] رآه مناسبا له.
وعندئذ، بعد وقت من الزمن، فى السنة الثالثة عشر([601])، وأيضا بعد خطابات كثيرة من الملك، جاء القديس ساويرس، واُستقبِل. وكان فى القصر إلى مارس من السنة الرابعة عشر، بينما كان الأساقفة الدايوفيزيت متضايقين ومنزعجين، وخاصة افرايم الأنطاكى، إلى أن هيجوا فى غضبهم اجابيتوس رئيس كهنة روما الذى شاركهم فى رأيهم، ودعوه وأحضروه إلى المدينة الملكية. وأكثر من ذلك، ماذا حدث، وكيف حدث ذلك. فهذا ما سيُعرَف من الفصل الذى سأكتبه بعده.
نهاية العريضة المشتملة فى [الفصل] الخامس عشر بشأن الرهبان الذين اجتمعوا فى القنسطنطينية ([602]).
الكتاب التاسع: الفصل السادس عشر
يتناول الفصل السادس عشر من الكتاب التاسع دفاع ساويرس عن رفضه الحضور إلى المدينة الملكية. فكتب رسالة كما يلى:
"الآبدى، كلمة الآب، ابن الله، الذى أخذ فى النهاية جسدا ولم يتغير. وأكثر من ذلك صار انسانا كاملا من الروح القدس، ومن مريم القديسة العذراء، الثيوتوكس، وكان بالحقيقة مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية([603]). وإذ كان يتمم تعليم الخلاص بالأمثال، [زرع] بذورا منه فى تلاميذه لكى هم أيضا والجميع فى سائر انحاء الدنيا الذين بواسطتهم يتلقون الكلمة، لكى ما يُعزَى كل [ما هو] صالح يثمر [فيهم] فى طريق البر والأعمال التقوية، لا أنفسهم ولكن إلى قوة ذلك الذى زُرِع فيهم فى البداية، كما بالنعمة بين الوديان والأخاديد وأحجار البرية، لكى ما تسبح بأصوات قوية وعالية وتنطق. لذلك، أنت بالمثل قد ألقيتَ بذار تعطفاتك فى حقارتنا، فأثمرت كتابة هذا الخطاب منى ليس كثمرة لإفتراض أنه من الممكن الرد على الصوت القوى لجلالتكم الذى وصل إلى آذانى، أن يخرج نطقا منى. لأنه عندما فكر أولئك الذين رذلوا حقارتى، أنهم قد أغلقوا الأبواب فى كل مكان فى وجهى بلا رحمة، فإنه عندئذ، فى الحقيقة، كما بمعجزة غير متوقعة، تستدعينى أنتَ نفسك بخطابك، أنا الطريد والمنفى من قِبل الأعداء. ونفس هذا الشىء هو مثل الله الذى قدَّم، بالنسبة لأولئك الذين كانوا مطاردين من قِبل الاعداء، الذين فكروا أنه حبسوهم وامسكوا بهم، طريق آمان عريض جدير بحكمته وجبروته، الطريق الذى صنع اعجوبة على فرعون الذى تركهم بعد زمن طويل من العبودية، ثم طاردهم ليعيدهم إلى الخضوع لنيره الثقيل وأحاطهم بفرسانه فى برية "بحر القصب"([604]) وسد الطريق مفكِّرا فى قلبه وقائلا هؤلاء الرجال قد انحبسوا فى الارض لأن البرية قد أُغلِقَت عليهم([605])، فإذا بالله العجيب يفتح بنعمته لأولئك الذين ظنوا ظن المحاربون أنهم قد أُطبِق عليهم، طريقا يابسا فى البحر لكى ما يعبروه بأقدامهم، عندما أمر موسى أن يرفع عصاه ويشق البحر. وهكذا بالمثل فعل جلالتكم أيضا بصولجان السلام، وشق البحر فى البرية المطبقة علىَّ. والطريق الذى لم يكن ممكنا عبوره، عبرته.
وإنه لدليل عظيم على تعطفكم أنكم قد حررتم رسالة إلىَّ بلا تردد، وبقسم واعدا إياى بضمان من الأذى. [فكنتَ] فى هذا أيضا، كان على غرار الله. لأنه تنازل هو أيضا إلى ضعف البشر وأرسل وعوده مرارا بأقسام، كما يُعلِّمنا الكتاب المقدس، ويذكرها بولس قائلا "عندما حلف الله لإٌبراهيم، إذ لم يكن له أعظم يُقسِم به أقسم بنفسه قائلا لأباركنك بركة وأكثرك تكثيرا"([606]). ولكننى أنا الحقير إذ اثق فقط بالكلمة التى تخرج من فمك، مصدقا أنها ضمان تام لى حتى كما قال الحكيم الجامعة([607]) "لاحظ فم الملك ولا تقلق بسبب كلام القسم بالله"([608]). ولكننى فى الواقع أثق بالإختبار النابع من الأعمال التى فى الحقيقة تشهد أكثر من الاقسام بسلامك، بالإضافة إلى ميلك إلى الرحمة الذى يخص النفس اللطيفة، لأنه بمجرد أن أخذتً على عاتقك مهام المملكة قد أرحت من الحزن كل فئات البشر الذين حُكِم عليهم بالنفى من رؤوساء كهنة ووجهاء وعامة البشر، معتبرا ذلك محل تقدير متساوى من الجميع، مثل نور الشمس والمطر والهواء المعتدل والأمور الأخرى اللازمة لحياة البشر. ولكننى لن اسمح لنفسى بزلل بشرى من جراء النهل من هذا المجرى الجياش للطفكم، وانتفخ. ولكننى عزمتُ أن أوضح [لكم] ما فى ذهنى. لأننى أخشى إذا ما شوهد حقارتى فى المدينة الملكية، أن يفزع كثيرون. فعلى الرغم من أننى، فى الحقيقة، لا شىء ومجرد شخص وضيع مثقل بنير الخطايا الثقيلة، إلاّ أنهم عندما يسمعون عن ذلك([609])، سيثور كثيرون غضبا، وسيلتهبون بهذا الإنزعاج الخسيس كما بجمرة من نار فيُزعجوا ويسببوا المتاعب حتى لجلالتكم بسبب عطفكم نحوى. وأظن أن ذلك لن يبدو ملائما لك، أو مفيدا لآخرين. والآن، أنا لا اقول ذلك كمَن له أية قوة ضد جبروت جلالتكم، لأنه مكتوب "الملك الجالس على عرش العدل([610]) يبدد كل شر بنظره"([611]) . ولكن لأننى مقتنع بأنه كما أن هذه القوة تخصكم بالنعمة من فوق، هكذا أنتَ خليق بالفهم والحكمة، وتجعلك تسعى إلى عمل أشياء كثيرة، ليس بالسيف ولكن بالحكمة الملائمة لملِك. وهذا ما تعلمناه من الكتاب المقدس الذى يقول "الملك الحكيم يُغربل ويبدد الأشرار"([612]). وكما أنه من السهل لأولئك الذين يبددون بالرياح الرفش أن ينزعوا الأثمة([613])، هكذا أيضا من البساطة لسموكم يا سيدى، بكل تقدير قلب ورحمة من أبٍ كريم أن تفصل أولئك الخاضعين لك عن أولئك الذين من الحزب المضاد لكى ما تكون الكنائس المتحدة مستحقة للصداقة. لأننى أعلم أنه لهذا السبب ذاته اعتبرتَ أنه من الصواب أن يأتى ضعفى إلى اقدامكم، لأنه عندما حسبتَ أيضا نفس هذا الشىء مستحق لرسالة منك إلى اساقفة الشرق الاتقياء، الذين هم رجال يُصلُّون من أجل الأمن، وحفظ جلالتكم، هم أيضا بعدما كتبوا لك عما يُفكرون فيه، أعلموا ضعفى بأن هذه هى إرادتك، حاثين إيانا، طبقا لعادة الكنيسة، لأجل أن نعينك بالصلاة نيابة عنك.
والآن، فى مدينة الأسكندرية العظمى، لم يحدث شىء لى من الأشياء الباطلة التى أثيرت ضدى. ومن السهل لى أن أظهر غباوة المبلغين([614]) لأنهم اغتابونى قائلين: أنه بواسطة مبلغ كبير من الذهب قد وزعته هناك، أثرتُ العصيان. وهذا الشىء عينه معلوم لأولئك الذين يكرهوننى بشدة، وهو أننى رغم انغماسى بأوجاع خطايا أخرى إلاَّ أننى لا أهتم بتكديس النقود. وهذه لأبسط عاقل هى حياتى المعتادة فى التقشف حتى أن الاسقفية لم تُخرجنى عن هذه العادة. لأنه كما أنه من المحبب أن يمارس الكاهن الواجبات الكهنوتية، هكذا بالمثل من المحبب أن يكون فقيرا. ولذلك أيضا، القانون المعطى من موسى ينص على أن سبط لاوى المختار لا يكون له ميراث فى الارض، ولكن يكتفى بالتقدمات المعينة، ويرتبط بذلك الأرملة واليتيم والمحتاج لأنهم معتادين على الفقر، قائلا "واللاوى سيأتى (لأنه ليس له ميراث أو نصيب معك) والغريب واليتيم والأرملة التى فى فى قريتك، فيأكلون ويفرحون لكى الرب الهك يباركك فى كل اعمالك التى تفعلها"([615]). ولكن لأنه كما هو مكتوب "شفتى البار مقبولة للملك وهو يُحب الكلام المستقيم"([616]) فإنه يمكن لسيادتكم أن تعلموا من الحكام الذين كانوا فى الأسكندرية فى أى وقت، والآن من ضباطهم ممن لا يغيب عنهم شىء ما، عما إذا كان أى شىء من هذا النوع قد حدث منى ولو بكلمة، أو قيل أنه قد عُمِل، كما أشاعوا عنى بزيف ومكر. وأما عن هؤلاء المبلغين فلن أقول أى شىء [عنهم] لأنه لا يخفى على علمك أى نوع من الرجال هم، ولكننى أنتظر دينونتهم بعد أن ننفصل عن عالم الشقاء هذا أمام محكمة المسيح، حيث سنعطى حسابا عن كل كلمة بطالة وفكر باطل، وخاصة نحن الاساقفة الذين عُهِد الينا بالكثير، على الرغم من أننا نبتهج ونلهو هنا بأمور جسدية. ولكن إن طبق أحدُ لفظ الشغب على ما كتبته إلى يوليان اسقف هاليكرناسوس الذى مال إلى هرطقة المانويين واعتبر الأوجاع الطواعية المخلِّصة التى للمسيح الإله العظيم خيالا، فإننى اعترف بعشرة آلاف فم ولسان بما كتبته ولا أنكر، مثلما لا يتسرع أحد ويأمرنى بإنكار ايمانى. لأن هذا هو رأى أرثوذكسيتك أيضا انت المهتم بالتمسك بالأمور التى تخص الروح أكثر من أى شىء من شؤون الدنيا. ولم أكن مضطرا لعمل ذلك بإرادتى الخاصة، أو بدوافعى، ولكننى كنتُ مضغوطا بشدة منه للكتابة لأنه ظن اننى اوافق على رأيه. لاننى عندما تفحصتُ ما قد ارسله لى (وكنتُ بعيدا عن الأسكندرية) فى الأمور التى كتبها، وجدتُ أنه تحت اسم "عدم الفساد" يُغطى، كما لو كان بجلد غنم، تجاديف مانى، لأن هناك أشياء كثيرة امتنعُ عن ذكرها.
هذا الرجل الغبى الذى يعترف بالآلام بشفتيه فقط، يُخفى كفره ويكتب هكذا "عدم الفساد كان ملتصقا دائما بجسد ربنا الذى كان قابلا للتأثر بإرادته الخاصة من أجل الآخرين". وبكل محبة اخوية كتبتُ له وسألته ماذا تقصد "بعدم الفساد" و"تألم بإرادته من أجل الآخرين" و"كان ملتصقا بجسد ربنا"، إن كنتَ تعترف بأنه بالطبيعة([617]) قابل للتأثر؟. فإذا كنتَ تقصد بعدم الفساد الذى يمتلكه، القداسة بدون الخطية، فإننا جميعا نعترف معك بهذا، وهو أن الجسد المقدس[المأخوذ] من رحم العذراء النقية، الثيوتوكس، بالروح القدس اساسا قد حُبل وولِد بالجسد بدون خطية واشترك معنا نحن البشر"لأنه لم يصنع خطية ولا وُجِد فى فمه غش([618]) طبقا لشهادة الكتاب المقدس. ولكن إن دعوتَ عدم الفساد عدم القابلية للإحساس ([619]) والخلود، وقلتَ أن الجسد الذى تألم نيابة عنا لم يكن هو الجسد القابل للألم طواعية، وللموت باللحم، فإنك تُخفِّض الآلام المخلِّصة نيابة عنا إلى خيالphantasy. لأن الشىء الذى لا يتألم، أيضا لا يموت، وغير قابل للآلام.
وعندما استلم منى مثل هذه الملاحظات رفض صراحة أن بعتبر يعتبر الجسد المقدس لعمانوئيل قابلا للتألم بالنسبة للآلام الطواعية، ولذلك لم يتردد فى أن يكتب هكذا بدون خجل وبكل صراحة "نحن لا ندعوه من طبيعتنا بالنسبة للآلام ولكن بالنسبة للجوهر. لذلك حتى إن كان هو غير قابل للتألم، وحتى إن كان غير قابل للفساد، إلا أنه مع ذلك هو من طبيعتنا بالنسبة للطبيعة".
وبقية حماقة يوليان الضالة المتضمنة بإسهاب فى الرسالة سأمتنع عن تسجيلها الآن، لأنها موجودة فى الكتب الكثيرة إلى ألفها القديس ساويرس هذا ضد يوليان. ولكنه كتب فى نهاية الرسالة قائلا هكذا:
"لذلك، اتوسل اليك وامسك بقدميك، وأكرر طلبى ثانية أن تتركنى وحدى [أنا] الحقير، ولا تُحضِرنى ثانية بين الناس لأننى سقيم فى جسدى وذهنى، وضعيف، وما أصدق الكتاب المقدس الذى يقول الذهن يسقط بالضربات، وهناك شعر ابيض كثيف على رأسى يشهد بقرب موتى والرحيل عن هذه الحياة المتعبة، ويظهر لى أنه لأمر جيد جدا ونافع الجلوس خفية فى ركن، واتفكر بذهنى فى انفصال النفس عن الجسد منتظرًا قبرى"لأن الأرض بيت لكل ما هو مائت" كما قال أيوب([620])، لأنه فى حالة الحيوانات الأخرى التى تعيش على الأرض شعرها لا يتغير. لكن فى حالة هذا الحيوان العاقل، الانسان، لأنه عتيد أن يأتى إلى الدينونة وستُفحَص أعماله فى العالم الآتى، فبمجرد أن يقترب من الشيخوخة يتغير شعر رأسه إلى أبيض ليُعلن له هذا المظهر ويُنبهه بمقدار التوانى الذى اجتازه، لكى يُعد أعماله للرحيل. ويشهد الكتاب المقدس أيضا له قائلا "ارفعوا اعينكم وانظروا الحقول انها قد ابيضت للحصاد"([621]) لأن انفصال النفس عن الجسد هو فى الحقيقة حصاد، وكما بمنجل يقطعه منها. لذلك أرجو أن يهبنى عظمتكم هذا المطلب البسيط [وهو] أن اقبع مختبئا حيث أنا بقية أيامى فى الدنيا. حيث عزمتُ على الحياة سرا، كما فى ركن، لأن هكذا هى حياة الراهب. وليعطك المسيح الذى هو، اله فوق الكل، السلطان على اعدائك بسلام تام، ووفاق بين الكنائس لكى ما تتوج بهذا أيضا. واذا كنتُ قد ارتكبتُ أى خطأ أو تجاسر فى خطابى هذا فأتوسل إليك أن تغفر لى كما فى أمور أخرى لأنه جدير بملك محب للمسيح، أن يغلب الشر بالخير، كما قال الرسول([622]). [الأمر] الذى أنت تظهره بالأعمال، ولذلك دُعِيت، بالصواب، الظافر".
توقيع ساويرس على الرسالة. فليحفظ الثالوث الهنا ارثوذكسيتك سنينا كثيرة حافظا سلطنة أمة الرومان بسلام. وليُخضِع لك أمم الرومان والبرابرة. وليهب الكنائس بواسطتك الاتفاق التام فى الايمان السليم. ويحسبك أهلا لنوال تاج ملكوت السموات".
والآن، ظل القديس ساويرس بعد هذه الرسالة إلى السنة الثالثة عشر([623]) ثم جاء إلى المدينة الملكية لأنه كان مضغوطا من رسائل الملك.
الكتاب التاسع: الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر من الكتاب التاسع، بشأن غزو بليساريوس الجنرال لأفريقيا.
فى صيف السنة الحادية عشر([624]) صنع روفينوس وهرموجينس قادة القوات، بمعونة ربنا سلاما بين الرومان والفارسيين بالشروط المكتوبة فى المعاهدة. وجاء الجنرالات الرومان والجيش من الشرق إلى المدينة الملكية فتلقوا لوما من الملك وعدم مسرة لأنهم لم يسلكوا كما يحق للرتبة والكرامة العالية التى انعم بها عليهم، بأن يُظهروا ذواتهم شجعان وجسورين فى الكفاح ضد الفارسيين وخاصة بليساريوس بسبب خسارة الجيش تحت قيادته عندما هُزِم فى المعركة فى ثانورس، وعلى الفرات. ودافع أمام الملك، بعدم صبر الجيش، ونقص التدريب بين الافراد الذين كانوا تحت امرته. والآن، كان هناك فى القنسطنطينية بعض الوجهاء من افريقيا الذين بسبب معركة مع امير البلاد، قد تركوا بلدهم ولجأوا إلى الملك، واعطوه معلومات عن البلد وحثوه قائلين أنها كثيفة جدا ومسالمة وليس لديها أى فكر عن الحرب مع الرومان، ولكنها مشغولة بالحرب مع المور، وهم شعب يقيم فى الصحراء ويعيش على السرقة والتخريب مثل الساراسيين، واوضحوا له أن هذا البلد قد قُطِع وأختُطِف من الامبراطورية الرومانية من أيام زرزريك الذى أخذ روما وحمل أيضا مواد قيمة من الذهب والفضة والمعادن الأخرى، وانسحب إلى قرطاجة فى افريقيا، المدينة المتميزة التى استولى عليها، واحتلها واستقر هناك وخزَّن الكنوز فيها. وهكذا، جهَّز الملك جيشا بقيادة بليساريوس ومارتين وأرخيلاوس الوالى. وحملت سفن كثيرة الجيش والإمدادت اللازمة، وابحروا عبر البحر. ولأن الله اراد هذه التجربة وساعدها، وصلت فى أيام قليلة وظهرت فجأة أمام المدينة الملكية فى قرطاجة. ولم يكن أمير البلاد هناك، ولكن كان منهمكا فى الحرب مع المور فى الصحراء. فإنهزمت القوة الصغيرة التى كانت فى المدينة وخرجت لملاقاة الرومان، وانسحبت. وحوصِرَت المدينة ودخل الرومان واحتلوها. وجمعوا الغنائم وحُفِظَت كنوز الأمير لملك الرومان. واحتل الرومان مدنا أخرى فى البلد بخيانة بعض الرجال الذين كانوا معهم، وكانوا يعرفون البلد جيدا. وكانت ارضا فسيحة تمتد لمسافة سفر خمسين يوما، ووجهاء الشعب كانوا آرمانيين([625]) arimenites. وعندما سمع الأمير بذلك جاء بجيش ووجد نفسه صغيرا وزهيدا امام الرومان. وعندما فهم أن أنسباءه قد أُخِذوا وأن وجهاءه قد استسلموا، وأن كنزه قد حُمِل، ضعف وخارت قواه فإستسلم. فإصطحبه بليساريوس فى السنة الثانية عشر([626])، وعُرِض جهرا على الملك وأمام الشعب، فى السيرك، مع انسبائه وكنزه ووجهائه. وكان سفير خوسرو ملك الفارسيين حاضرا هناك ورأى هذه الأشياء. ومنذ ذلك الوقت صارت افريقيا خاضعة للرومان. وبالتدريج انحفضت المدن الأخرى. واستمر فقط المور فى عداوتهم هناك.
الكتاب التاسع: الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر من الكتاب التاسع ينشغل اساسا باستيلاء بليساريوس على روما
كان آليمارك Alimeric الطاغية قد استولى على روما بعصيان أيام زينو وانستاسيوس، وكان رجل حرب ومقتدرًا. وقد أضاف قوة عظيمة لإقليم ايطاليا وأعاد بناء روما، وأبعد البرابرة عنها. ومات وحكم خلفاؤه من بعده الواحد تلو الآخر، دولة الرومانيين([627]) عاصين لمملكة القنسطنطينية. والآن، حدث أن تشاجر أحد رؤوساء البلد وهو دومنيك([628]) مع الطاغية فإلتجأ إلى الملك جوستنيان، وأعطاه معلومات عن البلد. وكان شيخا قارئا([629]) جيدا للكتاب المقدس، ودايوفيزيت، وكثيرا ما اشترك فى المنازعات، وأنا أعرفه. فتاق الملك إلى غزو روما أيضا بعدما غزا افريقيا، ولاحظ أن بليساريوس قد نجح فى الحرب فى افريقيا بدون إلحاق أى ضرر بسكان القطر، أو انقاصهم بسفك الدماء، ولكنه قنع بالمتطلبات الضرورية مع جزية وضريبة خضوع على النحو الذى وصفته عاليه. لذلك جهَّز جيشا له، وأرسله إلى روما. وكان يوحنا رئيس الكهنة هناك قد مات، خلال تلك الأيام وخلفه آجابيوتس. وعندما وصل الجيش إلى موضع يُدعى نابلس مدينة مشهورة ليست بعيدة عن روما واستولى عليها، انزعج وخاف السينات فى روما، ومستشاروهم مع رئيسهم، لأنهم كانوا قد سمعوا بالفعل عما حدث لقرطاجة بإفريقيا وكيف هُزِم طاغية ذلك البلد. وإذ تدبروا هذه الأمور، سبقوا فأرسلوا التماسا يطلبون فيه السلام، ووعدوا بتسليم المدينة، وأرسلوا أيضا فيما بعد رهائن. ووصل بعد ذلك بليساريوس مع الجيش إلى هناك، وأُستُقبِل فى المدينة بالمدائح من سكانها واحتلها، ولم يُلحِق بها أى ضرر. وكان هناك لبعض الوقت. بينما احتل المدن الأخرى، وأخضعها للملك، دون الحاق أى ضرر من قتل أو هلاك للسكان. واكتسب الملك شهرة بهذه الأمور، وابتهج فى السنة الرابعة عشر([630]).
الكتاب التاسع: الفصل التاسع عشر
الفصل التاسع عشر من الكتاب التاسع ينشغل بساويرس الذى صعد إلى القنسطنطينية، وظهر أمام الملك.
والآن، بعد أن تلقى ساويرس المختبر رسائل استدعاء من الملك تضغط عليه، جاء أخيرا إلى القنسطنطينية فى السنة الرابعة عشر([631]). وأُستُقبِل بود من قِبل الملك فى القصر، والذى حثته وهيأت له أيضا الملكة ثيودورا التى كانت تقدس ساويرس. وكان شيخا وقورا ومبجلا فى عينيها. وكان ابيفانيوس رئيس الكهنة [للقنسطنطينية] قد تُوفى وخلفه انثيموس. وكان هذا رجلا ناسكا ممارسا للفقر وصديقا للمحتاجين والمؤمنين، وكان اسقفا لتربيزوند وتصادف أن كان موجودا هناك لسبب ما، وكان معروفا للملك والوجهاء بعفته وخصاله الفاضلة، فعينه بطريركا([632]). ولم يكن يقبل فى الايمان مجمع خلقيدون.
وفى الأسكندرية، بعد أن طُرِد جايين الذى كان يوليانيا، وكان هناك لمدة ثلاثة شهور بعد وفاة تيموثاوس، صار ثيودوسيوس([633]) اسقفا وكان رجلا ذو ذا ايمان جلى، لطيفا ومتعلما. وكان على معرفة بالقديس ساويرس وصديقا له.
وعندما اجتمع هؤلاء الثلاثة رؤساء كهنة معا فى المحبة والايمان، لم ينفصلوا عن بعضهم بعضا. فأُخطِر افرايم الانطاكى فاضطرب جدا، وبالأكثر لأن بطرس الأورشليمى لم يكن ميالا إلى محبة عدم الوفاق مثله، أو الهرطقة على الرغم من أنه سلك حسب الظروف نتيجة لضعفه ووهن نشاطه وحيويته.
والأن، حدث فى تلك الأيام أن صعد سرجيوس، وهو الطبيب الخاص للامبراطور([634]) archiatros ـ إلى راس عينا([635]) rhesaina، فى تلك الأيام إلى أنطاكيا ليُقدِّم شكوى ضد آسيليوس اسقف تلك المدينة، مخبرا افرايم البطريرك أنه قد تضرر منه. وكان هذا الرجل بليغا، ومتمرسا فى قراءة كتب كثيرة يونانية، وفى تعليم اورجين، بينما كان يقرأ لبعض الوقت تعليقات المعلمين الآخرين على الكتاب المقدس، فى الأسكندرية (وكان ماهرا فى اللسان السريانى، قراءة ومحادثة)، وفى كتب الطب. أما عن ايمانه الخاص فقد كان مؤمنا والدليل على ذلك تمهيده، وترجمته لديونيسيوس، والمقالة التى ألفَّها عن الايمان فى أيام بطرس المنير الاسقف المؤمن. ومع ذلك كان فى شخصيته مولعا بشهوة النساء، وغير عفيف وغير قانع، بالإضافة إلى شراهته الشديدة للمال. فوضع افرايم لهذا الرجل شركا إذ وجده رجلا مختبرا، فوعده بأنه سيفعل له أى شىء يطلبه، إذا قبل أن يتوجه إلى روما كمبعوث له برسالة إلى آجابيتوس رئيس كهنة هناك، وعاد. فقبل، وزُوِّد بالهدايا من افرايم، واستلم الخطاب [المرسّل] للرجل. وكان يصطحبه غلام يُدعَى يوستاس، مهندس من آميدا الذى نشر قصة غريبة عن سرجيوس لن اسجلها هنا حتى لا تضر القارىء. وتوجه هذان الرجلان إلى روما، إلى اجابيتوس، وسلَّماه الرسالة. فاستقبلهما، وكان مسرورا بالرسالة لأنه وجد فيها اتفاقا مع رأيه. وجاء معهما إلى القنسطنطينية فى شهر مارس من السنة الرابعة عشر([636]). وكان ساويرس هناك وانثيموس رئيس الكهنة. وانزعجت المدينة كلها من وصول آجابيتوس، وتزلزلت الأرض كلها بمن عليها، واظلمت الشمس فى وسط النهار، والقمر بالليل، وهاج المحيط فى الرابع والعشرين من مارس من هذه السنة إلى الرابع والعشرين من يونيو فى السنة التالية، الخامسة عشر([637]). وعندما ظهر آجابيتوس قدام الملك، حظى بإستقبال فخم لأنه يتكلم نفس اللغة. وكان رئيس كهنة بلاد ايطاليا التى كانت قد هُزِمت وأُخضِعت له. وكان متعلما بظاهر([638]) كلام الكتاب المقدس، ولكنه لا يفهم معانيه وكان له رأى منحط عن تجسد يسوع المسيح ربنا، الله الكلمة، ولم يكن مقتنعا بأن يدعو العذراء مريم ثيوتوكس، وكان يقسِم الاتحاد إلى طبيعتين، إذ أنه يتمسك بأولوية الحبل بالطفل مثل اتباع مدرسة ثيودورس ونستوريوس. وحرم من التناول انثيموس وساويرس، ومن الشركة معه. ودعا الواحد بالزانى([639]) والآخر بالأوطاخى([640]). وحوَّل محبة الملك لهما إلى كراهية([641])، فطردهما من المدينة.
واتحد ساويرس وثيودوسيوس الأسكندري وانثيموس مع بعضهم بعضا فى الرسائل التى دوناها اسفل. وترك انثيموس وساويرس المدينة ليعيش كل منهما فى مخبأ أينما كان، ملائما له.
وصار الآن ميناس اسقفا للمدينة الملكية بعد انثيموس. ومات فجأة سرجيوس الطبيب الخاص للامبراطور هناك، ومات آجابيتوس بعده فى تلك الأيام بمعجزة إذ أكل لسانه فى حياته([642]). وصار سلفيروس اسقفا لروما بعده.
الكتاب التاسع: الفصل العشرون
الفصل العشرون من الكتاب التاسع يختص برسالة ساويرس إلى طغمة الكهنة والرهبان فى الشرق، التى يتناول فيها طرده من المدينة الملكية.
"إلى أحباء الله، الكهنة والشمامسة والأرشيمندرات والأراخنة وسائر مصاف الرهبان القديسين فى الشرق. التحيات من ساويرس بربنا. كَونى قد خرجتُ من المدينة التى هى حاكمة بين المدن وتجاوز مسعى الانسان، فإن بعضكم أيها القديسون كان حاضرا ورأى بعينيه الذى حسبته صوابا أن أصنف خطابا قصيرا من جانبى لأحفزكم على التعبير عن الشكر عما احسبه مجدى، وأن اسجل بوضوح أن أعمال العناية الالهية نحونا هى فى الحقيقة نافعة لنا، لحفظ الايمان الارثوذكسى، ولتكوين الارادة الجيدة التى بها، يمكن القول، يرتدى الإنسان نمط رداء جديد، ويبتعد عن كل مفهوم ورأى هرطوقى. لأن يعقوب أيضا أب الآباء، العظيم فى احتمال المشقات، وفى الثقة بالله، عندما فر من معاملات البرابرة فى شكيم، ومن المخاطر التى أحاطت به هناك، حث أولئك الساكنين معه على نفس الكلام الذى أحثكم به إذ يقول الكتاب المقدس" وقال يعقوب لأهل بيته ولجميع مَن كانوا معه، اعزلوا الآلهة الغريبة التى بينكم، وتطهروا وأبدلوا ثيابكم، ولنقم ونصعد إلى بيت إيل. فأبنى هناك مذبحا لله، الذى استجاب لى فى يوم ضيقتى، وأنقذنى فى الطريق الذى ذهبت فيه"([643]). لأنه فى الحقيقة، قد انقذنى من كل توقعات المعاندين الذين كرهونى بلا سبب، وسخروا بى وهزَّوا رؤوسهم، وقالوا كما فى أيوب "رجلاه تدفعانه إلى المصلاة([644])، فيمشى إلى شبكة. يُمسكُ فى فخ. ويتمكن منه الشرك. ويسود عليه كمتعطش للدماء. أنفه مطمور فى الأرض. والشباك فى طريقه"([645]). أما عن شرور هؤلاء الناس فلم تسجَّل بالدماء لأن الملكة المحبة للمسيح كانت حماية كافية لى، إذ وجهَّها الله بصلواتكم إلى ذلك الجيد فى عينيه، كما صرَّح فى اشعياء النبى إلى أولئك الذين يؤمنون به "لا تخف لأنى فديتك. دعوتك بإسمك لأنك لى. إذا اجتزتَ فى المياه فأنا معك. والانهار لن تغمرك. وفى النار لن تحترق. واللهيب لن يلسعك. لأنى أنا الرب الهك، قدوس اسرائيل مخلصك"([646]). وهذا الذى قال هذه الأشياء لم يعطنى فقط نجاة عجيبة، بل أضاف إضافة إلى نصيب المؤمنين، أو لنقل الحق، إلى نصيب الرب وملكه فى ميراثه اسرائيل، لكى لا ينطبق ما قيل فى الكتاب المقدس لأولئك الذين لامهم "عبثا تلقون البذار"([647]) لأن التقى انثيموس رئيس اساقفة المدينة الملكية الذى استلم الكرسى الرئيسى، حتى وهو يمتلكه لم يرضى يرضَ بالبقاء فيه، ولكن على نحو مستقيم وبحكم صادق ومعرفة كره كفر هؤلاء الرجال، وقبِل الشركة معنا ومع البابا pope الأسكندري ثيودوسيوس، وكل الرعاة المنتمين إلى اعترافنا. وبالتالى عبثا حاولوا أن يُضلوا الناس الذين يقولون أنهم لا يقبلون مجمع خلقيدون بخصوص تعريف الايمان، ولكن بخصوص رذل يوتيخوس ونستوريوس، وهى الأردية التى استخدمها أيضا فلافيان ولكنه لم ينجح فى أن يؤدى بغيرتكم إلى الضلال. ولم تنخدعوا بالشيطان، وكنتم قادرين على القول مثل بولس"لا نجهل حيله"([648])
وهكذا، بالنسبة لباقى الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الواحد والعشرون
الفصل الواحد والعشرون من الكتاب التاسع يقدم رسالة أنثيموس إلى ساويرس الأنطاكى
"إلى أخينا التقى والقديس، والخادم الشريك، البطريرك سيدى ساويرس. تحيات انثيموس بربنا. إذ أتذكر كلام الرب القائل" من يُعطَى كثيرا يُطلَب منه كثيرا"([649]) وكلام المرنم "مَن يصعد إلى جبل الرب، ومَن يقف فى موضعه المقدس"([650])، والنوع الواجب الذى يرسمه الرسول للرجل الذى يختاره الله، أشعر بخوف ليس بقليل. لأنه إذا كان هؤلاء البطاركة العظام قد دعا أحدهم نفسه "ترابا ورمادا"([651]) والآخر "دودة ولستُ انسانا"([652]) فماذا أقول انا الصغير الحقير الذى نلتُ هذه الرتبة السامية للخدمة وأنا غير مستحق لها؟. لأن ضيقات الكنائس المقدسة قد لوحت أيضا نفسى بشدة. لأن بعض الرجال إذ يتمسكون بالآثام، ويظهرون كأنهم يتجنبون التشويش والتغير، وهو الأمر الذى لا يوجد [فيهم]، يقسمون بمكر الله الكلمة الذى هو واحد وغير قابل للإنقسام، والذى تجسد بدون تغيير. ولهذا السبب أنا أيضا فى حزن عظيم، كما قيل فى المزامير "الكآبة ملكتنى من أجل الخطاة الذين حادوا عن ناموسك"([653]). ولكن الثقة بالله تهبنى فرحا، وأنا أومن أنه سيتمم وعوده، ويعطينا نحن الخلائق الوضيعة كل ما نحتاجه، ليس لأننا أصدقاؤه ولكن بسبب اللجاجة، وسيستجيب لطلبات كل مختاريه، الذى حفظ أيضا لزمن طويل قداستكم من الخطايا([654]) بواسطة قناعتكم الرسولية وتعليمكم الروحى والفعال الذى اسبغه عليك بالنعمة، كحجر لا يهتز، كما مثلنا، لتكون كنائسه المقدسة فى ايمان راسخ لا يهتز. لذلك هذا الإله نفسه يعطى تكريما للمنحطين، وعظمة للصغار، وقوة للضعفاء كما يقول الرسول المكرَّم "بالنعمة نتبرر جميعا"([655]). ولأن هذه الأمور قد تقوت بالقوة الإلهية فى الضعف، فقد جعلت ضعفنا، بحكم لا يهتز، حاكما للكنيسة المقدسة فى هذه المدينة الملكية. واذ نعترف لذلك بنعمته، فإننا نرجوك ايها التقى أن تتضرع إلى المسيح الهنا أن يُعين عدم استحقاقنا. ولأن الناس المختلفين لهم سمات مختلفة، هكذا أيضا سمات الكهنة الكارزين بالإنجيل، لأنه يقول "تكلموا أيها الكهنة، وعندما تصعدون إلى الجبال العالية، ارفعوا صوتكم"([656]).
"بهذه التحية الأولى ورباط المحبة أتواصل معك ايها القديس. لأننى وأنا مبتهج بالإتحاد وأيضا بالترابط معك برباطات روحية طبقا لقوانين الكنيسة، أصرخ بأننى متمسك بتعريف الإيمان الوحيد فقط الذى قد وضعه الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر بإرشاد الروح القدس الذين اجتمعوا فى نيقية، والذى اصلى من أجل أن اتمسك به إلى النهاية. ذلك الإعتراف الذى صدَّق عليه أيضا مجمع الآباء القديسون المائة والخمسون الذين اجتمعوا فى هذه المدينة الملكية ضد المحاربين الكافرين للروح([657]). وليس هذا فحسب، بل أيضا بواسطة المجمع الذى إلتأم فى افسس ضد الكافر نستوريوس وكان قادته رؤساء الكهنة محبو الله طيبو الذكر سيلستين([658]) الرومانى، وكيرلس الأسكندري الذى دحض فى فصوله الإثنى عشر نستوريوس "عابد الإنسان". وإلى هذه الفصول أضم معها كل كتاباته واحتضنها كقانون كنسى. وإلى جانب تعاليم كيرلس المقدسة هذه، اقبل أيضا صيغة زينو الخاصة بتوحيد الكنائس التى تهدف إلى كمال الديانة بإلغاء مجمع خلقيدون وطومس ليو الكافر. واعترف أن الله الكلمة المولود قبل كل الدهور من الله الآب، الإبن الوحيد الجنس، الواحد فى الطبيعة والأزلى مع الآب، الذى به صُنِعت سائر الأشياء، وبه تأسست كل الأشياء، نور من نور، الصورة غير المتغيرة للآب غير المرئى، وإرادته غير المتغيرة، تجسد فى الأيام الأخيرة، وصار إنسانا كاملا من الروح القدس ومن القديسة مريم، الثيوتوكس، الدائمة البتولية([659]) ووحد مع نفسه جسدا شخصيا من طبيعتنا بنفس عاقلة وواعية بدون تغير أو تشويش أو خطية، آخِذا شبهنا، لأنه ظل كإله غير قابل للتغير. وعندما اتخذ خواصنا لم يُنقِص فى نفس الوقت من خواصه الإلهية. وذلك الذى اشتقه منا، جعله خاصا به بالتدبير، بالإتصال المشتمل على اتحاد طبيعى. لأن ذاك الذى وُلِد قبل كل الدهور وبلا جسد من الآب، هو نفسه الذى خضع لميلاد ثانى بالجسد، وبعد أن كان له اسلوب فوق الوصف، تجسد من الأم العذراء. وهذه التى ولدته استمرت بعد الميلاد عذراء. وبناء عليه نحن نعترف أيضا أنها بالحقيقة، ثيوتوكس. وأن الذى وُلِد منها بالجسد هو إله كامل وإنسان تام كامل. هو نفسه، ابن واحد، رب واحد، مسيح واحد، من طبيعتين، طبيعة واحدة للكلمة المتجسد([660]) ، وقد صار انسانا كاملا بينما ظلت كلا الطبيعتيَن اللتيَن كونتا الاتحاد غير القابل للتغير بدون اختلاط فى نطاق استعلانهما. لذلك، هو بالصواب جدا أحد الثالوث القدوس الواحد فى الطبيعة، قبل التجسد وبعد التجسد، وبالمثل لم يُضف عددا إلى الثالوث ليكن رباعيا رابوعا([661])، وهو غير قابل للتأثر([662]) فيما هو خاص بطبيعة الآب، وقابل للتأثر بالجسد فيما هو خاص بطبيعتنا. لأن الله الكلمة لم يتألم بطبيعته، بل تألم بجسد طبيعتنا الذى وحَّده بنفسه على مثالنا. وقد عرَّف غريغوريوس اللاهوتى الأمر ودعاه: غير متألم باللاهوت، متألما بلبسه للجسد. وهو نفسه واحد فى المعجزات وأيضا فى الآلام. بالتدبير جعل آلامنا آلامه طواعية. كان بالجسد متأثرا ومائتا كطبيعتنا، وله نفس عاقلة وواعية. وهذه طوال مدة التدبير سُمِح لها أن تكون متأثرة وفانية للغرض المذكور عاليه لتأنسه. أقصد أن يتألم ليس بالشبه، ولكن بالحقيقة. لأنه بالجسد الخاضع للآلام، احتمل طواعية الآلام البريئة والطبيعية، والموت بالصليب. وبمعجزة خليقة بالله، أى بالقيامة، أظهر وقدَّم غير المائت وغير المتأثر من جميع النواحى. لذلك، جاء غير الفاسد، إذ جاء من الاتحاد والوجود فى الرحم الذى كان مقدسا وبلا خطية. ولذلك عندما نميز بين العناصر التى كونت اتحاد الطبائع، اقصد الطبيعة الإلهية والناسوتية، فإننا لا نفصل الواحد عن الآخر، ولا نرتبك برفض التمييز بين اللاهوت والناسوت، بل نعترف بأنه عمانوئيل، الواحد من اثنين([663]).
ولهذا إذ أومن واتمسك بهذا الايمان كما على صخرة، وأحرم أى حيدان عن الحق مِن قِبل الرجال الضالين غير الاتقياء فى كل من الجانبين الذين ذهبوا وراء قادتهم (اقصد فالنتين ومرقيون واريوس ومقدونيوس واوفيميوس وابوليناريوس ويوتيخوس). وكذلك أولئك الذين ذهبوا أيضا بسبب الاتحاد مع الكلمة إلى الاعتراف الباطل غير التقوى بأن الجسد الذى أخذه الله الكلمة منا ووحَّده شخصيا به، هو [جسد] خالد وغير قابل للتأثر، وأدخلوا بذلك المشابهة والخيال إلى السر العظيم لتأنس الرب غير القابل للتغير، والحقيقى. وأحرم أيضا بولس السميساطى، وفوتينوس وديودورس وثيودوريت ونستوريوس وايضا ثيودوريت واندرو وهيبو ويوثيريوس والكسندر من هيرابوليس، وايريناوس المتزوج مرتين، وكيروش ويوحنا، وبارتساومو الفارسى، ومجمع خلقيدون وطوم ليو، وأولئك الذين يقولون أنه قد صار معروفا وموجودا فى طبيعتين، أى [فى] ربنا يسوع المسيح بعد الاتحاد الذى لا يُوصف. ولا يعترفون أن هناك هيئة واحدة، اقنوم واحد، طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد، الذى صار انسانا. وعلى أساس هذه العقائد الرسولية والإلهية التى بلا لوم، أُعطِى يمين الشركة إلى اخوتنا القديسين، [تلك] الشركة التى اتمسك بها إلى النفس الأخير لى، وأنا غيرُ راضٍ بالشركة مع أى انسان له تفكير آخر مختلف عن هذا. لأن باسيليوس يقول "ذاك الذى يتواصل بدون تمييز مع غبى ينفصل عن حرية المسيح"([664]) لأننى أعرف انك أنت ايها التقى تتمسك بهذه الأمور بثبات، وتعبت من أجلها زمنا طويلا. لأنه مَن ذا الذى تحمَّل فى أيامنا هذه مثل هذا الضنك متنقلا من مكان إلى آخر، حتى لا يهتز ايمانه؟. وفيك أرى معلمى الكنيسة، لأنك بإجتهاد تضع المصباح مضيئا ظاهرا على حامله([665])، كما تفعل بالقول والفعل. لذلك من اللائق لتقواكم التدبر فى هذه الأمور لتفرحنا بتعليمك ردا على رسالتنا".
والبقية تشتمل على تحيات الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون من الكتاب التاسع يشمل رسالة ساويرس إلى انثيموس
"إلى أخينا الكلى القداسة والتقوى، والخادم الشريك، البطريرك انثيموس، التحية من ساويرس بربنا يسوع المسيح الهنا. أما عن رسالة عفتكم، فإن بولس الرسول يعطينى سابقة فى الصياح بصوت عالٍ فى هذه المناسبة ذاتها "شكرا لله على عطاياه التى لا يُعبَّر عنها"([666]) لأنه بمجرد اعتلائكم لعرش البطريركية لكرسى المدينة الملكية، حتى صممتَ فى الحال على تعظيم أولوية الكرسى من أجل الديانة الحقيقية التى تزدرى بما يخص الآخرين الذين خانوا ايمانهم. لأن أولئك الذين يرغبون فى اتباع الوصايا الإلهية كما هى مكتوبة, وأن يسعوا وراء الرب، الحكمة التى من فوق، المعطاة للشمامسة والكهنة والبطاركة بحسب رتب الكهنوت، حتى أن البطريرك ابراهيم، بعد أن استقر فى مواضع عديدة وكثيرة، جاء إلى بلد معين، وشرب بغزارة من بئر ينبع فيه يُدعى بئر القسم([667])، لأنه اقسم للبرابرة الذين كانوا يعيشون بالقرب من هذا المكان، وزرع نباتات عادية ومثمرة. ولئلا يتشكك بفكر من جهتهم، دعا هناك بإسم الرب، الإله السرمدى وكما قال له "لا تدع أفكارك، تذهب وراء جمال الأشياء التى تُرى، وتنسى الله ببهجة النظر السارة، لأنه هو وحده الذى من الأزل قد صنع الأشياء التى تُرَى لامعة بالعيون للعيون وشهية للتذوق". ويستطرد الكتاب المقدس فيروى هكذا "وزرع ابراهيم قطعة من الارض ببئر القسم ودعا هناك بإسم الرب الإله السرمدى"([668]) (ويشرح البعض أنها كانت ارض غابة، وارض زراعة). لذلك، بنفس الطريقة، بعد أن مكث تقواكم فى بلاد أخرى جاء إلى رأس القسَم، كما إلى قطعة ارض ملائمة للإنتاح، اعنى كرسى المدينة الملكية التى هى غنية ببذخ الدنيا، وشربتَ من المجرى الغزير المتدفق. وعندما أدركتَ أن هؤلاء الأشخاص يريدون تضليل العقول وجعلها تحيد عن العملة النقية غير الملوثة، فإنك كمندوب جيد للأرثوذكسية، لم تسمح لعيون ذهنك أن تضل بجمال الدنيا وفخامة خيالاتها التى تزول. ولكنك على غرار البطريرك ابراهيم دعوتَ هناك بإسم الرب الإله السرمدى الذى تجسد كلمته الرحيم وتأنس، لكى ما يُمِت آدم الثانى بموته، ذلك الموتَ الذى ساد علينا، ويقتلع سلطانه الأبدى. ذلك الموت الذى لم يكن ممكنا للجسد غير المتأثر، وغير المائت أن يقبله، لأن ما هو غير مائت وغير متأثر، يكون غير قابل للآلام والموت. لأنه إذا لم يكن قد مات موتنا من أجل خطايانا وأهلك هذا الموت بجسد مماثل لأوجاعنا عندما قام من الموت، فإننا نكون غرباء واجانب عن منافع القيامة. لأن بولس يقول "أن المسيح مات عن خطايانا"([669])، وأيضا "لما كان الموتُ بإنسان. هكذا بإنسان أيضا كانت القيامة لأنه كما فى آدم يموت الجميع، هكذا فى المسيح يحيا الجميع"([670])، وأيضا "لما كان الأبناء يشتركون فى اللحم والدم، هو أيضا بالمثل اشترك فى نفس الشىء لكى يبطل بالموت من له قوة الموت أى الشيطان، وينجى الذين خوفا من الموت كانوا خاضعين للعبودية طوال حياتهم. لأنه لم يستلم من ملائكة، بل من نسل ابراهيم لذلك كان جيدا أن يشبه اخوته فى كل شىء"([671]). والآن، نسل ابراهيم كان حسب جنسنا القابل قابلا للتأثر، الذى وحَّد الله الكلمة ضابط الكل نفسه به شخصيا من العذراء القديسة، لكى ما يُقيم به معه جنسنا الذى سقط تحت سلطان الموت حتى أنه كما كان بكر جنسنا، هكذا أيضا لما كان هو اقنوم واحد وطبيعة واحدة، فقد كان من الواضح أن كلمة الله المتجسد قد تحمل بإرادته وحده تجارب وانقضاض الأوجاع البشرية والطبيعية والبريئة. ونطق بالعلامات البشرية على نحو إلهى، وانجز بعضها بأسلوب يليق بالله، وبعضها الآخر بأسلوب بشرى ونحن لا نسقُط بسبب اختلاف النشاط energy والكلمات والمعجزات والأوجاع فى تقسيم الطبيعيتين بعد الاتحاد الذى لا يُعبَّر عنه، ونقسم هذه الأمور، الأنشطة والكلمات والعلامات. لأنه على قدر ما نعرف ذاك الذى أجرى المعجزات هو نفسه الذى تألم، والذى تكلم بأسلوب الهى حسب التدبير.
وبإختصار هذه هى الأساسات التى يرتكز عليها الايمان والإعتراف بالمسيح. ولا يمكن إضافة شىء إليها، ومنها لا شىء يمكن أن يُستبعَد ([672]). واننى استخدم بالمناسبة فى هذا الصدد كلام الجامعة([673]). وبتطبيقه على أولئك الذين هووا من مرتفعات الملك، وذهبوا إلى الطرق المعوجة، وابتهجوا بالضلال الشرير، ولكن كما يقول الكتاب المقدس الروح يتكلم بالأمثال طبقا للشريعة التى كانت قبل تلك التى سلَّمها الرسل للكنيسة".
ثم يقول أيضا بعد ذلك بقليل فى الرسالة: "وعلى هذه الشروط، اتعهد بالمشاركة فى الشركة وكذلك فى الارتباط غير المنفصم مع تقواكم ومع أولئك الذين يتمسكون ويكرزون بهذه الأمور معك. وأما الذين يتمسكون بأى شىء مخالف أو يقولونه فإننى أرفضهم كغرباء وأجانب عن شركتنا، وإننى لأتجنب الحماقة التى فى هؤلاء الناس، كما قال أيضا رسولكم كشىء يجعلنا غرباء عن جسارة المسيح، وتزوِّد الكثيرين بفرص للخطية. ولكن كما يقول أيضا واحد، من رجال الحكمة فى الإلهيات، "بسبب الحماقة أخطأ كثيرون"، لأنه إن وقفنا فوق برج مراقبة وموضع الملاحظة وأعلنا هذه الأمور إلى أولئك الذين تحت سلطاننا، فإننا سنسمع منهم اقراص العسل والكلام الجيد، وحلاوتهم الشافية للنفس. ولما كنتَ قد اخترت لنفسك أن تجاهد الجهاد الحسن، واعترفت الاعتراف الجيد فصِح مع النبى حبقوق "سأقف على مرصدى، واسير على صخرة"([674])، وإزدرِ بأولئك الذين يصارعون أسفل، وإن وضعوك تحت حرومات ولعنات، فقل لله مع داوود بثقة عظيمة "هم يلعنون وأنت تبارك. ليخز الذين يقومون علىَّ. وأما عبدك فيفرح"([675]). لأن أولئك الذين يعترفون بالإيمان السليم، بحسب منطوق الرسل، "يجيئون إلى جبل صهيون، إلى مدينة الله الحى، اورشليم التى فى السماء، وصحبة الملائكة، الذين بلا عدد إلى كنيسة الأبكار المكتوبين فى السماء"([676]). والآن، كيف يمكن لإنسان نابع من الأرض أن يضرب أولئك الذين فى الكنيسة التى فى السماء، ويمتزج بها؟، لأنه باطلا يتعب وبلا فائدة يشد قوسه، وحتى إن تجاسر وأطلق سهامه علىَّ مَن أعلى، فإنها ستُرَّد على مَن هم اسفل، لأننا نصغى أيضا إلى أحد الحكماء الذى يقول هكذا "إن مَن يُلقِى حجرا إلى فوق انما يلقيه على رأسه"([677]). وهكذا استمر إلى النهاية مُسلَّحا بدرع([678]) وحزام الايمان القويم، فى كل مكان ضد كل انواع الارواح. والآن، بالنسبة للإرتباط بتقواكم المطلوب منا بهذا الخطاب القانونى بكل من رباط الروح ورباط السلام كما قال الرسول فسوف أرسل معلومات إلى شريكنا فى الخدمة([679])، سيدى ثيودوسيوس البابا القديس ورئيس اساقفة المدينة العظمى المحبة للمسيح، الاسكندرية، الذى يكد بالأسلوب الرسولى، ويتعرض للضيقات والمخاطر من أجل كلمة الحق، ويُزيد من فاعلية الوزنات المودعة عنده كل يوم بواسطة الانتاج، ويبتهج بإستمرار بإعلانها. واكتب أنت اليه، مثلما كتبت لى، وآزره بنفس يدَىّ الوفاق، وتواصل معه بخطاب تبعا لقواعد وقوانين الكنيسة. وبناء عليه، فلتحفظك محبة الله، لتُكمِل دورك نحوه أيضا، وستكون لك طبقا لأشعياء النبى "سورا ومترسة"([680]). كما حدث. تحية لإخوتكم. الذين معى يحيونك فى الرب".
الكتاب التاسع: الفصل الثالث والعشرون
الفصل الثالث والعشرون من الكتاب التاسع يخص رسالة ساويرس إلى ثيودوسيوس
"إلى اخينا وشريكنا فى الخدمة القديس التقى سيدى رئيس الكهنة ثيودوسيوس. يحييك ساويرس فى ربنا. فى سفر القضاة الذى هو سفر الأسباط يقول أن سبط يهوذا قد دعا سبط شمعون اخيه إلى شركة انصبة، حاثا إياه كمساعدة أخوية، بهذا الكلام "اصعد معى إلى نصيبى لنحارب الكنعانيين، وانا اصعد معك إلى نصيبك. فصعد معه شمعون"([681]). ولكننى ادعو شخصك أيها الأخ القديس ليس إلى شركة حرب وقتال، ولا الى مد يد المساعدة من أجل ميراث، ولكن بالأحرى إلى شركة سلام واتفاق ومن أجل مكسبٍ للكنيسة التى اشتراها المسيح، بل الله، بدمه. لأن القديس انثيموس رئيس الكهنة الذى حُسِب أهلا لرعاية كنيسة المدينة الملكية، إذ حطم قيود وشِباك مرارة الهراطقة، راذلا فنونهم الخداعية تارة، ومحاربا جهرا تارة، قد احتضن شركتنا متمسكا بالإيمان النقى السليم. وقد ارسل إلى حقارتى خطابا محتويا على عهد شركة على الاعتراف الأرثوذكسى التام، وحرم بالإسم كل واحد هرطوقى وغريب ولم يتغرب ذهنه عن وصايا وفرائض الرب التى تركها آباؤنا القديسون كقوانين مقدسة، والتى ينبغى علينا جميعا أن نتمسك بها، ونقول مثل ايوب المحتمل "تمسكتُ ببرى فلا ارخيه"([682]). ولهذا رحبتُ بحماس وطيب خاطر بهذا الحدث الذى حدث كعطية من الله، وكررت قول الكتاب المقدس الإلهى "اليوم عَلِمنا أن الرب معنا. ولتعلم جميع شعوب الارض أن يد الرب جبارة "([683]) لأن هذا مكتوب فى يشوع بن نون. وقد كان من الصواب أن يكتب رئيس الاساقفة القديس انثيموس أولا إلى عرشك الانجيلى، ويقدم لك باكورة الاتفاق، ولكن ضرورة هذا الوقت ومسافة القطر، وعجلة الأحداث غيرت الترتيب الواجب للأمور([684])، ولأن هذا قد عُمِل سرا، لأنك تعلم، كمعلِّم حكيم للأمور الإلهية، ما قد كُتب فى السجلات من يوحنا اللاهوتى، بالأحرى الانجيلى، أنَّ التلاميذ اجتمعوا والابواب مغلقة خوفا من اليهود، وأن الهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح ظهر فى وسطهم بينما الأبواب مغلقة، بمعجزة ووقف بينهم وقال "سلام لكم"([685]). ولذلك ارفقتُ بخطابى هذا نسخا من خطابى فى الاتفاق، [وخطاب] رئيس الكهنة محب الله الرجل المذكور عاليه الذى ألفه فى ظل الخوف من اليهود، وأرسلتهما إلى قداستكم. ولكن الكاهن التقى والخازن([686]) ثيوبومبس، قد اعطاك بكل تأكيد وصفا لما سبق (لأنه كان أيضا، متواصلا معك، فى هذه المشورة والفعل) لأننى أعتقد أن محبة الله التى فيك ستبتهج وتطرب بذلك وخاصة عندما تتلقى الرسائل القانونية المشتملة على العهود. ولكن الآن، ايها الأخ التقى المحبوب منى فوق كل شىء، إن كل طلبات الخلقيدونيين لا تختلف فى أى شىء عن عهد ناحاش العمونى الموعود الذى اراد عمله مع بنى اسرائيل الذين قالوا له "اقطع عهدا معنا فنستعبد لك" ولكن البربرى والقاسى عاد فقال "بهذا اقطع لكم، بتقوير كل عين يُمنى لكم([687])، وجعل ذلك عارا على جميع اسرائيل"([688]). لذلك نحن فى حاجة إلى سهر أكثر، وإلى الايمان الراسخ والى صلوات وتضرعات لكى ذاك الذى يحفظ اسرائيل ولا ينام ولا ينعس يحوّل العار إلى اولئك الاثرياء المتفاخرين، فلا نصِر هزءً وسخرية للذين حولنا كما أنشد داوود فى مكان ما([689]). وبالسقوط من الأمور الإلهية، يعترفون أيضا بالأمور البشرية. لأنه لا يوثق بغير المؤمنين وأعداء الله. ولكن لك أيها الفاهم للإلهيات، ما هو هنا هو مادة معرفة".
الكتاب التاسع: الفصل الرابع والعشرون
الفصل الرابع والعشرون من الكتاب التاسع خاص برسالة ثيودوسيوس إلى ساويرس
"إلى كلى التقوى، والكلى القداسة اخينا وشريكنا فى الخدمة البطريرك سيدى ساويرس. ثيودوسيوس يحييك بربنا.
"ايها المحبوب لى فوق كل شىء، صخرة المسيح وحارس الإيمان النقى الذى لا يمكن أن يهتز. ممتازة جدا هى البركة المعطاة لزماننا التى أظهرت ثباتكم الروحى لكنائس الله. ونحن أيضا برجاء جيد وثقة فى أن نمط فضيلتكم التى نمتلكها، ستكون مصونة لك. ولكننى لا اعرف أية فضيلة نُعجَب بها، لأنه ماذا بين صفاتك تكون قاصرة، أو فى حاجة إلى اطراء أكثر؟!. إن أنا أُعجبتُ بأسلوب حياتك الشديد، وفضيلة العفة التى تجذبنى، ونقاوة الإيمان السليم الرائعة التى تستلزم بعدل أن توضع قبلهم جميعا، وحياة كدكم التى تحملتموها طويلا من أجل الله، وفراركم من مكان إلى مكان. وحقيقة أنكم فى كل شىء قد اخترتم المعاناة من أجل ألاَّ نحِد عن الايمان الصحيح. وكم من مرة تحت ضغط الأحداث صِحتم من أجل هذا الايمان عينه مع بولس "مَن ذا الذى يفصلنى عن محبة المسيح؟. اشدة أم ضيقة أم اضطهاد"([690]). وفى أى فئة يمكننا أن نضع دقة تعاليمك التى اقتلعت بها ضلالات وخداعات المضلين من جذورها بينما نجا المؤمنون وتثبتوا فى الايمان الصحيح. ويبدو لى كأننى سمعتُ المسيح، بل الله، قائلا لك ما قاله لأرميا النبى الإلهى "ها قد جعلتُ كلامى فى فمك. انظر قد وكلتك اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتنقض وتبنى وتغرس"([691]). وأيضا ما قد قيل عن بولس "إناء مختارا لى ليشهد بإسمى أمام الأمم وامام ممالك، وامام كل اسرائيل"([692]). هذه هى صفاتك أيها الأب التقى، صفات من اليسير الإعجاب بها، ولكن من العسير تنفيذها بالتمام، بل وحتى الآن أيضا بالتعب والسهر لنفسك التقية مازالت اعمال جيدة تُعمل لكنيسة الله. لأنه بالمسيح يسوع صار الذين كانوا قبلا بعيدين، قريبين. فأنثيموس التقى رئيس الكهنة والراعى الحقيقى لكنيسة المدينة الملكية الذى سيُشتَهر من الآن فصاعدا بشخصه وإيمانه قد صار بإرادته الحرة متواصلا معك أيها التقى، ومعنا، وسار فى إثر الإيمان الصحيح، الذى أبطل ورذل الفخاخ والقلق ووطأ على المنافع الزائلة والباطلة، وعرف أن العظمة البشرية لا شىء وأعلن بشجاعة الإيمان الصحيح الذى لا يفشل. ولذلك لماذا لا نبتهج بسبب هذا الذى حدث ولا نُقدِّم الشكر إلى الله، ولا نحتفل روحيا، يا أبونا المكرَّم بما ليس من الممكن التعبير عنه بالكلام. والآن، لقد صنع عهدا ثابتا، فى خطاب قانونى أرسله إلى كرسينا الإنجيلى، كما دوَّن قداستكم بالحقيقة فى خطابكم الموقر. وفى الأمور التى كتبها أعلن بكل دقة الإيمان الصحيح والسليم، وألحقه بحرم كل شىء هرطوقى وخدَّاع، معترفا بأنه يتمسك ويُعلن هذه الأمور معنا، ويقول أنه يرتبط بأولئك الذين تبتهج كنيستنا المقدسة بالشركة معهم، ويبتعد عن أولئك الذين نبتعد عنهم. لذلك ذكر بالإسم وحرم تلك الأسماء التى تشايع الهرطقات الكافرة ومجمع الكفر المنعقد فى خلقيدون وطوم ليو. وعندما فحصنا بكل ما أمكننا من عناية الأمور التى كتبها لنا الرجل التقى ودرسناها بتدقيق لم نجد فيها شيئا غريبا عن الإيمان الصحيح. ورأينا أيضا هجوما على كل أحد كان معارضا لنا([693]). وإننا لمعجبون بالأكثر لحكمكم عليها. لأنه بالنسبة للأمور المكتوبة قانونيا إليك ايها القديس من قِبل التقى انثيموس عن العقائد الإلهية وجدناها مكتوبة الينا أيضا، لنكون على وفاق، ولذلك إذ قد وجدنا أن خطاب الاتفاق والشركة للقديس انثيموس من هذا النوع فإننى اصيح فى هذه المناسبة مثل النبى "افرحى ايتها السموات من فوق ولتقطر الغيوم برا"([694]). لأن الرب قد صنع رحمة لشعبه ومثل هذا الاصلاح الجيد الذى أتى على كنيسة الله المقدسة. لذلك قد قبلنا بأيادى ممدودة الحدث وأسرعنا من جانبنا أيضا إلى تحرير عهود مماثلة، وقبلنا الرجل التقى فى شركة وثيقة معنا، وأملينا ردا له أعلنا فيه بوضوح ايمان الآباء الصحيح وفضحنا السمات الشريرة للإيمان الذى يلوث ضعفاء الفهم. وأما عن المستند الذى بواسطته قد اشتركنا معه، والذى يُعطى لأىٍ من بعده([695])، فقد أرسلنا نسخة [منه] لأبوتكم لأننا لم نرغب فى إغفال أيا من حقوقك، تسبب لك غيرة وخاصة تلك التى يتعين عملها مع كنيستنا المقدسة. وأقول عندئذ عن ضرورة أن الحقيقة التى لاحظتها نحو الكرسى الإنجيلى والإكرام الأول الواجب له والمعبّر عنه كتابة كما هو مكتوب إلىَّ والواجب عمله، لهى فى الحقيقة جديرة بنفسك المقدسة المعتنية بعمل كل شىء بعدل واتفاق مع ارادة الله، ولكننى اعلن صراحة شعورى أن اكرامى الأساسى والذى يُعطينى الفرح العظيم هو الإكرام المقدَّم لك من كل أحدٍ. لذلك، بكل ثقة التصق، يا أبانا التقى، بلا تردد بأى شىء يبدو جيدا لك، بالنسبة للكنيسة المقدسة، معتبرا ذلك كما يليق لأبوتكم أن لا تكف عن النشاط والمشورة التى لصالح الكنيسة. ولكن بالأكثر لهذه الأمور، أما بالنسبة لنا يا أبانا المبجل، فأية ضيقات ومذلة بشرية نحن محاطين بها الآن، وكل نوع من المكائد تتم ضدنا لكى إما نتخلى عن اتفاقنا، وإما أن نُطرَد بسلطة آخرين. وبينما يَهبُون هنا بعض الوقت لكى ما يعملوا عملهم الخاص أيضا ويضلون الكنيسة المقدسة، فإننى أود أن اعلن فى هذا الخطاب أيضا(فهذا ما يجب حثك عليه بصفة خاصة ايها العطوف علينا أن تصلى من أجلنا). ولكن ليس من الصواب لنا أن نضيف ثِقلا على ثقل وعبئا على عبء، ولكن لكى أوضح فقط بكلامى عن عظم الضيقة أننا فى الحقيقة فى حاجة إلى صلواتك التقوية".
وهكذا بقية الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس والعشرون
الفصل الخامس والعشرون من الكتاب التاسع خاص برسالة انثيموس إلى ثيودوسيوس
"إلى أخينا القديس والتقى والخادم الشريك، البطريرك سيدى ثيودوسيوس. انثيموس يحييك بربنا. إن يسوع المسيح إلهنا الذى دعا البسطاء والأميين والصيادين لكى يكونوا رسلا ومعلمين، والذى دعا أولئك الذين كانوا قبلهم من رعى الغنم ليكونوا ملوكا وانبياءَ. الذى قد اختار الضعفاء والمزدرى بهم، كما قال الرسول التقى([696]). قد دعانى الآن انا الحقير للقيام بخدمة روحية حسب القضاء الذى يعرفه هو لأكون على رأس كنيسة القنسطنطينية المقدسة هذه. لذلك، إذ اتذكرُ أنا الخاطىء كلام ربنا المنطوق بواسطة حزقيال "يا ابن الانسان، إنى جعلتك رقيبا لبيت اسرائيل. فإسمع الكلمة من فمى وانذرهم عنى. فإذا قلتَ للشرير إنك موتا تموت، ولم تنذره أنتَ، ولم تتكلم منذرا الشرير بشر طريقه ليحيا فذلك الشرير يموت فى اثمه، لكنى من يدك أطلبُ دمه"([697]). ووصية الرسول إلى تيموثاوس عن خدمة الاسقفية التى بلا لوم، اشعر بالخوف والرعدة. وعندما أتأمل بالإضافة إلى هذه الأمور فى الهياج المتزايد فى الكنائس المقدسة من جانب أولئك الذين لا يؤمنون بالصواب لأنهم حسبوا الديانة كوسيلة للتكسب الزمنى فتكلموا بالشرور على رؤوسهم، وقسَّموا الله الكلمة الذى تجسد من أجلنا بدون تغير وتأنس بكمال، فإننى أُحصَر بالدموع وأتأوه وأنوح على نفسى لأننى غير مستحق، ولكن الثقة بالله تريحنى كما قيل "أنظروا إلى الأجيال القديمة وتأملوا هل توكل أحد على الرب وخزى، أو ثبت فى مخافته وخذل. أو دعاه فأهُمِل. فإن الرب رؤوف رحيم يغفر الخطايا، ويُخلص فى يوم الضيقة"([698]) لذلك كل رجائى وفكرى مركز فيه لينظر إلى حالتنا ويسمع، هو الذى صنع العيون والآذان، ويبكت ازعاجات أولئك الذين يحجبون الطريق السليم، ويدعو كراعٍ حقيقى وضع حياته من أجل خرافه لأنه قال "لا أحد يستطيع أن يخطفها منى"([699]). إذ قد سبق فعيَّن قداستكم لتكونوا على رأس شعب الأسكندرية العظيم وجعلك راويا لكنيسته ليس فى هدوء ولكن فى شغب العواصف لكى ما تقود السفينة بسلام عبر الأمواج إلى ميناء المسيح الهنا بواسطة الروح القدس المعبود لأنه بصلوات آبائك القديسين، القادة السابقين، قد نلتَ الثقة فى أن تكون على رأس شعب يسير فى إثر تعاليم الآباء وتهتم برعايته إلى الموت بالقول والفعل. لذلك إذ نحتضن الاتحاد معك بالرباط الأخوى فى المسيح، وقوانين الكنيسة، فإننا نعلن بهذه الرسالة المجمعية أننا نتمسك بتعريف الإيمان الواحد الذى لآبائنا القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر الذين اجتمعوا هنا فى نيقية، والذى صدَّق عليه أيضا المائة وخمسون الذين اجتمعوا هنا ضد محاربى الروح([700]). وذلك الذى للمجمع المقدس الذى اجتمع فى افسس بقبول من سيلستين، وحضور كيرلس الذى أبطل فى فصوله الإثنى عشر تعليم نستوريوس. وبهذا اقبل واوافق على بقية كتاباته، كما أقبل صيغة زينو الخاصة، بإتحاد الكنائس الهادفة إلى إلغاء تلك التى لمجمع خلقيدون وطوم ليو. واعترف أن الله الكلمة الإبن الوحيد الجنس، المولود من الآب ازليا، الذى به كانت سائر الأشياء، نور من نور، صورة الآب الحى، والواحد معه فى طبيعته، تجسد فى آخر الأزمنة من الروح القدس ومن مريم العذراء، وصار إنسانا كاملا، بدون تغيير([701]) أو اختلاط، مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، وظل الإله غير المتغير. وعندما تقلَّد خواصنا لم يَنقُص فى ألوهيته. فالذى أخذه منا جعله بالتدبير خاصا به بإتحاد طبيعى، لأن ذاك المولود من الله الآب قبل الزمن بلا جسد، هو نفسه الذى قبِل ميلادا ثانيا بالجسد بأسلوب لا يوصف، وتجسد من أم عذراء واستمرت على بتوليتها بعد أن ولدته([702]). ولذلك، نعترف، بالعدل، أنها ثيوتوكس، وأن ذلك الذى وُلِد منها بالجسد هو إله كامل وإنسان كامل. وهو نفسه من طبيعتين، ابن واحد، رب واحد، مسيح واحد، طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد، وكلتا الطبيعتين اللتين كونتا الإتحاد غير القابل للإنقسام([703])، ظلتا بدون اختلاط([704]). ولهذا، فهو بالصواب جدا أحد الثالوث القدوس، قبل أن يأخذ جسدا، وبعد ان أخذ جسدا. وهو غير متأثر فيما يخص طبيعة الآب، لكنه متأثر بالجسد فيما يخص طبيعتنا. لأن الله الكلمة لم يتألم بطبيعته ولكن بجسد طبيعتنا والذى كان متحدا شخصيا به على مثالنا. وقد عرف غريغوريوس اللاهوتى الأمر ودعاه غير متأثر فى ألوهيته، ومتأثر بإتخاذه لحما. وهو واحد فى معجزاته وفى آلامه. بالتدبير جعل آلامنا آلامه طواعية، والبريئة، بالجسد القابل للتأثر والفانى حسب طبيعتنا والذى له نفس وعقل، وقابل للفناء والتأثر فى كل وقت التدبير. لأنه تألم بالحقيقة لا بالخيال، وبالجسد الذى كان قابلا للتألم، تألم ومات على الصليب، وبالقيامة اللائقة بالله، قد أعطاه عدم التأثر والخلود وعدم الفساد فى كل شىء، إذ قد جاء من اتحاد الرحم المقدس الذى بلا خطية. ولذلك إذ نميز بين العناصر التى اجتمعت لتكوين اتحاد الطبائع، أقصد اللاهوت والناسوت لا نفصلهما مع ذلك عن بعضهما البعض، كذلك لا نشق الواحد إلى اثنين، أو إلى طبيعتين، ولا نخلطهما برفضنا التمييز بين اللاهوت والناسوت. ولكننا، نعترف به واحدا من اثنين، عمانوئيل. وهكذا إذ أؤمن وارتكز على هذا الايمان كما على صخرة فإننى احرم كل حيدان عن الحق، لهؤلاء وأولئك الرجال".
وبقية الرسالة تحتوى على التحيات.
الكتاب التاسع: الفصل السادس والعشرون
الفصل السادس والعشرون من الكتاب التاسع يشمل رسالة ثيودوسيوس إلى انثيموس رئيس الكهنة
"إلى أخينا القديس والتقى والخادم الشريك، رئيس الاساقفة والبطريرك سيدى أنثيموس. ثيودوسيوس يحييك فى الرب. أى شىء آخر يمكن أن يكون، أن تظهر ذاتك بجلاء أنت رئيس الكهنة العظيم الساهر لله خالق جميع الأشياء ومخلصنا، فى وسط كل هذه الأحداث وتصيح مع ارميا النبى التقى "أما أنا فلا أكلُّ عن السعى اليك، ويوم الانسان لم اشته"([705])، إلاَّ لأنك قد ازدريت بالكرامة البشرية، وجعلتَ الحفاظ على الديانة، قبل سائر الأشياء. لذلك كل الأمور التى جرت من قداستكم هى بلا جدال عظيمة، وسائر المؤمنين الذين سمعوا عنها تعجبوا بالفعل منها، وأيضا عبيد الرب الآتين من بعدهم([706])، فى جميع الكناس المقدسة. ولكنها، فى الحقيقة، ليست أعظم من بقية حياتكم السامية والمقدسة والرسولية. لأنه فى الحقيقة لائق بكم أنتم الذين بطاقة لا تكل، قد أمتم بممارسات نسكية الأعضاء الأرضية، لكى ما تتكلموا بكلام الكتاب المقدس. وكنتم قادرين أن تقولوا مع بولس "مع المسيح صُلِبت لأحيا لا أنا بل المسيح فىّ"([707]) وأن تحسب على غرار موسى العظيم عار المسيح أعظم من كنوز هذا العالم، وأن تختار بالأحرى المذلة مع شعب الله عن التمتع بملذات الخطية الزمنية([708]). لأننى أنا الضعيف أحسب انه بسبب قصورى، حلَّت كل هذه المشقات علىَّ. ولكن إذ أنا مرتبط بتمثيل الكنيسة التى تحت العرش الإنجيلى، والتى تعانى الآن من أمراض كثيرة (ليس من السهل القول عن كثرتها) فإننى فى الوقت المناسب، اقول مثل بولس القديس "لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزياتنا أيضا"([709]) لأن حقيقة جرأتك أيها البطريرك التقى ورئيس كهنة المدينة الملكية من أجل الايمان الرسولى والصحيح وغيرتك على المراعاة الدقيقة للعقائد الإلهية، وأنك بفكر واحد واتفاق مع القديس ساويرس بطريرك الكنائس الشرقية، جعلتنى أنسى تقريبا فى الكرسى الإنجيلى للقديس مارمرقس كل المشقات التى حلت علينا. لأن هذا القول الرسولى أيضا "أى شكر نستطيع أن نعوض الله"([710]) استخدمه من جراء المساعدة التى ساعد بها كنائسه المقدسة، والذى أيدك الآن كمعضد لها وكمحارب مقدام عن خطر الديانة. لأنك اظهرت ايها التقى أن كلام الرب المقدس الذى يقول "لا تخافوا ممن يقتلون الجسد، لكنهم لا يقدرون أن يقتلوا النفس. ولكن بالأحرى خافوا ممن يقدر أن يُهلك النفس والجسد، فى جهنم"([711])، ساكنٌ فيك. وانك تحسب آلام هذا الزمان الحاضر لا شىء بالمقارنة مع المجد العتيد أن يُستعلَن فينا([712]). لذلك عندما يُشرق النور الروحى أمام الناس، يتمجد الله فى هذه الزيادة العظيمة لأولئك المخلَّصين التى الذين تستقبلهم الكنيسة الحقانية. لذلك من المُبهج أن تلقيتُ بفرح عظيم خطاب تقواكم القانونى بالإتفاق والإتحاد الذى أُحضِر الىَّ. لأن القديس البطريرك ساويرس المذكور عاليه، قد أخبرنى مسبقا، أنه آتِ إلىَّ الذى كان سبب كل بركة ومنفعة لكنيسة المسيح ولى. ولقد أرسل إلىَّ أيضا حسبما هو لائق له به نسخة مما كتبتماه قانونيا لبعضكما البعض، والذى أوضح أيضا أن شركتك قد أتت بكل حذر وبفائدة عظيمة. وبينما أنا أملى هذا الخطاب بكل قلبى، أقول لقداستكم، نفس الأمر والذى كتبته أيضا له وهو أننى اعترف بتعريف الإيمان الواحد وأسلِّم بما حرره الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر فى نيقية، بالروح القدس، والمصدَّق عليه من مجمع المائة وخمسين، ومن مجمع افسس والذى اجتمع من قِبل أبينا كيرلس الذى رذل فى الفصول الإثنى عشر نستوريوس. وقد قبلتُ أيضا صيغة زينو الموحدة للكنائس التى تهدف إلى نقض مجمع خلقيدون وطوم ليو. بينما اعترف أن الله الكلمة من طبيعة الآب الأبدى، نور من نور، إله حق من إله حق، تجسد وتأنس من الروح القدس ومن مريم الدائمة البتولية بجسد ونفس عاقلة كطبيعتنا، وصار مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، لأنه "لم يفعل خطية قط، ولا وُجِد فى فمه غش"([713]) كما قال الكتاب المقدس. لأنه من الصواب والعدل أن تلبس الطبيعة التى كانت زائلة فى آدم، بالمسيح اكليل الغلبة على الموت. وهكذا قال أيضا الرسول، فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو أيضا فيهما لكى يُبيد بالموت الذى له سلطان الموت أى ابليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية([714]). ولكن إن كنا زائلين بطبيعة أخرى، ولم يكن الله الكلمة قد شاركنا فيها، ويأخذ نفس اللحم الذى لنا، ويوحده بنفسه هو غير المتأثر الأزلى بالإتحاد به، كما يقول البعض بغباء فإن ايماننا باطل، لأنه ليس بالأمر العظيم، أن يهلك الشيطان من الرب. ولكن بالجسد القابل للتأثر، جسد طبيعتنا، تحمل الآلام البريئة، وقهر الموت ووطأ على شوكة الخطية، وبدد سلطان الموت. والآن، ان كان قد قبل نسل ابراهيم وشابهنا نحن اخوته فى كل شىء ما خلا الخطية كما قال الحكيم بولس، وبالموت الذى قبله باللحم قهر الشيطان الذى له سلطان الموت بينما ظل هو فوق كل غارات الآلام فإننا نمجده فى ذلك كإله عادل على انتصاره، ولأننا تحررنا من نير العبودية. لذلك من ذا الذى لا يتعجب من دقة الكلام الإلهى الذى يزودنا من كل النواحى، بالاتجاه السليم ويدحض بنفس الكلام مشابهة يوتيخس وأولئك الذين مثله وتعليم نستوريوس. لأنه يقول أن المسيح قد شاركنا فى اللحم والدم مثلنا، ولكى لا يظن أحد أنه فعل ذلك خيالا، يستطرد فيقول أنه شارك نفس الشىء لكى بالموت يبيد سلطان الموت. وأكثر من ذلك، ينازعون ضد أولئك الذين يقسّمون المسيح الواحد إلى اثنين بمثال الأبناء. فكما أن كلا من الإبن والرجل مكون من نفس وجسد والاثنان يُدعوان طبيعة واحدة، على الرغم من أن النفس لم تتحول إلى لحم، ولا تحول الجسد إلى جوهر النفس. هكذا أيضا المسيح الذى يتكون من عنصرى اللاهوت والناسوت الذى له وجود كامل، كل فى مجاله الخاص هو واحد وغير منقسم، والاتحاد غير مختلط فيه([715]). وسمح بالتدبير أن يكون قابلا للتأثر والفناء (ولكنه فى ذاته بلا خطية)، وبالقيامة جعله غير متأثر وخالد وغير فاسد فى كل شىء. لأن أبانا الأول كيرلس قال "هو أقام أولا جسده فى عدم فساد، وهو أولا عظَّمه فى السماء"([716]) وإذ أؤمن بهذا، فإننى احرم كذا وكذا" وبقية الرسالة تحتوى على التحيات.
الـكـتـاب الـعـاشــر
يشتمل هذا الكتاب العاشر وفصوله الستة عشر التى يحتوى عليها والمدونة اسفل، على الأحداث التى وقعت بالتتابع من السنة الخامسة عشر، وهى السنة الثمانيمائة وثمانية وأربعين بحسب عصر اليونان([717]) إلى نهاية السنة الثلاثين، أى السنة الثمانيمائة وتسعة وخمسين لليونان([718]). وتنشغل بمَلك أيامنا هذه جوستنيان الرصين. فالفصل الأول يهتم بأفرايم الذى توجه إلى الشرق. والفصل الثانى ينشغل بأعمال بار خيلى فى آميدا، وفى السنتين الخامسة عشر والسابعة عشر([719]). ويتناول الفصل الثالث كيروس([720]) كاهن مدينة لجينو الذى أُحرِق عند نُصِب البوابات الأربعة([721]) الذى فى آميدا. والفصل الرابع بشأن رسالة رابوللو الذى من اديسا إلى جيملينوس من بيريه بشأن أولئك الذين يأكلون السرائر مثل الخبز العادى. والفصل الخامس بشأن تكريس كنيسة انطاكية، وكذلك المجمع الذى عقده افرايم. والفصل السادس بشأن خوسرو ملك فارس، الذى صعد واستولى على سورا وبيرية وانطاكية. والفصل السابع بشأن بليساريوس الذى نزل واستولى على حصن سيسوراثا، فى المقاطعة الفارسية. والفصل الثامن بشأن خوسرو الذى صعد وأخذ كالينيكوس والمعسكرات الأخرى على حدود الفرات وخابوراس. والفصل التاسع بشأن ضربة الأورام. والفصل العاشر بشأن مارتين ويوستس اللذين دخلا ارمينيا الفارسية وعادا. والفصل الحادى عشر، بشأن خوسرو الذى صعد على اديسا، ولم يأخذها وعاد. والفصل الثانى عشر، بشأن يعقوب وثيودور الأسقفيَن المؤمنيَن اللذين رُسِما وأُرسِلا إلى الشرق، وعُهِد اليهما بالقيادة. والفصل الثالث عشر، بخصوص بلاد لاذقيا التى هزمها خوسرو. والفصل الرابع عشر، عن نقص الحنطة والخضروات فى السنتين التاسعة والعاشرة. والفصل الخامس عشر، بشأن روما التى أخذها البربر ونهبوها. والفصل السادس عشر، بشأن زخارف ومبانى روما.
الكتاب العاشر: الفصل الأول
عندما طُرِدا ساويرس وانثيموس رؤساء الكهنة المؤمنيَن بأمر الملك، كما ذكرنا عاليه فى الكتاب التاسع، وانسحبا من المدينة الملكية عقب وصول آجابيتوس الرومانى، وموته الذى سرعان ما حدث فى نهاية مارس من السنة الرابعة عشر([722])، وكذلك [موت] سرجيوس الأرشياتروس([723]) archiatros الذى أحضره، تقوى عندئذ افرايم الذى تولى كرسى انطاكية فى الشرق وانتعش، وأرسل رسالة إلى [الملك]([724]). فأرسل [قوة من الرومان] وكلمنتـ [ينوس التربيون و] تلقى أوامر فى السنة الرابعة عشر لأن يعبر المقاطعات الشرقية، وأن يحيط بها بنفسه، ليعظ بالكلام، وأن يستخدم كلمنتينوس القوة ليجعل سكان المدن فى الشرق يقبلون المجمع، كما عُمِل لأهالى ايطاليا وبلاد روما. فذهب هذا المدعو افرايم بصحبة كلمنتينوس إلى بيرية وكالكيس وهيرابوليس وباتينيا واديسا وسورا، وكالينيكوس والبقية على الحدود، وإلى روزيانا وآميدا وقنسطانتيا. وأغرى اشخاصا كثيرين بالخضوع. البعض بالكلام والبعض بالوعود بصداقة الملك، والبعض خوفا من التهديدات والنفى ومصادرة الممتلكات والحط من درجاتهم، وحرمانهم من كل تجارة، وآخرون طُرِدوا من بلد إلى بلد، ومن بينهم الرهبان الذين ثبتوا على الايمان الصحيح وكانوا مؤمنين حقيقيين. ولما كان الشتاء قاسيا لدرجة أن الطيور هلكت من كمية الثلج المتساقط. و... كانت هناك ضيقة... بين البشر ... من الأمور الشريرة... و... فى بلاد عديدة... من تلال سنجارا [فى أرض] الفارسيين، أخذوا... يوحنا [اسقف] القنسطنطينية المؤمن [بواسطة] رجل يُدعى قنسـ]طنتينوس]. وقد سُجِن فى أنطاكية وعُذِّب، و... لم يتغير بل استمر ... إلى بداية السنة واحد([725]) [فى] السجن [وهناك] انتهت [حياته]... وكانوا قد طُرِدوا... وعاشوا فى بلاد [عديدة]... [إلى] السنة ثلاثة ([726])... خوسرو... وصعد [إلى] سـ [ورا] وبيرية وأنطاكية.
والآن، أُستُدْعِىَّ ثيودوسيوس الأسكندري من الملك أن ليأتى إليه. فصعد ومعه بضعة من الأساقفة التابعين لإيبارشيته، ولم يقبل بأى حال من الأحوال مجمع خلقيدون إلى السنة واحد([727])، فعُيِّن بولس على الكرسى. وعندما أتى ثيودوسيوس والأساقفة الذين معه إلى حضرة الملك، أُخطِر افرايم [بوصولهم] بخطاب ... ومن ثم... ولكن ثيو[دوسيوس والذين كانوا] معه [ظهروا] أمام الملك، و...، بدون... وانتقلوا ... وهناك عاشوا. وكانت الملكة حريصة على تقديم الإكرام لهم. ولم يكن أحدٌ [من] معارفهم أو خاصتهم يُمنع من رؤيتهم [أو] خدمتهم... والآن صعدوا ... فى السنة [الخامسة] عشر وايضا...الملك... كثيرا... وقال له عن [رجل] يُدعى...[صنع مكيدة] فى دارا فى صيف السنة، فأُعدَم. وحرر الملك من ضغطة الفكر ولكن بأى طريقة، ليس لدىَّ أية معلومات لتدوينها، ولذلك اصمت. ولأن بولس الذى خلف ثيو[دوسيوس] فى الكرسى... حبس... بسبب غيرته للإيمان [فى] حمام وخنقه، وقبض على ابن هذا الرجل لكى لا يتكلم عن موت أبيه. ولكن تصادف أن هرب وتوجه إلى الملكة ومن خلال المؤمنين الذين يعرفون والده، أخبر عن موته المرعب. فأرسل بسبب ذلك افرايم إلى الأسكندرية [واصطحبه] ابراهام بار خيللى. ولمَّا إجتازا فلسطين أخذا معهما راهبا يُدعى زيولس. وذهبوا إلى الاسكندرية وفحصوا سلوك بولس وعزلوه عن كرسيه، واجلسوا زيولس الصيدونى فى المدينة. ولكى ما يحموا هذا الرجل من غضب شعب المدينة، عينوا أكاكيوس بار اشخونو من آميدا، تربيون للرومان هناك.
الكتاب العاشر: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب العاشر بشأن ابراهام [ بار خيلى فى آميدا]
[ هنا قطع فى المخطوطة] ([728])
[ترجمة روبرت فينكس لهذا الفصل، من ميخائيل السورى]
كان بار كيلى Bar Kaili [اسقفا] لمدة ثلاثين سنة. كان رجلا حسن المظهر وأنيقًا، فقد اعتاد أن يهتم بجسده. وبعد [وقت ما] بدلا من [الشعر] الأبيض على رأسه وفى لحيته، صار شعره أسودا. وعندما استعلم شعب آميدا عن هذا الأمر الجديد الذى حدث، قالوا انها نبوة بفترة رديئة... آميدا شارحا بأسى... وكانت هناك عادة [فى المدينة] خلال أيام الصوم، تلك الأيام التى يُطلق فيها، حسب الناموس، سراح جميع المسجونين، ولا تكون هناك عقوبات. قد أجبرهم على القبض عليهم، وإرسالهم للمحاكمة والحبس. وضُرِب الكثيرون، وسُجِن البعض، وأحرِق آخرون فى "البوابات الأربعة"([729]) بينما وكان [ذلك] خلال يومى الأربعاء والجمعة طوال الصوم الكبير. وكانت تُرفع الصلوات والابتهالات فى وقت المساء، وكان ويتم يقترب التقرب من التناول. ولكن لأن هذا الرجل المسن، ابراهام بار كيلى كان يقتات بإنتظام خلال النهار، وكان خجولا امام الناس ولكن ليس امام الله، فقد سقط فى خطية كبيرة، وهى هوى البُطنة. فقد فكان يتعاطى الحلويات المنتقاة والنبيذ المعتق، ويغذى جسده طوال النهار، وفى المساء يرفع القرابين امام الشعب بتباهى ويتناول [منها]([730]). اننى لا اكتب ذلك عن ضغينة، ولكن لأننى، فى الحقيقة، علِمتُ من كهنته وشمامسته، وإذ كنتُ غير راغبٍ أن [افعل]، فقد كتبتُ ذلك للنصح، ولكى متى تداول [خطابى] بين القراء والسامعين، يُصلون بالنياية عنه إلى الله لكى يغفر له، لأن الله أيضا رحوم، ويغفر للخطاة ولا يُهلكهم، لأن أبا مصريا كان غنوسيا رأى جثة رجل خاطىء كان قد أُحرِق فى موكب وقور، فوعظهم أنه يجب أن تُسحَل، لكى ما يُزدَرى بالإهانة، لعل الله يُشفِق عليه بسبب الإهانة([731])...
الكتاب العاشر: الفصل الرابع([732])
الفصل الرابع من الكتاب العاشر خاص بالرسالة المحررة من رابولا Rabbula إلى جميللينوس Gemellinus اسقف بيرية Perrhe بشأن أولئك الذين يهينون السرائر، ويتناولونها كخبز عادى.
"لقد سمعتُ عن بعض الإخوة([733]) فى بلدك بيرية([734])، الذين أديرتهم غير معروفة، وبعض الارشيمندرات المتميزين فى المكان قد أذاعوا باطلا تقاريرا عن انفسهم أنهم لا يأكلون الخبز، ويتمتمون كاذبين بكلام باطل أنهم لا يشربون ماءَ، وانهم يُحجمون عن النبيذ. وبناءً عليه أخشى أن أذكر أننى قد سمعتُ أنهم يهينون جسد ودم يسوع ابن الله. ولكن لما كانت الضرورة تُلزمنى، فإننى سأتجرأ، كما بالصواب، أن أقول أمورا لم يَخَف هؤلاء الناس من فعلها، الذين - بجنون وبدون افراز - يتناولون جسد ودم يسوع المسيح ربنا، ذلك الجسد المقدس المُحيى والدم المُحيى. هؤلاء الرجال الذين لا أعرف كيف اسميهم، قيل أنهم بكُفر يُشبِعون حاجاتهم من الجوع الطبيعى والعطش بها([735])، وأنه من المستحيل أن يقضوا حتى يوما واحدا بإرادتهم بدون تقدمة، التى هى قوامهم، بل تُقدَّم يوميا بإستمرار كمية من السرائر المقدسة، كطعام. ولهذا السبب هم أيضا يخمرون الرقاق([736]) الذى يُحضرونه ويُعدّونه بإجتهاد ويطهوه لكى ما يخدمهم كطعام. وهو لا يُعامَل كسِر، [أى] جسد المسيح المرموز إليه بالخبز غير المختمر. وقد قيل بالنسبة للباقين، أنه عندما يكون هناك ضغط يقدمون حتى خبزا غير مكرَّس، من أيادى أخرى، ليأكلوه. وقيل أن هذه هى عادتهم عندما ينتقلون من مكان إلى مكان فى سفر طويل، ليُشبِعوا جوعهم وعطشهم الطبيعى بنفس جسد ربنا مرتين أو ثلاث مرات فى اليوم. وبمجرد أن يَصِلوا إلى وجهتهم، قيل أنهم يُقدمون ثانية تقدمة فى المساء، ويتناولونها كما لو كان صوما. بل حتى فى الأيام المقدسة للصيام، أو الصوم الكبير، يسلكون نفس المسلك بدون خوف من الله، وبلا خجل أمام الناس. والناس أمثالهم، الذين يُحجِمون عن الخبز والماء يأكلون كل يوم الخبز المقدس ويشربون النبيذ المبارك فى هذه الأيام المجيدة التى فيها حتى الرذيلة ذاتها تُمنع.
والآن، بالروح الذى فىَّ يا اخونا القديس اشهد لى أننى مرتعد أن أكتب لوقارك كل ما قد سمعته عنهم لأن قلبى لا يستطيع فى الواقع أن يصدقه، وكنتُ أود لو أنك قد عرفتَ ما أريد أن أُعلِمك به بدون رسالة أو كلمة منى، وأن يَلقى أولئك الأشخاص تقويما من استقامتك لأننى لا أريدك انتَ يا سيدى أو هُم أن يعرفوا ما قد أُشيع عنهم. لا تظن إذن، أنت أو هم أنه لأننى صدقتٌ هذه الأخبار الشريرة اكتبُ هذه الأمور ذاتها إليك بشأنهم، ولكننى إذ أنا متشكك، فإننى أقول للآخرين أيضا أن ذلك مستحيل أن تُرتَكب خطية كبيرة مثل هذه من رجال معمَّدين بالمسيح. لأنهم يقولون أنهم بمجرد أن يُنجزوا السرائر فى الصينية، يأكلون بخفة ما يُريدون منها، بينما يغمر كل منهم الكأس بماء ساخن كلما أمكن كنبيذ ممزوج ويشربه ثم يملأه ثانية ويعطيه للآخر لدرجة أنه بسبب كمية النبيذ التى يشربونها تحت اسم السرائر يكونوا مضطرين فى الواقع إلى بصقه من افواههم. فياله من كفر هائل! إذا كانت هذه هى الحقيقة، أن يُحوّل هؤلاء الناس المزدرون بحياتهم، الأوانى المقدسة للسرائر التى بسبب الأسرار التى فيها [مخصصة] للأغراض الروحية السمائية، والتى يقترب منها الناس بخوف للتناول، إلى أوانى لخدمة بطونهم. ولا يتذكرون كثيرا العقوبة التى نالها بيلشاصر الملك الوثنى، والذى وُبَّخ لأنه أراد كعاصى أن يهين الله بإستخدامه لأوانى خدمة الله فى أغراض جسدية. فأُرسِلت كفُ يدٍ من أعلى لتكتب على حائط بيته الحُكم العادل الذى يُدين عمله. على الرغم من أنه كيف نقارن، فى الحقيقة، أوانى خدمة هيكل أورشليم بالأوانى المجيدة لخدمة جسد ودم الله. لأنه لا خبز وجوه كهنة اسرائيل بأى حال من الأحوال، جدير بالمقارنة بمجد السرائر الفائقة. واذا شبه أى أحد خبز المائدة الذى أكله داوود عندما جاع بجسد الله الكلمة المُعطِى الحياة، فإننا ننظر إليه كرجل غبى لا يميز بين جسد ودم الرب وبين خبز الوجوه، وبناء عليه هو آثمٌ ضد جسد ودم ربنا. لأن خبز الوجوه بالكاد يُطهِّر النجاسة الجسدية، حتى إن صاحبته انواع متعددة من المعمودية، وفروض لهذه وتلك. ولكن الجسد والدم المُحييَن اللذيَن لربنا يسوع ليسا فقط ينقيان ويقدسان من خطايا النفس والجسد لأولئك الذين يتناولونه بإيمان، ولكنهما أيضا يُسببان أن يكون الله فينا بروحه القدوس كما نحن فيه بجسدنا، لأن ابن الله يقول "من يأكل جسدى ويشرب دمى، يثبت فى وأنا فيه. واقيمه فى اليوم الآخير"([737]). ويمكننا بطريقة أخرى، أن نفهم عظمة هذه الخدمة الجديدة المسلَّمة لنا من الله الكلمة، من العقوبة الشديدة والقاسية التى نطق بها بولس ضد أولئك الذين يتمتعون بها، بما يُجاوز أولئك الذين أخطأوا ضد الخدمة القديمة التى وضعها موسى. لأنه يقول "إن كان مَن يخالف ناموس موسى، على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابا أشر تظنون أنه يُحسَب مستحقا من داس ابن الله، وحسب دم العهد الجديد الذى قُدِّس به دنسا، وازدرى بروح النعمة"([738]). لذلك، من ذا المجنون الذى يقارن خبز الحياة هذا النازل من السماء بفضل اتحاده بالله الكلمة والذى يُعطِى حياة للعالم، بخبز الوجوه الذى من الأرض؟. إن رأى مثل هذا الرجل الذى يفكر أو يسلك بهذا، واضح وأكثر من ذلك ظاهر. لأن ذاك الذى يتناول بجنون يحسبه فى الواقع خبزا عاديا حسبما يراه، ولا يُصدِّق الإبن الذى يقول "الخبز الذى أعطيه أنا هو جسدى الذى يُعطَى من أجل حياة العالم"([739]). وهذا يستتبع أنه ليس فقط الخبز فى جسد المسيح كما هو مشاهد منهم بل الخبز فى جسد الله غير المرئى كما نؤمن ونتناول الجسد، لا لنُشبِع بطوننا ولكن لنُشفى نفوسنا. لأن أولئك الذين يأكلون الخبز المقدس بإيمان يأكلون فيه وبه جسد الله المحيى المقدس. وهؤلاء الذين يأكلونه بدون ايمان، يتناولون مادة مثل باقى الأشياء الضرورية للجسد. لأن الخبز إن أُختُطِف من قِبل الأعداء وأُكِل، فإنهم يأكلون خبزا عاديا لأن الذين يأكلونه ليس لهم الإيمان الذى يُعطيه حلاوته. لأن الخبز يُتَذوق بالحلق، ولكن الفضيلة المخزنة فيه تُتَذوق بالإيمان. لأن ما يؤكَل ليس فقط جسد المسيح كما قلنا، قبلا بقليل، بل كل ما هو ممزوج فيه كما نؤمن. لأن الفضيلة التى لا تُؤكل مُدمجة فى الخبز الصالح للأكل، وأولئك الذين يتناولونه يتحدون بها، مثلما أن السموات الخفية ممتزجة بالمياه المرئية، ومنها الميلاد الثانى يولد، لأن الروح يرف على المياه المرئية، ومن ثم يُولد منه شبه آدم السمائى من جديد. وكما أنه لكى ما يُعطَى للشخص المُعمَّد الحياة غير المرئية نغطيه من الخارج([740]) بالمياه المرئية، هكذا أيضا الحياة الخالدة مخفية ومستترة فى الخبز الخارجى، لمن يتناول منه بصواب. ونحن نؤمن بقول بولس أن أولئك الذين يتناولون بخفة يضرون نفوسهم، وأجسادهم، ولا يكسبون حتى أن يُحسبوا من المؤمنين. ويا ليتهم قد أطاعوا قول الرسول الذى يقول "افحصوا ذواتكم، وهكذا يأكل من الخبز، ويشرب من الكأس. لأن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق، يأكل ويشرب دينونة لنفسه"([741]). وبنفس التصريح من كلامه، أنه بسبب عداوتنا للجسد والدم تنتشر بيننا الأسقام المتنوعة، والموت الفجائى غير المتوقع، كدينونة عادلة، "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى، وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا قد حكمنا على أنفسنا لما حُكِم علينا. ولكن إذ قد حُكِم علينا نؤَّدب من الرب، لكى لا ندان من العالم"([742]). واذا كان هؤلاء الذين كانوا فى الأيام المحددة للخدمة، يتناولون، كان عليهم أن يتناولوا مادة واحدة فقط لجسد الحياة. واذا كان ذلك قد عُمِل بدون ألم التوبة، ولم يتناولوا بإيمان وخوف ووقار ، فإنهم حتى لو لم يكونوا قد ارتكبوا شيئا مضادا لإيمانهم، فهم مذنبون ضد جسد ودم الرب، كما قال بولس، لأنهم لم يميزوا جسد الرب. فأية عقوبة شديدة يُمكن أن تُطبَق على هذا لدينونة أولئك الذين يتقربون بدون خوف ولا يتناولون قوت الإيمان، ولكن شيئا يسد ضرورة جوعهم. يا لسفاهة هذا الذى لا يكفيه الجزاء الإلهى، لو قُتِل الإنسان. من ذا الذى لا يخاف حتى السماء، عندما يُشبِع الناس المرء حاجة جسده بجمرة ملتهبة، كما لو كانت خبزا عاديا؟. من ذا الذى لا يرتعد من هذه الحالة، أن يتناول هؤلاء الناس للشبع بلا خوف الجمرة التى تعتمد عليها حياتنا، والتى كشف لنا السيرافيم([743])، وهو يلتقطها بملقط بيده إشارة إلى سمو أسرارنا. وعندما نتأمل فيها بوقار، عندما نقترب منها. ولا تهتز قلوبهم ولا يخافون من الخبز المُعطِى حياة للعالم، ولا ترتعش أياديهم ولا تهتز، ولا تخور ركبهم ويسقطون، عندما يأكلونه من أجل حياة اجسادهم. وربما ينبغى علينا أن نقول أيضا أن ربنا فى ملء معرفته لكل الأزمنة، عرف أعمال الناس. ولهذا السبب، بعدما أكلوا من الفصح الشرعى وشبعوا، بارك الخبز وأعطاه لتلاميذه، لكى لا يُقل هؤلاء الناس أنه بعد أن بارك قد شبعوا (ولكن بعد أن شبعوا، بارك وعندئذ أخذ المعلِّم وتلاميذه قطعة صغيرة منه) وقال على الكأس "خذوا اشربوا منه كلكم"، لكى يفهموا بهذا أنه من هذا الكأس الصغير قد شرب الإثناعشر.
وقد يحتاج الأمر القول أنهم فكروا فى انفسهم جذب إعجاب البسطاء بإحجامهم عن الخبز والنبيذ، ولم يفهموا أن مَن يضحك على العقول سيهزمهم ويتغلب عليهم، وسيسقطون على رؤوسهم، عندما يسود عليهم مديح الأشخاص الجهلاء أمثالهم. إن جميع أمثالهم قد قبلوا، فى بهذه الخطية التى لا تُغتفر، مجد الأشخاص الفانيين. ومع ذلك فهذا غير منتج مفيدٍ لهم، وليس من اللائق أن يُدعوَن بشرا، بل من العدل أن يُدعَون كلابا سريعة. لأن علامة الكلاب السريعة، أنها تهاجم فجأة جسد معلمها وتأكله. فالرجل الذى يمتنع عن الخبز ينبغى عليه أن يكون خاليا ولا يذق شيئا إلى الوقت المعيَّن له([744]). وهذا معروف جيد أنه عندما رسم صموئيل أن لا يذق أحدٌ أىَّ شىءٍ فى يوم المعركة حتى المساء، وذاق يوناثان بطرف قصبته بعض العسل استوجب عقوبة الموت، لو لم يكن ذلك ضررا للشعب لو كان قد عاش. لأن "رأس المعيشة الماء والخبز" كما يقول يشوع ابن سيراخ([745]) ابن سمعان (وتحت اسم الخبز يمتد كلامه ليشمل كل الطعام) وهم يقولون عن كل الناس أنهم بعد أن يتناولون من التقدمة فى الصباح ويشتركون فيها، يكررونها فى المساء ثم يأكلون طعاما آخر ويتغذون ببقول وجذور مسلوقة. وقيل أنهم يُشبِعون ذواتهم بالجبن بدلا من الخبز. وهم أكثر من ذلك يعتادون أكل السمك بتذوق سار، ويشبعون من الفواكه اللذيذة، ويتلذذون [بها] خاصة وهى جافة، بالإضافة إلى الكعك وأقراص العسل. وبسبب حرارة النبيذ الذى شربوه، تحت ستار السرائر، يلتهبون بالعطش أكثر طوال الصيف، فيشربون بإنتظام – كما قيل - لبن الماعز والغنم. وهذا أيضا يفعلونه عن قصد لأنهم اكتشفوا أيضا أن رطوبة وبرودة اللبن تلطف من الحرارة الناجمة عن الإفراط فى النبيذ. والآن، بسبب هذه الأمور قد قيل، فى الوقت المناسب، كما سيُقال ضدهم أيضا توبيخ الله العادل الذى نطق به لعالى بسبب أبنائه: هوذا قد أعطيتُ لك كل طيبات الأرض لتستعملها بلا إثم، بل أفرزتُ لك تقدمات بنى اسرائيل لكى ما تستعملها بلا ذنب. فلماذا تعديتَ على جسدى ودمى مثل أولئك الذين صنعوا شرورا ضد ذبائحى. وضد تقدماتى([746]). ولما كان كفر هؤلاء الرجال قد فاق كفر أولئك الآخرين الذين ارتكبوا هذا ضد الشعب، فإن هناك خوف ورعدة عظيمة فى حالتهم، لئلا نفس العقوبة التى حلَّت على أولئك تنطبق عليهم" لذلك، يقول الرب إله اسرائيل: انى قلتُ أن بيتك وبيت أبيك يسيرون أمامى إلى الآبد. والآن، يقول الرب، حاشا لى فإنى أُكرِم الذين يُكرِموننى، والذين يحتقروننى يصغرون"([747]). ها أنت ترى كيف رذلهم إلى الآبد من الكهنوت، وجعلهم طريدين، وغرباء عن بيته. والآن ماذا اقول عن الناس الذين لا ينسجمون مع انبياء العهد القديم، ولا يشبهون رسل الجديد؟. لأنهم كان ينبغى أن يتعلموا على الأقل من بطرس رئيس([748]) الرسل ماذا كان طعامه، إذ يقرر بوضوح ماذا كان طعامه الجسدى، لأنه عندما سأله تلميذه المختار كلمنت([749]) أن يسمح له أن يكون خادمه الوحيد قال له هكذا مادحا غيرته واهتمامه بقوْته، لماذا؟. من هو القوى بكفاية لكل هذه الخدمة ألاَّ تأكل بإستمرار خبزا وزيتونا، وربما أحيانا الكرنب أيضا([750]). وأكثر من ذلك ألم يستلموا أيضا تقليدا حسنا من بولس الكارز بالحق؟. فها هو ايضا بسبب عظم حاجته، ارسل وباع ردائه وبثمنه قيل أنه اشترى خبزا فقط وأحضره مع كرنب لكى يضع بسلوكه قانونا كما فى قوله "إن كان لنا قوتٌ وكسوة فلنكتف بهما". وإذا كان ذلك بالأمر الهين لهم أن يتشبهوا بالرسل الذين عمَّدوا العالم، فليتشبهوا إذن برب الرسل صانع العالم، وكل ما فيها، إن لم يكن حتى تدبير إلهنا المتأنس زهيدا، ومزدرى به فى عيونهم. لأنه هوذا فى كل شىء يُرينا أنه أكل خبزا، وأن الخبز لم يكن من القمح بل من الشعير، فهكذا كانت السبعة أرغفة التى أثمرت وتضاعفت بكلمته، وأكل منها أربعة آلاف وشبعوا وفضُلت منها سبعة سلال مملوءة من الخبز. وعندما أكل الفصح مع تلاميذه، كان الموضوع أمامه خبزا غير مختمر. وأيضا بعد قيامته أكل خبزا مع تلاميذه لمدة (اربعين يوما لكى ما يصدقوا تدبير ربنا ولبسه لجسد، كما كتبوا هم أنفسهم "ودخل يسوع وخرج بينهم"([751])). وفى بيت كليوباس إذ لم يُرِد أن يتعرفا عليه فى الطريق وهو سائر معهما، بارك خبزا وكسره لهما داخل البيت، فعرفاه عندئذ.
ولكن هؤلاء الناس كما اسمع لا يتبعون فى اعمالهم أولئك الذين ضلوا، ولا هم يتفقون مع الحق فى اعمالهم لأنهم ليسوا مختتنين مثل المارقونيين، ولا هم نساك حسب اسلوب المسيحيين. فهم ليسوا مثل ناكرى الحق الذين يأكلون بقولا وخبزا فقط ولكنهم لا يكذبون فى تقدماتهم، ولا هم يشبهون المؤمنين الذين يأكلون الخبز العادى بإعتدال ويتناولون حياتنا الحقيقى([752]) على انفراد. لماذا هؤلاء النهمون لم يتدربوا على أن يكتفوا بالأشياء الزهيدة؟. ولماذا هؤلاء الشرهون لم يتعودوا على سد جوع بطونهم بما هو زهيد ورخيص؟. ولماذا لم يأكلوا طعاماعاديا وبسيطا، وهو الخبز المعتاد فقط؟. ولكن من الواضح انهم [يفعلون] ذلك كى لا يبلُوون، ولكن إن كانوا حقا يريدون أن يُنهِكوا اجسادهم فليكتفوا بأكل الخبز فقط، ولا يُشبعوا انفسهم. ونرى إن كانوا قد ضعفوا ووهنوا. ولكن من الواضح والجلى أنهم لا يجاهدون ضد أجسادهم، ولا يصارعون الشيطان، ولكن من أجل المجد الباطل وليس من باب الإماتة النسكية، يمارسون بحيل، مشوراتهم الشريرة".
وبقية الرسالة أدلة أكثر من الكتاب المقدس.
الكتاب العاشر: الفصل الخامس.
الفصل الخامس من الكتاب العاشر خاص بتكريس كنيسة انطاكية التى أتمها افرايم الآنطاكى، ومجمع اساقفة المناطق الخاضعة لنطاق اشرافه.
لقد أعاد افرايم الذى كان رئيس كهنة انطاكية، بناء كنيسة انطاكية من أساساتها على شكل مستدير، والقاعات([753]) الملاصقة لها. وعندما أكمل تدشينها، جمع مائة وثلاثين اسقفاٍ الذين تحت اشرافه فى السنة الأولى([754]). وتلقى مساهمة من كل منهم بمناسبة تدشين الكنيسة، كل حسب مسرته بإسراف. وأكد مجمع خلقيدون فى وثيقة، وطلب من الاساقفة الذين قد جمعهم التوقيع عليها، وحرموا القديس ساويرس البطريرك المؤمن وكل مَن يتفق معه ولا يقبل المجمع.
ولكن الله الذى يحكم للمظلومين، أثار بعد ذلك بوقت قصير الآشوريين ضده وضد المدينة، بحسب كلام النبى الذى قال "آشور قضيب غضبى، والعصا فى يدهم هى سُخطى. على أمة منافقة أرسله، وعلى شعب سخطى أوصيه ليغنم غنيمة"([755]). وبعد ذلك بسنتين فى السنة الثالثة([756]) صعد خوسرو على انطاكية كما هو موصوف فى الفصول التالية.
ç بقية الكتاب العاشر ناقص
ç ومع ذلك توجد قصاصة من الفصل الخامس عشر، وقصاصة من الفصل السادس عشر فى شكل مختزل فى نسخة بالمتحف البريطانى نشرها لاند.
كذلك يمكن استرداد أجزاء من الفصول 6-15 من قصاصات يعقوب الذى من اديسا، ومن ميخائيل، وغريغورى.
قصاصات من الفصول 6-8 من فوليو لميخائيل([757]).
"فى السنة الحادية عشر لجوستنيان التى هى السنة 850 لليونان([758]) فى شهر ديسمبر([759]) ظهر مذنب ضخم فى السماء فى وقت المساء لمدة مائة يوم([760]), وفى هذه السنة زال السلام بين الممالك، وصعد خوسرو ملك الفارسيين، وسبى سبيا من مدن سوريا وانطاكية وبيرية وآباميا والمناطق التى تخصهم. وأيضا نزل الرومان إلى فارس وسبوا سبيا من بلاد كردستان وآرزين والعربية. فصعد خوسرو ثانية ضد كاليكينوس بجيش كبير وحمل سبيا منها ومن كل الطرف الجنوبى لأرض ما بين النهرين.
ç قصاصة من الفصل التاسع من فوليو لميخائيل
[وأكثر من ذلك يكتب زكريا الخطيب بشأن هذه الكارثة فيقول] فى النسخة اليونانية لنبوة حزقيال هناك فقرة تشير إلى ضربة الدمامل، فبدلا مما هو مدون باللسان السريانى "كل الركب تصير ماءً"([761]) تقول "كل الأحقاء ستتلوث بالصديد". وهذه الضربة التى هى ظهور دمامل فى الأحقاء وتحت إبط الرجال، بدأت فى مصر وأثيوبيا والنوبة والاسكندرية وفلسطين وفينيقية والعربية وبيزنطيوم([762])، وايطاليا وافريقيا وسيسليا والغال، وتغلغلت إلى غلاطية وكبادوكيا وارمينيا وانطاكية وآرزين وميسوبوطاميا، وبالتدريج إلى بلاد فارس والى شعوب الشمال الشرقى. ثم خفتت. وأولئك الذين أُصيبوا بهذه الضربة وحدث أن شُفيوا ولم يموتوا كانوا مهزوزين ومرتعدين. وكان معروفا أنها ضربة من الشيطان، الذى أُمِر من الله بإهلاكهم،
وفى مدينة اميسا كان يوجد رأس يوحنا المعمدان، فلجأ إليها الكثيرون وهربوا. وكانت الشياطين تتبدد أمام الناس الذين تشتتوا([763]) بالقديسين.
ç قصاصات من 13، 14
وصعد خوسرو ثانية وحمل أسرى من مدينة البترا فى لاذيقا ووضع حامية هناك. ومنذ ذلك الوقت استمر الرومان فى شن الهجمات خلال سبع سنوات وعندئذ هُزِم الفارسيون، وأخذها الرومان منهم.
وفى ذلك الوقت، كانت هناك ندرة فى الإنتاج وعوز فى ثمار الأشجار، وفى السنة التاسعة([765])، كانت هناك مجاعة اهلكت النفوس والأبدان، وقد تلاها هزال، حتى أن الرجل كان يأكل عشرة لبرات من الخبز فى المرة الواحدة، وأى نوع آخر من الطعام يمكن أن يجده معه، من شدة الجوع والنهم، حتى تضخم وانتفخ من الطعام والتمس الخبز لبطنه، وهكذا مات. وبعد ذلك كانت هناك ضربة بين الثيران فى كل البلاد، وخاصة فى الشرق، ودامت سنتين حتى صارت الأرض بلا حرث من نقص الثيران.
الكتاب العاشر: الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر من الكتاب العاشر بشأن غزو روما واستيلاء البربر عليها، فى أيام جوستنيان.
فى السنة الثامنة عشر لجوستنيان، التى هى السنة 857 لليونان([766]) استولى البرابرة على روما التى هى المدينة الرئيسية فى ايطاليا. واذ لم يكونوا قادرين على حراستها فقد عسكروا إلى جانبها وتركوا المدينة تُخرَّب وتُنهَب. وفى السنة الثالثة بعد الغارة على مدينة ايليوم التى أُغِير عليها فى أيام سمسون وايلى الكاهن فى أورشليم، بدأ الملوك فى الإقامة فى مدينة روما التى كانت تُدعى أولا ايطاليا. وكان الملوك الذين يحكمون هناك، يُدعون ملوك اللاتين. وفى أيام يوثام وآحاز ملوك اليهودية صار رومولوس ملكا هناك، فبنى مدينة بمبانى عظيمة ونبيلة، ودعاها روما على اسمه. ودُعِيَّت مملكة سكانها مملكة الرومان منذ أيام حزقيا النبى.
الكتاب العاشر: الفصل السادس عشر
[ من التاريخ الكنسى لزكريا، عن مواد ومبانى روما ]
والآن، [فيما يلى] وصفٌ مختصرٌ لزخرفة المدينة كما يلى: بالنسبة لثروة سكانها وثرائهم العظيم والمتميز، ومواد ترفهم الباهر والكبير، وملذاتهم كما فى مدينة عظيمة رائعة الجمال. كانت زخارفها كما يلى، ناهيك عن الروعة داخل المنازل وتكوين الأعمدة الجميلة فى صالاتهم وأروقتهم وسلالمهم ورفعتهم كما فى مدينة رائعة الجمال. لقد كانت تحتوى على أربعة وعشرين كنيسة جامعة للرسل المباركين. وعلى اثنين بازليكيِّتيَن كبيرتيَن كان يجتمع فيهما الملك والسيناتورات فى كل يوم. وتحتوى([767]) على 324 شارعا فسيحا جدا. وعلى اثنين كابيتول. وثمانين تمثالا ذهبيا، و624 تمثالا من العاج. وعلى 46603 منزلا. وعلى 1797 منزلا للوجهاء، و1352 مستودعا للمياه، و274 مخبزا يصنع بإستمرار انونيا([768]) annonae ويوزعها على سكان المدينة، خلاف الذى الذين يصنعون ويبيعون فى المدينة. وعلى خمسة آلاف مقبرة يدفنون فيها. وعلى 31 قاعدة تماثيل من الرخام، و3785 تمثالا من البرونز للملك والماجستيرات. وعلى أكثر من 25 تمثالا من البرونز لإبراهيم وسارة وهاجر وملوك بيت داوود التى أحضرها الملك فسبسيان عندما غزا أورشليم، وعلى ابواب اورشليم والمواد البرونز الأخرى. وعلى تمثالين هائلين وعمودين كبيرين، وعلى سيركين، وثلاثة مسارح، ومدرجين، و22 جوادًا جبارًا هائلا من البرونز، و926 حمامًا، و2300 مخزن زيت، و291 سجنا أو محبسا. وتحتوى فى الأقاليم على 254 مكانا عاما أو ضاحية. وعلى 673 "امبارخ" emparkhe([769]) يحرسون المدينة تحت قيادة سبع أشخاص، وعدد بوابات المدينة 37. ويبلغ محيط المدينة كلها 216036 قدما، أى 40 ميلا. وقطر المدينة من الشرق إلى الغرب 12 ميلا ومن الشمال إلى الجنوب 12 ميلا. ولكن الله أمين وعادل الذى يجعل رخائها الثانى أعظم من الأول، لأنه عظيم هو مجد وقوة وسلطان الرومان.
ç الكتاب الحادى عشر كما ذُكِر فى المقدمة، لم يُترجم.
الكتاب الثانى عشر
ç الكتاب الثانى عشر: [ به جزء كبير من مقدمته إلى موضع ما من الفصل الرابع منه ساقط ]
الكتاب الثانى عشر: الفصل الرابع
"... [واعظا اياها] بحرارة ألاَّ تفعل هذا بأسلوب دنىء، وتضر روحها أمام الدينونة العادلة العتيدة. فقالت له كيف أعبد مَن هو غير مرئى، ولا أراه؟. وبعد هذا بيوم، بينما كانت فى نزهتها (وكانت هذه الأمور فى ذهنها) رأت فى ينبوع المياه الذى كان فى المنتزه، صورة يسوع ربنا مرسومة على قماش من الكتان وكانت فى المياه. وعندما التقطتها اندهشت من أنها لم تكن مبتلة. ولكى تُظهِر تكريمها لها أخفتها فى غطاء رأسها الذى كانت ترتديه، وأحضرتها وأرتها للرجل الذى كان يعلّمها. وأيضا انطبعت على غطاء رأسها نسخة بالضبط للصورة التى خرجت من المياه. ووصلت إحدى الصورتين إلى قيصرية فى وقت ما بعد آلام ربنا، وحُفِظَت الثانية فى قرية كاموليا، وشُيِّد هيكل تكريما لها بواسطة هيباتيا التى صارت مسيحية. ولكن بعد ذلك بوقت ما تحمست امرأة أخرى من قرية ديبودن المذكورة عاليه([770]) فى رعوية آماسيا، عندما علِمت بهذه الأمور فأحضرت بطريقة أو بأخرى، نسخة من الصور من كاموليا إلى قريتها. وقد دعوها فى ذلك البلد "اكسيروبوريوس" أى المصنوعة بغير يد. وأكثر من ذلك بنت أيضا هيكلا تكريما لها. وما أكثر هذه الأمور.
وفى السنة السابعة والعشرين من حكم جوستنيان، السنة الثالثة([771])، جاءت إلى قرية ديبودن عصابة من البربر، واحرقوها هى والهيكل وسبوا الشعب. وأخطر بعض الغيورين من مواطنى البلد الملك الرصين بهذه الأمور، وتوسلوا إليه أن يُقدِّم مساهمات لإسترداد القرية والهيكل، وافتداء الناس. فأعطى ما سَّره. ولكن أحد الأشخاص اللصيقين برجال الملك فى القصر نصحه بالحصول على صورة ربنا وحملها فى موكب يطوف خلال المدن بواسطة هؤلاء الكهنة، فتُجمَع المبالغ اللازمة لبناء الهيكل والقرية. وهوذا منذ السنة الثالثة حتى التاسعة([772]) وهم يطوفون بها، فيها. وأنا اعتقد أن هذه الأمور قد حدثت بتوجيه من العناية. لأن هناك مجيئيَن للمسيح طبقا لما يدل يُشير إليهما الكتاب المقدس، واحد فى اتضاع وهو الذى حدث قبل هذه السنة التاسعة والتى هى أيضا السنة الثالثة والثلاثين من حكم جوستنيان، بخمسمائة واثنتين وستين, والثانى بالمجد فى المستقبل، [وهو] الذى نترجاه. وهذا الأمر ذاته هو مثال لتقدم السر، وصورة الملك والرب المزينة من فوق وأسفل التى ستُعلَن سريعا. وفى الحقيقة أنا أعظ نفسى وإخوتى من السقوط فى يد الله، أن يُكرِّس كل انسان، نفسه للمذلة والتوبة، لأنه سيُحاسب على أعماله لأن مجىء ربنا، القاضى العادل، هو بالفعل قريب، الذى له مع أبيه والروح القدس المجد. آمين.
الكتاب الثانى عشر: الفصل الخامس
الفصل الخامس من الكتاب الثانى عشر يتناول المسحوق الذى يحتوى على رماد سقط من السماء
وبالإضافة إلى الأمور الشريرة والمرعبة التى وصفناها عاليه والتى سنسجلها أسفلا، من زلازل ومجاعات وحروب فى مواضع عديدة([773])، وكثرة الإثم وقصور المحبة والإيمان، التى حدثت وتحدث، فقد تمت ضدنا أيضا، ضد هذا الجيل الأخير لعنة موسى فى سفر التثنية عندما حذَّر الشعب الذى خرج من مصر وكانوا على وشك دخول أرض الموعدـ وقال لهم "ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التى أنا أوصيك بها اليوم، تأتى عليك جميع هذه اللعنات وتدركك"([774]). ثم بعد ذلك بقليل يتكلم هكذا "ويجعل الرب مطر أرضك غبارا وترابا ينزل عليك من السماء حتى تهلك. ويجعلك الرب منهزما أمام أعدائك. وتكون جثتك طعاما لجميع طيور السماء ووحوش الأرض، وليس مَن يزعجها([775]). مثل هذه الأمور المرعبة، والأكثر رعبا ما يأتى: فى السنة الرابعة([776]) فى السبت الأول الذى هو السبت السابق لعيد الخبز غير المختمر([777])، غطت السماء من فوقنا سحبٌ عاصفة جلبتها الرياح الشرقية، وبدلا من المطر المعتاد والماء الرطب اسقطت على الأرض غبارا يتكون من رماد وتراب بأمر الله. وقد ظهرت على الأحجار، وسقطت على الجدران. وامتلأ الرجال المتميزون بالرعب والقلق والهلع. وبدلا من فرحة الفصح كانوا فى حزن، لأن كل الأمور المكتوبة قد تمت ضدنا من جراء خطايانا. وكانت الآن السنة الثامنة والعشرين لهذا الملك.
والآن بالنسبة لنطاق وتعاقب عملنا يوصلنا هذا الكتاب فى الترتيب الكرونولوجى لغاية السنة الرابعة، ولكن هناك فصل واحد بشأن حادثة وقعت هنا فى نهاية السنة واحد الأولى([778]) التى قبل هذه السنة الرابعة، كنا قد حذفناه. فإننا نقتفى خطواتنا كإنسان يمشى على البحر وسط أمواجه العنيفة، ونسجله بإختصار، وهو كالآتى:
الكتاب الثانى عشر: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثانى عشر، بشأن باسيلسكوس كاهن انطاكية الذى ذهب إلى آميدا مع آدونو الدوق.
فى صيف السنة الأولى، عندما كانت السنة على وشك الانقضاء، وكان هناك مجمع اساقفة منعقد فى المدينة الملكية، كتب بعض الرجال والممثلين لمدنهم هنا، وأنا مضطر إلى تحاشى ذكر أسمائهم، إلى اساقفتهم الذين كانوا متغربين فى الغرب، [كتبوا] من باب الغيرة على ما أظن أو الضغينة، لكى ما يُسِّروهم وأيضا ليُشنِّفوا آذانهم قائلين "إن هناك بعض المنشقين([779]) أى المقسِّمين فى المنطقة وخاصة بلاد ما بين النهرين الذين يعقدون مجامع ويجذبون، كما لو كان، كل الشعوب من طرف إلى آخر لينضموا إليهم، وهم منفصلون عن الكنيسة". فنقل الاساقفة الخبر الذى تلقوه إلى الملك فأمر آدونو الدوق الذى كان من هاميميثو بفحص الأمر بالاشتراك مع باسلسكوس كاهن انطاكية ومصالحتهم إن أرادوا مع الكنيسة. وبينما الأمر كذلك انضم اليهم بار كورجيس، كاهن آميدا، فى هاميميثو، وجمع الكهنة وسكان القرى فى خندق وفرض عليهم حصارا كأنهم، إن جاز القول، من ممتلكات ديث الرجل المؤمن الذى كان قد توفى مؤخرا، ومن وانجلنز وطوزفانين. وعندما وصل هؤلاء الرجال إلى مدينة آميدا، وضعوا ضغوطا على الأديرة الخمسة للرهبان العفيفين هناك بقصد طردهم، وتكلموا معهم واصغوا لهم، وقابلوهم بترحاب، وبصفة خاصة الأرشيمندريت يوحنا الذى ذكرناه سابقا، وكان حاضرا بالعناية وهو يونانى ونحوى، وزائرهم الغيور سرجيوس، وهؤلاء كانوا على رأسهم وكانوا مدعومين من الرجال المؤمنين والمتعلمين يوحنا وسوبو وستيفان وهو الطبيب الامبراطورى الخاص([780]) بهذه المدينة. فلم يطردوا أديرة الرهبان، ولكنهم اعتزلوا فى ازلو. ولما وصل بطرس مدير الخدمات فى السنة الثانية ([781]) وسمع من الرهبان التهديدات التى قيلت ضدهم، ردهم ومنع الدوق من طرد الرهبان ثانية، وانتقده.
الكتاب الثانى عشر: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الثانى عشر يتناول خريطة العالم التى عُمِلت بإجتهاد بتولمى فيلوميتور ملك مصر.
كان بتولمى فيلادلفيوس ملكا لمصر حسبما يُصرِّح يوسابيوس القيصرى، سنة 280 وأكثر قبل ميلاد ربنا. وفى بداية عهده اطلق اليهود الأسرى فى مصر، وأرسل تقدمات إلى هيكل أورشليم، إلى ازرائيل الذى كان كاهنا فى ذلك الوقت. وجمع سبعين رجلا متعلمين للشريعة ليترجموا الأسفار المقدسة من اللسان العبرى إلى اليونانى. وخزنها عنده وحافظ عليها، إذ كان مدفوعا فى هذا الأمر، فى الحقيقة من الله. ليمهد لدعوة الأمم للحصول على المعرفة([782]) ليكونوا ساجدين حقيقيين للثالوث المجيد بواسطة خدمة الروح.
ولكن فى مرة أخرى، تحرك أيضا بتولمى فيلوميتور، بعده بحوالى مائة وثلاثين سنة، بحمية واجتهاد وأرسل إلى حكام البلاد والشعوب بواسطة السفراء والرسائل والهدايا التى كان يُرسلها، وحثهم على أن يُدوّنوا له حدود البلاد التى تحت سلطتهم، والشعوب المجاورة، وأيضا وصفا لعاداتهم وتقاليدهم. فكتبوا وأرسلوا إليه ماعدا الإقليم الشمالى الممتد إلى الشرق والغرب. وقد فكرنا أنه من الضرورى أن نكتب هنا فى النهاية، من أجل المعرفة والتمييز، الوصف التالى:
[عند هذا الحد، يرد تقريظ لجغرافية كلوديوس بتولماوس الذى أخذ منه مؤلفنا للملك المصرى. ولما كان ليس هناك هدف جيد لنشره فقد حذفتُ ترجمته. ويوجد جزء منه أيضا تحت اسم زكريا فى مخطوطة 14620، وبه اختلاف ملحوظ عن مخطوطتنا. وبعد وصف اقاليم افريقيا تحتوى هذه المخطوطة على اضافة شيقة "وهم يتكلمون السريانية واللاتينية". وهناك اضافة اخرى إلى بتولمى فى ملحوظة سينتيا من عربية فيلكس، حيث يضيف مؤلفنا "وهى ذاتها شيبا" بينما فى مكان سابينس التى يذكرها بتولمى بعد ذلك يضع مؤلفنا "الأوفريانز، هم أنفسهم أوفير". هذه الإضافات بالطبع هى من مؤلفنا نفسه أو أحد المترجمين المسيحيين الأوائل. ولكن هناك اختلافات أخرى لها أهميتها فى القراءة. ففى مكان "اثكاى آسيبس" يضع "آخرون يعيشون فى المياه، يأكلون الفواكه". وبالنسبة لملاحظة الإسكاليت، يضيف "ومن هناك تأتى الجواهر، وهم يُبحرون فى المياه على زحافات" وهى اضافة طُبِعت فى نص بتولمى لنوب Nobbe، على أنها ملاحظة من أحد المدرسيين. وأيضا بالنسبة للملاحظة الخاصة ببخور بلاد اثيوبيا يُضيف "ومن هنا يأتى البنجر([783])" وهناك بعض المواضع الأخرى التى يُلقى فيها مؤلفنا بعض الضوء على نص بتولمى. وهكذا فى موضع "بيخونوى" فى اثيوبيا، يضع "كوبتمن". بينما فى الموضع الذى وضع فيه نص نوب "دوبينوى" بين قبائل عربة فيلكس، بضع مؤلفنا "دوكسارى نوى" كما فى نص مونتانوس. كذلك هناك اختلافات عن نص بتولمى ترجع من المحتمل إلى عدم الاهتمام أو إلى سوء الفهم. ومع ذلك هناك اختلاف له خصوصية من الصعب معرفة أصله فى وصف طابروبين حيث عند مؤلفنا "ونساؤهم صم". ثم أكملتُ الترجمة]([784])
وقد عُمِل وصف الشعوب، هذا كما سجلنا عاليه، بتشجيع من بتولمى فيلوميتور، فى السنة الثلاثين من عهده، السنة المائة والخمسون قبل مولد مخلصنا. ولذلك المدة من ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر التى هى السنة الثامنة وعشرين، من عهد جوستنيان، الملك الرصين لأيامنا، السنة 866 للأسكندر، والسنة 333 للأولمبياد([785])، وهى مدة 711 سنة. وخلال هذه المدة بالطبع، كم من مدن شُيِّدت وأُضيفت بين الشعوب فى العالم، من وقت بتولمى إلى يومنا الحاضر وخاصة منذ ميلاد مخلصنا. وعم السلام بين الشعوب والألسنة، ولم يعودوا يراعون عاداتهم السابقة، ولا قامت أمة لتحارب وتستخدم سيوفها ضد أخرى، ولا دخلوا معارك. وتمت عليهم النبوة التى تقول "فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل"([786]). وبالإضافة إلى ذلك، هناك فى هذا الإقليم الشمالى خمسة شعوب مؤمنة واساقفتهم اربعة وعشرون، ويعيش الكاثوليكوس فى دوين Dwin، المدينة الرئيسية لأرمينيا الفارسية واسمه غريغورى، رجل بار ومتميز. وأكثر من ذلك، كورزان بلد فى ارمينيا ولغتها تشبه اليونانية، لها أمير مسيحى، خاضع لملك فارس. وبلاد اراران فى ارمينيا ولها لغتها الخاصة، شعب مؤمن ومعمد. ولها أمير خاضع لملك فارس. وبلاد سيساجان بلغة خاصة بها، شعب مؤمن وبها وثنيون يعيشون فيها. وبلاد باذجن لها لغتها الخاصة، تتاخم وتمتد إلى بوابات كاسبيان والبحر، والبوابات فى اراضى الهون. وبجوار البوابات البلغار ولهم لغتهم الخاصة وهم شعب برابرة وثنيين، ولهم مدن. والآلنز ولهم خمس مدن. وناس من جنس دادو، وهم يعيشون على الجبال ولهم حصون. وهؤلاء الشعوب الثلاثة عشر (الأنوجار، أوجور، سابير، بلغار، خوروسريجور، آفار، خاسار، درمار، سارورجر، باجارسك، خولاس، آبديل، افثالايت) يعيشون فى خيام، ويقتاتون بلحم المواشى والسمك واللحوم البرية، وبالسلاح. وورائهم قبيلة بيجمايس، وشعب الكلاب. وفى الشمال الغربى لهم، نساء الآمازون بثدى واحد لكل منهن([787]) وهن يعشن منفردات تماما ويُحاربن بالسلاح من على ظهور الجياد وليس هناك ذكر بينهن. ولكن عندما يُردِن الزواج، يذهبن إلى قبيلة مجاورة فى سلام، ويقضين شهرا هناك، يتزاوجن ثم يعودن إلى بلدهن. فإذا ولدن ذكرا قتلوه، وإن كانت أنثى يبقونها حية. وبهذه الطريقة يحافظن على رتبتهن. أما القبيلة التى تعيش بالقرب منهن فهى قبيلة هاروس، وهم رجال طوال بأطراف ضخمة وليس لهم اسلحة حرب، فالجياد لا تستطيع حملهم بسبب ضخامة اطرافهم. والى الشرق ونحو الشمال ثلاثة قبائل أخرى سوداء. والآن أرض الهون منذ حوالى عشرين سنة أو أكثر مضت ترجم بعض الرجال بعض الكتب إلى لغة الأهالى وأصلها كما أجراه الرب، سأرويه كما سمعته من أناس ثقة [هم]: يوحنا من راس العين الذى كان فى دير أسسه اشكونى بالقرب من آميدا، وتوماس الدباغ الذى أُسِر عندما حمل كاواد الأسرى قبل ذلك بخمسين سنة وأكثر. وعندما وصلوا بلاد الفرس بيعوا ثانية إلى الهون وذهبوا إلى ما وراء البوابات وكانوا فى بلادهم أكثر من ثلاثين سنة وتزوجوا وانجبوا هناك. ولكن بعد هذه المدة من الزمن، عادوا وأخبرونا بالقصة من أفواههم كما يلى:
بعد مجىء الأسرى من أرض الرومان الذين كان الهون قد أخذوهم معهم، وبعدما عاشوا فى البلاد نحو اربع وثلاثين سنة، ظهر ملاك عندئذ لرجل يُسمَّى كاردوستات، اسقف بلاد آراران، كما روى الأسقف وقال له "خذ ثلاثة كهنة اتقياء، واخرج إلى السهل وتلقى منى رسالة مرسلة إليك من رب الأرواح لأننى حارس المسبيين، الذين خرجوا من ارض الرومان، إلى بلاد الأمم، ورفعوا صلواتهم إلى الله. وقد أمرنى أن أخبرك بهذا". وعندما خرج كاردوستات هذا الذى ترجمته إلى اليونانية "ثيوكليتوس"(أى الله يدعو، بالآرامية) بحماس إلى السهل،... دعا الله هو والثلاثة كهنة. عندئذ قال لهم الملاك، اذهبوا إلى ارض الأمم وانذروا ابناء الموتى، وارسموا كهنة لهم، وناولوهم من السرائر، وقووهم. وها أنا معكم وسأشملكم بالعطف هناك، وستُجرَى بواسطتكم آيات هناك بين الأمم، وستجدون كل ما يلزم لخدمتكم هناك. وخرج ومعه أربعة آخرون. وفى البلاد التى ليس بها أى سلام، وجد هؤلاء السبعة كهنة إقامة وسبعة أرغفة خبز وجرة ماء من المساء إلى المساء. ولم يدخلوا من البوابات، بل وُجهِّوا عبر الجبال. وعندما وصلوا إلى هناك، أخبروا الأسرى بهذه الأمور، فإعتمد كثيرون، واهتدى بعض الهون أيضا. وكانوا هناك لمدة اسبوع من السنوات([788]). وهناك ترجموا الكتب إلى لغة الهون.
والآن، حدث أن بروبس توجه إلى هذه الأنحاء، مرسَلا من الملك فى سفارة ليستأجر بعضا من هناك للحرب ضد أمم. وعندما سمع من الهون عن هؤلاء الرجال القديسين، وسمع قصتهم أيضا من المسبيين، كان شغوفا جدا ومشتاقا لرؤيتهم. فرآهم وتبارك منهم، ورآهم أكثر إجلالا فى عيون تلك الأمم. وعندما سمع الملك منه تلك الحقائق التى دوناها عاليه، التى أجراها الرب، حمَّل ثلاثين دابة من مقاطعات المدن الرومانية المجاورة وأرسلها لهم، وأيضا دقيقا ونبيذا وزيتا واقمشة كتانية وبضائع أخرى وأوانى تقديس([789]). وأعطاهم الحيوانات هدية لهم، لأن بروبس كان رجلا طيبا مؤمنا.
والآن، التهب اسقف أرمنى آخر اسمه ماكو، بمحاكاة هذه الأعمال النبيلة، فخرج بعد أكثر من اسبوعين من السنوات، وذهب بحماس ومعه كهنته إلى بلد ما، وبنى فيها كنيسة من الطوب، وزرع زرعا وبذر أنواعا مختلفة من البذور، وأجرى آيات وعمَّد كثيرين. وعندما رأى حكام هذه الأمم شيئا جديدا يحدث أُعجَبوا بالرجال، وسُرّوا بهم جدا وكرَّموهم، ودعوا كل منهم إلى منطقته الخاصة، وشعبه الخاص، ورجوهم أن يكونوا معلمين لهم، وهاهم هناك إلى اليوم. ونفس هذا الشىء علامة على مراحم الله الذى يهتم بكل أحدٍ له، فى كل مكان. ومن الآن فصاعدا هذا هو الوقت المحدد فى سلطانه لكى ما تأتى ملء الشعوب إليه كما قال الرسول([790])
ولمدة اسبوع من السنوات أحجم أيضا ملك الفارسيين، كما يروى العارفون، عن أكل المخنوق والدم وعن لحم الحيوانات والطيور النجسة، منذ أن نزل إليه تريبونيان Tribonian الطبيب الامبراطورى([791])، الذى أُخِذ أسيرا فى ذلك الوقت. ومن ملكنا الرصين جاء بيروى الحاكم، وبعده كاشوى، والآن جبرييل، مسيحى من نصيبين. ومنذ ذلك الوقت وطعامه ليس نجسا حسب العادة السابقة، ولكنه بالأحرى مبارك. وايضا يوسف كاثوليكوس المسيحيين موضع ثقته الكبيرة، ووثيق الصلة به لأنه طبيب، وهو يجلس أمامه على المقعد الأول بعد رئيس المجوس وكل ما يطلبه منه يناله. ومن باب الشفقة على الأسرى والرجال القديسين أقام مستشفى بناء على مشورة الأطباء المسيحيين الملتصقين به، وهو أمر لم يكن معروفا من قبل، وقدَّم مائة بغلا وخمسين جملا محملا بالبضائع من المخازن الملكية، واثنى عشر طبيبا وكل ما يلزم، وفى روتين الملك...
ç عند هذه النقطة تنقطع المخطوطة ومن الصعب معرفة مضمونها.
وباقى المخطوطة بقلم آخر([792]).
[1] - ترجمها البعض حاليا بالباحث. ولكن روبرت فينكس يقول أن scholasticus كانت تُطلَق غالبا على المحامين، انظر ODB 1952.
[2] - أنظر رأى المعرِّب ص 4 بعده.
[3]- وكانت تعرف بميناء غزة، ولكنها كانت مدينة متميزة فى العصر المسيحى، وقد أشير اليها أيضا فى بعض الكتابات القديمة بالإسم اليونانى نيابلس، وهى حالي "المينا" على مسافة حوالى اربعة كيلومترات من مدينة غزة على الساحل, وقد عُثِر فيها، فى ستينات القرن العشرين على بعض الآثار ترجع إلى عصر الملك داوود عبارة عن "مجمع". ويبدو أن المدينة كان مسورة، ولكن لم يُمكن اكتشاف سورها بعد.
[4] - أنظر، The chronicle of Pseudo-Zachriah Rhetor, by Robert R. Phenix &…, Liverpool Uni., 2013. P.4
[5] - وهذه المجموعة تهدف إلى التعريف بشخص المسيح على نحو ايجابى لذلك كانت تجتمع معا لدارسة الأسفار المقدسة والآبائيات.
[6] - كانت دراسة القانون، فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين وحتى خمسينات ذلك القرن، السمة الغالبة لصفوة المجتمع حيث كان معظم رجال السلطة والفكر من خريجى الحقوق، ولذا كانت هذه الكلية آنذاك على رأس قائمة الأمنيات لأى أسرة تبغى تثقيف أولادها.
[7] - أنظر ترجمتنا لتاريخه، قيد الطبع.
[8] - أو آماصيا، هى حاليا عاصمة محافظة آماسيا بتركيا، وتقع على البحر الأسود، فى وسط تركيا، وليس من الواضح هنا سبب وجود رأس المعمدان هناك. فى هذه الفترة فسوزمينوس يقول فى تاريخه الكنسى(ك 21:7) أنها كانت فى Cosilaos وهى قرية فى زمام Mardonius إلى أن نقلها ثيودوسيوس الكبير إلى حى Hebdomas.
[9] - يورد لنا سوزمينوس فى تاريخه الكنسى (ك21:7) قصة اكتشاف رأس يوحنا المعمدان فى عهده. وبالطبع من المستحيل فى أيامنا هذه إثبات صحة أية فرضية خاصة بالرفات بتاتا بصفة عامة، وبالنسبة لرأس يوحنا المعمدان وسائر الأنبياء بصفة خاصة. فهناك العديد من الأماكن فى سائر انحاء العالم كلُ منها يؤكد "وبالمخطوطات وشهادات علماء الآثار" أن الرفات هى تلك التى لدى اصحاب هذا المكان فحسب!!. ولعل "المذهب العقيدى" لأول مَن ذكر عنه سوزمينوس أنه قد اكتشف الرفات، يكفى لإثبات تنازع الجميع من "هراطقة" وغير مسيحيين، ومسيحيين على مِلكية هذه الرفات سواء من باب التبجيل والتقديس، أو من باب المتاجرة والسياحة. وجدير بالذكر أن ما تعرضت له الكنائس فى الشرق من تدمير وحرق وتخريب فى فترات عديدة، فى معظم القرون المتأخرة يجعل من العسير توثيق تسلسل تقليد ما. أنظر: التاريخ الكنسى لسوزومينوس عن الفترة البيزنطية، والمقريزى بالنسبة لأحداث مصر القرن الرابع عشر الميلادى.
[10] - وهو اساسا ابن ملك من جورجيا، حُمِل اسيرا فى طفولته وتربى بالقصر الامبراطورى، وحظى بمكانة عالية لدى الملك والملكة، واستقال وتحرر واعتنق الحياة الرهبانبة، وأُجبر على الأسقفية. ويرى روبرت فينكس أنه من القوقاز.
[11] - ميتيلين. الاسم اليونانى للمدينة التى تقع فى الجنوب الشرقى لجزيرة ليسبوس التى تقع في شمال بحر إيجة. وهذه الجزيرة هي ثالث أكبر جزر اليونان الحالية.
[12] - أنظر ص 8 بعده.
[13] - أنظر:"التاريخ الكنسى" لسوزمينوس، (12:6)، للمعرب(تحت الطبع).
[14] - مدينة مالاطيا أو ملطية هى باللغة الحيثية: Melid وباليونانية Malateia(Μαλάτεια). وبالأرمنية Malatia . ثم فى اللاتينية Melitene وهي عاصمة محافظة ملاطية بتركيا الحالية. ويُراعى عدم الخلط بينها وبين جزيرة مالطة.
[15] - دعاها الاتراك أولا "إسكى مالاطيا"Eskimalatya أى مالاطيا القديمة Old Malatya.
[16] - أفادنى أحد الباحثين بأن النص السريانى لسيرة البطريرك مار ساويرس الأنطاكى، قد نُشِر مع ترجمة فرنسية له عام 1907م فى Patrologia Orientalis، ثم نشر أيضا الدكتور يوحنا نسيم النص العربى مع ترجمة انجليزية له عام 2004م، فى العدد 20 من نفس المجلة سالفة الذكر توا. والمعرب هنا يتمنى من ناحية أخرى، أن تقوم الأديرة التى تكون العناية الإلهية قد حفظت فيها نسخة منها بنشرها للباحثين.
[17] - كتب تاريخه الكنسي هذا باللغة اليونانية، بعد حوالى سنة 593م تقريبا حسبما يرى روبرت فينكس. وقد نُشرِت ترجمة انجليزية حديثة له من جامعة ليفربول سنة 2000م.
[18] - عن رقم هذه المخطوطة انظر هامشنا رقم 1 سابقا.
[19] - كلمة المترجم طوال هذا العمل مقصود بها على وجه الحصر، المترجم من السريانية إلى الانجليزية. أما المعرب، فهو هنا المترجم من الانجليزية إلى العربية.
[20] - ويمكن الرجوع لمعرفة طريقة حسابها ومعادلها بالتقويم الميلادى فى Y. E. Meimaris: chronological Roman- Byzantine and Arabia
[21] - كلمة "طوم" فى هذا النص، هى كلمة "طومس" المتداولة فى الكتابات العربية. ويُقصَد بها "مقالة" أو "رسالة" أو "أطروحة". أما ليو فهو اللفظ والشكل اللاتينى لإسم (لاون) المتداول أيضا فى العربية المصرية. وقد تركت ألفاظ الأسماء فى النص بالشكل الذى وردت به، ليتعرف القارىء على اشكال الأسماء فى نصوصها، ويألفها ليسهل عليه عمليات البحث الآلى.
[22] - أنظر الثيؤتوكيات بكتاب الأبصلمودية السنوية للكنيسة القبطية غير الخلقيدونية.
[23] - أنظر: Blaudeau, in 2008a: 273-308. عن روبرت فينكس.
[24] - المقصود بهما بروكسس وهاملتون.
[25] - ولكنه سيلاحظ أن المترجمين الغربيين لهذا النص، أو لأى نص آخر من التراث المسيحى، أو حتى عندما يكتبون أى عمل كنسى من عندياتهم، وسواء أكانوا كاثوليك أو بروتستانت، يجردون باباوات الاسكندرية من لقب بابا، بينما يذكرون كل اساقفة روما حتى أولئك الذين كانوا قبل التنظيم السياسى لترتيب الكراسى الذى فرضه مجمع خلقيدون، منعوتا بلقب بابا.
[26] - "مونوفيزيت" كان هذا التعبير الخاطىء عقيديا، يُطلَق من قِبل الخلقيدونيين على اتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأيضا الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية، والكنائس التابعة لهم (الأثيوبية، والاريترية والهندية الارثوذكسية) لأنهم رفضوا مجمع خلقيدونية. وذلك ردا على نعت هذه الكنائس لأتباع مجمع خلقيدونية "بالديوفيزيت"، والذى كان يشير إلى أخذ المجمع بالفكر النسطورى عن السيد المسيح الذى يفصل بين طبيعتى السيد المسيح بعد التجسد. فنعتونا بالمقابل بهذا النعت الذى يشير إلى الأوطاخية.
[27] - يلفظه البعض ويكتبه "جونسيان".
[28] - أى باقى المخطوطة التى استخلص منها بروكس عمله هذا.
[29] - زكريا، من جهة الاسم له اشكال عدة فى المخطوطات العربية زكريا، أو زخاريا، أو زخارياس. ومن جهة اللقب يلقب بالخطيب أو البليغ أو النحوى، ثم الميتلينى(وليس الميليـتينى) نسبة الى المدينة التى سيم اسقفا عليها(أنظر ه26 بعده). كما رأينا نسبته إلى مسقط رأسه بالغزواى حيث كان من غزة. وهو أرثوذكسى غير خلقيدونى إلى النفس الأخير. ولذلك كما سنرى بعد قليل فى المتن أنه بعد رسامته أسقفا هناك، عُزِل. وطبعا كان ذلك فى وقت اضطهاد الاباطرة الخلقيدونيين لغير الخلقيدونيين.
[30] - ميتيلين، مدينة كانت تقع على الساحل الشرقى لجزيرة ليسبوس مقابل الساحل التركى. وهى حاليا مدينة يونانية، وعاصمة منطقة شمال ايجة.
[31] - عن ميتلين، أنظر ص 4 هنا.
[32] - شخص آخر خلاف بالاديوس صاحب التاريخ اللوسـسى.
[33] - ويعرف أيضا بالخطيب أو المنطيقى.
[34] - الأنطاكى.
[35] - حسنا أن قال "ربما" فمن الثابت خلال حوليته هذه أنه لم يكن "متفقا" بحال من الأحوال مع مجمع خليقدون، ولا مع طومس ليو ولا كان موافقا على تعريف الايمان الذى قدمه ليو وتبناه مجمع خلقيدون. أما المعرِّب فيرى أنه كا اسقفا على مدينة ارمينية بإسم مليتين، أنظر ص 4 عاليه.
[36] - "مؤلفنا" سيستخدم بروكس هذه الكلمة طوال هذا العمل للاشارة إلى ناسخ المخطوطة التنى استخلص منها عمل زكريا. لأن عمل زكريا كان اساسا باللغة اليونانية ثم تُرِجم إلى السريانية على نحو شبه مطول كاقتباس فى أعمال كتّاب آخرين، وبالذات المؤرخ ميخائيل السورى. وفُقِد النص اليونانى الاصلى وغير موجود حاليا، وبقيت الترجمة السريانية التى اسخلصها المترجمان من عمل ميخائيل السورى. وهذا كان يكتب بالسريانية لذلك اهتم بترجمة عمل زكريا السورى من اليونانية لمنفعة بنى جلدته الذين لا يعرفون اليونانية.
[37] - هنا لنا وقفة علمية بحتة ولازمة. المترجم هنا استنتج من كتاب ايفاجريوس هذا أن الملخص الوارد فى عمل ميخائيل السورى قد استبعد اشياءً تخص زكريا. ولكن من قال ـ علميا وتجريديا ـ أن العبارة التى ذكرها ايفاجريوس هى بالضرورة كانت فى مؤلف زكريا!!. هذا السؤال تستلزمه الضرورة العلمية، عندما نعلم أن ايفاجريوس هذا كان كاتبا خلقيدونيا، وأن الكتَّاب الخلقيدونيين فى ذلك الزمان عندما وجدوا ضراوة المعارضة من الكنائس الشرقية لإعتراف الايمان المقدَّم من مجمع خلقيدون ضدا للإعتراف النيقاوى الأفسسى ، لجأ كما يقول الدكتور سى.صموئيل، فى كتابه "مجمع خلقيدون، اعادة فحص" إلى تحريف نصوص الآباء الأولين وبالذات القديس كيرلس، والقديس ساويرس لكى ما يثبتوا وجهة نظرهم. أنظر فى ذلك: "مجمع خلقيدون، اعادة فحص"، ترجمة د/عماد موريس نشر دار باناريون ، 2009م، ص 373.
[38] - آميدا هى ديار بكر الآن بتركيا.
[39] - فى نظرى، ليس من الضرورى الاستدلال من كلمة "هنا" أنه كان يعيش فى آميدا. فالرجل بصفته مواطنا فى الامبراطورية الرومانية كانت "هنا" بالنسبة له أى جزء داخل فى زمام هذه الامبراطورية، وكلمة "هناك" اشارة إلى الدول الخارجة عن السلطان الرومانى مثل بلاد فارس. المعرب.
[40] - ولماذا لا نفترض أن كلاهما قد نقلا هذا المختصر عن مصدر ثالث كان متاحا آنذاك للجميع، وكان يمكن لغيرهما أيضا الرجوع اليه متى شاء.
[41] - اولا من ناحية اضافة عمل لاحق إلى نص مكتوب سابق. هذا الاحتمال ليس احتمالا قويا فحسب، بل أنه واقع فعلا فى معظم المخطوطات القديمة، عند اعادة نسخها حيث يضيف الناسخ الجديد اليها ما يراه هو من تصويب لكلمات أو تغيير لتواريخ (حسب رؤيته هو) ثم بالطبع يمكن أن يضيف إلى ذات المخطوطة اعمال آخرين، إما تعجب الناسخ أو يطلبها منه المشترى. كما أن النساخ فى الاديرة غالبا ما كانوا يجمعون كتابات عدة مؤلفين حول موضوع معين فى كودكس واحد ويعطونه اسما من عندهم.
[42] - هذا ما رآه مقدم الطبعة الانجليزية. ولكننى فى الواقع لا اراه شرحا وافيا كما يقول على نحو يجعلنى كما قال اقطع بأن مؤلفنا ـ ولا أدرى مَن يقصد بالضبط زكريا البليغ أم الناسخ ـ قد نقل عن يوحنا الافسسى، كما يرى هو.
[43] - السورى، وهو من مؤرخى الكنيسة السريانية.
[44] - أى الأنبا زكريا.
[45] - كان ذلك بالطبع أيام بروكس، ولكنه الآن قد نشر. أنظر هامشنا رقم 1 من مقدمة المعرب، السابق الاشارة اليه.
[46] - المشهورة فى الأدب العربى بقصة أهل الكهف.
[47] - الأصح بين بيزنطة وفارس. أما من ناحية أنها قيمة فهى بالفعل كذلك إذ توضح لنا العوامل التى أدت إلى بروز القوة العربية تحت غطاء الاسلام كقوة حربية جديدة نازعت القوتين العالميتين آنذاك، وقضت عليهما وورثت ممتلكاتهما شرقا وغربا وشمالا.
[48] - قارن ذلك بالعبارة الواردة فى الفصل الرابع كالآتى "فى مكتبة المطوبين الذكر الاساقفة الذين كانوا يُدعون بيت بيرويا من مدينة راس العين rhesaina [ وتقع بسوريا الحالية. المعرب]، فى حوزة غلام من أقاربهم، يُدعى مورعبدو... وجدتُ كتابا صغيرا.. يُدعَى كتاب آسياث Asyath[ أى اشعياء، المعرب].
[49] - ترجمها روبرت فينكس مدفوعين.
[50] - تك 3:6. (نسخة البشيطة). وطبعا "جسد" حسب الترجمة السريانية السيطة هى "بشر"، حسب الترجمة البيروتية واليسوعية.
[51] - هذا الشاهد كما سنرى من سفر الحكمة الذى هو من الأسفار القانونية الثانية حسب الطبعة البيروتية. وكان موضعه الطبيعى فى النسخة السبيعينية بعد سفر نشيد الأناشيد مباشرة. ونلاحظ هنا أن الأنبا زكريا أسقف ميتلين، يأخذ بالتقليد الأسكندرى من نسبة هذا السفر إلى سليمان النبى.. المعرب. (قارن حك16:1- 9:2 ) الاقتباس عاليه من نسخة البشيطة.
[52] - حرفيا شيئول Sheol.
[53] - قد لا يتضح المقصود من هذا الشاهد لأول وهلة. ولكن السرد التالى لهذا الفصل، يوضح أن الأنبا زكريا الميتيلينى قصد منه عبارة "نترك أثرا لنا" ليمهد الحديث عن الأثار التى يخلفها الانسان كذكرى له، ومنها عمله هذا. المعرب.
[54] - تك 1:11-4.
[55] - أى نهر الأردن.
[56] - يش 1:22-28.
[57] - حسب النص الوارد بالانجليزية.
[58] - قض22:8-28.
[59] - قض1:17-4.
[60] - الغور وادى صغير.
[61] - 2صم 18:18.
[62] - أى كما كتب يوسابيوس. أو كما كتبا يوسابيوس وسقراتيس.
[63] - أى 569م.
[64] - ما أروع هذا المنهج من مؤرخنا هذا!! رغم أن مقاوميه الخلقيدونيين لم يتبعوه فى كتاباتهم كما سنرى، بل أسرعوا بإلحاق النعوت الدنسة بالأرثوذكس غير الخلقيدونيين.
[65] - نُذَكِّر أن هذه النسخة التى لزكريا البليغ ليست هى العمل الأصلى المدون باليونانية، ولكنها الترجمة السريانية التى أمكن استخلاصها من عمل آخر. تماما كما حدث بالنسبة لنصى هستوريا موناخورم والتاريخ الرهبانى لبالاديوس على يد بطلر، كما ذكرنا فى مقدمة طبعتنا لهذا العمل (نشر دار باناريون، 2013م). ومن ثم هناك مؤلِّف أصلى للعمل هو زكريا البليغ اسقف متيلين، وهناك مترجم لعمله، قد يكون وقد لا يكون هو ميخائيل السورى أو السريانى من اليونانية إلى السريانية، ثم مترجم للنص من السريانية إلى الانجليزية وهما د/هاملتون والسيد بروكس. ثم مترجم من الإنجليزية إلى العربية. والآن منعا للتشويش عندما استخدم كلمة المترجم يكون المقصود المترجم الانجليزى، وبالنسبة للترجمة العربية سأقول المعرب. ومن ناحية أخرى لما كانت الهوامش هنا فى هذه الطبعة فى غالبيتها الغالبة من المعرب، لذلك قصرت كلمة المترجم على الهامش الخاص به.
[66]- الكلمة المستخدمة هنا doctor، وهذه لها معنى خاص فى التراث الكنسى السريانى، وهو ما يُعبَّر عنه أحيانا بملافنة فى العربية، ويُقصَد به معلم كنسى قانونى بارز.
[67] - عن روبرت فينكس.
[68] - يحددها روبرت صراحة "قرية"
[69] - بالسريانية "مدراش".
[70] - هو المعروف أيضا بلفظ سقراط.
[71] - من المعروف أن ثيودوسيوس الثانى (أو الصغير) قد حكم (401 م -450م). أولا مع أبيه(402- 408م) ثم مع أخته (408-416م)، ثم منفردا من 416-450م. ومن ثمة تكون السنة الثانية والثلاثين من حكمه (المنفرد) هى 448م أو 449م.
[72] - هذه الكلمة مقصود بها فى هذا المصنف "أعمال المجامع" أى ما نسميه اليوم "مضابط الجلسات".
[73] - يضيف هنا روبرت فينكس نعت "جسديا" فى ترجمته.
[74] - ذكر روبرت صراحة فى مقدمته أنه استبدل نعت الملك فى النص بالامبراطور. أما أنا فأبقيته، المعرب.
[75] - يوتيخس Eutyches هو الشكل المعتاد فى الكتابات الاجنبية لمن يَرِد اسمه فى الكتابات المصرية أوطيخا، أو أوطاخى. وقد حرصتُ على كتابة الاسماء فى المتن كما وردت فى ترجمتها الانجليزية، والتى على ما أظن كان متقيدا بالشكل الاصلى للاسم كما ورد فى المخطوطة. على أية حال إذا لم يكن ذلك كذلك، فهو من ناحية أخرى سيساعد القارىء العادى على التعرف على الشكل الذى يمكنه استخدامه فى مواقع التصفح الآلى. اما اخوتى الاحباء الباحثين فيمكنهم بالطبع العبور سريعا على شكل الاسم.
[76] - ويكتب أيضا فى المطبوعات المصرية، يوفيناليوس، وكذلك يوفيناليس، ويوفينال.
[77] - "نستوريوس" هو المعروف فى الاصدارات المصرية بنسطور.
[78] - يورد روبرت هنا ملاحظة، جديرة بالإشارة إليها(فى هامشه35على ك2) وهى أن نستوريوس استخدم الكلمة الواردة فى (يو14:1) والتى تترجمها النسخ السريانية "tabernacled in us "، تبعا لفلوكسينوس(وآخرين)، وحوَّر النص الانجيلى إلى "اللحم يوجد أولا ثم "يسكن الكلمة" فيه.
[79] - الطرسوسى.
[80] - "الدائمة البتولية". لاحظ الأثر التاريخى على "الثيؤتيكيات" بالأبصلمودية القبطية.
[81] - ويرِد إسمه بهذه الأشكال أيضا: كليستين، كليستينوس، سيليستينوس. وهو سيليستينوس الأول اسقف روما(422-432م).
[82] - اسقف أورشليم من 422-451م.
[83] - يقول بروكس أن النص فاسد هنا وأن هذا هو ما أمكنه فهمه منه.
[84] - "ليو"، هو المعروف فى الكتابات المصرية بالعربية بإسم "لاون"، وهو أسقف روما من 400 إلى 461م. وصاحب "الطومس المشهور بطومس لاون، والذى يرتبط إسمه بمجمع خلقيدون.
[85] - وهو المعروف فى المخطوطات العربية المصرية بطومس لاون. وهو "رسالة" أو "مقالة" عن تجسد الله الكلمة من منظور لاون اسقف روما (ق5م). أنظر تعاليمه ومقدمات مقالته هذه، وعواقبها فى "مجمع خلقيدونية اعادة فحص" للأب الدكتور فى، سى. صموئيل، ترجمة د/عماد موريس، نشر دار باناريون، ص 332- ..
[86] - ويُكتَب أيضا يوفيناليس.
[87] - لفظه البعض سيروس.
[88] - "الرؤوس" حسب النص هنا، للبابا كيرلس عمود الدين، هى المعروفة أيضا "بالفصول" الاثنى عشر فى كتابات اخرى.
[89] - وأحيانا يُلفَظ ايباس.
[90] - Nisibis، مدينة نصيبين مدينة تاريخية قديمة في الجزيرة الفراتية العليا، تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد. وهى الآن منطقة إدارية بمحافظة ماردين داخل حدود تركيا الحالية.
[91] - "جايوس". يقول بروكس (فى هامش 2 ص29) أن يوحنا بلا شك يقصد بها، ايجة Aegae. ويقول المعرِّب، أن هناك عدة مدن بهذا الإسم، ومن الصعب تحديد أي منها.
[92] -يعلق بروكس(فى هامشه 3 ص 23) على العريضة التى قدمها يوتيخس هنا، والتى ترجمها البعض "بطعن" و "نقض" و"تشهير" بآرائه السابقة. بأن الكلمة السريانية تحتمل "الموافقة" و"الاقتناع" و"النقض". وأن هذه العريضة أوردها Mansi فى (vol. vi. p. 629. ). ولا يوجد بها أى نقض أو طعن، الأمر الذى يرجح – كما يقول هو – المعنى الأول الذى أورده مؤرخنا هنا، وهو الاعتراف بالايمان السليم.
[93] - أى 452/453 م
[94] - وهو لاون الأول.
[95] - كتبه روبرت فينكس، مكسيميانوس.
[96] - لم يترجم روبرت فينكس هذا الخطاب، لأنه، كما يقول، محفوظٌ فى أصله اليونانى فى مصادر عدة. ولكنه أشار إلى أنه قد تُرجِم إلى السريانية منذ وقت مبكر جدا حيث يوجد نص سريانى له يعود إلى ما قبل 562م. أنظر ص91 من كتابه سابق الذكر.
[97] - يقصد دويناه هنا. والكلمة فيها لون من البلاغة على غرار (التعليم فى الصغر "كالنقش" على الحجر)، أى على نحو لا يزول.
[98] - "كما فى المثال"، تعبير كتابى(أنظر 1كو6:10، 11)، إشارة إلى لوحى الحجر الذى استلمهما موسى النبى على جبل حوريب.
[99] - عن التجسد
[100] - راجع غل 9:1.
[101] - "هو... بدون اندفاق"، أى بدون إضافة. كما سيرد شرحها فى خطاب البابا تيموثاوس فى ك 22:4، فى اقتباسه من أقوال البابا أثناسيوس الرسولى إلى ابكتيتوس. وتعود هذه العبارة فى الواقع إلى القديس البا أثناسيوس الرسولى فى رده على الأريوسيين الذى يفصلون بين "الإبن" و"الآب" فى الجوهر، حيث استخدم مثل الينوع والنهر. فقال: كما أن النهر الخارج من الينبوع لا ينفصل عنه، وبالرغم من ذلك فإن هناك بالفعل شيئين مرئيين وإسمين. هكذا الآب والابن هما جوهر واحد، ولكن لا "الآب" هو "الإبن"، ولا الابن هو الآب، فالآب هو أب الابن، والابن هو ابن الآب. وكما أن الينبوع ليس هو النهر، والنهر ليس هو الينبوع، ولكن لكليهما نفس الماء الواحد الذي يسرى في المجرى من الينبوع إلى النهر، هكذا لاهوت الآب هو في الابن بلا تدفق أو انقسام.
[102] - فى 10:2
[103] - باروخ 38:3. وهو من الأسفار الثانية. ولاحظ المؤرخ زكريا البليغ وهو يقول "كيف سنقبل أصوات الأنبياء".
[104] - أش 4:53
[105] - اصداء لبدعة الدوستية التى ظهرت فى أواخر القرن الأول، والتى ترى أن المصلوب هو شخص آخر "شبيه" بالسيد المسيح. تلك البدعة التى وجدت لها مشايعين فى القرن السابع الميلادى أيضا، وخاصة فى شبه الجزيرة العربية. انظر عن ذلك، الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى" مذكرات لأحد رهبان البرية. .
[106] - قارن: رو 21:1، 22.
[107] - "imperial freedom". تعبير بلاغى من المؤرخ هنا، يقصد به اقصى حرية، مثل القول "الحرية الملكية" للاشارة إلى حرية المرء فى أن يفعل ما يشاء.
[108] - أى المسيح
[109] - 1كو6:8
[110] - يو1:1-3
[111] - أع 22:2
[112] - أع 31:17
[113] - يو40:8
[114] - اش 14:7. مت23:1
[115] - يقول المترجم أن هذه الفقرة تثير نوعا من المتاعب عند ترجمتها، ويفترض بروكس أن كلمة ما قد سقطت من النص. ولذا فهو يفترض أن العبارة هى هكذا "لأن ذاك المولود بالتنازل، هو إله فوق الكل". وأقول أنا أيضا أنه بالفعل هناك كلمة ناقصة لأن سياق ذات العبارة يجب أن يكون هكذا "بقولهم أن المولود على نحو أدنى، ليس هو الإله فوق الكل".
[116] - "بالإضافة إليه". يتعين الانتباه إلى هذه العبارة هنا. فهى تعنى أنهم "يُضيفون" إلى الثالوث، رابعا، كما هو واضح من بقية هذه الفقرة. وهذا فكر تجديفى بالطبع يتنافى مع وحدانية الجوهر، وتثليث الأقانيم.
[117] - أف14:2.
[118] - رو4:9.
[119] - خر 25:4، أش 13:46.
[120] - مت 16:16
[121] - قارن غل15:1، 16
[122] - رو5:9
[123] - كو8:2
[124] - لاحظ أن هذه العبارة ترجع على الأقل إلى النصف الأول من القرن الخامس الميلادى.
[125] - "أرمينيا العظمى التى للفارسيين". فى ذلك الزمان، كان شِطرا من أرمينيا خاضعا لدولة فارس. مثلما هو الحال الآن حيث هناك شِطرٌ من أرمينيا خاضعٌ لدولة تركيا.
[126] - يقول روبرت فينكس أن الأولمبياد 308 قد استمر من 453 م إلى 457م ومن ثمة يكون تاريخ اعتلاء مركيان للعرش، فى رأيه، سنة 450م خطأ. (أنظر هامشه91 ك2).
[127] - يعترض روبرت فينكس (فى هامشه 78 ك2)، على هذا التاريخ قائلا أن جلسات المجمع، كانت من 8 أكتوبر إلى أول نوفمبر سنة 451م. وهذه تقابل السنة 763 للسلوقيين. عن "أعمال مجمع خلقيدون" انظر:
Gaddis & Price, acts of the Council of Chlacedon, Liverpool ,2005
[128] - انظر مقدمة المترجم بروكس.
[129] - ويلفظه البعض جيسريك.
[130] - هذا الرجل، تلقى أيضا عدة رسائل من القديس ساويرس الأنطاكى. وقد ذُكِر أيضا أنه كان المهتم بالقديس ساويرس اثناء زيارته للقسطنطينية حوالى 508-511م.
[131] - Cubicularius.
[132] - ثيودسيوس الثانى
[133] - قال لى الدكتور صموئيل القس قزمان معلقا على هذا الرقم (أن المصادر القديمة قد أوردت أرقاما مختلفة لعدد الاساقفة الذين حضروا مجمع خلقيدونية. فيذكر ساويرس بن المقفع فى كتابىّ "المجامع" و"الرد على سعيد بن بطريق" أنهم كانوا 636، بينما ورد عددهم فى "مديحة للأنبا مكاريوس اسقف ادكو" أنهم كانوا 634. وقد نقل عنها المقريزى هذا الرقم فى "خططه". أما يوحنا النقيوسى [ق7م] فيذكر 645. ويقول ميخايل السريانى [المؤرخ، ق12م] انهم كانوا 300. وقال ليو اسقف روما [وصاحب الطومس الشهير بإسمه] فى رسالته 98 أنهم 520. وورد العدد فى كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية الصعيدية أنهم كانوا 500. ويبدو أن هذا الرقم الأخير هو الأقرب إلى الصواب). ثم يقدّم لنا رأيا له وجاهته فيقول (ولعل شهرة الرقم 638 ترجع إلى أنه ضعف الرقم 318 الذى هو عدد أساقفة نيقية للتدليل على قانونية خلقيدونية حيث كان مقررا عقد هذا المجمع أولا فى نيقية بدلا من خلقيدونية). العبارات ما بين القوس المربع من المعرب.
[134] - غنغرا. يقول المتن أنها بتيراس Gangra of Thrace، ويرى روبرت فينكس أنها خطأ من الناسخ فهى فى "بافلاجونيا بأسيا الصغرى"، ويرى الأب سى. صموئيل (مرجع سابق) أنها على الجانب الجنوبى للبحر الأسود. بينما تحددها المصادر التركية بأنها الآن مدينة شانيكرى شمال شرق أنقرة.
[135] - " ديوسقورس" الأول، هو البابا الخامس والعشرون فى عداد باباوات الاسكندرية، وكان المساعد الأول للبابا كيرلس الملقب بعمود الدين (البابا الثالث والعشرون فى عداد البطاركة)، ومن التواريخ الكنسية العامة نعلم أنه نُفى أولا إلى أماكن عديدة ثم انتهى به المطاف إلى هذه الجزيرة، حيث توفى فيها.
[136] - "جوفيناليس، يُلفظ أيضا بوفيناليس، ويوفينال، وكلها أشكال مختلفة، كما قلنا قبلا، لذات الاسم الواحد تبعا للهجة المحلية لكل كاتب أو ناسخ.
[137] -هناك خلاف حول لقب "ايبيرى" فكلمة "ايبيريا" فى المراجع هى بلاد اسبانيا والبرتغال حاليا. ولكن الاب سى. صموئيل(فى هـ 21) يرى انها جورجيا فى الازمنة القديمة. بينما نسبه روبرت فينكس تارة إلى القوقاز، وتارة أخرى إلى جورجيا. (أنظر: "التاريخ الكنسى لسقراتيس"، ك20:1، والهوامش هناك. للمعرب، (تحت الطبع).
[138] - أو المنطيقى
[139] - اى بعد بروتيريوس الدخيل الخلقيدونى.
[140] - يقول الأب فى. سى. صموئيل (فى هامشه83 من كتابه "مجمع خلقيونية ـ إعادة فحص" تعريب د/عماد موريس، نشر دار باناريون) أن هذه الكلمة يُقصد بها الحاجب الذى يظل حارسا عند الأبواب اثناء انعقاد اجتماعات المجلس الامبراطورى الأخرى. ويقول روبرت فينكس (نقلا عن LRE 571) أن هذا الشخص كان فردا فى جهاز داخل القصر الامبراطورى يتكون من ثلاثين موظفا يُشرِف عليهم ثلاثة decurions. [والـ decurions كان أحد أعضاء سينات المدينة، فى الامبراطورية الرومانية. وكان يتم إختيارهم من الطبقة الوسطى الثرية فى المجتمع. أنظر: History of the Later Roman Empire, Bury, J.B. Chapter 1.]
[141] - هنا يضيف النص، والفصل الثالث عشر يخبرنا عن تبوأ مركيان وعن مجمع الاساقفة الذين وفدوا إلى خلقيدون، وما حدث فى المجمع إلى الخطاب العام من الملك إلى الاساقفة. المترجم. ويقول المعرب واضح اذن أنه قصد "بالكتب الثلاثة عشر، الفصول الواردة فى هذا الكتاب الثالث. بينما يرى آخرون ومنهم روبرت فينكس أن هذا الجزء مفقود.
[142] - الصيغة الشرقية فى التعبير عن المبالغة.
[143] - وهى المجامع التى تعترف بها فقط، الكنائس غير الخلقيدونية، وهى مجمع نيقية المنعقد سنة 325م(بحضور318 أسقفا) ضد اريوس، والقسطنطينية الأول المنعقد ضد ناكرى الروح القدس سنة 381م(بحضور 150 أسقفا)، وأفسس المنعقد ضد نسطور سنة 431م(بحضور مائتى أسقف). أنظر صلاة التحليل بالقداس الباسيلى القبطى.
[144]- الكلمة الانجليزية الواردة هنا هى champion ومعناها الأول فى القاموس نصير أو مدافع. وقد ترجمها آخرون أيضا "متحمسا". ولكن الدكتور صموئيل تفضل مع الشكر بإبداء الملاحظة الآتية (وردت هذه الكلمة فى النص السريانى"أجونيستيس" وهى كلمة يونانية الأصل تعنى "مجاهد" أو "محارب". وهى إحدى معانى كلمة champion الواردة فى الترجمة الانجليزية. وفى الترجمة الألمانية وردت أيصا "مجاهد". ولذلك من الأفضل ترجمتها مجاهد. وهى تتوافق مع السياق عن كلمة نصير). وقد أخذتُ بهذا الرأى فى المتن عاليه.
[145] - ترجمها آخرون "ثقة بالنفس" ولم أرتح لهذا التعبير.
[146] - وتكتب أيضا من قِبِل البعض هيبا، وايباس. هو اسقف اديسا (435-458م) كان مشايعا للنسطورية، وتلميذا لتيودور الطرسوسى، وتيودور الذى من ميسوبوطاميا
[147] - يوسيبيوس، أو يوسابيوس، هذا اسقف دوريليوم. وهو ذاته الذى دعى إلى عقد مجمع مكانى فى القسطنطينية عام 448م لمحاكمة أوطاخى، وحرمه. وسوف نرى أنه صار أحد الذين يتمسكون "بطبعتين بعد الاتحاد" للسيد المسيح، ومن أبرز المشايعين للنسطورية.
[148] - "رؤوس كيرلس". هذه العبارة حسب النص الانجليزى بالمتن، ترد فى كتابات عربية أخرى "فصول كيرلس". ولا مانع، فى نظرى، من الإحاطة بالتعبيرات العربية فى لهجاتها المختلفة.
[149] - ورد هذا الاسم فى بعض الكنابات العربية "ماريس" و "مار".
[150] - أنظر هامشنا 83 آنفا.
[151] - تث19:16
[152] - يقول روبرت فينكس (فى هامشه 33) على هذا الكتاب، أن مسألة "إستدعاء نستوريوس" من منفاه "أسطورة" من المؤرخين غير الخلقيدونيين، لتأكيد العلاقة بين هرطقته وبين مجمع خلقيدون. فهذه القصة توجد لدى يوحنا روفوس، ولدى بار هادبشابا، وفلكسينوس. ولذا قام، كما يقول روبرت، ايفاجريوس [المؤرخ الخلقيدونى المعاصر لزكريا] بدحض هذه القصة، مؤكدا حسب روبرت على أن زكريا تجاهل الحرم المتكرر فى هذا المجمع لنستوريوس وأتباعه. بينما يورد روبرت فى نفس الهامش أسماء باحثين آخرين يرون أن القصة نشأت أولا فى مصر. من تحرك نستوريوس ابان انعقاد المجمع، وأن ذلك يدل، فى نظرهم، على أن مرقيان أراد حضور نستوريوس المجمع لإجباره على الخضوع لقرارته. ومن هؤلاء الباحثين، بافن(2007)، هوتباى(2009)، كويسنسكى(2007). ويخبرنا الدكتور صموئيل استاذ اللغة القبطية، عن الأصل المصرى لهذه الرواية، فيقول أنها قد وردت فعلا فى المصادر القبطية المتعلقة بمجمع خلقيدونية، خاصة المديحة الخاصة بالأنبا مكاريوس اسقف ادكو" والمنسوبة للبابا ديوسقوروس. وتربط هذه المصادر بين طومس لاون وبدعة نسطور.
[153] - الواحات، يقول المؤرخ ايفاجريوس المعاصر لزكريا البليغ، أنها كانت مدينة آبيس، بالواحات فى مصر العليا غرب النيل. وأيضا يرى الدكتور صموئيل، أن "تاريخ الكنيسة باللغة القبطية يورد قصة مقابلة نسطور للأنبا شنودة رئيس المتوحدين [هذا اللقب المشهور به فى الكتابات العربية المصرية للعصور الوسطى، كترجمة للنعت اليونانى "ارشيمندريت"، غير صحيحٍ رهبانيا، لأن "المتوحدين" ليس لهم رئيس. ولذا الأصح رئيس الرهبان. وخاصة أن الأنبا شنودة كان بالفعل "آبا" abbot ورئيس "كوينوبيوم" أى جماعة رهبانية تعيش حياة الشركة الجماعية. أنظر كلمتنا بمؤتمر الأنبا شنودة عميد الأدب القبطى،بدار بانريون سنة 2015 المعرب] انتهت بهلاك نسطور بواسطة ملاك).
[154] - يضيف هنا روبرت فى المتن نعتا لدورثيوس هذا بأنه كان مواطنا من مدينة ماركيانوبولس. ويقول أن يوحنا روفوس يقول أنه كان وثيق المعرفة لماركيان.
[155] - نلاحظ أن كلمة الاستفهام التى اوردها المترجم هنا هى What وليس Who.
[156] - يقول روبرت (فى هامشه 36) لهذا الكتاب، أن هذا المصير المأساوى الغامض قد ذكره أيضا ميخائيل السورى(ق12م) ويوحنا روفوس نقلا عن تاريخ البطريرك تيموثاوس ايليريوس الأسكندرى. ولكنه لم يستطع أن يعلق على الواقعة نفيا أو اثباتا. وله العذر فى ذلك لأن هذه الرواية ترد فى التواريخ الكنسية اللا خلقيدنية سواء القبطية أو السريانية أو العربية المترجمة عن أىٍ منهما.
[157] - واضح إذن أن رئيس المجمع كان يُعيَّن من السلطة السياسية الزمنية وليس له أية علاقة بأولوية مزعومة لكرسى ما. ومن ناحية أخرى نلاحظ أن الأصوات كانت مسألة شكلية بحتة على غرار المجالس السياسية فى البلاد ذات الحكم الشمولى فى أيامنا، حيث المجلس هو الرئيس وحده وكلمة الرئيس هى كلمة المجمع.
[158] - يقر هنا روبرت (فى هامشه53 على هذا الكتاب) أن هذا بالضبط ماقاله ديوسقورس طبقا "لأعمال" المجمع. ثم يقول نقلا عن باحثين أنه بينما كان ديوسقورس موافقا على عبارة "من طبيعتين"، إلا انه لم يكن موافقا بتاتا على صيغة "فى طبيعتين" بعد التجسد. وإذ يعتبر روبرت أن مجال العقائد، كما قال فى مقدمته، ليس من اختصاصه، لذلك أحال القارىء إلى مصادر أخرى للبت فى هذه المسألة. وله الشكر.
[159] - أى مضابط الجلسات بتعبيرنا اليوم.
[160] - بينما التعبير الأرثوذكسى الكيرلسى هو from two natures. أنظر فى ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الأبصلمودية القبطية السنوية، وكيف ركز الآباء فى الليتورجيات والتسابيح الكنيسة سائر العقائد الايمانية الجوهرية، ليتلوها الشعب يوميا. ففى ثيؤتوكية يوم الأحد نقول "واحد من إثنين[ أى من طبيعتين]، لاهوت واحد [لا تدنى فيه] قدوس بغير فساد[ رد على بدعة يوليانوس كما سنرى هنا، عندما يجعل جسد المسيح قابل للفساد]. مساوٍ [للآب] [فى الجوهر].
[161] - عن الإجبار على التوقيع، أنظر ما قاله يوستاثيوس اسقف بريتوس[بيروت] اسفله.
[162] - قدم بروك (فى هامشه رقم 4 ص 50) ترجمة هذه الجملة كما يلى: " الرجل الذى يتكلم عن طبيعتين فليُقطَع إلى اثنين" [ أى إلى نصفين].
[163] - Silentiarii جمع Silentiarius وهى عن كلمة يونانية، ثم إنتقلت إلى اللاتينية فالانجليزية، وكانت تُطلَق فى الامبراطورية البيزنطية على فئة من رجال الحاشية في البلاط الإمبراطوري البيزنطي، مسؤولة عن النظام ومراعاة الصمت في القصر الكبير في القسطنطينية. ثم في الفترة البيزنطية المتوسطة (ق 8م – الى ق11م) تحول إلى لقب بلاط شرفي. وبالتالى يمكننا ترجمتها برئيس الحجَّاب.
[164] - عن التعاليم الجوهرية الواردة بهذه الرسالة، والتى تؤكد فعلا كلام الأنبا زكريا اسقف ميتلين، بأنها كانت متسقة تماما مع فكر الآباء العظام أثناسيوس وكيرلس عمود الدين، انظر "مجمع خلقيدون، إعادة فحص"للأب سى. صموئيل"، مرجع سابق الذكر، ص 359-..
[165] - أى كلام البابا ديسقورس الأول، الخامس والعشرين فى العدد(444-454م).
[166] - مز22:22
[167] - طبقا للهرطقة الدوسيتية.
[168] - 2كو 9:8
[169] - "ما أعتقده" هنا ليس بمعنى ما أظنه أو ما أراه، ولكن بمعنى "هذه هى عقيدتى، التى أؤمن بها".
[170] - أى ديوسقورس
[171] - يقول روبرت فينفكس (فى هامشه 81 ص 63) أن اتيوس كان رئيس شمامسة القسطنطينية، وكان بمثابة رئيس كتبة primicerius [ وهى كلمة لاتينية الأصل، دخلت اليونانية لفظا، وكانت لقبا فى الامبراطورية الرومانية المتأخرة، والامبراطورية البيزنطية ويُطلَق عادة على رئيس قسم إدارى، واستخدمتها الكنيسة فيما بعد لنعت رئيس مجموعة من الزملاء]. وهكذا كان مسؤولا عن تحرير الوثائق المجمعية. وأنه اضطر- فى نظر روبرت هذا- للدفاع عن دقته بالنسبة للإجراءات ضد اوطاخي في 448م في أفسس. ثم يقول [معلقا بالطبع على إشارة زكريا البليغ التالية مباشرة] أنه لا يوجد أى ذِكر فى أى مصدر آخر- خلاف مؤرخنا هذا- يذكر واقعة ذهابه ليلا إلى ثيودوريت.
[172] - استخدم زكريا البليغ هنا، حسب الترجمة الانجليزية – على فرض دقتها – كلمة Symbol وهى تعكس دلالة ذات مغزى بالطبع ذى ذهن زكريا. إذ هو لا يعترف بتعليم الطبيعتين، لا "كعقيدة"، ولا "كتعليم"، فدعاه Symbol أى شِعار أو رمز. ولأن روبرت فينكس متعاطف ضمنيا –فى نظرى – مع الجانب الخلقيدونى، فقد أورد فى ترجمته فى المتن كلمة creed" of" أى قانون إيمان. مما يُثبت رأيى عن فِكر مؤرخنا هنا. ثم ذكر (فى هامشه 82 بنفس الصفحة)، أن كلمة creed هى بالسريانية swmbln، وباليونانية symbolon..!!.
[173] - "عليها" أى على الصيغة الخلقيدونية.
[174] - كانت غنغرا عاصمة لإقليم بافلاجونيا على الجانب الجنوبى للبحر الأسود (حاليا فى تركيا). وكان المقصود من النفى فى هذا المكان، قطع الصلة بين ديوسقورس وشعب الأسكندرية لصعوبة المواصلات إليها ولبُعد المسافة الشاسع. وهو ما لم يتحقق مثلما سنرى مع خليفته تيموثاوس.
[175] - يقصد الأنبا زكريا هنا "بغير الراغبين"، الرافضين "للشركة المقدسة " معه.
[176] - هذا السِفر أو الكتاب، عبارة عن لوح يُكتَب فيه أسماء آباء الكنيسة المكرَّمين الذين تُذكَر اسماؤهم جهرا فى مناسبات معينة قبل الدبتيخا. أى تشبه طلبات ذكر اشخاص معينين فى الصلوات السرية التى يذكرها الكاهن الخادم فى الليتورجية الآن عقب صلوات "القسمة". وواضح أن هذا الكتاب، أو فلنقل اللوح خاص بالأحياء. أما لوح الدبتيخا فخاص بالمنتقلين.
[177] - وكانت هذه المقاطعات ذاتها قد سبق أن أُعطِيَّت لكرسى أنطاكية فى مجمع أفسس الثانى عام 449م.
[178] - تذكر سيرة البابا ديسقورس بالعربية والسريانية المراسلات التي تمت بين ديسقورس وجوفيناليس الأورشليمي، عندما علِم الأول بموافقة الثاني على قرارات مجمع خلقيدونية، وذلك حتى يعيده إلى الصواب ولكن دون جدوى.
[179] - يقول الأب سى. صموئيل أنه هو نفسه الأمير نابارنوجينز أمير ايبيريا. الذى قدَّمه أبوه وهو بعد طفل صغير كرهينة للإمبراطور ثيودوسيوس الثانى. فنشأ فى القصر الإمبراطورى وحظى بحب الامبراطور والامبراطورة الكبير، ولما نما احتل مكانة سامية فى القصر، لكنه اعتزل المنصب وعاش فى قفار فلسطين وأسس مستوطنة رهبانية فى مرفأ مايوما فى غزة. وايبريا هى اليوم جورجيا. ويرى روبرت أنه أُرسِل إلى القصر حوالى سنة 420م.
[180] - إن كان زكريا البليغ قد اختصر سيرته هنا، إلا أن سيرته قد وصلتنا كاملة، وهى قيد التعريب والنشر بمشيئة الرب.
[181] - مدينة نابلس الحالية بفلسطين.
[182] - أنظر، مز1:78. ويخبرنا الدكتور صموئيل أن "مديحة مكاريوس الاسقف" السابق ذكرها، والذى كان مع البابا ديسقورس، تذكر أيضا بالتفصيل هذه المذبحة، وتقول أنهم كانوا يرنمون تسبحة "الثلاثة تقديسات". ويقول المعرب هنا أن مَن يُسرع من الخلقيدونيين ويقول أن هذه الرواية متحيزة لأنها ترد من مؤرخ رافض أو مقاوم لمجمع خلقيدونية، فليتفضل مكرَّما ويرجع إلى تاريخ سوزمينوس، على سبيل المثال لا الحصر، ويستعرض معاملات السلطة السياسية الرسمية للبلاد آنذاك للمخالفين لمذهب الملك.
[183] - السامريين هنا جماعة من اليهود.
[184] - أو النحوى.
[185] - كانت السفسطة ترتبط قديما بعلم الخطابة والبلاغة والنحو. ومن ثم كان السوفسطائى يُلَّقب بالبليغ Rhetorician أو الخطيب أو المنطيقى.
[186] - أى على غرار النسل البشرى.
[187] - "الدبتيخا" لوح كان يكتب فيه اسماء القديسين المنتقلين المعتبرين فى شركة الايمان الارثوذكسى الواحد حسب المجامع الثلاثة الأولى فقط. وهذا اللوح هو نواة طلبة المجمع فى الليتورجية القبطية الأرثوذكسية. وأيضا منه جاءت تشفعات "المجمع" فى التسبحة اليومية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية. أنظر الخولاجى المقدس، والأبصلمودية السنوية.
[188] - هذه الجملة هى هكذا فى النص الانجليزى، ولم يعلق على تركيبها المترجم، وهى غير واضحة. ولكن شكرا للدكتور صموئيل الذى أوضح لنا أنها ترد فى الترجمة الألمانية ما ترجمته هكذا " لا يجب على أى أحدٍ أن يوجه اللوم لهؤلاء الذين يسعون بإجتهاد لأن يهجوا الذين لا يظلون فى الترتيب الدقيق". وأرجو أن تكون هذه الترجمة الألمانية مُساعِدة فى التوضيح.
[189] - أى من سنة 13(أو 14)/7/ 443م. إلى يوليو 456م.
[190] - لفظها روبرت أيضا ماجوريان.
[191] - الأول. أو لاون كما يلفظه البعض بالعربية، الأول.
[192] - الثانى.
[193] - اورد بروكس هنا كلمة weasel وهى تعنى " ابن عرس"، ويقول زكريا كما سنرى فى ك1:4، أن جماعة بروتيريوس قد أطلقوه عليه من باب السخرية منه بسبب قصر قامته. غير أن البعض رأى أن اللقب "ايليروس" باليونانية يعنى قطة. ولكن الحقيقة نعت "قطة" فيه تدليل أكثر منه سخرية. ولذلك اتفقتُ مع بروكس فى ترجمته للنص السريانى هنا "بإبن عرس". وحدث أن أرسل لى الدكتور صموئيل القس قزمان فيما بعد، نسخة من ترجمة Ebied wickham لرسالة هذا البابا ضد تعريف مجمع خلقيدون للإيمان، فإذا به يذكر على وجه التحديد، (فى هامش 1، ص115) أن الكلمة اليونانية "ايليروس" مبهمة وغامضة، ومن العسير معرفة الحيوان المقصود، ولكنه بكل تأكيد - كما يرى هو- "ليس قطة" not a cat. ويأخذ بترجمة بروكس لها بابن عرس.
[194] - قدَّموا "طعنا"، المقصود هنا أنهم قدموا طعنا ضد بورتيريوس. والكلمة المترجمة طعنا هنا تتضمن أيضا التشهير به والقدح والذم. كما يتضح من الجملة التالية مباشرة.
[195] - المعروب فى الكتابات العربية بلاون بابا روما صاحب "الطومس" الخليقدونى المشهور بإسمه.
[196] - الملك.
[197] - أى ذو القلنسوة (أو القُبعة) المتأرجحة. ويذكر كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية أنه رغم كونه خلقيدونيًا كان مستقيم الإيمان ويحترم البابا تيموثاوس الإسكندري وكان بعض الأقباط يحضرون معه القداس ويتناولون من يده مما حدا بالبطريرك الملكاني أوتيخيوس أو سعيد بن بطريق بالادعاء أنه كان من حزب ضد خلقيدونية.
[198] - الامبراطور البيزنطى.
[199] - كانت الاسكندرية فى العصر الرومانى والبيزنطى قائمة بذاتها اداريا عن سائر مقاطعات مصر الأخرى. ولذلك كان يقال الاسكندرية و"مصر". ونلاحظ من الاقسام الادارية لمصر فى القرن الرابع والخامس أنه كانت هناك مقاطعتان بإسم مصر هما مصر الأولى( وكانت تشمل الصحراء الغربية المتاخمة لغرب الدلتا) ومصر الثانية( وتشمل الأجزاء الشمالية الغربية من محافظة دمياط وباقى شمال الدلتا حتى فرع دمياط شرقا). انظر الأب متى المسكين، القديس اثناسيوس الرسولى، 1981، ص 731.
[200] - هذه الكنيسة دُعِيَت هكذا، لأنها كانت معبدا وثنيا كبيرا لعبادة الامبراطور، وهو الذى قُتِلَت بجواره هيباتشيا الفيلسوفة سنة 415م. وتُعرَف أيضا بالكنيسة الكبرى، وكانت تقع فى شمال آجورا. أنظر روبرت فينكس(ك4، هـ 18).
[201] - تعود سيامة البطريرك بواسطة ثلاثة أساقفة على الأقل، إلى القانون الرابع من قوانين نيقية.
[202] - أى تيموثاوس.
[203] - هو البابا تيموثاوس الثانى (السادس والعشرون فى عداد باباوات الاسكندرية). وكانت سيامته سنة 457م.
[204] - هى حرفيا بالسريانية qebrarasarin عن الكلمة اليونانيةtaphosirion وهى تقع على مسافة خمسين كيلومتر فى جنوب غرب الأسكندرية، عند قرية ابو صير الحالية على بحيرة مريوط، وكانت حصنا رومانيا، أنظر، جروسمان بالموسوعة القبطية،1991م.
[205] - "قيّم الكنيسة" هنا المقصود به قيّم الكنيسة الخاضعة للبطريرك الخلقيدونى الدخيل.
[206] - هذا الراهب كان أب دير إناتون بظاهر الأسكندرية، وقد وصلتنا سيرته بالقبطية. وقد قام الدكتور صموئيل القس قزمان بترجمتها فى كتاب "اطلالات على تراث الأدب القبطى"، ص 317.
[207] - "الكنيسة التى تدعى Quirinian". يقول بروكس أنه لم يستطع أن يُخمن ماهيتها. أما روبرت فيقول(فى هـ 31 ص135) أنها كنيسة كويرينس Quirinus التى سمعنا عنها بالفعل أثناء هياج الأريوسيين سنة 339. ثم يرجح(نقلا عن آخرين) موقعها بأنه كان شرق المدينة.
[208] - Easter . ذكرها بروكس فى المتن هكذا صراحة وقال فى هامشه أنها حرفيا فى النص السريانى "عيد الفطير" وهى اشارة إلى "عشاء الفصح"paschal meal الذى مارسه يسوع المسيح ليلة الصلب. بينما ذكرها روبرت فى المتن "وحدث أن اقترب "أسبوع الآلام" Holy Week، وأشار أيضا إلى أنها حرفيا تعنى "وقت الفطير".
[209] - كلمة "الرومان" فى هذا النص لزكريا يقصد بها الجنودٍ.
[210]- A tetrapylon (باليونانية: Τετράπυλον، أى "الأربع بوابات")، وجمعها Tetraphylla، وهو نمط معمارى يُعرَف في اللاتينية باسم "quadrifrons" (أى "الأربع جبهات")، وهو نوع من النُصُب المعمارية الرومانية القديمة على شكل مكعب له بوابة فى كلٍ من جوانبه الأربعة. وكان يُشيَّد بصفة عامة عند مفترق الطرق.
[211] - الكلمة المستعملة هنا هى hippodrome "هيبودورم"، وتعنى مضمار (أى ساحة) سباق الخيل والمركبات التى تجرها الخيول، أو ساحة تدريب الفرسان وسباق الخيل. وكانت تقع فى جنوب غرب المدينة.
[212] - جورج الاريوسى، ويُعرف أيضا بجورج الكبادوكى، هو الاسقف الدخيل الذى عينه الامبراطور قنسطانطيوس الأريوسى على الاسكندرية سنة 357م. أنظر، القديس اثناسيوس الرسولى، الأب متى المسكين، 1981م، ص 51 .
[213] - أى الملك ليو الأول.
[214] - أو مرسوم. لقد وصلتنا، بالفعل هذه الدورية، وردود الاساقفة عليها (وكان عددهم نحو 65)، فى مجموعة باليونانية.
[215] - مت 19:28.
[216] - الكلمة السريانية هنا "كيانا"، ولذلك ترجمها بروكس nature وترجمها روبرت essence "جوهر". وسيان جوهر أو طبيعة المعنى هنا واحد.
[217] - أى المرض.
[218] - مت29:22
[219] - أى خطاب ليو أسقف روما.
[220] - هو البابا الأسكندري بطرس الثالث(477-489م) خليفة البابا تيموثاوس الثانى(455-477م).
[221] - هيرابوليس. هو الإسم اليونانى القديم لمدينة منبج الآن التى تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب بسوريا الحالية، على بعد 80 كم بالقرب من نهر الفرات. وكانت فى العصر البيزنطى نقطة التماس بين الامبراطوريتين البيزنطية والفارسية.
[222] - راهب من دير مار عجيبا بكاليكس.
[223] - أحد المطرودين فى اضطهاد يوستنيان سنة 530م.
[224] - هذه الأسماء يُوردها روبرت فى المتن هكذا "أولا ديوسقورس، ومن بعده تيموثاوس، ومن بعده بطرس وفيلوكسينوس المنبجى، وساويرس البليغ، رئيس كهنة انطاكية فى عمله "ضد النحوى"، ولدى كوزماس، وسيمون من لجينا، وفى رسالة الكسندريانس.
[225] - أى "طوم" ليو اسقف روما. الرد المسهب للبابا تيموثاوس الاسكندرى اللاخلقيدونى، قيد الإعداد بمشيئة الرب.
[226] - أننى أرى أنه فى عبارته هذه، أراد أن يظهر بمظهر المحايد، أو بالتعبير السياسى، أراد أن يرضى الطرفين.
[227] - ليس غريبا أن يظهر هذا النعت لوصف ملوك أو رؤساء معينين قى أى دين كان، عبر التاريخ حتى أيامنا هذه. إذن واضح أنها تراث شرقى عام وليس قاصرا على ابناء الفراعنة فقط.
[228] - ترى أية دموع يمكن أن نسميها هنا. اننى أعف عن وصفها، ولكننى لا استطيع أن امنع نفسى من التصفيق الحاد لإجادته فى القيام بهذا المشهد المسرحى الرائع.
[229] - مز 3:18 س. قارن مز 3:18 ط/بيروت. والذى يمكن تعريبه على هذا النحو" الشرير يسلك بإحتقار، حتى وهو فى هوة الشر".
[230] - واضح اذن البُعد السياسى أولا وقبل كل شىء الملتحف برداء الدين والغيرة على "شريعة" الدين!!. وهى عادة بشرية قائمة فى سائر الأديان والنُحل عبر الزمان وإلى يومنا هذا.
[231] - نسبة إلى بروتيريوس البطريرك الخلقيدونى الدخيل.
[232] - "نزل جرن المعمودية" هذه العبارة تدل من الناحية الأثرية على أن الجرن كان كبيرا وعميقا بما يسمح لإختباء شخص أو أكثر فيه. وهذا يعنى أيضا من الناحية الطقسية أن العماد كان بالتغطيس، على الأقل فى كنيسة الاسكندرية فى ذلك الوقت.
[233] - يقول بروكس (المترجم) أن العبارة هنا غير واضحة، ويقترح قراءتها كما يلى "قُتِل أكثر من عشرة آلاف وهم يحاولون انقاذه".
[234] - سبق أن ذكرنا أن القطر المصرى الآن، كان ينقسم إداريا إلى عدة أقاليم. فكانت الاسكندرية إقليما قائما بذاته وبإسمها، أما بقية أقاليم القطر المصرى فكان يُطلَق عليها "مصر". ومن ثم تعنى عبارة "عبر مصر" أى عبر منطقة شمال جمهورية مصر الحالية. أى عبر الدلتا وشمال سيناء.
[235] - أى طوال ساحل البحر الأبيض المتوسط، عبر فلسطين وسوريا الكبرى، التى دُعِيَت فى العصر العربى بلاد الشام. ومن مصادر أخرى نعلم أنه كان يسافر ممتطيا بغلة.
[236] - يوستاثيوس.
[237] - فى الواقع، قضاء اوكسينوس الليل مع تيموثاوس وحديثه عن النسطورية، قد فسره كل من الطرفين: الخلقيدونى واللاخلقيدونى حسب وجهة نظره. فإيفاجريوس المؤرخ الخلقيدونى رآه محاولة من الأول لإبعاد شبهة النسطورية عن مجمع خلقيدون، ليوافق تيموثاوس عليه. وأنا أرى ذلك معقولا بدليل حزنه وبكائه من رد تيموثاوس مما أشعره بخيبة رجائه. أما عن اتهام روبرت لزكريا الخطيب بأنه تصوَّر أن يوستاثيوس لا خلقيدونى، فليس له محل بتاتا إذ أن مؤرحنا عرض الموقف دون تعليق منه، ومن ثم رأى روبرت هنا غير صحيح. وكون أن هناك قصاصة يشهد فيها يوستاثيوس لمجمع خلقيدون كما يقول روبرت، فهذا لا يمس رواية زكريا من بعيد أو قريب، فهو يتكلم فقط عن استقباله لتيموثاوس، وفى رأيى ربما فعل ذلك من باب الدبلوماسية لكسب وده فيقبل خلقيدون، على غرار ما تفعله بعض الطوائف.
[238] - أيضا معلومة هامة فى تاريخ الطقس، وهى "زفة الطفل أو الشخص المعمَّد" اشارة كما نرى إلى "موكب الغالبين".
[239] - أى للأسقف الخلقيدونى سالوفاكيولس.
[240] - ان عبارة هذا الرجل توضح، فى نظرى، حقيقة أن الروحانية خاصية شخصية لصيقة بالانسان نفسه، وليس من الضرورى أن ترتبط بنزاع عقائدى أو انتماء لكنيسة معينة بذاتها. ومن المعروف، فى الأدب الرهبانى، أننا نقرأ ميامر مار اسحق ونُعجَب بها، رغم أنه غير أرثوذكسى، كما أننا لا نمانع من قراءة "الاقتداء بالمسيح" رغم أنه كِتاب لكاتب غير ارثوذكسى. ومن هنا كانت قاعدة "أنظر إلى ما قيل، وليس إلى مَن قال".
[241] - أى بدون العسكر الرومان.
[242] - تماما مثلما نرى استخدام الكنائس الخلقيدونية فى مصر اليوم (حسب التعليمات الصادرة لهم بذلك من روما) للكتب الطقسية القبطية المعتمدة من الكنيسة الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، وألحانها وطقوسها، ولكن مع دس الكلمات الخلقيدونية فى ثناياها، حتى لا يشعر البسطاء بالمحتوى العقيدى، ويبتلعون كما قال فلافيان" الأرغفة" الخلقيدونية دون أن يدروا.
[243] - من هنا كان السعى الشديد للكتّاب الكاثوليك لإثبات أمرين: أولا أن بطرس كان "رئيسا" للرسل !! ( وقد فند هذا الرأى بجلاء الأراخنة حبيب جرجس، وفرنسيس العتر، والقمص جرجس فيلوثاوس). والثانية، أن القديس مرقس كاروز الديار المصرية كان تلميذا لبطرس، وقد ردَّ على ذلك بشرح مستفيض مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث (فى كتابه "ناظر الإله الانجيلى مرقس الرسول..").
[244] - كيرسون أو خيرسون هى مدينة تقع حاليا فى جنوب اوكرانيا، على البحر الأسود ونهر دنيير.
[245] - أى الكتابات.
[246] - هذا الرجل خلاف القديس غريغوريوس النيصى الذى من آباء القرن الرابع الميلادى. ولا نعرف عنه شيئا، سوى أنه لُقِّب هنا بالخطيب.
[247] - هى مدينة هرموبولس بارفا بالدلتا، وكان احد الحاضرين فى مجمع أفسس الثانى ومجمع خلقيدون.
[248] - عدد17:20، مز27:4
[249] - اقتباس بتصرف من جا 16:7.
[250] - مز 3:142.
[251] - هنا ملاحظة جديرة بالإشارة إليها والتوقف عندها، وهى ترجع على الأقل إلى القرن الخامس الميلادى، وهى عبارة "على الصخرة التى لمعلمنا بطرس". وها هى ترجمتها عن السريانية كما وردت فى النص الانجليزى محل تعريبنا stand on the rock of our leader Peter Kepho . وكيف فهم الآباء عبارة "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابنى كنيستى" وليس stand on Peter the rock ، ولا تعليق. وتجدر الإشارة هنا إلى أن روبرت فينكس، عرض ترجمة هذه الفقرة بأسلوب كاثوليكى رومانى فصحَّف فى الكلمات مثل "أنت الصخرة" عكس ترجمة بروكس.
[252] - أى صفا.
[253] - أى الإيمان الصحيح كما قال توا.
[254] - أى الجحيم.
[255] - يو42:1 ، مت18:16.
[256] - قارن عب14:2- 18
[257] - 1كو11:3، 12
[258] - there are not two natures in one Son
[259] - there is one nature of God the Word, who became incarnate
[260] - He is clothed.
[261] - Quaternity، "رابوعا" باللغة العربية، على وزن "ثالوثا".
[262] - يو5:17
[263] - يو14:1
[264] - 1كو8:6
[265] - "الخيال" كانت بدعة منذ القرن الأول تعرف بالدوستية، تذهب الى أن المصلوب "شُبِّه لهم". انظر عن ذلك "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى"، مرجع سابق الذكر.
[266] - عب8:8.
[267] - فى 7:2
[268] - لو36:24- 43، يو19:20-27.
[269] - النيصى.
[270] - أى أخذ الجسد البشرى، المشبه بالعجين هنا.
[271] - يقول بروكس (فى هامشه 1 ص 96) أن هذا الاقتباس المنسوب إلى يوليوس الرومانى هنا، لم يرِد فى أى من اعماله الباقية، ولا المنسوبة إليه.
[272] - أى من طبيعة الهية
[273] - "بلا عقل بشرى".
[274] - البابا اثناسيوس الاسكندرى.
[275] - غل8:1، 9.
[276] - القديس امبروسيوس اسقف ميلان.
[277] - من الرسالة الفصحية السادسة.
[278] - consciousness.
[279] - البابا كيرلس عمود الدين.
[280] - عب 16:2
[281] - مر41:4
[282] - أى أنه بواسطة هذا الجسد أجرى "الكلمة المتجسد" الآيات، فعندما أقام ابنة يايروس من الموت بجبروت لاهوته، أمسك بيد جسده بيدها وأقامها.
[283] - يو48:6
[284] - قارن 1يو1:4 – 3، 2يو7 .
[285] - 2يو11:10
[286] - غل8:1
[287] - قارن، تى 10:3، 11
[288] - استخدم بروكس هذا المصطلح بالفعل والذى صار مألوفا فى الكتابات العقيدية، وهو يعنى "الطبيعتين" بالمعنى النسطورى. فى مقابل مصطلح "مونوفيزيت" أى الطبيعة الواحدة بالمعنى الأوطاخى. ومن هنا أسفر الحوار المسكونى الذى تم فى عهد البابا شنودة الثالث عن مصطلح ثالث للتعبير عن مفهوم الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية عن اتحاد الطبيعتين فى "الكلمة المتجسد"، وهو "ميافيزيت". عن هذه المصطلحات، أنظر كتاب تفسير انجيل متى، للقمص تادرس يعقوب، ص 256.
[289] - أى لاون فى الكتابات العربية كما قلنا سابقا، والمرتبط إسمه بمجمع خلقيدون المشؤوم، وطومس لاون.
[290] - هكذا ورد فى النص. ولكن على الصعيد الكنسى القبطى الارثوذكسى لا نعتبر تيموثاوس خليفة لبروتيريوس الدخيل، ولكن خليفة لديوسقورس. ونعتبر المدة ما بين وفاة ديوسقورس إلى سيامة تيموثاوس مدة شغور كرسى الاسكندرية اللاخلقيدونى، لإغتصابه بالسلطة الزمنية.
[291] - هو البابا تيموثاوس الثانى، الملقب ايلروس، السادس والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية .
[292] - دخيل آخر.
[293] - يقول بروكس (فى هـ3 ص 107) أنها وردت أيضا بالشكل Zenonis
[294] - واضح اذن أن الكنيسة كانت ألعوبة فى يد الحاكم الفرد وأنها لم تكن سلطة دينية بحتة لا علاقة لها بالسلطة السياسية الزمنية. فى بعض الأوقات كانت بإرداتها البحتة تُدخِل السياسة الزمنية فى ولايتها الكنسية. وفى البعض الآخر كان ذلك رغما عنها. وفى كل الأحوال لا يمكن اذن اعتبار ما تسمى "بالمجامع المسكونية" مجامع كنسية بحتة، وخاصة منذ خلقيدون.
[295] - هو البابا بطرس الثالت السابع والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية ، والملقب منجوس.
[296] - Henotikon . هو مرسوم أو اتفاق كان يهدف للوحدة بين أنصار وأعداء خلقيدونية لتوحيد الكنيسة مرة أخرى.
[297] - spatharius. كلمة يونانية تعنى حرفيا "spatha-bearer" وهذه كانت فئة من الحرس الخاص فى البلاط الامبرطور بالقسطنطنينية فى القرنين الخامس والسادس ثم صارت الكلمة بعد ذلك رتبة شرفية فى الامبراطورية البيزطية (عن موقع en-wikipedia). وواضح أن هذا دليل داخلى على أن عمل زكريا الخطيب يرجع إلى القرن السادس فعلا، أو أن المستندات التى نقل عنها كانت فعلا تخص الحدث المروى عنه.
[298] - ورد لقبه عند بروكس sophist أما روبرت فلقَّبه lawyer.
[299] - هكذا العبارة فى النص. ومعناها المحدد غير واضح حاليا.
[300] - master of offices
[301] - يقول روبرت فينكس (فى هامشه رقم17 لهذا الكتاب) أن هذه المكيدة لم يرِد ذكرها، فى مصدر آخر خلاف زكريا. ويعزو ذلك إلى كراهية زكريا لأكاكيوس!!. والواقع أن المشاعر الخاصة واضحة فى معظم هوامشه مما جعلتها غير علمية فى نظرى.
[302] - لاحظ هذا النعت لبولس الراهب، فى ضوء تلك الكتابات التى يحلو لمؤلفيها أن يصوروا الرهبنة القبطية على أنها رهبنة نسك وتقشف فقط لا غير.
[303] - فقط فى نظرها، أى فى نظر النسطورية.
[304] - حرفيا خطاب دورى. ولكننى أجد أن كلمة "منشور" أوضح. ومؤرخنا هنا يعرض مقتطفات من هذا المنشور، ولكن المؤرخ ابفاجريوس(الخلقيدونى) المعاصر له يُورد المنشور كاملا. انظر ترجمة "التاريخ الكنسى" لهذا المؤرخ، للمعرب(قيد الإعداد).
[305] - أى على جميع الكراسى.
[306] - أى فى القنسطنطينية.
[307] - انظر هامشنا السابق عن الدوسيتية.
[308] - لفظها روبرت "زنونيس"zenonis معتبرا هجاء نسخة زكريا خطأ.
[309] - يذكر بروكس (فى هـ2 ص117) أن هجاء إسم ثيودريت هنا خطأ، وأن صحته هو ثيودوتس، كما ورد فى نفس الفقرة بعد بضعة أسطر، وكما جاء لدى ايفاجريوس [المؤرخ الخلقيدونى المعاصر لزكريا] فى ك 6:3.
[310] - anachristo Novatian النوفاتيون، كانوا فريقا متشددا للغاية فى القرن الثالث الميلادى، كانوا يرفضون إعادة قبول المسيحيين الذين ارتدوا عن الإيمان فى فترات الاضطهاد. وهذا الفريق عاد إلى الظهور فى بداية القرن السادس وسبَّب المتاعب الجمة للقديس ساويرس الأنطاكى، وكان يطلب إعادة مسحهم بالميرون أى إعادة منحهم "سر التثبيت". أما البابا تيموثاوس ايللريوس والقديس ساويرس الأنطاكى فقد كانا يمثلان الخط المعتدل.
[311] - كلمة prefect من praetorian وهى تعنى ممثل الامبراطور البيزنطى فى المدينة العاصمة لقُطر ما من الأقطار الخاضعة للسيادة الامبراطورية. ولذلك ترجمتها هنا "بالوالى"، على غرار اللقب الذى كان يُطلق فى أزمنة الحكم العربى على ممثلى الخلفاء فى البلدان الخاضعة للخليفة (والى مصر، والى الشام ،...الخ.) وممكن أن تعنى أيضا "الحاكم". ويكتبها البعض فى المطبوعات الحديثة بلفظها اللاتينى "بريفكتوس".
[312] - عرفت الرهبنة الشرقية حالات رهبان كانوا يعيشون فى قلاية فوق عمود ولا ينزلون من عليه. ولكن هذا النوع رفضته الرهبنة المصرية. انظر عن ذلك، "الرهبنة القبطية: ما لها وما عليها"، مذكرات محدودة النشر، للمعرب.
[313] - "كما كان هكذا يكون". ما زالت ظاهرة تكفير السلطة الدينية للحاكم لإثارة الفتنة ضده، تتكرر فى بلاد الشرق عبر التاريخ حتى يومنا هذا رغم اختلاف الأديان وتعاقب الأزمان.
[314] - مز14:41، 15.
[315] - طبعا لم ينطلِ هذا على الاسكندريين لسبب بسيط أنه حتى الخلقيدونيين يعترفون بهذه المجامع الثلاث، ويحرمون نستوريوس ويوتيخس. ولكن الخلاف بين الشرق اللاخلقيدونى والغرب الخلقيدونى يبدأ من مجمع أفسس الثانى بصفة عامة، ومن مجمع خلقيدون بصفة خاصة. ومن هنا كانت دمدمة بعض الاسكندريين على الهينوتيكون أنه لم يحرم جهرا ومباشرة طوم ليو.
[316] - أى تيموثاوس سالوفاكيوس الدخيل.
[317] - سالوفاكيولس.
[318] - أى من أحد أديرة القديس باخوميوس بصعيد مصر، حيث كان رهبانه يعرفون بالطبانسيين نسبة إلى مدينة طيبة. أنظر "التاريخ الرهبانى.." للمعرب، نشر دار باناريون، ديسمبر 2013م.
[319] - يعلق روبرت وآخرون على هذه العبارة فى ترجمتهما، بأنه قد كشف عِلم الملك بمؤامرتهما ليوليوس. ويرى أن الاسم يوليوس خطأ وصحته ايللوس والذى كان فعلا منافسا لزينو زمنا طويلا. (أنظر هامشه 104 ، ص 104).
[320] - سالوفاكيوليس الدخيل
[321] - "البريفكت". أى والى أو حاكم، كما قلنا(أنظر هامشنا رقم 310 هنا).
[322] - هكذا وردت فى الترجمة الانجليزية، ولكن واضح أن ضميرا هنا قد سقط، وأن الكلمة هى "سيعطيه"، وبذلك تستقيم الفقرة.
[323] - أى اتباع بروتيريوس الدخيل الذى عينه مجمع خلقيدون محل البابا ديوسقورس.
[324] - "الرؤوس" أو "الفصول" فى ترجمة أخرى.
[325] - أو يمكن ترجمتها هكذا "فعندما تصله اخبار صلواتكم ومديحكم، لن يخزينا فى أى شىء نطلبه منه بصواب، بل سيكون مستعدا لتلقى طلبتكم وأن يهب لكم سؤلكم".
[326] - أى يظنون أن التجسد خيالا، وهى الهرطقة المعروفة بإسم "الدوسيتية"."أنظر عن بدعة الدوستية، "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى"، السابق الذكر.
[327] - هذه الجملة الأخيرة حرفيا هى "وتكونون موضع توصية من قِبل امتيازاتنا الضريبية". أى الوعد بمنح اعفاءات ضريبية كما نقول نحن فى أيامنا هذه. ولكن روبرت فينكس قرأها فى (ص201) هكذا "وتتمجدون فى الامبراطرية". وأنا اميل الى قراءة بروكس هنا لأنها تعكس نوعا من إغراء أو تشجيع الشعب على القبول. وهذا اسلوب سياسى معروف حتى اليوم.
[328] - يجب الوعى جيدا، أن "عِلمانيا" فى الكتابات المسيحية باللغة العربية، ليس لها أية علاقة من قريب أو بعيد بالمفهوم السىء لدى البعض فى مجال التنازع السياسى. لكنها تعنى فى هذه الكتابات "الشخص غير الحائز على أية رتبة من رتب الكهنوت".
[329] - "الشركة" fellowship أى حياة الشركة المجمعية بين إخوة الإيمان والمعتقد الواحد، والمُعَبَّر عنها بالاشتراك فى التناول.
[330] - أى البابا بطرس، بابا الاسكندرية.
[331] - يقول المترجم هنا، أن الكلمة الواردة تعنى حرفيا "الزانى" إشارة إلى أنه يشغل الكرسى على نحو غير شرعى. ويقول المعرب أن ذلك طبعا فى نظره هو كخلقيدونى. ومما يؤكد رأى المعرب، السطر التالى مباشرة الذى يصف فيه القديس "كيرلس عمود الدين"، "بالغبى"!!!.
[332] - الكلمة هنا تعنى خدمة الليتورجية.
[333] - ويلفظها البعض أيضا سيلستين.
[334] - الضمير هنا فى الخط الانجليزى يعود إلى السيد المسيح له المجد.
[335] - قارن، تاريخ ايفاجريوس اسكولاتيكوس،16:3. Trans. By: Michael Whitby , Liverpool University Press, 2000
[336] - ترجمها روبرت "المُشرِق".
[337] - أى الامبراطور.
[338] -أورد بروكس فى ترجمته للأقنوم هنا "Person" أما روبرت فقد ترجمها " in a single hypostasis" واتفق الاثنان على عبارة body and has made from two .
[339] - اش 1:25.
[340] - اش 4:60.
[341] - مز14:115، 15.
[342] - من الواضح، سقوط كلمة هنا تقديرها إلى غبطتكم أو تقواكم، أو شخصكم، أو محبتكم. كما هو معتاد فى الرسائل كما رأينا من قبل.
[343] - ـ spatharius. أنظر هامشنا سابق الذِكر رقم 284
[344] - انفصلوا عن "الشركة" معه، تعنى هنا الامتناع عن تناول السرائر المقدسة معه، أو منه.
[345] - الواقع أن اسباب انفصال بعض الرهبان عن الشركة مع بطرس الأسكندري، هى أن الاعتراف بالمجامع الثلاث الأُولى لا يعنى، ولهم كل الحق فى ذلك، حرم مجمع خلقيدون و"الطوم" بالذات. فالخلقيدنيون يزعمون أنهم ليسوا فقط يعترفون بها، بل وأيضا حافظوا عليها. وذهب بعضهم إلى أن ليو الرومانى أسقف روما قد صحح "أخطاءً " للقديس كيرلس عمود الدين.(أنظر مثلا هوامش روبرت فنكس!! فى أكثر من موضع بكتابه سابق الذكر.). وعن ايجابيات وسلبيات مجمع خلقيدون، أنظر: الأب فى. سى. صموئيل، مجمع خلقيدون، إعادة فحص" تعريب د/عماد موريس. دار باناريون.
[346] - أنظر هامشنا سابق الذكر رقم 301 بالكتاب الخامس هنا.
[347] - نُذكِّر هنا أن "ارشيمندريت" لا تعنى – كما هو دارج- "رئيس متوحدين"، لأن المتوحدين بحُكم نعتهم هذا ليس لهم رئيس. ولكنها تعنى فى أصلها اللغوى، رئيس جماعة رهبانية تعيش حياة مشتركة. أى بتعبيرنا اليوم "رئيس دير". أنظر عن أصل هذه الكلمة وتطور معناها الديرى، كلمة المُعرِّب بمؤتمر الأنبا شنودة [الأخميمى] عميد الأدب القبطى، بمركز باناريون، سبتمبر 2013م.
[348] - أى على القوات العسكرية، حيث كانت الغلبة للرومان.
[349] - كان اسقف قيصرية، انظر ك1:7 بعده.
[350] - لو21:10
[351] - واضح انه اقتباس بتصرف حر من اش 23:44 أو اش 13:49.
[352] - قارن، باروخ 36:3- 38,
[353] - عب 16:2-
[354] - غل 8:1 ،9.
[355] - سنة 802 لليونان، هى490/491م. ويقول روبرت فينكس( فى هامشه 80) أن زينو مات فى 9 أبريل سنة 491م.
[356] - أى فى يوم "خميس العهد" بتعبيرنا الآن. وكان ذلك حسب رأى روبرت فينكس فى 11 أبريل سنة 491م.
[357] - عن المقصود بالسنة الخامسة، انظر مقدمة المعرب. وهى 512م
[358] - حرفيا "التى لبسِت".
[359] - سنة 829 لليونان هى 517/518م، وتاريخ الأولمبياد صحيح (حسب هـ 3 ص 227. روبرت).
[360] - يقول روبرت فينكس(فى هامشه رقم 4 ص 228) أن زكريا اعتاد استخدام الكلمة اليونانية autokrator للتعبير عما ندعوه الامبراطور هنا، بدلا من الكلمة السريانية malka, .
[361] - عن هذه الدورة انظر حساب التواريخ فى مقدمة المعرب
[362] - نلاحظ فى هذا العمل، أن العادة التى كانت سارية، هى التعبير عن "اسبوع الآلام" كما نسميه نحن اليوم، بالأسبوع الكبير أو "الأسبوع العظيم"، وكانوا يُطلقون على أيام الأسبوع أعدادا وليست أسماءً كما نفعل نحن الآن. فيقولون: اليوم الأول من الاسبوع، أو اليوم الرابع من الاسبوع .. وهكذا.
[363] - Decurion. يجب عدم الخلط بين هذه الكلمة بمفهومها الادارى، وبين ذات الكلمة بمعنى (ضابط فروسية فى الجيش الرومانى). الكلمة هنا تعنى عضوا في مجلس شيوخ مدينة في الإمبراطورية الرومانية. وكان اعضاء هذه الفئة يُختارون من طبقة curiales التي كانت تتألف من المواطنين الأثرياء في مجتمع المدينة. وكانوا الشخصيات السياسية الأقوى على المستوى المحلي. وكانوا مسؤولين عن العقود العامة، والطقوس الدينية، والترفيه، وحفظ النظام، والاشراف على جمع الضرائب المحلية.
[364] - silentiary يعطينا الاب ف. سى. صموئيل فى كتابه "مجمع خلقيدون اعادة فحص"(ص 225 هـ 83)، تعريفا لهذه الكلمة يقول فيه أنه كان "الحاجب الذى يظل حارسا عند الابواب اثناء انعقاد المجلس الامبراطورى أو أثناء اجتماعات الامبراطور الأخرى". ويقول موقع (en-wiki) أن هذه الكلمة تشير إلى جهاز فى ايام الامبرطورية البيزنطية كان يتكون من ثلاثين عضوا تحت اشراف ثلاثة من الـ decurion. وهؤلاء الأخيرون كانوا المشرفين الاداريين من الطبقة السياسية العليا.
[365] - مدينة تقع فى ألبانيا الحالية.
[366] - [فقد حدث ما يلى]. هذه الكلمات بين القوسين، ليست فى النص السريانى، ولكن لابد أن تفهم هكذا. المترجم بروكس.
[367] - هي حاليا "ديار بكر" ، وهى أكبر مدينة في جنوب شرق تركيا وهي العاصمة الإدارية لمحافظة تحمل نفس الاسم تقع على ضفاف نهر دجلة، على موقع مدينة أميدا الأثرية.
[368] - Church scholastic of the
[369] - أى معتمدة وسارية بتعبيرنا اليوم.
[370] - ويلفظه آخرون أوفيمويوس.
[371] - هو البابا بطرس منجوس، البابا السابع والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية .
[372] - apokrisiarioi.
[373] - إيساوريا isauria، هى إقليم روماني جبلي في دواخل جنوب الأناضول. وسكانه قديما، كما وصفهم الكتَّاب القدماء، كانوا قوما محاربون همج وغير أشداء. ثم احتلهم القائد الروماني بوبليوس سيرفيليوس إيساوريكوس في بداية القرن الأول قبل الميلاد وبلادهم مع عاصمتهم إيساوريا بالايا أصبحت ضمن إقليم غلاطية، ثم أصبحت لاحقا مسقط رأس الإمبراطور زينون البيزنطي الذي كان عهده يُعرَف بالعهد الإيساوري. وهذا هو سبب الهبات التى كان يُنعم بها عليهم. وقد انطمست عواصم هذا الشعب ولكن تم اكتشاف عملات ونقوش ترجع الى عهد هذا الجنس
[374] - هذه معلومة تحتاج إلى توثيق من التاريخ المدنى العام لبيزنطة آنذاك، ولما كان موضوع انشغالى هنا هو فقط التاريخ الكنسى، فإننى سأعبر عليها الآن. فقط أريد أن أقول أنه فى عالم السياسة، كما على مستوى الأفراد الأشرار، من الممكن أن يكون ذلك ادعاءً منهم هم لكسب أقصى ما يمكن كسبه من كلا الطرفين. ويدعم ذلك قولهم هم أنفسهم أننا كبربر [ودعنى أقول كبدو، لأن هذه فى الواقع هى سمات البدو كافة سواء أكانوا من الهُون أو من العرب أو من الأفارقة] أننا نعيش على سلاحنا وقوسنا. وفعلا حتى اليوم ورغم تدين هؤلاء البدو بالإسلام حاليا، مازال الكثيرون منهم يتسمون بالفظاطة والسلب والنهب والابتزاز بالقوة والسلاح، دون شبع.
[375] - مدينة أثرية سورية تقع أطلالها على مسافة حوالى 60 كم شمالى محافظة حماة. وتنطق أيضا "افاميا".
[376] - يضيف هنا روبرت اسم جبرائيل. مما يشير الى انه اعتمد على نسخ اخرى خلاف تلك التى اعتمد عليها بروكس.
[377] - يسميه روبرت كافاذ Kavadh .
[378] - steward. فى الواقع هذه الكلمة لها على الصعيد اللُغوى معانى عِدة منها: مُشرِف، مُضيف، مُتعهِد، وكيل، قهرمان، مدير مالى، وكيل أعمال. ولكن أُصطُلِح على ترجمتها "بالخازن" فى المجال الديرانى فى الكتابات العربية. وهذا ما أخذتُ به عاليه.
[379] - لا أظن أن هذا تفسير زكريا البليغ. وفى نفس الوقت لا استطيع الجزم، هل هذا ما سجله المؤرخ الأصلى للخبر أم هذا تعليق متأخر. فاننا سنرى بعد قليل أنه لما دخل المدينة، أجرى فيها مذابحًا، ولم يكتفِ بقتل المحاربين فقط، ودخل الكنيسة. ولما رأى "صورة جليلى" سأل عمن تكون. فلما قالوا له أنه السيد المسيح، قال أن: هذا هو الذى ظهر لى وأمرنى بالاستيلاء على المدينة!!!. وهذه رواية تتكرر فى سائر حروب الشرق عبر التاريخ سواء قبل الأديان (كما مع الاسكندر وعرافة سيوة) أو بعد الأديان، وحتى يومنا هذا.
[380] - tripyrgian باليونانية.
[381] - "باراى" أو برعاى.
[382] - اى رحمة.
[383] - هكذا كتبها بروكس، أما روبرت فينكس فقد كتبها Aglon.
[384] - أنظر هامشنا 83 هنا.
[385] - حسب هجاء بروكس، أما روبرت فينكس فكتبها بالشكل Akhare ودعاها قرية بدلا من مدينة مثل بروكس.
[386] - حسب هجاء بروكس، أما روبرت فدعاه جادانا Gadana.
[387] - يقول بروكس (فى هامشه 1 ص 162) أنها ربما تعنى "قطيع الغنم". ويقول روبرت فينكس(فى هامشه 84 ص ) أن الكلمة السريانية هنا هى epta ra'en ولم ترِد فى موضع آخر. ثم يقول أن هونجمان يرى أن موضع هذا المكان كان يقع على مسافة عشرة كيلومترات جنوب غرب آميدا.
[388] - المؤرخ اليهودى الذى عاصر خراب اورشليم الأخير فى حوالى سنة 70م. وسجل ذلك بالتفصيل، فى كتابه الشهير "العاديات اليهودية"، انظر عن ذلك، ترجمته للمعرب(قيد الطبع).
[389] - لا اعرف هذا التفسير الغيبى، هل هو من زكريا أم من المحرر الأول للخبر، حسبما قال زكريا فى تمهيده انه اعتمد على مستندات ووثائق.
[390] - واضح الأثر الشرقى القديم فى محاولة ارجاع النصرة أو الهزيمة إلى القوى الغيبية، سواء قبل الأديان أو بعد الأديان فإذا انتصرت الدولة كان ذلك لأن الله راضِ عنها، وإذا انهزمت كان هذا يعنى أن الله غاضبٌ عليها. بل أننى قد سمعتُ بنفسى، فى أيامنا هذه، أحد المتأملين الروحيين، فى تأمل له فى آية من آيات الكتاب المقدس، يردد نفس الفكر عند حدوث أى اضطهاد للكنيسة!!. ولا يسمح لى الموضوع هنا بالتعليق المستفيض على هذه النظرة.
[391] - آدون Adon. أو عدون حسب لفظ آخرين.
[392] - الـ "كراتيون" keration يعادل 1/24 من السوليدسsolidus . وهذا كان الأجر الشهرى العادى للعامل غير الماهر، وبذلك كان يمثل أجرا كبيرا جدا. أنظر: روبرت فنكس، مرجع سابق الاشارة اليه، هـ 109.
[393] - الرجل هنا، مقصود به الاسقف، كما سنرى من النصف الثانى للجملة.
[394] - وردت فى ترجمة بروك فى صيغة المفرد، وإذ هى تعود على الملاحظين فقد صححتها إلى صيغة الجمع. وبالفعل هذا ما عمله أيضا روبرت فينكس.
[395] - تُعرَف فى الآثار بالآبار الرومانية. أنظر عن ذلك الباب الثانى من رسالة الماجستير، للمعرب، (على مواقع البحث الآلى).
[396] - واضح أن الإشارة هنا إلى الاسقف.
[397] - لاحظ هنا طقس سيامة الكاهن آنذاك. وهو ما يوجد الآن فى سيامة الشمامسة حيث يُقَص بعض الخصلات، بدلا من الحلق الكامل، كما هنا.
[398] - قرأها روبرت "توماس بار عبديا من "ريش عينا" Thomas bar 'abdiya from resh'aina. ويقول تعليقا على resh'aina أنها هى مدينة ثيودوسيوبوليس Theodosiopolis القديمة، في أوشرون Osrhoene. ويقول المعرب أن أوشرين أو أسروينا هى إديسا، أو الرها. وهذه المملكة القديمة كان بعضها يقع فى زمام سوريا الحالية، وجزء آخر منها يقع فى زمام تركيا الحالية. أما resh'aina (وهى "ريش عَيْنَا") بالسريانية الآرامية (أو الآشورية)، فهى إسم البلدة المعروفة حاليا "براس العين" الوقعة فى شمال محافظة الحسكة بسوريا الحالية على الحدود مع تركيا. وجدير بالذكر أنها حملت أسماءً عديدة عبر التاريخ(من كابارا فى العهد الآرامى، إلى غوزانا فى العهد الأشورى، ورازينا أو رسين وثيودوسيوبوليس فى العصر الرومانى، ثم ريش عينا التى تعنى بالأشورية راس العين، وهو إسمها الحالى).
[399] - "القديس توماس". ظل أسقفا إلى أن طُرِد سنة 519م، ومع ذلك لم يُقبَض على يوحنا هذا آنذاك. وظل منفيا طوال سبعة عشر سنة. وتوفى فى حوالى 539م أو 540م.(أنظر هـ 119 ص 133) لروبرت فينكس.
[400] - ترجمها روبرت، هذا الوفى.
[401] - وردت الكلمة هنا فى ترجمة بروك suffragan، ولكن روبرت فينكس كتبها "خورى ابسكوبس" chorepiskopos. والواقع أن الكلمة التى استخدمها بروكس تعنى حسب التسلسل الهيراركى للكنيسة الكاثوليكية، وكذا كنيسة انجلترا (أسقف مساعد، تابع لأسقف العاصمة[ وطبعا أسقف العاصمة هو رئيس الأساقفة، أو البطريرك بتعبيرنا اليوم] أو أسقف الأبرشية [أى المطران]. وبإختصار، تكون كلمة بروك هنا أصوب – فى نظرى – من كلمة روبرت فينكس حيث أن الخورى ابيسكوبس تعنى أساسا اسقف الريف، وعمليا رتبة أدنى قليلا من أسقف. وهذا ما لا يتفق مع "مدينة" منشأة جديدا.
[402] - بينما يستخدم بروكس بكل وضوح فى ترجمته للنص عبارة "فى المنفى"، يترجمها روبرك فينكس "عاش كغريب فى مواضع شتى". وحذف جملة "أرسله إلى بيرية" ووضعها (فى هامش 118 ص 133)،
[403] - أى حلب Aleppo بسوريا.
[404] - أضاف روبرت فينكس هنا عبارة "بدون أن يغير إيمانه" أى أن يغير اعتقاده فى مجمع خلقيدون، الى أن توفى عندما صعد خوسرون على أنطاكية".
[405] - تأمل فى هذه العبارة الواردة بعمل زكريا الذى يرجع إلى القرن السادس الميلادى، بما نردده فى القداس الإلهى على لسان الكاهن فى "أوشية الراقدين"عُلهُم في موضعِ خضرة. علي ماءِ الراحةِ في فردوسِ النعيمِ". وكذا عب3:4.
[406] - ويلفظه البعض أيضا مقدونيوس.
[407] - أى 19:32.
[408] - لو2:12.،3
[409] - كتبها بروكس بالهجاء الذى فى المتن، أما روبرت فكتبها هكذا Akoimetai. أى "دير الذين لا ينامون". وكانوا جماعة رهبانية ترفع صلوات إلى الله بلا انقطاع وفقا لنظام صارم. وكانوا مؤيدين بشدة لمجمع خلقيدون – حسبما يقول روبرت فينكس(فى هامشه 124 ص 134)، ولذلك لا يستغرب من لهجة زكريا البليغ العدائية نحوهم، حسبما يرى. وفى منتصف القرن الخامس الميلادى أسسوا ديرًا لهم خارج القنسطنطينية ذاتها، عند إيرنيون Eirenaion على البوسفور.
[410] - أنظر عن هذا الأمر بالتفصيل كتاب "المربى" للقديس اكليمنضس الأسكندري.
[411] - وهو تيودر الطرسوسى، كما هو معروف، والذى كان أبو الفكر النسطورى.
[412] - هو ثيودريت الذى من مسوبوتوميا. وربما يقصد بعمله المشار إليه هنا، العمل المعروف بإسم Eranistes والذى يرجع بالفعل إلى سنة 448م، قبل مجمع خلقيدون بقليل. وهو يحتوى على 238 إقتباس من 88عملٍ وشملت هجوما على تعاليم أوطيخا. أو ربما العمل المسمى Pentalogos والذى تتضمن هجوما على قرارات مجمع أفسس وبصفة خاصة هجوما على القديس كيرلس عمود الدين، وهذا العمل لم تصلنا منه سوى قصاصات، حيث أنه قد حُرِم فى مجمع القنسطنطينية المنعقد سنة 553م.
[413] - هذا هو أسلوب الهراطقة منذ بداية المسيحية وحتى اليوم. حيث ينسبون هرطقاتهم إلى آباء الكنيسة المشهورين لينخدع بها بسطاء المعرفة. مثل الأسماء المطلقة على الأعمال المنحولة، أى المزيفة المنسوبة، للرسل "كإنجيل برنابا" المزعوم. وقد اشتكى القديس ساويرس الأنطاكى نفسه مرارا من تزييف أعماله. وهذا يجعلنا نحترس بشدة عند التعامل مع أى مخطوطة مهما كان عنوانها، أو تاريخ نساختها، والتحقق أولا من صحة نسبتها إلى مؤلفها عن طريق الأدلة الداخلية، والفكر العام المعروف عن هذا المؤلف. خاصة وأن مثل هذه المخطوطات الهرطوقية قد تسللت إلى أديرتنا فى فترات بساطة بعض الرهبان المعرفية فى وقت ما أو آخر، حسبما شهد بذلك طيب الذكر البابا شنودة الثالث.
[414] - هذه اشارة هامة فى تاريخ الطقس. ويمكن الرجوع اليها بالتفصيل فى كتاب "مجمع خلقيدونية، إعادة فحص" مرجع سابق الذكر.
[415] - الكلمة فى الانجليزية تعنى الخاص بهم.
[416] - أم 1:21، حسب الترجمة اليسوعية.
[417] - [يوم] "الاستعداد".
[418] - Hebdomon. كانت إحدى ضواحى القنسطنطينية على ساحل بحر مرمرة. وكان بها معسكر لتدريب الجيش، وتُعرف حاليا بإسم باكيركوى بالجانب الأوربى من استنابول، بتركيا الحالية.
[419] - ملاحظة تاريخية هنا جديرة بالإشارة إليها، فرغم أنها من القرن السادس أو الخامس، لكنها تردد أصداء الأسلوب الرهبانى للقرن الرابع. وهو اطلاق لقب "أخ" على كل راهب غير كاهن، واقتصار لقب "أب" على الكاهن والمسؤول الإدارى. وها نحن نلاحظ هنا فى هذا الوصف التاريخى، ان سمعان الراهب يقول عن الرهبان "بعض الإخوة". عن مدلول "أخ" و"شيخ" فى الحياة الرهبانية الأولى، أنظر:"دير السيدة العذراء، براموس. تاريخيا وأثريا وفنيا". رسالة ماجستير للمعرب. التمهيد.
[420] - غنى عن القول أن "مار باتريك" بالسريانية تعنى "السيد" باتريك.
[421] - "لئلا يدخل أحد من الرهبان". لفهم هذه العبارة أنظر هامشنا السابق رقم 389.
[422] - لاحظ هذ الكلمة ، وتعريف مجمع خلقيدون.
[423] - هنا لنا وقفة عقيدية هامة. لقد كان هذا الرجل تبعا للسرد التاريخى لحياته نسطوريا قحا يعيّد بتذكار نسطور سنويا، ويُجبِر الرهبان الذين تحت ولايته من على عمل ذلك. إذن لم يكن الخلاف معه منذ البداية خلافا حول قبوله أو عدم قبوله لمجمع خلقيدون. ومن ثم عندما يتماحك فى هذه العبارة بهذا المجمع، لهو دليل كافِ على أن النساطرة قد وجدوا فى هذا المجمع انتصارا لرأى نسطور. وهذا ما سمعناه أيضا من نستوريوس فى تعليقه على هذا المجمع.
[424] - لعل المقصود هنا كرسى الأسقفية.
[425] - احدى قطع الملابس الكهنوتية. انظر: اللالىء النفيسة فى شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة.
[426] - هذه العبارة تتفق بالفعل مع طقس القداس البيزنطى حيث يدعو الشماس، وليس الكاهن كما فى الطقس القبطى، الشعب لبدء الصلاة.
[427] - اى اسم ماكدونيوس.
[428] - يقدم لنا روبرت ترجمة لهذه الفقرة أوضح (وعندما قرأ الشماس الطلبة [= الأوشية عندنا]، وأُحتُفِلَ بالسرائر [الإلهية] بدون ذِكر اسمه، وبدون الدعاء من أجله فى الدبتيخا).
[429] - أى أرسل الملكُ الحاكمَ ليُنفِذّ الأمر بنفى مدير الخدمات.
[430] - يقول روبرت فى (هامشه 165) أن ماكدونيوس قد نُفِى إلى يوخايطا. وهذه كانت منفى سلفه يوفيميوس. ومن ثم لعل هذا هو ما كان فى ذهن سيمون كاتب هذه الرسالة.
[431] - يذهب المؤرحون الخلقيدونيون، كما سنرى بعون الله فى اصدارتنا قريبا، إلى أن سبب ترحيله ليلا كان فى الواقع الخوف من هياج الشعب ضد الامبراطور نفسه حيث كان يحظى(أى ماكونيوس) بتأييد شعب القسطنطينية!!!. وطبعا لو صح هذا فإن سؤالا سيثور عندئذ هل كان الشعب نسطوريا حينئذ؟, أم أنه كان لا يعى مفاهيم الاسقف الحقيقية، وهذا هو الاكثر احتمالا.
[432] - أنظر هامشنا رقم 211 سابقا.
[433] - أى مع التقرير الذى قدمه.
[434] - ويكتب ايضا بالشكل هيباس ، و ايباس .
[435] - هذا السطر من المعرب للتوضيح.
[436] - God-honouring . أو "المفتخر بالله". وفى قاموس الكتاب المقدس يعنى "عابد الله".
[437] - chartularius. هذه الكلمة تعنى محاسب فى مكتب الحاكم، كما يقول روبرت فينكس. ولكن من الممكن أن ترد أيضا بمعنى سكرتير أو كاتب.
[438] - نقطة مفيدة فى تاريخ الطقس. وإن كانت محل جدل من ناحية التاريخ والمكان الذى برزت فيه. على أية الأحوال من الثابت أنها أضيفت فى أو عقب الجدل الأريوسى. وجدير بالذكر أن خلافا قد حدث بين الأسكندرية وانطاكية من جهة وبين القنسطنطينية من جهة أخرى بشأنها. فبينما كانت الأسكندرية توجهها لله الكلمة المتجسد، ومن ثم تمجد صلبه وقيامته، كانت القنسطنطينية توجهها للثالوث، ومن ثم رفضت الاضافة.
[439] - أنظر هامشنا 211 هنا.
[440] - أى 512م.
[441] - "العصر الأنطاكى" The antiochene eraأو التقويم الأنطاكى The antiochene calener كان إحدى طرق التقويم التاريخى التى لجأ إليها الكتَّاب القدامى، مثل التقويم اليونانى أو الأولمبياد، واليوليانى، والسلوقى، والصيدونى. وهو يبدأ كما يقول Witold Witakowski فى كتابه (Studies in Eusebian and Post-Eusebian Chronography) ص 136، فى 1 أكتوبر سنة 49 ق.م. وفى هـ 53 بنفس الصفحة يقول أن هذا التقويم هو فى الواقع تقويم قيصرى حيث يتخذ بدايته من انتصار قيصر على بومبى فى معركة فارسالوس pharsalus فى يونيو 48 ق.م. ويقول Kevin Butcher (Roman Syria and the Near East) ص 125، أنه ينتهى عند النصف الثانى من القرن الخامس الميلادى عندما تم تعديله ليتطابق مع التقويم اليوليانى.
[442] - بينما كتبها بروكس هكذا Mar 'Akiba at Chalics كتبها روبرت هكذا my lord 'aqiba of Qenneshrin (chalcis).
وكان دير مار عقيبا هذا يقع بالقرب من قنشرين. وعن هذه المدينة أرى أن أقدِّم هنا نبذة عنها من التاريخ المدنى العام لفائدة القارىء: (إلى الجنوب الغربى من مدينة حلب، تقع أطلال قرية قنسرينQenneshrin (أو عش النسور)، التى كانت مدينة زاهرة ولها أهميتها الملحوظة منذ ما قبل الميلاد بأكثر من قرنين ونصف وحتى القرن الثالث عشر الميلادي. واسم قنسرين هو سرياني الأصل ويلفظ بقنشرين[ولهذا كتبه مترجمو نص زكريا بهذا الهجاء] أي بيت النسور. وجاء في قاموس الكتاب المقدس أن قنسرين كان اسمها صوبا بالعبرية. وفي العصر الروماني حُرِّف الاسم فأصبح شالسيس Chalcis أو كلسس، كما أُطلِق عليها أيضا اسم بيلومBelum . وعندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقية وغربية أصبحت بلاد الشام تحت سيطرة الروم الشرقيين "البيزنطيين" الذين دخلوا فى حروب ضد الفرس. وقد عمل الفريقان على إيجاد حلفاء لهم من زعماء القبائل العربية، فكان الغساسنة أصدقاءُ للبيزنطيين وحلفاءَهم في سورية، بينما اعتمد الفرس على جيرانهم وأصدقائهم المناذرة، وكان العداء مُسْتَعِراً بين الفريقين ومعظم ضحاياه من حلفاء الدولتين المتعاديتين (بيزنطة، والفرس) وأدى هذا العداء إلى خراب العديد من المدن ودمارها، وقد عمد الإمبراطور جوستنيان إلى تحصين بعض المدن وبناء أسوار ضخمة لها ومن بينها مدينة قنسرين عام 554م، وكانت قد تعرضت إلى دمار كبير من قبل الفرس. وفى سنة 529م عيَّن البيزنطيون الحارث بن جبله الغساني أميراً على جميع القبائل العربية المقيمة في سورية، وكان مسيحيا لا خلقيدونيا، ومنحه الإمبراطور البيزنطي لقب فيلارك Phylarek وهو أكبر لقب بعد الإمبراطور. وكانت القبائل العربية المقيمة في قنسرين وضواحيها آنذاك، قبائل بني تنوخ وبني طيّء. بينما كانت القبائل العربية المقيمة في الجزء الشرقي من جزيرة العرب متأثرة بالنفوذ الفارسي لقربها من إمبراطوريتهم. وكان زعيمها المنذر الثالث أمير الحيرة وزعيم المناذرة. ولقد تجلى العداء بين الإمبراطوريتين بالغارات المستمرة بين حلفائهما الغساسنة والمناذرة والمعارك الطاحنة ومن أشهرها ما دعاه المؤرخون العرب بمعركة يوم حليمة نسبة لحليمة بنت الحارث الغساني، وكانت ساحة المعركة هى ضواحي قنسرين وذلك عام 555م والتي انتهت بانتصار الحارث الموالي للبيزنطيين ومقتل المنذر الثالث الموالي للفرس.
[443] - "رأسا". ترد فى كتابات عربية أخرى "فصلا".
[444] - ساويرس هذا، هو القديس ساويرس بطريرك انطاكيا، ويُذكر اسمه فى السنكسار القبطى فى 14 أمشير.
[445] - صار ساويرس هذا، ورفيق دراسة لمؤرخنا موضع الترجمة، بطريركا فى سنة 512م. وهناك اختلاف بين الباحثين على يوم تنصيبه إذا يتراوح هذا اليوم بين 6و11و18 نوفمبر. وكلٌ يقدم وجهة نظره. وقد ولد ساويرس فى حوالى 456م، ودرس فى بيروت والاسكندرية، ونال العماد فى 488م ثم تبنى حياة الرهبنة، فقضى بعض الوقت فى دير بطرس الايبيرى ثم فى دير رومانوس بالقرب من إليوثيروبولس، ثم عاد إلى ميناء غزة على ساحل مايوما. والدير المشار إليه هنا فى المتن، يخمن روبرت وكذا بروك أنه دير بطرس الايبيرى الذى كان يُشرف عليه فى وقت رهبنة ساويرس(حوالى منتصف 490م) رفيقا سابقا له فى المحاماة اسمه ثيودور(ربما من عسقلون) ولذلك دعى باليونانية apodikanikon أى ( former lawyer). ولذا ترجمها بروك أيضا ex-pleader. وقد رافق ثيودور هذا القديس ساويرس فى زيارته للقسطنطينية عام 508م.
[446] - كلمة apokrisiarios أو apocrisarius تعنى "المندوب الرسمى" لأسقف أو بطريرك أو بابا فى مكان ما. أى مثل "القاصد الرسولى" لدى الكنيسة الرومانية الآن، أو "النائب البابوى" لدى الكنيسة القبطية الآن.
[447] - Probus هذا كان ابن أخت انستاسيوس. وظل ثابتا على موقفه ضد مجمع خلقيدون حتى فى أيام جوستنيان. (أنظر روبرت هامش 182ص 269).
[448] - عن جهاده العقيدى أنظر "حياة ساويرس"، لمؤرخنا هذا. وكذا "مجمع خلقيدونية، إعادة فحص". مرجع سابق الذكر.
[449] - فى نسخ أخرى بأعمال صالحة واحدة.
[450] - يقول بروكس فى هامشه رقم 3 ص 187، أنه تبنى قراءة للكلمة السريانية الواردة هنا بما ترجمته up build. أى تُعزِّزوا أو تُعضدوا، أو تُأصِلُّوا. وهكذا قرأها أيضا روبرت فينكس دون أن يُشير إلى تباين قراءة الكلمة فى المخطوطات، مثلما فعل بروكس.
[451] - أر16:23.
[452] - راجع مر24:3.
[453] - غل 15:5
[454] - رو12:5
[455] - مر32:10
[456] - لاحظ ما نقوله فى القداس الإلهى "مفصِّلين كلمة الحق بإستقامة" وتفسير البعض لها بأنها "مفسرين" لكلمة الله، بينما أصلها "فاصلين" من "فصِل" بين النقى والخبيث.
[457] - مل18:3
[458] - هذا الشاهد ورد فى الطبعة البيروتية هكذا "خمرك مغشوشة بالماء"أش22:1. وفى الطبعة اليسوعية "شرابك ممزوج بالماء"ولكنه هنا مأخوذ من الترجمة السريانية "البشيتة" peshitto. وبالطبع الخمر المغشوشة بالماء، أو الشراب الممزوج بالماء، سيكون من عمل عمال الحانة، المعبَّر عنهم هنا بحفظة الحانة".
[459] - مت 51:13
[460] - يرى روبرت فينكس(هـ 215 ص 275 من كتابه سابق الذكر) أن هذا التاريخ (وهو يعادل 512/513 م) غير صحيح إذ أنها توفيت فى 515م.
[461] - 518م
[462] - يع 2:1، 4.
[463] - أى بتعبيرنا الآن، من الخلقيدونيين.
[464] - غنى عن البيان أن زكريا البليغ يقصد بكلمة "المؤمنون" فى كل عمله هذا " الأرثوذكس اللاخلقيدونيين".
[465] - "أثناسيوس" هذا، هو "أثناسيوس الثانى" بابا الاسكندرية الثامن والعشرين فى عداد بابوات الاسكندرية(455-477م).
[466] - "يوحنا ويوحنا آخر". بابوان للأسكندرية على التوالى. هما "يوحنا الأول"(التاسع والعشرون فى العدد)، و"يوحنا الثانى"(الثلاثون فى العدد). وقد شغلا البابوية من (496- 505م).
[467] - هو البابا الاسكندرى "ديوسقورس الثانى" الواحد والثلاثون فى العدد(516-518م). ونلاحظ أن جملة" الذى يشغل الكرسى الآن" تدل على أن هذا العمل أو على الأقل هذا الكتاب السابع مكتوبُ بيم 516م وبين 518م.
[468] - أى القديس ساويرس الأنطاكى الأرثوذكسى اللاخلقيدونى.
[469] - هنا سقطت كلمة كما سنرى فى ذلك الفصل.
[470] - أى 518م.
[471] - cura palati حسب هجاء بروكس. أو فى هجاء آخر Kouropalatēs (وهى عن اليونانية، عن اللاتينية curopalate أو curopalata) وعُربِّت فى مواقع البحث بالشكل قُربلاط. كانت أعلى الرتب التشريفية فى بلاط الامبراطور البيزنطى منذ جوستنيان الأول.
[472] - دعاه روبرت ص 285، آبوت جابولا abbot of Gabbula,. وذكر(فى هـ23 بنفس الصفحة) أنها بسوريا. و"جابولا" هذه هى المعروفة فى الكتابات العربية بإسم جابالا والتى ترتبط بالفصول المختارة من "سافيروس اسقف جابلا" التى تُقرأ فى اسبوع الآلام فى الكنيسة القبطية. وقد وردت فى السنكسار القبطى طبعة دير السريان بمصر، على أنها فى اليونان وهذا طبعا خطأ. ويقر روبرت أنه كان لاخلقيدونيا، مرجحا أنه كان منفيا أو مُبعَدا من ديره مع "الميافيزيت" عندما وصلته هذه الرسالة.
[473] - أى 524م.
[474] - أو أوفراسيوس حسب لفظ البعض.
[475] - استخدم بروكس هنا كلمة عربية هى Ma'doye شارحا إياها فى الهامش بأنها تُشير إلى قبيلة عربية معينة.
[476] - نلاحظ هنا كلمة (برأس مكشوفة) وبعدها بعدة سطور( ووجه مكشوف لثانى مرة). هذه الاشارة التى ترد عرضا فى رواية تاريخية، من القرن السادس الميلادى، أى قبل ظهور الاسلام بنحو قرن من الزمان على الأقل، والتى إنما تعكس بدورها بالضرورة تقليدُا عربيا كان سائدا فى الجزيرة العربية آنذاك، وهو تحجب المرأة العربية جنسا، أى سكان شبه الجزيرة العربية حاليا. ثم لاحظ وصف "العربى اليهودى" لهذا المسلك بالجنون. كل هذا يؤكد أن الحجاب كان للمرأة العربية (الوثنية، واليهودية، والمسيحية) تقليدا ثابتا راسخا، قبل ظهور الإسلام. وهو ما أثبته أيضا الشيخ الدكتور عبد المنعم نمر.
[477] - انظر الهامش السابق مباشرة.
[478] - هذا اسلوب القسَم عند العبرانيين تجنبا للنطق بلفظ "يهوه".
[479] - العجيب أن اليهود يتناسون بعد ذلك هذه الواقعة، ويتحدثون فقط عن "محرقة اليهود" واضطهاد العالم لهم.!!
[480] - ترجم روبرت هذه العبارة (فى الأحد الأول من الصوم) ثم علق (فى هامشه 43) بأن عودته، إلى الحيرة كان فى 18 فبراير إذا كانت سنة 524م، او فى 11 فبراير إذا كانت سنة 519م التى يبدأ فيها الصوم الكبير. ثم يقول أن سيمون يسجل من هنا ما قد سمعه. واقول، أننا نلاحظ فى عمل زكريا هنا الاشارة إلى "الصوم" ويقصد به "الصوم الكبير" كفترة ثابتة معروفة فى الشرق آنذاك.
[481] - يرى روبرت نقلا عن آخرين، أن الحارث كان بن كعب وليس ابن خاناب.
[482] - طبعا مفهوم بعلامة الصليب.
[483] - اليهودى
[484] - يساعدنا هنا هامش روبرت(رقم 48 فى هذا الكتاب) على معرفة نتائج هذه الرسالة المرسلة من سمعان إلى تيموثاوس بابا الاسكندرية. فيقول، نقلا عن عدة مراجع له، أن الأثيوبيين قد تحركوا بالفعل لمساعدة الحميريين فى سنة 525م، وشاركهم فى ذلك الاسطول الرومانى. ويشير إلى أنه كانت هناك علاقة ما بين الجماعة اليهودية فى تيبرياس، وبين جنوب العربية.
[485] - ترجمة بروكس هنا بها بعض التشوش، ولكن ترجمة روبرت أزالت هذا التشوش. ربما لأن بروك التزم بحرفية النص، أما روبرت فقد تصرف بحرية عنه. أو ربما اختلاف النسخة التى اعتمد عليها كل منهما. على أية حال، كلمات روبرت هنا تساعد على فهم أفضل. فهنا استخدم بروكس كلمة شيلو، ثم قال وفى قراءة أخرى شيلوهو, أما روبرت فقد ترجمها "سلوام" كما فى الانجيل. كذلك، قال بروكس هيكل سليمان بهليوبولس، أما روبرت فقال فى بعلبك، وهذا أصح من سياق الفصل ذاته.
[486] - هنا جملة مبتورة.
[487] - الكلمة اليونانية المستخدمة هنا وهى syncellus تعنى حرفيا رفيق القلاية "cell-mate". وهو تعبير يعنى "مشيرٌ" قريب للأسقف أو البطريرك الذى يعيش معه. ولعل المقصود أنه كان مشايعا للمجمع أو كان مقيما مع فلافيان، حيث أن الضمير هنا بالانجليزية عند روبرت هو his syncellus.
[488] - الى انطاكية.
[489] - أى يوستين.
[490] - يقول روبرت فينكس(فى هـ 54، ص 294) أن بولس هذا قد عاد إلى كرسيه بعد نفيه، عندما قَبِل مجمع خلقيدون، فى 8 مارس سنة 526م. ومات فى 30 أكتوبر من نفس السنة.
[491] - يرى روبرت أن "نسطوريا" هنا يقصد بها زكريا أنه كان "خلقيدونيًا". ويرى المعرِّب أن ذلك ممكن ومعقول، خاصة أن الخلقيدونيون القدامى كانوا ينعتون اللاخلقيدونيين بالأوطاخيين.
[492] كتبه روبرت ديسان.
[493] - أى 525م.
[494] - أنظر هامشنا 465 هنا.
[495] - كانت فلسطين تتعرض للجفاف من آن لآخر,
[496] - هذه الكلمة ساقطة من النص وموجودة فى عنوان الفصل.
[497] - 526م
[498] - تحدثنا الحوليات المدنية عن زلزال عنيف ضرب بالفعل مدينة انطاكية فى 29/30 مايو 526م، أى كما يقول فعلا مؤرخنا هنا ويقول روبرت فينكس (فى هامشه 61 ص 296) اعتمادا على مصادر أخرى، أنه قد أودى بحياة 350 ألف نسمة.
[499] - comes orientis. كلمة "comes" كلمة لاتينية تطور معناها خلال العصور الرومانية حتى تحدد على نحو رسمى منذ عصر قنسطنطين، وهى التى تُكتَب الآن فى اللغات الأجنبية "كونت". وصارت تمثل فى العصر البيزنطى رتبة قيادية عالية، تعادل فى العربية "حاكم"، ولكنها أعلى من الدرجة التى تمثلها الكلمة العربية، كما يظهر فى هذه عبارة comes orientis والتى تعنى "حاكم المشرق" أو المقاطعات الشرقية للامبراطورية البيزنطية، وكانت تشمل آنذاك البلاد الآتية: العربية، وفلسطين( الأولى، والثانية، والثالثة)، وسوريا (الأولى، والثانية)، وفينيقيا، وفينيقيا اللبنانية، وفيليقيا (الأولى، والثانية)، والرها، وأرض الرافدين، والفرات، وإيساوريا[وهى خلاف سوريا. المعرب]، وقبرص. وبذلك تكون الابارشية المشرقية هى الأكبر من بين جميع الابارشيات الستة عشر المكونة للإمبراطورية الرومانية، سواء الغربية أو الشرقية (البيزنطية).
[500] - "العُزَّى". أحد آلهة العرب فى العصر الجاهلى.
[501] - 2كو4:1، 1تس7:3.
[502] - وفى قراءة أخرى "بيت شيللو".
[503] - أى من 525-531م.
[504] - لاحظ أثر أسلوب التعبير الكتابى( من سفر دانيال) على اسلوب المؤرخ انبا زكريا هنا.
[505] - أى متعلما بالمعانى الباطنية أو المجازية. بروك
[506] - 531م.
[507] - أش 20:26
[508] - 526م
[509] - أى فى عناصر، أو نقط بحسب تعبيرنا اليوم.
[510] - يجب أن نلاحظ أنهم كانوا يقصدون دائما "الله الكلمة".
[511] - هناك باقى الجملة مبتورة فى النص ولكنها مفهومة ضمنيا، وهى أما هو فهو أزلى.
[512] - typologically. أو foreshadowing حسب نص روبرت.
[513] - هنا تلميح مفهوم ضمنيا، وهو أنه أسلم الروح بإرادته الحرة المطلقة، "ولم يمت بضرورة طعن الحربة".
[514] - أى "ولى العرش" أو "ولى العهد" بالتعبير الملكى لأيامنا هذه فى البلاد الملكية كالسعودية ، والمملكة المتحدة. إذ يترجم روبرت هذا النعت (فى هـ1من ك9) بكلمة deputy التى تعنى: مندوب معتمد، أو مبعوث.
[515] - أى يوم "خميس العهد".
[516] - 526م
[517] - 537م.
[518] - يقول بروكس أن هذه العبارة ترجع الى المخطوطة التى كان ينسخ منها ناسخ مخطوطتنا هذه، حيث لا ترد هنا فى الموضع المذكور. غير أن "التمهيد" أو المقدمة المشار إليها عاليه أنها جُمعت تحت اشراف أو رئاسة مورو، يمكننا فهمها بسهولة عند معرفة هذا القديس. مورو أو مارا، اسقف أميدا، كاتب سرياني، واضح أن اعماله على ما يبدو قد فقدت، وواضح أنه كان قد وضع "مقدمة" عن الأناجيل الأربعة باللغة اليونانية، وهو ما يُشير إليها هنا زكريا البليغ. ولما كان بروكس لم يترجم الأجزاء الأولى من عمل مؤرخنا زكريا البليغ الذى تحدث فيها عن قصص من الكتاب المقدس(الكتاب الأول والثانى) واعمال سلفستر اسقف روما وأسطورة "النائمين فى أفسس" والمعروفة فى الأدب العربى بـ"أهل الكهف"، لذا بدت كلمة "عاليه" هنا غريبة بالنسبة لبروكس ولكن عندما ننظر إلى ما سيورده توا، نفهم أن الاشارة هنا راجعة الى العمل الذى جُمِع تحت اشراف القديس مورو اسقف آميدا غير الخلقيدونى. وآميد احدى مدن بلاد ما بين النهرين وتقع حاليا بديار بكر فى تركيا الحالية.
[519] - 527م
[520] - فى 14:7 و 1:8
[521] - مما يؤكد أن روبرت فينكس كان يُترجم بتصرف أنه يترجم أعداد الأيام بأسمائها الحالية، فقد كتب هنا "فى يوم الخميس".
[522] - يضع روبرت بين قوسين اضافة من عنده كلمة "الصوم الكبير". مما يؤكد هامشنا الطقسى السابق الاشارة إليه والذى أوضحنا فيه سيادة "الصوم الكبير" على الأقل فى كنائس الشرق.
[523] - أى 527م.
[524] - يقول روبرت فى (هـ 24 من ك9) أن استخدام الباراسانجس كوحدة قياس للمسافة، أمر غير معتاد. ( ويقول المعرِّب هنا، ربما لأن البلدة كانت تخص الفارسيين، فذَكر المقياس الذى كانوا يستخدمونه هم، والذى نرى من مصادر روبرت ذاتها أنه، أى هذا المقياس، كان مستخدما فى العصر الأخمينى)، ثم قال أنه يعادل 30 استاد stades ، أو أربعة أميال رومانية (ومرة أخرى نحن نعرف أن الميل الرومانى كان يختلف طوله من حقبة لأخرى فى العاديات المتأخرة). إذن يمكن القول أن 15 إستاج باراسانجس تعادل تقريبا - وتقريبا جدا - ستين ميلا رومانيا. بينما ترى مصادر أخرى أن المسافة بين دارا وثيباثا كانت حوالى 65 كم.
[525] - قارن، مز 18:118
[526] - أى لكل من الجنرال سونيكا، وسيموث التربيون.
[527] - طبعا المقصود هو الصوم الكبير.
[528] - فى عيون القوة الرومانية.
[529] - لاحظ أنه يقول "النصارى" Nazarenes الذين معى.. و"أيها المسيحيون"Christians . لأن "النصارى" كانوا شيعة يهودية وليست مسيحية، كانت تنتشر آنذاك فى الجزيرة العربية. وهذه هى التى حاربها الاسلام وليست المسيحية. ومن هنا كان خطأ نعت المسيحيين "بالنصارى"، إذ هناك فرق جذرى بين اللفظين.
[530] - 527م
[531] - "راب شاكيه" اسم آرامى، هو المذكور فى أش 2:36 يإسم "ربشاقى". عن تعييره لشعب اسرائيل، أنظر(2مل17:18). كان ذلك عند صعود ملك آشور سنحاريب على أورشليم وحصارها سنة 701 قبل الميلاد، فى أيام الملك حزقيا ملك يهوذا.
[532] - يقول روبرت فى(هـ72ك9) أنها آتاخيا فى اليونانية واللاتينية، وأنها كانت تقع على مسافة حوالى عشرين كم من مارتيروبولس، ومن ثم الرقم أربع استاد غير صحيح فى نظره.
[533] - هذا الاسم هو الذى يكتب بالعربية "ويصا".
[534] - 531م.
[535]- يقول بروك أن اربعة استادات لا يمكن أن تكون صحيحة لأن مارتيروبوليس كانت فى شمال تِجرى على مسافة مائتين وأربعين استاد من آميدا، ومائة من آتاشيا.
[536] - 532م
[537] - هذه الكلمة هكذا فى النص وغير واضح المقصود منها.
[538] - أو أكتوبر لأن النص غير واضح فيه اليوم من شهر تشرين. بروكس.
[539] -531م.
[540] - 526م.
[541] - انظر هامشنا رقم 503.
[542] - يقول روبرت فى(هـ 95ك9) نقلا عن مصادر أخرى، أن التواريخ الكنسية، والأدب المسيحى تشير الى وجود أطباء مسيحيين كانت لهم مكانتهم فى البلاط الساسانى. ولكن موضوع أم خوسرو هذه لم يرد ذكره فى مصدر آخر. ولكن الطبعة الأرمنية لتاريخ ميخائيل السريانى (ق12م) تذكر أنها اعتمدت.
[543] - مرة أخرى، نلاحظ هنا اشارة كنسية عن عادة الاحتفاظ "برفات" القديسين فى تاريخ كتابة مؤرخنا لعمله هذا، ولنقل فى العقد الأول من القرن السادس الميلادى. وهى تُناقض وجهة نظر هوايت الذى أرجعها إلى تاريخ متأخر عندما فقد الرهبان – حسب قوله – قداستهم، فبدأ يبحثون عن رفات السلف الصالح لكى يُلفتوا الأنظار إلى أديرتهم. أنظر عن ذلك ايفلين هوايت للمعرب (ط/2 تحت الطبع). بينما تخبرنا المصادر الكنسية المبكرة أن الأنبا انطونيوس والأنبا باخوميوس والأنبا شنودة الأخميمى، بل والبابا أثناسيوس الرسولى (فى رسالته الفصحية، 41) قد أدانوا جميعا هذه الظاهرة فى القرن الرابع الميلادى، عندما كان المسيحيون يحتفظون بأجساد الشهداء فى مقاصير خاصة بدلا من دفنها فى القبور.
[544] - أى الشهيد سرياقوس
[545] - أى لخوسرو
[546] - 532/533م
[547] - أى شجعته على اقرار السلام، كما سنرى بعده.
[548] - 533م
[549] -540م.
[550] - أى الرومان.
-[551] مدينة اغريقية قديمة، تقع أطلالها اليوم عند مدينة بودروم فى جنوب غرب تركيا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
[552] - يرى بروكس أن جملة أو فقرة هنا سقطت من النص إما فى النساخة أو سهوا من المؤلف، واقترح أن تكون" وبعد تبادل الرأى مرتين ولم يُطِع، اضطر ساويرس الى التصدى..".
[553] - هذه الإضافة التى بين القوسين هى، كما يقول بروكس، نقلا عن نسخة ميخائيل السريانى(ق12م)
[554] - من رسالة كيرلس، 45.
[555] - هنا ملاحظة جيدة عن أخطاء النساخة حتى فى الزمن القصير والمتوسط، ما بين عهد كيرلس عمود الدين(ق4م) وزمن ساويرس (ق6م).
[556] - أى مع ما كتبته.
[557] - 1كو14:16.
[558] - حرفيا "طوم" وهى تقابل كلمة "مقالة".
[559] - أى22:21.
[560] - أم6:2، 7. ط/اليسوعية.
[561] - رو28:3.
[562] - غل 9:3.
[563] - رو5:4.
[564] - يعقوب 21:2-24.
[565] - قارن كو11:2، 12.
[566] - راجع رو9:4، 10.
[567] - يع 5:2 ،6.
[568] - قارن، تك26:17، 27 ط/ اليسوعية.
[569] - قارن، تك2:22.
[570] - غل6:5.
[571] - قارن، 1كو4:13-8.
[572] - يو 15:14.
[573] - قارن، أم 9:8.
[574] - غل 15:5.
[575] - لاحظ هذا التعبير المستيكى"اسرئيل الله" الذى يشير به القديس ساويرس إلى المجاهد الروحى من أجل الله.
[576] - أى انخدع فى ساويرس!!ُ
[577] - 532م.
[578] - هنا باقى الجملة مبتور، ومفهوم ضمنيا كالآتى "أن يتكلم ضده".
[579] - ابقيتُ على هذه الكلمة كما هى، وهى اساسا Scholae Palatinaeلأنها ترتبط بالعصر البيزنطى المتأخر وبالذات فى عهد جوستنيان الأول. وهذه كانت وحدة حراسة عسكرية منتقاة تابعة للقصر الملكى ( أى تماثل الحرس الجمهورى الآن فى مصر، أو الحرس الثورى فى ايران). وظلت هذه الفرقة قائمة إلى القرن الحادى عشر الميلادى حيث اختفت بعد ذلك.
[580] - إنه لم يقرأ المحاورة الشيقة عن انواع القسَم الذى يمكن الرجوع عنه بكل صواب، ضمن محاورات كاسيان. أنظر: محاورات كاسيان، المحاورة رقم 17 للأب يوسف عن الوعود. للمعرب (تحت الطبع).
[581] - نلاحظ هنا أمانة هؤلاء الاساقفة انهم يجاهرون بإيمانهم رغم استدعاؤهم من المنفى.
[582] - انظر، تى9:3.
[583] - 1كو16:11.
[584] - "هنا"، أى مدينة القنسطنطينية، حيث يقيم الملك الذى يخاطبونه.
[585] -لاحظ هذه العبارة فى خطاب من اساقفة غير خلقيدونيين فى القرن السادس الميلادى، ثم انقسام المعسكر الخلقيدونى بعد ذلك بسبب الاضافة التى اضافتها كنيسة روما، بين إلى ارثوذكس خلقيدونيين يونان، وكاثوليك خلقيدونيين غربيين (روما ومَن فى فلكها).
[586] - أى "الجسد" الذى أخذه "الله الكلمة" من العذراء مريم. والجملة التالية مباشرة ردٌ على الخياليين أو "الدوستيين".
[587] - قارن هذه الجملة "ولم يدع شيئا يعوزنا بخصوص الخلاص" مع ما يقوله الإنسان على لسان الكاهن فى صلاة "قدوس. قدوس" بالقداس الغريغورى القبطى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية "لم تدعنى معوزًا شيئا من أعمال كرامتك".
[588] - اصطلاح "الأهواء البريئة" innocent passions مقصود به حاجات الانسان البشرية التى ليست فى ذاتها خطية مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والملبس والراحة من التعب...الخ. فالجوع والعطش والنوم وما شابه ذلك، يُطلق عليها فى الجدل العقائدى لأغراض الشرح "أهواء الناسوت البريئة".
[589] - عن "الأهواء البريئة" التى تحملها "الكلمة" من أجلنا، راجع صلوات القِسَم الموجهة "للإبن" أرقام 18- 20 على سبيل المثال لا الحصر، بالخولاجى المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ط/ المحبة.
[590] - "الجسد.. القابل للتأثر" passible flesh ، وللموت. الواقع أن كل عبارة من صيغة الإيمان هذه ترُد على بدعة من البِدع التى اجتاحت الكنيسة فى تلك الأيام. وبالرغم من استدعاء هؤلاء المنفيين غير الخلقيدونيين من منفاهم، إلا أنهم لم يُفرِّطوا رغم طول سنين الغربة فى عقائدهم البتة.
[591] - "شبحًا" أى "خيالا" كما يقول أصحاب بدعة "الدوسيتية" عن جسد "الله الكلمة".
[592] - man-worshipper . هذا هو النعت الذى أطلقه اللاخلقيدونيون فى كتاباتهم على نستوريوس(= نسطور)، الذى قسَم الكلمة بعد التجسد إلى قسمين. وقد تكرر هذا النعت فى رسالة أنثيموس بطريرك القنسطنطينية إلى القديس ساويرس الأنطاكى. أنظر ك21:9 هنا.
[593] - أى تفرده بخاصية الأبوة.
[594] - "تأنس من أجل البشر..." إصرار على التمسك بقانون الإيمان النيقاوى "هذا الذى من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا [نحن البشر] نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء. وتأنس.
[595] - composition. "مركب" هنا إشارة إلى الجسد البشرى الذى أخذه- كما هو واضح من الجملة التالية مباشرة- والمكون من لحم ونفس وعقل.
[596] - فى كتابات آبائية أخرى، ترد عبارة "بأسلوب يعرفه هو وحده".
[597] - أنظر ديونيسيوس فى "de Div. Nom. i. 4.".
[598] - "طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد" بتعبير القديس كيرلس عمود الدين بابا الأسكندرية، والتى تمسك بها واعتمد عليها القديس ديسقورس المعترف بابا الأسكندرية فى مواجهة مجمع خلقيدون. وهذا هو إيمان الكنيسة الأرثوذكسية اللاخلقيدونية عن طبيعة السيد المسيح بعد التجسد.
[599] - البعض، هنا كما سنرى من العبارات التالية مباشرة، غير الخلقيدونيين، المتهمين بالخطأ من انصار مجمع خلقيدون.
[600] - أى الخلقيدونيون.
[601] - 536م
[602] - طبقا لعنوان العريضة، لم يكن الرهبان هم الذين قدموها، ولكن الاساقفة. ومع ذلك فى نسخة ميخائيل السورى دعيوا "الاساقفة والرهبان".
[603] - أنظر تشبع القديس ساويرس الأنطاكى بطريرك الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية غير الخلقيدونية بالتراث الآبائى الأرثوذكسى كما يرِد فى صلاة الصُلح بالقداس الغريغورى القبطى: "بل أنتَ بغير تحول تجسدتَ وتأنستَ، وشابهتنا فى كل شىء ما خلا الخطيئة وحدها".
[604] - أنظر، خر 18:13، الترجمة اليسوعية، وهى هنا تتفق مع الاسم الوارد فى رسالة القديس ساويرس Rushes Sea of والذى كان يعرف به البحر الاحمر. وقد ورد فى الترجمة البيروتية "بحر سوف". وكان البحر الأحمر يُعرف كتابيا بإسم Rushes Sea of كما ورد فى رسالة القديس ساويرس هذه. والكلمة الانجليزية Rushes الواردة فى ترجمة بروكس للنص السريانى للقديس ساويرس الأنطاكى، تُشير إلى نوع من النباتات العشبية المزهرة التى تتسم بسيقان اسطوانية، وأوراق على شبه سيقان stemlike، ويوجد بالمناطق المعتدلة وخاصة الرطبة، وهو يُستخدم فى مناطق كثيرة من العالم فى صنع الكراسى والسلال، وفى مصر لصنع الحصير. وهذا النبات هو المعروف فى مصر بإسم الحلفا. ومازال يوجد بكثرة فى منطقة جنوب سيناء حتى اليوم. ومن هنا أخذ البحر الأحمر فى الكتابات القديمة هذا الإسم كما ورد فى النص الانجليزى هنا، وكما ترجمته الطبعة الكاثوليكية "بحر القصب". وفى الواقع هذا النبات المترجم هنا "القصب"، تسميه القواميس العلمية "القيصوب الجنوبى" أو الغاب أو البردى أو البوص reed واسمه باللاتينية Phragmites .
[605] - خر 3:14
[606] - عب 13:6، 14
[607] - كتبها بروكس "كوهلث" Koheleth وهو إسم "الجامعة" بالسريانية.
[608] - جا2:8، حسب الترجمة السريانية. قارن جا2:8ط/بيروت
[609] - أى عن حضورى إلى المدينة الملكية.
[610] - أى كرسى القضاء، حسب ترجمة بيروت
[611] - أم 8:20. الترجمة اليسوعية
[612] - قارن أم 26:20. ط/يسوعية
[613] - هكذا نص المتن. ولذلك يعلق د/هاملتون فى الهامش على ذلك بإقتراح قراءة الكلمة السريانية بطريقة اخرى بحيث تعنى (كما أنه من السهل للحاصدين فصل الرفش عن الحنطة). وهذا يعكس صعوبة قراءة الخط المنسوخ به هذه المخطوطة.
[614] - يقصد الوشاة
[615] - تث 29:14
[616] - أم 13:16
[617] - طبعا " الطبيعة الناسوتية".
[618] - 1بط22:2
[619] - لاحظ أن هذه الكلمة impassibility والمعروفة باليونانية "آباثيا" هى التى أثارت، من قبل، الحساسية الشديدة بين جيروم من جهة وبين كاسيان وبالاديوس من جهة أخرى. أنظر عن ذلك مقدمتنا لكل منهما فى تعريبنا لأعمال كاسيان وبالاديوس.
[620] - أى23:30
[621] - يو35:4
[622] - رو21:12
[623] - 534/535م
[624] - 533م
[625]- أى من أتباع مجمع اريمنييم. وهو مجمع كنسى عُقِد سنة 358م فى ارمينيم التى هى حاليا ريمنى بإيطاليا. أنظر:"التاريخ الكنسى" لسوزومينوس، للمعرب (تحت الطبع).
[626] - 534م.
[627] - هنا روما/ايطاليا
[628] - أو دومينوكس.
[629] - كان القارىء فى التاريخ المبكر للكنيسة، يعنى الشارح أو المفسر بلغة اليوم للكتاب المقدس، ولذا نلاحظ هنا كلمة "جيدا" أى يجيد التفسير.
[630] - 536م
[631] - 535/536م
[632] - نلاحظ هنا ملاحظة تاريخية، وهى امكانية انتقال اسقف ايبارشية إلى بطريرك، رغم حظر ذلك. وثانيا: نلاحظ مسألة تعيين الملك للبطاركة والاساقفة وعزلهم.
[633] - هو ثيودوسيوس الأول بابا الاسكندرية، الثالث والثلاثون فى عداد باباوات الاسكندرية(536-567م). ويرِد إسمه فى الكتابات العربية القديمة بالشكل تاودوسيوس.
[634] - archiatros (أرشياتروس). كان لقبا لطبيب الملك الخاص.(المعرب).
[635] - عن "راس عينا" rhesaina، أنظر هامشنا السابق 397.
[636] - 536م
[637] - 537م
[638] - لاحظ وصف زكريا السريانى هنا.
[639] - يقصد انثيموس ؟!!
[640] - يقصد ساويرس، وهكذا كانت نظرة الخلقيدونيين إلى الأرثوذكس الشرقيين الرافضين لمجمع خلقيدون وخاصة الاسكندريين إلى اوائل خمسينات القرن العشرين حسبما ذكرت ايريس حبيب المصرى(فى كتابها "قصة الكنيسة القبطية" الجزء الأول، المقدمة.). عندما نعت أحد ضيوفها الأجانب الكنيسة القبطية بذلك، فى إحدى جلساتهم معها.
[641] - ولهنا كانت عبارة ذهبى الفم الشهيرة - ذاك الذى سبق واختبر محبة الرؤساء، وعرف أنها خاضعة كلية للإعتبارات السياسية - "لا تجالس الرؤوساء".
[642] - هذه الواقعة، ذُكِرت مرة أخرى فى القرن التاسع، فى حولية بالمتحف البريطانى جاء فيها أنه قضم لسانه بأسنانه.
[643] - قارن تك2:35، 3 ط/بيروت
[644] - أى الشِباك، أو بالعامية المصرية "الخية"
[645] - حسب قراءة البشيطة التى كان ينقل منها ساويرس. قارن، أى 8:18-10
[646] - قارن أش1:43-3 ط/بيروت
[647] - لا 16:26
[648] - 2 كو11:2
[649] - لو48:12
[650] - مز3:24
[651] - تك 27:18
[652] - مز6:22 سبعينية.
[653] - مز 53:119
[654] - الخطايا هنا مقصود بها كما سيتضح من العبارة التالية مباشرة خطايا العقيدة.
[655] - تى7:3
[656] - قارن أش9:4
[657] - أى الروح القدس، وعلى رأسهم مقدونيوس.
[658] - المعروف فى الكتابات العربية بإسم كلستينوس.
[659] - لاحظ مدى تأثر هذا المبارك بتعبيرات القديس كيرلس عمود الدين.
[660] - one nature of the Incarnate Word. هكذا وردت الجملة فى ترجمة بروكس. والجملة هكذا هى صيغة القديس كيرلس عمود الدين، فى رده على نسطور.
[661] - كما ذهبت بعض الهرطقات. انظر عن ذلك "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى". مرجع سابق الذكر.
[662] - أى غير قابل للألم.
[663] - أنظر أصداء الفكر الكيرلسى هذا على ثيؤتوكية الأحد، القطعة الثانية، بالأبصلمودية السنوية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية. (التابوت .... سبق أن دلنا، على الله الكلمة، الذي صار إنساناً، بغير إفتراق. واحد من إثنين، لاهوت قدوس، بغير فساد، مساوي للآب).
[664] - يقول بروك لا اعرف من أى عمل من اعمال باسيليوس هذا الاقتباس. ويقول المعرب ربما هو قول دارج شفاهيا.
[665] - أى حامل المصباح. والعبارة هنا صدى للتشبيه الكتابى" لا يوقَد سِراج ويوضع تحت مكيال، بل على المنارة" والمنارة هنا الموضع المرتفع فى الغرفة الذى يوضع عليه السِراج(= المصباح) ليُضِىء كل الغرفة.
[666] - 2كو15:9
[667] - "Well of Oaths". وهو بئر سبع فى النسخة البيروتية. ولكن كلمة "سبع" العبرية تعنى"القسَم" (انظر هامش الترجمة اليسوعية)، لذلك استخدما ساويرس هنا بمعناها وليس بلفظها.
[668] - تك 33:21
[669] - 1كو3:15
[670] - 1كو21:15، 22
[671] - عب 14:2-17
[672] - قارن هنا جا14:3. يقول بروكس أريد أن اسجل هنا ان الجملة التالية كانت صعبة فى ترجمتها، واننى مدين للدكتور هاملتون فى ترجمتها واننى بالكاد أظن انها تمثل ما كتبه ساويرس، وايضا يرى ميخائيل السورى نفس الشىء ومن ثمة أى فساد فى هذا النص لابد أنه أقدم من مؤلفنا. [ يقصد كلا من ميخائيل السورى وزكريا البليغ. المعرب]
[673] - أوردها بروكس بصيغتها السريانية " كوهلث".
[674] - قارن حبق1:2
[675] - مز 28:108 سبعينية.
[676] - عب 22:1، 23
[677] - سى 25:27
[678] - breastplate
[679] - ملاحظة طقسية للتاريخ الليتورجى. لاحظ عبارة "وشريكه فى الخدمة، ..." الواردة فى القداس القبطى عن الاساقفة والبابا.
[680] - أش 1:26.
[681] - قض3:1.
[682] - أى 6:27.
[683] - قارن يش 33:22 مع 24:4
[684] - لاحظ ما يقوله القديس ساويرس الأنطاكى عن ترتيب المراسلات الكنسية – سواء من باب الاتضاع من جانبه، أو بالنظر إلى ترتيب ما كنسى – عن وجوب الكتابة إلى الكرسى الاسكندرى أولا.
[685] - يو19:20
[686] - steward Theopompus
[687] - قد لا يُفهَم هذا المطلب للقارىء الحالى، ولكن سيُفهم بسهولة عندما نقول لأسير يعتمد كلية على ذراعه اليمنى فقط فى القتال، بأننا لكى نتركك حيا سنقطع لك فقط ذراعك اليمنى. وهكذا كان يفعل الجيش الإسرائيلى حاليا بالنسبة للكثيرين من أسرى الحرب، عندما كانوا يقطعون اصابع يدهم اليمنى، ليحُولوا بينهم وبين القدرة على استعمال السلاح ثانية. ولما كان القتال قديما كان يعتمد على اطلاق السهام، وكان التصويب بالطبع يعتمد على النظر بالعين اليمنى، تماما مثل "التنشين" اليوم، من هنا كان طلب هذا البربرى الطاغية "تقوير" العين اليمنى، حتى يعجز الأسير المطلَق سراحه عن القتال بتاتا فيما بعد.
[688] - 1صم 3:1
[689] - مز4:78
[690] - رو 3:8
[691] - أر9:1
[692] - أع 15:9
[693] - فى الإيمان القويم.
[694] - اش 8:45
[695] - المقصود يُعطِى حق الشركة لمن بعده.
[696] - 1كو27:1، 28
[697] - حز17:3، 18
[698] - سى10:2، 11
[699] - يو 29:10
[700] - أى الروح القدس
[701] - أنظر: "يسوع المسيح. الكلمة الذى تجسد وصار بغير تغيير(عب12:1) إنسانا كاملا" فى القطعة السادسة من ثيؤتوكية الإثنين، بالأبصلمودية السنوية بالكنيسة القبطية.
[702] - نلاحظ هنا التيار العقيدى الأرثوذكسى عن دوام بتولية العذراء، منذ مقالات القديس اكليمنضس الاسكندرى، ومرورا بالقديس البابا اثانسيوس الرسولى، والقديس غريغوريوس النيصى، والقديس ديديموس الضرير. أنظر أيضا القطعة السابعة من ثيئوتوكية الثلاثاء بالأبصلمودية السنوية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التى تقول "وبعدما ولدَته، بقيت عذراء.".
[703] - أو حسب تعبير البعض غير القابل للتجزئة، أو التجزِيء.
[704] - وهو ما نصر عليه، على لسان الكاهن عندما يقول فى نهاية الليتورجية القبطية الأرثوذكسية (غير الخلقيدونية) "أؤمن، أؤمن، أؤمن واعترف إلى النفَس الأخير أن ناسوته لم يفارق لاهوته...... وجعله واحدا معه بدون اختلاط أو امتزاج أو تغيير".
[705] - قارن أر 16:17 ط/بيروت.
[706] - أيضا هنا الأثر الاسكندرى الواضح لليتورجية القبطية سواء أقلنا أن هذه الرسالة لاحقة للنصوص الليتورجية أو حتى إذا افترضنا جدلا أن النص الليتورجى كان معاصرا لها أو لاحقا لها، فإن الخلاصة التى أريد أن أخلص اليها هى أثر الروحانية والفكر الاسكندرى هنا فى عبارة "وعبيد الرب الآتين من بعدهم". أنظر أوشية الإجتماعات التى يصليها الكاهن عدة مرات فى دورات البخور فى القداس الإلهى التى يقول فيها "بيوت صلاة، بيوت طهارة. بيوت بركة أنعم بها يارب علينا وعلى عبيدك الاتين من بعدنا إلى الأبد".
[707] - غل20:2.
[708] - حب25:6، 26.
[709] - 2 كو5:1.
[710] - 1 تس9:3.
[711] - مت 28:10.
[712] - رو 18:8.
[713] - 1بط 22:5.
[714] - عب 14:2، 15
[715] - أو الذى وحَّد لنفسه لحم طبيعتنا.
[716] - يقول المترجم أنه لا يعرف مصدر هذا الاقتباس, ويقول المعرب يسعدنا أن يرسل الينا من يعثر عليه بالمرجع.
[717] - 537م
[718] - هذا الرقم الأخير لابد أنه خطأ لأن السنة الثلاثين تنتهى فى 31/8/580م. أما سنة 859 للسلوقيين فتنهى فى 30/9/548م. والثانية هى الأصح على الأرجح لأن سقوط روما الذى ينتهى به الكتاب هنا قد حدث فى 17/12/546م.
[719] - هكذا وردت فى الترجمة الانجليزية للنص(فى السنتين الخامسة عشر واثنتين). وفى الهامش، يقول المترجم أنهما 537م و539م، وبذلك نفهم أن ذلك كان تعبيرا سريانيا، بدلا من القول السنتين الخامسة عشر، والسابعة عشر.
[720] - أو كما يكتبه البعض سيروس.
[721] - tetrapylon. . أنظر هامشنا رقم 214 سابقا.
[722] - 536م
[723] -أنظر، هامشنا 633 عاليه.
[724] - هناك أجزاء كثيرة ممزقة فى هذا الفصل، ولذلك العبارات الواردة بين الأقواس هنا عبارات تخمينية. بروكس.
[725] - 537/538م.
[726] - 540م.
[727] - 537/538م.
[728] - حسب اصدار بروكس
[729] - تترابيلون، أنظر هامشنا 208 سابقا.
[730] - هنا ملاحظة طقسية تاريخية فارقة بين الطقس البيزنطى (واللاتينى الغربى) وبين الطقس القبطى لإقامة القداس الإلهى. ففى الكنيسة القبطية، فيما عدا قداسات الأعياد السيدية الكبرى: القيامة والميلاد والغطاس) كان القداس يُقام يوم الأحد صباحا بعد فترة انقطاع لا تقل عن تسع ساعات. أما الطقس البيزنطى كما هو واضح من هذه الفقرة فيتم (رفع القرابين) مساءً. وواضح، من نقد سلوك هذا الاسقف، عدم الحرص على فترة انقطاع قبل التناول. أما عن إقامة القداسات ليلا، فقد عرفت الكنيسة القبطية هذا النوع أيضا فى القرن الرابع الميلادى (أنظر: "الأنظمة" و"المحاورات" لكاسيان. للمعرِّب، تحت الطبع).
[731] - مصدر هذه الأقصوصة الغريبة غير معروف. ولكننى أحب أن اوضح، أن هذا الأب المصرى قد وُصِف بكلمة (غنوسى) ويغلب علىَّ الظن أنه كان غنوسيا ليس حسب المفهوم المسيحى، أى العارف بالله وأسفاره المقدسة، ولكن حسب الفلسفة الوثنية، لذلك اشار عليهم بسحل الجسد. وهى بالطبع مشورة لا يقبلها الفكر الرهبانى القبطى، ناهيك عن الآباء القديسين المصريين.
[732] - هذا الفصل من ترجمة بروكس.
[733] - نلاحظ أن الأسقف هنا يسمى الرهبان "الإخوة". ورغم أن هذا أيضا كان معروفا منذ نشأة الرهبنة كما نجد فى "الأبوفثجماتا باتروم" فى عبارة "سأل أخٌ شيخا". فها نحن نراها فى كتابات القرن السادس الميلادى. ورغم أنها وما زالت تُستخَدم فى "الأخوبات الغربية"، إلا أن الرهبان فى الأديرة القبطية قد تخلوا عنها وسادت كلمة "ابونا"، سواء أكان كاهنا أم راهبا.
[734] - "بيريه"، مدينة كانت تقع فى الفرات على مسافة حوالى 30 كم فى شمال غرب ساموسطا. وكان جمللينوس اسقفًا لها. أما رابولا فكان اسقف اديسا(412-436م).
[735] - أى بالسرائر المقدسة.
[736] - "الرقاق" particle. أحد عنصرىَّ سر الإفخارستيا فى الكنائس الغربية، بدلا من "القربان" فى الكنائس الشرقية.
[737] - يو54:6، 56.
[738] - عب28:10، 29.
[739] - يو52:6.
[740] - هنا نلاحظ اشارة طقسية تاريخية عن المعمودية بالتغطيس, وأن هذه الاشارة ترِد من اسقف شرقى لمدينة غير الاسكندرية.
[741] - 1كو28:11، 29
[742] - 1كو32:11، 33
[743] - أش6:6
[744] - هنا اشارة طقسية أخرى، إلى فترة ما للإنقطاع عن الطعام قبل التناول، وإن لم تذكر هنا كم مدتها بالضبط.
[745] - سى 28:29 . كتبه بروكس هكذا "Jesus Bar Asira,^ the son of Simeon " وهو المعروف فى طبعتنا العربية كما فى المتن.
[746] - راجع 1صم28:3، 29
[747] -1صم30:3
[748] - ليس بالمعنى الذى تطور لاحقا فى كنيسة روما لترسيخ مفهوم رئاسة اسقف روما، لسائر أساقفة الكراسى الرسولية!!!. ذلك المفهوم الذى رفضه حتى الأساقفة الخلقيدونيون انفسهم، وبدأت ارهاصاته كما رأينا عاليه بين سالوفاكيولس واسقف القسطنطينية الخلقيدونييَن. ولكن بمعنى كبير الرسل سنا.
[749] - ويُكتب أيضا، كليمندس أو كليمنضدس، أو اكليمنضس. وهو هنا اكليمنضس الأول، الرومانى(88م- 99 أو 100م).
[750] - انظر اكليمنضس، العظات 5:12، 6 (عن هـامش بروكس 2 ص 309).
[751] - قارن أع 21:1.
[752] - "يتناولون حياتنا الحقيقيى" أى بعد أن يأكلوا "الخبز العادى"، يتناولون "خبز الحياة الحيقيقى" المعطى الحياة لنا. أنظر: يو34:6.
[753] - الكلمة الواردة هنا فى نص بروكس سريانية، وقد شرحها روبرت (فى هـ 109)، بالمعنى عاليه.
[754] - 537/538م
[755] - اش 5:10 ،6
[756] - 540م
[757] - يقول بروكس أنه قد وجد هذه القصاصات تتطابق مع عناوين الفصول الواردة هنا، على نحو لا يشك فى أنها منقولة من زكريا الخطيب، ولذا اتبع ما ورد فى فوليو(= ورقة) ميخائيل السورى.
[758] - 538/539م.
[759] - ليس من الثابت ديسمبر أم يناير، لأن الشهر فقط هو المذكور فى قصاصة اديسا، وغير واضح ما إذا كان واحد أم اثنين من خونون [اسم من اسماء الشهور القديمة. المعرب].
[760] - حسب قصاصة يعقوب من اديسا. لكن ميخائيل يقول لأيام عديدة.
[761] - حز17:7 وهكذا وردت أيضا فى ط/بيروت.
[762] - أى بيزنطة.
[763] - يقول المترجم الانجليزى: هنا خطأ نساخة. ويقول المعرب أن صحتها لابد أن تكون "تشفعوا" كما هو واضح من بقية الجملة.
[764] - 538/545م
[765] - 546م
[766] - 546م
[767] - أى المدينة.
[768] - annonae. كلمة لاتينية تشير إلى الحنطة والغلال. أى المخابز التى تطحن الحنطة وتصنع خبزا توزعه على سكان روما فى العصور القديمة. حيث كان انتاج ريف مدينة روما لا يكفى احتياجات سكانها، مما جعلها تعتمد على جلب الغلال من المستعمرات الرومانية.
[769] - يذكر بروكس (فى هامشه رقم 7 ص319) أنها تعنى custodians أى حارس، أو قيِّم أو حافظ.
[770] - فى الجزء المفقود من بداية الفصل. بروكس
[771] - 555م
[772] - 561م
[773] - يسجل التاريخ المدنى بالفعل كوارث طبيعية عديدة شهدها العالم فى السنوات الأخيرة لعهد جوستنيان.
[774] - تث 15:28
[775] - تث 25:28، 26
[776] - 556م
[777] - أى عيد الفطير.
[778] - 553م
[779] - لاحظ هذه الكلمة التى بدأ الخلقيدونيون ينعتون بها الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية منذ ذلك الحين وإلى أوائل القرن الواحد والعشرين، حيث تصادفنا هذه الكلمة بإستمرار فى سائر الكتابات الكاثوليكية فى أى لغة، وحتى البروتستانتية بكل عدائها للكنيسة الرومانية كانت تستعمل هذه الكلمة وكلمة "مونوفيزيت"(بالمعنى الأوطاخى) فضلا عن نعت "اليعاقبة" فى الكتب العربية. ومؤخرًا جدا ونتيجة للحوارات المسكونية التى جرت فى عهد مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تم الاتفاق على اصطلاح "ميافيزيت" كنعت للكنائس غير الخلقيدونية.
[780] - أرشياتروس. أنظر هامشنا السابق رقم 633 .
[781] - 554م
[782] - الإلهية
[783] - لا أعرف علاقة هذه الاضافة بالبخور ولكنها وردت هكذا فى الترجمة الانجليزية beet.
[784] - هذا الجزء من المترجم الانجليزى. المعرب
[785] - 555م
[786] - اش 4:2
[787] - هذا الجزء أترجمه كما ورد فى ترجمة بروك، ولم يعلق هو عليه من ناحية ما إذا كان أصلا من زكريا أو نقلا عن مَن. رغم أنه فى نظرى، يدخل تحت باب الفلوكلور والأساطير، وسواء أكان هذا من زكريا أو نقلا عن بتولمى. فإننى أرى أنه كان يتعين عليه تناوله بالتمحيص والتعليق. المعرب
[788] - أى سبع سنوات
[789] - أيضا لا تفوتنا هنا الإشارة إلى العلاقة بين هذه الأصناف التى أرسلها الملك، وبين أوشية القرابين فى الليتورجيا القبطية. فهذه الأصناف كلها مستلزمات إقامة الافخارستيا، وايقاد قناديل الكنيسة، وفرش المذبح. أنظر الخولاجى المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
[790] - رو25:11
[791] - ارشياتروس. أنظر هامشنا رقم 633 السابق.
[792] - بروكس.
حـيـاتـه
لقد اجمعت المصادر العديدة على نقاط معينة لحياة زكريا الخطيب (أو البليغ). وقد وجدتها كافية فى نظرى للتعرف على شخصية مؤلفنا من الناحية العلمية والبحثية، وعلى مدى قدرته على الاطلاع على الوثائق التى قد اعتمد عليها فى كتابته لمؤلفه التاريخى هذا. ولم اجد ضرورة ما للبحث عن مزيد. ويكفى أن مخطوطته فى أصلها اللغوى ظلت قائمة من القرن السادس الميلادى إلى القرن الثانى عشر الميلادى، إلى أن قام مؤرخ سورى بترجمتها من اليونانية ترجمة تكاد تكون للعمل كله، فحفظ لنا دون أن يدرى هذا العمل من الانقراض، إذ لا نسمع حتى الآن عن الأصل اليونانى لعمل زكريا هذا، حيث لم أعثر على أى ذِكر له فى المصادر التى وقعت تحت يدى، وأرجو أن أسمع شيئا عنه. على أية حال كما ضاع عمل يوحنا النقيوسى التاريخى باللغة القبطية وحُفِظ فى ترجمته الأثيوبية، هكذا فُقِد النص اليونانى لزكريا البليغ ولكنه حُفِظ فى ترجمته السريانية.
ويزودنا المؤلف نفسه بنبذة وافية لا تحتاج إلى فضول أكثر. فقد وُلِد من عائلة مسيحية متيسرة الحال فى بلدة مايوما Maiuma([3]) بغزة، فى أواخر عام 460م تقريبا. وتلقى، كشاب، تعليما عميقا فى البلاغة والنحو والأدب فى مدينته. وكانت هذه العلوم هى الأساسيات فى عصره والتى نصادفها فى حياة الكثيرين فى هذه الحقبة. وكانت غزة فى هذه الفترة احدى المراكز الدراسية الشهيرة. فنحن نسمع عن تخرج عدد من الشهيرين منها، مثل بروكوبيوس الغزاوى الذى كتب تاريخا مدنيا، وله أيضا تعليقات على الكتاب المقدس([4]).
وفى حوالى 484م أو 485م ترك زكريا غزة واتجه نحو الأسكندرية ليستكمل تعليمه هناك، فحضر دروسا فى البلاغة والفلسفة، ولذا اتسمت كتاباته بالبلاغة والروح الجدلية.
وفى الأسكندرية، انهمك مع مجموعة عُرِفت بمحبتها للكد philoponoi([5]) وهذه المجموعة كانت من المسيحيين الغيورين التى ترفض الآراء والسلوكيات الوثنية التى كانت مازالت سائدة فى الأسكندرية بين المدرسيين والتلاميذ. وهناك التقى برفيق الدراسة ساويرس، البطريرك الأنطاكى لاحقا، والذى أُعجَب بذكاء وحيوية وأسلوب زكريا وخاصة عندما ألقى كلمة تأبين فى وفاة أحد رفقاء مجموعة "أحباء الكد"، فشجعه على قراءة اعمال آباء الكنيسة، وكذا اعمال الوثنيين.
وعندما ترك ساويرس الأسكندرية لدراسة القانون فى بيروت فى حوالى سنة 487م، ظل زكريا فى الأسكندرية بعده حوالى سنة، ثم لحقه فى بيروت لدراسة القانون أيضا لإشباع رغبة أبيه. وهنا درس القانون([6]) بعمق لمدة حوالى اربع سنوات، وبذلك تأهل للعمل فى المحاماة بالقنسطنطينية ، وهو نفس الخط الذى انتهجه اشخاص متميزون آخرون منهم سوزمينوس([7]) المؤرخ الكنسى الشهير، وبروكوبيوس الغزاوى المؤرخ المدنى. وكانت بيروت آنذاك احدى المدن القليلة للتعمق فى القانون. وكانت القنسطنطينية فقط هى المدينة المنافسة لها فى الإمبراطورية الشرقية. ويرى روبرت فينكس، أنه انهى هو وساويرس دراستهما القانونية فى حوالى سنة 491م، ثم توجها معا إلى ترايبولس، حيث نال هناك ساويرس المعمودية، ثم إلى آماسيا([8]) حيث تباركا من رأس يوحنا المعمدان([9]). وبعد ذلك افترقا فذهب ساويرس إلى أورشليم ثم تبنى الحياة الرهبانية، أما زكريا فتوجه إلى القنسطنطينية لممارسة المحاماة تحت ضغط أبيه.
وقد بدأ نشاط زكريا الأدبى من بيروت حيث كتب باكورة عمله الفلسفى (حوار مع امونيوس، أو خِلقة العالم)، ثم حياة بطرس الأيبيرى([10])، وثيودور الذى من عسقلون. ثم اختار الحياة النسكية هو وساويرس فى حوالى سنة 491م أو 492م. ولكننى ألاحظ أنه بينما سلك صديقه الحياة الرهبانية بالمعنى الديرانى الحالى، فإن زكريا ـ على ما يبدو لى ـ احتفظ بالرهبانية كنمط حياة باطنية له، أى ما يُشبه حياة التكريس البتولى حاليا. حيث لا تزودنا المصادر عن اقامته بدير معين، أو جماعة رهبانية معينة ينتمى لها. فتحت ضغط أبيه، توجه إلى المدينة الملكية لممارسة المحاماة، وهو الأمر الذى كان يمثل آنذاك مهنة صفوة أو عِلية المجتمع. ولعل الله كان يُعده بذلك لعمل جلل، فإن غزارة اطلاعه على النحو الموصوف به فى المصادر القديمة من أنه كان يقضى نهاره إلى وقت متأخر فى المساء فى الاطلاع، ووجوده بالقرب من مكتبة عاصمة الامبراطورية الشرقية، وسهولة اطلاعه، كمحامى، على ملفات المراسلات الامبراطورية، وصداقته بالقديس ساويرس وباباوات الأسكندرية على نحو مكنه من الحصول على مراسلاتهم منهم وإليهم، كل ذلك شكَّل مصادر قوية لعمله التاريخى الكنسى. فغطى الفترة ما بين 449م أو 450م إلى حوالى 461م. ويمكننى القول أنه، كمعاصر وشاهد عيان لكثير من الأحداث، لم يستطع التحرر بالطبع من النمط العام للكتّاب فى عصره، من الاسهاب فى أمور فرعية مهما ادعى من رغبة فى الايجاز حتى لا يمل القارىء، فضمَّن فى كتابه التاريخى، كما سنرى، أمورا تدخل تحت باب الأساطير وتغطى نحو 150 صفحة فى المخطوط السريانى.
وما من شك فى أنه لفت أنظار غير الخلقيدونيين فى القنسطنطينية ، ومنهم يوبراكسيوس Eupraxius حارس مخدع الملك الذى أهداه تاريخه الكنسى، والخصى ميصائيل الذى أهداه اعمال بطرس الأيبيرى (المفقود) وسيرة ثيودور اسقف انتينوى بمصر(مفقودة)، وسيرة اشعياء.
وفى الفترة ما بين 527م و 536م، نسمع عنه فى مجمع القنسطنطينية الذى أدان ساويرس وأتباعه وحرمهم، ولكنه رفض التوقيع على أعمال هذا المجمع. وفجأة نسمع عنه كأسقف على متيلين([11]) mitylene بجزيرة ليسبوس Lesbos. واعتقد أنه سيم اسقفا فى الفترة التى مال فيها الامبراطور يوستنيان إلى ساويرس قبل أن يغيّر موقفه نحوه عقب زيارة آجابيتوس اسقف روما، أى فى حوالى 535/536م. ومن ثم مع تغير موقفه من هذا الفريق، وكان ذلك أمرا معتادا كما سنرى فى النص، لابد وأن يكون زكريا قد عُزِل بالتالى، حيث نجد بالفعل اسقفا آخر لميتيلين فى مجمع القنسطنطينية المنعقد سنة 553م. ولما كان (فى ك5:12) يقول "وهوذا منذ السنة الثالثة حتى التاسعة[أى فى 561م] وهم يطوفون بها". وفى (ك1:1 و3:1) نجد اشارة إلى سنة 880 A.S. أى سنة 569م، فإن بروكس يرى أن العمل الكنسى هذا قد كُتِب فى أوقات مختلفة، حيث يرى أن (ك4:12) يرجع إلى سنة 561م، و(ك7:12) يرجع إلى سنة 555م و(ك3:1) إلى 569م. ويستنتج من ذلك أن تكون وفاته بعد ذلك بقليل.
ميتلين mitylene أم مليتين Melitene ؟.
قلنا أن بروكس قد نعت مؤرخنا هذا بأنه اسقف ميتيلين، وأنه يرى أن النعت "ميليتين" الوارد فى الفقرة التى اقتبسها ديونيسيوس بار اتساليبى Dionysius Bar Tsalib، والواردة فى القصاصاصات الفاتيكانية([12]) التى وصلتنا، إنما هو خطأ فى النساخة.
ولكن أثناء ترجمة المُعرِّب للتاريخ الكنسى لسوزومينوس، ورد - ضمن أسماء الاساقفة الذين حضروا مجمع تيرانا لتثبيت عقيدة مساواة "الإبن للآب" فى الجوهر([13])- هذا الاسم واوتريوس اسقف مليتين Melitene بهجاء واضح. وبالرجوع إلى تاريخ هذه المدينة المذكورة فى نسخة سوزومينوس تبين لى أنها ترِد فى المصادر التاريخية فعلا بهذا الاسم "مليتين" دون خلط بين هجائه وبين هجاء ميتلين mitylene كما ورد فى ترجمة بروكس، والتى تقع كما ذكرنا فى جزيرة ليسبوس اليونانية الحالية. أما مدينة مليتين هذه الواردة فى عمل سوزومينوس فهى المدينة الحالية التى تقع فى جنوب شرق تركيا الحالية، والتى تذكرها المصادر العربية بإسم مالاطية([14]) . والمعروف أن المدينة القديمة كانت تُعرَف باللغة الأشورية بإسم Meliddu، ومنه جاء الاسم اليونانى مليتين، والذى انتقل بدوره الى اللاتينية. وتقع المدينة القديمة الآن على بعد بضعة كيلومترات من المدينة الحديثة باتالغازى([15]) بتركيا. والملفت للنظر أنها كانت مركزا لإيبارشية السريان الأرثوذكس. ويذكر المؤرخ الأرثوذكسى اللاخلقيدونى ميخائيل السورى أسماء اساقفتها والأديرة التى جاءوا منها من القرن التاسع الى الثانى عشر الميلادى.
ولأن هذه المدينة كانت ضمن أراضى أرمينيا قديما قبل قيام تركيا بحدودها السياسية الحالية، وكانت أرمينيا أساسا لا خلقيدونية، لذلك يُرجَّح المعرب هنا أن يكون زكريا البليغ قد كان اسقفا لمليتين، وليس متيلين حسبما يظن بروكس.
أعمـاله
فى نحو 490م نسمع عن عمله الفلسفى (حوار مع امونيوس) أو(خلقة العالم). ثم حياة اشعياء، وبطرس الايبيرى الذى وصلنا منه بضعة أسطر فقط بالسريانية، وسبعة فصول عن المانويين. فضلا عن كم من الكتابات المنسوبة اليه، والتى يدعوها الدارسون الغربيون "الأعمال المنحولة لزكريا". وهى على أية حال لا تهمنا كثيرا هنا.
وله "سيرة ساويرس الأنطاكى"، وقد حُفِظت فقط فى الترجمة القبطية لها([16]). وهذا العمل محذوف فى الترجمة السريانية لأعمال زكريا، ربما بعد حرم المجماع الخلقيدونية اللاحقة لساويرس وأتباعه.
ثم "تاريخه الكنسى" موضع انشغالنا هنا، وقد كتبه أصلا مثل سائر أعماله الأخرى باليونانية. وهذا شهد انتشارا واسعا لم يستطع المؤرخ الخلقيدونى القريب العهد منه واللاحق له ايفاجريوس الذى من مدينة ابيفانياEpiphania الواقعة على نهر أورانتس (= العاصى) بسوريا، أن يقضى على مخطوطته فألف تاريخا([17]) يحاول أن يدحض به عمل زكريا هذا. ويبدو أن الغرب والشرق الخلقيدونييَّن قضوا على الأصل اليونانى بصورة أو بأخرى، لكن الله لم يشأ أن ينمحى هذا العمل بالكلية، فكان أن أدمج مؤرخ سورى من القرن الثانى عشر، هو ميخائيل السورى، فى تاريخه باللغة السريانية، أجزاء كبيرة من مؤلف زكريا هذا بعد أن ترجمه من اليونانية إلى السريانية. وقد حُفِظت نسخة من مخطوطة هذا المؤرح الثانى، بدير السيدة العذراء الشهير بالسريان، بوادى النطرون فى مصر. إلى أن انتقلت ضمن مجموعة اشتراها الرحالة من الدير فى القرن التاسع عشر إلى مكتبة المتحف البريطانى([18])، فنشر land نصها عام 1870م وأضاف اليها مخطوطة ترجع إلى حوالى سنة600م.
ويغطى تاريخ زكريا البليغ الفترة حسبما يذكر فى التمهيد من 448م – 569م ولكن ما وصلنا منه يقف عند أحداث سنة 556م.
ترجمات "التاريخ الكنسى" لزكريا
كان أول من تصدى لإستخلاص التاريخ الكنسى لزكريا من عمل ميخائيل السورى، فى المخطوطة المعنونة بديونيسيوس وترجمتها إلى الإنجليزية، هما الدكتور هاملتون والسيد/بروكس سنة 1899م.
وهذه هى الترجمة التى اعتمد عليها المعرب هنا بصفة أساسية. ولكن، وكما يذكر بروكس نفسه فى المقدمة التى وضعها للعمل، كانت هناك صعوبات جمة فى اختيار "القراءة" المناسبة للكثير من الكلمات السريانية الواردة فى النص. ومن هنا كانت الغالبية الغالبة لهوامشه عرض الكلمة محل البحث بالخط السريانى كما وردت فى النص ثم تقديم الاقتراحات التخمينية لقراءتها. وطبعا هذا غير متاح فى طبعتنا هذه. لذلك قام المعرب بإدماج اقتراحه فى تعريب المتن، والاشارة إلى رأيه متى لزم ذلك فى الهامش، مرفقا بكلمة بروكس أو المترجم([19]).
ويعطينا بروكس نبذة مختصرة فى مقدمته لترجمته، لا بأس أن نوجزها هنا:
الفصل الأول من الكتاب الأول -----> مفقود بالكامل.
الفصل الأول من الكتاب الثانى -----> محذوف.
والكتب 2-6 كلها تقريبا كنسية. هى إلى حد بعيد كاملة هنا.
أما الكتب الباقية (7-10) فهى لسوء الحظ قد وصلنا منها قصاصات.
فالكتاب العاشر الذى يستمر فيه التاريخ إلى سنة 548م، لدينا منه رؤوس، أو عناوين، الفصول كاملة وأجزاء من الفصول ذاتها. وقد استطعتُ (أى بروكس)، استرداد بعض الفصول المفقودة من عمل ميخائيل. ومن قصاصات من يعقوب الذى من اديسا.
-----> الكتاب الحادى عشر، مفقود كله.
والكتاب الثانى عشر، لدينا منه قصاصة تغطى فقط من الفصل الرابع إلى منتصف الفصل السابع وهى تتناول الفترة 553-556م. أما بداياته إلى موضع ما من الفصل الرابع، فهو أيضا مفقود. وهذه الأجزاء المفقودة، واضح أنها، كما يقول، مفقودة من زمن مبكر، إذ لم يعثر عليها فى المخطوطة التى ترجم منها.
ولأن ترجمة 1899م كانت عملا مشتركا بين الدكتور هاملتون، والباحث بروكس، لذا يقول بروكس أن ترجمة الكتب 3-7 هى من د/هاملتون. اما ترجمة الفصل التمهيدى، والكتب 8-9 وقصاصات ك10 و 12، فهى منه.
ثم فى سنة 2011م، صدرت ترجمة أخرى لذات العمل من اعداد روبرت فينكس وكورنيليا هورن، عَلِمنا بها بعد الانتهاء من تعريبنا للنص حسب ترجمة بروكس كما قلنا. وعندما تصفحناها، لم نجد اختلافا يُذكَر. وقد قام المعرب، بالاسترشاد بها فى بعض المواضع القليلة التى شعر بتباين الدلالة بين ترجمة بروكس، وترجمة روبرت، واشار إلى ذلك صراحة.
ولكن، ينبغى الوعى جيدا أن كلا الترجمتين اللتين لبروكس ولروبرت، ليستا ترجمة كاملة لنص عمل زكريا البليغ، فقد حذف كلاهما معظم الكتابين الأول والثانى، وهما يغطيان، كما قلنا، نحو مائة وخمسين صفحة من الأصل فى المخطوطة السريانية، لأنهما يشتملان على أمور تدخل فى باب الأساطير، أو دعنى أسميها الفلوكلور الشعبى، مثل قصة "النائمين السبعة" فى أفسس والشهيرة فى الأدب العربى "بأهل الكهف"، والخلاف على كيفية عماد الملك قسطنطين، وقصة يوسف وأسنات، وتسلسل الأنساب. حيث رأى كلٌ من المترجمين، أن مثل هذه الأمور موجودة فى أعمال أخرى، أو تدخل فى دائرة اهتمام آخرين، ومن ثم لا يتعين إدراجها فى عمل تاريخى، بالمعنى المحدد للكلمة. ومن ثم ترجموا من هذين الكتابين الفصول أو الفقرات الخاصة بالتاريخ الكنسى، أو التاريخ المدنى المرتبط بالتاريخ الكنسى، والتى لها أهمية قصوى للمؤرخ، خاصة وأن الفترة التى كانت محل انشغال زكريا البليغ تداخلت فيها العلاقات السياسية للدولة مع الشؤون الكنسية بشدة، إلى الحد الذى يُمكن للمعرب أن يقول أن الدولة كانت آنذاك بتعبيرنا اليوم "دولة دينية".
ويقول روبرت أنه قدَّم فى طبعته ترجمة للفصلين16:10 و7:12. ولكننى لم أر حاجة اليهما لدمجهما فى العمل الكنسى هذا.
ويمكننى هنا أن أقدَّم جدولا قدمه روبرت فينكس عن مشتملات "التاريخ الكنسى" لزكريا البليغ، يمكننا الاسترشاد به بالنسبة لمصادر عمل زكريا حسب رأيه.
الكتاب
خاص بـ
ترجم
المصدر
ك1/1
المقدمة
نعم
غير معروف
ك1/2-3
الأنساب
لا
غير مؤكد
ك1/4-6
يوسف واسنات
لا
موسى من انجلنز
ك1/7
عماد قسطنطين
لا
غير مؤكد
ك1/8
اكتشاف رفات يوحنا المعمدان
لا
غير مؤكد
ك1/9
اسحق ودودو
نعم
غير معروف
ك2/1
النائمين السبع بأفسس
لا
غير مؤكد
ك2/2-4
تاريخ كنسى
نعم
سقراط، اعمال المجامع
ك2/5
خطاب بروكلس
لا
الخطاب نفسه
الاحداث المدنية (438-450)
نعم
الحوليات
ك3
عهد مرقيان، 450-457
نعم
زكريا
ك4
عهد ليو 457-474
نعم
زكريا
ك5و6
زينو وباسياكوس 474-491
نعم
زكريا
ك7
عهد انستاسيوس 491 - 518
نعم
الانستاسيات
ك8
عهد يوستين 518-527م
نعم
ك9
عهد يوستنيان، 527-537م
نعم
يوستنيان
ك10
عهد يوستنيان 537-
نعم
يوستنيان
ك10/16
وصف روما
قصاصة
ملاحظات اوربس
ك11-3:12
مفقود
ك4:12، 5
علامات نهاية العالم
نعم
كتابات رؤيوية
ك 12/6
احداث آميدا فى 550م
نعم
مصادر يوستنيان
ك7:12
وصف العالم
نعم
بتولمى
ك12/7
احداث القوقاز
نعم
مصدر شفاهى
ملاحظات على هذا العمل
سيقابل القارىء هنا اسلوبا قد يراه تكرار ولكنه بالنسبة للنساخة قديما، يفيد الباحث فى ضبط بعض الفقرات أو الجملة وتصويب ما يرد بها من أخطاء النساخة، مثلما نقول اليوم أخطاء السهو فى الطباعة. وهذا الأسلوب هو أن يورد المؤلف مختصرا للفصل كعنوان، ثم يكتب الفصل ولو كان سطرين. وبفضل هذه الطريقة فى التأليف، أمكن للمترجم بروكس تصحيح كلمات كانت ستؤدى بالتالى إلى تشوش شديد فى السياق وترتيب استنتاجات خاطئة بعيدة تماما عن قصد المؤلِّف الأصلى، كما سنرى فى حينه.
1- يلاحظ القارىء لزكريا أنه يميل فى اسلوبه الى استخدام التعبيرات الكتابية. فمثلا بدلا من أن يقول سبع سنوات، يقول وبعد مرور "اسبوع" من السنوات، وغنى عن القول أن هذا هو التعبير الذى استخدمه دانيال النبى فى السفر المعنون بإسمه. وكثيرا ما يُسقِط تأملات كتابية على أحداث تاريخية معينة، على نحو قد يصدم قارىء اليوم أو يختلف معه فى تأمله. ولكن علينا جميعا أن نتذكر أنه لم يكن يكتب وهو قابع فى برج عالى، أو بعد قرون من الحدث، أو وهو سائحٌ فى برية، وإنما كان يكتب وهو فى قلب الضغوط النفسية المريرة، والإبادة البدنية، ومصادرة الممتلكات، والطرد والنفى، وهدم الكنائس والحرق والتنكيل الجهرى برجال الدين غير الخلقيدونيين، اكليروس ورهبان، ولم تسلم حتى الراهبات من ذلك ليس على يدى الوثنيين كدقلديانوس، ولا على يدى الملك اليهودى مثلما حدث مع المسيحيين الحموريين بنجران (اليمن)، وإنما على يدى السلطة الدينية الخلقيدونية المتحالفة مع السلطة العسكرية الزمنية، وهذه هى الطامة الكبرى والكارثة الأشد عبر التاريخ البشرى، عندما يرتبط النظام الحاكم بدين معين أو مذهب معين. أقول ذلك لنلتمس العذر لمؤرخنا متى وجدنا عبارة هنا أو هناك قالها من شدة الشعور بالغبن والقهر. ولكنه فى الحقيقة كان صادقا على قدر ما يسمح به الضعف البشرى، فى ألاَّ يتدخل فى الحدث ذاته، وإنما كان يورده كما وجده فى المصدر الذى نقل منه.
2- ونلاحظ ثانية أن المؤرخ اعتمد هنا على نمطين فى تأريخ dating الحدث. أحدهما يُعرَف بالتاريخ السلوقى، أو التاريخ لليونان، وهذه أوجد المترجم لنا أولا بأول المعادل لها حسب التقويم الميلادى قدر الإمكان. وهناك تاريخ آخر نعته بكلمة Indiction وهذا عبارة عن دورة معينة من السنوات قدرُها خمسة عشر سنة، وتُحسَب السنوات فيها بالاعداد فيُقال السنة واحد من الدورة كذا، والسنة اثنان وهكذا. ولها طريقة حساب معينة([20]). وقد أُستخدمت هذه الطريقة فى مستندات العصور الوسطى فى شرق وغرب اوربا. فضلا عن طريقة التأريخ بالأولمبياد. وقد أشرنا إلى ذلك فى الهوامش فى مواضعها. وكان يكتبها دائما بالحروف اليونانية، مما استلزم من المترجم(بروكس) أن يترجمها هو أيضا بالحروف ولكننى استعضت عن ذلك فى بعض المواضع بالأرقام تسهيلا للقارىء.
3- هناك نعت يتكرر بإستمرار فى هذا النص، وله دلالة معينة لدى الأنبا زكريا البليغ يتعين أن نشير إليه هنا، وهو "المؤمن". فهو يقصد به دائما، الشخص الأرثوذكسى غير الخلقيدونى، أى الرافض لمجمع خلقيدون و"طوم"([21]) ليو.
4- هذا العمل يفيد كثيرا فى التعرف على مدى ارتباط الليتورجيا بالأحداث العقائدية التى شهدتها الكنيسة الجامعة عبر التاريخ. وكيف كان الآباء يُدمِجون العقائد الجوهرية للأرثوذكسية، فى الليتورجية، والتسابيح الكنسية([22])، ومدى تفاعل الكراسى الأرثوذكسية مع بعضها البعض تأثيرا وتأثرا. فعلى سبيل المثال "يا مَن صُلِبت عنا" لم تُوجَد أولا فى الاسكندرية بل فى انطاكية، ومع ذلك سرعان ما قبلتها كنيسة الأسكندرية وأدمجتها فى الثلاثة تقديسات. ويساعدنا هذا العمل على التعرف على كيفية فهم كل فريق لهذه التسبحة.
5- كذلك يساعدنا هذا العمل على معرفة أعلامنا الأرثوذكس غير الخلقيدونيين من الكنائس الشقيقة، وبالتالى ما وصلنا، وما لم يصلنا من أعمالهم.
6- ومن هذا النص نلم أيضا بمؤلفات الهراطقة، والخلقيدونيين، ونكتشف أساليب التحايل التى كان يلجأ اليها الفريق الأول لخداع البسطاء، واساليب التزوير لنصوصنا التى كان يستخدمها الفريق الثانى والتى اشتكى منها قديسنا الأنبا ساويرس الأنطاكى، وفضحها.
7- ورغم أن هذا العمل هو أساسا تاريخى فى المقام الأول، إلا أننا نستطيع تتبع اشارات طقسية كثيرة، نوهنا اليها فى مواضع عدة فى النص.
8- تميز هذا العمل بإحتوائه على عدد كبير من الوثائق الأولية والتى مكنته وظيفته بالمدينة الملكية من الحصول عليها، والتى قدَّرها بلودو([23]) بنحو عشرين، والتى كانت مودعة بمكتبة القنسطنطينية ، وملفات القصر الامبراطورى.
9- يُقر المترجمان([24]) من السريانية إلى العربية، وكذلك روبرت فينكس، بإضطرارهم إلى اضافة كلمات بين أقواس مربعة لإمكان نقل المعنى من اللغة السريانية إلى القارىء باللغة الانجليزية، محتفظين بالأقواس الصغيرة لإضافات الناسخ الأول. ولما كان المعرِّب بدوره مضطر إلى وضع اضافات تمكن القارىء العربى من متابعة النص، وكانت عادته وضع الإضافة بين القوسين المربعين، فإنه متى كانت الإضافة بين هذين القوسين من المترجمان اشار إلى ذلك فى الهامش، والباقى خاص به.
10- بالنسبة لشكل الاسماء الواردة فى النص، فهذه عربتها لفظا حسبما وردت بشكلها فى المتن، ثم قمت بتسجيل معظم إن لم يكن كل الأشكال التى ورد بها هذا الإسم فى المخطوطات العربية القديمة، وأشكاله فى الكتابات العربية الحديثة، المصرية والشامية، لكى يألف القارىء عليها ويسهل البحث بها فى مواضع البحث الآلى.
11- سوف يجد القارىء فى متن العمل الأصلى هنا، أن أسماء سائر باباوات الكراسى الرئيسية والبطاركة، مذكورة بدون الألقاب الرسمية المتعارف عليها الآن، سوى عبارة "أسقف مدينة.."([25]).
وأخيرا وليس آخرا فإننى أتوجه بالشكر إلى صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا ابوللو على تفضله بتصدير هذه الطبعة واهتمامه الكبير بالدراسات والأبحاث الجادة، وإلى سائر الآباء الأحباء، والإخوة الزملاء الباحثين الذين ساهموا فى إخراج هذا الكتاب. وأخص بالشكر الأخ الدكتور/ صموئيل القس قزمان الأستاذ بجامعة مونستير بألمانيا على تفضله، وسط مهامه الرسمية وانشغالاته العديدة، بقراءة الترجمة الأولية وتزويدنا بالتعليقات والملاحظات والهوامش العديددة القيمة التى بلا شك قد طرَّزت النص المترجَم وزخرفته بخيوط ذهبية جميلة.
بــولا ساويرس
1 يوليو 2013م [email protected]
المقـدمـة لـبروكس
فى مخطوطة المتحف البريطانى رقم17202، هناك عمل تاريخى بالسريانية، كان قد نُشِر بواسطة الدكتور لاند Land بعنوان Zachariae Ep. Mitylenes aliorumque scripta historica Graece plerumque deperdita. وفى مخطوطة الحوليات التى بدون اسم مؤلف، ولكنها معنونة ببساطة بعنوان"مجلد بسجلات الأحداث التى وقعت فى العالم."، ترد فيها مقتطافات من ذات العمل (أيضا بدون اسم). وفى Cod. Syr. Vat. 146 (سابقا 24) ورقة 78. وهذه المقتطفات والاقتباسات قد نشرها السمعانى باللاتينية فى مايو 1838م. وهناك فقرة فى هذه القصاصاصات الفاتيكانية اقتبسها ديونيسيوس بار اتساليبى Dionysius Bar Tsalibi على أنها "من زكريا البليغ واسقف مليتين" بينما يعزوها السمعانى للمؤلف "زكريا من مليتين". ويتأكد اسم زكريا من حقيقة أن مخطوطة المتحف الرومانى رقم 12154 تحتوى على اقتطافين من حوليتنا المسجلة على انها "التاريخ الكنسى لزكريا". وبالاضافة إلى ذلك فإن ايفاجريوس فى كتابيه الثانى والثالث من تاريخه يذكر مرارا كاتبا مونوفيزيا([26]) monophysite، كان يدعوه زكريا البليغ، وهذه المقتطفات وثيقة الصلة مع نصنا. كذلك يرد ذكر "زكريا البليغ" أيضا لدى ميخائيل السريانى (الذى نسخه غريغورى ابو الفرج)، عن مجمع افسس الأول، وقصة النائمين السبع، واحداث عهد مركيان، والضربة فى عهد يوستنيان([27]).
ومع ذلك، بالرجوع إلى العمل المحفوظ فى مخطوطة لندن، نجد أنه فى ملحق الكتاب الثانى يسجل المؤلف أن الكتاب الثالث مستمد " فى معظمه من حولية زكريا البليغ الذى كتب باليونانية إلى رجل يدعى يوبراكسيوس Eupraxius الذى عاش فى البلاط، وخُصِّص لخدمة الملك والملكة". ويفتتح الفصل الأول من الكتاب الثالث، بتمهيد لزكريا موجه إلى يوبراكسيوس. ومرة ثانية فى ملحق الكتاب السادس يرِد أن ذلك الكتاب مأخوذ من حولية زكريا البليغ الذى كتب عن هذه النقطة باسهاب طويل طبقا لعادة الاسهاب اليونانية". وواضح من هذا أن عمل زكريا ينتهى بسنة 491م، وأنه كان فقط واحدا من المصادر التى اُستُخدِمت فى العمل المؤَّلف الذى تحت يدنا، والذى اتبعه فى الكتب3-6 فقط، والذى التصق اسم زكريا بالخطأ على باقيه([28]) من قِبل الكتاب اللاحقين. وقد تأكد هذا من حقيقة أن كلَا من الكتب 4-6، وليس سواها، يَرِد فى مقدمتها أنها مأخوذة من زكريا، حيث ترِد عبارة "التاريخ الكنسى لزكريا" فى رأس الصفحة فى الكتب 3-6 فقط (بإستثناء ك1). وأن الاقتباسات الواردة فى ايفاجريوس تقتصر على هذه الكتب الثلاث ذاتها.
أما بالنسبة لهوية زكريا فإن سيرة اشعياء الراهب المنشورة بواسطة الدكتور لاند من مخطوطة المتحف البريطانى رقم 12174 ورقة 142، تُنسَب فى المخطوطة إلى "زكريا المدرسى الذى كتب التاريخ الكنسى". وسيرة ساويرس Severus لنفس المؤلف التى نشرها الدكتور سبانوث Spanuth من مخطوطة ببرلين (مجموعة ساخاو Sachau،321), نعلم منها أن زكريا كان مواطنا من غزة، درس القانون مع ساويرس فى الاسكندرية وبيروت فى عهد [الامبراطور] زينو. وامتهن المحاماة فى القنسطنطينية حيث كان يعيش وقت كتابة السيرة. ولذلك يكون التردد قليلا فى مطابقته بزكريا([29]) الغزواى الذى تُوَّجه له قصيدة من يوحنا الغزواى. وكذا بزخاريا المرسَل اليه خطابات عديدة من بروكوبيوس الغزواى وبمؤلف حوار de mundi opicio المسطَّر فى مخطوطة يونانية والذى يسجل فى مقدمته أنه درس بالاسكندرية. وأما كلمة melitene عند ديونيسيوس فهى خطأ لكلمةmitylene ([30]). وقد حضر زخاريا الذى من ميتلين([31]) مجمع عام 536م. ولكن فى سنة 553م كان الذى يشغل هذا الكرسى [شخص اسمه] بالاديوس([32]). ومن ثم يمكننا أن نستدل من ذلك أن زخاريا البليغ([33]) rhetor أو المدرسى الغزواى قد أقام فى القنسطنطينية بين سنتى491م و518م، وأنه كتب التاريخ الكنسى عن الفترة 450-491م. وكتب أيضا حياة ساويرس([34]) فى الفترة بين 511 و 518م. وفى وقت متأخر ربما اتفاقا([35]) مع ايمان خلقيدون سيم اسقفا على ميتلين. وتوفى أو عُزِل بين سنتى536 و553م. وقد أهدى التاريخ الكنسى إلى أحد رجال الحاشية الملكية، يدعى يوبراكسيوس Eupraxius. وهذا قد ورد ذكره أيضا فى سيرة ساويرس على نحو يتضمن أنه قد توفى، مما يعنى أن التاريخ قد كُتِب فى حياته. وما من شك فى أنه هو ذاته كان حارس مخدع الملك الذى وُجهَّت إليه رسالة ساويرس.
إذن عمل زكريا يشكل أساس كتب مؤلفنا([36]) هذا(ك 3-6). ومع ذلك لم يُدمِج مؤلفنا عمل زكريا بالكامل، ولكنه لخصه كما هو واضح من حقيقة اقتباس ايفاجريوس لعبارة لزكريا ليست موجودة فى نصنا هذا([37]). ومن ناحية أخرى الرواية الأساسية فى هذه الكتب متجانسة على وجه العموم. ويمكننا أن نفترض أنها لم تستخدم أى مصدر آخر. ومع ذلك فى الفصل الأول من الكتاب الثالث، ترد ثلاث فقرات تتطابق تقريبا مع عبارات يوحنا الافسسى، ولذلك ربما تم حشوها فى النص الأصلى إما من يوحنا نفسه أو من مصدر آخر حيث يمنعنا تطابق اللغة من افتراض الاستعمال العام لزكريا اليونانى. ويمكننا أن نعزو أيضا الى مصدر آخر قائمة الاباطرة والتاريخ المدنى المختصر الذى يختم به الكتاب الثالث، والملخص التاريخى فى نهاية مقدمة الكتاب الرابع، والاشارة إلى موت زينو والأحداث المدنية فى عصره فى ك6:6.
ويبدأ المصنف بفصل تمهيدى يحتوى على الخطة العامة للعمل. ومنها نعلم أن العمل كله كان مساهمة من رجل واحد، وليس مجموعة اقتباسات.
أما عن شخصية الكاتب فهناك احتمالان ممكنان: الأول من عبارة "أعرفه" فى ك7ف5 اثناء الحديث عن جادونو Gadono الذى شارك فى حملة آميدا([38])Amida سنة 503م . والثانى فى ك9 ف18 حيث يرد نفس التعبير عن شخص ايطالى يدعى دومنيك أو ديمونيكس الذى هرب إلى القنسطنطينية خلال حكم القوط. ولكن لا يمكن التأكد فى أى من الحالتين من أن المؤلف ينسخ التعبير من كاتب آخر. فهذا الافتراض يدعمه فى الحالة الأولى التاريخ المبكر للأحداث المروية، وفى الحالة الثانية حقيقة أن يوحنا الأفسسى الذى يظهر أن مؤلفنا قد استخدمه، كان يقيم فى القنسطنطينية ، بينما انشغال مؤلفنا يقع بالكامل فى الشرق.
أما عن مكان الكتابة، فنجد أن المؤلف يتحدث فى ك5:12 عن واقعة حدثت فى آميدا قائلا "هنا"، ومنها نستدل أنه كان يعيش فى آميدا أو ميسوبوطاميا([39]). كذلك علاقته بآميدا تظهر من معرفته ليوستاس Eustace مهندس آميدا كما نرى من ك19:9. والاشارة الخاصة إلى الحامية الاسكندرية فى آميدا. وارتباط المؤلف بالأسرى الآميديين فى 7:12 واذا كانت الفصول 3-5 من ك7 أصلية فإن الالمام الوثيق بتاريخ آميدا الظاهر فيها لا بد أن يؤخذ فى الحسبان.
أما تاريخ الكتابة فمذكور فى 1:1 و3:1 بأنه سنة 880 A.S. أى سنة 569م. وهذا التاريخ لا بد أن يكون تاريخ الانتهاء من العمل على نحو يعنى أن أجزاءً مختلفة قد كُتبت فى أوقات مختلفة. فمثلا ك4:12 كُتٍب فى سنة 561م، ك7:12 فى سنة 555م، ك12:10- الذى استرددته من ميخائيل ـ كُتب فى سنة 545م. ولكن لما كان نمط الرواية يجعل من الصعب تصديق أنها كُتبت فى خلال سنة الأحداث المسجلة، فإن عبارة "السنة الثامنة هذه" يجب أن تُفهم كما يلى" السنة الثامنة هذه التى نتناولها الآن". وطوال تاريخ عهد يوستنيان يتحدث المؤلف عن الامبراطور على أنه مازال حيا.
غير أن صعوبة ما تنشأ بالنسبة للتاريخ من استخدام رسالة سيمون من بيت ارشامArsham فى ك3:8. فهذه الرسالة توجد فى عمل يوحنا الافسسى (كما هو محفوظ فى الحولية المنسوبة لديونيسيوس) وكلاهما مختصر للرسالة الاصلية المحفوظة فى المتحف البريطانى، ومتحف بورجيان، والتى طبعها البروفيسور جودى. ولا يمكن لرجلين أن يكونا لهما نفس الملخص لنفس المستند، ومن ثم لابد أن يكون أحدهما قد نسخ عن الآخر([40]). وكون أن الناسخ هو مؤلفنا فهذا يظهر من حقيقة أن الرسالة تظهر فى عمله قائمة بذاتها بينما عند يوحنا الافسسى مدمجة فى روايته عن الشؤن الهومرية . وأيضا رواية مؤلفنا عن آميدا فى 5:8 متماثلة مع السمعانى لدرجة أنها على الرغم من التنوع لا تظهر أنها نسخت اعتباطا وبالكاد يُصدق أنها مستقلة تماما.
ومع ذلك، كان الجزء الثانى من تاريخ يوحنا الافسسى غير كامل قبل سنة 571م بينما أتم مؤلفنا كما رأينا عمله فى سنة 569م. ومع ذلك ليس من الضرورى أن نفترض أن الجزء الثانى من عمل يوحنا الافسسى قد نشر فى وقت واحد. فنحن فى الواقع نعرف من روايته أن الاضطهاد الذى بدأ سنة 518م، والتى إن لم تكن جزء من التاريخ الكنسى فلابد أنها قد أضيفت بعد ذلك، بدرجة كبيرة. وروايته عن اضطهاد الهوميريين قد نُشِرت قبلها بثلاثين سنة قبل 567م. فإذا أخِذ هذا التاريخ حرفيا فهو حقا تاريخ مبكر جدا بالنسبة لغرضنا. حيث أن رؤوس الفصلان 2و3 من كتابنا العاشر مفقودة والتى تتناول اضطهاد ابراهام بار خيللى فى آميدا فى الفترة 537-539م، بالمقارنة مع الفصول التى فى ديونيسيوس المسجلة عن يوحنا. ولذلك يجب افتراض أنها مستمدة من عمل متأخر. ومع ذلك فى إحدى قصاصات التاريخ يذكر يوحنا رواية عن هذا الاضطهاد كان قد كتبها. ومن ذلك ينتُج أنه إما أن تاريخ الاضطهاد لم يكن قد كُتب قبل سنة 539م. وإما أن عملا لاحقا يتناول هذا الاضطهاد الثانى قد أضيف بعد ذلك([41]). وفى كلتا الحالتين لدينا شرح كاف لاستخدام مؤلفنا ليوحنا([42]). ومع ذلك لم يكن مؤلفنا مجرد ناسخ ليوحنا الافسسى لغاية أحداث 540م فعلى سبيل المثال رواية يوحنا عن زلزال انطاكية سنة 526م المحفوظة تختلف تماما عن رواية مؤلفنا. وروايته عن اضطهاد اديسا فى ظل اسكليبيوس من الصعب جدا أن تماثل الرواية فى نصنا(4:8)، ولكن العلاقة الحقيقية بين الاثنين يمكن حلها عندما يُنشر النص الكامل للعمل المنسوب إلى ديونيسيوس.
هذا التعقيد يجعل من العسير تحديد ما إذا كانت فقرة معينة لدى ميخائيل([43])مشتقة من مؤلفنا([44]) أم من يوحنا. ولذلك وجدتُ من الأفضل الاشارة إلى ميخائيل طوال العمل عن المخاطرة بقرارات اجتهادية قد تضر. ولما كان عمل ميخائيل لم يُنشر([45]) فقد أضفتُ الاشارات المرجعية إلى ناسخه غريغورى.
وهناك فى الواقع إختبار يمكن التمييز به، وهو أسلوب التأريخ dating فيوحنا يؤرخ بسنوات سلوقية فقط بينما يستخدم مؤلفنا احصاءً استدلاليا، ويكتب بصفة عامة الأرقام باليونانية، وهو أسلوب قد وُجِد أيضا فى حولية من اديسا. واستخدام هذه الطريقة فى عمل ميخائيل قد مكننى من استرداد بعض الفصول المفقودة من الكتاب العاشر.
+ + +
ويحتوى الكتاب الأول على فصول تمهيدية، ومناقشة تاريخ التكوين، وتاريخ يوسف وآسنات، واعمال سلفستر، ورواية اكتشاف رفات اسطفانوس، وغمالائيل ونيقوديموس بواسطة الكاهن لوقيان. ويختتم بوصف قصير لإثنين من الكتّاب السريان الأوائل.
ويحتوى الكتاب الثانى على قصة النائمين السبعة([46]) فى الفصل الأول. بينما يتناول الفصل الثانى السرد التاريخى مستهلا بمجمع القنسطنطينية سنة 448م. وفى نهاية الكتاب التاسع يصل إلى الاستيلاء على روما سنة 536م.
والفصل الأول من الكتاب الأول مفقود بالكامل.
والكتب من الثانى إلى السادس كلها تقريبا كنسية. أما الكتب 7-9 فبها معلومات قيمة للغاية بالنسبة للشؤن المدنية وبالأخص العلاقة بين روما وفارس([47]). وهذا العمل إلى حد بعيد كامل إلى هنا.
أما الكتب الباقية فهى لسوء الحظ قد وصلنا منها قصاصات. فالكتاب العاشر الذى يستمر فيه التاريخ إلى سنة 548م، لدينا رؤوس الفصول كاملة وأجزاء من الفصول ذاتها. وقد استطعتُ استرداد بعض الفصول المفقودة من عمل ميخائيل. ومن قصاصات من يعقوب الذى من اديسا.
والكتاب الثانى عشر، لدينا منه قصاصة تغطى فقط من الفصل الرابع إلى منتصف الفصل السابع وهى تتناول الفترة 553-556م.
أما العمل الأصلى فكان يغطى كما قيل لنا فى التمهيد إلى سنة 569م.
أما بالنسبة للموضوع الاسطورى الوارد فى بداية العمل، فعلى الرغم من أن له قيمته الخاصة فى المقارنة بينه وبين النسخ الأخرى لنفس الاسطورة، وهو قائم بذاته عن بقية العمل، إلا أنه بوضعه الحالى لا يختلف كثيرا عما هو موجود فى النسخ اليونانية واللاتينية ، ولذلك لم أر داعيا لترجمته فحذفته.
وبالنسبة للأجزاء الباقية، الفصل الأول من الكتاب الثانى محذوف
والكتب 3-7 ترجمة الدكتور هاملتون. أما الفصل التمهيدى، والكتب 8-9 ، وقصاصات ك10 و 12 فأنا المسؤول.
الـكـتـاب الأول
[مجلد روايات الأحداث التى حدثت فى العالم]
الكتاب الأول: الفصل الأول اعتذار عن القيام بالعمل. الفصل الثانى خاص بالرسالة التى تحتوى على طلب جدول الأنساب فى سفر التكوين. والفصل الثالث، دفاع عن جدول الأنساب وفقا لقانون التسلسل التاريخى الوارد أسفل. الفصل الرابع، خاص بالرسالة التى تحتوى على ترجمة الكتاب اليونانى لأشعياء الذى وُجِد فى مكتبة بيت بيرويا Beruya الاساقفة من مدينة راس العين Rhesaina([48]). الفصل الخامس خاص بالرد على الرسالة. الفصل السادس، ترجمة كتاب اشعياء. الفصل السابع ترجمة "سيرة سلفستر، بطريرك روما"، ويروى اهتداء وعماد قنسطنطين الملك المؤمن، ومنازعات المعلمين اليهود. الفصل الثامن خاص بالرؤية الخاصة بمستودع رفات استيفانوس ونقوديموس وغمالائيل وهبيب ابنه. الفصل التاسع عن اسحق ودودو الملافنة السوريين.
الكتاب الأول : الفصل الأول
ان الرجال الذين كانوا يتحركون([49]) كحيوانات برية غير عاقلة (وكانوا مجرد حيوانات) بعاداتهم الغبية وتقاليدهم الشريرة وميولهم الفظة وحياتهم الأرضية وتقاليدهم الشرير، قد سلَّموا من واحد لآخر التتبع الشغوف للأهواء وفساد الجسد والرغبات الجسدانية الدنسة. أولئك الرجال الذين دعاهم الكتاب المقدس جسدانيين قائلا "لا يمكث روحى بعد بين البشر فهُم جسد"([50]). والذين دعاهم أيضا سليمان([51]) بالمنافقين قائلا " لكن المنافقين استدعوا الموت بأياديهم وأقوالهم، ظنوه حليفا لهم فاضمحلوا، وعاهدوه لأنهم أهل أن يكونوا من حزبه. لأنهم قالوا فى أنفسهم ( ولم يعقلوا الصواب) إن حياتنا قصيرة وشقية، وليس لممات الانسان من دواء، ولم يُعلَم قط أن أحدا قد نجا من الجحيم([52]). لقد وُلِدنا اتفاقا وسنكون بعد كأننا لم نكن قط لأن نسمة مناخيرنا كدخان، والنطق شرارة من حرارة قلوبنا. فإذا انطفأت عاد الجسم رمادا وانحل النفَس كنسيم رقيق وزالت حياتنا كأثر غمامة، وكضباب يسوقه شعاع الشمس، ويسقط بحرها. ويُنسَى اسمنا بعد وقت، ولن يتذكر أحد أعمالنا، لأن حياتنا ظل يمضى سريعا، ولا دواء لنا عند الموت، لأنه يختم علينا ولا أحد يرجع. فتعالوا إذن لنتمتع بالطيبات الحاضرة ولنستخدم سريعا الخليقة فى الشبيبة. لنرتو من الخمر الفاخرة ونتضمخ بالأدهان، ولا تفتنا زهرة الآوان. ولنتكلل بزهور الورد قبل أن تذبل، ولا يكن أحد منا بلا مرح إلى شيبتنا. ولنترك فى كل مكان أثرا على فرحنا.لأن هذا هو حظنا ونصيبنا"([53]). هؤلاء فعلوا كما شهد موسى([54]) "وكانت الأرض كلها لسانا واحدا ولغة واحدة وحدث فى ارتحالهم شرقا أنهم وجدوا بقعة فى أرض شنعار وسكنوا هناك. وقال بعضهم لبعض هلم نصنع لبنا ونشويه شيا. فكان لهم اللبن مكان الحجر، والحُمر مكان الطين، وقالوا هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء، ونصنع لأنفسنا اسما لئلا نتبدد على وجه الأرض". وكدوا وشيَّدوا بغيرة برجا، ولكنهم عبثا تعبوا.
وأيضا شيَّدت أسباط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى، عندما رجعوا عن باقى الاسباط اخوتهم الذين امتلكوا أرض الموعد، أقاموا مذبحا عظيمَ المنظرِ فى الجلجال فى عبر الأردن فى أرض كنعان من الحجارة التى جمعوها. وعندما سمعت باقى الأسباط بذلك، جاء فينحاس بن اليعازر الكاهن ورؤساء المجمع وقادة قوات اسرائيل إليهم، واستعلموا منهم عن ذلك فأجابوهم "ليكون شاهدا بينكم وبيننا حتى لا يقُل أبناؤكم لأبنائنا فيما بعد، ما لكم وللرب إله اسرائيل يا بنى رأوبين وبنى جاد؟. فهوذا قد وضع الرب حدا بينكم وبيننا هو الأردن([55]) فقلنا نصنع لأنفسنا مذبحا، ليس لمحرقة ولا لذبيحة ولا لتقدمة، ولكن ليكن شاهدا بينكم وبيننا وبين أجيالنا من بعدنا"([56])
وأيضا جدعون بعدما تغلب على المديانيين، فرش رداءً وطلب من كل رجل من الرجال الذين معه الأقراط التى جمعها. فكان وزن الاقراط التى طلبها ألف وسبعمائة شاقل ذهبا. فأخذها جدعون وصنع منها افودا ووضعه فى قريته([57]) عفرة. فضلَّ بنو اسرائيل وراءه وصار فخا لجدعون وبيته([58]).
وأيضا أم ميخا من جبل افرايم([59]) تلقت هى أيضا من ابنها أحد عشر مائة شاقل من الفضة وصنعت تمثالا منحوتا وتمثالا مسبوكا.
وأيضا أبشالوم بن داوود، أقام وهو حى نُصبا، فى غور([60])الملوك، لأنه قال ليس لى أحد يحفظ ذكرى اسمى. ودعا النُصُب بإسمه. فدُعى نُصُب ابشالوم إلى هذا اليوم.([61])
وأيضا ميثوديوس أسقف اوليمبوس والشهيد، فى العمل الذى وجهه إلى أجلوفون بشأن قيامة الأموات، يخبرنا بقصة فدياس الصانع والنحات الذى صنع تمثالا من العاج جميل المشاهدة، ولكى ما يجعله يدوم لمدة طويلة دون أن يتشقق أو يتداعى سكب زيتا عند قاعدته ودهن الباقى.
ونحن نرى تماثيلا لأشخاص عديدين فى مواضع عديدة، وسجلات مكتوبة على اوراق البردى بشأن أحداث عديدة قد حدثت فى العالم، وكذلك، تماثيل تُقام لحفظ ذكرى ومدح استحقاقات اولئك الذين ماتوا.
لذلك كم هو عادل وصواب أن يجد الحصيف والغيور الأحداث التى وقعت من وقت لآخر بعد تلك المدونة فى التواريخ الثلاث التى ليوسابيوس وسقراتيس وثيودوريت، المتناثرة وغير المجمَّعة، مجمعة معا فى كتاب واحد على قدر الإمكان، من الوثائق، أو الرسائل أو المخطوطات أو التقارير الموثوق بها. فهذا سيكون لفائدة المؤمنين وأولئك المهتمين بالتعليم السليم والامتياز العقلى.
فليعيننا المسيح الهنا على تسجيلها، ونسأله أن يهبنا الحكمة والبلاغة لنكتب بدون تشويش الوصف الحقيقى للأمور التى حدثت.
والآن، لما كانت المخطوطات السريانية لجدول تسلسل الأجيال فى سفر التكوين بها بعض الاختلافات عن تلك التى فى اليونانية وقصور ليس بالقليل فى عدد السنوات فإنه من الصواب لنا، اتفاقا مع عملنا، ومن المعقول أن نبدأ بسفر التكوين ثم نستمر بعد ذلك مع كتاب اشعياء، وبعدئذ نتناول سيلفستر واهتداء قنسطنطين الملك وعماده حيث أخفق يوسابيوس فى روايته، وحاد فيه سقراتيس عن الصواب (لأن الملك لم يعتمد فى نهاية حياته كما كَتب([62]) إذ أن قصة اهتدائه بواسطة سيلفستر محفوظة أيضا كتابة وبالصور فى أماكن عديدة بروما حسبما اخبرنا مَن كانوا هناك بما شاهدوه). وأكثر من ذلك ما يخص الرؤيا الخاصة بمثوى عظام اسطفانوس ورفقائه، وما يخص اسحق ودودو المُعلِميَن السريانيَين.
وهنا ننهى الكتاب الأول، ثم نكتب بعد ذلك على قدر ما نجد فى هذه المصادر الأحداث التالية فى كتب منفصلة، وفى الفصول العديدة التى تحتويها. كما هو مكتوب بعده، من السنة الثانية والثلاثين لثيودوسيوس بن اركاديوس إلى سنة 880 لليونان([63]).
والآن نلتمس من القراء أو السامعين ألا يلوموننا إذا لم ندعُ الملوك بالمنتصرين والجبابرة، والجنرالات بالصناديد والحاذقين، والأساقفة بالأتقياء والمباركين، والرهبان بالأطهار والمكرمين، لأن غرضنا هو رواية الحقائق متتبعين خطوات الكتاب المقدس. ولا نقصد فى روايتنا مدح أو اطراء الحكام بكلمات تملق، أو أن نذم ونسىء بإنتهار أولئك الذين لهم ايمان مختلف شريطة أن لا نجد شيئا ما من هذا القبيل، فى المخطوطات والرسائل التى نحن عتيدون أن نترجمها([64]).
الكتاب الأول
ç قلنا أن الفصول الثمانية الأولى من الكتاب الأول مفقودة فى هذه النسخة التى طُبِع نصها هنا بالانجليزية([65]).
الكتاب الأول: الفصل التاسع
هذا الفصل عن اسحق ودودو الملفانيَن السريانيَّن اللذين عاشا فى أيام الملكيَن المؤمنيَن أركاديوس وثيودوسيوس.
برز اسحق الملفن([66])، وهو مواطن من سوريا، من أحد الأديرة الكائنة فى الغرب. وفى اجتهاده توجه إلى روما، وسافر أيضا إلى مدن أخرى. وكانت له كتب مملوءة بالتعاليم المفيدة تشتمل على تعليقات على كل مواضيع الكتاب المقدس متتبعا [تقاليد]([67]) افرايم وتلاميذه.
كذلك كان دودو راهبا فاضلا من ساميكا Samke'، وهى بلدة([68]) تخص منطقة آميدا Amida. وقد أُرِسل من قِبل قادة الشعب إلى الملك بسبب المجاعة والسبى الذى حدث فى تلك البلاد فى أيامه، فكان محل قبول كبير. وكان لهذا الرجل أيضا، كما يظهر لنا، نحو ثلاثمائة عمل، أكثر أو اقل، عن كل أمر فى الأسفار المقدسة، وعن القديسين. وأيضا تسابيح([69]).
الكتاب الثانى
بعد (التاريخ) الكنسى ليوسيبيوس القيصرى كتب كل من سقراتيس([70]) Socrates وثيودوريت Theodoret، فى المقالات التى ألفوها على التوالى، إلى السنة الثانية والثلاثين من عهد ثيودوسيوس الصغير([71]) تذكارا ولفائدة الفطنين بأفضل ما استطاعا، ورويا المعاملات والأمور التى جرت فى أماكن مختلفة والتى اجتهدا فى تجميعها من المجلدات والرسائل والسجلات وأحاديث الأحياء التى فحصوها.
وبناء عليه، أنا أيضا على الرغم من عدم كفايتى، مزمع أن أكتب، بناء على طلبكم ومشورتكم، من أجل تعليم الاخوة ومن أجل تعضيد محبى العقيدة ولتثبيت المؤمنين بمعونة المسيح ربنا والهنا الذى يعطينا قوة الكلمة، وبمشورتك أيها الأخ المثابر وبصلواتك من أجل أن اكتب، الحقيقة بأسلوب بليغ بدون تشويش أو علة للوم.
وإذ استهل هذه المقالة للكتاب الثانى فاننى سأروى باختصار ما أمكن بدون اطناب أو ارهاق للقارىء أو ملل للسامع ما امكننى اكتشافه من حقائق وفحصها بعناية من السجلات و"الاعمال"([72]) والخطابات. وسأدون هنا حقيقة قيامة([73]) سبعة شبان كانوا فى كهف بمنطقة أفسس التى حدثت فى أيام ثيودوسيوس الملك([74])، وكذلك السجلات السورية إلى أُكتُشِفت، وذلك لحفظ تذكار القديسين، ولمجد الله القادر على كل شىء.
ثم أدون بإيجاز على شكل فصول حتى لا يطول سرد الأحداث لفترة واحدة ونحن نكتبها بالتفصيل، التى وجدناها فى" الأعمال" وفى كل مكان وماحدث خلال العشر سنوات الباقية من حياة ثيودوسيوس. أى سأكتب فى هذا الكتاب ما يمكن أن نقول أنه حدث فى القنسطنطينية ، بشأن الأرشيمندريت يوتيخس([75])، وفلافيان رئيس الكهنة، ومجمع الواحد وثلاثين اسقفا والإثنين وعشرين أرشيمندريت الذين التقوا معا وأقروا بحرم يوتيخس. وأيضا بشأن المجمع الثانى الذى عُقِد فى أفسس بشأن فلافيان فى أيام ديسقورس وجوفيناليس([76]) Juvenalisودومينوس والمائة وثمانية وعشرين اسقفا الذين كانوا معهم. ثم أبدأ الكتاب الثالث.
الكتاب الثانى: الفصل الثانى
[الفصل الثانى من الكتاب الثانى يخبرنا عن هرطقة يوتيخيس الكاهن وحرمه]
كان فى أيام الملك ثيودوسيوس أرشيمندريت كاهن حبيس ينتمى إلى القاطنين بالقنسطنطينية يدعى يوتيخس. وكان يزوره الكثيرون (الذين كانوا يلتجأون إليه بسبب عفته وتقواه) وتصادف أن كان فى المدينة، وبصفة خاصة مع جنود القصر المحبين للعقيدة لأنه فى ذلك الوقت كان نستوريوس([77]) Nestorus قد عُزِل ونُفِىَّ بعدل بسبب عقيدته الدنسة. نستوريوس هذا هو الذى علَّم الأراء الوضيعة بشأن تجسد الله الكلمة وتخيل أن الطبيعتين توجدان منفصلتين فى المسيح الهنا بعد الاتحاد وتمسك بأسبقية الطفل الذى حُبِل به وتشكَّل فى العذراء والذى دعاه "يسوع" و"المسيح". وعلَّم أن الله الكلمة قد حلَّ([78]) عليه أخيرا. وهى آراء تختلف قليلا عن تلك التى قالها بولس الساموساطى Paul of Samosata. وتماثل تعاليم مدرسة ديودورس([79]) Diodorus كثيرا التى درسها وقبِلها وأحبها، ولكنه رفض بخفة وبلا تأنيب ضمير أن يدعو القديسة مريم الدائمة البتولية([80]) بلقب "ثيوتوكس" theotokos على الرغم من أن الملافنة doctors الذين كانوا قبله: أثناسيوس وغريغوريوس وباسيليوس ويوليوس وآخرون قد دعوها هكذا. وأكثر من ذلك انتقدهم كما يشهد بذلك الكتاب الذى كتبه من الواحات إلى الكهنة والمواطنين. وبناء عليه إذ انزعج الكثيرون من عقيدته انعقد مجمع من مائة وثلاثة وتسعون أسقفا فى أفسس وفحصوا تعليمه بدقة واستدعوه ثلاث مرات طبقا للقانون الكنسى لكى يعتذر ويلوم تعليمه الخاص ويعترف بأن يسوع هو الله الكلمة الذى تجسد، اقنوم واحد وطبيعة واحدة، كما علَّم معلمو الكنيسة المقدسة. ولكنه لم يقتنع كما يروى سقراتيس أيضا فى الرواية المختصرة التى كتبها عنه والتى وردت بالكامل فى الأعمال الأصلية. ومن ثم كان حرمه فى أيام سيلستين([81]) Celestine وكيرلس وجوفيناليس([82]) Juvenalis قبل وصول يوحنا الأنطاكى والأساقفة المرافقين الذين كانوا قد تأخروا.
وفى نحو هذا الوقت، إذ أراد يوتيخس التأكيد على الطبيعة الواحدة للسيد المسيح، أن رفض حقيقة التجسد المأخوذ الجسد المستمد من العذراء، الذى أخذه الله الكلمة منها. وفى المحادثة التى تمت معه من قِبل أولئك الذين أتوا إليه، أكد يوتيخس هذا على عقيدة غير دقيقة لم تُعلَّم جيدا.
ولكنه علَّم كثيرين أن (الكلمة صار جسدا) كما يلبس الجو شكل جسدى ويصير مطرا أو ثلجا تحت تأثير الرياح، أو كمياه صارت ثلجا بفعل الهواء البارد.
وعندما انتشرت أخبار تعليمه الشرير فى الخارج، فحصها يوسابيوس من دوريليوم Dorylaem الذى تصادف أن كان فى المدينة، فأبلغ فلافيان رئيس الكهنة بشأنها واعطاه شكوى.
وتم استدعاؤه ثلاث مرات مِن قِبل الاساقفة الواحد والثلاثين الذين كانوا هناك والاثنين والعشرين أرشيمندريت لكى يأتى ويعتذر عن آرائه ويشجبها ويُقدم اقرارا مكتوبا بالاعتراف الحقيقى. وفى البداية، حقيقة، لم يشأ عمل ذلك قائلا فى مرة أنه مريض ولديه سعال وهو عجوز، وفى أخرى أنه عزم عزما ثابتا البقاء فى عزلة دائمة(إلى آخر هذه الأعذار)، متكلا على مساعدة جنود القصر الذين كانوا اصدقاء له. وسمع الملك عن هذه الأمور. وأخيرا عندما صدر مرسوما بحرمه، اضطِر إلى الحضور أمام مجمع الأساقفة. ومع ذلك لم يرذل تعليمه بإخلاص قلب تام ولكنه استمر قائلا "كما أنكم تُعلِّمُون بطبيعتين فى المسيح هكذا أنا اقول".
وها هى كل هذه الأمور مكتوبة بوضوح واحدة تلو الأخرى بإسهاب فى "أعمال" ذلك المجمع. ولكى لا نطيل روايتنا ولكن نضغطها بالأكثر إلى أقل ما يمكن كما يقول الحكيم، فإننا نُحجِم عن روايتها ثانية وكتابتها هنا. وحُرِم الآن، فى الاتهام الذى وُجِّه إليه، وفى المحادثة، وبصفة خاصة ما قيل من قِبل يوسيبيوس من دوريليوم عندما تحاور معه، الطبيعتان بعد الاتحاد تم تعليمها بوضوح بالاتساق مع عقيدة نستوريوس([83]). وكانت للمباحثات مع فلافيان نفس الرأى. أما يوتيخس فقد رفض حزب فلافيان ويوسيبيوس الذى عزله، وأرسل طعنا إلى ليو([84]) بروما الذى كان رئيس كهنة هناك ملتمسا فحص هذه الأمور فى مجمع آخر مؤملا أن يتلقى ردا على هذا الطعن. وعندما سمع حزب فلافيان بذلك كتبوا هم أيضا، وأرسلوا "أعمال" المجمع بشأن يوتيخس إلى ليو. فكتب الأخير خطابا إلى فلافيان دُعِى "طوم"([85]) فيه رؤوس كثيرة أدانها المعلمون العقائديون، والتى أدانها أيضا ديسقورس وتابعوه فى ذلك الوقت، ثم تيموثاوس الكبير الذى كان معه. [وأيضا] بواسطة مقالات كثيرة لآخرين، والتى حذفنا ذكرها وتدوينها هنا.
الكتاب الثانى: الفصل الثالث
[الفصل الثالث خاص بوصف مختصر لأعمال مجمع أفسس الثانى الخاص بأوطيخا وفلافيان].
وانعقد بالتالى مجمع ثانى بأفسسس بشأن مسألة يوتيخس وفلافيان، فى حضور مندوبى ليو الذين أُرسَلوا بخطاب منه. وكان عدد الأساقفة الذين أتوا إلى هناك 188 بالعدد، وكان القادة الرئيسِّين [هم] ديسقورس الاسكندرى، وجوفيناليس([86]) الأورشليمى، ودومنوس الانطاكى. وفُحِصت "أعمال" مجمع القنسطنطينية بشأن أوطيخا واُستُبعد يوسيبيوس وفلافيان. وثارت ضجة من قِبل الاساقفة الذين كانوا هناك. وحرموا كل مَن يقول هناك طبيعتان فى المسيح بعد الاتحاد. ولكن ثارت مسألة بخصوص ثيودوريت الذى من كيروس([87]) cyrrhus الذى كتب منتقدا الرؤوس([88]) الإثنى عشر التى اصدرها كيرلس ضد نستوريوس الذى نُفِى سابقا. وخطاب هيبو Hibo([89]) من اديسا الذى كُتِب إلى موريس من نصيبين([90]). ضد كيرلس لصالح نستوريوس وما قاله فى تفسيره بشأن يسوع المسيح ومريم كما شهد شمامسته الذين اشتكوه. وإلى جانب ذلك عُزِل أنصار يوحنا الذى من جايوس([91]) Gaios وآخرين. ولكن يوتيخس الأرشيمندريت قد قُبِل لأنه قدَّم للمجمع الذى انعقد فى أفسس، اعترافا جهريا بالايمان الحقيقى وعدَل عن [رأيه السابق]([92]). وعيَّن المجمع أناتوليوس اسقفا على القنسطنطينية محل فلافيان ثم انفض.
الكتاب الثانى: الفصل الرابع
يتناول الفصل الرابع تسلسل رؤساء الكهنة من مجمع افسس الأول إلى وفاة الملك ثيودوسيوس فى أيام فالنتينوس الذى خلفه مركيان الذى عقد مجمع خلقيدون فى بيثينية فى السنة 764([93]) لأسكندر اليونانى.
أما بالنسبة للتسلسل المنتظم لرؤساء الكهنة من مجمع افسس الأول إلى وفاة ثيودوسيوس، فمن الملائم لموضوعنا أن نذكر مَن كانوا فى روما: كان ليو([94]) اسقفا بعد سليستين لمدة واحد وعشرين سنة وثلاثة واربعين يوما.
وفى الاسكندرية، كان بعد كيرلس ديوسقورس اسقفا لثمانى سنوات وثلاثة أشهر.
وفى القنسطنطينية ، مكسيموس([95]) لسنتين وشهرين. وبعده بروكلس لسنتين وشهرين. وبعده فلافيان لست سنوات وبعده أناتوليوس لثمانى سنوات.
وفى أنطاكية: بعد يوحنا دومنوس اسقفا، وبعده مكسيموس.
وفى اورشليم جوفينالوس لست وثلاثين سنة الذى شغل المنصب وكان حاضرا لثلاثة مجامع لأن مدة سنواته كانت ممتدة.
الكتاب الثانى: الفصل الخامس
يشتمل الفصل الخامس على خطاب بروكلس([96]) رئيس كهنة القنسطنطينية إلى الأرمن. وهو خطاب ممتاز جدا، لأنه يُظهر إيمان الرجل، ولكى نحافظ على تذكاره، فقد نقشناه([97]) هنا لمنفعة الإخوة المؤمنين.
"أيها الأحباء إن سر الايمان الحقيقى هو الحب الحقيقى والاعتراف النقى بدون أدنى شك بالثالوث المساوى غير المنقسم وغير القابل لأية اضافة، ولا يتبدل العقل فى حالته بل يظل راسخا فى ايمانه بالله. هذا الايمان لا نمتلكه على ألواح من الحجر كما فى المثال([98])، ولكننا نقبله على ألواح قلوبنا كما فى السر mystery. ألواح (أقول مسمَّرة على الصليب ومنقوشة برش دم الله. وأنه من الصواب لنا) ليس فقط أن نؤمن بل أيضا أن نتبع بشغف الفضائل والأخلاق الجديرة بالايمان. لأن الفضيلة تُختَار من قِبل كل واحد، وبصفة خاصة من قِبل أولئك الذين لهم نفوس جميلة لم تفسد بأى حب كريه للشهوات. وهناك حقا أنواع كثيرة للفضيلة، فحتى الوثنيون الذين غرقوا فى الخطأ وفقدوا العقل قد كتبوا أمورا مشهودا لها بشأن الفضيلة. ولكن بالنسبة لهذه الفضيلة التى تُرى وتتدفق بلا انقطاع شعروا بها فقط فى تعاليمهم المكتوبة. ولكن إما أن أبصارهم قد اظلمت بسبب طول الزمن أو أنهم صاروا عميانا من جراء الضلال، على نحو يعوقهم عن إدراك الحق، وعن الفضيلة الحقيقية. لأنهم يقولون فى تعليمهم أن هناك أربعة أنواع من الفضيلة تسمى العدالة، وضبط النفس، والحكمة، والجَلَد. وهذه الأمور على الرغم من تقديرها بدرجة كبيرة إلاَّ انها تُمَارس هنا اسفل، ومجالها على الأرض. صحيح أنهم يقولون أن الجَلَد هو الرضا بالطبيعة المتوحشة، وأن ضبط النفس هو الانتصار على الأهواء، والحكمة هى الادارة المتميزة للمدن، والعدالة هى التقسيم السليم. وهكذا رتبوا وصنفوا العالم تبعا لما هو فى القانون. وعرَّفوا الشر من كل نواحيه. ومع ذلك لم يدركو أى شىء أفضل أو محل تعامل خارج هذا المشهد المرئى، ولا كانوا بقادرين على وصفه فى كتاباتهم. ولكنهم بعمى اذهانهم قد ضيقوا [نطاق] الفضيلة ذاتها وحصروها داخل ما هو مرئى فقط. أما المسيحيون الذين أُستُنيرت عيون قلوبهم والذين معلمهم وسيدهم هو المطوَّب بولس، فقد أعلنوا أن الفضيلة [هى] التى ترفعنا إلى الله والتى تحكم بنظام منظم الأمور التى على الأرض. لقد اعتبر بولس الأكثر استنارة أن هناك انواع كثيرة للفضيلة، ولكنه كرز بهذه الثلاثة فقط: الايمان والرجاء والمحبة. لأن الايمان يُعطِى للبشر شيئا يفوق الطبيعة البشرية. ويجعل الطبيعة الجسدية المحاصَرة بأهواء كثيرة تتجاوب مع الكائنات الروحية. لأن معرفة ما لم تعرفه القوات الروحانية والملائكة بسبب سموهم، غرسه الإيمان فى البشر الذين يمشون على الأرض ويتمرغون فى التراب، وأحضرهم بالقرب من العرش الملكى، وأخبرهم عن تلك الطبيعة التى بلا بداية وبلا نهاية. وبأشعة النور المشِع تتبدد ظلمة الفكر من النفس. وعندما تطهرها من القتامة، و[تطهر] القلب من الغباوة تجعلها ترى بوضوح ما يُدرَك فى غير المرئى ويُرى أيضا غير المُدرَك. ولكن الرجاء يُظهر الأشياء العتيدة حاضرة، ليس كما فى حلم ولكن، يمكن القول، بقوة ويَثبِّت فى الذهن ما هو فى المستقبل، بدون أى شك، كما لو كان مُشاهَدا بالفعل. ويشكِّل أمام عين الانسان، إن جاز القول، ما هو ما زال متوقعا. لأن هذا الرجاء يفوق كل حاجز ويُقرب بدون أى إبطاء الأمور المتوقعة لمن يتوقعها. وأما المحبة فهى رئيس كل أسرارنا لأنها هى التى أقنعت الله الكلمة، على الرغم من أنه دائما على الأرض، وقريب من الجميع ومع الجميع(فالسماء والأرض مملوءان به) أن يتجسد ويأتى عن طريق الجسد. وإذ هو الله صار أيضا إنسانا. لقد احتفظ بما يخصه على وجه التحديد من جانبه وصار مثلنا فيما يخصنا. لقد اتفق هذان الأمران معا. لأن الايمان مرآة المحبة، والمحبة كمال الايمان. لذلك نحن نؤمن أن الله الكلمة قد تجسد بدون أدنى تغيير. ونحن نؤمن بالصواب بهذا لأن هذا هو أساس خلاصنا. لأن طبيعته لم يلحقها أى تغير ولا نتج([99]) أى اضافة للثالوث. وهذا هو فى الحقيقة ما نؤمن به نحن أيضا.
لذلك كل مسيحى ليس غنيا فى الايمان والرجاء والمحبة لا يكون، كما يُدعَى، بل حتى إن بدا أنه أخضع جسده وخلَّص نفسه من الأهواء ذاتها فإنه ليس مستحقا إكليل الغلبة بمقدار ما هو يأخذ بالمظهر الخارجى للفضيلة دون أن يتحد بذاك الذى يُتوِّج الغالبين الذين قاوموا بعزم من أجل الفضيلة بإيمان ورجاء ومحبة.
الإيمان إذن، طبقا لما قد قلناه، هو سيد كل البركات. فلنحافظ عليه إذن بلا غش، ولا نلطخه بالأفكار البشرية الزائفة، ولا نطرحه فى وسط الأصوات المشوشة أو تفسيرات أولئك الذين يدعون الحكمة. لأن الإيمان لا يُشرَح. الإيمان سر. لنبق إذن داخل حدود انجيل الرسل، فلا يتجرأ أى أحدٍ أن ينازع بتفسيره هذا الايمان الذى به قد خلُص، والذى به قد اعترف فى المعمودية بتوقيع لسانه. لأن هذا الايمان الرفيع العالى قد درأ كل تهور وطيش وهجوم ليس فقط من الانسان بل أيضا عن كل طبيعة روحية. ويشهد المبارك بولس صارخا إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بأى شىء خلاف ما قد تسلمتموه فليكن ملعونا"([100]). لأن الملاك معيَّن للخدمة وليس لتعليم العقيدة. وهو يوقع العقوبة عل كل مَن لا يظل على موقفه المحدد ولكنه يسعى وراء ما هو عال جدا عن طبيعته. ولكن حتى ولو عرض سمو طبيعته، لا نقبل ابتداع تبشيره. لنحرس إذن ما قد تسلمناه بعناية لا تـنم، ولتبق عين نفوسنا - بضياء ايماننا الساطع - مفتوحة دائما.
ولكن ما هو الذى استلمناه من الاسفار المقدسة الالهية سوى هذا. أن الله بكلمته خلق العالم من لا شىء، وأوجد الخليقة التى لم يكن لها وجود سابق، وصنع الانسان على مثاله وصورته، وكرَّمه بقانون الطبيعة وأعطاه وصية عندما كان فى حالة الحرية، وآراه كيف يساعد نفسه لكى بإختيار الصالح يهرب من الشر. ولكن الميل المنحرف للإنسان نحو الشر أدى به إلى العصيان والطرد من الفردوس؟. وأيضا علَّم خالقنا طبيعتنا بواسطة الآباء البطاركة والناموس والقضاة والأنبياء، أن نبتعد عن الخطية، وأن نعتنى بما هو جيد لنا ونفعله. وأخيرا عندما بسطت الخطية مملكتها علينا بإرادتنا الخاصة لأن ناموس الطبيعة كان قد فسد فى جانبه، وأُستُخِف بالناموس المكتوب وبالأنبياء بحسب سلوك البشر، وأدت الأعمال إلى التذكر ولكنها لم ترفع طبيعتنا الجسدية من أعماق الشر جاء الكلمة نفسه على الرغم من أنه بلا بداية ونهاية غير المرئى، غير المُدرَك، القدير(أقول) الله الكلمة أتى وتجسد لأنه يقدر أن يكون ما يريد. إذن الله الكلمة، الواحد من الثالوث تجسد. ولكنه تجسد لأنه أراد ذلك. وإذ أراد أن يُظهِر ذاته فى كل مكان أنه انسان حقيقى، وُلِد من العذراء. لأن الانجيلى لم يقل أنه دخل فى انسان كامل، ولكنه تجسد قاصدا بذلك بدايته الطبيعية ومشيرا بذلك إلى أصل مولده. لأنه مثلما أن الرجل الذى يولد طبيعيا لا يخرج كاملا فى تمام قوة نشاطه فى الحال ولكن بذرة الطبيعة تصير أولا جسدا وتكتسب بعد ذلك قليلا فقليلا القوة والنشاط، فهكذا الله الكلمة صار انسانا كاملا عندئذ ولم يفقد أيا من طبيعته الخاصة غير المتغيرة، بالمعجزة التى أجراها. تلك المعجزة التى لا يدركها قلب الانسان ولا تُدرك بالفحص، ولكن التى نتعلمها بالايمان. وإذ صار انسانا خلَّص بجسده سائر الجنس البشرى، وسدد دين الخطية، إذ مات كإنسان عن كل البشر، ولكن كإله كاره للشر أباد ذاك الذى له سلطان الموت أى الشيطان. وأظهر كمال الناموس بتتميم كل بر. وأعطى لطبيعتنا جمالها الأوَّلى. وبصيرورته إنسانا كرَّم الطبيعة المجلوبة من التراب وأظهر أنه خالقها.
لذلك هناك ابن واحد، لأننا نعبد الثالوث فى الوحدة ولا نضيف رابعا فى العدد. ولكن هناك ابن واحد مولود من الآب بلا بداية وبلا نهاية. به ـ نحن نؤمن ـ صُنِع العالمين. هو الذى من ذات الأصل نبع من الآب بدون اندفاق([101])، الله الكلمة ذاته الذى خرج من الآب بدون تغير فى المكان لكنه ظل كما هو. لأنه على الرغم من أنه قد تأنس وظهر على الأرض إلا أنه لم يرحل عن الذى ولده.
لقد أراد الله الكلمة، لذلك، أن يُخلِّص الكائن الذى خلقه، فأقام فى الرحم الذى هو بوابة الطبيعة العامة للجميع، وأحيا وبارك الرحم، وبخروجه منه ختمه. وبميلاده الفائق للطبيعة أظهر أنه تجسد على نحو يفوق العقل لأنه لا يقدر أحد من فوق أو [من] أسفل أن يعرف كيف تجسد. ليس هناك إذن واحد هو المسيح وواحد هو الكلمة. (فليبعد مثل هذا الفكر) لأن الطبيعة الإلهية لا تعرف ابنان. لذلك كان المولود هو الواحد من الواحد. لأنه حيثما ليس هناك اقتران أبوين لا يكون ممكنا ثنائية الخلف. ففى الحقيقة "بإسم يسوع المسيح تسجد كل ركبة مما فى السماء وما على الأرض وما تحتها"([102]). لأنه إذا كان المسيح آخر وليس الله الكلمة فإنه لابد وأن يكون بالضرورة مجرد انسان. فكيف تسجد الكائنات ذات الطبيعة السمائية الممجدة وتعبد اسمه إن لم يكن هو إله من إله؟. أو كيف سنقبل أصوات الأنبياء الصارخة "الله تراءى على الأرض وتردد بين البشر"([103]). لأنه بخصوص تجسده قيل "تراءى"، والعبارة "تردد" تُستخدَم بشأن المحادثات التى أجراها مع البشر فى نهاية العصور وهكذا أظهر ذاك الممجد فى عظمته قوة قدرته الكلية، وكضابط للكل كل شىء يسير لديه، صار ما أراد من أجلنا.
ولكن إن كانت الأقمطة والرقاد فى مزود ونمو الجسد، والنوم فى المركب، والتعب فى السفر، والجوع العرضى وكل تلك الأمور التى حدثت له، للإنسان الكامل، سببا فى عثرة بعض الأشخاص فعليهم أن يعرفوا أنهم إن شكوا فى آلامه، فإنهم يُنكرون التدبير وأنهم إن أنكروا التدبير، فإنهم لا يؤمنون بالتجسد. وإذ لا يؤمنون بالتجسد يخسرون حيواتهم. لأنه لم يولد قط منذ تأسيس العالم ممن وطئوا الأرض بمثل هذا الميلاد. وليُظهِر هؤلاء المشاحنون اليهود الجدد ذلك، وعندئذ تنتهى حقا منازعاتهم المتعبة. ولكن إذا كانت هذه هى البداية العامة للطبيعة، والله الكلمة صار انسانا بالحقيقة فكيف إذن وهم يعترفون معنا بالتدبير يُنكرون الآلام؟. عليهم إذن أن يختاروا لأنفسهم واحدا من إثنين إما أن يُنكروا، بإنكارهم للآلام، التدبير أيضا ويُحسَبون ضمن الكافرين، وإما إن قبلوا بالمنافع الناجمة عن التدبير فعليهم ألا يخجلوا من الآلام.
إننى اتعجب حقا من عمى قلوبهم إذ بقبولهم لإبتداعات جديدة قد سلكوا الطريق المؤدى للخطأ. لأننى أنا نفسى أعرف وتعلمتُ بالصواب من الكتاب المقدس أن هناك ابن واحد. وأؤمن أن هناك طبيعة واحدة لله الكلمة الذى صار انسانا وهو نفسه الذى تألم والذى أجرى المعجزات، المولود من أبيه قبل كل الأشياء وتجسد فى نهاية العصور، ووُلِد من مريم الثيوتوكس. ونحن نقر أنه إله فوق الكل ولا ندخل عنصرا أجنبيا على الطبيعة الألوهية لأنه لا يمكن الإضافة إلى الثالوث فى الوحدة. ولكن الرب يسوع المسيح نفسه الذى به كان كل شىء قد حمل آلامنا وأسقامنا كما يقول النبى([104]). وإذ هو الواحد ذاته، أجرى المعجزات وتألم عوضا عنا.
ولكن ربما يجادل هؤلاء اليهود الجدد، فى نزاعهم معنا، بأفكار أوهى من شبكة العنكبوت، ويقولون أنه إذا كان الثالوث حقا من جوهر واحد، إذن فالثالوث غير قابل للتألم. ومادام الرب يسوع المسيح معدودا من الثالوث وهو الله الكلمة لذلك هو بلا تألم. وبناء عليه الذى صُلب هو شخص آخر([105]) وليس الله الكلمة الذى هو بلا تألم.
وفى الحقيقة أولئك الذين يتكلمون بهذا الأسلوب ينسجون نسيجا من خيوط العنكبوت والذين يتفكرون بهذه التعريفات الجديدة انما يكتبون على المياه، وإذ "يظنون أنفسهم أنهم حكماء يصيرون أغبياء، فقلوبهم الغبية قد اظلمت"([106]). لأن العين التى انبهرت بنور الشمس الرائع لا تقدر أن ترى بوضوح، والذهن المريض لا يقدر أن يتلقى سمو الايمان.
فماذا نقول اذن، الثالوث واحد فى الجوهر وهو منزه عن كل ألم، هذا فيما يتعلق بالألوهية موضوع انشغالنا. وعندما نقول أن الإبن قد تألم لا نعنى أنه تألم بالطبيعة، لأن طبيعته فوق التألم. وفى اعترافنا أن الله الكلمة الواحد من الثالوث قد تجسد، نعطى سببا للفهم لأولئك الذين يسألوننا بإيمان لماذا تجسد. لأن الانسان الذى شُكِّل على صورة الله والذى أُعطِيَّت له الحرية الامبراطورية([107])، قد أخطأ بحريته وانقاد بمشورة المخادع وسلم نفسه للخطأ وصار عبدا للأهواء الشهوانية، تلك الأهواء التى تمارس سيادتها على كائن مركب، والتى نهايتها الموت. [هذه] الأهواء لا يقدر أحد من الخليقة أن يبطلها، فأراد الله الكلمة أن يلاشى تلك الأهواء التى نهايتها الموت. لقد أراد حقا أن يتجسد وأن يكون كائنا مركبا أى انسان تام فى كل شىء مثلنا ما عدا الخطية. لأنه ليس من الممكن لتلك الطبيعة غير القابلة للفساد، غير الجلية للعيان، غير المرئية أن تقبل الأهواء. لأن كل الأهواء تقاوم كل كائن مركب. لأن طبيعة الألوهية الممجدة التى هى وحدها سامية، ومرتفعة فوق كل الأشياء ليس فيها تركيب. لذلك لم تكن الأهواء قادرة على الدخول حيث ليس هناك تركيب. إذن الله الكلمة أراد أن يبطل الأهواء التى تسود على الطبيعة الخاضعة للأهواء (كما قلنا قبلا) والتى قلعتها الموت. وصار جسدا من العذراء بأسلوب يعرفه الله الكلمة. وتأنس بالكمال، وهو فى نفس الوقت إله الكل لأنه لم يتخل قط عما يخصه عندما صار مثلنا، ولكن إذ هو الله صار إنسانا لأن هذه هى إرادته. وأخلى ذاته لذلك بإرادته الخاصة أخذ شكل العبد وتأنس وتألم عوضا عنا بإرادته الخاصة على الرغم من أن ألوهيته لم تكن بأى حال من الاحوال محدودة وهكذا خلَّص سائر الجنس البشرى. لذلك قال جبرائيل أيضا لمريم، عندما بشرها بقدرة وسلطان ذاك المولود منها أنه سيخلِّص شعبه من خطاياهم. ولكن الشعب ليس شعبا لإنسان بل لله، والإنسان لا يقدر أن يخلِّص العالم من الخطية لأنه هو أيضا دخل إلى العالم فى حالة فساد. لذلك هو([108]) بالضرورة هو هو وليس منقسما إلى إثنين (حاشا مثل هذا الفكر) ولكن بكونه واحدُ، بولادته من إمرأة أظهر أنه إنسان حقيقى، ولكن بكونه متأنس بدون اقتران، وحافظ لعذراوية أمه أظهر أنه الله. لذلك الرب يسوع المسيح الذى أتى الى العالم، وتردد بين البشر كما تُظهِر الأسفار المقدسة، خلَّص العالم. ولكن، إذا كان المسيح انسان وليس الله الكلمة فكيف خلق كل شىء فى البداية إذ هو ليس له أى وجود. لأنه إذا كان انسانا لاحقا(لآخر) قد خلق الأشياء، فهذا دليل على أن هذا المسيح لم يُوجِد ما كان موجودا قبله. فكيف يصرخ بولس إذن قائلا "هناك رب واحد يسوع المسيح الذى به كان كل شىءِ"([109]).لأنه إذا كانت جميع الأشياء بالمسيح فإنه من الثابت أن المسيح هو الله الكلمة. كذلك يشهد الإنجيلى أيضا قائلا " فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله. فى البدء كان مع الله وكل شىء كان به"([110]). لذلك، إذا كان الانجيلى يصرخ أن كل الأشياء كانت بالكلمة، وبولس يفسر هذا التعبير قائلا "هناك رب واحد يسوع المسيح الذى به كانت كل الأشياء" فمن الثابت إذن أن المسيح هو إله كامل. ولكن إذا أورد المعترضون أقوالا من الكتاب المقدس دُعِىَّ فيها بالإنسان مثل قول بطرس الذى يقول "يسوع الناصرى، إنسان" ([111]) و[قول] بولس الذى يقول "بواسطة هذا الانسان الذى عيَّنه الله، يجب أن نؤمن"([112]) وعن ربنا نفسه وهو يقول عن نفسه " لماذا تريدون قتلى أنا الانسان"([113]) فعليهم أن يعرفوا أنهم إما أنهم بغباوتهم لم يفهموا الكتاب المقدس، أو بسبب شرورهم قد أوَّلوا ما هو مكتوب جيدا بحسب قصورهم الذاتى. لأن السيد المسيح أيضا، بالحقيقة، انسان. ولكنه صار انسانا ولم يكن قبل انسانا، بل إلها. وإذ هو اله غير مخلوق هو أيضا إنسان حقيقى بشخصه. وبكل تأكيد بدون أى تغير أو أى نوع من الخيال phantasy. فنحن لا نؤمن أن جسد ربنا من السماء. وفى الحقيقة نحن نحرم كل مَن يقول هذا. ولكننا نعترف أن الروح القدس وقوة العلى ظللت القديسة العذراء مريم الثيوتوكس. ولكن إذا لم تكن العذراء قد حملت الله، إذن هى التى بقيت بلا دنس لا تستحق الإعجاب. ولكن إذا كانت أصوات الأنبياء قد سبقت وأخبرت بالطبيعة التى لا تُدرَك للسر الذى لنا، قائلة "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، وسيدعون اسمه عمانوئيل أى الله معنا"([114]) فلماذ يستبعدون تعظيم أمه بقولهم أن المولود على نحو أدنى هو إله فوق الكل([115]). ولكن قد يثير المعترضون هذا الاعتراض، صحيح أن كل مولود لابد أن يكون من نفس طبيعة أمه التى ولدته. فإذا كانت هى التى ولدته بشرا، فإن ذلك يستتبع أن يكون المولود بالضرورة بشرا. أنتم تتكلمون حسنا أيها المثرثرون البطالون!! فالطفل إذن من نفس طبيعة التى تلده بطلق الولادة عندما يكون المولود [مولودا] بحسب المعاشرات الطبيعية. لذلك الطفل المولود طبيعيا هو فاسد منذ البداية لأن التزاوج يسبق الفساد. ولكن هذا التوبيخ لا يرد حتى على الذهن، لأن هناك معجزة غير قابلة للتصديق فالولادة فوق الطبيعية ولذا فالمولود هو الله. ونحن نعترف به أنه هو نفسه الذى خلق العالم وأعطى الناموس ووضع "الروح" فى الأنبياء وفى نهاية الأزمنة من أجل حياة البشر وخلاصهم، تجسد وتأنس، وألهم الرسل وأرسلهم لأجل خلاص الشعوب والأمم.
فلنهرب إذن، يا إخوتى من تيار الخطأ هذا، أعنى العقائد التى تحارب ضد الله، الناجمة عن حماقة أريوس الجنونية الذى كان يُقسِّم الثالوث غير المرئى. و[الناجمة] من تهور يونوميوس الذى أخضع الطبيعة التى لا تُدرَك لعلمه. ومن جمود مقدونيوس الذى فصَل الروح [القدس] المنبثق غير المنفصل (أو المنبثق أبديا) من الألوهية. بالإضافة إلى سائر الهرطقات التى ضلت وبصفة خاصة هذا التعليم الجديد والتجديف المؤلف من نسطور الذى فاق كثيرا اليهود فى تجديفهم. لأن هذه الهرطقات السابقة كانت تزدرى بأزلية الإبن الذى هو منذ الأزل مع الآب، وتحرم الجذر من ثمره، ولكن هؤلاء المعلمون فى أيامنا، يأتون بتعليم آخر بالإضافة إليه([116])، ذاك الذى منذ الأزل والذى تأنس لأجل خلاصنا. وبذا يصنعون جمعا من الأبناء فى ذلك الواحد والطبيعة غير القابلة للفساد، التى هى من نفس الجوهر.
لنقل إذن مع بولس أن المسيح هو الذى "جعل الإثنين واحدا،"([117]) اليهود والوثنييين، بالمعمودية. لقد خلق انسانا جديد واحدا وصنع هذا الواحد بسلطانه، ذاك الذى بممارسته للحرية، انقسم. وليجلب هؤلاء المعلمون الدنسون لأنفسهم حكم الدينونة عندما يصير المنقسم متحدا. ولكن هذا الأقنوم الواحد الذى جعل الإثنين واحدا، بعد انقسامهما عقليا.
والآن لنترك كثرة الكلام ونأتى إلى عبارة موجزة للعقيدة الحقيقية. كل مَن يرغب فى أن يعرف أن الإبن الواحد الوحيد الجنس الذى كان قبل حياة ابراهيم، أنه هو نفسه قد تجسد فى نهاية الأزمنة فليسأل بولس الذى أرعد بصوته معلنا بصواب أن ذاك الذى وُلد من اليهود بحسب الجسد هو الله السرمدى لأنه بينما يتحدث ويعلن عن ازدراء ومنازعات اليهود لشعب الله والأصل الذى للآب والنسل الذى هو المسيح ربنا يقول هكذا، "الذى له التبنى"([118]) لأن الله يقول بأنبيائه :إسرائيل ابنى بكرى مجدى"([119]) وهم فى الحقيقة حصدوا أمجاد لا تحصى من المعجزات المستمرة، والعهود مع ابراهيم التى تكلمت عن جمهرة من الشعوب والبركات، وإعطاء الناموس على جبل سيناء المكتوب بأصبع الله، والوعود بكل من أرض فلسطين ومباركة الأمم بواسطة نسل ابراهيم، ومنهم الآباء. لأنه فى ليل الخطأ برزوا كنجوم للإيمان والذين منهم ظهر يسوع المسيح فى الجسد "الذى هو إلها فوق الجميع". وهو لم يقل ذلك فقط واعتبره كافيا لأنه أيضا بالحقيقة بداية الله الكلمة الذى هو بلا بداية وبلا نهاية ليس من وقت ولادته من مريم. فمن إذن المسيح هذا؟. الذى ولد من الآب قبل سائر العالم بأسلوب لا يقدر ذهن كائن مخلوق أن يُدركه. وفى نهاية الأزمنة أخذ جسدا وصار انسانا من العذراء مريم الثيوتوكس. هو الذى حُصِر فى الرحم وفى المغارة بأسلوب هو نفسه الذى يعرفه. هو الذى رقد فى مزود، هو الذى نما بالجسد، هو الذى نزل إلى الأجزاء السفلية للأرض وبإرادته وحده تحمل كل آلام البشر لكى ما يُصدَّق أنه إنسان وأنه ليس آخر سوى الذى نزل. ولكن الذى نزل والذى صعد هو واحد. ومع ذلك هو لم يصعد أولا، بل نزلا أولا. لأنه لم يصِر إلها بالإضافة (حاشا لذلك الفكر) لكنه صار انسانا بالتدبير لأن جنس البشر كان فى حاجة إلى ذلك. وإنك لن تسمع هذا منى أو من أى شخص آخر بل من بطرس ومن بولس: من بطرس عندما يقول "أنت المسيح ابن الله الحى"([120]). ومن بولس أيضا الذى تعلم بإعلان من الآب بشأن الإبن يقول "عندما أفرزنى الله من أحشاء أمى ودعانى بنعمته، سُرَّ أن يكشف لى ابنه"([121]). إن بولس هذا قد علمك مَن يكون المسيح عندما صرخ وقال "المسيح بالجسد إله الكل المبارك إلى الأبد"([122]). إن كلام بطرس وبولس يستبعد أية فرصة لأولئك الذين يحبون الإفتراء. فكلاهما يدعوانه "المسيح" لكى يُظهرا أنه إنسان بالحقيقة. فهو يقول عنه "الذى هو من اليهود بحسب الجسد" لكى يُظهِر أن وجوده لا يُؤرخ من الوقت الذى تجسد فيه. وهو يقول عنه "هو يكون" ليخبرنا بصيغة التعبير هذه أنه بلا بداية وقال عنه "الذى هو فوق الكل" ليعلن أنه رب الخلائق. وقال عنه "الذى هو الله" حتى لا ننقاد بمظهره الخارجى وآلامه إلى انكار طبيعته غير القابلة للفساد. وقال عنه "مبارك" لكى ما نعبده كضابط للكل، ولا نعتبره كعبد رقيق. لقد قال عنه "الذى إلى الأبد" ليُظهِر أنه هو الذى بكلمته خلق جميع الأشياء المرئية وغير المرئية، الذى به تمجدت الألوهية. إذن لنا المسيح الذى هو "إله فوق الكل"، الذى نعبده، ونقول للهراطقة، كل مَن ليس فيه روح المسيح ليس منه. لأن لنا فكر المسيح، ولذلك ننتظر استعلان الله مخلصنا، الرب يسوع المسيح الذى سيجازى الصالحين بإكليل الغلبة والمحتقرين بحسب تهورهم. انظروا إذن يا إخوتى ألا يسلبكم أى أحد بكلام دنس، أو يضلكم بعلم زائف، تاج بساطتكم واعتدال إيمانكم النقى الجميل. واننى لأكرر لكم ثانية كلام بولس "احترسوا لئلا يسبيكم أحد بفلسفة زائفة، حسب الناس"([123]). الناس المبتدعين لأمور باطلة الذين لا يعلمونا حسب تعليم الأنبياء والرسل لكنهم ضلوا بحكمتهم واتبعوا تفسير أذهانهم لذلك تعليمهم حجر عثرة بالنسبة لكنيسة الله التى اشتراها بدمه الكريم. لأنه لا يقدر أى انسان أن يضع أساسا آخر للإيمان الحقيقى خلاف ما هو موضوع. وهو هناك إله واحد الآب ضابط الكل، ورب واحد يسوع المسيح به كانت جميع الأشياء الذى هو منذ الأزل مع الآب، منه ومن نفس الطبيعة معه، وروح قدس واحد الرب معطى الحياة المنبثق من الآب([124]) الممجد والمسجود له مع الآب والابن. البثوا اذن بروح واحدة وذهن واحد وجاهدوا من أجل الايمان ولا تدعوا أى شىء من [كلام] المعاندين يقلقكم، ولكن حافظوا على التقليد الذى استلمتوه من الآباء المباركين الذين من بين سائر الخليقة التقوا معا بفعل الروح القدس وبشرونا بالايمان الحقيقى غير الدنس الذى لنا من اقاصى الأرض إلى أقاصيها.
نهاية الرسالة التى كتبها المبارك بروكلس اسقف القنسطنطينية إلى أرمينيا العظمى التى للفارسيين([125]) بشأن الايمان الحقيقى.
ولكن ثيودوسيوس عاش، كما تخبرنا الحوليات، خمسين سنة. حكم منها اثنين واربعين سنة، إذ كان عمره ثمانى سنوات عندما اعتلى العرش. وقد رُوِيَت أعمال الإثنين وثلاثين سنة من حكمه فى التاريخ الكنسى لسقراتيس، وأعمال السنوات العشر الأخرى قد ذكرناها بإختصار، فى الكتاب الثانى هذا عاليه. وتوفى فى السنة 308 للأولبياد([126]) وخلفه مرقيان فى الحكم.
وفى السنه 764 بحسب حساب العصر اليونانى للاسكندر، جمع([127]) مجمع خلقيدون من 567 اسقفا والذى سنصف أعماله باختصار على قدر ما يمكن فى الكتاب الثالث المدون هنا بعده، وفى فصوله التى أخذنا الجزء الأكبر منها من تاريخ زكريا البليغ([128]) الذى كتبه باليونانية لرجل يُدعى يوبراكسيوس Eupraxius الذى عاش فى القصر الملكى وانشغل بخدمة الملوك. ولكن جسد القديس يوحنا الاسقف المدعو فم الذهب قد أُعيد من منفاه وكُرِّم بموكب فى القنسطنطينية . وذهبت الملكة افودكيا زوجة ثيودوسيوس إلى اورشليم للصلاة، ولما عادت توفيت. وأخضع جزيرك([129]) Geiseric قرطاجة بافريقيا وحكموها. وقُتِل يوحنا الجنرال على يد خدم اريبندوس، وكانت هناك زلازل فى مواضع عديدة. ثم توفى ثيودوسيوس.
الكتاب الثالث
بداية الكتاب الثالث الذى بوصفه هذا، نقلا عن تاريخ زكريا المؤمن الذى دوَّنه باليونانية إلى شخص اسمه يوبراكسيوس([130])Eupraxius حارس مخدع الملك([131]) المهتم بخدمته، يسجل الأحداث التى حدثت فى المجمع الذى انعقد فى خلقيدون عقب وفاة ثيودوسيوس([132]) فى أيام مرقيان، فى السنة 764 حسب اليونان، وكان عدد الاساقفة 567([133]) الذين حضروا تلبية لحث ليو الرومانى والخطاب الذى كتبه إلى الملك وزوجته بولخريا Pulcheria. وارسل المجع ديسقورس إلى غنغرا([134]) بتيراس، وعيَّن بروتيريوس Proterius بدلا منه، وقُبِل خطاب ليو الذى يُدعى "الطوم"، والأمور الأخرى التى حدثت فى اورشليم أو الاسكندرية، أو فى أماكن أخرى فى خلال حياة مركيان. أى فى غضون ست سنوات ونصف ها هى مكتوبة هنا فى هذه الكتب الإثنى عشر والفصول التى تحتويها.
ويروى الفصل الأول الأحداث التى حدثت فى مجمع خلقيدون، والخطاب العام الذى وجهه الملك مركيان إلى الأساقفة المجتمعين هناك.
ويخبرنا الفصل الثانى عن نفى ديوسقورس([135]) إلى غنغرا، وسيامة بروتيريوس بدلا منه والأحداث التى حدثت بالاسكندرية عند دخوله هناك.
ويروى الفصل الثالث الأحداث التى جرت بفلسطين بشأن جوفيناليس([136]) الأورشليمى الذى نقض وعوده وانفصل عن ديوسقورس ووافق على المجمع، وعندما علِم مواطنوا اورشليم والرهبان الفلسطينيون بهذا عينوا راهبا صانع عجائب، [اسمه] ثيودوسيوس اسقفا محله، الذى فى غيرته حضر المجمع وراقبه عن كثب ثم رجع إلى اورشليم وأخبرهم بما جرى فى خلقيدون.
ويخبرنا الفصل الرابع عن بطرس الأسير، ابن ملك الأيبيريين([137])وهو رجل عجيب، الذى حمله شعب غزة واحضروه إلى ثيودوسيوس الاورشليمى ليرسمه اسقفا لهم.
ويتكلم الفصل الخامس عن هروب ثيودوسيوس الاورشليمى نتيجة لتهديدات الملك، وايضا عن عودة جوفيناليس بالقوة إلى اورشليم والمذبحة العظيمة التى نجمت عن دخوله هناك.
ويعطينا الفصل السادس وصفا لكفيف ما سامرى لطخ عينيه بدم الشهداء فانفتحت.
ويخبرنا الفصل السابع كيف ظهر المسيح فى رؤيا لبطرس الأيبيرى اسقف غزة وأمره أن يرحل من هناك وايضا عن نفيه برضائه.
ويتحدث الفصل الثامن عن راهب ما يُدعى سليمان الذى تصرف بمكر ودخل على جوفيناليس الأورشليمى وألقى بسلة من التراب على رأسه ووبخه.
ويخبرنا الفصل التاسع كيف قُبض على ثيودوسيوس الأورشليمى، وسُجِن فى بيت به جير وظل هناك إلى أن تُوفى.
ويحدثنا الفصل العاشر عن هرطقة يوحنا النحوى([138]) وكيف أن هذه الهرطقة كانت قد حُرِمت من تيموثاوس اسقف الاسكندرية بعده.([139])
ويتكلم الفصل الحادى عشر عن ارسالية يوحنا رئيس موظفى البوابة silentarius([140]) من قِبل الملك إلى الأسكندرية.
ويتكلم الفصل الثانى عشر عن انثيموس وساويروس واولبيريوس وليو الصغير، وما حدث فى السنوات السبع من عهدهم([141]).
الكتاب الثالث: الفصل الأول
الفصل الأول من هذا الكتاب يحدثنا عن الأحداث التى حدثت فى المجمع، مأخوذة من تاريخ زكريا بالإسم، "الذى بدأ الكتابة باليونانية إلى يوبراكسيوس Eupraxius كالآتى:
"لما كان من المقبول والمرغوب لك ايها المحب للمسيح يوبراكسيوس، المقيم بالقصر الملكى والمهتم بخدمة الملوك أن تعلَم ما قد حدث فى عهد مركيان لكنيسة الله المقدسة، ومَن هؤلاء الذين كانوا رؤساء كهنة بتسلسل منتظم للأسكندرية وروما والقنسطنطينية وانطاكية وأورشليم، منذ وقت مجمع خلقيدون، ذلك المجمع الصورى الملتئم بشأن مسألة يوتيخس، لكنه أدخل بدعة نستوريوس وزادها وأزعج العالم كله وأضاف شرورا على شر، ووضع الهرطقتان معا جنبا إلى جنب، وملأ العالم بالانقسامات، وشوش الايمان المسلَّم من الرسل، ونظام الكنيسة الجيد، ومزق ثوب المسيح الكامل المنسوج من فوق، إلى عشرة ألاف قطعة([142]). لذلك نحن نحرم هاتان البدعتان وكل مُعلِّم شرير لهذا التعليم الفاسد والمضاد لكنيسة الله، وللإيمان الأرثوذكسى للمجامع الثلاث([143]) التى صانت بمهارة العقيدة الحقيقية. ومن اجل هذا الغرض ندون هنا التاريخ الذى حثثتنا على القيام به.
عقب وفاة القديس كيرلس الاسكندرى الذى جاهد ضد تعاليم فاسدة كثيرة وفندها، اعتلى ديوسقورس الكرسى خلفا له. وكان رجلا سلاميا، وأيضا مجاهدا([144]) على الرغم من أنه لم تكن له نفس الجسارة([145]) والاستعداد التى كانت لكيرلس.
فى ذلك الوقت كان ثيودوريت الذى من كيرس Cyrrhus، وهيبو([146]) اللذان كانا مع فلافيان القسطنطينى، ويوسيبيوس([147]) قد خُلِعوا من مجمع افسس الثانى الذى انعقد هناك فى أيام ثيودوسيوس بشأن موضوع يوتيخس وفلافيان. ثيودوريت، لأنه كتب اثنى عشر انتقادا على رؤوس([148]) كيرلس ضد نستوريوس. وهيبو من اديسا لأنه كتب خطابا إلى موريس([149])Moris الذى من نصيبين([150]) Nisibis منتقدا كيرلس. وكلاهما يتبنيان تعاليم ثيودور.
وذهب ثيودوريت إلى ليو الرومانى وأعلمه بكل هذه الأمور. وبواسطة الهبات التى تعمى عيون النفوس، كما قيل([151])، والكلام الخداع نال حظوته. وبناء عليه ألف ليو ذلك الخطاب الذى يُدعى "الطوم" والذى كُتِب ظاهريا إلى فلافيان ضد الاوطاخية، ولكن ليو كتب أيضا إلى مركيان الملك والى زوجته بولخريا وأوصاهما بحرارة على ثيودوريت.
وكان مركيان هذا يشايع تعليم نستوريوس، وكان يتصرف جيدا معه. ولذا ارسل يوحنا التربيون ليستدعى([152]) نستوريوس من مكان منفاه بالواحات([153])، ولكى يستدعى أيضا دوروثيوس الاسقف الذى كان معه([154]) . وحدث أنه اثناء عودته أن ازدرى بالقديسة العذراء الثيوتوكس وقال "ماذا([155]) تكون مريم؟ ولِم تُدعَ حقا ثيوتوكس؟!. فحل عليه قضاء الله البار بسرعة (كما حدث سابقا مع اريوس الذى جدَّف ضد ابن الله)، فسقط فى الحال من فوق بغلته وقُطِع لسان نستوريوس هذا وأكل الدود فمه ومات فى الطريق([156]). ومات دوروثيوس رفيقه أيضا. وعندما سمع الملك بذلك حزن بشدة، وكان يفكر فيما جرى وكان فى حيرة عما يجب أن يفعله.
ومع ذلك سُلِّمت تعليمات مكتوبة من الملك إلى ديسقورس وجوفيناليس بواسطة يوحنا التربيون يدعوهما إلى حضور المجمع وأعلمهما يوحنا أيضا بما حدث لنستوريوس ودوروثيوس. وبينما كان اساقفة كل مكان، المدعوون يُعِدُّون أنفسهم للالتقاء فى نيقية، لم تسمح العناية لهم، إذ اصدر الملك أمرا جديدا أن يجتمع المجمع فى خلقيدون، حتى لا تكون نيقية مكان اجتماع للعصاة.
وحث الحزب النسطورى الملك بإلحاح أن يُعيِّن ثيودوريت رئيسا للمجمع، وأنه طبقا لكلامه سيتقرر كل شىء هناك([157]). وعندما تقابلوا فى خلقيدون دخل ثيودوريت وعاش هناك كأسقف مكرَّم، ذاك الذى كان قبلا منذ قليل مرذولا من الكهنوت مِن قِبلهم. وكان ديوسقورس ورؤساء الكهنة متكدرين من وقاحة وصفاقة ثيودوريت، ولكنهم لم يقدروا أن يوقفوها بسبب السلطان الملكى، على الرغم من أنهم رأوا احتقاره وأيضا [احتقار] هيبو للقوانين الكنسية بمساعدة مبعوثى ليو الرومانى الذين كانوا يساعدونه ويحرضونه.
وعندما اعلن ديوسقورس عقيدة الايمان فى المجمع ومعه جوفيناليس وثاليسيوس من كبادوكيا، وأناتوليوس وامفيلوكيوس من صيدا، ويوسابيوس من انقرا، ويوستاس من بيروت. عندئذ كما بمعجزة اتفق معهم يوسابيوس من دوريليوم لأنهم رأوا أن التعليم النسطورى من طبيعتين قد تثبت وساد هناك بالتعاون الجديد بين يوحنا من جرمانيكا الذى نازع بضراوة فى الجدل هناك ضد الجانب الذى قال "من الصواب لنا أن نعترف بعد تجسده بطبيعة واحدة من اثنين، طبقا لإيمان باقى الآباء ولا ندخل فى اى ابتداع أو نضيف أى بدعة إلى الايمان".
وبناء عليه حكم يوحنا من جرمانيكا وباقى الحزب النسطورى مع ثيودوريت على رأسهم، بعزل ديوسقورس لأنه قال " من الصواب لنا أن نؤمن بأن المسيح قد تجسد من طبيعتين، ولا نعترف بطبيعتين بعد الاتحاد مثل نستوريوس"([158]).
وعندئذ صاح اناتوليوس اسقف المدينة الملكية على إثر ذلك بهذا الكلام، "لم يُعزل ديوسقورس بسبب الإيمان، ولكن لأنه رفض الاشتراك فى التناول مع رئيس الكهنة سيدى ليو"
وبعد صياح الكثيرين، والكلام الكثير الذى قيل، والمدوَّن فى "الأعمال"([159]) لذلك المجمع، أُجبِر الأساقفة أخيرا على فعل ذلك، وهو تعريف ربنا يسوع المسيح بأنه فى طبيعتين In two natures([160]). ومدحوا "طوم ليو"، ودعوا ذلك [القول] الذى قال "هناك اقنومان وطبيعتان بخواصهما وعملهما" تعريفا أرثوذكسيا. وإذ كان ذلك كذلك، طُلِب منهم التوقيع بالإجبار([161]). أولئك الكهنة أنفسهم الذين كانوا منذ زمن قليل فى أيام المبارك ثيودوسيوس قد اجتمعوا فى مجمع افسس الثانى وصاموا مرات عديدة "إذا قال أى واحد هناك طبيعتان فلتحل عليه سيلنتياريوس Silentiarius"([162]).
وعندما كرروا هذا على ديوسقورس بواسطة يوحنا رئيس الحجَّاب([163])، وطلب منه أن يوافق عليه ويوقِّع ليعود إلى كرسيه، قال بشجاعة "ما أسرع أن يرى ديوسقورس يده مقطوعة ودمها تتساقط على الورق عن أن يفعل مثل هذا الشىء ". وبناء عليه نُفِىَّ إلى غنغرا، لأن الحزب النسطورى نشر تقريرا عنه أن رأيه مثل رأى أوطيخا. وإننى أرى أنه من الجيد أن اسجل هنا ملخصا مكتوبا لما كتبه ([164]) من موضع منفاه إلى سيكوندينوس secundinus، حاذفا أقواله التى قالها وكتبها إلى دومينوس الانطاكى والتى قالها فى مجمع خلقيدون نفسه، والتى تشهد بأن ايمان الرجل([165]) كان مثل ايمان اثناسيوس وكيرلس والمعلمين، الآخرين.
وها هو كلامه.
"إذ أحذف أمورا كثيرة عاجلة أعلن هذا: لا أحد يقول أن اللحم الذى أخذه ربنا من العذراء مريم بفعل الروح القدس على النحو الذى هو نفسه يعرفه، كان مختلفا وغريبا عن جسدنا. ومادام ذلك كذلك، لذا الذين يزعمون أن المسيح لم يتجسد من أجلنا إنما يُكذِّبون فى الحقيقة بولس. لأنه قال لقد أخذ (الطبيعة) ليس من ملائكة ولكن من نسل بيت ابراهيم، الذى لم تكن مريم غريبة عنه كما تعلمنا الاسفار المقدسة. وأيضا كان حسنا أن يصير فى كل شىء مثل اخوته. إن كلمة "فى كل شىء" لا تُسقِط أى جزء من طبيعتنا من أعصاب وشعر وعظام واحقاء ومعدة وقلب وكِلية وكبد ورئة. وبإختصار، من كل الأشياء التى تخص طبيعتنا. لقد أدمج الجسد المولود من مريم مع نفس فادينا العاقلة الراشدة بدون تناسل بشرى زيجى لأنه إن فكَّر الهراطقة أن ذلك لم يكن كذلك فكيف يُدعَى "اخونا" على افتراض أنه أخذ [جسدا] مختلفا عن جسدنا. وكيف يكون ذلك حقيقيا عندما يقول "سأعلن اسمك لإخوتى"([166]). فلنُرذِل، وبالأحرى فلنحتقر، أولئك الذين يقولون بهذا. لأنه كان مثلنا، من أجلنا، ومعنا، ليس خيالا([167])، ولا بالمشابهة المجردة طبقا لهرطقة المانوييين، ولكن بالحقيقة فعلا من مريم الثيوتوكس ليقوِّم ما قد خرب ويُصلِح ما قد كُسِر. لذا جاء الينا جديدا. وكعمانوئيل حقيقى، اعترف أنه قد افتقر من اجلنا طبقا لقول بولس "لكى باتضاعه نغتنى"([168]). لقد صار بالتدبير مثلنا لكى نصير بحنوه مثله. لقد تأنس، ولكن لم يلاش ما هو لطبيعته وهو ابن الله، لكى نحن بنعمته نصير ابناءً لله. هذا ما أعتقده([169])، وأؤمن به. واذا كان أى شخص لا يفكر هكذا فهو غريب عن ايمان الرسل".
وعلى الرغم من أن هذا الرجل الرسولى قد سجل اعتراف الايمان هذا منذ بداية حياته إلا أنه عُزِل ونُفِى لأنه لم يعبد صورة بوجهين، التى وضعها ليو ومجمع خلقيدون، ولأنه رفض التناول مع ثيودوريت وهيبو المحروميَن بسبب تجاديفهما.
ولكن الرواية تمضى فتحكى أنه بينما كان ثيودوريت جالسا، ذات مرة، على العرش فى المجمع، ويتكلم من فوقه ولم يقف ليقدِّم دفاعه كما يجب قانونيا لشخص مجرد من كهنوته، قام هو([170]) ونزل من على الكرسى وجلس على الأرض قائلا "لا أجلس مع الأشرار ولا اقف مع المنافقين". فصاح الحزب النسطورى "لقد عزَل نفسه". ولكن الأساقفة الآخرون صاحوا "ايماننا يهلك، إذا كان ثيودوريت الذى يتمسك بآراء نستوريوس يُقبَل فإننا نرفض كيرلس". فوقف باسيليوس اسقف ترايبوليس وقال "نحن انفسنا عزلنا ثيودوريت".
ولكنهم يقولون أن أمفيليكيوس قد ضُرِب على رأسه من قِبل ايتيوس Aetiusالدياكون([171]) ليجعله يوِّقع. وايتيوس هذا هو ذاك الذى ذهب إلى ثيودوريت ليلا وصنع له نسخة كاملة من معلومة([172]) الطبيعتين. وعندما قُبِلت من الاساقفة ووافقوا عليها، سخر عندئذ ثيودوريت منهم قائلا بوقاحة "انظروا كيف جعلتهم يتذوقون أرغفة تعليم نستوريوس، ويتلذذون بها"
ولكن عندما وقع يوستاثيوس البيروتى على هذا المستند كتب بإختزال "لقد وقعتُ بالإجبار ولستُ موافقا عليها([173])" وبكى كثيرا. وأعلن كثيرون أيضا عن الاجبار، واظهروا اعترافا نفاقيا بالإيمان الذى أُتخِذ لأن رئيس السيناتورات كان يحضر من وقت لآخر المناقشات ويراقب عن كثب اجراءات المجمع. وأخيرا جاء الملك بنفسه مع زوجته بولخريا وألقى خطابا عاما فى كنيسة الشهيدة اوفيميا كما يلى:
منذ اليوم الأول الذى تم اختيارنا فيه وصرنا أهلا لمملكة الله، لم نسمح لأى أمر مهما كان من بين الأعمال العامة أن يعوقنا عن الاهتمام بإيمان المسيحيين الحقيقى وتكييف أذهان الناس له بالنقاوة. لذلك فليُنزَع من بيننا كل ابتداع لتعاليم زائفة لا تتفق مع عقيدة الآباء المبرهن عليها جيدا. ومن أجل ذلك اجتمع هذا المجمع المقدس ليبدد الظلمة، ويُزيل دنس الأفكار، وليتأسس تعليم الإيمان بربنا يسوع المسيح بصواب". وهكذا كان الحال.
وعندما أنهى الملك خطابه العام مدحه الاساقفة، والسينات. وكذلك خطاب ليو قائلين أنه يتفق مع ايمان الرسول بطرس.
الكتاب الثالث: الفصل الثانى
الفصل الثانى يحدثنا عن عقوبة ديوسقورس وتكريس بروتيريوس فى محله، وعن المذبحة التى وقعت عند دخوله إلى هناك. وعن اموال الكنيسة الخاصة بالفقراء التى انفقها على حلفائه الرومان
وإذ وصل المجمع إلى هذه النهاية أُرسل ديوسقورس إلى غنغرا([174]) ليعيش [هناك]. وأُعتُبِر ديوسقورس معترفا. وعُيِّن بروتيريوس اسقفا للأسكندرية بدلا منه. وبروتيريوس هذا كان كاهنا مؤيدا له، وجاهد بحماس ضد المجمع فى البداية، ولكنه إذ تطلع إلى الكرسى لنفسه صار بعد ذلك مثل يهوذا خائنا لسيده وكأبشالوم لأبيه فأظهر نفسه كذئب مفترس فى وسط القطيع. فأذل وأساء معاملة الكثيرين من غير الراغبين([175]) ليُجبِرهم على الاتفاق معه، وأرسلهم إلى المنفى. واستولى على ممتلكاتهم بمساعدة الحكام الذين اطاعوه نتيجة لأمر الملك.
ومن ثم اجتمع الرهبان والكهنة وكثيرون من الشعب الذين أدركوا أن الايمان قد تلوث نتيجة للخلع غير العادل لديسقورس والسلوك العدوانى لبروتيريوس وشره بالأديرة، وفصلوا انفسهم عن الشركة معه ونادوا بديوسقورس وكتبوا اسمه فى سفر الحياة([176]) ككاهن الله الأمين المختار.
وكان بروتيريوس حانقا للغاية فأعطى هبات للرومان وسلحهم ضد الشعب وملأ أياديهم بدماء المؤمنين الذين قتلهم لأنهم هم أيضا تقووا وأعلنوا الحرب. ومات كثيرون على ذات المذبح وفى غرفة المعمودية، عندما فروا ولجأوا إلى هناك.
الكتاب الثالث: الفصل الثالث
يروى هذا الفصل الثالث الأحداث التى حدثت فى فلسطين الخاصة بجوفيناليس الاورشاليمى الذى حنث بوعوده وانفصل عن ديوسقورس. وعن الراهب ثيودوسيوس الذى راقب اعمال المحمع بغيرة وغادره عائدا ليُبلِّغ الرهبان والمواطنين بذك. وسيامته اسقفا لأورشليم بدلا من جوفيناليس.
وكان فى فلسطين شرورا مثل هذه وأسوأ. ولكن من أين أبدأ. عندما اُستدعِى جوفيناليس إلى خلقيدون، وعرف من يوحنا التربيون رغبة الملك، وأن نستوريوس الذى دُعِى أيضا قد مات فى الطريق عند عودته من المنفى عندئذ جمع الكهنة (بقدر اقتناعه بأن عقيدة "الطوم" التى تشايع رأى نستوريوس فاسدة) وجمع كذلك الرهبان والشعب معا، وعرض معا هذا التعليم الزائف وحرمه. وثبت نفوس الكثيرين على الايمان الصحيح، وتعهد معهم جميعا أنه إذا حاد فى المجمع عن ذلك فعليهم ألاَّ يشتركوا معه فيما بعد.
وفى البداية عندما ذهب إلى هناك ابدى مقاومة شديدة مع ديوسقوروس من أجل الايمان. ولكن لأن الضغط الملكى كان فوق الطاقة، وبسبب اطراء وتهانى الملك الذى كان يخدم بنفسه الاساقفة فى الولائم ويُظهِر تنازلا كبيرا لهم، ولأن الملك نفسه وعد بإعطاء ثلاثة مقاطعات فلسطينية لكرسى اورشليم([177])، عندئذ اظلمت عينى ذهنه وترك ديوسقورس المدافع وحده([178]) وانتقل إلى الجانب المضاد وازدرى بالأقسام التى ابرمها بإسم الله ووافق هو والاساقفة الذين كانوا معه ووقَّعوا.
وعندما سمع بذلك ثيودوسيوس الراهب ورفقائه الذين كانوا على ألفة وثيقة معه، والذى كان يراقب عن كثب ما كان يجرى فى المجمع، عادوا سريعا إلى فلسطين واتوا إلى أورشليم، واخبروا بخيانة الايمان. ودعوا جميع الرهبان معا واطلعوهم بكافة الأمور.
فاجتمع الرهبان واعدوا انفسهم وذهبوا لمقابلة جوفيناليس وهو قادم، وذكَّروه بقسَمه الذى اخفق فى الحفاظ عليه، وطلبوا منه أن ينتقد الاجراءات التى تمت ويحرمها. ولكنه اظهر نفسه مثل بيلاطس قائلا "ما كتبتُ قد كتبتُ". فقال له الرهبان، ونحن لن نقبلك اذن لأنك نقضت قسمك ووعودك". وهكذا عاد إلى الملك.
وعاد الرهبان والاكليروس إلى اورشليم. وكان الشعب والاساقفة الذين معهم مضغوطين وتشاوروا عما يمكن عمله فقرروا اقامة اسقف آخر بدلا من جوفيناليس. وبينما هم يتحدثون عن الرهبان الاطهار رومانوس ومركيان والرجال الآخرين الممتازين، اتفقوا اخيرا على تعيين ثيودوسيوس الذى كان غيورا وجاهد لسنوات من أجل الايمان. فأخذوه عنوة وهو يقاوم رافضا ملتمسا منهم ألا يفعلوا ذلك، ورجاهم أن يدَعُوه مساعدا للشخص الذى يُعيِّنوه من بينهم. فلم يُذعِنوا لتوسلاته. وباركوه وأجلسوه على الكرسى. فلما سمعت مدن فلسطين الأخرى بذلك إذ كانوا يعرفونه كرجل فائق فى الفضيلة وغيور على الحق أحضروا له اشخاصا لينالوا بركته ويقبلهم فى الكهنوت.
الكتاب الثالث: الفصل الرابع
ويخبرنا الفصل الرابع عن بطرس الأيبيرى، وكيف أُخِذ وأُحضِر إلى ثيودوسيوس بواسطة شعب غزة وصيرورته اسقفا.
ومن بين هؤلاء كان بطرس الأيبيرى([179])، رجل رائع تماما ومتميز فى سائر أرجاء العالم ابن ملك. هذا كان اسيرا لثيودوسيوس وكان محبوبا منه ومن زوجته افدوكيا بسبب خصاله الممتازة. وقد ترعرع فى القصر الملكى وعُهِد اليه بالإشراف على الجياد الملكية. ولكنه اعتزل هذه الوظيفة وسلَّم نفسه للتلمذة للمسيح مع يوحنا الخصى الذى كان اشبينه وابيه بالماء والروح. ونميا وصنع الله بهما آيات فى القنسطنطينية . فهربا من هناك وتوجها إلى برية فلسطين. وهناك أحبا وتبنيا الحياة الرهبانية. وعلى الرغم من انهما قد أرادا بهذا الاسلوب الاختفاء، إلا أنهما صارا مشهورَين بالأكثر، وأجريا آيات مثل الرسل. وكانا ينتقلان من مكان إلى مكان إلى أن وصلا إلى مقابل غزة ومايوما. فخرج الرجال والنساء والشعب من كل الرتب والأعمار وقبضوا على بطرس وأحضروه إلى اورشليم، إلى ثيودوسيوس متوسلين اليه ان يرسمه اسقفا لهم.
فأثار عديدا من الدعاوى ضد نفسه ورفض السيامة. فوضع ثيودوسيوس يديه على رأسه رغما عنه ورسمه لأنه كان يعرف الرجل. وعندما اضطرب بشدة ودعا نفسه هرطوقيا تردد ثيودوسيوس لبرهة ثم قال له "لتكن علتى وعلتك تحت حكم عرش المسيح". فغير كلامه قائلا لست هرطوقيا، ولكننى خاطىء. وإذ كان ثيودوسيوس ملما جيدا بالرجل باركه ككاهن لشعب غزة.
ولكن هناك اعمالا اخرى ممتازة أُجريت بواسطة هذا الرجل قد حذفتها مع ذلك حتى لا تطول روايتى هنا للغاية([180]).
الكتاب الثالث: الفصل الخامس
يتحدث الفصل الخامس عن هروب ثيودوسيوس الاورشليمى نتيجة لتهديدات الملك. وعن جوفيناليس الذى عاد بجيش من الرومان، والمذبحة العظيمة التى جرت عند دخوله.
وبينما كان ثيودوسيوس موفقا على هذا النحو بلغت اخبار كل ما كان يفعله إلى الملك. فعاد جوفيناليس ومعه الكونت دورثيوس وجيشا بقصد القبض على ثيودوسيوس وأسره وخلع سائر الأساقفة الذين سامهم فى منطقته، ومعاقبة الرهبان والشعب وطردهم نتيجة لتهورهم واندفاعهم فى اقامة ثيودوسيوس اسقفا على اورشليم. ولكن بحسب رغبة الملكة انقاذ حياة بطرس الايبيرى وحده حتى ولو لم يوافق على الاشتراك مع الاساقفة الآخرين.
وعندما وصل جوفيناليس إلى نيابوليس([181]) وجد عددا كبيرا من الرهبان هناك. فحاول فى البداية خداعهم لكونهم بسطاء وسليمى الطوية والذين كانت عدتهم وعتادهم هو الايمان القويم واعمال البر. فحاول اقناعهم بالاشتراك معه. فابتعدوا عنه وقابلوا عرضه بالاستهجان ما لم يحرم أعمال خلقيدون الغاشمة. فعندئذ قال انها ارادة الملك، فظلوا رافضين. وبناء عليه أعطى التعليمات للرومان والسامريين، فضربوا وقتلوا هؤلاء الرهبان بينما كانوا يرنمون المزامير ويقولون "اللهم إن الأمم دخلوا ميراثك ونجسوا هيكل قدسك. وقد جعلوا أورشليم مكانَ خزي"([182]). فأشفق بعض الرومان وبكوا، ولكن بعضهم قتلوا مع السامريين([183]) كثيرين من الرهبان الذين سالت دمائهم على الأرض.
الكتاب الثالث: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثالث، يتحدث عن كفيف سامرى لطخ عينيه بدم الشهداء فأبصر
وكان هناك كفيف سامرى خدع مرشده، وقال له "حيث أن عينى لا تقدران أن ترى دماءَ قتلى هؤلاء المسيحيين لكى تفرح نفسى، فخذنى بالقرب منها لكى أتحسسها". وعندما أحضره المرشد بالقرب منها لكى يلمسها، غمس يديه فى الدماء وانطرح على الأرض وبكى مصليا ومتضرعا لكى يكون شريكا فى استشهادهم. ثم نهض ولطخ عينيه ورفع يديه إلى السماء فانفتحت عيناه واسترد بصره.
واندهش جميع من رآوا هذه المعجزة، وآمنوا بالله، وآمن أيضا الرجل الكفيف واعتمد.
ولكن الحزب الذى كان ينفذ تعليمات الملك قبض على المؤمنين الأحياء وطردهم. من كل المنطقة.
الكتاب الثالث: الفصل السابع
الفصل السابع يروى كيف ظهر ربنا لبطرس الايبيرى الغزاوى، وأخبره بأنه يجب عليه الرحيل مع المطرودين.
ولكنهم يقولون أن بطرس المنير كان فى راحة، إذ تُرك بلا ازعاج من قِبل الجميع، بسبب تعليمات الملك وأيضا العناية الودية من الملكة به. ولكنه رأى الرب فى رؤيا قائلا له بشدة "ما هذا يا بطرس أنا مطرود فى عبيدى المؤمنين، وأنت قابعٌ هادىء وفى راحة". فندم بطرس وأطاع وقام وترك غزة. وانضم إلى أولئك المطرودين، ورحل معهم.
الكتاب الثالث: الفصل الثامن
الفصل الثامن يتكلم عن الراهب سليمان الذى دخل بحيلة إلى جوفيناليس وألقى على رأسه سلة تراب ورماد، بعد أن وبخه.
وإذ طرد جوفيناليس بواسطة القوة العسكرية الرومانية الرهبان والمؤمنين الذين كانوا فى المنطقة، وصل إلى اورشليم وجلس على العرش. ولم يكترث اطلاقا لا بوعوده ولا بالمذبحة التى حدثت عند دخوله هناك ولا بحنث أقسامه.
عندئذ ثار بالروح راهب يدعى سليمان، وبواسطة ثوب عفته المكرَّم وكأنه يريد أخذ بركة رئيس الكهنة نفسه، تصرف بمكر وملأ سلة من التراب والرماد ووضعها تحت ابطه، واقترب من جوفيناليس، وكان الأخير مسرورا أن يقترب منه راهب. وعندما استقبله قال له سليمان "فليباركنى سيدى". وعندما سمح الجنود له بالإقتراب وجاء بالقرب من جوفيناليس اخرج سلة التراب وافرغها على رأسه قائلا "عار عليك. عار عليك. أيها الكاذب المضطِهد". وعندما كان الجنود الرومان على وشك ضربه، لم يسمح لهم جوفيناليس، ولم يكن ساخطا بل بالأحرى تحرك بالتوبة بهذا، ونفض التراب من فوق رأسه، وأخرجوا فقط الراهب من حضرته. وأمر أن تعطى نقود لنفقاته لكى يترك بلده. ومع ذلك، رفض الراهب النقود وغادر البلد.
الكتاب الثالث: الفصل التاسع
ويخبرنا الفصل التاسع عن كيفية القبض على ثيودوسيوس وسجنه فى بيت يحتوى على جير حى، ووفاته هناك أخيرا.
وإذ كان ثيودوسيوس مطلوبا فى سائر ارجاء المقاطعة بأوامر الملك، ارتدى رداءً رومانيا ووضع شعرا وخوذة على رأسه، وجال يشجع ويثبت المؤمنين. وعندما وصل أخيرا إلى اطراف صيدون، قُبِض عليه بواسطة أحد أصدقائه وسُلِّم للرومان.
فحنق عليه الحزب النسطورى بشدة لأنه كان يجول فى سائر أرجاء العالم ويفند ويحرم تعليم نستوريوس الزائف لدرجة أنهم صعدوا إلى الملك واقنعوه أن يُسلِّم لهم هذا الرجل للتحفظ عليه. فأخذوه وسجنوه فى بيت صغير للرهبان كان به جير حى.
وكان هؤلاء النساطرة يذهبون إليه فى أفواج ويجادلونه على أمل أن يغير رأيه ويوافقهم على مشيئتهم. فتغلب عليهم جميعا وأنبهم [على ضلالهم]، وعندما خرجوا من عنده خجلين ومدحورين قال "حتى لو سُجِنت ومُنِعت من التجول فى المناطق المختلفة حسب عادتى السابقة، فإنه طالما هناك نفَس فى منخارىَّ فلن تُسجَن كلمة الله فىَّ، بل ستكرز بما هو حق وصواب فى أذان السامعين".
ولكن الحزب الأوطاخى أيضا، ظنوا أنه سيتفق معهم فجاءوا إليه وتناقشوا معه. وبالمثل، وعلى العكس من توقعهم، بيَّن لهم أنهم يتفقون مع فالنتينوس، ومانى وماركيون، وأن هرطقتهم هى أشر وأردأ حتى من هرطقة بولس الساموساطى وابوليناريوس ونستوريوس. وهكذا رحلوا بدورهم عنه بعدما أدانهم.
ولأنهم عذبوه [الواحدُ] تلو الآخر، ظلت نفسه راسخة جيدا فى الحرب. وبينما هو هناك، التقى بكتابات يوحنا المنطقيى([184]) الاسكندرى التى كانت مملوءة من التعاليم الزائفة وبها قصور شديد وهرطقة. ففضح الرجل وحرمه. وإذ أكمل جهاده ونزاله فى الحرب، وحفظ ايمانه، تُوفىَّ أخيرا. وإذ نُقِل من السجن رحل إلى المسيح ربنا. وترك مثالا فى الشجاعة للمؤمنين.
الكتاب الثالث: الفصل العاشر
يقدم لنا الفصل العاشر من الكتاب الثالث تقريرا عن هرطقة يـوحنا الـنـحـوى الاسكندرى، وكيف رُذِلت وحُرِمت.
كان يوحنا تابعا لبالاديوس الاسكندرى السوفسطائى، وكان الثانى له. ولهذا السبب دُعِىَّ الخطيب([185])، ولُقِّب لذلك بالنحوى.
هذا الرجل إذ رأى كل مدينة الاسكندرية قد كرهت بروتيريوس الذى خلف ديوسقورس: البعض نتيجة غيرته على الايمان. وآخرون لأنهم أُضطُهِدوا ونُهِبوا بواسطته لكى ما يجبرهم على الموافقة على المجمع والتوقيع على "الطوم". فكَّر عندئذ فى أن يتعاطف مع الشعب وأن يُقدِّم مظهرا جميلا، ويجمع نقودا لنفسه ويُكرَّم بهذا المجد الفارغ. وبدون أن يقرأ الأسفار المقدسة، ولا أن يفهم معانى أسرارها، ولا أن يتمرس على كتابات معلمى الكنيسة المقدسة القدماء، وبدون معرفة ما يُجادل عنه أو ما يقوله انتفخ وكتب برهانا ما: أن الله الكلمة قد التحف بالجسد على غرار النسل([186])، وأنه تألم بطبيعته إن كان قد تألم حقا على الاطلاق. ولكنه أنكر أن الكلمة قد اتحد بجسد بشرى. ولم يعترف بالطبيعتين اللتين جاء منهما المسيح. وأعد وجمع الكلام قائلا" لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يدعى التجسد طبيعة، بدون زرع بشر حقيقى فى العذراء". لذلك السيد المسيح ليس منها ولا بواسطتها. ولم يتفق مع معلمى الكنيسة الذين اعلنوا أن الطبيعة البشرية اتحدت بالله الكلمة وأنه صار انسانا.
وبكلام فارغ مثل هذا اعتاد ان يتسامر. وكتب أيضا كتبا كان متناقضا فيها مع نفسه. فأحيانا يتفق مع أبوليناريوس، وأحيانا مع يوتيخس، وأيضا يدون شيئا جديدا مختلفا تماما. ولأنه كان فى شك من أن تنقض كتاباته، لم يوَّقع عليها بإسمه، ولكنه كتب اسم ثيودوسيوس اسقف اورشليم فى مرة على كتاب. واسم بطرس الايبيرى على آخر لكى ما ينخدع بها المؤمنون ويقبلوها. وقيل أن بطرس الأيبيرى رأى، [وهو] فى دير ما، كتابا منها كان مسجلا عليه اسمه. وعندما تناوله وقرأه اندهش بشدة وحرم الإنسان الذى كتبه. وليس هناك فقط، بل [حرم] هو وثيودوسيوس كتابات هذا الرجل فى الاسكندرية وفلسطين وسوريا.
الكتاب الثالث: الفصل الحادى عشر
يتحدث الفصل الحادى عشر عن ارسال يوحنا رئيس موظفى الأبواب إلى الاسكندرية بعد وفاة ديوسقورس، ليحثهم على الاتحاد مع بروتيريوس.
وعندما وصلت أخبار وفاة ديوسقورس إلى الاسكندرية كان هناك كرْب وحزن عظيمين. وعقب وفاته وضعوا اسمه فى الدبتيخا([187])diptych. واعتبروه من الأحياء بسبب حبهم له. ولكن لا يقدر أى رجل حتى من اولئك الذين يجتهدون أن يجد خطأ فيما لم يُعمَل فى الواقع([188]).
ولكن فريق المؤمنين كان تواقا لتعيين اسقفا محل ديوسقورس. ومع ذلك كانوا خائفين من تهديدات ماركيان الملك لأنه كان قد أرسل خطابا إلى كل المناطق ووعيد ضد كل من لا يوافق على المجمع والطوم. وهكذا عندما سمع عن شعب الاسكندرية وميلهم إلى سيامة اسقف لهم عقب وفاة ديوسقورس، ارسل يوحنا رئيس موظفى الأبواب بخطاب منه يحض شعب الاسكندرية على الاتحاد مع بروتيريوس.
وكان ليوحنا نفس فكر الملك، وكان رجلا أريبا. فعندما جاء ورأى الحشود وأعداد الرهبان المتسربلين بالعفة، والذين يملكون استعداد الخطابة دفاعا عن الايمان. وأيضا الأجساد القوية للشعب العام الذين كانوا مؤمنين والذين كان عليه أن يتعامل معهم، صُعق وقال اننى مستعد إن أراد الله أن أُعلِم الملك وأتوسل إليه من أجلكم". واستلم منهم التماسا خاصا بالمعلومات الخاصة بإيمانهم وما يتعلق بما حدث لهم على يدى بروتيريوس وسلوكه الشرير وغير التقوى، وممتلكات الكنيسة التى بددها، مكتوبة بإسهاب، قد حذفته حتى لا أكون مملا للقارىء.
وعندما عاد إلى الملك وأخبره بهذه الأمور قال له "لقد أرسلتك، فى الحقيقة، لتقنع وتحض المصريين على طاعة إرادتنا ولكنك عدت الينا ليس حسب رغبتنا، إذ بنا نجدك مصريا". ومع ذلك عندما أدرك الأمور المكتوبة بشأن بروتيريوس فى الإلتماس الذى أرسله الرهبان لام الرجل ومكره.
وبينما هو مشغول بهذا الأمر توفى، بعد أن حكم ست سنوات ونصف. ومات أيضا موريان الذى حكم معه أربع سنوات. وتولى المملكة بعده انثيموس وساويرس واوليبريوس. وبعد ذلك بسنة اشترك معهم ليو الأول. حتى أن حياة هؤلاء قد شغلت سبع سنوات.
الكتاب الثالث: الفصل الثانى عشر
عن حكم أنثيموس وساويرس واوليبريوس وليو معا وعلى التوالى مدة سبع سنوات.
وبعد أن حكم أنثيموس خمس سنوات قتله رسيمر. وإذ حكم ساويرس سنة واحدة توفى. ومات اولبيريوس الذى حكم بعد ساويرس مع انثيموس سنة واحدة. ومات أيضا ليو الأول بعد أن حكم مع انثيموس ثلاث سنوات، وسنتان بعده.
وفى الحقيقة، فى السنة الأولى من حكم ليو، قلب زلزالٌ انطاكيا، وكانت هناك نيران عظيمة. وفى السنة الثانية من حكمه قُتل سولينوس القوطى الطاغية. وفى السنة الثالثة من حكمه، قُتل الجنرال آسبار وأبنائه.
ولكن فى هذا الكتاب الثالث وفصوله المكتوبة عاليه، مدة ثلاثة عشر سنة ونصف. وهى مجمعة كالآتى: ست سنوات ونصف لمرقيان وموريان. وسبع سنوات لانثيموس وساويرس واولبيريوس وليو الأول الذين حكموا على التوالى ومعا.
وهذه المدة تبدأ من السنة الثالثة للأوليمبياد الثلاثمائة وخمسة([189])، وتنتهى فى الأولمبياد الثلاثمائة وثمانية.
الكتاب الرابع
هذا الكتاب الرابع هو أيضا، كما هو، من تاريخ زكريا البليغ. وهو يروى (فى فصوله الاثنى عشر المدونين بالتفصيل بعده) ويبين الأحداث التى جرت عقب وفاة ماركيان وموريان([190]) وانثيمسوس وساويرس واولبيريوس الذين حكموا جميعا اثنى عشر سنة، كما تشهد الحوليات. هذه الاحداث(أقول) توضح ما حدث فى الاسكندرية وافسس فى أيام ليو([191])، وليو([192]) خلال فترة عشرين سنة. وتتكلم عن تكريس تيموثاوس الكبير الملقب "ابن عرس"([193])، وكيف قُتِل بروتيريوس المعيَّن كخليفة لديوسقورس من قِبل مجمع خلقيدون. وكيف قدَّم كهنته بعد وفاته طعنا([194]) إلى تيموثاوس، وأرادوا دخول الكنيسة. ولكن الكهنة الغيورين المشايعين لتيموثاوس والشعب لم يسمحوا لهم. وبناء عليه ذهبوا إلى روما ليُعلِموا ليو([195]) بالأمر. فكتب خطابا إلى الملك منتقدا سيامة تيموثاوس.
ولكن هذا الكتاب يخبرنا أكثر من ذلك بخطاب تيموثاوس إلى ليو([196]) منتقدا الاضافات التى وُضِعت فى المجمع وفى"الطوم". واكثر من ذلك يحدثنا عن يوحنا الذى كان اسقف أفسس بعد استقالة باسيانوس، والخطاب الدورى لليو الملك الذى كتبه للاساقفة والذى يطلب فيه توضيح آرائهم كتابة بشأن التعريفات التى وُضِعت فى المجمع. فمدح جميعهم هذه التعريفات فيما عدا امفيلوكيوس الذى من صيدا. وُيخبِرنا هذا الكتاب أكثر من ذلك كيف نُفِى تيموثاوس إلى غنغرا، ومن غنغرا إلى كيرسون. وأن خليفته كان واحدا من حزب بروتيريوس يُدعَى تيموثاوس المُلَّقب بسالوفاكيولس([197]) Salophaciolus. وأكثر من ذلك يحدثنا عن اشعياء الاسقف، وثيوفيلس الكاهن اللذين كانا اوطاخييَّن. وعن الخطاب الذى كتبه تيموثاوس بشأنهما والذى فضحهما فيه.
فالفصل الأول يخبرنا عن سيامة تيموثاوس الكبير الملقب بابن عرس والأحداث التى حدثت آنذاك. ويُظهِر الفصل الثانى كيف قُتِل بروتيريوس وسُحِل وأُحرِق جسده بالنار. ويشرح الفصل الثالث كيف قدم الكهنة التابعين لبروتيريوس التماسا إلى تيموثاوس بعد أن صار اسقفا منفردا، يُظهِرون فيه رغبتهم فى الحضور إلى الكنيسة. ولكن الكهنة الغيورين الذين فى جانب تيموثاوس لم يسمحوا لهم.
ويتحدث الفصل الرابع عن ذهاب هؤلاء الكهنة إلى روما ليعلموا رئيس الكهنة ليو(بالأمر)، لأن تيموثاوس لم يقبلهم.
ويحدثنا الفصل الخامس، عن تيموثاوس وما حدث ليوحنا اسقف افسس خليفة باسيانوس.
ويشرح الفصل السادس الالتماس الذى قدمه تيموثاوس إلى الملك ويتضمن نقدا لليو ورسالته.
ويتحدث الفصل السابع عن الردود على الخطاب الدورى الخاص بالمجمع التى أُرسِلت إلى الملك من قِبل الاساقفة. وكيف لم يتفق امفيلوكيوس مع الآخرين فيما كتبوه.
ويتحدث الفصل الثامن عن خطاب أناتوليوس إلى الملك الذى يبرهن له فيه تأثر الأساقفة بالنسبة لمضمون ردودهم الخاصة بالمجمع.
ويتحدث الفصل التاسع عن نفى تيموثاوس والأحداث التى حدثت عند رحيله من الاسكندرية.
الفصل العاشر يخص تيموثاوس الآخر الأسقف الذى كان من حزب بورتيروس والذى كان يُدعى سالوفاكيولوس.
أما الفصل الحادى عشر فيتحدث عن نقل تيموثاوس من غنغرا إلى كيرسون.
ويخبرنا الفصل الثانى عشر عن اشعياء وثيوفيلس الأوطاخيين، والخطاب الذى كتبه تيموثاوس بخصوصهما، والذى فضحهما فيه.
ولكن المدة التى يغطيها الكتاب الرابع هى سنتين أو ثلاث من ليو الأول([198])، وسبعة عشر سنة إلا شهرين من ليو الثانى كما تُعلِمنا الحوليات. لأن تيموثاوس الكبير كان أسقفا للأسكندرية مدة سنتين أكثر أو أقل، ثم نُفِى إلى غنغرا. وبعد غياب نحو ثمانية عشر سنة عاد إلى كرسيه وسرعان ما تُوفى.
ان الكتاب الرابع رواية لسيامة تيموثاوس والأحداث التى حدثت فى أيام الملِكيّن ليو الأول وليو الثانى.
الكتاب الرابع: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الرابع يتحدث عن سيامة تيموثاوس الكبير الملقب"بابن عرس" والأحداث التى حدثت عندئذ.
وبينما كانت كنيسة الاسكندرية فى الحالة التى وصفناها عاليه، وردت فجأة أخبار وفاة ماركيون. فتشجعوا جميعا وتشاوروا مع كل الرهبان عمن يقيموه اسقفا للمؤمنين. لأن الجنرال ديونيسيوس لم يكن هناك وقتئذ، بل كان فى زيارة لمصر([199]). فاتفقوا على تيموثاوس وكان رجلا مختبرا فى الحياة النسكية والعملية، وكان قد أُحضِر من البرية بالقوة إلى كيرلس لسيامته كاهنا، وأكثر من ذلك كان من نفس ايمان ديوسقورس، وكان ضليعا فى كل حقائق الايمان التى لمعلمى الكنيسة. فقبض شعب الاسكندرية مع الرهبان على هذا الرجل واحضروه إلى الكنيسة الكبرى التى تدعى القيصرية([200]) وفتشوا عن ثلاثة أساقفة بحسب الفريضة القانونية لسيامته. ولما كان اسقفان حاضران كان من الضرورى حضور اسقف ثالث([201]). وفى أثناء البحث الجاد سمع بعض الناس عن وجود بطرس الأيبيرى الذى كان قد ترك فلسطين وتغرب بالأسكندرية فركضوا إليه سريعا وأمسكوا بالرجل([202]) وحملوه على أكتافهم ولم يدعوه يلمس الأرض. وبينما هم يُحضرونه سُمع صوت فى أذهان الاكليروس والرهبان والمواطنين المؤمنين مثل ذلك الصوت الذى سمعه فيلبس بشأن خصى الملكة كنداكة. قائلا "ارسموه عنوة حتى لو كان غير راضٍ واجلسوه على عرش مار مرقس"([203]). وكان ضعيف الجسد من فرط الاماتة الذاتية، لدرجة أنه بسبب هزاله نعته حزب بورتيريوس، من باب السخرية "بابن عرس". وعندما سمع الجنرال ديونيسوس بالأمر صار قلقا من أن يُوَّبخ لوجود اسقفين بالمدينة، عندما يسمع الملك بذلك. وبناء عليه عاد وأخذ معه كل القوة الرومانية وسجن تيموثاوس، وقٌتِل كثيرون. واصدر ديونيسيوس أوامره بنقله إلى مكان يدعى Cabarsarin([204]). وعند رحيله صار الصراع بين المواطنين والرومان شديدا. وكان شغب عظيم، وقتلٌ يومى، وخاصة أنه (ديونيسيوس) كان يُهيِّج ويحرض الرومان المدعوون cartadonالذين كانوا اريوسيين، وحادين الطبع. وهكذا أنفق قيّم الكنيسة([205]) أموالها على الرومان الذين كانوا يحاربون الشعب. ولكن حدث أن بعضا منهم ومن زوجاتهم سقطوا فى هذه المعركة وانقسموا إلى فرق وحاربوا بعضهم بعضا. وعندما سادت فوضى كهذه على المدينة لعدة أيام كان ديونيسيوس فى غاية حنقه. لذا احضر راهبا معينا مكرَّما لعفته وفضيلته [يدعى] لونجينوس([206]) وعهد بتيموثاوس إليه لكى يعيد الاسقف إلى المدينة وإلى كنيسته بشرط أن تكف المعركة، ولا يكون هناك قتلى أكثر. وعندما عاد تيموثاوس إلى الكنيسة الكبرى التى أُخِذ منها عنوة، و أخذ بروتيريوس لنفسه الكنيسة التى تدعى Quirinian([207]). واقترب عيد القيامة([208]) أُحضِر عدد لا يُحصى من الاطفال إلى تيموثاوس ليعمَّدوا لدرجة أن أولئك الذين كانوا يقرأون ويكتبون أسمائهم قد تعبوا. ولكن خمسة فقط هم الذين أُحضِروا إلى بروتيريوس. وكان الشعب ملتصقا بتقوى شديدة بتيموثاوس لدرجة أنهم أخرجوا بروتيريوس من كنيسة quirinian وقتلوه.
الكتاب الرابع: الفصل الثانى
الفصل الثانى يتحدث عن كيف قُتل بروتيريوس، وسُحِلت جثته فى المدينة وأُحرِقت.
وعندما استمر بروتيريوس فى تهديد الرومان([209]) واظهار الحنق ضدهم لأنهم أخذوا ذهبه ولم يملأوا أياديهم من دماء أعدائه. استشاط احد الرومان غضبا وغلِىَّ [الدم] من السخط، فدعا بروتيريوس الى أن يتطلع حوله ليريه أجساد القتلى أين يرقدون. ثم استل سيفه فجأة وسرا وطعن بروتيريوس مع رفقائه الرومان، وجروه الى التيترابيلم([210]) tetrapylum، وهم ينادون وهم سائرين "هذا هو بروتيريوس". وشك آخرون فى أن تكون مكيدة ماكرة. ولكن الرومان تركوا الجثة وانصرفوا. وعندئذ أدرك الشعب ذلك واهتاجوا هم أيضا، فجروا الجثة واحرقوها بالنار فى ساحة سباق الخيل([211]). وهكذا حدث موت بروتيريوس الذى صنع شرورا للاسكندريين مثل جورج الأريوسى([212]) ونال على أيديهم مثلما ناله هو. وهكذا عمل له بالمثل.
الكتاب الرابع: الفصل الثالث
الفصل الثالث يروى كيف قدَّم كهنة بروتيريوس التماسا لتيموثاوس بقبولهم، ورفض الكهنة الغيورين ذلك.
ولكن تيموثاوس عندما ظهر أمامهم كرئيس كهنة الاسكندرية الوحيد، كان فى الحقيقة على ما يجب أن يكون عليه الكاهن، إذ أنفق الذهب والفضة التى كانت تُعطَى للرومان فى أيام بروتيريوس على الفقراء والأرامل وضيافة الغرباء وعلى المحتاجين بالمدينة، حتى أنه فى زمن قصير إذ ادرك الأثرياء سلوكه المكرَّم أمدوه طواعية وبحُب بالأموال ذهبا وفضة. فاجتمع الكهنة الذين كانوا من حزب بروتيريوس معا وهم عالمون بفضائله وسيرة حياته الملائكية، وتوقير المواطنين له وقدَّموا طلبا يلتمسون منه أن يقبلهم ووعدوه أيضا بالذهاب إلى روما لينصحوا ليو بشأن الابتداعات التى كتبت فى "الطوم" وكان من بين هؤلاء الأشخاص مَن كانوا بلغاء ومستعدون وذوى ثروة وكرامة وشريفى المولد أيضا. وكانوا قد دعيوا للكهنوت من قِبل كيرلس. وكانوا مكرَّمين فى عيون مواطنى روما. وقدموا الالتماس نيابة عنهم إلى تيموثاس. وكتب ايضا يوستاس من بيروت توصية بقبولهم. ولكن غيرة المواطنين الكارهين لهؤلاء الأشخاص كانت كبيرة بسبب الأحداث التى حدثت فى أيام بروتيريوس والآلام العديدة التى قاسوها، لذلك لم يكونوا راضين بقبولهم بل جعلوا الآخرين يصيحون "لن يطأ أى واحد منهم هنا، ولن يُقبَل المذنبون".
الكتاب الرابع: الفصل الرابع
يتحدث الفصل الرابع عن ذهاب هؤلاء الكهنة إلى روما واخبارهم بالمعاملة التى لاقوها.
وهذا هو سبب اضطراب الامور وتحولها الى فوضى، لأنه عندما رُفِض هؤلاء الرجال بخزى توجهوا الى روما. وهناك تكلموا عن كسر القوانين، وعن الموت المرعب لبروتيريوس، وقالوا أنه مات من أجل المجمع واكراما لليو وأنهم هم أنفسهم، قد قاسوا من السخط الشديد. وأكثر من ذلك أتى تيموثاوس بأسلوب وضيع لينال الكهنوت. وهكذا قلبوا الأمور لتظهر فى عينى ليو بصورة منحطة وأثاروه ضد تيموثاوس.
الكتاب الرابع: الفصل الخامس
يتحدث عن الأمور اللاحقة بخصوص تيموثاوس، وأيضا التى حدثت فى افسس ليوحنا خليفة باسيانوس.
ولكن كيف هُجِر تيموثاوس؟. هذا ما سأرويه الآن. بعد أن مات ماركيان، حكم انثيموس وساويرس واولبيريوس لفترة قصيرة، فى ايطاليا والأماكن المجاورة. وحكم ليو الأول بعض مقاطعات أوربا معهم. وكان مؤمنا وغيورا، ولكنه بسيط الايمان. وعندما علِم ليو الملك بالشرور التى حدثت فى مصر والاسكندرية، وفى فلسطين وفى كل مكان وأن كثيرين قد تفرقوا بسبب هذا المجمع وأيضا كان هناك قتلى كثيرون فى افسس عند دخول يوحنا بعدما هرب باسياناس الذى رفض التوقيع على اعمال خلقيدون. ولكن يوحنا هذا إذ كان ملتهبا بشهوة المنصب، خان الحقوق وكرامة الكرسى لدرجة أن الافسسيين دعوه "الخائن" إلى اليوم، ومحوا اسمه من سفر الحياة. وبالتالى عندما تلقى([213]) خطابا من تيموثاوس الاسكندرى كان راغبا فى عقد مجمع، ولكن أناتوليوس اسقف المدينة الملكية منعه ليس لأنه كان قادرا أن يجد خطأ فى عبارات تيموثاوس المكتوبة، ولكن لأنه، فى الحقيقة، كان قلقا للغاية من أنه اذا اجتمع مجمع قد يضع نهاية لأعمال خلقيدون. ولم يكن قلقه من أجل الايمان ولكنه كان بالأحرى من أجل الإمتيازات والكرامات التى كانت تُمنَح بغير عدل لكرسى المدينة الملكية.
وبالتالى اقنع اناتوليوس الملك ألا يعقد مجمعا، ولكن يستعلم بواسطة خطابات مكتوبة تدعى "دوريات"([214]) عن آراء الاساقفة بشأن مجمع خلقيدون وبشأن سيامة تيموثاوس.
وبدأ الملك فى كتابة خطاب دوري إلى الاساقفة بشأن مجمع خلقيدون، وبشأن تيموثاوس، على النحو التالى:
" فليضع كل واحد منكم نصب عينيه خوف الله وحده، بدون خوف من انسان، او محاباة، أو تحيز مع أو ضد. وتعتبرون أن عليكم أن تُقدِّموا له وحده دفاعكم، وتخبروننى برأيكم العام الذى تتمسكون به أيها الكهنة فى نطاقنا، وما ترونه صوابا بعدما تفحصون أعمال خلقيدون بعناية، و[رأيكم] بشأن سيامة تيموثاوس الاسكندرى".
وعندما وصل خطابٌ مثل هذا الى ليو الرومانى. كتب خطابَين للملك ليو واحد بخصوص تيموثاوس والآخر بالنيابة عن حزب بورتيريوس، الذى يؤكد فيه أيضا أن كهنة القنسطنطينية من نفس فكر تيموثاوس، ودعا اناتولياس بالمتراخى ودافع عن "الطوم" الذى كتبه هو بخصوص يوتيخس، والذى قُبِل فى مجمع خليقدون. ومع ذلك، تناول بالتفصيل كتابة فى هذا الصدد مسألة ناسوت المسيح فى هذا الخطاب أيضا. فأرسله الملك ليو الى تيموثاوس الاسكندرى. وعندما استلمه كتب الأخير هذه العريضة الى الملك كما يلى:
الكتاب الرابع: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الرابع خاص بإلتماس تيموثاوس بشأن ايمانه، والاتهامات الموجهة لطوم ليو
"ايها الملك الطيب والمبرَّز. لما كان ليس هناك أهم من النفس عند الحكماء، وكنا قد تعلمنا ايضا أن نزدرى بأمور الجسد وألا نخسر أنفسنا، لذلك على قدر ما أعطيت لى من قوة احافظ على نفسى لئلا أدان قبل وقت الدينونة كمحب للجسد وأعد لنفسى نار جهنم. وأظن أن كل الحكماء المهتمين بالصالح لا يرغبون قط فى حدوث أى شىء كريه لإخوتهم. وبناء عليه أوكد لسموكم وأنا أكتب هذه العريضة، أننى قد تعلمت الاسفار المقدسة منذ شبابى ودرستُ الاسرار الالهية التى تتضمنها، والى الآن ما زلت مهتم بالايمان الحقيقى كما سُلِّم لنا من الرسل ومن الآباء المعلمين. وقد بلغت شيخوختى الحالية وأنا متحد معهم بنعمة الله مخلصنا. واننى اعترف بالايمان الواحد الذى سلَّمه فادينا وخالقنا يسوع المسيح عندما تجسد وأرسل رسله المباركين، قائلا "اذهبوا وعلِّموا الأمم وعمدوهم بإسم الآب والإبن والروح القدس"([215]). لأن الثالوث كامل ومساوٍ فى الطبيعة([216]). وفى المجد وفى البركة وليس فيه أقل أو اكثر. ولهذا علَّم الآباء المباركون الثلاثمائة وثمانية عشر، بشأن تجسد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الحقيقى، لأنه ليس هناك [شىء] صعب فيه. ولا تتطلب تعريفات الايمان التى وضعها الآباء أية اضافة. وكل من يتمسك(أيا كانوا) بآراء أخرى ويفسدون بالهرطقة، هم مرذولون منى، وأنا نفسى أفر منهم. لأن هذه هى المرض الذى يُهلك النفس. وهو([217]) المسمى تعليم ابوليناريوس وتجاديف النساطرة وكلاهما يتمسكان بآراء ضالة بشأن تجسد يسوع المسيح الذى تجسد من أجلنا ويشقونه إلى اثنين ويشطرون تدبير ابن الله الوحيد، وأولئك الذين من ناحية أخرى يقولون بخصوص جسده، أنه أُخِذ من السماء أو أن الله الكلمة قد تغير أو أنه قد تألم فى طبيعته، والذين لا يعترفون بنسبة ما يخص الجسد البشرى الى النفس المأخوذة منا المتحد بها. واننى أقول لأىٍ من الذين سقطوا فى واحدة أو أخرى من هذه الهرطقات، أنتم فى ضلال عظيم ولا تعرفون الأسفار المقدسة"([218]) واننى لا اشترك فى التناول مع هؤلاء ولا اعتبرهم مؤمنين. ولكننى التصق واتحد وأوافق بالحقيقة على الايمان المُعرَّف بنيقية وهذا هو اهتمامى أن أحيا طبقا له ولكن عندما أتى ديوميدس رئيس موظفى الأبواب المكرم إلىَّ وأعطانى خطاب اسقف روما، ودرسته لم أسر بمحتوياته. ولكى لا تضطرب الكنيسة، أيها الرجل المحب للمسيح، لم أقرأه جهرا ولا انتقدته. ولكننى أرى أن الله قد وضع فى ذهن سموكم أن أصوب العبارات فى هذا الخطاب التى هى علة عثرة المؤمنين. لأن هذه العبارات تتفق وتتطابق مع عقيدة نستوريوس الذى أدين لأنه يُقسِّم ويشق تجسد ربنا يسوع المسيح بالنسبة للطبائع والأقانيم والخواص والأسماء والأفعال operations. والذى([219]) فسَّر أيضا كلام الكتاب المقدس بمعنى(طبيعتين) وهو غير وارد فى [قانون] إيمان الثلاثمائة وثمانية عشر، إذ هم يصرحون أن ابن الله الوحيد الذى هو من نفس الطبيعة مع الآب نزل وتجسد وتأنس وتألم وقام وصعد الى السموات وسيأتى ليدين الأحياء والأموات. ولم تُذكَر عندهم الطبائع والأقانيم، والخواص، ولا قسموها. ولكنهم اعترفوا بالخواص الالهية والبشرية بأنها واحدة بالتدبير. وبناء عليه لا اوافق على أعمال خلقيدون لأننى أجد انقساما وشطرا للتدبير.
والآن ايها الملك المنتصر اقبلنى لأننى اتكلم هذا بأمانة من أجل الحق لكى ما يَنعم معاليك فى السماء كما على الأرض. ولتقبل عريضتى هذه بحسن نية، لأنه يرد فى هذا الخطاب[الذى] من الغرب اعترافا يسبب العثرات على نحو ما، فهو يشق التدبير. واننى لأرجو أن يُحذَف هذا الخطاب لكى ما يُعترَف بالمسيح الرب بنقاوة، من قِبل كل لسان بأنه تألم بالحقيقة بالجسد بينما ظل بدون ألم بلاهوته الذى له مع الآب والروح القدس.
واننى اتوسل والتمس من جلالتكم صدور الأوامر إلى كل الناس أن يتمسكوا بالايمان المعلَن عنه من الآباء الثلاثمائة وثمانية عشر، والذى يُظهر بإختصار الحق لكل الكنائس ويضع نهاية لكل هرطقة وتعليم زائف يسبب العثرة والذى لا يحتاج فى ذاته إلى تصحيح. ولكن الأمور التى تحتاج إلى تصحيح فى هذا الخطاب، كما تظهر لى، فهى هكذا.."
( لم نكررها هنا) لأنها ذكرت بإسهاب وبإقتباسات تدحضها حتى لا يمل القارىء، ويمكن للمؤمنين فى كل مكان أن يجدوا الانتقادات التى وضعها الحكماء ضدها، من ديوسقورس أولا، وتيموثاوس من بعده، وبعدهما بطرس([220])، واخسونيو من هيرابولس([221])، والملفان ساويرس رئيس كهنة أنطاكية، فى عمله "ضد النحوى"، ومن قزماس([222])، ومن سيمون([223]) [الذى] من ليجنو، وفى رسالة الكساندرينس([224]).
نهاية الفصل السادس.
الكتاب الرابع: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الرابع، يتحدث عن الخطابات إلى كتبها الأساقفة الآخرون إلى ليو الملك ومدحهم كلهم للمجمع ولطوم ليو، فيما عدا امفيلوكيوس
[هكذا] كتب تيموثاوس بأمانة عاليه بخصوص خطاب ليو([225]) ومجمع خلقيدون. ولكن الأساقفة الآخرون مطارنة كل مكان، عندما تلقوا خطاب الملك الدورى شهدوا لما تم فى مجمع خلقيدون، وأنهم متفقون معه وانتقدوا سيامة تيموثاوس الذى دعاه اسقف روما "ضد المسيح". وقالوا أن الأساقفة الآخرين، تأثروا أيضا فى الكتابة بأناتوليوس وخطاباته إليهم.
ولكن امفيلوكيوس Amphilochius الذى من صيدا Side، أظهر وحده الحق والبر بدون خوف. وكتب هو واساقفة مقاطعته بأمانة منتقدا وشاجبا اعمال المجمع وتعليم "الطوم" مُخبرا بالمحاباة والعنف اللذان حدثا ومؤكدا لأقواله ببراهين وشهادات أكيدة من الأسفار المقدسة والآباء. وأكثر من ذلك، التمس من الملك الغاء اعمال خلقيدون حيث أنها علة عثرة المؤمنين، وايضا للإضطراب. ومع ذلك انتقد سيامة تيموثاوس وقال انها تمت بأسلوب غير قانونى([226]). وفى الحقيقة هذا الرجل الذى شهد هكذا بأمانة وصدق للملك بخصوص المجمع صار فى خطر من الحزب النسطورى نتيجة للمكائد والوشايات التى أثاروها ضده، لأنه كان الوحيد من بين جميع الأساقفة الذى كان شجاعا فى شجب المجمع وأعماله وأيضا "الطوم". ولكن آسبار Aspar الذى كان جنرالا فى تلك الأيام، على الرغم من أنه كان اريوسيا توسل والتمس من أجله لكى لا يتعرض مثل هذا الكاهن الصادق لخطر. وهكذا نجا امفيلوكيوس من الخطر.
ولكن الملك فى سعيه لتصحيح الشرور التى حدثت فى ايام ماركيان، عوقه الأساقفة. وبوسائلهم أيضا، أُدين تيموثاوس ونُفِى إلى غنغرا, وكان اناتوليوس القنسطنطيني هو الذى حرض الأساقفة على أن يُقدموا ذلك فى دوريات الملك. وسوف تعلم ذلك من خطابه للملك الذى دونته أسفل.
الكتاب الرابع: الفصل الثامن
خطاب أناتوليوس إلى الملك ليو الأول أو الكبير.
"من أناتوليوس اسقف القنسطنطينية إلى الملك المؤمن([227])، محب المسيح اوغسطس الظافر، الامبراطور ليو. إنه موضوع صلواتى أيها الملك المؤمن والمحب للمسيح...الخ". وبعد ذلك بقليل، يقول "إن تلك الأعمال الوقحة التى أُرتُكبت فى الاسكندرية لا تسمح لى بالسكوت، إذ بوصفى اشغل كهنوت هذه المدينة الملكية[التى] لك، ولكونى حريص على مشيئة جلالتكم السلامية التى ترغب فى عدم الازدراء بقوانين الآباء بل الحفاظ على هذه القوانين، لهذا اشهد لرئيس الكهنة التقى ليو والمطارنة الأجلاء الذين فى سلطنتكم. واننى لأبكى([228]) على القوانين التى ازدرى بها تيموثاوس بأعماله الشريرة. إذ أن التقارير المرسلة لجلالتكم بخصوصه تُظهِر أنه قد داس على قوانين الكنيسة والعالم، وأنه أحب المجد الباطل طبقا لقول الكتاب المقدس أن الشرير مُزدرِى حتى وهو ساقط إلى أعماق الجحيم"([229])
أما بقية الخطاب فهى مفهومة من هذه العينة، وكيف كان علة الخطابات المرسلة من الاساقفة إلى الاباطرة، التى اتفقوا فيها على اعمال المجمع([230]). ولكن سيناتورات كثيرين ومواطنين عندما علموا بهذا، انفصلوا عن الشركة مع اناتوليوس.
الكتاب الرابع: الفصل التاسع
الفصل التاسع يخبرنا عن نفى تيموثاوس والأحداث التى حدثت عند رحيله من الاسكندرية
ولكن لأن أمر الملك برحيل تيموثاوس كان قد أُرسِل فى ذلك الوقت، فقد حزن الجنرال بالتالى بشدة، وشعر بأنه محصور بتكبد أمورا كثيرة أكثر من فقدان المدينة لكاهن مثل هذا. ومع ذلك إذ رأى القتل الذى كان يهدد به الحزب البروتيرى([231])، وخاصة أن أعضاء من هذا الحزب قد التجأوا إلى الملك وكانوا مسنودين من سائر الاساقفة، فكر هذا الجنرال استيلاس stilas أنه من الجيد أن يلجأ هو والأسقف إلى غرفة معمودية الكنيسة الكبرى كملجأ. وفعل ذلك لسببين: أولهما أن يسلما هما من الضرر. والثانى لكى لا يكونا عِلة لفقدان الحياة، والقتل. ولكن عندما نزل([232]) تيموثاوس إلى جرن المعمودية [ليحتمى فيها] لم يكترث اكليروس حزب بروتيريوس سواء بالكهنوت أو بالعفة أو بالشيخوخة أو بالحياة النسكية أو بأتعاب الرجل أو فى الحقيقة بالمكان الذى لجأ اليه، ولكنهم بالقوة المسلحة انتشلوا رئيس الكهنة من الجرن ذاته وجروه خارجا. وما أن انتشر خبر ذلك بين الشعب، [حتى] قُتل أكثر من عشرة آلاف لكى ينقذوا الكاهن منهم([233]). ومع ذلك بعد أن قتل الرومان كثيرين من الاسكندريين، أخذوا الرجل. ورحل إلى فلسطين عبر مصر([234]) وكانت رحلته على طول البحر([235]) إلى فينيقية. ولكن عندما سمعت المدن التى على شاطىء البحر وسكان فلسطين به، أتوا اليه ليتقدسوا منه وكان المرضى بينهم يُشفون من امراضهم بنعمة الله التى كانت ملتصقة بشخصه، وكانوا يخطفون قطعا من قماش ردائه لتكون حرزا لهم يحميهم من الشر.
وعندما وصل إلى بيروت حث يوستاثيوس الاسقف المواطنين على استقباله بتكريم عام. وطلب من تيموثاوس عند دخوله المدينة الصلاة من أجلها فوقف الثانى فى وسط المدينة ورفع صلوات وتضرعات إلى الله من أجلها وباركها.
ولكن اوكسونيوس الذى كان فى ذلك الوقت مفسرا للشريعة سالكا بمشورة أخيه([236]) قضى الليل كله مع تيموثاوس متحدثا بحرارة عن الايمان وضد نستوريوس. وطوال حديثه كله كان تيموثاوس يسمع بصمت. وعندما كف اوكسونيوس بعد كلام طويل عن الحديث، قال تيموثاوس له "مَن يقدر أن يغوينى حتى تكتب هذه الأصابع الثلاثة على ورق خلقيدون". وعندما سمع أوكسينوس هذا حزن جدا وبدأ يبكى([237])، فشجعه تيموثاوس عندئذ، هو وأخيه يوستاثيوس الذى لحق بهما بعد ذلك وقال "انضما لى ولندافع معا عن الايمان، وسننتصر. وإما أن نسترد ايبارشياتنا وإما أن نُنفى من قبل اعدائنا ونحيا حياة مخلصة مع الله". فاعتذر يوستاثيوس بتدشين الكنيسة، الهيكل العظيم الذى كان قد شيده ودعاه "اناستاسيا"، فقال تيموثاوس أو سننتظر تدشين الهيكل الأرضى؟. إن اطعتمانى فإننا سنحتفل فى اورشليم السمائية".
وكان تيموثاوس يلقى نفس التكريم طوال طريقه إلى أن وصل إلى غنغرا.
الكتاب الرابع: الفصل العاشر
الفصل العاشر يتكلم عن تيموثاوس آخر يلقب بسالوفاكيولوس، كان اسقفا من حزب بروتيريوس.
ولكن اعضاء حزب بروتيريوس بسبب أمر الملك والحكام الذين كانوا طائعين للأمر، انتخبوا واحدا منهم يدعى تيموثاوس سالوفاكيولسsalophaciolus وأقاموه على كرسى الاسقفية. وكان رجلا يبحث عن الشعبية، رقيقا فى سلوكه، عطوفا فى معاملاته، كما أثبتت الأحداث حقا. فعندما هجر كل شعب المدينة الكنيسة، واجتمعوا مع الكهنة المؤمنين فى الأديرة لم يحزن ولم يسخط. وعندما تضايق كهنته [وأرادوا] حجز الشعب بواسطة القوة العسكرية الرومانية لم يسمح لهم.
والآن، حدث أن امرأة قد لاقته وهى تحمل طفلا كان قد اعتمد توا بواسطة [كهنة] مؤمنين. وكان محمولا فى [موكب] الغلبة طبقا للعادة السارية([238]). وكان المرافقون له([239]) حانقون جدا على ذلك. ولكنه أمرهم بإحضارها له بهدوء. ورفع الطفل وقبَّله، وأمر الأم أن تأخذ ما تريد. وقال لتابعيه "دعونا وهؤلاء المسيحيين نؤمن ونعبد ربنا، كل حسبما يراه صوابا"([240]). وعلى الرغم من أنه فعل كل هذا، لم يستطع أن يحد من سخط المواطنين. وإذ كان يخشى من مصير بروتيريوس كان لا يخرج خارجا بدون الرومان([241]). وبقدر ما أحب الناس تيموثاوس المؤمن بقدر ما كرهوا هذا الرجل ولم يكفوا عن التوسل والتضرع إلى الملك أن يعيد لهم تيموثاوس من المنفى.
ولكنهم يقولون عن سالوفاكيولس هذا أنه حاول بشدة استمالة الاسكندريين للاشتراك معه. وكتب اسم ديوسقورس فى الدبتيخا، كما ولو كان يرفض المجمع([242]). وعندما علم ليو الرومانى بذلك حرمه.
وفى احدى المرات عندما صعد إلى القنسطنطينية كانت له منازعة كبيرة مع جناديوس خليفة اناتوليوس فى حضور الملك، وقال اننى لا اقبل المجمع الذى جعل كرسيك يلى فى الأهمية كرسى روما ويجور على كرامة كرسىَّ". فضحك الملك عندما رأى وسمع الكاهنين يتنازعان على الأولوية. وكتب إلى اسقف روما بخصوص هذه المنازعة، الذى رد عليه كتابة فى ذلك الوقت أن امتياز كل كرسى يجب أن يُرَد إلى مؤسسه الأصلى([243]). وأوضح ذلك للملك.
وهذا يكفى عن تيموثاوس سالوفاكيولس.
الكتاب الرابع: الفصل الحادى عشر
يتحدث الفصل الحادى عشر عن نقل تيموثاوس من غنغرا إلى كيرسون نتيحة لمقت الحزب الخلقيدونى له.
ولكن جناديوس وتابعيه لم يكفوا عن اضطهادهم لتيموثاوس حتى وهو فى منفاه، فأغووا الملك أن يأمر بنقله من غنغرا إلى كيرسون([244]) chersonوهو اقليم يسكنه البرابرة وغير المتحضرين. ووافق اسقف غنغرا على ذلك بسبب الحسد الذى شعر به نحو البار المؤمن صانع العجائب تيموثاوس صديق الفقراء، لأنه اعتاد أن يتلقى هبات من مؤمنى الاسكندرية ومصر والأماكن الأخرى ويوزعها طواعية على راحة المحتاجين. ولما اعتلى سطح المركب وانطلق فى البحر، وصل إلى كيرسون بلا خطر رغم شدة البرودة. وعندما علم سكان البلد السبب، امتلأوا اعجابا به وصاروا تابعين لإيمانه وأخضعوا أنفسهم لسلطانه.
ولكن الكراهية التى أثارها ضده الحزب النسطورى قد نجمت عن اجتهاده المستمر فى الكتابة بإستمرار موبخا ومنتقدا للمجمع والطوم، ومرسلا اياها([245]) إلى الجميع فى كل الأماكن ومشجعا بها المؤمنين. وأيد كلامه بالكتاب المقدس، ومعلمى الكنيسة منذ أيام كرازة المسيح الى يومه هو.
ونتيجة لهذه الكتابات، فإن أولئك الذين فهموا الأمر تركوا جناديوس[اسقف] القنسطنطينية، واشتركوا فى التناول مع اكاكيوس الكاهن ومعلِّم الأيتام، واخو تيموكليتس المؤلف الذى انضم الى المؤمنين وقاوم بغيرة شديدة النساطرة. وألف أيضا قصائد موسيقية اعتادوا أن ينشدوها. وكان الشعب مسرورا بها وهرعوا افواجا إلى دار الأيتام.
ولكن الملك أمر أن تُدوَّن مريم المباركة فى "كتاب الحياة" كـ "ثيوتوكس"، بسبب مرتيريوس الانطاكى الذى كان نسطوريا، ولم يكن راضيا بتعليم هذه الأمور، والذى عُزِل أيضا.
ولكن غريغوريوس النيصى([246])(رجل فاضل ومؤمن، وهو سمىٌ لغريغوريوس المتعلّم) قد أُستُدعِىَّ من قِبل الملك ليضع نهاية لتعاليم النساطرة فى ذلك الوقت. إذ أن بعض الرهبان ذهبوا كوفد إلى الملك بشأن مسألة مرتيريوس. وكان جناديوس قد مات، وعُيِّن أكاكيوس خلفا له. وكان الأخير قد وعد بوضع نهاية لطوم ليو ومجمع خلقيدون، والابتداعات والإضافات التى فُرِضَت على الايمان بواسطته.
الكتاب الرابع: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر من الكتاب الرابع، يحدثنا عن الأوطاخييَن اشعياء اسقف هرموبوليس وثيوفيلس الكاهن الاسكندرى. وعن الخطاب الذى كتبه تيموثاوس وفضح فيه ضلالاتهما.
كانت أحوال شؤون كنيسة المدينة الملكية، فى الحقيقة، كما وصفناها عاليه. ولكن تيموثاوس لم يكتب وهو فى منفاه ضد النساطرة وحدهم بل وضد الأوطاخيين أيضا. وهذا يظهر من رسائله إلى الأسكندرية وفلسطين ضد أولئك الذين يتشيعون لآراء يوتيخس ولا يعترفون بأن للمسيح طبيعة بالجسد مثل طبيعتنا إلى جانب طبيعته الإلهية مثل الآب.
وهكذا حدث أن الأوطيخيان اشعياء أسقف هرموبوليس([247]) وثيوفيلس كاهن الأسكندرية كانا متغربان فى المدينة الملكية سعيا وراء المال. وأذاعا خبرا أن تيموثاوس من رأيهما. وعندما سمعا بذلك كتب خطابا يتناول فيه تعاليم يوتيخس ونستوريوس وأرسله إلى القنسطنطينية موقعا عليه بتوقيعه الخاص. وعندما صار حملة هذا الخطاب معروفين، عوملوا بإحتقار من قِبل هذين الرجلين، وتعرضوا للخطر، لأنه دعا أتباع اشعياء "المخادعين". وبناء عليه أرسل ثانية خطابا آخر بخصوصهما معززا إياه بإقتباسات من الآباء. وكان على هذا النحو:
خطاب تيموثاوس
"إن ربنا والهنا يسوع المسيح لكى يفدينا ويحررنا من سلطان الشيطان ويجعلنا أهلا لبركات السماء، قد حدد لنا بواسطة الآباء القديسين شريعة تلك الأمور السارة له. وأعطى وصية أن أى إنسان يفكر فى الكرامة لا يجب أن يُسىء إلى الرحوم، وإنما عليه أن يُسلِّم بالتدبير لأجل فدائنا، وقال "لا تميلوا يمنة ولا يسار بل سيروا فى طريق الملكوت"([248]). وقال أيضا "لا تكونوا بررة بزيادة ولا تعتبروا أنفسكم حكماء للغاية ولا عنيدين لئلا تموتوا قبل الوقت"([249]). ومعناها لئلا ينفث الشرير فيكم أى شىء مضاد لوصاياى ويضع حجر عثرة لكم فى طريق الملكوت الذى أنتم سائرون عليه ويقتلكم. لأنه قال "وضعوا لى فخا فى طريقى.."([250]) لذلك احترزوا لأنفسكم ولا تحيدوا ولا تبتعدوا عن طريق الملكوت لأن هذه هى رغبة الشرير الذى إذ ملأك بشرور كثيرة سيلقيك، وستسقط فى خطر.
افترض ان رجلا يريد أن يدخل مدينة محاطة بالمياه. إن أراد أن يمر فى المياه على أقدامه سيغرق فى أعماقها. وإذا كان من ناحية أخرى خائفا أن يعبر لن يقدر أن يدخل المدينة على الإطلاق. ولكن إذا كانت هناك وسيلة ملائمة، وأراد أن يعبر بها فإنه يقدر عندئذ دخول المدينة. وبالمثل، نحن أيضا ونحن مهتمون بدخول أورشليم التى هى فوق، إذا لم نتبع شريعة الله التى تعلمناها من المعلمين القديسين لا نقدر فى الحقيقة الوقوف على الصخرة التى لمعلمنا بطرس كيفا([251]) [أى] الإيمان الصحيح، لأنك فى الحقيقة ستُدعَى كيفو([252])، وعلى هذه الصخرة([253]) سأبنى كنيستى وأبواب شيؤول([254]) لن تقوى عليها"([255])
لا يضل أحد من الشرير ويتخيل أنه يقدر أنه يقدر أن يقلب نظام الايمان الحقيقى، وإذا نازع فإنه ينازع ضد نفسه. فإن شيئا ما لا يقدر أن يتغلب على الايمان. وهذا هو معنى "أبواب شيؤول لن تقوى عليكِ". وبناء عليه إذا لم يقف أى شخص على الحق الذى للإيمان، بل كان بارا بزيادة وهو يظن أنه يُقدِّم كرامة، إنما يقدم بالأحرى إهانة. ولكن إن قبل شريعة الرب التى ارساها لنا بواسطة القديسين إنما يتخطى رؤوس الموت وشفير شيئول shoel . لأننا قد تعلمنا أنه بدون الايمان القويم لا يمكن أن نُسِّر الله.
لقد كتبتُ هذه الأمور لأننى قد سمعتُ أن بعض الأشخاص ميالين للنزاع، وغير طائعين لشريعة الرب التى أرساها لنا بواسطة قديسين، والتى توضح [لنا] أن الرب بتجسده أخذ ذات الطبيعة معنا بالجسد الذى أخذه منا. تلك العقيدة التى تُرفَض إذا لم يكونوا بهذا الفكر.
وبناء عليه، لا يظن أحدٌ أنه يُكرِّم الله برفضه لعقيدة الآباء القديسين الذين صرحوا أن ربنا يسوع المسيح هو من نفس الطبيعة معنا بالجسد وأنه واحد بجسده، [فهو] يُسِىء إلى رحمته. لأننى سمعتُ أيضا الرسول القديس يعلِّم ويقول " فلَمَّا كانَ الأَبناءُ شُرَكاءَ في الدَّمِ واللَّحْم،(هو أيضا اشترك بالمثل فى ذاتهما) لكى بواسطة الموت يُهلِك الذي لَه القُدرَةُ على المَوت، أَي إِبليس، ويُنقذ كل المقبوض عليه بخوف الموت والخاضعين للعبودية، ليحيوا إلى الأبد"([256]). لأنه لم يأخذ (الطبيعة) من ملائكة، لكنه أخذها من نسل إبراهيم، وكان مناسبا، أن يُشبه إخوته فى كل شىء، ويصير كاهنا رحيما وأمينا لله، ويصلح خطايا الشعب. ولأن هذا قاسى التجربة، فإنه "يقدر أن يُنقذ المجرَّبين". لأن هذه العبارة "صار مثلنا فى كل شىء" تُعلِّم كل مَن يُريد أن يكون مستحقا للسماء، وأن يُفتدَى، أن يعترف بتجسد ربنا يسوع المسيح، بكونه من مريم القديسة العذراء والثيوتوكس، المسيح الذى هو من نفس الطبيعة معها ومعنا بالجسد، ومن نفس الطبيعة مع الآب فى اللاهوت.
لأن الأباء قد حرموا، ونحن نتفق معهم فى حرمهم، كل مَن لا يعترف بعقائدهم. ولكننا قد أضفنا فى خطابنا، أكثر من ذلك، بعض الاقتباسات منهم لتأكيد حقيقة هذه العقيدة:
من اثناسيوس:
"لهذا يكتب الرسول، فى الحقيقة، على نحو معبر، أنه " لايقدر احدٌ أن يضع اساسا آخر (غير ما هو موضوع) الذى هو المسيح. فليحترز الانسان كيف يبنى([257]). والآن من الضرورى أن يكون أساس مثل هذا راسخ ومماثل لما يُبنى عليه. الله الكلمة، لأنه هو الله الكلمة والإبن الوحيد الجنس، ليس له صنو يمكن أن يكون ابنا لله بنفس الأسلوب مثله. ولكن لأنه صار، بالأحرى، إنسانا من طبيعتنا وتدثر بجسدنا، صرنا من ذات الطبيعة معه. وبالتالى بالنسبة لمسألة ناسوتنا هو الأساس لكى نكون أحجار كريمة، ونُبنَى عليه ونصير هيكلا لسكنى الروح القدس.
لأنه بالمثل كما أنه هو الأساس ونحن الأحجار المبنية فوقه، هكذا أيضا هو الكرمة ونحن الأغصان المتفرعة منه وفيه. ليس فى الحقيقة بالطبيعة الإلهية لأن ذلك غير ممكن، ولكن بالناسوت. والآن، من المناسب أن تكون الأغصان مثل الكرمة لأننا أيضا مثله بالجسد الذى أخذه منا. ونحن نقر أنه ابن الله، والله بالروح، وانسان بالجسد. وليس هناك طبيعتان فى الإبن الواحد([258]): واحدة تُعبّد والأخرى غير جديرة بالعبادة. ولكن طبيعة واحدة لله الكلمة الذى تجسد([259])، والذى مع الجسد الذى تدثر به([260]) يجب أن يُعبد بعبادة واحدة".
ونفس الأمر فى رسالته إلى ابكتيتوس:
والآن هناك كثيرون يختبأون ويخجلون، أولئك الذين يتخيلون أننا عندما نؤكد على أن جسد ربنا من مريم، إنما نُدخل اقنوما رابعا إلى الثالوث. ولكننا عندما نؤكد أن الجسد من نفس الطبيعة مع الكلمة، يبقى الثالوث بذلك بدون اضافة عنصر غريب. بينما إذا حافظنا بالنسبة لجسده على أنه بشرى فحينئذ طالما أن الجسد غريب على طبيعة الله، فعندما يكون الكلمة فيه فإنه يكون هناك بالضرورة اربعة بدلا من ثلاثة نتيجة لإضافة الجسد.
إنهم لا يشعرون عندما يتكلمون بهذه الطريقة. كيف أن حجتهم تخفق وتنهار. لأنهم حتى ان انكروا أن يكون الجسد من مريم، فإنهم ليسوا اقل ممن يتمسكون بجسد مميز، ومن ثمة يأخذون بالرباعية. لأنه بالمثل كما أن الإبن من نفس الطبيعة مع الآب، وليس هو الآب، بل الإبن بالأقنوم، ولكن لكونه من ذات الطبيعة مع الآب. فهكذا أيضا إذا كان الجسد من نفس الطبيعة مع الكلمة فهو ليس الكلمة، ومن ثم هناك آخر. وعندئذ يكون الثالوث طبقا لتصورهم رابوعا([261]).
ولكن الحقيقة أن الثالوث الحقيقى الكامل غير المتجزىء لا يمكن أن يقبل أية إضافة. فماذا اذن يجب أن تكون أذهان هؤلاء الأشخاص، وكيف يمكن أن يكونوا مسيحيين اولئك الذين يقولون أن هناك آخر بجانب الله؟.
وعن نفس الأمر من ذات الرسالة:
" كان، فى الحقيقة، جسد فادينا المأخوذ من مريم بشريا حقيقيا فى الطبيعة لأنه كان مثل جسدنا إذ أن مريم أختنا لأننا جميعا من نسل أبينا آدم".
ومن يوليوس الرومانى:
" ليس هناك أى تغير مهما كان فى الطبيعة الإلهية لأنها غير خاضعة للنقصان أو الزيادة. وعندما يقول "مجدنى" فهذا صوت الجسد، ومنطوق بشأن الجسد. لأن المجد كان قد تأكد بالنسبة للكائن كله لأنه الكل فى واحد. وبعبارة "بالمجد الذى لى قبل العالم"([262]) يشهد لألوهيته التى هى ممجدة دوما، لأن هذا المجد يخصها، حتى ولو قيل بخصوص كينونته كلها. وهكذا بالروح، هو من نفس الطبيعة مع الآب غير المرئى. ولكن لأن الجسد أيضا متحدا به فى طبيعته فإنه مشتمل بالتساوى فى اسمه. وأيضا لاهوته مدرك تحت الاسم لأنه متحد بطبيعتنا. ولم تتحول طبيعة الجسد إلى طبيعة اللاهوت، بالاتحاد والاقتران فى الاسم وفى الطبيعة. وإذ أن طبيعة اللاهوت لم تتغير بالاقتران بالطبيعة البشرية فإنه بالمثل طبيعة الجسد [هى] طبيعتنا".
وعن نفس الأمر فى رسالته إلى ديونيسيوس:
" فى الحقيقة هؤلاء الذين يعترفون أن إله السماء تجسد من العذراء وأنه إذ اتحد بالجسد صار واحدا، لا يسببون لأنفسهم أية متاعب فى المنازعات مع أولئك الذين يتشيعون لآراء مضادة الذين يزعمون (كما سمعتُ) أن هناك طبيعتان. إذ أن يوحنا أثبت أن ربنا واحد بقوله "والكلمة صار جسدا"([263]). وبولس بقوله "رب واحد يسوع المسيح، الذى به كل الأشياء"([264]). والآن، إذا كان الذى وُلِد من العذراء يُدعَى يسوع، وهو الذى به كان كل شىء، فهو طبيعة واحدة لأنه اقنوم واحد غير منقسم إلى اثنين لأن طبيعة الجسد غير منفصلة عنه ولا ظلت طبيعة اللاهوت منفصلة عن الجسد. ولكن كما أن الإنسان المكون من جسد ونفس هو طبيعة واحدة. هكذا هو الذى فى شبه بشر، هو واحد يسوع المسيح".
ومن غريغوريوس صانع العجائب:
" كل مَن يقول أن المسيح قد ظهر فى العالم بالخيال([265])، ولا يعترف به أنه قد أتى بالجسد، فليكن ملعونا". "كل من يقول عن جسد المسيح أنه بدون نفس بشرية وبدون عقل، ولا يعترف بناسوته أنه كامل، كما هو مكتوب أنه هو ذاته ليكن ملعونا". "كل من يقول أن المسيح قد أخذ جزءً فقط من الانسان ولا يعترف به أنه مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية فليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن المسيح خاضع للتغير والتنوع، ولا يعترف بأنه غير متغير بالروح، وبجسد غير فاسد كما هو مكتوب، ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن المسيح كان انسانا كاملا منفصلا "والله الكلمة، منفصلا"، ولا يعترف به رب واحد يسوع المسيح ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن مَن تألم خلاف مَن لا يتألم، ولا يعترف بأن الله الكلمة نفسه غير المتأثر قد تألم بالجسد كما هو مكتوب ليكن ملعونا". "كل مَن يقول أن هناك واحد موجود قبل العالميَن ابن الله، وآخر الذى أتى أخيرا إلى الوجود، ولا يعترف به أنه هو نفسه الذى كان قبل العالمين هو الذى أتى أخيرا إلى الوجود طبقا لما هو مكتوب "يسوع هو هو امس واليوم"([266])، فليكن ملعونا". " كل من يقول أن المسيح كان من نسل الانسان على غرار البشر ولا يعترف بأنه تجسد وتأنس من الروح القدس ومن العذراء مريم التى من نسل داوود كما هو مكتوب فليكن ملعونا". "كل من يقول أن جسد المسيح كان من نفس طبيعة لاهوته ولا يعترف بالله قبل العالمين الذى اخلى ذاته وأخذ شكل العبد([267]). كما هو مكتوب ليكن ملعونا"." كل من يقول أن جسد المسيح لم يُخلق جسدا، ولا يعترف أن الله الكلمة غير المخلوق قد تجسد وتأنس من الانسان المخلوق كما هو مكتوب، فليكن ملعونا". "لأنه كيف يقول أن جسد المسيح غير مخلوق مادام أن غير المخلوق غير قابل للتألم أو اللمس أو الجرح. لكن المسيح نفسه بعد قيامته من الأموات أرى تلاميذه آثار المسامير وجرح الحربة، ووفَّر لهم لمس جسدى له. وعلى الرغم من أن الأبواب كانت مغلقة، دخل لكى يُظهِر قوة لاهوته وحقيقة جسده([268]). لأن الجسد الذى ظهر للوجود بعد فسحة من الزمن، لا يمكن القول عنه أنه من نفس طبيعة اللاهوت الأبدى. لأن كل ما هو بالطبيعة والخواص غير قابل للتغير هو من نفس الطبيعة". "هو الإله الحقيقى غير الجسدانى الذى ظهر بالجسد، الكائن الكامل، إنه ليس اقنومان ولا طبيعتان. لأننا لا نعبد أربعة: الله، وابن الله، والروح القدس، والإنسان. ولكننا على العكس نحرم أولئك الذين يقولون هذه الشرور والذين يضعون الانسان فى مجد الله. ولكننا نؤمن أن الله الكلمة تأنس من أجل فدائنا، وأنه أخذ شبهنا، وأن ذاك الذى جاء فى شبهنا هو بطبيعته الحقيقية ابن الله، ولكنه بالجسد انسان، ربنا يسوع المسيح".
"ومن باسيليوس القيصرى"
"المصنوع ليس من نفس طبيعة الصانع، والمولود هو من نفس جوهر مَن ولده. وبالتالى المخلوق والمولود ليسا واحدا، ولا هما متماثلين. وأيضا الأبناء لهم نفس طبيعة الوالدين حتى لو كان المولود قد أتى إلى الوجود بأسلوب مختلف. لأن هابيل المولود نتيجة التزاوج لم يختلف فى شىء عن آدم الذى لم يولد، ولكن صُنِع. وأيضا إذا كان المختلفون فى أسلوب خلقتهم هم أيضا مختلفون فى وجودهم الجوهرى، إذن لابد يكون البشر مختلفين بعضهم عن بعض فى الطبيعة. لأن هناك خلقة معينة لآدم الذى صُنِع من التراب. وأخرى لحواء التى صُنِعت من ضلعه. وأخرى لهابيل الذى جاء نتيجة التزاوج. وأخرى لذاك الذى جاء من مريم الذى هو من عذراء فقط. وفى الحقيقة نفس الشىء يجب أن يُقال بشأن الطيور والحيوانات".
ومن غريغوريوس أخيه([269]).
" فى الحقيقة، طبيعة المولودين، لابد أن تكون بالضرورة مثل طبيعة الوالدين".
ومن غريغوريوس النزينزى:
"والآن هذه عقائد مقبولة على نحو عام، أن ذاك الممجد فوقنا قد أخذ لأجلنا خواصنا وصار انسانا. ولم يُحدَّد بتجسده بالجسد، لأنه غير محدودٍ إذ أن طبيعته لا نهائية. ولكن لكى يُقدِّس الانسان بواسطة جسده، صار كخميرة للعجين كله، وأخذه([270]) لنفسه. وحرر المذنبين من ذنوبهم. لقد كان مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، من أجلنا، بجسد ونفس وعقل، الذين يتركب منهم الانسان الزائل العادى. ذاك الذى أظهر ذاته هو الله بالنسبة لوجوده الروحى، ولكنه بشر بالنسبة لآدم والعذراء التى جاء منها. من الأول كسلف له، ولكن من الثانية التى كانت أما له بناموس(الطبيعة) والتى أعطته الولادة على نحو فائق للطبيعة، وليس بحسب ناموس(الطبيعة).
ومن يوليوس الرومانى([271]):
"ولكن أيضا بالنسبة لتدبير فادينا بالجسد، نحن نؤمن بأن الله الكلمة غير المتغير صار جسدا بغرض تجديد البشرية. وذاك الذى هو ابن الله الحقيقى بالميلاد الأزلى صار انسانا بالميلاد من العذراء. وهو الذى إله كامل بلاهوته ومن نفس الطبيعة مع الآب، وأيضا انسان كامل له نفس الطبيعة الجسدية مع البشر بالميلاد من العذراء، هو واحد بالمثل. لذا كل مَن يقول أن المسيح أخذ جسدا كان من طبيعته([272]). فليكن ملعونا".
"كل مَن ينكر أن جسد ربنا هو من العذراء وله نفس الطبيعة مثل جسدنا فليكن ملعونا". "كل من يقول أن ربنا ومخلصنا الذى هو من الروح القدس ومن مريم العذراء بالجسد. أنه غير مركب وبلا وجدان وبلا عقل([273]) فليكن ملعونا". "كل من يتجرأ على القول أن المسيح تألم بلاهوته وليس بالجسد، كما هو مكتوب، فليكن ملعونا". "كل من يفصل ويقسِم ربنا ومخلصنا ويقول أن الله الكلمة هو ابن واحد، وأن الانسان الذى أخذه هو آخر، ولا يعترف به واحد، فليكن ملعونا".
"ومن يوحنا فم الذهب"
"ذاك الذى يفوق كل أفكارنا ويسمو عن ادراكنا، وممجد فوق الملائكة وكل القوات العاقلة قبِل أن يصير انسانا وأخذ جسدا الذى كُوِّن من تراب الأرض. وقد فعل ذلك بدخوله فى رحم العذراء حيث حُمِل لتسعة أشهر، وبعد ولادته رضع اللبن. وفى الحقيقة قاسى كل ما يخص البشرية. لماذا دُعِىَّ مائدة؟. لأننى عندما آكل السر، الذى انتعش به. لماذا دُعِىَّ بيت؟. لأننى أسكن فيه. لماذا دُعِىّ الساكن؟، لأننى هيكله. لماذا دعى الرأس؟. لأننى عضو له. عندما غمر الزانية بحبه، ماذا فعل؟. إنه لم يُقمِها لأنه لم يُصعِد الزانية الى السماء، لكنه نزل إليها إذ لم تكن قادرة أن تصعد إليه، وجاء إلى كوخها الحقير. ولم يكن خجلا، ووجدها سكرى. وكيف جاء؟. ليس علانية بطبيعته، لكنه جاء مثل الزانية نفسها، بالطبيعة وليس بالإرادة، لئلا عندما تراه تضطرب من الرعب وتهرب. لقد جاء إليها وصار انسانا. وكيف صار إنسانا؟. لقد تنازل فى الرحم ونما بالتدريج".
وله أيضا
"هذا هو اليوم الذى وُلِد فيه الأزلى وصار انسانا الأمر الذى لم يحدث من قبل على الرغم من أنه لم يتغير من كونه الله لأنه لم يتأنس بتغيير لاهوته، ولا صار إلها بنمو أصله البشرى. ولكن الكلمة غير المتأثر لم يلحقه أى تغير فى طبيعته بصيرورته متجسدا. ذاك الجالس على العرش، الممجد والعالى، قد وُضِع فى مزود. ذاك البسيط الذى بلا جسد ولا يمكن لمسه، لُمِس واحتضنته الأذرع البشرية. ذاك الذى حطم قيود الخطية، قُمِّط بالأقمطة".
ومن أثناسيوس([274])
"إذا علَّم أى شخص عقائد مضادة للأسفار المقدسة، وقال أن ابن الله واحد وأن الانسان من مريم [هو] آخر، وأنه صار ابنا بالنعمة مثلنا. وبذلك يكون هناك "اثنان" فى الربوبية واحد من نفس الطبيعة مع الله، والآخر الذى صار كذلك بالنعمة الإنسان من مريم. وكل مَن يقول أكثر من ذلك أن جسد ربنا من فوق وليس من العذراء مريم، أو أن اللاهوت قد تحول إلى جسد، أو أنه اختلط، أو تغير، أو أن لاهوت ربنا قد تألم، أو أن جسد المسيح بقدر ما هو من البشر لا يجب السجود له، وليس السجود للجسد لأنه جسد ربنا والهنا. المرء الذى يقول هذه الأمور فليكن محروما. لأننا نطيع الرسول عندما يقول "كل من يبشركم بإنجيل مختلف عما قد بشرناكم به فليكن ملعونا"([275]).
ومن الأسقف أمبروز([276])
"انه نفس الاقنوم الذى يتكلم، على الرغم من أنه ليس دائما بهذا الاسلوب. إنه فى وقت ينسب المجد إلى الله. وفى آخر إلى آلام البشر. هو كإله يعلم بالأمور الإلهية لأنه الكلمة. وكإنسان يعلم بالأمور البشرية لأنه يتكلم بطبيعتنا".
ومن ثيوفيلس الأسكندرى([277])
"الكلمة الإله الحى رب الجميع، وخالق العالمين لم يلتحف بجسد سمائى كجوهر غالى ويأتى إلينا، ولكنه أظهر بالطين عظمة فنه. لأنه عندما أراد أن يسترد، وأن يُجدِّد الانسان الذى صنعه هو من الطين، وُلِد كإنسان من العذراء وصار مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية وحدها، وجاء إلى الوجود بمعجزة وأشرق علينا وبارك طبيعتنا البشرية".
"ومع ذلك جاء الانسان الأول على نحو مختلف، ويختلف عنا إذ لم يكن هناك تزاوج رجل وامرأة فى خلقته. فإذا سمحوا فى حالته أنه قد شُكِّل من التراب بإرادة الله بدون والدين يهبانه الميلاد نتيجة تزاوج ذكر وأنثى، فلماذا يتشاجرون بالنسبة لتجسد ربنا ومخلصنا الذى كان من عذراء؟. وعندما يعارضوننا فى هذه المسألة، نسألهم أيهما أيسر أن يأتى انسان إلى الوجود من التراب بدون والدين، أو أن يولد مخلصنا من العذراء بجسد ونفس وعقل([278])؟. لقد كان الانسان الأول الذى من التراب، فى الحقيقة، من لحم ودم فى كل ما يخص البشرية. ولكن مخلصنا بسلطانه الخاص خلق وأعد من العذراء جسدا لنفسه من لحم ودم ونفس وعقل. ونحن نعترف أنه كان مماثِلا للبشر. حتى وإن لم يكن - فى تجسده المقدس – ليس هناك أى دور للتزاوج البشرى لرجل وامرأة.".
وله أيضا
"والآن، ليس من الصعب لله الكلمة أن يهيىء لنفسه هيكلا من جسد العذراء لغرض فدائنا. تذكروا أن الله، فى الحقيقة، لم يتدنس بالتزاوج الطبيعى عندما خلق الانسان، فكم بالأحرى عندما يتجسد، برحمته، من دم العذراء بقصد فدائنا".
ومن كـيـرلـس([279])
"وظلت، فى الحقيقة، "ثيوتوكس"، عذراء بعد ولادة المسيح بمعجزة. وشابهنا فى كل شىء، فى الجسد والدم، ليس من طبيعته كما يقول الهراطقة، ولكن من طبيعتنا طبقا للقول "أخذ نسل ابراهيم"([280])
وله أيضا
"نحن نؤكد أن جسد الكلمة كان جسده، وليس جسد انسان آخر منفصل ومتميز ومختلف عن المسيح الابن. وكما أن جسد كل واحد منا يُقال أنه جسده. هكذا أيضا نؤمن بالنسبة للمسيح الواحد. وعلى الرغم من أنه أخذ الجسد من جنسنا وطبيعتنا، لأنه وُلِد من العذراء إلا أنه يجب أن يكون جسده. ولما كان الله الكلمة هو الحياة فى طبيعته، فقد صرَّح أن جسده معطِى الحياة. ولذلك صار بركة لنا معطيا حياة للجميع. فإذا كان ذلك ليس كذلك، فكيف إذن يكون مثلنا، وهو مازال كما كان قبلا الله الكلمة. ومع ذلك اتحاد الاقنوم بجسده لم ينفصل ولم يجرده من جسده. ولهذا أنا أعبد بالصواب، ابنا واحدا، الذى هو من نفس الطبيعة حقا مع الآب فى اللاهوت، ولكن من نفس الطبيعة معنا فى الناسوت. وأما بالنسبة لأولئك الذين يبتهجون بهذه الحقائق فإن المسيح سينير معرفتهم أيضا عن نفسه بسرائره".
وله أيضا
"من الصواب لنا، حقا، أن نقول ونؤمن أن الله الكلمة مازال بنفس الطبيعة مع الله الآب. أُرسِل وتأنس من نفس الطبيعة معنا، هو هو ولم يتغير بتأنسه. لقد أُرسِل ليبشر المأسورين بالخلاص وليُبصر العُمى"([281])
ومنه أيضا، من رسالته إلى سكينسوس
"انهم يقولون إذا كان المسيح إله تام، وانسان تام، وأنه من نفس الطبيعة مع الآب فى اللاهوت، ومن طبيعتنا فى الناسوت فكيف يكون كاملا إذا كانت طبيعته البشرية لا تُرَى؟. وكيف يكون من طبيعتنا إذا كانت هذه الطبيعة ذاتها الفعلية والتى مثلنا لا تُرى؟. إن الاجابة التى قدمناها فى البداية لكافية. لأنه عندما نتكلم عن طبيعة واحدة للكلمة، إن امتنعنا عن القول "متجسدة" رافضين التدبير سيكون كلامهم مقبولا عندما يسألون كيف يكون كاملا فى الناسوت وفى الطبيعة؟. ولكن لما كان ربنا يشهد، فى الحقيقة، أنه هو كامل بالناسوت وبالطبيعة بقوله أنه أتى فى الجسد، إذا فليكفوا عن هذه الاعتراضات ولا يتكأوا على قصبة مكسورة.
وله أيضا
"فى الحقيقة، بجبروت لاهوته، أمسك بيد ابنة يايروس قائلا يا صبية قومى. إنه لم يُعطِ أمرا لفظيا مجردا، بل تمَّ العمل حسب ارادته. ولكن يجب أن نؤمن أن جسده المقدس، كان من نفس طبيعة أجسادنا بينما كان أيضا ممجدًا، ومتألها، ويفوق ادراكنا. وبكونه جسده، عمل به([282]). ولهذا السبب أيضا دعا جسده "خبز الحياة"([283]).
وهكذا، هؤلاء الآباء والقديسون أمثالهم قد حرموا بالإجماع كل رجل لا يطيع هذه العقيدة.
لقد كتبتُ إلى الكهنة بالاسكندرية، والرهبان، والأخوات العذارى للمسيح، وللشعب المؤمن، وأرسلتُ خطابا إليكم أيها الأصدقاء الأعزاء، لكى تعرفوا ما قد كتبته. أنا تيموثاوس أرسل التحية بخط يدى. كل مَن لا يؤمن بعقيدة الآباء القديسين طبقا لتقليد ربنا يسوع المسيح ليكن ملعونا. لأنه من الصواب لكل واحد منا أن يثبت فى الايمان وأن يحيا فيه أو أن يموت من أجله ويحيا إلى الأبد.
إن أخى أناتوليوس الكاهن، وثيوفيلس وكيروس وكرستودورس وجناديوس الشمامسة وأعضاء الاخوية الذين معى يرسلون لكم تحياتهم.
لقد دونا هنا، الخطاب السابق مع الاقتباسات الملحقة به، لكى بقرائته والتمعن فيه يجد محبو العقيدة دحضا وافيا لفكر نستوريوس الذى يذهب إلى وجود طبيعتين فى المسيح بعد الاتحاد، وأيضا لتعليم يوتيخوس الذى لم يعترف بأن الله الكلمة صار انسانا تاما، وبقى (الله الكلمة) بدون تغيير. اقنوم واحد متجسد.
والى جانب هذا الخطاب أرفقنا شرحا آخر للطريقة السليمة لقبول أولئك الذين يتوبون عن الهرطقة.
(خطاب تيموثاوس الذى كتبه إلى الاسكندريين، والذى يقطع فيه اشعياء وثيوفيلس من شركة المؤمنين).
"من تيموثاوس إلى محبى الله الاساقفة والكهنة والشمامسة والارشيمندرات والشعب المؤمن بالرب، تحياتى.
لما كان اشعياء وثيوفيلس هراطقة سرا منذ زمن طويل، وقد أرسلتُ إليهما خطابا أنصحهما واحثهما على الاتفاق مع العقيدة المقدسة للآباء، ولكنهما لم يُطيعا خطابى الذى ارسلته لهما بالقنسطنطينية، والذى يشتمل على براهين من الكتاب المقدس، ومن ملافنة الكنيسة أن ربنا يسوع المسيح كان من نفس الطبيعة مثلنا بالجسد. وأكثر من ذلك أظهرا عدم تقدير لآلامى فى النفى من مكان إلى مكان، بل سلكا بغدر نحو حاملى خطابى، وأعلما أيضا الحكام ضدهم، وهيجَّا الآخرين قائلين "إنه مزوَّر" رغم أنهما يعرفان توقيعى الذى كان على الخطاب. وانتظرت وقتا مناسبا لهما، على الرغم من أننى اعرف تخطيطهما ولم يردَّا علىَّ لا بكلام فم ولا بكتابة. وبعد التفكير وجدتُ من الصواب أن أرسل لهما خطابا آخر، وهكذا كتبتُ إليهما احثهما على الاعتراف بالايمان السليم، وفى نصحى لهما ذكَّرتهما بأن الله لا يدين ولا يُرذل مَن يتوب. وأوردتُ لهما نماذجا لقديسين قد أخطأوا وأنكروا الرب ولكنهم تابوا بعد ذلك، وقبل الله توبتهم وحسبهم أهلا لكرامتهم الأولى مثل حالتىّ داوود وبطرس. وكتبتُ لهما أنهما بالمثل إن تابا واعترفا بأن جسد المسيح هو من نفس الطبيعة مثلنا، فإننى سأستمر فى معاملتى لهما بتقديرى القديم ومحبتى لهما، وسأحفظ لهما كرامة رتبتهما. ولكنهما لم يُظهرا أى ود لى بل عاملانى بإحتقار. وبعد ذلك صبرتُ عليهما اربع سنوات أكثر بدون ذكرهما بالإسم. ومازالا مصرين على عصيانهما، ولم يُظهرا أية علامة على التوبة، ولم يقبلا العقيدة لا من الآباء ولا منى. وارتبطا مع بعض الهراطقة الذين أنكروا صراحة أن ربنا أخذ جسدا بشريا، وأنه صار انسانا كاملا من أجلنا. وتسللا إلى البيوت وسعيا بشراهة وراء المكسب الذى اتخذاه إلهًا لهما وهما متغربان فى المدينة الملكية. وكتبتُ إليهما أن يرحلا من هناك، ولكنهما لم يفعلا. وإذ استمرا يضلان البسطاء، وينشران الاشاعات ضدى بقصد الحاق الضرر الكبير بى، فقد صرتُ حزينا ومضغوطا بشدة من أجلهما. لذلك، اضطررتُ أن أحرمهما بالإسم لئلا يسببان عثرة وضلالة لكثيرين. وأصدرتُ حكما على اشعياء وثيوفيلس اللذين يقولان أن جسد الرب هو من طبيعته الإلهية وليس من طبيعتنا، واللذين ينكران ناسوته الحقيقى. وبذلك قد قطعا نفسيهما عن الشركة مع الآباء القديسين ومعى. ومن الآن فصاعدا لا يشترك معهما أحد. لأن يوحنا الانجيلى يأمرنا قائلا يا إخوتى، لا تصدقوا كل روح ولكن امتحنوا الأرواح هل هى من الله، لأن أنبياء كذبة كثرين ظهروا فى هذا العالم. وبهذا تعرفون أن الروح من الله، كل روح يعترف أن المسيح جاء بالجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بالمسيح فهو ليس من الله. وهذا هو روح زائف"([284]). وايضا "ان جاءكم أحد وكرز بخلاف ما قد بشرناكم به فلا تقبلوه ولا تسلموا عليه ولا تشتركوا معه فى أفعاله"([285]). ولأن الرسول يقول "كل من يبشركم بانجيل مختلف عما بشرناكم به فليكن ملعونا"([286]). أنا برىء من دمهما ومن دم كل مَن يشترك معهما لأننى لم أكف عن أن أظهر لهما طبقا لإرادة الله ما هو خير لهما. لأن بولس يحضنا أكثر من ذلك قائلا "بعد أن تنذر المبتدع مرة واثنتين، ويرفض نصيحتك، تجنبه لئلا باستمراره فى الخطية يفسد ويُذنب"([287]). ولكن المبارك ديوسقورس قد كتب أحكاما تتفق مع هذه التى لآبائنا القديسين، وعلى نفس المنوال، وفى خطابه إلى سيكوندينوس....".
ويستطرد الخطاب فيقول:
"والآن، اتوسل اليكم يا اخوتى بإسم الرب يسوع المسيح، وبمحبة الروح، بشأن اولئك الذين يتوبون ويعودون من هرطقة الديوفيزيت([288]) Diphysites كما كتبتُ فى خطاب فى السنة الماضية أنكم أيها الاساقفة والاكليروس وكل المؤمنين الآخرين الخاضعين لكم أن تساعدوهم وتمدوا لهم اليد فى الرب. وعندما يهتدى أى واحد دعه سنة للتوبة، وبعد ذلك أعِده إلى رتبته الأولى، ورُد له كرامته. واذا لم يكن هناك اسقف مؤمن فليقم الاكليروس أو اساقفة مؤمنون من أى مكان يتصادف وجودهم فى البلد بمحبة الله بالمطلوب حتى ولو كان التائبون ليسوا خاضعين لاختصاصهم.
نفس هذا الترتيب والنظام راعاه كيرلس وديوسقورس وهو سنة توبة واحدة للاساقفة والكهنة والشمامسة، وبعد ذلك يثبتون فى رتبتهم الأولى. صلوا من أجلى لكى ما يعيننى الله فى هذا الجهاد. الرب معكم. آمين".
هذه هى الخطابات التى كتبها ناصحا اياهم كيف يقبلون المهتدين من حزب بروتيريوس.
وصار مكرَّما للغاية حتى من قِبل شعب الهند لدرجة أنه عندما توفى اسقفهم، وكان من نفس الايمان معه، ارسلوا التماسا اليه أن يُعيّن لهم اسقفا.
وفى الحقيقة، لم يكف الاسكندريون عن ارسال الالتماسات والتوسلات إلى الملك من أجله، مرة تلو الأخرى، ويُثيرون شغبا عاما من أجله، وبمجرد أن سمعوا عن موت ليو، واعتلاء باسيليسكوس، ارسلوا وفدا من رهبان مختارين، وبولس الفيلسوف sophist، ويعقوب وثيوبومبوس.
أما عن رؤساء الكهنة الذين شغلوا الوظيفة من مجمع خلقيدون حتى زمن باسيليسكوس، والخطابات الدورية التى كتبها هو وماركوس إلى عهد زينو الذى صار امبراطورا. فهم كالآتى:
فى روما: ليو([289]) وخليفته هيلارى.
فى الاسكندرية: بروتيريوس الذى قُتِل. وخليفته([290]) تيموثاوس الكبير([291]) الذى نُفِى إلى أن عاد. فعينوا تيموثاوس سالوفاكيولس([292]).
فى القنسطنطينية : اناتوليوس وخليفته جناديوس الذى خلفه اكاكيوس.
وفى افسس: يوحنا الذى شغل مكان باسيانوس، وبولس الذى نُفى وعاد بواسطة "الدوريات" لكنه نُفِى ثانية.
وفى انطاكيا: دومنوس وخليفته مكسيموس. ثم مارتيريوس الذى طُرِد، وبعده جوليان، الذى خلفه استيفان، ثم استيفان آخر الذى طُرِد، ثم بطرس الذى عاد من النفى مرتين أو ثلاث.
فى أورشليم: جوفيناليس وانستاسيوس خليفته.
ومات الملك ليو الامبراطور، وتولى بعده باسيلسكوس وماركوس وزينو، الذى اعتكف بعد قليل فى حصن سالمون Salmon، لكنه عاد بعد ذلك وصار امبراطورا وطرد باسيلسكوس ومرقس.
الـكـتـاب الـخـامـس
يتحدث الكتاب الخامس( بفصوله الاثنى عشر المدونة اسفل بوضوح) عن باسيليسكوس وماركوس الشهير وعن الكتاب الدورى الذى كتباه إلى الاساقفة الذين فى نطاقهما والذى حرما فيه أيضا مجمع خلقيدون والطوم. لأنه بعد سنوات النفى الثمانية عشر فى غنغرا وكيرسون. عاد تيموثاوس الكبير ووصل إلى القنسطنطينية. وعندئذ اقنع هو- وبولس الفيلسوف ويعقوب وثيوبمبوس رهبانه المختارون- باسيليسكوس على كتابة دورية. ويخبرنا أيضا بشأن الالتماس المرسَل من اساقفة اسيا الذين التقوا فى افسس ووقعوا على الدورية. وعلاوة على ذلك يُخبرنا عن تآمر بعض الرهبان الاوطاخيين الذين كانوا يقيمون آنذاك فى القنسطنطينية، مع زينيا([293]) Zenaia زوجة الملك، ضد تيموثاوس لنفيه ثانية، ومن ثم رحل إلى افسس. وهناك، بواسطة مجمع عقده، أعاد تثبيت بولس وأعطاه حقوق البطريركية التى نزعها منه مجمع خلقيدون، وأعطاها للمدينة الملكية بواسطة المجاملة وخديعة يوحنا الذى اقاموه اسقفا بدلا من باسيانوس. لأن الأخير خُلِع ورُحِّل ونُفِى. واستُقِبل تيموثاوس بكل تقدير. وبدون أية ضغينة، قبِل شركة الذين تابوا من حزب بروتيريوس، ومن حزب سالوفاكيولس الذى طُرِد قبله بأمر الملك.
ولكن هذا الكتاب يروى أيضا اعمال اكاكيوس فى القنسطنطينية، وكيف أثار شغبا وعصيانا ضد باسليسكوس، واستولى على ممتلكات الكنائس واجبر باسيليسكوس على كتابة منشور مضاد يُنكر فيه منشوره السابق. ووقع الاساقفة ثانية على هذا المنشور المضاد([294])، ما عدا امفيلوكيوس الذى من صيدا، وابيفانيوس من مجدلون. ثم عاد زينو وصار امبراطورا، وطرد باسيليسكوس وألغى كل قانون وسُنَّة اصدرها.
وعندما كان يريد خلع تيموثاوس، توفى الثانى محافظا على كرسيه إلى النهاية، واختفى بطرس([295]) خليفته من تهديدات زينو.
وعاد سالوفاكيوس ثانية واستولى على ممتلكات الكنيسة وفتش عن بطرس.
كذلك يحدثنا هذا الكتاب بالأكثر عن يوحنا الأرشيمندريت الذى أُرسِل إلى زينو بإلتماس من حزب سالوفاكيولس يلتمس امرا، أنه بعد وفاة سالوفاكيولس يكون واحدا منهم اسقفا على الاسكندرية. وكان يوحنا هذا يطمع فى الكرسى لنفسه. فاستمع زينو إليه، ولكى ما يختبره، طلب منه أن يُقسِم فى حضور السينات، وكذلك فى حضور أكاكيوس الاسقف ألا يأخذ الايبارشية. وعاد يوحنا إلى الأسكندرية حاملا أمرا من الملك بأن يخلف تيموثاوس سالوفاكيولس أىٌ من حزبه يختاره المواطنون وبرغبون فى تعيينه. وحدث أن توفى سالوفاكيولس فى نحو هذا الوقت، فحنث يوحنا عندئذ بقسمه واستخدم الرشوة ليحصل على الاسقفية لنفسه. ولكن عندما سمع زينو ذلك بواسطة تقارير المؤمنين البارزين من الرهبان هناك الذين صعدوا إليه واعلموه بكل الأحداث التى جرت فى الاسكندرية منذ زمن المجمع، تأثر جدا وغيَّر رأيه وكتب خطابا يُدعى "الهينوتيكون"([296])، واصدر تعليماته أن يعود بطرس إلى مكانه بشرط قبوله للهينوتيكون، وأن يُعزل يوحنا الكاذب. وعندئذ توجه يوحنا إلى روما، وصرَّح أنه عانى من التجريد من أجل المجمع والطوم. وعندئذ كتب زينو إلى البطريرك هناك وفضح يوحنا. وعاد أيضا بطرس الانطاكى وعقد مجمعا وقبل الهينوتيكون. وبالمثل اكاكيوس فى القنسطنطينية، ومارتيروس فى اورشليم خليفة انستاسيوس. وجميعهم فيما عدا اسقف روما، كتبوا رسائل مجمعية وقبلوا بطرس الأسكندري فى شركتهم. ولكن رهبانا غيورين انفصلوا عن بطرس وصاروا "منفصلين" لأنه وقع على الهينوتيكون دون أن يرِد فيه حرم للمجمع. فطردهم بطرس من أديرتهم. ومن ثم صعدوا إلى زينو واقنعوه أن يرسل معهم قزماس من الحرس الامبراطورى الخاص spatharius([297]) ليستعلم عن أمرهم. وفى وقت آخر ارسل ارسينيوس الوالى وطال الجدل المثار.
هذه فى الحقيقة، الأمور التى كُتبت بوضوح فى الفصول الاثنى عشر لهذا الكتاب الخامس الذى (يمكن القول) قد تُرجِم من نفس تاريخ زكريا باليونانية، وكُتِبت هنا باللغة السريانية للدراسة والعِلم من قِبل المجتهدين، لكى ما يعلموا الأحداث التى جرت فى الأزمنة السابقة.
الكتاب الخامس: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الخامس يخبرنا عن كيفية عودة تيموثاوس من منفاه بعد موت ليو. وأنه هو الذى حث باسيليسكوس على كتابة رسالة دورية.
عندما أكمل تيموثاوس ثمانية عشر سنة فى منفاه، ومات ليو الامبراطور، واستلم زينو خليفته المملكة، ارسل شعب الأسكندرية، وهو يراقب هذه الأزمة فى الشؤون الامبراطورية، التماسا بواسطة بعض المختارين (وما يمكن القول) الرهبان المشهورين النبلاء ومن بينهم آمون الملقب بالثور البرى، وبولس الذى كان فيلسوفا([298]). وثيوريان، ويعقوب صانع العجائب، وثيوبومبس أخو مدير الخدمات([299]). ومع ذلك ونتيجة للعصيان الذى أثير ضد زينو من قِبل باسيليسكوس أخو فيرينا Verinaزوجة ليو، والذى عيَّنه ليو مع زينو فى ادارة الجيش، اعتكف زينو فى حصن يُدعى سالمون، وتقلد باسيلسكوس التاج. وعَّين ثيوكتستوس طبيبه الأسكندري، اخو ثيوبمبوس الراهب، مديرا للتشريفات([300]).
والآن، عندما دخل هؤلاء الرهبان إلى الحِضرة الملكية، ذُهِل الملك والبلاط إعجابا بهم. ولكن ثيوكتستوس مدير التشريفات، وأكاكيوس الأسقف قدَّما لهم المساعدة.
وهكذا أصدر باسيليسكوس أمرا بعودة تيموثاوس من منفاه. وفى البداية كان أكاكيوس يُعَّد له استراحة فى الكنيسة التى تُدعى ايرينى، وخصص بعضا من الاكليروس الخاص به لخدمته وراحته. ولكن فيما بعد إذ ظن أنهم يخططون([301]) لجعل ثيوبمبوس اسقفا على المدينة الملكية بدلا منه، اغتم اكاكيوس وحنق وسعى لإيقاف عودة تيموثاوس، ولكنه لم ينجح. لأنه عاد ورُحِّب به للغاية من قِبل البحارة الاسكندريين والشعب الذى تصادف وجوده آنذاك بالقنسطنطينية، وتوجه ليقيم فى قصر الملك. وحضر إليه عدد غفير ليتباركوا منه، ويتقدسوا به، ولينالوا الشفاء منه. وصار تيموثاوس أليفا لكل من باسيليسكوس وزوجته، ومَن تصادف وجوده هناك معه. ومن جانبه اقنع الملك أن يكتب منشورا يحرم فيه الطوم والإضافة التى وضعها مجمع خلقيدون. وكان بولس الراهب الذى كان بليغا وفيلسوفا([302])هو الذى حرره، والذى فى مناقشة مع أكاكيوس البطريرك كان قادرا على إظهار أن هرطقات نستوريوس ويوتيخوس ما هى إلا واحدة ونفس الشىء على الرغم من أنهما يبدوان على نحو عام أنهما متضادان كل منهما للأخرى. ففى الحقيقة الواحدة تعترض معلنة أنه حط لله أن يُولد من إمرأة، وأن يكون مثلنا فى كل شىء عندما يشاركنا اللحم والدم، بينما هو شريك([303]) بهوية الاسم وبالسلطان والسكنى والفعل. والأخرى، من أجل تمجيد الله وتحريره من الحط والاشتراك مع الجسد البشرى تنشر، فى الحقيقة، تعليما أنه تجسد من جوهره الخاص وأنه لبس جسدا سمائيا. وأنه كما أنه لا يبقى أى أثر للطبع بختم ذهبى على الشمع، أو على الطين، هكذا لا يلتصق بالمسيح أى خاصية بشرية أيا كانت. وعندما تحدث على هذا النحو اندهش اكاكيوس من صلابة منطقه ورضخ ووافق. وذهب إلى تيموثاوس وتناقش معه، على نحو ودى عن حقوق كرسيه. ومع ذلك عندما طلب منه تيموثاوس التوقيع على المنشور تردد.
الكتاب الخامس : الفصل الثانى
الفصل الثانى يعرض منشور([304]) باسيليسكوس وماركوس الذى كان كما يلى:
"الملك باسيليسكوس المؤمن، الظافر، الحاكم الفاضل، أوغسطس، مع ماركوس القيصر الشهير إلى تيموثاوس المبجل والمحب لله، رئيس اساقفة المدينة العظمى الاسكندرية. استنادا إلى سائر القوانين التى استنها بالعدل والصواب الملوك المؤمنون طيبوا الذكر الذين كانوا قبلنا، من أجل خلاص العالم والعناية الجيدة به، ودفاعا عن الايمان الحقيقى، كما علَّم به الرسل والآباء القديسون، فإن ارادتنا هى تعزيز كل هذه القوانين وعدم الغائها. وإنما بالأحرى، نتفق معها ونعتبرها سارية مثل قوانينا.
وإذ نحن راغبون بشغف لتكريم مخافة الله أكثر من أى أمر يخص الانسان، وذلك بالغيرة من أجل الرب يسوع المسيح الهنا، المدينين له بخلقتنا وعظمتنا ومجدنا وبالأكثر ونحن مقتنعون تماما بأن وحدة قطيعه هى خلاص لأنفسنا ولشعبنا، وهى الأساس الراسخ والأكيد، والملجأ الرفيع لمملكتنا فإننا الآن، مدفوعين بنبض الحكمة، [نريد] اتحاد ووحدة كنيسة المسيح فى سائر ارجاء مملكتنا، أى ايمان الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا المجتمعين بنيقية، والذى أُعِدَّ أولا من الروح القدس لضمان وخير الحياة البشرية. الايمان الذى نتمسك به مثل جميع الذين سبقونا والذى به نؤمن ونعتمد لكى ما يسرى على جميع الكنائس([305]) بقوانينها المختارة، الايمان الكامل والتام، بكل تقوى وصدق حقيقى. والذى يُرذل ويفضح جميع الهرطقات، ويطردها من الكنيسة. الايمان الذى وافق وصدَّق عليه المائة وخمسون اسقفا الذين اجتمعوا هنا لإدانة محاربى الروح القدس وثبته الرب القدوس، الايمان الذى تثبت أيضا بأعمال مجمعى افسس مع رؤساء كهنة روما والأسكندرية، سيليستوس وكيرلس وديوسقورس فى ادانته لنستوريوس الهرطوقى وكل الذين شايعوه فى نفس الآراء وخالفوا نظام الكنيسة من بعده، وعكروا سلام العالم، وشقوا الوحدة. ونقصد طوم ليو، ومراسيم خلقيدون، سواء بالنسبة لتعريفات الايمان، أو العقيدة، أو الإضافة، أو أى شىء مبتدع آخر، قيل أو عُمِل ضدا للإيمان وتعريف الثلاثمائة وثمانية عشر.
ولذلك نأمر أنه أينما توجد مثل هذه العقيدة المكتوبة، سواء هنا أو فى أى مكان، تكون محرومة ولُتحرق بالنار. لأنه طبقا لهذا الأمر، أمر أسلافنا المباركون فى المملكة قنسطنطين العظيم، وثيودوسيوس بالمثل. وأيضا الثلاثة مجامع اللاحقة، أى المائة وخمسون اسقفا هنا([306]) والمائتين بأفسس، قد أقروا فقط مجمع نيقية. ووافق على التعريف الحقيقى الذى تم هناك. وأكثر من ذلك نحن نحرم كل مَن لا يعترف بأن ابن الله الوحيد الجنس قد تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، ولم يأخذ جسداَ من السماء على سبيل الخيال([307]) أو المشابهة. وأيضا نحرم كل تعليم زائف لسائر تلك الهرطقات التى هى ضد ايمان الآباء الحقيقى".
وهكذا بالنسبة لباقى المنشور. وقد وقع على هذا المستند ووافق عليه تيموثاوس، وبطرس الأنطاكى، وبولس الأفسسى، اللذان كانا قد أُعيدا من منفاهما، وأنستاسيوس الاورشليمى والذين تحت اشرافه، واساقفة اسيا والشرق، لدرجة أن عدد الاساقفة الذين وقعَّوا على هذا المنشور بلغ نحو سبعمائة، أكثر أو اقل. وقد حرموا طوم ليو، والمجمع، وارسلوا التماسا إلى باسيليسكوس ومرقس على النحو التالى:
الكتاب الخامس: الفصل الثالث
يعطى الفصل الثالث معلومات عن الالتماس الذى قدمه اساقفة اسيا، الذين كانوا مجتمعين فى افسس ووقعوا على المنشور، إلى باسيليسكوس ومرقس.
"إلى المؤمن محب المسيح، الظافر، الملك باسيليسكوس وماركوس اوغسطس.
بولس وبرجاميوس وجناديوس وزينودوتيوس وزوتيكوس وجناديوس وثيوفيلس والاساقفة الآخرون المجتمعون بأفسس. انكما قد اظهرتما انفسكما فى كل شىء انكما مؤمنيَن ومحبى المسيح. لدرجة أنه عندما تعرَّض الايمان الحقيقى للاضطهاد من قِبل أناسٍ خبثاء، كنتما أنتما أيضا مضطهديَن معه. لأن هناك أناس عصاة ومحبين للمجد الباطل فاسدى العقل وأغبياء، بلا ايمان بإبن الله الذى اتضع من أجلنا وتجسد، وجعلنا مستحقين للتبنى كأبناء. فلتفرحا اذن ولتبتهجا وتتعظما وتتمجدا لأنكما صرتما أهلا للإضطهاد من أجل الإيمان. لأن دينونة النار الأبدية محفوظة لمثل هؤلاء البشر، التى تلتهم المضطهّدِين، وأيضا تهديدكما بعقابهم، لأنهم احتقرونا وقتلونا وكذَّبونا وأجبرونا بالعنف على التوقيع على عقيدتهم.
ولكن الآن، وقد أشرق علينا نور الإيمان الحقيقى، وانقشعت عنا ظلمة سحابة الضلال، فإننا نعلن لمعاليكم ولكل العالم بهذا الإعلان إيماننا الحقيقى. ونقول أننا بحرية وبرضا ارادتنا قد وقعنا على هذا المنشور، بمعونة معلمنا يوحنا الانجيلى. ونحن نوافق عليه وعلى كل ما فيها بدون ضغط أو خوف أو مجاملة لإنسان. وإذا ما تعرضنا لعنف من إنسان ما فى أى وقت فى المستقبل، فإننا مستعدون للإزدراء بالنيران والسيف والنفى ولنهب ممتلكاتنا، ولكل آلام جسدية، بكل رضا لكي ما نحافظ على الإيمان الحقيقى. لقد حرَمنا، ونحرم طوم ليو، ومراسيم خلقيدون التى كانت سببا لأراقة الدماء والبلبلة والشغب والمتاعب والإنقسامات والمنازعات فى كل العالم. لأننا مقتنعون بعقيدة وإيمان الرسل والآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، والمجمع الشهير المائة والخمسون فى المدينة الملكية، والمجمعيَن الآخرين بأفسس اللذين صدَّقا [عليه]. وننضم إليهم فى حرم نستوريوس وكل مَن لا يعترف بأن ابن الله الوحيد الجنس قد تجسد من الروح القدس، ومن العذراء مريم، وصار انسانا تاما، بينما ظل هو نفسه إله تام بلا تغيُّر. وأنه لم يتجسد من السماء كخيال أو مشابهة. ونحرم بالأكثر كل الهرطقات الأخرى".
ولكنهم دونوا بعض الأمور الأخرى. ومدحوا بصوت عالِ، وصادقوا عليها. وكتب أيضا اساقفة آخرون من مناطق متعددة اعلانا آخر كانت بدايته كما يلى:
"برضا قلوبنا نرجو من معاليكم أن تتفقوا مع الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا لأنكم غيورون على الإيمان الحق لكى ما ينمو ويُكرَز به فى سائر الأمم التى تحت سلطانكم."
الكتاب الخامس: الفصل الرابع
الفصل الرابع من هذا الكتاب الخامس عينه، يروى الأحداث التى حدثت فى القنسطنطينية وافسس عقب اعلان المنشور.
وعندما انتشرت اخبار منشور الملك على نطاق عام، جاءت مجموعة من الرهبان الذين يتمسكون بآراء شبيهة بتلك التى ليوتيخس، والذين تصادف وجودهم بالمدينة الملكية إلى تيموثاوس ظانين أنه من نفس طريقة تفكيرهم. وتجادلوا معه بشأن بنود المنشور، لأنها تحرم كل مَن يقول أن المسيح تجسد بالمشابهة. ولكن عندما قال لهم: اذن، ما هو رأيكم بخصوص التجسد؟. أوردوا له عندئذ مثَل الختم الذى بعد الطبع لا يترك من مادته أى أثر على الشمع أو الطين. وإذ اكتشف مفاهيمهم، نصحهم وعلّمهم أن الكتاب المقدس يعلّمنا أنه صار مِثلنا فى كل شىء، وأنه أخذ طبيعتنا بالكامل بدون حركات الخطية، وأنه على الرغم من أنه قد وُلِد بطريقة فوق طبيعية، بدون تزاوج، إلاَّ أنه رغم ذلك صار انسانا كاملا، إذ حُبِل به فى العذراء مريم ووُلِد منها بالروح القدس. وإذ تجسد ظل هو نفسه فى ألوهيته بلا تغيير.
ولما علم تيموثاوس من المحادثة مع أولئك الذين أتوا إليه كيف كان فكرهم، اصدر تقريرا مكتوبا يُعلن فيه أن المسيح مثلنا فى كل شىء يخص الناسوت. وعندئذ انفصل عنه رهبان ذلك المكان قائلين "ليس لنا شركة مع الاسكندريين". ولكن الآخرين وقد اكتشفوا أنه ليس له أية علاقة بالتعليم الأوطاخى التصقوا به".
وعندئذ أشار الأوطاخيون وتابعوهم على زينونا Zenona([308]) زوجة باسيليسكوس، استاذة تعليمهم بوجوب إعادة نفى تيموثاوس. ولما سمع ثيوكتستوس بما كان عتيدا أن يقع له، حثه على ترك المدينة، وأن يرحل إلى الأسكندرية بدون تعوق. فتركها ووصل فى رحلته إلى افسس. فعقد هناك مجمعا أعاد فيه تثبيت بولس الذى كان أسقفا سابقا هناك ولكنه نُفى، فى ذلك الوقت، لعدم قبوله مراسيم خلقيدون. واسترد تيموثاوس بصفة قانونية حقوق كرسيه التى كان مجمع خلقيدون قد سلبها منه ووهبها لكرسى المدينة الملكية من باب المجاملة.
ووصل تيموثاوس إلى الأسكندرية وأستُقبِل بترحاب عظيم بالمشاعل وقصائد المدح من قِبل أناس عديدين ولغات عديدة. وحتى من قِبل اعضاء من حزب بروتيريوس الذين شاهدوا العواطف التى اظهرها المواطنون نحوه. ولكن جماعة الكهنة والرهبان والأخوات فى المسيح وكل الشعب رنموا التسابيح قائلين "مبارك الآتى بإسم الرب"، واقتادوه إلى الكنيسة الكبرى إذ كان تيموثاوس سالوفاكيولس قد طُرِد بأمر الملك.
وإذ كان رجلا رقيقا سلاميا ولطيفا فى كلامه، ولم يكن هوائيا بأى حال من الأحوال، فقد طبق على أفراد الحزب البروتيرى شروط التوبة التى كان قد كتبها وحددها للتائبين وهو فى المنفى. وحتى برولاتيوس نفسه الذى كان قد جره وأخرجه من جرن المعمودية، نال هذه المعاملة الرقيقة والسلامية كالآخرين وهو باكٍ ولائما لنفسه على عصيانه السابق وسلوكه المشين. لأنه، هذه هى قاعدة الكنيسة التى اظهرها تيموثاوس بالحقيقة نحو الكثيرين، وهى المحبة الأخوية التى لا تطلب ما لنفسها، وليس من السهل أن تخزى.
ولكن بعض الأشخاص الذين كانوا يجهلون حقوق المحبة الأخوية قد فصلوا أنفسهم عنه بسبب لطفه وطيبته نحو التائبين، وأنه لم يطلب منهم شيئا آخر سوى حرم المجمع والطوم، وأن يعترفوا بالايمان الحقيقى، ولم يعزلهم حتى لوقت قصير عن التناول الذى هجروه. وكان على رأس هؤلاء ثيودريت([309]) اسقف يافا الذى كان قد سيم بيد ثيودوسيوس قبل ذلك بوقت ما، فقد امتلأ حسدا لأنه لم تُقبَل عودته إلى كرسيه ثانية. وها هو بطرس الايبيرى لم يعد إلى غزة، ولكنه لم يتفق على الاطلاق مع هذه العصبة بل كان ملتصقا بحرارة بتيموثاوس، وأثبت أن مسلكه يتفق مع ارادة الله. ولكن المنفصلين الذين انحازوا إلى جانب ثيودوتس قد سقطوا فى ضلال لدرجة أنهم كانوا يُعِيدون [سر] التثبيت لذلك دُعِيُوا النوفاتيون([310]).
ولكن محبة الشعب لتيموثاوس كانت تتزايد بدرحة كبيرة، لأنه بواسطة أمر الملك قد أحضر عظام ديوسقورس وأناطوليوس اخيه معه فى تابوت من الفضة، ودفنه بإكرام عظيم فى موضع الأساقفة وكرَّمه كمعترف. ولكن محبته كانت عميقة حتى أنه بكامل ارادته الحرة عيَّن أن يُعطَى من الكنيسة دينارا يوميا لنفقات تيموثاوس الذى خُلِع وصار منذ ذلك الوقت يعول نفسه بشُغل يديه، بنسج السلال وبيعها. وأعطى الرجال العظماء وحكام المدينة هبة، محددا لكل منهم ثلاثة قطع من البقسماط. وارسل إلى باسيليسكوس والنبلاء نفس الشىء فقط. وقد أتى اليه ذات مرة محصل ضرائب بخطاب ملكى، فأعطاه نفس الشىء فقال له "اريد هبة من الدنانير". فأجابه "إن واجب الكنيسة أن تنفقها على الأرامل والأيتام".
ولكن الشعب سمع أن الوالى prefect([311])هناك واسمه يوتيوس كان اوطاخيا فصاحوا فى الكنيسة "يا بابا اعلن حرم نستوريوس ويوتيخس" وفى الحال حرمهما بكلمة فمه فى حضور الوالى. وبهذا، تبرأ من أى شك فى الارتباط مع الوالى كأوطاخى.
هكذا كانت اعمال الأسكندرية
الكتاب الخامس: الفصل الخامس
هذا الفصل الخامس من الكتاب الخامس هذا، يتحدث عن استعدادات اكاكيوس القنسطنطيني. وعن "المنشور المضاد". وعن بطرس الانطاكى وبولس الافسسى اللذين نُفِيا ثانية عند عودة زينو الملك وخلع باسيليسكوس.
ولكن اكاكيوس القنسطنطيني عندما سمع عن استرداد بولس الافسسى لسلطة كرسيه الشرعية طبقا لدستورها السابق بواسطة تيموثاوس، وعودة بطرس إلى انطاكية واعدادهما لمجمع ينعقد ضده فى اورشليم بقصد خلعه وتعيين ثيوبمبس أخو مدير التشريفات بدلا منه هيج الرهبان وحرضهم، وانزل دانيال من فوق العامود([312])، واستولى على ممتلكات الكنيسة، وأثار فتنة ضد باسيليسكوس معلنا أنه هرطوقى([313]). واضطر باسيليسكوس عندئذ إلى تحرير منشور مضاد يلغى به منشوره السابق خاصة بعد أن بلغته اخبار عودة زينو بجيش كبير.
وعند عودة زينو خلع باسيليسكوس وأصدر قانونا يلغى به سائر القوانين التى سنها باسيليسكوس. وخلع أيضا بطرس الانطاكى وبولس الافسسى، واصدر تهديدات شديدة ضد تيموثاوس. ولكن الأخير كان قد توفى ورحل إلى جوار ربه، ودُفِن بإجلال عظيم، وأمَّ الجنازة بطرس الذى سيم قانونيا خلفا له بواسطة اساقفة القطر.
ولكن اساقفة اسيا قدَّموا طعنا لأكاكيوس انهم وجدوا خطأ فى المنشور ووقعوا على المنشور المضاد. وبالمثل قدَّم الاساقفة الشرقيون طعنا إلى كالانديون خليفة بطرس يحرمون فيه أيضا المنشور [السابق].
ولكن انستاسيوس الاورشليمى ثابر على كرامته، ومعه مقاطعات فلسطين الثلاثة، ولم يستسلم لهذا الحزب ولا تنكر للمنشور على الرغم من أنه اشترك بحرية مع الاساقفة الذين أتوا معا اليه.
وبالمثل رحل ابيفانيوس الذى من مجدوليم بمفيلية، مدفوعا بعزة نفسه، إلى الاسكندرية وتغرب فى الاديرة هناك وكُرِّم من تيموثاوس وبطرس خليفته.
ولكن الملك زينو استشاط غضبا بشدة عندما سمع عن بطرس، وارسل تهديدا عَلِم به بطرس مسبقا فإختفى فى المدينة منتقلا من مكان إلى مكان ومن بيت إلى بيت. وعاد تيموثاوس سالوفاكيولس الذى كان قد طُرِد قبلا بأمر الملك، واستولى على ممتلكات الكنيسة وانتشر الشغب والقتل عند دخوله هناك.
وكان ثيوكتستوس والى المدينة يفتش عن بطرس ليقبض عليه، فسُمِع صوتٌ يقول "سأخفيه وسأحميه لأنه عرف اسمى. سيدعوننى فأستجيب له، وفى يوم الضيق انقذه وأكرمه"([314]).
واجتهد تيموثاوس سالوفاكيولس بكل السبل والوسائل لاستمالة الشعب إلى جانبه. فبشر بإيمان نيقية والمائة وخمسين، واعترف ووافق على اعمال افسس([315])، وحرم نستوريوس، ودوَّن اسماء كيرلس وديوسقورس فى الديبتيخا وقرأهما. وفعل الكثير بالإضافة إلى ذلك، ومع ذلك كان غير قادرِ على جر الشعب اليه.
الكتاب الخامس: الفصل السادس
يخبرنا الفصل السادس من الكتاب الخامس عن مارتيريوس خليفة انستاسيوس الاورشليمى الذى كان هو أيضا يكرز للشعب بالايمان الحقيقى ويحرم نستوريوس وخلقيدون.
وكان مارتيريوس الاورشليمى أيضا، واحدا من الذين تبعوا انستاسيوس سلفه، وانفصل عن "المنشور المضاد"، واجتهد بشدة فى توحيد الشعب. وكسب مركيانوس الراهب الممتاز، فاستقبله هذا الرجل وحض الرهبان الآخرين على فعل ذلك بالمثل. ولكن الذين لم يقبلوه طردهم. ويقولون أنه بعد وفاته صلى أحد تلاميذه وكان كفيفا إلى الله "إذا كانت عقيدة سيدنا سليمة حقا، فلتبصر عيناى عندما اضعهما على جثمانه"، فأبصر عندئذ.
خطاب مارتيريوس العام
"المسيح سلامنا الذى جعلنا جميعا واحدا. ونقض الحائط الأوسط الفاصل. وأباد العدو بجسده. فهوذا الكنيسة قد استردت ثانية ابناءها الذين لم يكونوا، فى الحقيقة، بعيدين عنها برضائِهم. والآن، هم أظهروا لنا ذلك بأفعالهم. إنه الوقت الآن لنقول: المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام. لذلك من أجل خاطرهم قد لُمنَا نحن الأساقفة المحبين للمسيح هؤلاء الأرشيمندرات العفيفين، والاكليروس الممتازين لكى ما يُقنِعوا، فى حضوركم، باقى بقية إخوتنا، لكى لا يكون لنا تعريف آخر للإيمان سوى الذى عُمِّدنا به، لأنهم هكذا اعتمدوا وآمنوا كما نحن. ولهذا كل من يتمسك أو تمسك أو تعلّم أى تعليم مضاد لتعريف الإيمان هذا الذى حدد اطاره الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا المجتمعون بنيقية وصدَّق عليه المائة وخمسون اسقفا، المؤمنون والصادقون الذين اجتمعوا فى هذه المدينة الملكية، وأكدوه. وكما فعل أيضا مجمع افسس. (اقول) أن كل من يتمسك أو تمسك أو تعلم ما هو مضاد لهذا التعريف، سواء فى رامينى او سارديكا أو خلقيدون أو أى مكان آخر أيا كان، [فإنه] طبقا لكلام الرسول "إن بشركم أى انسان بغير ما بشرناكم به، فليكن ملعونا"".
وتكلم أيضا مارتيرويوس نفسه بهذا الكلام: "إن علَّم اى انسان أو أظهر جديدا أو فكَّر أو فسَّر، أو تبنَّى أى تعريف آخر أو ايمانا مضادًأ لهذه العقيدة الأرثوذكسية المبرهن عليها لإيمان الأساقفة القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر، والمائة وخمسين، والذين فى افسس فليكن غريبا عن الكنيسة المقدسة. وها أنا اناشدكم أمام الرب ومسيحه والروح القدس والملائكة المختارين ألا تسمحوا لأى انسان أن يُضِلُكم عن هذا الايمان، ولكن الاعتراف الموقع عليه بتوقيعاتكم هاهى مسجلة فوق فى السماء. وستُعطون حسابا عنها امام عرش الدينونة العادل والمخوف إن قبلتم أى شىء أكثر أو أقل من الإيمان الحق. أنا برىء من دمكم. واننى لم أكف عن الكلام إليكم.".
وبإستخدام لغة مثل هذه كان الاساقفة يعظون من انفصل عنهم.
ولكن فى الأسكندرية لم يرض ولا مؤمن واحد أن يشترك فى التناول مع تيموثاوس([316]) وتابعيه. وتشاور عندئذ بعض الرهبان والرجال المتعلمون الحكماء معا، وكتبوا التماسا إلى رؤساء المدن يلتمسون فيه أنه بعد وفاة تيموثاوس لا يقبلون أى فرد آخر من حزبه كأسقف، ولكن فقط مَن يتفق مع بطرس المؤمن المعيَّن شرعيا اسقفا، على الرغم من اختفائه حاليا.
وإذ سمع حزب تيموثاوس([317])، بذلك حرروا طلبا وارسلوه إلى الملك بواسطة يوحنا كاهن كنيسة الشهيد يوحنا المعمدان، وكان راهبا من الطبانيسيين([318]). والتمسوا من الملك أنه بعد وفاة تيموثاوس لا يُقام اسقفا إلا أحد افراد حزبه، وألا يقبل شعب الأسكندرية بطرس.
وعندما سُمِح ليوحنا هذا بالمثول فى حِضرة الملك، قال له الأخير بغرض اختباره "نحن نظن أنه يجب أن تكون أنت اسقفا هناك". لأن الملك كان قد علِم مسبقا أنه متحالف مع يوليوس الجنرال الذى كان بسبب رئاسته لجيش الملك كان يُعِّد لتمرد ضد الملك بالتحالف مع ليونتيوس ويوربيوس. وكشف يوحنا ذلك ليوليوس([319]). فقال للملك "لستُ مستحقا". فقال له فليفكر فى ذلك. وعندما سمع يوليوس ذلك قال له "اسأل شعورك، ولا تتردد فى كشفها للملك". عندئذ أقسم فى حضور أكاكيوس والسيناتورات أنه لن يكون أبدا اسقفا. فأصدر الملك أمرا، وأعطاه ليوحنا، بمقتضاه يكون أى أخٍ يختاره الاكليروس وشعب المدينة خليفة لتيموثاوس([320]).
ولكن عندما عاد إلى المدينة استلم خطابا من يوليوس إلى ثيوجنوستوس الوالى([321]) هناك، الذى كان احد المتآمرين مع يوليوس، ووعد أنه إذا صار اسقفا سيعطى([322]) الآنية الملكية التى خصصها الملك اركاديوس للهيكل وقدمها لثيوفيلس الذى كان اسقفا فى ذلك الوقت، وبنى كنيسة هناك ودعاها بإسمه.
الكتاب الخامس: الفصل السابع
الفصل السابع من هذا الكتاب الخامس، يتكلم عن يوحنا الذى كذب واستولى على الاسقفية عقب موت سالوفاكيولس، وعن كيروس الكاهن الذى تحالف معه. وأيضا عن عودة بطرس إلى كرسيه.
وبعد بضعة أيام توفى تيموثاوس، فحنث بوعوده التى اقسم عليها، وأعطى رشوة لثيوجنوستوس، وحصل على الأسقفية لنفسه.
ولكنه أمال إلى جانبه كيروس الكاهن، الذى كان فيما سبق مرتبطا بديوسقورس ولكنه هجره فيما بعد. فقد كان هذا الرجل طامعا فى الأولوية لذلك كان يلتصق تارة بأكاكيوس القنسطنطيني، وتارة أخرى بتيموثاوس الذى مات. وكان يسخر بتيموثاوس الكبير ويسب بطرس خلفه، لدرجة أن الاسكندريين اعتادوا أن يهزأوا به بسبب تعدياته، وذلك بأن يمسكوا بلحا غير ناضج أمامه فى الشارع العام ويتهمونه بسلوك شائن مع امرأة متزوجة. وكان المبارك ديوسقورس قد لعن هذا الرجل قائلا "وحق الله، كيروس سيموت علمانيا". وهذا ما حدث فى الواقع له كما هو مكتوب اسفل.
وعندما سمع الملك عن يوحنا، غضب بشدة لأن الأخير حنث بوعده الذى اقسم عليه، وحصل على الاسقفية لنفسه. وكان هناك فى القنسطنطينية بعض الرهبان المختارين الذين كانوا يتوسلون من أجل بطرس. فأظهروا له [أى للملك]، بمستندات مكتوبة فى حوزتهم، المشاعر الحزينة التى كانت تجتاح [شعب] الأسكندرية ومصر والمناطق المجاورة الأخرى، من وقت لآخر بسبب هذا المجمع.
واستجاب الملك لطلبهم وأصدر أمرا بخلع يوحنا الكاذب، ورد الكنيسة إلى بطرس شريطة أن يوقِّع على "الهينوتيكون" الذى كان زينو قد كتبه وأرسله إلى هناك، وإلى مصر وبنتابوليس، وأن يقبل ويشترك مع الأساقفة الذين يوقعون على "الهينوتيكون". وأكثر من ذلك اولئك البريتوريون([323]) الذين كانوا فى الأسكندرية اعترف كثيرون منهم بأنهم موافقون على تعاليم "الهينوتيكون" التى كتبها فى الحقيقة اكاكيوس الاسقف واُرسِلَت إلى الأسكندرية بعهدة برجاميوس الحاكم المعين حديثا محل ثيوجونوستس.
وعند وصوله إلى المدينة ادار برجاميوس الامور بفطنة. فعندما اكتشف أن يوحنا قد هرب خفية، فتش عن بطرس وأعلمه بأمر الملك، وأراه "الهينوتيكون" قائلا "عليك بعد أن تدرسه جيدا أن توافق عليه وتوقعه وتقبل أيضا الاساقفة الاخرين من البروتيريين بدون أى تردد متى وافقوا على ما سطره الملك هنا فى "الهينوتيكون".
وعندما تفحص بطرس محتويات هذا المستند وجد أن مواده قد صيغت بأمانة وبكل بر. ولكنه تردد نوعا ما، لأنه لم يكن هناك حرم واضح وصريح للمجمع والطوم. وخاف بالتالى أن يسبب ذلك عثرة للشعب. ومع ذلك، قرر قبوله، حيث أنه يصرح بتعريف الايمان الموضوع بواسطة الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، ويعترف بالحق الذى للمائة وخمسين اسقفا. ويوافق أيضا على الاثنى عشر رأسا لكيرلس. ويحرم نستوريوس ويوتيخس، وأيضا يعترف بأن جسد المسيح المستمد من العذراء هو من نفس طبيعة جسدنا". وبالتالى وقَّع عليه، ووعد أيضا أنه إن تاب الآخرون، من كل الرتب، وقبلوا كل مواد "الهينوتيكون"، وأقنعوا الشعب بهذا المضمون سيقبلهم فى شركة التناول معه.
وعندما اجتمع معا الحاكم والدوق والرؤساء والاكليروس والرهبان والأخوات والشعب المؤمن فى المكان الذى كان فيه. أجلسوه على مركبة، وأحضروه إلى الكنيسة الكبرى بأبهة وتسابيح كشخص حافظ غلى الايمان الحقيقى، وكانوا ينحنون أمامه. وحثه برجمايوس على قبول الاعضاء الآخرين من الحزب البروتيرى. ولكنه أعلن أولا للشعب معانى "الهينوتيكون"، وشرحها قائلا:
لقد كُتِبَت جيدا وبصدق، حيث أنها تقبل الرؤوس([324]) الاثنى عشر التى لكيرلس، وتحرم نستوريوس ويوتيخوس، وتعترف بجسد المسيح المأخوذ من العذراء بأنه من نفس طبيعة جسدنا. وأن الآلام التى تحملها بالجسد، والمعجزات التى أجراها يخصان نفس المسيح الإله. وأن هذا المستند أكثر من ذلك، يلغى ويدين تعاليم خلقيدون والطوم لأن ديوسقورس وتيموثاوس قد فكرا أيضا وشرحا [ذلك] بالمثل.".
وألقى خطابا أطول على الشعب على النحو التالى:
"إنه من الصواب لنا جميعا، رجالا ونساء، أن نقدم بأفواه مفتوحة، الشكر والصلاة والتضرع إلى ربنا والهنا، من أجل الملك الظافر زينو التى الذى كانت أعماله النبيلة وأخلاقه الحميدة تحث الفهماء فى كل مكان على هذا. لأنه عندما قدَّم آباؤنا الرهبان الأطهار إلتماسا إليه بشأن إصلاح الايمان، وأعلموه بالأحداث التى كانت تجرى هنا، والشغب الذى بسببه قاسى شعبنا من وقت لآخر، بكى عندئذ وتطلع إلى السماء وسأل الله أن يعينه، وأن يضع فى قلبه ما يأمر به مهما كان، بما يتفق مع إرادته الإلهية ويحقق رفاهية الناس ووحدة الشعب واجتهد فى أن يزيل العثرات التى فى سائر الكنائس بسبب الابتداعات الخشنة التى حدثت فى خلقيدون.
والآن، يا أبنائى الأحباء، لنا نور الايمان الحقيقى الذى لآبائنا القديسين مكتوبا فى هذه الوثيقة بعبارات ارثوذكسية. سنقرأها بصوت عال فى حضوركم وستسمعونها بآذانكم. لأنه بالإعتراف بالإيمان الحقيقى هنا، وبالقبول بالرؤوس الاثنى عشر التى لكيرلس المبارك، وحرم نستوريوس ويوتيخوس، وإعلان أن الله الكلمة الذى تجسد هو طبيعة واحدة فى الآلام والمعجزات إنما يرفض بكل هذا تعليم الطبيعتين. لأن تعليمهم وتعليم الطوم مختلف تماما عن تعايم هذه[الوثيقة]. وضدهم تماما آباؤنا القديسون ديوسقورس وتيموثاوس الشهود الحقيقيون المجاهدون بأمانة. ولكن صلوا من أجله كى يحفظه الرب فى الإيمان السليم وفى محبته. لأننا نثق برحمة المسيح إلهنا أنه عندما تُسمَع صلواتكم وتسابيحكم لن نخشى فى الحصول على أىٍ من هذه الطلبات الأخرى التى نسألها منه بالصواب. لكنه سيتلقى طلباتكم ويهبكم سؤلكم([325])".
"اسمعوا هذه الوثيقة المكرمة "الهينوتيكون" التى حررها بأمانة والتى ستُقرأ عليكم الآن".
الكتاب الخامس: الفصل الثامن
"الهينوتيكون" لـزينـو
"قيصر الامبراطور، زينو الملك الظافر، المنتصر، الجبار، المبجل دوما، اوغسطس، إلى الاساقفة والشعب فى الأسكندرية، ومصر، وليبيا، وأيضا بنتابوليس. حيث اننا نعرف أن اصل واستقرار وعدم انهزام امبراطوريتنا هو فقط الايمان الحقيقى والصحيح الذى أعلنه بوحى الهى الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا فى نيقية، وصدَّق عليه الآباء القديسون المائة وخمسون فى القنسطنطينية بالمثل. فإننا نتضرع ليلا ونهارا بصلوات مستمرة ومثابرة، وبسن الشرائع لكى ما تزيد فى كل مكان الكنيسة الرسولية الجامعة المقدسة، غير القابلة للفساد أو الزوال أو صولجان مملكتنا. وبهذا يرفع الشعب المؤمن وهو متمتع بسلام وتقوى ووفاق، إلى جانب الاساقفة القديسين والأتقياء والاكليروس خائفى الله، والارشيمندرات والرهبان صلوات مقبولة من اجل امبراطوريتنا. لأنه إذا كان الهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح الذى تجسد من مريم العذراء القديسة والثيوتوكس سيُسَّر ويكون مستعدا لقبول خدمتنا وتسبيحنا بالإجماع، فإن الأعداء سيفنون ويتلاشون. وسيحنى كل انسان رقبته لنيرنا الذى يلى ذاك الذى للمسيح. وسيعم حينئذ السلام والبركات التى تليه من اعتدال المناخ ووفرة الثمار وكل تلك الأشياء التى تخص خير الانسان حيث توهب له بسخاء. هذا الايمان غير المتدنس إذ هو هكذا حافظ لنفوسنا وللأمور الروحانية فقد قُدِّمت إلينا التماسات من أرشيمندرات محبين لله ونساك آخرين يلتمسون منا بدموع، وحدة الكنائس المقدسة وترابط المفاصل معا، التى جاهد كارهو الخير منذ زمن طويل مضى فى شقها وفصلها عن بعضها البعض، لأنهم عرفوا أنه إذا ما شن الواحد حربا مع كل جسد الكنيسة الصحيح والتام فإنه سيُهزَم.
فقد حدث أن أجيالا بلا عدد قد انتقلوا خلال سنوات الحياة الكثيرة هذه: بعضهم رحل وهو محروم من حميم الميلاد الثانى. وبعضهم بدون تناول السرائر الإلهية إذ انتقلوا بالرحلة التى لا مفر منها للبشرية. وبعضهم بادوا بغارات القتلة، وبإراقة الدماء التى لم تدنس الأرض فقط بل حتى الهواء ذاته. فمن ذا الذى لا يرجو أن تتغير مثل هذه الحالة إلى أفضل. اذن، من أجل هذا السبب، نتوق إلى ان تعرفوا أن كلانا، نحن والكنائس المقدسة للأرثوذكس فى كل مكان، والكهنة المحبين لله الذين يشرفون عليها، لا نتمسك، ولا قد تمسكنا، ولا نعرف أحدا الآن يتمسك بأى شعار أو عقيدة، او ختم ايمان او قانون ايمان غير الذى قد ذكرناه عاليه. الشعار المقدس الذى للآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، والذى أكده أيضا الآباء القديسون المائة وخمسون الذين اجتمعوا فى مجمع هنا. لأنه كما قد قلنا توا نحن واثقون أن هذا فقط يحفظ مملكتنا، وايضا كل الشعب المعتبر اهلا للمعمودية المحيية سيعتمد بقبوله البسيط لهذا القانون وحده. وأكثر من ذلك، جميع الآباء القديسون الذين اجتمعوا فى افسس وخلعوا نستوريوس الشرير وكل حلفائه فى العقيدة قد تبعوا ذات الإيمان.
ونحن نحرم نستوريوس ويوتيخوس بإعتبارهما قد تمسكا بعقائد مضادة لما قد اعلناه هنا. ونحن نقبل أيضا الرؤوس الاثنى عشر المسلَّمة لنا من طيب الذكر المحب لله كيرلس رئيس اساقفة كنيسة الأسكندرية الجامعة. ونحن نعترف أن ابن الله الوحيد الجنس هو نفسه الله ، ربنا يسوع المسيح الذى تأنس بالحقيقة. هو من نفس الطبيعة مع الآب فى الألوهية، وهو من نفس الطبيعة معنا فى الناسوت. هو الذى نزل واتخذ جسدا من الروح القدس ومن مريم العذراء والثيوتوكس. هو ابن واحد وليس اثنين. لأننا نؤكد أن المعجزات التى أجراها والآلام التى احتملها بإرادته بالجسد، تخص ابن الله الواحد وحده. وأكثر من ذلك، نُرذِل أولئك الذين يقسِّمون أو يخلطون أو يُدخِلون([326]) خيالا. لأن التجسد الحقيقى والذى بلا خطية من الثيوتوكس لم يسبب أية اضافة إلى الابن. لأن الثالوث ظل [كما هو] رغم تجسد الله الكلمة الذى هو أحد الثالوث.
إذن، فلتعرفوا أن كلا من الكنائس المقدسة الارثوذكسية فى كل مكان، والكهنة المحبين لله الذين يُشرفون عليها ومعالينا، لم نقبل ولا نقبل أى تعريف آخر للإيمان سوى العقيدة المقدسة التى أوضحناها عاليه فلتتحدوا معا بدون تشكك. لأننا كتبنا ذلك، لا لكى نضع أى ابتداع للايمان ولكن لكى ما نطمئنكم.
ونحن نحرم هنا كل الذين تمسكوا أو يتمسكون الآن، أو فى وقت ما، سواء فى خلقيدون، أو أى مجمع آخر أيا كان بإيمان مختلف. ولكن بصفة أساسية هؤلاء الذين ذكرناهم بالفعل نستوريوس ويوتيخوس وكل تابعيهم فى العقيدة. انضموا اذن إلى أمكم الروحية، الكنيسة، وابتهجوا بها معنا أيضا فى شركة إلهية طبقا لهذا التعريف الواحد للإيمان وحده الذى صانه الآباء القديسون، كما أوضحنا عاليه. لأن أمنا المقدسة، الكنيسة، تتوق إليكم، لكى تحتضنكم كآبناء أحباء، وكانت شغوفة لأن تسمع صوتكم الحلو لزمن معتبر. اسرعوا لذلك لأنكم بفعلكم هذا ستجلبون لأنفسكم مسرة الهنا ومخلصنا المسيح وتنعمون أيضا بإمتيازنا([327]).
الكتاب الخامس: الفصل التاسع
الفصل التاسع من الكتاب الخامس يتكلم عن المنفصلين
وإذ مضت الأمور هكذا، فإن بعضًا [من ذوى] النفوس الغيورة كانوا مغمومين لأن وثيقة الملك - "الهينوتيكون"- لم يكن بها أى حرم صريح للإضافة المفروضة فى خلقيدون. ولكنهم ظلوا مع ذلك، فى الشركة مع بطرس لأنه دافع عن نفسه ضدهم، وبصفة خاصة عندما قال " لن يخزينا الملك فى الاجابة لِما نطلبه منه".
وعندما رآى باقى البروتيريون كيف كانت الأمور، خرجوا إلى ضاحية المدينة التى تدعى كانوبس canopus، وظلوا يصيحون بكلام شرير. ومع ذلك كانوا قليلي العدد وضعفاء، وكان على رأسهم بعض القراء وكيروس الكاهن الذى سجلنا عنه عاليه أنه كان تابعا قبلا لديوسقورس لكنه هجره بعد ذلك. وإذ سمع برجاميوس pergamius بهذا الشقاق، استدعى كيروس للتباحث معه. فلما عاد إلى رفقائه فى كانوبس، توسل إليهم بحماس قائلا أنه من الصواب لنا أن ننضم فى الشركة مع الآخرين وأن نطيع وثيقة الملك. ولكن الكهنة الغيورين الذين كانوا مع بطرس، عندما سمعوا عن ذلك، اغتموا بشدة، ورفضوا الاشتراك مع كيروس. وعلى الرغم من أنهم قد قبلوا عددا كبيرا من رفقائه عندما وقَّعوا على "الهينوتيكون" وحرموا كل مَن فكَّر على نحو مختلف عما فيه، إلاَّ أنهم رفضوا كيروس نفسه حتى عندما وقّع، ولم يقبلوه. وقالوا لبرجاميوس إنَّ مجرد رؤيته كافية لأن تُذكِّر الشعب بأعماله، وسيكون حجر عثرة فى طريق الكثيرين. وهكذا ظل كيروس عِلمانيا([328]) إلى أن مات طبقا للعنة القديس ديوسقورس.
وكان الجميع مرتبطين معا فى الشركة([329]) مع بطرس([330]). وبطرس الايبيرى، واحتفلوا بشكل رائع، [هم] والراهب المقتدر اشعياء، وفلسطينيون آخرون، ورهبان مباركون من أديرة رومانوس وثيودور.
وأرسل بطرس اسقف الاسكندرية، بولس الملقب اركاديوس إلى الملك بشأن بعض الأمور لمسألة أو أخرى تتطلب تصحيحا.
ولكن يوحنا الذى كان اسقفا توجه إلى روما, وهناك اخبر سيمبليكوس البطريرك بما حل عليه، زاعما أنه مستمر فى الخطر من أجل الطوم والمجمع. وعندما سمع الملك بذك، كتب خطابا وارسله إلى سيمبليكوس هذا، بيد اورانيوس محصل الضرائب، يبين فيه كل الشرور والخداع الكاذب ليوحنا، وصرَّح أنه بأمره عُيِّن بطرس اسقفا هناك للأسكندرية بهدف جلب الناس للتناول.
ولكن كالانديون الانطاكى عندما سمع عن الشؤن الاسكندرية كان مغموما للغاية، وكتب خطابات إلى اكاكيوس وزينو الملك وسيمبليكوس الرومانى دعا فيها بطرس بالمعلم الزائف"([331]). ومدح الطوم والمجمع. ولكنه كان وثيق الصلة بنستوريوس لأنه دعا كيرلس فى خطابه بالغبى.
ومع ذلك، أخذ جانب يوليوس وليونتيوس ويوبريبيوس فى عصيانهم الذى أثاروه فى الشرق توا ضد زينو الملك، فطُرِد من مكانه. وبناء على أوامر الملك استرد بطرس الذى جاهد وكابد مرة واثنتين من أجل الايمان الحقيقى، لكرسيه. واستقبله شعب انطاكية بأبهة عظيمة وكرموه كسمعان بطرس. فعقد مجمعا عندئذ لمقاطعته، وشفى، وأغلق الشقاقات، وقوَّم الأمور. وحرر أيضا المجمع الذى عقده خطاب شركة، تبعا للعادة القانونية، وارسله إلى بطرس الاسكندرى. كان على النحو التالى:
الكتاب الخامس: الفصل العاشر
يتحدث الفصل العاشر من الكتاب الخامس عن الخطاب المجمعى المرسل من مجمع انطاكية فى ايام بطرس [الانطاكى] إلى بطرس الاسكندرى.
"إلى ابينا المحب لله، القديس، رئيس الاساقفة بطرس. من المجمع المنعقد الآن بأنطاكية.
مثلما كان يشوع بن نون قائد القوات، وهو يستثمر سرائر يسوع المسيح إلهنا، يُظهِر عناية واهتماما بحقوق وممتلكات اسباط رأوبين وجاد ومنسى، عندما عبروا الأردن وهم مسلحون، تبعا لأمر موسى، الذى خصص له القيادة، ليتعاونوا مع اخوتهم. ودخلوا ارض الموعد ليمتلكوها، واستمروا فى المساعدة فى الحرب إلى أن سبب الله لإخوتهم ولهم الاستقرار بسلام هناك. فنحن بالمثل نطلب من غبطتكم معروفا، أيها الاسقف، أن نأتى نحن أيضا اساقفة العربية وليبانتيوس وفينيقية وسوريا وسيكوندا والفرات وكيليكية، إلى انطاكية مسلحين إلى أن يمتلك اخوتنا الشرقيون ميراث كنائسهم من الله، ولكن كيف نتوق بشدة إلى السلام، بعد المشقات والصراعات التى حلت بنا، وكيف نُدعَى الآن إلى اللقاء بأنطاكية، بواسطة خطابات الملك المتسامحة، فإن ابنك الحبيب والشهير اورانيوس محصل الضرائب سيخبرك[عن هذا]. لأنه بإرادة الملك وأمره، قد أوصل لنا وأرانا الخطاب المرسَل منه لقداستكم والرهبان الأطهار والشعب المؤمن.
ولكننا وقد اجتمعنا معا، وقد تلقينا بحقوق المحبة الإلهية لأبينا المؤمن البطريرك بطرس الذى اظهر لنا شفقة ووداعة مع فطنة، كنا جميعا بفكر واحد معه فى كل الأمور وهو معنا. واجتمعنا فى شركة واحدة الواحد مع الآخر فى خدمة([332]) روحية. وقد كُرِّمنا أيضا من المواطنين الذين قابلوه ورحبوا به بفرح وسرور. وبخدمة التسبيح. وكرَّموه كسمعان كيفو الرسول قائدنا. وأكثر من ذلك سمعنا عن الاعمال فى المدينة الملكية، من اتباع رئيس الاساقفة القديس اكاكيوس الذين اجتمعوا معا بأمر الملك، وعن اتحادهم به وببعضهم البعض، وكيف كتب لبركتكم مُظهرا وشارحا رغبة الملك المؤمن، وأن محتويات مستنده الممتاز "الهينوتيكون" كانت متفقة تماما مع ايمان آباء نيقية القديسين والذى صدق عليه أيضا المائة وخمسون المجتمعون بالمدينة الملكية، والذى تأكد فى مجمع افسس فى أيام كليستينوس([333]) وكيرلس. والأخير له أيضا اثناعشر رأسا شرحت وحرمت كل تعليم نستوريوس الزائف ويوتيخوس والهرطقات الأخرى.
هذه الأمور جعلت فى الواقع المصريين فى اتفاق تام مع الشرقيين، أو بالأحرى يجب أن نقول مع كل مَن يسعى إلى السلام فى كل مكان ويُحب وحدة الايمان الحقيقى.
ونحن نؤمن وواثقون أن مثابرة صلوات قداستكم قد أدت إلى هذه النتيجة السعيدة للشعب المؤمن فى كل مكان بإرادة ربنا وأخينا يسوع المسيح الذى نتوسل إليه أن يحفظ لنا حياة عفتكم، ناميا فى كل فضيلة، ومبتهجا بالرب لما فعله هنا عند عودة أخيكم المكرَّم أبينا الطاهر، بواسطة مثابرة ابنكم اورانيوس الذى نوصى محبتكم التقوية عليه، ولكى تكتب وترسل الشكر للملك المؤمن. لأنه فى الحقيقة يخدمه بكل قدرته، بتنفيذ أوامره والسعى بحرارة لتحقيق وترقية وحدة كنائس المسيح، ولغرس السلام لأبنائه الأحباء"([334]).
الكتاب الخامس: الفصل الحادى عشر
يشتمل الفصل الحادى عشر على رسالة اكاكيوس القنسطنطيني إلى بطرس الأسكندري([335])
وإذ كف اكاكيوس فى الحقيقة عن فكره السابق الذى كان فى صالح المجمع، والتصق بموافقة ودية بمبادىء "الهينوتيكون" كتب أيضا رسالة إلى بطرس الاسكندرى على النحو التالى:
"إلى اخينا التقى، والخادم الشريك، محب الله بطرس. يرسل اكاكيوس التحية. ان اسم السلام ذاته مبهج حقا، ولكن أثره حلو جدا. لأنه عندما كمل بواسطة اتحاد ايمان الكنيسة أثمر نعمة أكثر وفرة فى الفطناء، وأعمالا أكثر فرحا لهم، وأظهر امورا عظيمة. ونحن الآن كنا ننعم بفرح كهذا فى مدينتنا عندما بلغتنا الأخبار الخاصة بالإيمان التى ازعجتنا، وأدت أكثر من ذلك إلى ضيق وغم بين الكثيرين من الرهبان الأطهار هنا ولدى الشعب وكهنتنا الممتازين. ومع ذلك فإن خطابكم المكرَّم الذى ارسلتموه إلينا وسُلَّم لنا وللرؤوساء المشهورين قد فضح زيف الاشاعات الخاصة بكم وبدد قتامة الغيمة وأوضح ضياء ونقاوة فضائلكم التقوية. إنه الوقت الآن، الذى نقول فيه "المجد لله فى الآعالى"، لأن إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح ربنا قد أنتج "السلام فى أرض" ايماننا، والمسرة بين الشعوب. ولذلك، ذلك المجد الذى اعلنه جمهور الملائكة من السماء فى نشيدهم الأول، فى آذان الرعاة على الأرض فى بيت لحم، ذلك المجد ذاته قد جعل الرعاة وقادة الغنم، شعبه، معا يدا بيد فى اتحادهم ووفاقهم ينسبونه فى تسابيحهم للرب الإله الذى هو الرأس والراعى الحقيقى للقطيع.
ولكن أيضا نجم المسيح المنتصر([336]) [الظاهر] من الشرق، هو الملك المؤمن الخائف لله. فكما أرشد النجم أولئك الذين كانوا للمسيح إلهنا قديما لكى ما يصلوا إلى المغارة ويقدمون هباتهم اكراما لعبادته، هكذا الآن اظهر([337]) وبعث ضياء الايمان الحقيقى إلى كل المغارة التى تحت سلطانه. ونقض أيضا الحائط المتوسط الذى يشق ويفصل ويزعزع اتحاد اعضاء الكنيسة المقدسة، وجعلهم بذلك ينمون إلى إنسان تام بقامة كاملة([338])، لكى يُظهِر الجسد بأقنوم ومثال figure واحد، وجعل الاثنين واحدا. ولقد فهمنا أيضا من خطاب قداستكم المحمود أنه هو أيضا مثل داود، فى التنبؤ والحكم، قد ذبح مرة جليات فى الحقل بالصليب وحده، وإذ ضرب الشر مرة كما بمقلاع، فقد غلبه ودمره بخطابه الصادق الذى كتبه، وبسيف الروح الحقيقى الذى استله قطع وازال تلك الهرطقات واحجار العثرة التى هى رؤوس الوحش ذاتها. وأيضا، بعد أن غلبه طرحه فى الظلمة الخارجية، وقيده وأسره فى أجزاء الأرض السفلية.
وبالتالى ابتهجت اورشليم العلوية أم الأبكار وأيضا بناتها الكنائس، وطربت ورنمت مسبحة الله بشدة، بصلوات من اجل انتظار الملك المسيح، قائلة "المجد لله فى الاعالى". لأننا أُعجبَنا أيضا بانتصار الله عندما علمنا من خطابكم أن "الهينوتيكون" الذى أُرسِل فى حضورنا إلى قداستكم بيد برجاميوس قد وصلكم وأنكم وافقتم عليه، وفرحنا بإيمانك. ونصلى أن يحفظ الله لنا حياة هذا الملك المؤمن الذى وحَّدنا بالحق. والآن، أنا والذين معى نرسل التحية إلى الرهبان الأطهار وإلى الشعب المؤمن ونكتب خطاب الرد هذا".
نهاية خطاب اكاكيوس القنسطنطيني.
الكتاب الخامس: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر يحدثنا عن خطاب مارتيريوس الاورشليمى إلى بطرس اسقف الأسكندرية.
"إنه الوقت الآن، لنقول مثل النبى([339]) "اسبحك ايها الرب الإله، وامجد اسمك لأنك صنعت عجائبً وارادتك حق منذ القدم. آمين يارب". لأن أفواهنا قد امتلأت فرحا ولساننا تسبيحا، لأننا رأينا بالفعل أن قلب الملك فى يد الله متمما الحق باستمرار، ووحد ثانية الأعضاء المنفصلين.
والآن، وقد استلمنا هذا الرد الودود، انضم شعبنا إلى النبى فى التهليل بصوت عال "ارفعوا عيونكم حولكم وانظروا ابناءكم مجمتمعين معا"([340]) تلك البركة التى نبتهج بها ونحن نحيى قداستكم فى الرب، ونرنم المزامير مع داوود النبى ونقول، ليزيدكم الرب أكثر وأكثر انت وأبنائك. مبارك أنت من الرب الذى صنع السماء والأرض"([341]). أنا والذين معى نرسل افضل ما عندنا فى الرب([342])، وأيضا [إلى] الكهنة الذين مع عفتكم، وإلى الشعب المؤمن والرهبان الأتقياء".
نهاية خطاب مارتيريوس الاورشليمى هذا.
الـكـتـاب الـسـادس
يحتوى الكتاب السادس المأخوذ من عمل زكريا على سبعة فصول
الأول، بخصوص المنفصلين عن الشركة مع بطرس [الاسكندرى] لأنه قبل "الهينوتيكون".
والثانى، يحدثنا عن قزماس الحارس الامبراطورى([343]) الذى أُرسِل من قِبل زينو والأحداث التى جرت فى الأسكندرية مع الرهبان المنشقين.
وفى الثالث، وصف لبطرس وأشعياء الراهب.
ويحدثنا الرابع عن ارسينيوس الحاكم الذى أُرسِل إلى الأسكندرية وكيف تصرف مع المنفصلين.
ثم يخبرنا الخامس، عن خطاب فرافيتا fravitta الذى كان اسقف القنسطنطينية إلى بطرس.
ويحتوى السادس على تسجيل خطاب بطرس إلى فرافيتا.
ويعطينات السابع معلومات عن رؤساء الكهنة الذين كانوا فى أيام زينو، وأيضا ما يخص نهاية حياة زينو.
الكتاب الأول: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب السادس، يتحدث عن أولئك الذين انفصلوا عن الشركة مع بطرس بسبب عدم ذكر حرم الطوم والمجمع بوضوح فى "هينوتيكون" الملك أو خطاب بطرس اليه.
أما الأمور التى ترتبت على "هينوتيكون" الملك فكانت كالآتى: وافق ثلاثة أو أربعة رؤساء كهنة هم اساقفة افسس واورشليم والاسكندرية وانطاكية معا، ومع الاساقفة التابعين لإختصاصهم، واتحدوا فى مضمون "هينوتيكون" الملك هذا، وقبلوه ووقعوا عليه. وانفصل عندئذ جوليان ويوحنا من كهنة الأسكندرية، وهيلاديوس وسيرابيون الشماسان، ورجال مكرمون ينتمون للكنيسة هناك. وثيودور اسقف انتينوى، ويوحنا ومصرى آخر، واندراوس ارشيمندريت عظيم، وبولس الفيلسوف، ورهبان مشهورون آخرون عن الشركة([344]) مع بطرس الأسكندري. وقد اتخذوا هذا الموقف لأنه لم يكن هناك حرم مسجَّل بوضوح ضد المجمع والطوم سواء فى "الهينوتيكون" أو فى خطابات رئيس الكهنة بطرس. وتزايد بالتدريج عدد هؤلاء المنفصلين، وحظوا بتأييد معتبر لهم فى الأديرة. وعندما سمع اكاكيوس بذلك كتب إليهم يحثهم على الوحدة.
ولكن بطرس فى حديثه العام، ودفاعاته الأخرى التى قدمها أمام الشعب، استمر فى نقد المجمع. وأخيرا سمع اكاكيوس بذلك أيضا، فأرسل كاهنه ليستعلم عن حرية وايمان بطرس, وهناك أثار استجوابا أمام قاضى المدينة بخصوص هذه المسألة وهى أن المجمع لم يُحرَم بوضوح من قِبل بطرس. ووصل ذلك إلى آذان الكثيرين، وصار حجر عثرة لهم. وقُدِّمت إليه طلبات كثيرة من الأرشيمندريت والاسقف المنفصليَن. وعُيّن بطرس الايبيرى اسقف غزة الذى كان متغربا هناك آنذاك، وايليا الراهب الملقب الفخرانى potter لفحص ودراسة هذه الأمور. وعندما فحصاها معهم ومع مجمع الرهبان، اختاروا اربعة من أحاديث بطرس بشأن الايمان، وقالا له "إذا كنتَ توافق على هذه فوقع عليها". وبناء عليه انضم كثيرون منهم إلى الشركة معه، لأنه حرم بذلك المجمع والطوم عندما ألقى هذه الأحاديث على مسمع الشعب. ومع ذلك ظل آخرون غير راغبين فى الشركة مع بطرس([345]). وإذ رأى الأخير هذا، حرَم دير الاسقف ثيودوريت، وطُرِد لذلك، الرجل الصالح الذى فتَّح عين كفيف عندما رشه بماء من جرن المعمودية، فثار هياج عظيم بين الرهبان. وارسلوا نيفاليوس الذى كان أحد هؤلاء الذين طُرِدوا من بطرس، وكان أيضا مُهيِّجا للشعب، إلى زينو الملك.
الكتاب السادس: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب السادس يتحدث عن نيفاليوس الذى صعد إلى الملك وقدم شكوى ضد بطرس. وعن ارسال قزماس إلى الأسكندرية، وما حدث عند دخوله.
فاستعد الراهب نيفاليوس بوسيلته كمهيج للشعب وصعد إلى الملك زينو حاملا معه خطابا من رفقائه المنفصلين، الذين يشهدون فيه ضد بطرس. وأُرسِل قزماس الحارس الملكى([346]) بخطاب يحتوى على تهديدات ضد بطرس، ويُعلِن فيه أن جلالته، كان متسامحا للغاية فى تعيينه اسقفا للأسكندرية بغرض توحيد الشعب معا وليس تقسيمهم إلى احزاب.
وعندما وصل قزماس فى صحبة نيفاليوس ومعه الخطاب، وسلَّمه إلى بطرس. اجتمع الرهبان عندئذ بكنيسة الشهيدة اوفيمية نحو ثلاثون الف راهب بالعدد، وعشرة اساقفة معهم. ولكن رسالة وصلت إليهم ألاَّ يدخلوا المدينة لئلا يُثار الشعب ويحدث شغبٌ. ومع ذلك أُختير كمندوبين ثيودوريت الاسقف ويوحنا وجوليان ويوحنا[الآخر] الكهنة، وبالاديوس وسيرابيون الشمامسة الشماسيَّن، واندراوس الكبير، وبولس الفيلسوف مع نحو مائتى ارشمندريت([347]). ودخلوا الكنيسة الكبرى لعقد مقابلة مع بطرس[البابا]. وألقى قزماس حديثا مسهبا، وكذا حاكم المدينة، وقُرِأ خطاب الملك بصوتٍ عالٍ. ثم ألقى بطرس لهم خطابا دفاعيا، حارِما على مسمعهم المجمع والطوم. وأكثر من ذلك كتب بخط يده ما يلى "أنا بطرس اسقف الأسكندرية أحرم الآن، وكما فعلتُ قبلا مرارا، كل ما قيل وورد فى مجمع خلقيدون ضد الايمان الحقيقى الذى لآبائنا القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، وأيضا طوم ليو. وأعترف أن هذا هو عملى وأن كل من لا يتفق معه سواء أكان اسقفا أو كاهنا او شماسا أو راهبا او علمانيا هو غريب. وأنه إذا كتبتُ أنا (أو أى شخص آخر) ما يتفق مع اعمال المجمع ومحتويات الطوم أكون بذلك مطرودا من الثالوث القدوس.
ومع ذلك، لم يرغب الرهبان فى قبول هذا الاعتراف وقالوا أن بطرس قد اشترك مع رؤساء كهنة لم ينطقوا بحرم ضد المجمع والطوم، كما فعل.
فأجاب بطرس "السبب فى اشتراكى معهم هو أنهم قبلوا "هينوتيكون" الملك الذى يلغى كل اضافات وأعمال كل مكان فيما عدا المجامع المقدسة الثلاث، وهى: نيقية وافسس والقنسطنطينية. وفى خطابى العام شرحتُ "الهينوتيكون"، وأريتكم كيف أنه يلغى مجمع خلقيدون، بقبوله الاثنى عشر رأسا لكيرلس المبارك، وبحرمه لنستوريوس ويوتيخوس وكل واحد آخر يأخذ بثنائية الطبيعة فى المسيح، ويعزو المعجزات لواحد والآلام لآخر. ويُقسِّم الأقانيم فى الخواص والأفعال".
ولكنه، بعد كل هذه المناقشة، اتفق قلة من الرهبان مع بطرس. وقدَّم الآخرون طعنا ضده لقزماس. واستولوا على اديرتهم وسكنوا فيها مجتمعين بمفردهم. وسعوا إلى تعيين اسقف بدلا من بطرس. ولكن ثيودور إذ كان رجلا منضبطا منعهم قائلا "إنها ليست معاملة مناسبة لرجل يؤمن بما نؤمن، ويحرم المجمع والطوم(حتى ولو كان قد اشترك مع أولئك الذين قبلوا "الهينوتيكون" ووقعوا عليه) لئلا نُلام على طرده ونُحَسب كأشخاص غير منتظمين". ولكنهم قالوا أن ثيودور قال هذا الكلام لأنه أحد الأساقفة الذين وضعوا أياديهم على بطرس. ومع ذلك، لما كان الشعب قد قبِل بطرس بلا نزاع عندما حرم المجمع، ثاروا بشدة ضد الرهبان. ولكن الرؤساء وبطرس منعوهم، حتى لا يكون هناك شغبٌ عام.
الكتاب السادس: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب السادس يروى، مرور قزماس بفلسطين بحثا عن بطرس الايبيرى واشعياء الراهب حسب امر الملك.
ولكن قزماس، وهو فى طريق عودته مر بفلسطين وفتش عن بطرس الشهير والراهب اشعياء المقتدر. ومع ذلك لم يستطع أن يجد بطرس لأن الأخير كان قد علِم مسبقا بقدومه فرحل قبله من هناك.
أما اشعياء فصلى إلى الله أن يمرض لئلا إذا صعد إلى المدينة الملكية، يكون مضطرا إلى تملق الأثرياء. وهكذا حلَّ عليه المرض.
وعندما وصل اليه قزماس وأعطاه خطاب الملك، آراه سقمه ومرضه قائلا "حيث اننى رجل مريض فإننى لا اقدر أن اتحمل السفر بحرا لئلا أموت فى الحال، ولا استطيع المثول بالتالى امام الملك، وستُلام أنت عندئذ من الملك ومن الله، لأنك حملت جثة حول العالم". ونجح بهذه الطريقة من الهرب. وبعد ذلك بقليل شُفِى وثابر على ممارساته الرهبانية وجهاداته كل أيام حياته. وقد كان هذا الرجل، حقا، رائيا و(كما نقول) صنوا بالإسم والفعل لأشعياء النبى.
الكتاب السادس: الفصل الرابع
الفصل الربع يروى كيف أُرسِل ارسينيوس كحاكم للأسكندرية من قِبل الملك عندما سمع عن أحوال الأسكندرية بشأن الرهبان المنفصلين، والأوامر التى اصدرها الحاكم.
وعندما عاد قزماس الحارس الامبراطورى إلى الملك وسلَّمه تقريرا مكتوبا عن الأمور التى تمت فى الأسكندرية وعن الرهبان المنفصلين، وعن قادتهم واساقفتهم، أرسل الملك عندئذ ارسينيوس حاكما إلى ا للأسكندرية، وأعطاه أيضا سلطة على الرومان([348]). وأمر بأن يُدعى مرة واثنتين ثيودور ويوحنا الاسقفان وجميع الآخرين، بواسطة بطرس اسقف الأسكندرية إلى الاتحاد طبقا لبنود الايمان المدون فى "الهينوتيكون". وأنه فى حالة رفضهم الانضمام معه يُطرَدون من أديرتهم.
وعند وصول ارسينيوس التصق به نيفاليوس مهيج الشعب ثانية. وعندئذ أحضر معا الأساقفة والكهنة والأرشيمندريت، وآراهم أمر الملك الذى قرأه بصوت عالٍ على مسامعهم. وكرر لهم بطرس أيضا بثبات شرحه وحرمه متوسلا فى نفس الوقت الانضمام إلى شركته. ومع ذلك لم يقبلوا ولم يرضوا بذلك. ولكن ثيودوريت الاسقف قال له "إن كتبتَ اقرارا تجحد فيه الاشتراك مع رؤساء الكهنة الآخرين، وتوقع عليه، فسنشترك معك عندئذ". ولكن بطرس رد بنفس الدفاع السابق، قائلا " إنه من المناسب لى الاشتراك مع هؤلاء الذين قبلوا "الهينوتيكون" الذى يُعلِّم الايمان الحق".
ومن ثم أجبر ارسينيوس هؤلاء الرجال على التوجه إلى الملك ليعرضوا عليه شخصيا طلباتهم ورغباتهم لكى يُنفذ أمره بالتمام. فذهبوا جميعا فيما عدا ثيودور الذى انسحب. وعندما مثلوا أمام الملك، ذُهِل من عفتهم ومن حوارهم معه عن كل شىء لم يسرهم فى معاملاته.
ولكن بينما كانوا هناك، توفى اكاكيوس اسقف القنسطنطينية ، وعُيِّن فرافيتا fravitta خلفا له. وكان رجلا مؤمنا لطيفا، فكتب خطابا حسب الاسلوب القانونى وأرسله إلى بطرس الأسكندري بيد بعض الاكليروس. فتلقاه بفرح وكتب هو أيضا ردا عليه حرم فيه بكل وضوح المجمع وطوم ليو. وبينما كان هذا فى الطريق، توفى فرافيتا، وعُيِّن يونيموس رجل من اباميا خلفا له وكان قد تعلم بالاسكندرية ولكنه كان موصوما بالهرطقة النسطورية.
فعندما استلم الخطاب استشاط غضبا بشدة، وكذا على لونجينوس الكاهن واندراوس الشماس اللذين كانا يحملان هذه الرسالة وأثار اتهاما ضدهما. ولكنهما استنكرا اتهاماته بإظهار غيرة شعب الأسكندرية. وفصل يونيموس نفسه عن الشركة مع بطرس، وفكَّر فى عزل بطرس وعزم على عقد مجمع لهذا الغرض. ولكن ارخيلاوس([349]) وكان رجلا متعلما بارزا منعه قائلا "ليس من الممكن اتهام اسقف الأسكندرية العظيم وطرده بواسطة مجمع اقليم واحد. فقط مجمع عام يمكنه أن يفعل ذلك". ولكن، عندما سمع بطرس بذلك هدد هو أيضا يونيموس قائلا أنه كما أن المبارك كيرلس قد ارسل نستوريوس إلى الواحات هكذا سيفعل بالمثل ويخلع يونيموس من كرسيه. ومع ذلك رحل بطرس أيضا من هذه الحياة. ولكن خطابه شوهد فى القنسطنطينية، واقتنع الكثيرون بأنه كان مؤمنا. وعندما رأى يوحنا وجوليان ومَن معهم من المنفصلين الذين تصادف أن كانوا هناك خطابه إلى فرافيتا غيروا رأيهم، واستعدوا للعودة إلى الأسكندرية للشركة معه. ولكن بينما كانوا عائدين توفى وخلفه اثناسيوس وهو رجل محب للسلام مؤمن وبليغ. اجتهد ورغب فى ضم الرهبان المنفصلين إلى الشركة مع الكنيسة. ولذلك ذكر فى كلمته للشعب أسماء ديوسقورس وتيموثاوس، وحذف عن قصد ذكر اسم بطرس لكى ما يختبرهم. وعندئذ هاجوا بشدة (ولم يهدأوا) إلى أن ذكر اسم بطرس أيضا فى كلمته.
الكتاب السادس: الفصل الخامس
الفصل الخامس من هذا الكتاب السادس يسجل رسالة فرافيتا القنسطنطيني إلى بطرس الأسكندري كما يلى:
"إلى ابينا القديس محب الله، والخادم الشريك بطرس، من فرافيتا الذى يرسل التحيات فى الرب. عندما أزن ضعف طبيعتى وأتعجب من أعمال الله الرحيم نحوى، أدرك فى الحقيقة على الاطلاق أنه "يرفع البائس من المزبلة ليجلسه مع رؤساء الشعب". فمن المعلوم جيدا أن رحمة الله هذه ليست نتيجة لأعمال استحقاقية من جانب الانسان. ولكنها تنتج من النعمة الالهية التى تنسكب من وقت إلى وقت على ابناء الكنيسة بواسطة محبة الله الآب. حتى أنه ليس الحكماء ولا المباحثون ولا بلغاء هذا العالم [هم] الذين ترفعهم النعمة كقادة بالإنتخاب.
والآن كان هابيل، غير المتعلم، مقبولا أمام الله قبل الناموس. وبالمثل الآباء الأبرار الذين أتوا بعده. وفى ظل الناموس، أفرزت النعمة رعاة غنم ورعاة مواشى وجامع جميز وجعلتهم أنبياء. وبعد الناموس، عيّنت نفس النعمة صيادى سمك، وصانع خيام ليكونوا كارزين بكلام الحياة من السماء. لكى ما تظهر قوة الله القدير بالحقيقة، وتكمل فى الضعفاء. وهذه هى سرائر المسيحيين الذين يؤمنون بتجسد المسيح، بحسب كلامه فى الانجيل "اشكرك ايها الآب، رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه الأشياء عن الحكماء والفهماء، وأعلنتها للأطفال. أيها الآب لأن هذه هى إرادتك"([350]).
لأن المسيح الهنا هو الأساس وحجر الزاوية للكنيسة المقدسة. ولذلك هذه البركات التى نلناها ليست عرضا غريبا عن رحمته. ولكننا نرجو أن نفهم منها رحمته المتساوية للبشر. وسنُظهر أنفسنا لطفاء وشفوقين نحو اخواتنا فى الجسد والايمان، ونحو الكهنة شركائنا فى الخدمة، والاخوة محبى المسيح. ولذلك سنسعى لقيادة الكنيسة المقدسة فى كل مكان بنفس الايمان القويم وفى كمال المحبة. وأما بخصوص الأحداث التى حدثت(الله يعيننا) فإننا سنظهر للقطيع العاقل الذى تعلَّم من عنايتنا فى كل المواضع أن يكون واحدا للراعى العظيم الذى عيّنا لأن نكون قادة لقطيعه. وسنطرد تلك الذئاب الخطيرة، والهرطقات اللعينة، وبالأخص النسطورية واليوتيخية، بالكرازة والتمسك بإيمان الآباء القديسين الذين حافظوا على الحق واحتفظوا بنظام الكنيسة، ونعلّم فى أيامنا الايمان السليم للشعب وللناس. وبإستخدام الحب الاخوى والرأى الواحد فى تحياتى، فإننى أقدم لقداستكم عربون محبتى بيدى لونجنيوس الكاهن واندراوس الشماس. ولأكمِل ما هو صواب أرسِل تحياتى إلى كل الرعاة والكهنة المكرَّمين والرهبان الأطهار والشعب المؤمن الذى تحت رعايتكم. ونسأل قداستكم بالأكثر الصلاة معنا لكى نكون حكماء وقادة فى كل شىء كمثل سليمان، وكمثل بولس وبطرس وباقى الرسل فى الكرازة بالحق لأبناء الكنيسة. وأن نكون قادرين على تقديم المساعدة المناسبة للكنائس الأخرى، فى كل شىء تشير به علينا، وكذلك فى الأمور التى تجرى فى المدينة المحبة للمسيح بمجهودات محبى المسيح، والملك المجتهد المراقب والساهر والذى يرغب فى اقرار السلام للكنائس والوفاق بين الكهنة ووحدة الشعب. أنا والإخوة معى نرسل كل الاحترام إلى عفتكم والإخوة الذين معكم.".
الكتاب السادس: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب السادس يخبرنا عن رسالة بطرس الأسكندري التى كتبها رداَ على رسالة فرافيتا القسطنطيني، على النحو التالى:
"إلى أخى محب الله والتقى، والخادم الشريك سيدى فرافيتا. من بطرس الذى يرسل التحيات فى الرب. ترتيبا على انتخاب سموكم فإن الوقت الآن لنا، للقول فلتبتهج السماء من فوق ولتفرح الأرض ولتغنى بفرح تبعا لكلام النبى([351]) لأن ربنا يسوع المسيح الذى هو وحيد الجنس، ابن الله الآب، لم يفتدينا بأشياء تفسد كالذهب والفضة لكنه بالأحرى وضع حياته من أجلنا كحمل بلا عيب وقدَّم ذبيحة من عطر طيب لله الآب، وبذل جسده بديلا عن حياة الجنس البشرى بأسره. هو المكرَّم من كل الخليقة، والمساوى للآب، الله الكلمة المتجسد، تألم بدون تغير أو تنوع. ولكنه كإنسان بقى كما هو، وهو فى الحقيقة حى إلى الأبد ومن نفس الطبيعة. تعالوا إذن نقدم الشكر لله بلسان واحد وفكر محب للمسيح. ونقول مع المبارك باروخ "هذا هو ربنا لا أحد غيره معه. وجد كل الحكمة وأعطاها ليعقوب عبده، ولإسرائيل حبيبه. وظهر فيما بعد على الأرض وتردد بين البشر"([352]). لأنه لم يكن هناك - بحسب مفهوم نستوريوس- واحد: هو ابن الله الموجود قبل الأزمنة والدهور الذى به صُنِعت سائر الأشياء، وآخر وُلِد فى آخر الزمان بالجسد من الثيوتوكس. ولكن بالأحرى هو واحد أخذ نسل ابراهيم بحسب كلام المبارك بولس ([353]) وكان أيضا شريكا فى جسدنا ودمنا ومثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، لأننا لا نقول أن جسد ربنا يسوع المسيح هو من السماء كيوتيخس فى مفهومه الغبى ولا هو تجسد بالمشابهة والخيال. بل على العكس نحرم هؤلاء المعلمين. ولكننا نعترف بإبن الله الآب، الوحيد الجنس، الذى هو ربنا يسوع المسيح. ونحن نعرف أنه الله كلمة الآب الذى تجسد من أجل فدائنا، وفى طبيعته الإلهية، أخذ شكل العبد كالتدبير. هذا هو ايمان كنيسة الاسكندرية الذى نعبد به جميعا، نحن وكل خائفى الله الاساقفة والاكليروس والرهبان وكل شعب الله. واجتماع الشعب ينمو ويتضاعف بزيادة فى الكنائس، ونحن مطيعين للرسول الذى يقول "إن بشركم أى انسان بإنجيل آخر خلاف ما بشرناكم به فليكن ملعونا"([354]). ولكن سبب كل هذه البركات واضحٌ ومقبول لدينا وهو انتخاب سموكم التقى الذى ذكرناه عاليه وأيضا مسرة زينو المحب للمسيح والمؤمن الذى وافق على انتخابكم. وهو أيضا من أجل وحدة الشعب ولكى ما تترسخ فى القوة وفى الحق كتب بإخلاص "الهينوتيكون" وحرم كل افكار رعناء، وكلام خلقيدون وطوم ليو. وقد قبلنا هذا المستند ونشرناه شفاهة وكتابة بين كل الأمم المؤمنة. وأيضا كان يرى ذلك ويُعلِّم إلى يوم وفاته أخونا طيب الذكر القديس اكاكيوس الخادم الشريك حسبما شهد لنا الاسكندريون بإيمانه. وكما أن قداستكم أيضا مقتنعون. لأنه من الصواب للملك المحب للمسيح ليس فقط أن يُخضِع أعداءه ويطأ جنس البرابرة بأقدامه، ولكن أيضا أن يفضح شِباك الأعداء العقلية وأن يجعل الايمان الحقيقى يُشرق على الشعب المؤمن لأن قدسك قد أزهرت لنا ونبعت كنبات سلام. وهذه هى عطية الملك المؤمن لنا. بإرادة الله الذى اختاره قبلا كما قلنا توا. لذلك نحن مسرورين بهذا، أن كاهنا صالحا كهذا يقوم ويظهر للشعوب المؤمنة. ليحفظه الله وليعوضه بالتاج السمائى بيده الغنية. كما نرجو ونصلى أن يسير طوال طريق الحق على آثار آبائنا القديسين الكهنة المختارين برحمة المسيح مخلصنا، الذى به وللآب مع الروح القدس كل مجد إلى الآبد، آمين. ونحن نرحب بكل مودة بحاملى خطاب بركم، لونجينوس الكاهن الممتاز واندراوس الشماس، ونحن نعيدهم الآن بسلام لقدسكم".
ولكن اثناسيوس كتب أيضا، بنفس المنوال بعد ذلك بسنتين، إلى بالاديوس الذى كان خليفة بطرس فى انطاكية، حارما بوضوح ومقتبسا بتصرف من "الهينوتيكون" .
وعُيِّن يوحنا خلفا لأثناسيوس. وعندما كان يسأله أى واحد أن يقدم كتابة حرما للمجمع ولطوم ليو، كان يفعل ذلك بكامل رضاه بلا خوف. وكان فلافيان خليفة بالاديوس فى انطاكية، قد ارسل سليمان كاهن كنيسته إلى يوحنا الأسكندري هذا ليطلب منه خطابا إلى فلافيان بشأن اتساق الايمان. ولكن يوحنا لم يكن راضيا بعمل ذلك له إلى أن يتلقى من فلافيان قسَما بأنه سيُرسِل اليه خطابا فيه حرم للمجمع والطوم. وكان يوحنا سميَّه وخليفته مؤمنا وسالكا مثله.
والآن، بعد أن حكم زبنو سبعة عشر سنة وجرت الأمور هكذا فى الكنيسة. وقام ضده الطغاة باسيلسكوس ومركوس وطُردِا كما روينا عاليه، وأعلن أيضا ايللوس وليونتيوس ويوبربيوس العصيان ضده وقُتِلوا فى الشرق. وأيضا فى أيامه، قام طاغية [يُدعى] ثيودوريك وسبى من تيراس وأماكن أخرى كثيرة وتوجه إلى روما وأخضعها لأن اودكر المضاد لقيصر هناك كان قد فرَّ قبله إلى رافينا احدى مدن ايطاليا. ومات زينو فى السنة الثمانى مائة واثنين طبقا للحساب اليونانى([355]). ونال انستاسيوس خليفته المملكة فى اليوم الرابع من الاسبوع العظيم([356]). عندما كان يوفيميوس Euphemius اسقفا للقنسطنطينية وفلافيان لأنطاكية. واثناسيوس للأسكندرية. وسالوستيوس Sallusttius خليفة مارتيريوس لأورشليم. وفيلكس خليفة سيمبليكوس لروما.
الكتاب السادس: الفصل السابع
يحدثنا الفصل السابع من الكتاب السادس عن رؤساء الكهنة فى ايام زينو.
وفيما يخص رؤوساء الكهنة فى أيام زينو، فهم كالآتى:
فى روما: سيمبليكوس بعد هيلاريوس، مؤلف الخطاب إلى زينو بخصوص يوحنا الكاذب الذى طُرِد من الأسكندرية. وبعده فيلكس الذى كان مازال حيا عندما صار انستاسيوس امبراطورا.
فى الأسكندرية: تيموثاوس الكبير الذى أُعيد من المنفى. وتيموثاوس سالوفياكيولس[الدخيل]، ويوحنا الذى طُرِد (كما قلنا عاليه). وبطرس وخليفته أثناسيوس.
فى أورشليم: انستاسيوس ومرتيريوس وسالوستيوس.
فى انطاكية: مرتيريوس الذى طرد وجوليان واستيفين، واستيفن الآخر. وبطرس المؤمن وكالانديون الذى طُرِد. وبالاديوس وفالفيان خليفته الذى طُرد فى أيام انستاسيوس.
وفى القنسطنطينية: بعد جناديوس، اكاكيوس وفرافيتا خليفته، ويوفيميوس خليفته الذى طُرِد فى أيام انستاسيوس.
ولكن هذا الكتاب السادس والكتاب الخامس السابق له، واللذين تُرجِما بإيجاز وبإختصار(إن جاز القول) بأسلوب مدغم من أجل إعلام القارىء السورى، من التاريخ اليونانى لزكريا البليغ المنطيقى الذى كتبه هكذا بأسلوب مطول حسب الاسهاب اليونانى. فهنا فقط سبعة عشر سنة من حياة زينو الامبراطور.
الكـتـاب الســابـع
يخبرنا الكتاب السابع، فى فصوله الخمسة عشر التى يحتوى عليها، عن الأحداث التى حدثت فى عهد اناستسيوس. ففى الفصل الأول، عن بداية عهده وكيف خُلِع ابيفانيوس. وفى الفصل الثانى عن الاسوريين الذين تمردوا وأُخضِعوا والطغاة الذين على رأسهم الذين قُتِلوا. وفى الفصل الثالث عن مدن ثيودوبوليس وأرمادا التى أُخضِعت. وفى الرابع عن الأحوال فى مدينة ارمادا التى أُخضِعت, وفى الخامس عن المجاعة التى كانت فيها، وكيف رحل الفارسيون عنها. وفى السادس عن دارا وكيف بُنيت المدينة. وفى السابع عن نفى المقدونيين الذين طردهم من القنسطنطينية. وفى الثامن عن خطاب سيمون الكاهن الذى يُقدِّم معلومات عن نفيه. والتاسع عن خليفته تيموثاوس وكيف انتشر تعبير "الذى صًلِب عنا" فى القنسطنطينية فى أيامه. والعاشر عن المجمع الذى عُقِد فى صيدون فى أيام فلافيان واخسونيو الاساقفة فى السنة الخامسة([357]) من الـ indiction (السنة 823 لليونان). والفصل الحادى عشر عن الالتماس الذى صاغه رهبان الشرق وقزما الانطاكى وقُدِّم للمجمع. والفصل الثانى عشر عن المجمع الذى عُقِد فى صور فى أيام ساويرس واخسونيو الذى حرم مجمع خلقيدون وطوم ليو بحرية تعبير أعظم. والفصل الثالث عشر عن اريادن الملكة التى توفيت وعن فيتاليان الطاغية الذى أسر هيباتيوس فى الحرب. والفصل الرابع عشر عن تيموثاوس الذى توفى وخلفه يوحنا. وعن الشياطين التى دخلت([358]) المصريين والاسكندريين والعرب الذين أتوا إلى الاحتفال التكريسى لأورشليم، والذين انطرحوا على الصليب فشفيوا. أما الفصل الخامس عشر فيتحدث عمن كانوا رؤساء كهنة فى ايام انستاسيوس الملك. وموت انستاسيوس فى السنة 829 لليونان([359])، الـ 324 للألمبياد.
الكتاب السابع: الفصل الأول
الفصل الأول من هذا الكتاب السابع يتناول عهد الإمبراطور([360]) انستاسيوس الذى استلم المملكة بعد زينو، وعن يوفيميوس Euphemius الاسقف هناك الذى خُلِع.
بعد أن حكم زينو سبعة عشر سنة كما هو مسجل عاليه فى الكتاب السادس وفصوله، مات فى السنة الـ 317 للألمبياد، [أى] سنة 802 بحساب اليونان، فى "الدورة" ([361]) indictionالرابعة عشر، فى اليوم الرابع من الأسبوع الكبير([362]). عندئذ حصل على المملكة انستاسيوس الذى كان عضو السينات ورئيس([363]) حُجَّاب الأبواب silentiary([364]). وهذا الرجل كان من مدينة درهاخيوم Dyrrhachium([365])، وكان قوى البنية، نشط الذهن، ومؤمنا. وعندما كان جنديا كان موضع ثقة الملكة اريادن Ariadne، التى رغبت ووافقت أن يكون ملكا. [فقد حدث]([366]) لهذا الرجل [ما يلى]: قبل أن يصير ملكا ببضعة أيام، كان هناك شخص ما يُدعَى يوحنا المدرسى، أخو ديث dith مواطن من آميدا([367])، رجلا شجاعا وبارا ومستقيما يخاف الله ويكره الشر، ولكنه بكامل رضائه وإرادته الحرة كان مستمرا فى الخدمة بكونه مُعلِّما([368]) بالكنيسة. وعندما كان فى القنسطنطينية فى مهمة بالنيابة عن مدينته، رأى رؤيا، مرة واثنتين تُظهِر أن انستاسيوس رئيس حجاب الأبواب سيكون ملكا. فدعاه وقال له "بموجب فضائل وخصال وكرم نفسك، تمم مسرة الله، وكن رجل سلام ولطيفا ومتواضعا ومستقيما وأظهر نفسك هادئا مع كل أحدٍ وطيبا لمنفعة البشر الذين هم أقرباءك. وليس لأننى أريد أى شىء منك، أو لأننى أتملقك أن أكشف لك أنك ستصير ملكا سريعا". ولأن يوحنا هذا كان مكرَّما ومشهورا لإستحقاقاته وكان معروفا لكثيرين، وأكثر من ذلك كان متعلما، فقد صدَّقه انستاسيوس وأخذ [كلامه] كحق. وكان مداوما معه على سهرات الكنيسة. ولكنه حدث أنه بعد أن حصل على المُلك، وكان راغبا فى مكافأة صديقه بهبات شكر مثل تلك التى يسعى إليها الناس، أن يوحنا هذا لم يأخذ منه أى شىء على الإطلاق، وترك المدينة وعاد إلى بلده قانعا بالمستندات التى كان زينو قد حررها. وأخذ فقط تأكيدا من انستاسيوس أنها ستكون مقبولة([369]).
ولكن يوفيمويوس([370]) الاسقف هناك، كان يهدد بطرس الأسكندري([371]) بأنه سيتسصدر مرسوما بخلعه، لأنه كتب ردا إلى فرافيتا سلف يوفيميوس حرم فيه مجمع خلقيدون وطوم ليو. ولكن يوفيميوس مُنِع عن عمل ذلك، فى ذلك الوقت بناء على نصيحة ارخيلاوس اسقف قيصرية، الرجل الحكيم الذى تصادف أن كان هناك. وعندما توفى بطرس حافظ يوفيميوس على ذات الكراهية ضد أثناسيوس خليفة بطرس فى اسقفية الأسكندرية الذى حرم بسلطة وجهرا المجمع والطوم. ومن ثم أعد يوفيميوس العُدة لخلعه، وطلب من فيلكس [اسقف] روما مساعدته. وعندما صارت مكيدته معلومة لأثناسيوس بواسطة مندوبيه الرسميين([372]) هناك الذين كتبوا وأرسلوا أيضا، إليه نسخة من الخطاب الذى ارسله إلى فيلكس. عندئذ اتخذ أثناسيوس الاستعدادات، وكتب إلى سالوست Sallust الأورشليمى، وتلقى ردا منه بشأن اتفاق الإيمان. وأعلم كلاهما الملك انستاسيوس بشأن يوفيميوس أنه هرطوقى، وأروه نسخة من خطابه تعضيدا (لإتهامهما). وعندما فُحِصَت أعماله بواسطة بعض الاساقفة الذين تصادف وجودهم فى القنسطنطينية، وأيضا بواسطة رهبان مؤمنين من الأسكندرية، والشرق، نُفى وطُرِد من كرسيه، وحلَّ محله فى الاسقفية مكدونيوس الذى خُلِع أيضا بعده بخمسة عشر سنة كما هو مدون بعده.
الكتاب السابع: الفصل الثانى
الفصل الثانى من هذا الكتاب يتكلم عن ثورة ايسوريا
والآن، كان الايسيوريون([373]) isaurian، مزدهرين فى أيام زينو (الذى كان قد انسحب من أمام باسيلسكوس ومركوس الطاغيين، وأقام كلاجىء فى حصن هناك يدعى سلمون). وكانت لهم أيضا علاقات بالمملكة فى أيامه، وكان يكافأهم، ويراهم يستحقون لتلقى كل الطيبات من كل الأنواع، منه. ولكنهم لم يقدروا أن يحافظوا على حظهم الطيب. فكانوا متكبرين ووقحين عندما تولى انستاسيوس المُلك، وأعلنوا العصيان ضده وعينوا طاغية لأنفسهم ورفضوا الهبات التى كانت تُرسَل إليهم من انستاسيوس، ولم يوافقوا على إعطائه الجزية. بل أغاروا أيضا على المقاطعات التى حولهم. وعندما وصل الصراخ والشكاوى منهم إلى الملك، أرسل جيشا وأعد التجيهزات ضدهم. وهزم الاسيوريين فى المعركة وظهر ضعفهم وأُخضِعوا، وقُتل الطغاة.
ولكن زلزالا قد حدث، وغزا الجراد عرب ميسوبوطاميا، وكانت هناك مجاعة فى السنة التاسعة التى كتب عنها الملفن يعقوب [الذى] من باتينيا batnae وصفا، فى السنة الحادية عشر من حكم انستاسيوس. ومات كثيرون من العرب فى آميدا حيث اعتزلوا فى أماكن أخرى عديدة.
الكتاب السابع: الفصل الثالث
الفصل الثالث من هذا الكتاب السابع يُعِلمنا كيف أُخضِعت ثيودوسيوبوليس فى ارمنيا، وعن مدينة آميدا فى ميسوبوطاميا
عندما كان بيروز ملك الفارسيين يحكم فى بلده فى السنة الثالثة عشر لانستاسيوس، اندفع الهُون من البوابات التى كان يحرسها الفارسيون، ومن الأقاليم الجبلية هناك، وغزوا مقاطعة الفارسيين. فإرتعب بيروز وجيَّش جيشا وخرج للقائهم. وعندما استعلم منهم عن سبب غزوهم لبلاده، أجابوه "ما أعطته لنا مملكة الفارسيين عن طريق الجزية غير كافٍ لنا نحن البرابرة الذين [نعيش] فى الأقليم الشمالى الغربى كحيوانات مفترسة نرفض الله، ونحيا على سلاحنا وقوسنا وسيفنا، ونعول انفسنا بسفك الدماء من كل الانواع. وقد وعدنا ملك الرومان([374]) من خلال سفرائه أن يعطينا جزية مضاعفة إذا ما قطعنا علاقاتنا مع الفارسيين. وبناء عليه أخذنا استعداداتنا وجئنا إلى هنا، لكى ما تعطينا مقدار ما يُعطينا الرومان، ونحافظ على معاهدتنا معك، وإلاَّ إذا لم تعطنا فسنشن عليك الحرب". وعندما أدرك بيروز تصميم الهون، على الرغم من قلة عددهم عن جيشه، فكر فى الزيف معهم وخداعهم، ووعد بإعطائهم. واجتمع اربعمائة من رؤساء شعب الهون، وكان معهم يوستاس تاجر من آباميا([375]) apamea، رجل ماهر كانوا يسترشدون بمشورته. والتقى بهم بيروز أيضا بأربعمائة رجل معه. وصعدوا إلى الجبل، وعقدوا معاهدة وأكلوا معا، واقسموا رافعين أياديهم إلى السماء. وعندما بقى عدد قليل منهم ليستلموا النقود التى جُمعِت، وانصرف باقى الهون إلى بلادهم، نقض بيروز بعد عشرة أيام الاتفاق معهم، وشن حربا ضد الهون الذين انصرفوا، وأيضا ضد الأربعمائة رجل الذين بقيوا ومن معهم. ولكن يوستاس التاجر شجَّع الهون ألا ينزعجوا بالرغم من قلة عددهم. وفى المكان الذى اقسموا فيه ألقوا مسكا وأطيابا على فحم متقد، وقدَّموا تقدمة للرب طبقا لمشورة يوستاس لكى يتغلبوا على الكاذبين. ودخلوا معركة مع بيروز وقتلوه هو وعدد كبير من جيشه ونهبوا مقاطعة الفارسيين، وعادوا إلى بلادهم. ولم توجد جثة بيروز. ويدعونه فى بلده الكاذب.
ولكن كاواد Kawad الذى خلفه فى المملكة والنبلاء أثاروا كراهية ضد الرومان قائلين أنهم هم الذين حرضوا الهُون على الغارة على بلادهم وعلى النهب والخراب. وجمع كاواد جيشا وخرج ضد ثيودوسيوبوليس فى أرمينيا التى للرومان، وأخضعوا المدينة. وعامل سكانها برحمة لأنهم لم يهينوه. ولكنه أسر قنسطنطين، حاكم مدينتهم.
وفى شهر اكتوبر وصل إلى آميدا فى ميسوبوطاميا(ولكنه على الرغم من أنه قد أغار عليها) بغارات متوحشة من السهام الحادة وآلات الكباش التى دكت الأسوار ودمرت البيوت التى لجأ إليها أولئك الذين كانوا يجلبون المواد للمحاصرين لترميمها والارتفاع بها إلى مستوى السور لمدة ثلاثة أشهر يوما بعد يوم إلا أنه لم يقدر أن يستولى على المدينة بينما كان الشعب يعانى من مشقات كثيرة من العمل والحرب، وكان يسمع بإستمرار السباب من الرجال غير المنضبطين على السور وسخريتهم واستهزائهم. وانضغط بضيقة شديدة، واستولى عليه الغم والأسى لأن الشتاء حل عليه بقسوته. ولأن الفارسيين وهم متدثرون بأردية فضفاضة كانوا غير كفاة، وارتخت اقواسهم بفعل الرطوبة، ولم تقدر آلات كباشهم أن تؤذى السور أو تُحدِث أى تصدع فيه. لأن المدافعين كانوا يربطون حزما من السمار لتتلقى عليها ضربات آلات كباشهم أن تؤذى السور أو تُحدِث أى تصدع فيه. لأن المدافعين كانوا يربطون حزما من السمار لتتلقى عليها ضربات آلات الكباش وتمنعها بذلك من نقب السور. ولكن هم أنفسهم صنعوا نقبا فى السور من الداخل لينقلوا مادة التراب من الخارج إلى داخل الحصن، وحصنوه تدريجيا بعروق من اسفل. وعندما صعد محاربون فارسيون مختارون الساتر الترابى ووضعوا عروقا على السور لإحداث مدخل (وكانوا ممتشقين السلاح، وكان الملك قريبا مع جيشه من الخارج، وكان يعضدهم بإظهار القوة والقاء السهام، ويشجعهم بالصياح وينشطهم ويحثهم إلى الأمام بحضوره ومظهره، وكانوا نحو خمسمائة رجل)، ألقى المدافعون بشرائط من الجلد مسلوخة من ثيران ومنقوعة فى مزيج من نبات البيقة مع زيت المر من فوق السور على العروق وسكبوا السائل من نبات البيقة على الجلود ليجعلوها زلقة. ووضعوا نيرانا بين الدعامات التى كانت اسفل الساتر الترابى. وعندما انهمكوا فى المعركة بين بعضهم البعض لنحو ست ساعات، وأخفق (المحاصرون) فى عمل أى مدخل توهجت النيران والتهمت أخشاب الدعامات، وتحولت فى الحال إلى رماد من شدة النيران، وانهار الساتر الترابى وسقط. واحترق الفارسيون الذين كانوا فوق وانسحقوا أيضا بتأثير الأحجار التى كانت تُلقَى عليهم من أولئك الذين فوق السور. وانسحب الملك فى خزى وغم وقد صار أكثر هزءً وسخرية من أولئك الرجال المتجاسرين المتفاخرين غير المنضبطين. وإذ لم يكن هناك اسقف يعلمهم الانضباط. لأن يوحنا الأسقف الطاهر والنبيل والشخصية المبجلة كان قد توفى قبل ذلك بأيام قليلة وهذا الرجل كان قد دُعِى من دير كارثامين، وإذ قد أنتخب، جاء وصار اسقفا لهم. ومع ذلك لم يغير نسكه وإماتته الذاتية ونمط حياته ولكنه استمر (فيها) ليلا ونهارا. وكان يُحذَّر ويلوم أثرياء المدينة، فى زمن المجاعة، وغارات الغرب، والأوبئة قائلا ألا يحجزوا القمح فى زمن الشدة، بل يبيعوه ويُعطوا للفقراء، لئلا إن حجزوه يكونوا فقط مكتنزين له للأعداء، طبقا لكلام الكتاب المقدس. وهذا ما حدث فى الواقع. فلقد ظهر له ملاك([376]) جهرا واقفا إلى جوار مائدة المذبح وأنبأه بغارة العدو، ولذا يلزم انتقاله كرجل بار من وجه العدو. وأعلن هذا القول ونشره فى حضور شعب المدينة لكى ما يتوبوا ويخلصوا من السخط.
الكتاب السابع: الفصل الرابع
الفصل الرابع من هذا الكتاب السابع، يُخبرنا عن كيفية إخضاع آميدا، وما حل بسكانها.
وعنما فشل كاواد([377]) وجيشه فى التغلب على المدينة بغاراته المتعددة التى شنها عليها، وهلك عدد كبير من جيشه، ارتخت يداه وطلب أن تُعطَى له هبة صغيرة من الفضة لينسحب من المدينة. ولكن ليونتيس ابن بابلوس رئيس المستشارين وكيروس الحاكم وبول بار زينب Bar Zainab الخازن([378]) steward طلبوا منه عن طريق الرسل الذين أرسلهم ثمن الخضروات التى أكلها جنوده، وأيضا [ثمن] الحنطة والنبيذ التى جمعوها وجلبوها من القرى. وعندما اغتم بشدة من هذا، وكان يستعد للإنسحاب بخزى، ظهر له المسيح([379]) فى رؤيا ليل، كما روى فيما بعد، وقال له أنه فى خلال ثلاثة أيام سيُسلِّم له سكان المدينة لأنهم أخطأوا إليه، وهذا ما حدث كما يلى:
كانت هناك، فى الجانب الغربى للمدينة، عند [مبنى] الأبراج الثلاثة([380])، حراسة من رهبان كانوا قد طُرِدوا من دير يوحنا الذى من آنزتين anzetene، وكان الأرشيمندريت لهم فارسيا. وكان من الخارج فى مقابلهم برج مراقبة، وكان يعسكر هناك مرزبان يدعى كاناراك [أى] الأعرج. وكان مجتهدا يوما فيوم فى المراقبة ساهرا ليلا ونهارا. وكان ماهرا فى وضع الخطط من أجل اخضاع المدينة. وكان هناك شخص يدعونه فى المدينة كوتريجو kutrigo [لأنه] لص وعربيد. وكان هذا الرجل جسورا جدا فى كل أنواع الهجوم على الفارسيين واعتاد الإغارة عليهم وخطف المواشى والبضائع، لدرجة أنهم اعتادوا سماع الرجال من على السور وهم يصيحون ويدعونه كورتيجو. وراقب كاناراك هذا الرجل وأدرك أنه يخرج من مجرى الماء المتاخم [لمبنى] "الأبراج الثلاثة"، ويخطف الغنائم، ويدخل ثانية. وتركه الفارسيون يتمم ما يريد لبعض الوقت، وهم يدرسون ويفحصون أعماله. وركضوا وراءه، ورأوا المكان الذى خرج منه ومن أين دخل.
ولكن حدث فى تلك الليلة التى أُخضِعت فيها المدينة أنه كانت هناك ظلمة وغمامة كثيفة تُسقِط مطرا رقيقا، وقدم رجل ما معاملة رقيقة للرهبان الذين كانوا يحرسون [مبنى] "الأبراج الثلاثة"، وأعطاهم نبيذا ليشربوا فى آخر الليل، ومن ثم غلبهم النوم، ولم يسهروا بإجتهاد فى حراستهم طبقا لعادتهم المعتادة. وعندما صعد كاناراك وبضعةٌ من الجنود إلى أعلى، تتبعوا كوتريجو، واقتربوا من السور، لم يَصِح الرهبان ولا ألقوا حجارة. وأدرك الرجال أنهم نيام، فأرسل إلى كتائبه وطلب سلالم. ودخل واتباعه من خلال مجرى الماء. وتسلقوا برج الرهبان وقتلوهم. واستولوا على البرج، وأيضا على شرفة الحصن، ووضعوا سلالم على السور وأرسلوا إلى الملك.
وعندما سمع بذلك أولئك الذين كانوا فى حراسة البرج المجاور، وصرخوا، وحاولوا المجىء الى الرهبان الذين كانوا قد قتلوا، كانوا غير قادرين، وجُرِح بعضهم من سهام الفارسيين، وماتوا. وعندما وصلت الأخبار إلى كيروس الحاكم وصعد بالمشاعل، جُرِح بسهم من الفارسيين الذين كانوا يقفون فى الظلام، بلا ضرر من ضاربى السهام، وانسحب جريحا. وفى الصباح وصل الملك والجيش إلى المكان ووضعوا سلالم على الأسوار وأمر قواته بالصعود، وهلك كثيرون ممن صعدوا، عندما جُرِحوا من السهام والأحجار والرماح. وأولئك الذين ارتدوا ونزلوا من الخوف قُتِلوا بأمر الملك، كجبناء وخائفين من المعركة. وبناء عليه تشجع الفارسيون وقرروا إما أن يُحرزوا النصر وإلحاق ويُلحِقوا الهزيمة بالمدينة ويُخضعوها، أو أن يموتوا فى معركة فعلية ليهربوا من العار أو القتل على يد ملِكهُم لأنه كان قريبا ويشاهد جهادهم. ولكن المواطنين حاولوا خلخلة بعض الأحجار من أسفل القبو الذى كان فيه الفارسيون وكانوا منهمكين فى خلخلة الدعامات. وبينما كان ذلك يجرى، أُخضِع برج آخر، ثم آخر، على التوالى، وقٌتِل حراس السور.
ولكن بطرس رجل ذو قامة هائلة، مواطن من أمخورو، وهو متدثر برداء حديدى، أمسك بأحد جوانب الشرفة بمفرده ولم يسمح للفارسيين بالمرور، وتمرد ورد برمحه أولئك الذين أغاروا من الداخل ومن الخارج وهو ثابت على الأرض وواقف كبطل. إلى أن أُخضِع أخيرا خمسة أو سنة ابراج فى الجانب الآخر، فهرب هو أيضا، ولم يُقتَل. واستولى الفارسيون أولا على كل السور وأخذوه. وقضوا ليلة ونهارا والليلة التالية فى قتل وطرد الحراس. وأخيرا نزلوا وفتحوا البوابات ودخل الجيش. وإذ تلقى أمرا من الملك بإهلاك كل الرجال والنساء من كل الطبقات والأعمار [فعلوا ذلك] لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليال. ولكن أميرا مسيحيا من بلدة آران توسل الى الملك بالنيابة عن كنيسة تُدعى الكنيسة الكبرى للأربعين شهيدا، وأنقذها إذ كانت ممتلئة من الشعب. وبعد ثلاثة أيام وثلاثة ليالى توقف القتل بأمر الملك. ودخل الرجال للمحافظة على كنوز الكنيسة وكبار المدينة. لكى يأخذ الملك ما يوجد فيها. ولكن الأوامر صدرت أيضا بتجميع جثامين مَن قُتلوا فى الشوارع، ومن صُلبوا وإحضارها إلى الجانب الشمالى للمدينة. لكى ما يدخل الملك، الذى كان فى الطرف الجنوبى فجمعت وأُحصِىّ عددها نحو ثمانية آلاف بالإضافة إلى مَن كُوِّم فى الانفاق وأُلقِى فى مجرى الماء، وتُرِك فى البيوت. ثم دخل الملك إلى خزانة الكنيسة، ورأى هناك صورة الرب يسوع مرسومة على شكل جليلى، فسأل مَن يكون هذا. فأجابوه أنه "الله" فأحنى رأسه أمامه وقال "إنه هو الذى قال لى أمكث واستلم منى المدينة وسكانها لأنهم أخطأوا ضدى". وأخذ كمية من الفضة والذهب من الأوانى المقدسة والثياب الباهظة الثمن التى كانت تخص سابقا اسحق ابن براى([381]) Bar Bar'ai الثرى وقنصل المدينة، والتى آلت إلى الكنيسة بالميراث منذ سنوات قليلة قبلا. ووجد هناك أيضا نبيذا جيدا قد جف فى أوانيه، اعتادوا أن يأخذوا بعضا منه فى سفرياتهم، ويسحقونه ويلفونه فى قطع من الكتان النظيف. وعندما يضعون قليلا منه فى الماء لعمل مزيج منه ويشربونه يزودهم بحلاوة وطعم النبيذ. وهم يقولون للجاهل أنه "هونونو"([382]) h'nono. وأُعجِب الملك به بشدة وأخذه. وفقد ابناء الكنيسة فن صناعة هذا المشروب الرائع منذ ذلك اليوم.
وجُمِعت فضة وذهب بيوت الأثرياء والملابس الجميلة ونُقِلت إلى خزائن الملك. واستولوا أيضا على تماثيل المدينة والساعات الشميسة والرخام، وجمعوا البرونز وكل ما يسرهم ووضعوه على طوافٍ rafts صنعوها من الخشب، وأرسلوها عبر نهر تيجرى الذى يتدفق من الشرق عبر المدينة ويتوغل إلى بلادهم. وفتش الملك عن عظماء المدينة وعن ليونتيوس وكيروس الحاكم الذى جُرح بسهم وباقى العظماء فأحضروهم إليه. ولكن الفارسيون كانوا قد قتلوا بولس بار زينب الخازن لئلا يُطلع الملك أنهم وجدوا كمية من الذهب فى ممتلكاته. وألبسوا ليونتيوس وكيروس ثيابا قذرة، ووضعوا حبال خنازير حول رقابهم، وجعلوهم يحملون خنازير واقتادوهم وهم يفضحونهم صارخين وقائلين "حكام لم يحكموا مدينتهم حسنا ولا منعوا شعبهم من إهانة الملك، لذا يستحقون إهانة كهذه ". وقُيّد أخيرا العظماء وكل الحرفيين، وأُحضِروا معا كأسرى للملك، وأُرسِلوا إلى بلده بصحبة الجيش. ولكن الرجال المؤثرين فى جيش الملك اقتربوا منه، وقالوا له "لقد قُتِل أقرباؤنا واخوتنا فى المعركة بيد سكان المدينة" وطلبوا منه أن يعطيهم عُشر الرجال ليعدموهم انتقاما. فأحضروهم وأحصوهم، وأعطاهم النسبة فقتلوهم بكل الطرق.
واستحم الملك فى حمام بولس بار زينب. ورحل من المدينة بعد الشتاء. وترك فيها الجنرال جلون كحاكم واثنان من المرازبة ونحو ثلاثة آلاف جندى لحراسة المدينة، ويوحنا بار هابلوهر أحد الأثرياء، وسرجيوس بار زبدونى لحكم الشعب.
وعندئذ جاء الرومان فى الصيف، وكان قائدهم باتريك القائد العام، رجل مسن، مؤمن ومستقيم، ولكنه محدود فى قواه الذهنية، وهيباتيوس وسلار مدير الخدمات، وأخيرا اريوبندس. وأكثر من ذلك الكونت جوستين الذى حظى بالمملكة بعد انستاسيوس. واجتمعوا معا وهاجموا المدينة بالأبراج الخشبية وكل أنواع وآلات النقب، واشعلوا النيران فى بوابة المدينة التى تُدعَى بوابة مار زور ليُحدِثوا مدخلا إلى الفارسيين ومع ذلك تعوقوا لأنهم كانوا مرتاحين ولم يندفعوا، فأغلق الفارسيون البوابة. ولم يُخضِع الرومان المدينة، ولا أخذوها منهم عنوة. على الرغم من أن السكان قد بلغوا حالة من البؤس بسبب المجاعة يوما بعد يوم، إلى حد أن أكل الناس فى النهاية بعضهم بعضا. ولكن كيف حدث هذا. ذلك ما سأرويه فى الفصل الخامس من هذا الكتاب لأنه على الرغم من أن القصة مرعبة وبائسة، إلا أنها حقيقية.
الكتاب السابع: الفصل الخامس
الفصل الخامس من هذا الكتاب السابع يتحدث عن المجاعة التى حدثت فى آميدا، وكيف رحل الفارسيون منها إلى بلادهم.
لقد ترك فيها الملك كاواد، كما هو مسجل عاليه، عند رحيله من آميدا إلى بلده مع جيشه، جلون Glon([383]) الجنرال، واثنان من المرازبة ونحو ثلاثة آلاف من الجنود لحراسة المدينة. وأيضا اثنان أو ثلاثة من الأثرياء وبعض السكان الخاصين. وهؤلاء الجنرالات الرومان لم يُخضِعوا المدينة ولا تغلبوا عليها. فذهب باتريك أخيرا ألى ارزنين التى للفارسيين وسبى سبيا، واخضع الحصن هناك. وتوجه أريوبندس وهيباتيوس إلى نصيبين([384]) فلم يخضعاها على الرغم من أن السكان كانوا يميلون إلى الرومان، وأظهروا تراخيهم فى الحرب. ومع ذلك، عندما سمع ملك الفارسيين بذلك جاء بجيش ضد الرومان فهربوا من أمامه، وتركوا خيامهم وامتعتهم الثقيلة التى كانت معهم. وهرب اريوبندس من ارزمينا، وافغادانا, وهيباتيوس وباتريك وآخرون من تلكاتسروا. وفقدوا كثيرا من جيادهم وركابها الذين سقطوا من جرف الجبال، وسُحقوا وهلكوا.
ولكن فارزمان وحده، رجل حرب، برز فى معارك عديدة سابقا، وكان مشهورا ومرعبا بين الفارسيين حتى أنَّ اسمه فقط كان يرعبهم، وصيته يبددهم ويُضعفهم، ويبرهنوا على أنهم جبناء فى حضوره، وينطرحون أمامه. هذا الرجل جاء ألى آميدا بخمسمائة فارس وراقب الفارسيين الذين خرجوا إلى القرى، وقتل بعضهم واستولى على الحيوانات التى كانت معهم وأيضا على جيادهم.
فجاء شخص داهية من مدينة آخورا([385]) Akhore، يُدعى جادونو([386]) Gadono، أنا نفسى أعرفه، وقدَّم نفسه له، وعقد معه صفقة على أن يغوى ويُحضر له بحيلة ما الجنرال الفارسى جلون وثلاثمائة أو أربعمائة فارس. ولأن جادونو السالف الذكر كان صيادا للحيوانات المفترسة وللسمك، وللحجلات، فقد اعتاد أن يدخل المدينة بحرية إلى جولن جلون حاملا فى يديه هدية من الصيد له. [فدخل] وأكل معه خبزا فى حضوره وتلقى منه بعضا من ممتلكات المدينة بما يعادل قيمة الصيد.
وأخيرا، قال له أن هناك نحو مائة من الرومان ونحو خمسمائة من الجياد على مسافة نحو سبعة أميال من المدينة فى مكان يُدعى أفوثورؤين([387]) Afotho Ro'en، ونصحه كصديق أن يخرج ويستولى على الحيوانات ويقتل الرومان ويصنع لنفسه اسما. فأرسل كشافون الذين رأوا قلة من الرومان والجياد، وعادوا وأخبروه. فإستعد عندئذ وأخذ معه اربعمائة فارس، وجادونو هذا على بغلة. فقاده ووضعه فى وسط كمين من الرومان الذين كانوا يراقبونه. وهكذا مزق الرومان الفارسيين إلى إرب وأحضروا رأس جلون إلى القنسطنطينية .
وعندئذ استولى الغضب والغم على ابن جلون والمرازبة الذين اعتادوا أن يسمحوا للسكان الذين انحصروا فى المدينة بالخروج إلى السوق الذى كان يُعقَد إلى جوار السور من قِبل الفلاحين من القرى وكان هؤلاء الفلاحون يحضرون النبيذ، والقمح والمنتجات الأخرى ويبيعوها للفارسيين والمواطنين بينما يقف الفرسان بالقرب منهم، ويوصلون إليهم عددًا [من الناس] فى كل مرة، ثم يعيدونهم. وبواسطة قانون ممتاز للفارسيين، لم يكن أحد يجرأ على أخذ أى شىء من القرويين الذين كانوا يبيعون ما يريدون ويتلقون الثمن نقدا ونوعا من المدينة. ومن ثم كانوا يحضرون السوق بإجتهاد. ومع ذلك نتيحة لمقتل جلون والفرسان، لم يُعقد السوق ثانية. وقُبِض على العظماء الذين تُرِكوا هناك وعلى نحو عشرة آلاف أيضا، وحُبسوا فى الاستاد. وتُركوا هناك بلا طعام حتى أكلوا احذيتهم، وأيضا أكلوا وشربوا فضلاتهم. وأخيرا هاجموا بعضهم بعضا. ولما صاروا هالكين تماما أُطلِق سراح الذين حُبِسُوا فى الاستاد، فساروا فى وسط المدينة كأموات من القبور. وكانت النساء المتضورات جوعا اللواتى كن جحافل هناك، تقبضن على بعض الرجال بحيلة أو بأخرى ويتغلبن عليهم ويذبحونهم ويأكلونهم. وأكلت النساء أكثر من حوالى خمسمائة رجل. وكانت المجاعة فى هذه المدينة عظيمة وفاقت المصيبة التى حدثت للسامرة، وخراب اورشليم الذى سُجِّل فى الكتاب المقدس وفى روايات يوسيفوس([388]).
ولكن فارزمان جاء أخيرا إلى المدينة وعقد اتفاقية مع الفارسيين هناك لأنهم ضعفاء للغاية. وجلس رؤساء الرومان والفارسيون عند بوابة المدينة، بينما كان الفارسيون يخرجون حاملين ما يقدرون بدون تفتيش. وإذا اصطحبهم أحد من المواطنين كانوا يسألونه عما إذا كان يريد أن يبقى أم أن ينصرف مع الفارسيين. وهكذا حدث اخلاء للمدينة.
ولكن، أُعطِيت أحد عشر مائة جنيه من الذهب بواسطة سيلار مدير الخدمات فدية للمدينة من أجل السلام. وعندما حُرّرت المستندات، وأحضروا مسوداتها إلى الملك للتوقيع. قيل للملك فى رؤيا([389]) ألا يصنع سلاما، وعندما استيقظ، مزق الورق، ورحل إلى بلده آخذا معه الذهب.
وظل فارزمان بالمدينة حاكما للسكان والبلد. (والآن، اعفى الملك البلد من الجزية لسبع سنوات) وعامل سكان المدينة بشفقة، ووهب الهبات بكرم لأولئك الذين عادوا من السبى، واستقبلهم بسلام، كل بحسب رتبته، وصارت المدينة فى سلام، وعُمِّرت. وأضيفت المبانى إلى السور. وبناء على مشورة ديث أُرسِل اسقف رحوم إلى المدينة. راهب ومشير اسمه توماس، رجل هادىء وودود. وبالإضافة إلى ذلك حضر بعناية الله إلى هناك صموئيل البار من دير كاثاروى katharoi صانع عجائب ومزيل الشكوك، فدعم هو أيضا المدينة بصلواته وساعد السكان.
الكتاب السابع: الفصل السادس
الفصل السادس من هذا الكتاب السابع، يحدثنا عن مدينة دارا فى ميسوبوطاميا: كيف بُنيت على الحدود الرومانية الفارسية فى ايام انستاسيوس الملك، وتوماس اسقف مدينة آميدا
واشتد غضب انستاسيوس ضد الجنرالات والقواد الرومان الذين التجأوا إلى المدينة الملكية بعد معركتهم مع الفارسيين لأنهم لم ينجحوا حسب ارادته، وبمعونة الرب، فى الحرب وفى إلحاق الهزيمة بالفارسيين، أو طردهم من مدينة آميدا إلا بهبة من الذهب الذى ارسله لهم. أما هم فاحتجوا فى دفاعهم له أنه كان من العسير على الجنرالات منافسة الملك الذى هو بحسب كلام الله، على الرغم من أنه آشورى وعدو، قد أُرسِل من قِبل الرب إلى بلاد الرومان للعقاب على الخطايا([390]). وبالإضافة إلى ذلك كِبر الجيش الذى كان معه، وأنه لم يكن بالأمر الهين لهم اخضاع نصيبين فى غيابه، إذ لم يكن لديهم آلات جاهزة ولا ملجأ يستريحون فيه. لأن الحصون كانت بعيدة للغاية وأصغر من أن تستوعب الجيش ولم يكن بها مورد للمياه ولا خضروات كافية. وتوسلوا إلى الملك لبناء مدينة بأمره إلى جوار الجبل لتكون ملجأً للجيش يستريح فيها، ولإعداد الأسلحة، ولحراسة بلاد العرب من غارات البربر والبدو. واستحسن البعض دارا، وآخرون آموديس. فأرسل عندئذ رسالة إلى توماس اسقف آميدا، وبعث بمهندسين رسموا مخططا. وأحضره معه توماس هذا إلى الملك. ووافق الملك والعظماء معه على ضرورة بناء دارا كمدينة. وكان فلكسيموس فى ذلك الوقت القائد. وكان رجلا نشطا وحكيما غير جشع على الإطلاق بل مستقيما وصديقا للفلاحين والفقراء.
وكان الملك كاواد فى حرب مع تاميورى وأعداء بلاده الآخرين. فأعطى الملك لتوماس الاسقف ذهبا كثمن للقرية التى كانت تخص الكنيسة واشتراها للخزانة. وحرر سائر الأرقاء الذين كانوا فيها. ووهب لكل منهم بيته وأرضه. ومن أجل بناء كنيسة المدينة، قدم مئات عديدة من الجنيهات الذهبية. ووعد بقسم أنه سيُعطى بيد سخية كل ما ينفقه الاسقف مهما كان، وأنه لن يبخس من التزاماته. وأخيرا اصدر مرسوما ملكيا بتفصيل وافى ينص على تنفيذ عمل بناء المدينة طبقا لتوجيهات الاسقف بدون ابطاء، وعلى مكسب وارباح الحرفيين، والعبيد والفلاحين اللازمين لجمع المواد هناك. وأرسل عددا من قاطعى الاحجار والبنائين، وامر بعدم حرمان أى شخص من الأجر الذى يكتسبه. لأنه أدرك بالصواب، وفهم بوضوح أنه بهذه الطريقة ستُشيَّد المدينة بسرعة على الحدود. وعندما شرعوا فى العمل، بمعونة الرب، كان هناك ملاحظون ومحصلون على رأسهم كيروس آدون([391]) ويوتيكيان الكاهن وبافنوت، وسرجيوس ويوحنا الشماس وآخرين من كهنة آميدا. وقام الأسقف نفسه بزيارات شخصية مرارا للموضع. وأُعطِى الذهب بوفرة للحرفيين بدون أى تلكأ، من أجل العمل من كل نوع بالمعدل التالى: مبلغ اربع "كراتن"([392]) فى اليوم لكل عامل، واذا كان معه حمار ثمانية. ومن ثم صار كثيرون أغنياء وأثرياء. ولما انتشر الخبر فى الخارج أن العمل كان أمينا جادَا وأن الأجور تُدفع بأمانة، هرع الحرفيون من الشرق والغرب معا. وتلقى الملاحظون أيضا هبات سخية واكتظت محافظهم، لأنهم وجدوا الرجل([393]) كريما ولطيفا وشفوقا، وأكثر من ذلك صدَّقوا([394]) الملك البار ووعوده التى قطعها. وشُيِّدت المدينة فى سنتين أو ثلاث، وبرزت، كما يمكن أن يُقال، فجأة على الحدود. وعندما سمع كاواد بذلك، وفكر فى ايقاف العمل، لم يكن قادرا. لأن السور كان قد ارتفع وشُيِّد بإرتفاع كافٍ لأن يكون حماية لمن يلتجأ خلفه. وشُيِّد حمام عام كبير، ومخازن فسيحة، وطريق يمر من أسفل الجبل. وفى داخل المدينة شُيِّدت أحواض cistern([395]) هائلة لتجميع المياه. وكان الملك يرسل مرارا أشخاصا إلى الأسقف لتسريع العمل، فكانوا يرجعون إلى الملك بأخبار رائعة، عن عدالته ونزاهته([396]). وكان فى الحقيقة مسرورًا جدا بالرجل، وأرسل ذهبا له بناء على طلبه، ووفىَّ بها بدون تأخير. وأخيرا أُحصِيَت مئات الجنيهات التى أرسلها، وقدَّم عنها الاسقف للملك مستندات مكتوبة متحدثا فى حضرة الله أنها قد أُنفِقَت على العمل، ولم يبق منها فى يده، أو أُعطِىّ للكنيسة [شىء]. فأرسل مرسوما ملكيا يحتوى على ايصال من بيت المال يُثبت أن كل الذهب الذى أُرسِل بأمره قد أُنفِق على بناء المدينة. وكملت دارا، ودُعِيت انستاسيوبولس، على اسم الملك العادل. واقسم بتاجه ألاَّ يُطلب أى حساب من توماس أو من كنيسته، سواء منه أو من أىٍ من خلفائه فى المملكة. وعيَّن هناك وكرّس كأول اسقف، يوتيكيان الكاهن: رجل غيور، واعتاد على صفقات الاعمال، واعطاه امتيازات معينة لبعض حقوق الكنيسة التى اخذها من كنيسة آميدا. وضم إليه يوحنا أحد الجنود الرومان، من آميدا. فحلق يوتيكا شعر رأسه وسامه كاهنا ([397]) ومدبرا لبيت الضيافة. وعندما صعد إلى المدينة الملكية اصطحب معه يوحنا هذا. وعندما قُدِّم للملك، أعطاه منحة لكنيسته. وكان ابرهام بار كيلى من تل ميدى رجلا بارزا فى ذلك الوقت وهو ابن افرايم القسطنطيني وكان هو أيضا ملتصقا بيوتيكيان الاسقف الذى جعله كاهنا. وقد أرسله كملاحظ للعمال ولبناء الحمّام وأخيرا صار خازنا للكنيسة.
وأعطى الملك يوتيكيان هبة: أوانى مقدسة، وذهبا لبناء الكنيسة الكبرى، وصرفه. وبعد أن عاش الاسقف لبعض الوقت، توفى. فخلفه هناك توماس بار عبيديو من رزينا([398]) الذى كان جنديا رومانيا، وعُيّن خازنا لكنيسة آميدا. وكان هو أيضا ساهرا ومختبرا فى الأعمال. وإذ كان يوحنا رجلا عفيفا ومكرَّما، فقد أحبه بصدق. وعندما عُزِل هذا القديس توماس([399]) من كرسيه بسبب غيرته على الإيمان، انضم إليه هذا المؤمن([400]) يوحنا، فعينه أسقفا مساعِدًا suffragan([401]) وعاش نحو سبعة عشر سنة فى المنفى([402])، فى مواضع شتى. وأرسله(يوحنا) إلى بيرية Berroea([403])، حيث توفى فى السنة الثالثة (عندما صعد خوسرون على انطاكية)([404])، إذ كان قد لحق بالرهبان الذين أُخرِجوا من مارد Marde أمام العدو، ودُفِن بدير بيت ثيرى Beth-Thiri، ووُضِع بجوار اسقفه الذى كان قد انتقل إلى ربه موضع الراحة([405]) قبله.
الكتاب السابع: الفصل السابع
الفصل السابع من هذا الكتاب السابع بشأن نفى ماكدونيوس الهرطوقى من المدينة الملكية.
ولم يُزِل ماكدونيوس([406]) الذى كان اسقف القنسطنطينية، الدسائس من قلبه ليُخفى آرائه. ولكنه كمثل ثمرة تفتحت فى أوانها طبقا لقول أيوب([407]) وكما قيل أيضا فى الإنجيل "ليس خفيا إلاَّ ويُستعلَن، وما تقولونه فى المخادع سيُنادى به من فوق الأسطح"([408]). كان هذا الرجل ملتصقا برهبان دير أكيوميتوى Akoimetoi([409]) الذين كانوا نحو ألف راهب، وكانوا يعيشون فى حمامات وملذات جسدانية([410])، ويَظهرون من الخارج مُكرَّمين ومزيّنين بشبه العفة، ولكنهم من الداخل كالقبور المبيضة المملوءة نجاسة. و[هؤلاء] اتفقوا مع فكر ماكدونيوس الذى اعتاد أن يحتفل بذكرى نستوريوس فى كل سنة، واعتادوا أن يحتفلوا معه فى ديرهم والمساكن الرهبانية الأخرى التى كانت تشايع ذات آرائه. وبالتالى كانت لهم حرية كبيرة فى الاتصال بماكدونيوس. وكانوا يقرأون بإستمرار كتابات مدرسة ديودورس([411]) وثيودوريت([412]). وألَّف ماكدونيوس نفسه كتابا به اقتباسات منهما، ومن عمل ثيودوريت بشأن اعمال المجمع (ليس ذلك الذى تُرجِم إلى اللغة السريانية)، وزخرفه بالذهب، وقال أنه من الآباء القديسين، وملافنة الكنيسة"([413]). وعندما أراه للملك لم يقبله، وقال له "أنتَ لست محتاجا إلى تعليم كهذا. اذهب بالأحرى واحرق هذا". وعندما أدرك فكر الملك، دبَّر خطة لإثارة عصيان فِعلى ضده، وكان معتادا على نعته بالهرطوقى والمانوى. وتشيع له بشدة مدير الخدمات لأنه أُرتُشِى بهبات وفيرة. ووصلت التقارير إلى الملك من قِبل بعض الأشخاص الصادقين الذين لا يعرفون كلام التملق. فعقد مجلسا، وفى حضور نبلائه تكلم عن الاهانة التى لحقت به من ماكدونيوس، وكان مغموما وبكى وحلف لهم أنه لم يتأثر خوفا، ولكن إن كان فى الحقيقة لا يسُرهم أو أصيب بخديعة هرطقة ما فليأخذوا السلطان منه وليطرحوه ككافر خارجا. فسقطوا جميعا على وجوههم باكين، وسبوا جسارة ماكدونيوس صائحين ولاعنين اياه وأمروا بنفى الاسقف. ولكى ما يُذَل مدير الخدمات الذى ساعده، أُمر بطرده إلى الواحات. وكذلك باسكاسيوس الشماس الذى كان ملتصقا بماكدونيوس وحبيبه قُبِض عليه (وكتبَ [أى الشماس]، فى حضور الحاكم فى سجل الاعمال، كل افعاله) هو وبعض الرهبان وآخرون ممن سببوا شغبا فى المدينة لمنع عبارة "الله، الذى صُلِب من أجلنا" من أن تُقال هناك، مثلما قُبِلت فى كل الإيبارشيات التابعة لأنطاكية منذ أيام يوستاس Eustace الأسقف([414]).
ولكى ما نبين متى وكيف تمت هذه الأمور، ها أنذا أدون على وجه الدقة، لتهذيب القراء، خطاب سيمون الكاهن وإخوته الرهبان الذين كانوا معه والذين تصادفوا أن جاءوا إلى المدينة الملكية من الشرق فى ذلك الوقت، والذى كتبه إلى الأرشيمندريت([415]) بشأن طرد ماكدونيوس كالتالى:
الكتاب السابع: الفصل الثامن
الفصل الثامن من هذا الكتاب السابع بشأن الرسالة المرسلة من القنسطنطينية بخصوص نفى ماكدونيوس
"إلى الأرشيمندريت والكاهن محب الله، المختار، والفاضل صموئيل والكهنة والشمامسة معا مع كل الإخوة. من سيمون الكاهن بالمدينة الملكية، والإخوة الذين معه. التحية.
بعد أن كتبنا خطابنا السابق لقداستكم بشأن كل ما فعله ماكدونيوس فى دير دلماتيوس ضد الإيمان القويم، أثار الله روح الملك المؤمن فزأر كأسد نحو فريسته، وأرعد سائر فرق أعداء الحق. لأنه قيل "كجدول مياه فى يد البستانى، هكذا قلب الملك فى يد الرب"([416]). لعل ذاك الذى لا يتغاضى عن صلاة مختاريه، والذى لا يُسَّر بأولئك الذين يعبدون الانسان بدلا من الله، يهب هذا الأمر ويقبل الوفاء البار بصلواتكم. آمين. نحن نشهد لك أنه بعدما فعل ماكدونيوس [ما فعله]، فى 20 يوليو، ذلك الذى أرسلنا خبره إلى تقواكم، وحرَم أولئك الذين شجبوا اشخاصَ والمجمع الملعون، كان هناك فى الثانى والعشرين (اليوم السادس من الاسبوع)([417]) احتفال تكريسى فى بكنيسة الشهيد بهبدومون([418]) Hebdomon، وكان الملك حاضرا بنفسه. ولكنه لا هو ولا الملكة قبِلا التقدمة منه، بل على النقيض خاطباه بكلام قاسى. وفى الرابع والعشرين(اليوم الأول من الاسبوع)، دخل رهبان هذا المكان الكنيسة، وتناولوا مع ماكدونيوس. فإغتاظ الملك منهم لدخولهم هناك. وفى اليوم الخامس والعشرين(الثانى من الاسبوع) دخل حفنة من الاخوة الذين انشقوا عن هؤلاء الرهبان([419])، وذهبوا إلى مار باتريك([420]) الجنرال وقدَّموا له طعنا ليرفعه إلى الملك قائلين: نحن نعلن أنه اعتاد الإحتفال بذكرى نستوريوس، واعتاد أن يرسل أوامره إلينا، وأننا أيضا نفعل نفس الشىء بأديرتنا فى كل سنة". وكتبوا أمورا أخرى ضده شاهدين بأن تلك الاعمال التى مثل هذه تحدث فى أديرتهم. وفى ذات اليوم أمر الملك بقطع المياه التى كانت تزود الحمامات عن أديرتهم، وتُرِكت فقط التى يشربونها. وأيضا ألغى الدنانير التى كانت تُصرَف لهم من الخزانة. وفى اليوم السادس والعشرين، دخل أحد السيناتورات ويُدعى رومانوس إلى الملك واعطاه تقريرا عن كل الأمور التى جرت فى دار الاسقف وأخبره أن باسكاسيوس الشماس مع ماكدونيوس كانا أصحاب كل سوء. وقال بالإضافة إلى ذلك "لقد وضعا كتابا كبيرا يحتوى على اقتطافات من كل الهرطقات، وأنه مزحرف بالذهب". فأرسل الملك فى طلبه، وأخذه لنفسه ليرى كل تجاديفه؟.
وفى اليوم السابع والعشرين عقد الملك مجلسا. وعندما دخل النبلاء قال لهم الملك أرأيتم ماذا فعل اليهودى الذى بيننا، لأنه فى حضورى وحضور معاليكم فعل كل ما فعله، فحرم ولعن المجمع وهؤلاء الأشخاص المكرَّمين. ولكى نتجنب متاعب عظيمة قبلنا عمله. فخرج ونقض فى دير دلماتوس كل شىء قد فعله هو. وناقض الحق كله، وكذب على الله أمامى وأمامكم. فهل هذا عدل؟. وفى الحال قال النبيل كلمنتينوس أمامهم جميعا " ليقطع الله نفسه من كهنوته ذاك الذى كذب على الله". وبناء عليه أمر الملك كبير الحكام chief prefect ليخرج إلى المدينة ويُحضِر كل الأرثوذكس الذين جُرِحوا عندما صاحوا "الذى صُلِب من أجلنا" لكى يعلَم [منهم] مَن كانوا المُغِيرون عليهم. فخرج الحاكم العظيم وفعل ما أُمِر به. وأخذ فى الثامن والعشرين أسماء جميع النساطرة الذين كانوا [فى] حياة ماكدونيوس، وأحضرهم إلى الملك، فأمر بالقبض عليهم.
وفى التاسع والعشرين، جمع الملك سائر قواد القوات وكل ضباط حرس القصر الامبرطورى scholarii والنبلاء وقال لهم، طبقا لعادتة المنتظمة، أريد أن أُعطِى منحة. لأنه هكذا كانت عادته أن يهبها مرة كل خمس سنوات منذ أن صار ملكا، وفى نفس الوقت يطلب من سائر الرومان أن يُقسِموا بألاَّ يدبروا أية مكيدة ضد المملكة. ولكنه فى هذه المرة طلب منهم أن يحلفوا على النحو التالى، وقد وُضعِت أمامهم نسخة من الانجيل. ودخلوا وحصل كل منهم على الدنانير وأقسموا كالتالى: "نقسِم بشريعة الله هذه، وبالكلام المكتوب فيها أن ندافع بكل قوانا عن الايمان الحق وعن المملكة وألا ندبر أية خيانة سواء ضد الحق أو ضد الملك". لقد طلب منهم، فى الحقيقة، ذلك القسم بهذا المنوال لأنه سمع أن ماكدونيوس كان يحاول إثارة العصيان ضده.
وفى الثلاثين من يوليو أعطى الملك منحة لكل الجيش. وفى نفس اليوم، الكهنة والشمامسة الذين انفصلوا من كهنوته لئلا يندرجوا ضمن شره، قدَّموا طعنا ضد ماكدونيوس إلى الملك يتهمونه فيه بالإضافة إلى كل شروره الأخرى، بأنه يُلقب جلالته باليوتيخى والمانوى.
وفى الواحد والثلاثين من يوليو(اليوم الأول من الاسبوع) دخلو إلى حضرة الملك بخوف عظيم ووجدوه ممتلئا سخطا وحنقا. وبعد أن انتظروا وقتا طويلا، وكان كل واحد يشاهد فى خوف ليرى أية أوامر ستصدر منه. بدأ يفتح فمه ويتكلم هكذا: ألا تعرفون أننى منذ طفولتى قد نشأت على الايمان. هل رآنى أحد منكم قط أحيد عن الحق؟. فقالوا، حاشا لنا يا سيد. وفى الحال استطرد لهم، إن ماكدونيوس يدعوننى مانويا وأوطاخيا. وهوذا أنا امام الله ديان الكل، أقدّم دفاعى مُثبتا أننى لم اتمسك، ولا أتمسك، بأى رأى غريب عن ايمان الآباء القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا، واننى لأعترف بأن أحد اقانيم الثالوث، الله الكلمة، قد نزل من السماء وتجسد من مريم الثيوتوكس والدائمة البتولية، وأنه صُلِب عنا، وتألم ومات ثم قام ثانية فى اليوم الثالث طبقا لإرادته وأنه ديان الأحياء والأموات. اننى استحلفكم بالثالوث القدوس، أنكم إن عرفتم أى شىء آخر عنى، أو إن كنتم غير مقتنعين بصدق ما قد قلته، خذوا هذا الثوب واخلعوا التاج عنى واحرقوهما فى وسط المدينة. وعندما قال هذا كان هناك بكاء عظيم. وانطرح سائر النبلاء أمامه وقال الجنرال باتريك: الله لن يغفر، ولا قوانين الكنيسة الرحيمة، ولا جلالتكم لمن فعل ذلك. فقال الملك: اذن، فليكن غريبا عنى كل من اشترك مع ماكدونيوس أو شايعه. وبينما هم واقفون أمامه، تكلم ضد مدير الخدمات قائلا" إن الكرامة والثراء الذى أعطانا الله إياه لم يكن كافيا، حتى نحتاج إلى رشوة فى مسألة تتعلق بحياة سائر البشر ونخسر حياتنا الخاصة؟. وبينما هو يتكلم نظر إلى مدير الخدمات، الذى فعل شرورا كثيرة ضد المؤمنين لكن الله الذى هو ديان الاحياء والاموات، جازاه بحسب اعماله. وفى نفس اليوم وضع الملك حرسا من الرومان على بوابات المدينة لئلا يدخل أحد من الرهبان([421]).
وفى أول أغسطس قُبِض على باسكاسيوس الشماس وأُدخِل إلى الحاكم، وأقر بكل شىء قد فعله فى دار الاسقفية قائلا أن ماكدونيوس كان يحاول إثارة العصيان ضد الملك. وفى اليوم التالى قُبِض على بعض النساطرة وأكدوا أن لديهم بعض الكتب المزورة عن هذه الهرطقة. فأحضروها إلى الحاكم، إلى البريتوريوم، فآراها للملك والسينات.
وفى اليوم السادس من الشهر، كان هناك مجلس عام. وحضر أمامه الأرثوذكس والنساطرة الذين تعهدوا بالدفاع عن ماكدونيوس. فوجدوا أن الملك قد وقف عندما دخل بعض الاساقفة من حزبنا. وقال الملك لإكليروس ماكدونيوس "لماذا أتيتم؟. فأجابوا: إن أمرت جلالتكم، فإن عبدك سيأتى إلى معاليكم". فقال دعوه يذهب إلى مَن أعلن له شروره والذى أطاعه. لأنه فى ذات مرة كان له كتاب مزخرف وأكد أنه مأخوذ من الآباء وأنهم علَّموا بطبيعتين بعد([422]) التجسد. فقلتُ له: لستَ محتاجا إليه، اذهب واحرقه. وقال للإكليروس "ما هما الطبيعتان؟. [وما هو] مجمع خلقيدون الذى قلَبه الله من اساساته؟. إنكم يهود ملعونون. إننى اعلن لكم أنه ليس هناك انسان واحد يخاف الله بينكم يحزن لِما حدث فى كنيسته. فخرجوا من حضرته بكل خوف وغم. وكان الأرثوذكس يمدحونه بصوت عالٍ. وعندما عاد الاكليروس إلى ماكدونيوس قالوا له: |سيد العالم قد حرَم فى حضور السينات، مجمع خلقيدون وكل واحد يقول بالطبيعتين". فأجابهم: وأنا بدورى احرم كل من لا يقبل المجمع ويقول بالطبيعتيَن ([423]). فصاح رئيس شمامسته: حاشا لنا اذن أن تكون لنا أية شركة معك.
وفى اليوم الأول من الاسبوع، الذى كان السابع من الشهر، جاء المؤمنون ودخلوا الكنيسة. وامتلأت من أقصاها إلى أقصاها. وعندما قٌرِأت فقرة من الرسول، بدأ كل الشعب يصيح معا "لا ندع ذاك الذى طُرِد من الثالوث، يدخل الكنيسة. ذاك الذى جدَّف ضد ابن الله لا يدخل إلى هنا. لا أحد يريد الاسقف اليهودى. وحيث ذهب نستوريوس فليذهب تلاميذه أيضا. يحيا الملك قنسطنطين الثانى مثبّت الايمان والانجيل، على العرش".
وفى هذه اللحظة أخذ الاكليروس الانجيل ووضعوه على العرش([424]). وعندما رأى الاكليروس كل شعب الكنيسة يصيحون معا، اظهروا هم أيضا ذواتهم وصاحوا قائلين وهم يهزون بطرشيلاتهم([425])، أيها الملك الظافر انتصر لكنيستنا.
وبمجرد أن كفوا، ألقى عليهم الحاكم الكلمة التالية: نحن نقبل غيرتكم ومسرتكم من أجل الحق، وهكذا سيد العالم، كما تعرفون، غيور على حفظ الارثوذكسية وسلام سائر الكنائس. وسوف ننقل إلى مسامعه صيحاتكم من أجل الايمان القويم.
وعندئذ نادى الشماس([426]) لم يذكر اسمه([427])، ولم يُقرأ فى الدبتيخا، وأُحتفِل بالسرائر([428]). و[هكذا] كما أراد الرب، طُرِد بأمر الملك، وصدر مرسوم بنفيه. ومن أجل إذلال مدير الخدمات، أرسله([429]) [لتنفيذ] نفيه. فوجده جالسا فى الكنيسة حيث هرب، ورأسه بين ركبتيه، فقال له "سيد العالم أرسل مرسوما بنفيك. فساله: إلى أين؟. فأجابه إلى حيث ذهب رفيقك([430]). فتشفع من أجله خدم الكنيسة قائلين: نتوسل إلى سيادتكم أن تشفق على شيخوخته، ولا تدعه يرحل نهارا لئلا يضربه شعب المدينة ويرجمونه، بل دعه يذهب ليلا. وعندما اقسموا له أنهم سيتحفظون عليه، انصرف عندئذ (مدير الخدمات) أيضا بعد أن ترك قوة معاونة معهم. فقالوا له لقد أمر الملك أن تُسلِّم كتاب المجمع الذى معك. فأجاب لن أسلمه. ولكنه إذ أُجبِر فعل ذلك: وضعه على المائدة، فتناوله الاكليروس وأعطوه لكبير الضباط، فأخذه وأحضره إلى الملك.
وفى اليوم السابع من الشهر وصل مدير الخدمات بقوة عسكرية وطرده وسلمه لأولئك المعينين لنقله([431]). وكان جميع الأرثوذكس فى خوف عظيم.
والآن، لقد أعلمنا قدسكم ياسيدى، فى الحقيقة، بكل ما قد جرى. وسنخبركم فيما بعد بما يفعله الرب. صلى من أجلنا يا مختار الله".
وقد برهن لنا الدفاع السابق للملك على أن اخسونيو الملفن المؤمن، اسقف هيرابوليس([432])، الذى كان رجلا غيورا، عندما علِم أن ماكدونيوس مهرطق، أرسل تقريرا مكتوبا بالإيمان الحقيقى إلى الملك (كما قد فعل أيضا فى أيام زينو) وقُرِأ أمام السينات. وأوضح أن تلك الآراء التى تتعارض معه([433]) مأخوذة من مدرسة ديودورس وتيودور ونستوريوس تلميذهما الذى خُلِع، ومن ثيودوريت وهيبو([434]) وأندرو ويوحنا واثيرك الرجال الذين أنشأوا مجمع خلقيدون وقبلوا الطوم، وشقوا وحدة الله الكلمة الذى تجسد قاسمين إياه إلى طبيعتين بخواصهما، بواسطة ما قد علَّموه بشأن المسيح بعد تجسده. وفى نفس الوقت حث (اخسونيو) الملك قائلا أنه من الصواب أن يُحرَموا جهرا من قِبل المفتخرين بأرثوذكسيتهم، والمتفقين فى الايمان مع جلالتكم. وعندما طُلِب من ماكدونيوس عمل ذلك، حرمهم تحت الإكراه. لكنه اعتاد بعد ذلك أن يحتفل سرا بذكراهم فى دير دلماتيوس، كما قد كتبتُ عاليه."
[نهاية خطاب سيمون الكاهن، الراهب الشرقى، إلى رئيس رهبنته]([435])
الكتاب السابع: الفصل التاسع
الفصل التاسع من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن تيموثاوس خليفة ماكدونيوس، وكيف أُضِيفت "الذى صُلِب عنا" فى أيام انستاسيوس، فى المدينة الملكية.
وصار تيموثاوس اسقفا للقسطنطينية بعد ماكدونيوس، وكان رجلا مؤمنا تطابقت أعماله مع اسمه، الذى يعنى "تكريم الله"([436]). وفى أيامه كان هناك شخص [اسمه] مارينوس من آباميا، رجل ماهر، وحكيم، ومتعلم. وكان أكثر من ذلك ذا ايمان حقيقى، وصديقا وموضع ثقة الملك والمحاسبين([437]). وعندما كان يسير فى الطريق، أو يجلس فى أى مكان، كان يكلف سكرتاريته أن يدونوا بإختصار كل ما يفكر فيه. وفى الليل أيضا كان هناك قلم وحبر معلق بجوار سريره، ومصباح موقد إلى جوار وسادته لكى يستطيع تدوين أفكاره على درج. وفى النهار كان يُخبر بها الملك، ويشير عليه بما يجب أن يفعله. وبناء عليه، بما أنه كان من منطقة انطاكية، فإنه كان متحمسا للغاية، منذ أيام يوستاس الاسقف، لأن يكون أول من يذيع "الذى صُلِب من أجلنا". وأيضا حث الملك انستاسيوس، بحماس وأشار عليه أن يفعل نفس الشىء. وعندما سمع بعض الهراطقة عن غيرته، ذهبوا معا وقالوا له : أترغب وتحث الناس على الأرض أن يتجاوزا تسبحة الحمد المقدسة التى تقدمها الملائكة للثالوث قائلين "قدوس، قدوس، قدوس، أيها الرب القدير. السماء والأرض مملوءتان من تسبحيك"([438]). وفى الحال، وضع الله الكلمة نفسه، الذى صُلِب بالجسد من أجلنا نحن البشر، دفاعا على فمه على النحو التالى: حقا، يُقدِّم الملائكة تسبحة الحمد التى تحتوى على اعترافهم بالثالوث المعبود والمساوى، دون أن يُذيعوا، بالصواب، أنه صُلب عنهم. ولكننا نحن من ناحية أخرى، فى تسبحة الحمد التى تحتوى على اعترافنا نقول، بالصواب، أنه قد صُلِب عنا نحن البشر، لأنه تجسد منا، ولم يتدثر بطبيعة الملائكة. وبهذا أبكمهم، وأعلم الملك الذى أمر بناء على ذلك أن تُعلَن كلمات "الذى صُلِب عنا" فى المدينة الملكية كما فى انطاكية. وفى نفس الوقت، حدثت آية عجيبة تُثبِت للحكماء أن المسيح الذى صُلِب بالجسد فى أورشليم كان هو الله [الكلمة]، وهى كسوف الشمس الذى حدث فى تلك الأيام ونتج عنه ظلمة من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة.
الكتاب السابع: الفصل العاشر
الفصل العاشر من هذا الكتاب السابع يعطينا معلومات عن المجمع الذى عُقِد فى صيدون فى السنة الخامسة، أى السنة الثمانيمائة وثلاثة وعشرون لليونان، والخمسمائة وستون للأنطاكيين.
كان اخسونيو رجلا متعلما، وملفنا سوريا، غيورا على الإيمان، واسقفا لهيرابوليس([439]). هذا ارسل فى أيام زينو تقريرا مكتوبا عن الإيمان وسأله بعض الأسئلة عن ايمانه، وتلقى ردا. ولكن، كانت له بعض الشكوك نحو فلافيان فى أنه هرطوقى. فأرسل خطابا ورسلا إلى الملك انستاسيوس يلتمسون منه عقد مجمع فى صيدون فأصدر الملك الأمر. وانعقد المجمع فى السنة الخمسمائة وستين([440]) من العهد العصر الأنطاكى([441]). وحث رهبان الشرق المؤمنين والغيورين، وقزماس وهو رجل متعلم من دير مار أكيبا فى كاليكس([442])، الذى كان يقيم فى أنطاكيا. فحرَّروا طلبا وقدموه إلى فلافيان والى مجمع الاساقفة الذين كانوا معه فى صيدون. وكتبوا بأسلوب منطقى ومقتدر قائمة اتهامات من سبعة وسبعين رأسا([443]) واقتباسات كثيرة من المعلمين القديسين، التى تعزز الاتهام ضد مجمع خلقيدون وطوم ليو. وقدّموا ذلك أيضا للمجمع فى نفس الوقت مناشدين وحاثين القسوس للقيام بالإصلاح وازالة الأحجار المُعثرة من طريق الكنيسة وتطهيرها وذلك بحرم صريح للمجمع. ولكن فلافيان رئيس الكهنة وبعض القسوس الذين كانوا معه أرجأوا الأمر قائلين"نحن قانعون بوثيقة تحرم مدرسة ثيودور وانتقادات اشخاص معينين لرؤوس كيرلس الاثنى عشر، ونستوريوس لئلا نثير التنين النائم ويُفسِد كثيرين بسمه"، وهكذا انفض المجمع.
ولكن اخسونيو فى غيرته حثّ الرهبان ثانية. فصعدوا إلى انستاسيوس وأعلموه بما حدث فى المجمع وما يخص فلافيان وأنه هرطوقى. وعندما استلموا أمرا بخلعه وعادوا إلى الشرق، اجتمعوا فى انطاكية ضده. وجُرِح البعض، وقُتِل الآخر، ومع ذلك خُلِع فلافيان من كرسيه. وكان خليفته ساويرس ([444]) رجل متعلم، وراهب مختبر من دير "ثيودور المحامى السابق"([445]) بغزة الذى كان مندوبا للأسقف apokrisiarios([446]) بالمدينة الملكية، وكان صديقا ومحل ثقة بروبس([447]) وأنسبائه. وكان هذا الرجل قد كتب سابقا "محب الحق" philolethes والذى حل أيضا المسائل الصعبة فى "الطبيعتين diphysites. وكان جاهزا فى المنازعات مع الهراطقة([448]). وكان معروفا جيدا للملك بواسطة بروبس، فعُيّن رئيسا لكهنة أنطاكيا. وبعد ذلك عندما كان هناك مجمع قى صور انضم إلى اخسونيو وإلى كهنة منطقته وإلى أولئك الذين من فينيقة ليبانى، والعربية والفرات وميسوبوطاميا، فى تفسير "الهينوتيكون" الذى لزينو، مُظهرين أن أثره هو نسخ مجمع خلقيدون. وحرم الاساقفة فى مجمع صور طوم ليو ومجمع خلقيدون صراحة. وكتبوا إلى يوحنا الأسكندري والى تيموثاوس [اسقف] المدينة الملكية، وتلقوا ردودا منهما ومن ايليا الأورشليمى الذى خُلِع فى النهاية، وخلفه يوحنا. وقد ألف سرجيوس النحوى بعد ذلك بقليل كتابا ضد المجمع وأعطاه لرهبان من فلسطين كانوا من نفس طريقة تفكيره. وعندما سمع ساويرس هذا عنه كتب دحضا له مسهبا للغاية بإقتباسات وبراهين من معلمى الكنيسة الحقيقيين وأكد عقيدته فى ثلاث مجلدات بعنوان "ضد النحوى". ولكن المقالات الأخرى لساويرس هذا، وتعليقاته، وعظاته وعمله "ضد جوليان" الخيالى، ورسالته العقائدية الرائعة [كلها] تقدم نفعا عظيما وتهذيبا لمحبى العقيدة.
الكتاب السابع: الفصل الحادى عشر
الفصل الحادى عشر من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن العريضة التى قدمها رهبان الشرق للمجمع الذى انعقد فى صيدون فى أيام الاساقفة فلافيان واخسونيو، فى السنة 560 للتقويم الانطاكى.
"قبل كل شىء نشكر المسيح الذى هو إله فوق الجميع. وكذلك نشكر ملكنا الرحوم محب المسيح الذى حثكم على الغيرة من أجل الدين، ودعا مجمعكم المقدس إلى الاجتماع فى مكان واحد بإسم ابن الله المسيح الواحد الوحيد، لكى به تُحضِرون جميع الناس معا إلى الايمان الواحد الذى سلموه لنا فى الكتاب المقدس وحافظ عليه الآباء دوما بثبات بفكر واحد متحدين ومتفقين معا كرجل صالح واحد([449]) وتعليم جميع الناس بالعقيدة الالهية بواسطة الروح القدس الذى تكلم بواسطتهم. لأن ربنا حسبكم أهلا واختاركم فى هذا الوقت من أجل وحدة كنائسه المقدسة، وليس لكى تضعوا ايمانا جديدا لهم لأن التعريف المكتوب والذى وضعه الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا الذين اجتمعوا فى نيقية كاف لتأكيد الأسفار المقدسة، ولكن لكى تعززوا([450]) الايمان الموجود دائما، والذى فكّر أشخاص كثيرون بتهور فى تدميره، متكلمين ليس بفم الله كما يقول النبى([451])، ولكن من بطونهم. وبحيلهم الشريرة قد شقوا الواحد عن الآخر، أولئك الذين ببساطة قلوبهم حافظوا على تقليد الآباء القديسين، وكانوا متحدين معا فى الايمان الحقيقى. لأن المسيح، أيها الرجال القديسون، هو الذى قُسِّم منهم. ولذلك طالما هو قد أُنكِر فليس من الممكن للكنيسة أبدا أن تأتى إلى أى اتفاق، وقد انشقت من قِبل أولئك الأشخاص بإبتداعاتهم لكلام مختلف. لأنه مكتوب أى مملكة تنقسم على ذاتها لا تثبت([452]). وأيضا إذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا، فاحذروا أن يفنى بعضكم بعضا([453]). ولما كنا إذن جسد واحد فى المسيح، وأعضاء من أعضائه، طبقا لقول الرسول([454])، فإننا نقترب لقدسكم كرعاة، وبكل ثقة، ملتمسين منكم المحافظة على الايمان الحقيقى للعالم كله بدون تلوث، كالحمامة الجميلة التى تكلم عنها نشيد الأناشيد، وأن تفصلوه عن سائر الهرطقات التى لها مظهر الديانة من الخارج، وأن تلبثوا حوله مثل ملكات وخصيان وجوارى، وأن تهتموا بالترابط وأن تكونوا واحدا معه وبه، وأن تقبلوه كحقيقى. وبعملكم هذا تنالون المجازاة وتسمعون الرب قائلا مَن يعترف بى أمام الناس، اعترف به أمام ابى الذى فى السماء"([455]). افصلوا([456]) اذن، كخُدَّام للكلام الالهى، بين النقى والفاسد كما يقول [الكتاب]([457]) واطرحوا أولئك الذين يخلطون الرفش بالحنطة النقية وتعاليمهم الشريرة معهم. لأنه يقول "اعزلوا فاعلى الشر" من اجتماعاتكم، فتكون الغلبة لها.
والآن، على الرغم من أن ما قيل جلى ومعلوم جيدا فإنه كان من الضرورى الشرح عاليه واثباته بجلاء لكى إذا ما اتفق الآباء القديسون على الايمان الحقيقى الواحد، يربطون جميع الناس بوثاق واحد. ولكن الهراطقة قد خلطوا المشاحنات غير الناموسية بكلام الآباء القديسين، وأرفقوها بحجج شقاقية وفصلوا الكنائس المقدسة، الذين وبخهم النبى قائلا "حافظوا الحانة خلطوا النبيذ بالماء"([458]).
وهكذا تمضى العريضة وبها اقتباسات كثيرة من الآباء تبرهن على الانتقادات السبعة والسبعين لمجمع خلقيدون.
الكتاب السابع: الفصل الثانى عشر
الفصل الثانى عشر من هذا الكتاب السابع يحدثنا عن مجمع صور، الذى انعقد فى أيام الملافنة أخسونيو وساويرس، والاساقفة الذين معهما، والذى حرم صراحة وجهرا المجع وطوم ليو.
وكان ساويرس الذى خلف فلافيان فى انطاكية رجلا متعلما قرأ حكمة اليونان، وكان ناسكا وراهبا مختبرا، وأيضا غيورا على الايمان الحقيقى ومتضلعا فيه وكان قد قرأ الأسفار المقدسة بفهم، وتفاسير المؤلفين القدماء الذين كانوا تلاميذا للرسل، اعنى هيروثيوس وديونيسيوس وتيتوس، وأيضا تيموثاوس، ومن بعدهم اغناطيوس وكليمنضس وايرينيؤس، وبالمثل كتابات غريغوريوس وباسيليوس واثناسيوس ويوليوس ورؤساء الكهنة الآخرين، والمعلمين الحقيقيين للكنيسة المقدسة. وكمثل "كاتب متعلم فى ملكوت السماوات يُخرج من كنزه جددا وعتقا"([459])، هكذا هو أيضا قد درس بعمق التواريخ الكثيرة، وكانت تُشاهَد بجلاء متجذرة فى فكره.
وأيضا كان اخنوسيو ملفنا سوريا، وقد درس بإجتهاد الأعمال الموجودة بتلك اللغة. وبالإضافة إلى هذه، كان ملما جيدا بتعاليم مدرسة ديودورس وثيودورا وآخرين. ولكن بالرغم من ذلك - كما تبرهن أعماله للحكيم - كان هذا الرجل الغيور والمسن مؤمنا بالحقيقة.
هذان الرجلان أعطيا للملك انستاسيوس بيانا جليا ووافيا [بمقتضاه] رذل مجمع خلقيدون من كل قلبه، وأمر أن يُعقَد مجمع من الشرقيين بغرض اجراء الإصلاحات اللازمة، وأن يجتمعوا فى صور. فإجتمع أساقفة مناطق انطاكية وآباميا والفرات واورسين وميسوبوطاميا والعربية وفينيقية ليبانى.
وأوضحوا بجلاء الايمان الحقيقى. وشرح (أى ساويرس) هينوتيكون زينو بأنه يعنى إبطال اعمال خلقيدون. وأنه حرم بوضوح الإضافة التى أُجرِيَت على الإيمان. وأعلن الأساقفة فى المجمع المنعقد، إلى جانب ساويرس وأخسونيو المؤمنين والملافنة الغيورين الذين وقفوا معهم، الايمان الصحيح. وحرروا رسائل الاتفاق إلى كل من يوحنا الاسكندرى، وتيموثاوس اسقف المدينة الملكية، وأيضا ايليا الاورشليمى الذى وافق عليه فى ذلك الوقت، على الرغم من أنه قد عُزِل بعد ذلك بوقت قصير، وخلفه يوحنا. وبالنتيجة اتحد الكهنة ثانية فى الايمان الواحد، فيما عدا كرسى روما (وسبب هذا الاستثناء) هو أن اليمارك Alimeric كان ضد القيصر هناك وتمرد على انستاسيوس فى الاقليم الغربى، واستولى على المُلك فى روما. وكان رجلا محبا للحرب، وقدَّم فى أيامه خدمات كثيرة لشعب ايطاليا بأن خلصهم من البرابرة والقوط. كما أسبغ أيضا هبات كثيرة على مدينته، روما، فشيَّد المبانى ووهب الامتيازات. ومع ذلك، كان دايوفيزيت إذ تحول من هرطقة آريوس. ونتيجة لذلك لم يكن بإستطاعة سيماخوس وخلفه هورميسدا، رؤساء كهنة روما أن يوافقوا من جانبهم، على ما عُمِل فى الشرق. والأشخاص الغيورون يمكنهم أن معرفة المعلومات المتعلقة بهذه الأمور من الرسالة التى كتبها اخسونيو بعد نفيه.
الكتاب السابع: الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر من هذا الكتاب السابع يخبرنا عن وفاة الملكة اريادن، وظهور الطاغية فيتاليان فى المشهد، وأسره لهيباتيوس.
وتحالفت الملكة اريادن Ariadne زوجة زينو مع انستاسيوس هذا بعد وفاة زوجها وجعلته ملكا. وقد تولت المُلك لسنوات عديدة نحو أربعين سنة فى أثناء زواجها الأول والثانى، وماتت فى السنة الثمانيمائة واربعة وعشرين لليونان([460]). واستمر زوجها محافظا على الحق المقدس، على الرغم من تقدمه فى السنوات، وكان منشغلا بشؤون مملكته. وكان قلقا ومضطربا بسبب فيتاليان Vitalian القوطى الذى كان جنرالا شجاعا محبا للحرب وجسورا ماكرا فى المعارك. والتصقت بهذا الرجل شعوب كثيرة متوحشة، واعطاهم ذهبا بيد سخية إلى جانب أنهم أثروا انفسهم بالاسلاب التى اخذوها من مملكة انستاسيوس. وعندما كان فى سلام لزمن طويل، نقض فيتاليان كلامه وتمرد واعتدى على الممالك الرومانية. وكبس على المملكة وتعامل معها كمنافس وتقدَّم بغرور إلى ضواحى القنسطنطينية ذاتها بلا اى خوف. فأُرسِلت ضده جحافل على رأسها هيباتيوس، ذات مرة من انستاسيوس فهزمها وأَسِر هيباتيوس، وعامله بقسوة شديدة، بل لكى يُذله حبسه فى حظيرة خنازير. وفى مرة أخرى عرَّضه لخزى عام حاملا إياه بين الجيش بأقصى اسلوب إذلال، لأن هيباتيوس كان قد أخذ ذات مرة زوجة فيتاليان أسيرة وعاملها بإذلال. ومن ثم كان إذلال فيتاليان له شديدا للغاية. لأن هيباتيوس كان فى شبابه غير التقى جسدانيا وشهوانيا للنساء. وأخيرا أُفتُدِى بمبلغ كبير من الذهب أُرسِل من أجله، وعاد من أسر فيتاليان وقد امتلك حكمة ناتجة عن القصاص.
الكتاب السابع: الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر من الكتاب السابع يخبرنا عن وفاة تيموثاوس، وعن يوحنا خلفه. وعن الشياطين التى حلت ببعض الناس اثناء الاحتفال فى اورشليم.
وبعد أن عاش تيموثاوس ست أو سبع سنوات توفى فى السنة الحادية عشر([461])، وخلفه يوحنا. وفى السنة التى توفى فيها انستاسيوس الملك كان هناك بعض المصريين والاسكندريين ورجال من وراء الأردن وأدوم وعرب جاءوا للإحتفال بتكريس الصليب الذى يجرى فى الرابع عشر من سبتمبر، فاستولت الشياطين على كثيرين منهم ونبحت ثم كفت وخرجت. فسبَّب ذلك قلقا وحيرة لكثيرين من الفهماء الذين لم يفهموا، مع ذلك، السبب بدقة. إلى أن حدثت الواقعة، ودلَّت على المشاحنات الخاصة بالإيمان والمعاثر الناتجة عنها بعد ذلك. وهذا أظهره الله مسبقا لكى ما نحترز من التجربة، ونُختبَر بها، وبإحتمالنا لها ودوامنا فى الايمان نفرح كما يقول الرسول "احسبوه كل فرح يا اخوتى عندما تقعون فى تجارب متنوعة، عالمين أن امتحان ايمانكم يُنشىء صبرا، وأما الصبر فليكن له عمل تام لكى ما تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين"([462]).
وتوفى انستاسيوس فى اليوم التاسع من يوليو، وخلفه يوستين الذى نزل بجيش فى صحبة الجنرالات فى وقت مجىء كاواد ملك الفارسيين إلى آميدا. وكان عجوزا وقورا بشعر أبيض، ولكنه غير متعلم، وقد شارك شعب روما فى آرائهم بخصوص الايمان لأنه كان ينتمى إلى تلك الايبارشية إذ كان من المعسكر الذى يُدعى موريانا، وماءه ردىء ويتحول إلى [لون] الدم عندما يغلى.
وفى هذا الكتاب، فترة سبعة وعشرين سنة وثلاثة أشهر ونصف مدة حياة انستاسيوس .
الكتاب السابع: الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر من الكتاب السابع عن رؤساء الكهنة فى فترة انستاسيوس.
وفيما يلى رؤساء الكهنة فى فترة انستاسيوس. من الدايوفزيت([463]):
فى روما: فيلكس، وسيماخوس خليفته، وهورميسدا الذى ما زال حيا.
فى الأسكندرية: المؤمنون([464]). اثناسيوس([465])، ويوحنا خليفته، وأيضا يوحنا آخر([466]) وديوسقورس([467]) الذى يشغل الكرسى الآن.
فى أنطاكيا: فلافيان الذى عُزل، وساويرس المؤمن([468]).
فى القنسطنطينية: يوفيميوس ومقدونيوس الذى عُزِل، وتيموثاوس المؤمن، ويوحنا خليفته الذى قبِل المجمع فى بداية عهد يوستين ومات بعد ذلك بوقت قصير. فخلفه ابيفانيوس.
وفى أورشليم: سالوست وايليا خليفته الذى عُزل، ويوحنا الذى قبِل المجمع فى أيام يوستين، وبطرس خليفته.
الـكـتـاب الـثـامـن
يُقدم الكتاب الثامن فى فصوله الواردة أدناه معلومات عن اعتلاء يوستين للعرش فى الفصل الأول، وعن آمانتيوس العمدة الذى قُتِل فى القصر، وعن ثيوكريتس بلدياته والحاجب اندرو. وفى الفصل الثانى، مقتل الطاغية فيتاليان فى القصر، هو وبولس مسجله وسيلار بلدياته. ويخبرنا الفصل الثالث عن قصة الشهداء الذين قُتِلوا فى نجران بواسطة الطاغية اليهودى فى المدينة الملكية لأرض الحموريين. وفى الفصل الرابع يصف الفيضان الذى وصل إلى اديسا وكيف توقفت مياهه عند شيلو بأورشليم. وكيف قُلِبت انطاكيا بزلزال، ومعبد سليمان الذى احترق فى هليوبولس([469]). وفى الفصل الخامس وصف للمفاوضات التى أُجرِيَت على الحدود، والمنذر ملك البدو الذين غزوا المقاطعات الرومانية، وعن الاساقفة الذين نُفِيُوا. والفصل السادس، يُسجّل رؤساء الكهنة فى أيام الملك يوستنيان هذا. والفصل السابع بشأن استهلال مورو الاسقف.
الكتاب الثامن: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب الثامن بشأن اعتلاء يوستين.
فى السنة الثمانيمائة والتسعة وعشرين بحساب اليونان([470])، فى العاشر من يوليو عندما اوشكت السنة الحادية عشر على الانقضاء بالفعل، صار يوستين ملكا عقب وفاة انستاسيوس. وكان رجلا وقورا فى مظهره، عجوزا بشعر أبيض، [يُدعَى] مارينوس، الذى من آباميا. كان أميا ورجلا مقتدرًا، و cura palati([471]). وكان ، قد رسمه فى الحمامات العامة، وكيف أتى من حصن موريانا فى ايلليركوم إلى القنسطنطينية، وتقدم خطوة خطوة حتى صار ملكا. وعندما أُتهِم هذا على هذا الاساس وصار فى خطر، استخدم دهائه ورد قائلا "لقد رُسِمَت هذه الأمور فى صور للفت انتباه وأذهان المتميزين لكى يتعلم الأثرياء والعظماء والعائلات العليا ألا يتكلوا على قوتهم وثرائهم وعظمة عائلاتهم النبيلة، ولكن على الله الذى يرفع الفقير من المزبلة ويجعله رئيسا فوق الشعب وفوق الرؤساء فى مملكة البشر التى يُعطيها لمن يشاء. ويجعل الأدنياء بين البشر فوقها، ويختار الوضيعين بالمولد فى العالم، والناس المرذولين، والذين لا شىء لكى ما يُبطل الناس الذين هم [فوق]". فقُبِل ونجى ونجَا من الخطر.
وكان امانتيوس أمين السر، هو واندرو الحاجب رفيقه مشايعين ومعجبين بثيوكريتس بلدياتهم. وبعد موت انستاسيوس أعطيا مبلغا من الذهب لهذا العجوز يوستين، بغرض تقديم هبات للاسكولاريان والجنود الآخرين، ليجعلوا ثيوكريتس ملكا. ولكن عندما أعطى الذهب لهؤلاء الرجال اكتسب عطفهم وجعلوه ملكا لأن الرب أراد ذلك. ولأنه كان يشارك الرومان فى آرائهم، فقد أعطى تعليمات صارمة، بنشر المجمع وطوم ليو. وقد حاول امنتيوس هذا منعه قائلا "إن توقيع البطاركة الثلاث واساقفة المملكة البارزين، الذين كتبوا وحرموا المجمع لم يجف بعد". فأُعدِم فى الحال لأنه تكلم بحرية، ومعه ثيوكريتس بلدياته واندرو الحاجب.
وتوفى يوحنا اسقف المدينة عقب ذلك بسنة، وخلفه ابيفانيوس. وكان ساويرس قد انسحب من انطاكيا خوفا من تهديد الملك بأن يقطع لسانه، وخلفه بولس الذى يُدعى "اليهودى"، لأنه كان يحتفل بذكرى نستوريوس، ثم طُرِد وخلفه يوفراسيوس الذى احترق فى مرجل متوهج بشمع عطرى خلال زلزال انطاكية.
الكتاب الثامن: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب الثامن، يتناول فيتاليان الطاغية، وكيف قُتِل فى القصر هو وبولس موثقه وسيلار بلدياته.
كان فيتاليان الطاغية جنرالا فى أيام انستاسيوس، ومحاربا مِقداما، وكان من القوط. وقد تبعه البرابرة. وقيل عنه أنه أراد اعلان العصيان ضد انستاسيوس الذى انتزع قسَما منه ولكنه لم يف به، وعصى وحرض القبائل البربرية على أن يتبعوه، ويهاجموا مقاطعات انستاسيوس ويستولوا على المدن وقراها. وزحف إلى المدينة الملكية وحاصرها وضايق الملك بطرق عدة، وسبب له قلقا لأنه أسر هيباتيوس الذى خرج لملاقاته وبدّد جيشه، وحمله معه وعامله بقسوة واهانة، وعرَّضه للهزء. وأطلقه نظير مبلغ كبير من الذهب من أجله. وعندما مات انستاسيوس كتب إليه يوستين العجوز يتوسل إليه لكى لا يتصرف ثانية بعدم عدل وعصيان فى أيامه، كما كان معتادا من قبل. وتبعته عندئذ القبائل العديدة، وجاء اليه القوط بأمانة، وخرج الملك إلى مقصورة الشهيدة اوفيمية بخلقيدون، وتبادلوا القسَم مع بعضهم البعض، ودخلوا المدينة. وصار أحد رؤساء الجنرالات. وكان يدخل القصر ويخرج بملء القوة، ويرأس تصريف الأمور. وكان مرتبطا بعلاقات روحية مع فلافيان الأنطاكى الذى طُرِد، فحمل أحقادا شديدة نحو القديس ساويرس الذى خلف فلافيان، ولكنه لم يكن قادرا على إلحاق الأذى به فى أيام انستاسيوس، ومع ذلك فى بداية عهد يوستنيان صدر أمر بالقبض عليه، وقطع لسانه. ويقولون أن ذلك كان بمشورة فيتاليان.
والآن، حدث بعد ذلك ببضعة أيام، أنه بينما كان فيتاليان يستحم فى المدينة الملكية، تلقى أمرا من الملك بدعوته إلى وليمة هو وجستنيان الجنرال رفيقه. فجاء من الحمام هو وبولس مسجله وسيلار بلدياته. وإذ كان بعض الرجال الذين كانوا قد أُرسِلوا ليتعقبونه، يتعقبوه وهو ينتقل من بيت إلى بيت، قتلوه هو ومسجله وبلدياته. وهكذا جازاه الرب على شروره التى عملها أيام انستاسيوس، وعلى حنثه بالقسَم، ولم يُصَب جيشه بضرر.
الكتاب الثامن: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب الثامن، يروى لنا قصة شهداء نجران، المدينة الملكية لبلاد الحموريين فى السنة الثمانيمائة وخمسة وثلاثين لليونان، فى السنة السادسة من عهد يوستين، كما كتب سمعان الاسقف، ومندوب المؤمنين فى بلاد فارس، إلى سمعان أرشيمندريت جابولا([472]).
"ونحن نُعلِم عطفكم، أنه فى اليوم العشرين من شهر يناير لهذه السنة الثمانيمائة وخمسة وثلاثين لليونان([473])، تركنا معسكر نعمان بصحبة ابراهيم الكاهن ابن يوفراسيوس([474]) Euphrasiusالذى كان قد أُرسِل إلى المُنذر من الملك يوستين، ليصنع سلاما معه، حسبما كتبنا فى رسالتنا السابقة. ونحن هنا، جميع المؤمنين، نقدم شكرنا على مساعدته لنا، وهو يعرف ما قد كتبناه سابقا، وما نكتبه الآن. لأننا قد سافرنا مسيرة عشرة أيام خلال الصحراء نحو الجنوب الشرقى، والتقينا بالمنذر عند سفح الجبال التى تُدعَى "تلال الرمل"، وبلغة البدو "الرملة". وما أن دخلنا معسكر المنذر حتى لاقانا بعض الساراسين الوثنيين والبدو([475])، وقالوا لنا "ما الذى تقدرون أن تفعلوه، فهوذا مسيحكم قد طُرِد من الرومان والفارسيين والحموريين". وعندما أهاننا البدو، حَزِنّا. وإلى جانب حزننا، حل بنا أيضا حُزنٌ [آخر]. لأنه بينما نحن حاضرون، وصل مبعوثٌ من ملك الحموريين إلى المُنذر وسلّمه رسالة مملوءة بالتفاخر، ومكتوبة على النحو التالى:
"لقد مات الملك الذى أقامه الأثيوبيون على بلدنا، ولأن موسم الشتاء قد بدأ، لذلك لم يكونوا قادرين على الزحف على بلدنا، وتعيين ملك مسيحى كما يفعلون بصفة عامة. ومن ثمة صرتُ ملكا على كل بلاد الحموريين. وقد عزمتُ على ذبح جميع المسيحيين الذين يعترفون بالمسيح أولا، إذا لم يصيروا يهودا مثلنا. ولقد قتلتُ الكهنة الذين وُجِدوا، مائتين وثمانين رجلا. وبالإضافة إليهم الأثيوبيين الذين كانوا يحرسون الكنيسة. وجعلتُ كنيستهم مجمعا لنا. ثم ذهبتُ إلى نجران مدينتهم الملكية، بقوة من مائة وعشرين الف رجل. وعندما حاصرتها مدة من الزمن، ولم استولى استولِ عليها، أقسمتُ لهم ولرؤسائهم أن يخرجوا إلىّ. ولكننى وجدتُ أنه من الصواب ألآَّ أحفظ كلمتى مع أعدائى المسيحيين. فقبضتُ عليهم وطلبتُ منهم أن يُحضِروا إلىّ ذهبهم وفضتهم وممتلكاتهم فأحضروها إلىّ، فأخذتها. وسألتُ عن بولس أسقفهم، فقالوا لى أنه قد مات فلم أصدّقهم حتى أرونى قبره, فنقبتُ عن عظامه وأخرجتها وحرقتها هى وكنيستهم وكهنتهم وكل مَن التجأ إلى هناك. وحثثتُ الباقين على انكار المسيح والصليب، وأن يصيروا يهودا فلم يقبلوا، لكنهم اعترفوا أنه إله وابن المبارك، واختاروا الموت من أجله. وقال رئيسهم أشياء كثيرة ضدنا وأهاننا. فأمرتُ بإعدام كل عظمائهم. وقبضنا على زوجاتهم وقلنا لهن ها انتن قد رأيتن ازواجكن وقد أُعدَموا من أجل المسيح، فأنكرن أنتن واشفقن على أولادكن وبناتكن. وحثثناهن فلم يُرِدن، بل جاهدت الراهبات بشدة ليمتن أولا، فغضبت زوجات العظماء منهن وقلن "ينبغى أن نموت بعد أزواجنا"، فأُعدِمنَّ جميعا بأمرنا فيما عدا راحومى Rhumiزوجة الملك التى كانت ستملك هنا، فلم نسمح بإماتتها بل تركناها ورجوناها أن تنكر المسيح وتعيش وأن تشفق على بناتها وتسترد كل شىء تمتلكه عندما تصير يهودية. ورجوناها أن تذهب وتفكر فى الأمر، محاطة بحرس من جيشى. فخرجت وطافت بشوارع وميادين المدينة برأس مكشوفة([476])، وهى المرأة التى لم ير أحدٌ شخصها فى الشارع منذ شبّت. وصاحت وقالت "يا نساء نجران، يا رفاقى المسيحيات والباقين أيضا من اليهود والوثنيين. أنتم تعرفون مولدى وعائلتى، وابنة مَن مِن المسيحيين أنا. وأننى أملك ذهبا وفضة وعبيدا، ذكورا وإناثا، وأراضى كثيرة وايرادات. والآن، قد أُعدِم زوجى من أجل المسيح، فإذا أردتُ أن أتزوج إلى زوج فأنا معى أربعين ألف دينار، وحُلِىّ من الذهب وفضة كثيرة، وجواهر، وثياب رائعة وفاخرة إلى جانب كنوز زوجى. وأنتم تعلمون بأنفسكم أن هذه الأمور التى أتكلم عنها ليست زائفة، وأنه ليست هناك أيام فرح للمرأة مثل أيام زواجها لأنه منذ ذلك اليوم فصاعدا يكون الحزن والرثاء، عند ميلاد أطفال وعند الحرمان منهم وعندما تدفنهم. ولكن منذ اليوم، أنا حرة من كل هذا. ومنذ اليوم الأول لزواجى وأنا ممتلئة فرحا، وهوذا الآن، وبكل سرور قلبى قد كللتُ بناتى الخمس العذارى للمسيح. أنظروا إلىّ يا رفيقاتى، لقد شاهدتمونى مرتين، فى زواجى الأول وفى هذا الثانى لأن بوجهى المكشوف([477]) أمامكم جميعا قد ذهبتُ إلى عريسى السابق، والآن بوجه مكشوف أنا ذاهبة إلى المسيح ربى وإلهى، وإله ورب بناتى الذى تنازل بحبه واتضع وأتى إلينا وتألم من أجلنا. قلدونى وبناتى، وفكروا أننى لستُ أقل منكم جمالا، وهوذا أنا ذاهبة إلى المسيح ربى، متسربلة بهذا الجمال غير المتدنس بإنكار اليهود، ليكون جمالى شاهدا عند الرب على أنه لم يضلنى ويقودنى إلى خطية الانكار، وأن ذهبى وفضتى وكل ما أملك شاهد على أننى لم أحبها كما أحب إلهى. وأن ذلك الملك العاصى، قد طلب منى، أن أنكر المسيح وأعيش. حاشا لى يا رفيقاتى، حاشا لى أن أنكر المسيح إلهى الذى أومن به، والذى اعتمدتُ أنا وبناتى بإسم الثالوث، وأعبد صليبه. ومن أجله أنا وبناتى نموت بفرح، مثلما تألم بالجسد من أجلنا، هوذا أنا اتنازل عن كل ما هو سار للعيون، وللحواس الجسدانية على الأرض، وأرحل لكى ما أنال من إلهى ما لا يزول. مباركٌات أنتن يا رفيقاتى إن سمعتن كلامى وعرفتن الحق ومحبة المسيح الذى من أجله أموت أنا وبناتى. وسيكون عندئذ راحة وسلام لشعب الله. إن دماء إخوتى وأخواتى الذين قُتِلوا من أجل المسيح ستكون سورا لهذه المدينة إن ثبتت فى المسيح ربى. ها أنذا بوجه مكشوف أرحل عن هذه المدينة التى كنتُ فيها كما فى خيمة عرضية، لكى ما أذهبُ مع بناتى إلى المدينة الأبدية لأننى خطبتهن لها. صلوا من أجلى يا رفيقاتى لكى ما يقبلنى المسيح ويغفر لى أن أننى عشتُ ثلاثة أيام بعد زوجى.
وعندما سمعنا صياح العويل من المدينة، ورجع إلينا الذين فد أُرسَلوا وقالوا لنا عندما سُئِلوا كما دوناه عاليا، أن راحومى طافت بالمدينة تتحدث إلى النسوة رفيقاتها وتشجعهن، وارتفعت صيحات الويل فى المدينة، حنقنا بشدة على الحراس لدرجة أنه، لو لم نقتنع بعمل ذلك كنا قد امتناهم لأنهم سمحوا لها أن تسلك على هذا النحو. ولكنها فى النهاية خرجت من المدينة مثل إمرأة مجنونة ووجهها مكشوف بصحبة بناتها، وجاءت ووقفت أمامى بلا خجل وامسكت بيديها بناتها اللواتى كنّ مُزيّنات كما لعُرس، وحلَّت عصابات شعرها ولفتهم حول يديها، ومدت عنقها وأحنت رأسها صارخة، أنا مسيحية وهكذا بناتى. من أجل المسيح نموت. اقطع رؤوسنا لكى ما نذهب إلى اخوتنا وأخواتى والى أب بناتى.
ولكن بعد كل هذا الجنون، حثثتها على انكار المسيح، وأن تقول فقط أنه انسان، ولكنها لم تُرِد بل إن إحدى بناتها اهانتنى لقولى هذا. وعندما وجدتُ أنه ليس من الممكن اقناعها بإنكار المسيح، فلأجل إثارة الرعب للمسيحيين الآخرين، أعطيتُ أوامرى فطرحوها على الأرض. وقطعتُ أعناق بناتها، وسالت دمائهن على الأرض إلى فمها، وبعد ذلك قطعتُ رأسها. وإننى لأقسِم بأدوناى([478]) أننى حزنتُ جدا بسبب جمالها، وجمال بناتها.
والآن فكَّر رئيس الكهنة وأنا، أنه طبقا لشرائع الناموس لا يجب أن يموت الأبناء بسبب والديهم، فوزعتُ الأبناء والبنات جميعا على الجيش لكى ما يربوهم، وعندما يكبرون إذا صاروا يهودا يحييون، وإذا ما اعترفوا بالمسيح يُقتَلون.([479])
لقد رويتُ هذه الأمور ووصفتها لجلالتكم، وإننى لأرجو لكم ألا تدع مسيحيا بين شعبكم ما لم يُنكر وينحاز لصفكم. والآن بالنسبة لليهود أيضا اخوتى الذين فى مملكتكم عاملوهم برقة يا أخى واكتب وارسل لى كلمة بما تريده منى لأرسله لك ردا على هذا.
كل هذه الأمور كُتِبَت له بعد أن وصلنا إلى المكان. فجمع جيشه، وقُرأت الرسالة أمامهم. وروى المبعوث كيف قُتِل المسيحيون ونُفِيُوا من أرض الحموريين. وقال المنذر للمسيحيين فى جيشه "ها أنتم قد سمعتم ما قد حدث، انكروا المسيح. لأننى لستُ أفضل من الملوك الآخرين الذين اضطهدوا المسيحيين".
وكان هناك رجل ما عالى الرتبة فى جيشه، وكان مسيحيا. هذا تحرك بغيرة، وقال للملك بشجاعة "لم نصر مسيحيين فى زمنك حتى ننكر المسيح". فغضب المُنذر وقال له "اتجرؤ على الكلام فى حضورى". فقال "بسبب خوفى من الله اتكلم بلا خوف، ولن يُسكتنى أحد لأن سيفى ليس أقصر من سيوف الآخرين. ولن أهتز من القتال حتى الموت". وبسبب مولده، وكونه رجلا عظيما ومتميزا وجبارا فى الحروب، صمت المنذر.
وعندما عدنا إلى معسكر النعمان فى الاسبوع الأول من الصوم([480]) وجدنا المبعوث المسيحى الذى أُرسِل من ملك الحموريين قبل أن يموت. هذا الرجل عندما سمع عن الشعب الذى قُتِل بواسطة هذا الطاغية اليهودى، استأجر فى الحال رجلا من معسكر نعمان وأرسله إلى نجران ليُحضِر له أخبارا عما يراه ويُعلمه بالنسبة للأحداث التى حدثت هناك. وعندما عاد روى هو أيضا فى حضورنا للمبعوث المسيحى السابق، الأمور المدونة عاليه، وأن ثلاثمائة وأربعين من العظماء قد أُعدَموا، الذين خرجوا له من المدينة، وكان قد أقسم لهم ثم حنث بقسمه. أما بالنسبة لرئيسهم الحارث بن خاناب([481]) زوج راحومى فقد أهانه اليهودى وقال له "لأنك تثق بالمسيح، فقد تمردت علىّ، ولكننى اشفق على شيخوختك، إنكره وإلا ستموت مع رفقائك". فأجاب وقال له "فى الحقيقية أنا حزين على رفقائى واخوتى لأنهم لن يُصغُوا إلىّ عندما قلتُ لهم أنك كاذب، وقلتُ لهم لا يجب أن نخرج إليك ولا نصدق كلامك بل نحاربك. ووثقتُ فى المسيح أننى سأتغلب عليك وما كانت قد أُخِذَت المدينة، لأنه ليس هناك ما يُعوِزها. وأنتَ لستَ ملكا بل حانثٌ بالقسَم. وقد رأيتُ أنا نفسى ملوكا كثيرين، كانوا صادقين ولا يكذبون. ولن أنكر المسيح إلهى لكى أصير يهوديا مثلك وكاذب. والآن أنا أعرف أنه يُحبنى وقد عشتُ طويلا فى العالم، ولى أولاد وأحفاد وبنات وأنسباء، واكتسبتُ شهرة فى الحروب بقوة المسيح. وإننى متأكد أنه مثل كرمة مثمرة تثمر ثمرا، هكذا سيتضاعف شعبنا المسيحى فى هذه المدينة، والكنيسة التى أحرقتها ستتزايد وتُشيَّد وستسود المسيحية وتحكم وتُعطِى أوامرها للملوك، وستزول يهوديتك، وينقضى مُلكك وينتهى سُلطانك، فلا تفتخر بأنك فعلت أى شىء ولا تنتفخ بمجد.
وعندما قال الحارث بن خاناب الشيخ المبجل هذه الأشياء، إلتفت حوله وقال بصوتٍ عالى عالٍ إلى رفقائه المحيطين به "هل سمعتم يا إخوتى ما قد قلتُ لهذا اليهودى؟". فقالوا "لقد سمعنا كل ما قد قلته يا أبانا" فقال ثانية "هل هذا صحيح أم لا؟". فصاحوا "إنه صحيح". فقال "إذا كان أى واحد يخاف من السيف وينكر المسيح، فلينفصل عنا". فصاحوا "حاشا لنا. اطمئن يا آبانا، نحن مثلك ومعك، نموت من أجل المسيح، ولن يبقى أحد منا بعدك. فصاح وقال "أيها الشعب المسيحى المحيط بى، وأنتم أيها الوثنيون واليهود. إذا أنكر أى واحد من عائلتى وأقربائى وأنسبائى المسيح وانضم إلى هذا اليهودى فليس له نصيب معى ولن يرث أى شىء مِلكى. ولكن كل ما يخصنى سيذهب لنفقات الكنيسة التى ستُشيَّد. ولكن إن لم يُنكر المسيح أى أحدٍ من اقربائى ويتذكرنى فليرث ممتلكاتى، ولكن ثلاثة حقول أيا كانت تختارها الكنيسة من مقاطعتى، فلتذهب لنفقات الكنيسة. وعندما قال كل هذه الأمور، التفت إلى الملك وقال: إننى أنكرك أنتَ وكل مَن يُنكر المسيح. ها نحن واقفون أمامك". فتشدد رفقاؤه وقالوا "هوذا ابراهيم أب الآباء يتطلع عليك وعلينا. كل مَن ينكر المسيح ويظل حيا نحن ننكره". فأمر أن يُؤخذوا إلى جدول يُدعى"الوادية"، فتقُطع رؤسهم، وتُلقَى أجسادهم فيه. فبسطوا أياديهم إلى السماء وقالوا "أيها المسيح إلهنا أعنا وهبنا قوة واقبل نفوسنا. ولتكن دماء عبيدك المسفوكة من أجل اسمك رائحة عطرة لك واجعلنا مستحقين لرؤياك. واعترف بنا قدام أبيك كما وعدت. ولتُبنَ الكنيسة، وليُعيَّن أسقفا عوضا عن بولس عبدك الذى أحرقوا عظامه. وودَّع كل منهم الآخر. ورسمهم الشيخ الحارث([482])، وأحنى رأسه وتلقى السيف. واندفع رفقاؤه نحوه وتجمهروا معا ولطخوا انفسهم بدمائه. وأُستِشهدوا جميعا.
وكان هناك طفل عمره ثلاث سنوات، كانت أمه قد خرجت لتُعدَم، وكانت تمسكه بيدها.(وتصادف أنه عندما رأى الملك([483]) جالسا مرتديا حلة ملكية أن ترك أمه وجرى إليه وقبَّل الملك فى ركبتيه). فأمسكه الملك وبدأ يهدهده ويقول له: أيهما تُحب: أن تموت مع أمك أم أن تبقى معى؟. فقال له الطفل بربنا أحب أن اموت مع امى. ومن أجل هذا انا ذاهب مع امى لأنها قالت لى، تعالى يا ابنى لنذهب ونموت من أجل المسيح. اتركنى لكى اذهب إلى أمى لئلا تموت ولا آراها، لأنها قالت لى أن الملك اليهودى أمر بقتل كل مَن لا ينكر المسيح، وأنا لن أنكره. فقال له منذ متى عرفت المسيح؟. فقال له الطفل، كل يوم أراه فى الكنيسة عندما أذهب إلى الكنيسة مع أمى. فقال له هل تحبنى أم تحب أمك؟. ثم قال له أيضا هل تحبنى أم تحب المسيح؟. فقال له المسيح أكثر منك. فقال له: لماذا جئتَ وقبَّلتَ ركبتى. فقال له الطفل ظننتُ أنك الملك المسيحى الذى اعتدتُ أن أراه فى الكنيسة، ولم أعرف أنك الملك اليهودى. فقال له سأعطيك لوزا وبندقا وتينا. فقال الطفل. لا بالمسيح لن آكل لوز اليهودى. واتركنى لأذهب إلى أمى. فقال له امكث معى وستكون ابنى. فقال الطفل لن أمكث معك بالمسيح لأن رائحتك كريهة وملوثة، وليست حلوة كأمى. فقال الملك للذين كانوا واقفين حوله "انظروا لهذا الجذر الشرير، كيف خدع المسيح هذا الطفل منذ طفولته، وجعله يحبه". فقال أحد الوجهاء للولد "تعالى معى وسآخذك لتكون ابن الملكة". فقال له الولد: أنت مضروب الوجه. أمى التى تأخذنى إلى الكنيسة هى لى أكثر من الملكة. وعندما وجد أنهم يمسكونه بإحكام عض الملك فى فخذه، وقال دعنى أيها اليهودى الشرير لكى أذهب إلى أمى وأموت معها. فأعطاه إلى أحد الوجهاء وقال "اعتنى به إلى أن يكبر. فإن أنكر المسيح يعيش، وإن لم يُنكره يموت. وبينما عبد الملك هذا كان يحمله قاوم بقدميه وصاح إلى أمه "تعالى يا أمى وخذينى لكى أذهب معكِ إلى الكنيسة. فصاحت أمامه وقالت "اذهب يا ابنى فقد استودعتك فى عناية المسيح. لا تبكى. انتظرنى فى الكنيسة فى حضرة المسيح إلى أن آتى". وعندما قالت هذا قطعوا رأسها.
وبسبب هذا الخطاب والتقارير التى تلقيناها، حلَّ الغم على المسيحيين هنا. ولقد كتبنا هذه الأمور التى حدثت بأرض الحموريين، لكى ما يعرف الأساقفة الأتقياء والمؤمنون بها، ويحتفلون بذكرى الشهداء المنيرين. ونحن نلتمس من محبتكم أن يُعرَفوا فى الحال لدى الاساقفة والأرشيمندرات، وبصفة خاصة رئيس كهنة الأسكندرية لكى ما يكتب إلى ملك الاثيوبيين ليأتى فى الحال ويساعد الحموريين([484])، وليقبض على الكاهن الأعلى لليهود فى تيبرياس Tiberias أيضا، ويُجبره على الإرسال للملك لهذا هذا اليهودى الذى ظهر، ويقول له أن يكف عن مضايقة واضطهاد المسيحيين فى أرض الحموريين".
وهكذا الباقى يشتمل على تحيات إلى رئيس الكهنة، واساقفة ذلك الزمان والأرشيمندرات المؤمنين المشموَلين فى الرسالة.
الكتاب الثامن: الفصل الرابع
الفصل الرابع من الكتاب الثامن يتحدث عن الفيضان على اديسا، وعن توقف تدفق مياه شيلوه([485]) بأورشليم، وانقلاب انطاكية [بفعل] زلزال، واحتراق هيكل سليمان بمدينة هليوبولس.
عندما كان اسكلبيوس بار مالوهى Asclepius bar Malohe أخو اندرو وديموثينس الحاكم يشغل كرسى اديسا، وقد صار اسقفا هناك بعد بولس الذى أظهر مظهر الارثوذكسية من الخارج([486]) (والآن هذا الرجل متباهِ فى مظهره ومتأنق، عندما كان اسقفا لإديسا فى أيام فلافيان قبل اسكلبيوس). [هذا] حرَّر مكتوبا لا يحرم فيه المجمع لأنه كان "مشيرا"([487]). ووصل هذا المكتوب إلى يدى القديس ساويرس الذى خلف فلافيان. وعندما صعد([488]) لتحية بولس هذا أعطاه له عند تأكده بأنه أرثوذكسى. فقد كان رجلا حكيما لذا أبقى على معرفته خفية كما هو مكتوب ولم يفضحه. لقد رفض أولا بثبات قبول المجمع فى أيام هذا الملك([489])، وأيده شعب اديسا فتعرضوا للخسارة والشغب بسببه كل يوم. ومع ذلك عندما نُفِى إلى يوخايتا Euchaita أذعَن([490]) وعاد إلى اديسا، وبعد أن عاش مدة قصيرة ضُرِب بالخجل ومات سريعا. فخلفه اسكليبيوس وكان نسطوريا([491])، لكنه كان عادلا فى أعماله وأظهر شفقة على فلاحى التربة، وكان لطيفا معهم وغير شره للرشوة. وكان عفيفا فى جسده، وبالنسبة للأمور الخارجية صنع حسنا لكنيسته وسدد ديونها. ولكنه كان نشطا وغيورا ضد المؤمنين. فنُفِى الكثيرون بواسطته، وتعرضوا لكل نوع من العذاب، وماتوا تحت أثر المعاملة القاسية الواقعة عليهم على يد ليباريوس القوطى الحاكم القاسى الذى كان يٌدعى "آكل العجل".
وبينما كانت الاحوال فى اديسا على هذا النحو، فاض نهر سكريتوس([492]) الذى يدخل ويمر خلال المدينة فى السنة 836 لليونان([493])، السنة الثالثة فى اليوم الثانى والعشرين من ابريل، وأغرق وهدم جانبين من السور، وأغرق اشخاصا عديدين، لأنه كان وقت العشاء وبينما كان الطعام فى افواههم اندفعت المياه فوقهم وفاض اسكريتوس. ولكن اسكليبيوس هرب، ومات ليباريوس. وكان تدفق مياه شيلوهو([494]) التى فى أورشليم فى الركن الجنوبى منها، قد توقف مدة خمسة عشر سنة([495]). و[احترق]([496]) هيكل سليمان الذى شيده سليمان فى مدينة بعلبك بغابات لبنان، وخزن به الاسلحة كما يذكر الكتاب المقدس. وكان هناك إلى الجنوب منه ثلاثة أحجار رائعة ليس مبنيا عليها شىء، ولكنها قائمة بمفردها متصلة ومتحدة معا ويلمس كل منها الآخر. والثلاثة يتميزون بأنهم على صورة وجه وكل منهم منها ضخم جدا. وبالمعنى المستيكى قد وُضِعوا كما هم عليه ليشيروا إلى هيكل معرفة الايمان بالثالوث المعبود، ودعوة الأمم، بالكرازة بأخبار الانجيل. وقد أتى نور من السماء، بينما كان المطر، يتساقط بكميات قليلة، وضرب المعبد ونقض أحجاره [حيث] صارت مسحوقة بفعل الحرارة، وقلع أعمدته وهشمها إلى قطع ودمرها. ولكن الأحجار الثلاثة لم يمسها وبقيت تامة. وقد بُنِيَ بيت للصلاة، هناك وكُرِّس للقديسة مريم العذراء الثيوتوكس.
وبعد ذلك بسنة، فى السنة الرابعة([497]) قلب زلزال عنيف [مدينة] انطاكية([498]) من شدته، وهلك عدد لا يُحصى من شعبها. لأنه كان وقت صيف، وبينما كانوا يحتفلون والطعام فى افواههم سقطت البيوت عليهم كما على ابناء ايوب بفعل الشيطان. وكان يوفراسيوس رئيس كهنة هناك، خليفة بولس الذى كان يُلقَّب باليهودى وسقط فى مرجل من الشمع المتوهج وهلك. وخلفه افرايم من آميدا، الذى كان فى ذلك الوقت "كومس"([499]) الشرق، وهذا الرجل كان بالسلطة التى مارسها فى بلاد عديدة بارا فى اعماله، ولم يكن شرها للرشوة وكان قادرا وناجحا. وكان مشايعا لسنوات، لتعليم الدايوفزيت من بعض الكتب التى ورثتها أمه من ماكو من بار شالومى الذى من قنسطنتينا، من مدرسة ديودورس وثيودور. وقد افسد وكسب اشخاصا كثيرين البعض بالود والاعتدال، والبعض بتهديدات الملك، الذى كان مغرما به ويهتم بما يكتبه له.
الكتاب الثامن: الفصل الخامس
الفصل الخامس من نفس الكتاب الثامن يتناول المفاوضات التى تمت على الحدود. وعن المنذر ملك البدو الذى صعد على مقاطعة اميسا وآباميا وأسر عددا كبيرا، ونقلهم معه. وعن الاساقفة المؤمنين الذين نفيوا وأُبعِدوا عن كنائسهم.
وظل كاواد ملك الفارسيين يطلب بضغط دفع جزية قدرها خمسمائة ليرة من الذهب الذى كانت تُدفع له من ملك الرومان لنفقات القوة الفارسية التى كانت تحرس البوابات المواجهة لأرض الهون. ولهذا السبب اعتاد أن يُرسِل من وقت لآخر بعض البدو للهجوم على المقاطعات الرومانية لنهبها والاستيلاء على أسرى. كذلك غزا الرومان آرزين وهى بلد يخصه، ومنطقة نصيبين واتلفوها. وقد جرت بهذه الخصوص مفاوضات على الحدود، وأرسل الملكان مبعوثين. فأرسل الملك يوستين هيباتيوس والرجل الشيخ فارزمان، [وارسل] كاواد أسثيبد. وجرت مناقشات طويلة على الحدود، رُفِعَت عنها تقارير من الوجهاء الملوك بواسطة حاملى الرسائل، ولكن لم تُرسَل رسائل سلام، بل كان كل منهما يكره الآخر.
وزحف المنذر ملك العرب، إلى مقاطعة أميسا وآباميا ومنطقة انطاكية فى مرتين، وخطف كثيرين من الشعب، وحملهم معه وسبى فجأة اربعمائة عذراء من بين الاجتماع فى كنيسة توماس الرسول بأميسا، وضحى بهن فى يوم واحد إكراما للعُزّى([500]). وقد رأى ذلك أيضا دودو المتوحد الشيخ الذى أُسِر ضمن الاجتماع بعينه وأخبرنى.
أما اساقفة الشرق وخاصة أولئك التابعين لإشراف الملفن ساويرس فقد نُفِى بعضهم وانسحب آخرون إلى الأسكندرية وبلاد أخرى عديدة مقتفين إثر الملفن ساويرس رئيس الكهنة. فقد أُرسِل اخسونيو من هيرابوليس إلى المنفى فى غنغرا، وسُجِن فوق مطبخ فى مستشفى هناك، واختنق من الدخان كما سجَّل فى رسالته، وتوفى أخيرا. واختفى كل من انطونيوس من بيرية، وتوماس الدمشقى، وتوماس من دارا، ويوحنا من قنستانتيا، وتوماس من آمرين، وبطرس من راس عينا rhesaina، وقنسطنطين من لاودكية، وبطرس من آباميا وآخرون. وعاشوا محتبئين فى أى مكان ملائم لهم. ولكن كرسى الأسكندرية لم يُزعَج، وخلف تيموثاوس ديسقورس، ولم ينسحب ولا قبِل المجمع فى أيام يوستين. والكهنة المؤمنون الهاربون الذين التمسوا ملجأ عنده تلقوا كل محبة وإكرام وتشجيعٍ لهم.
أما نونس السلوقى الذى أتى من آميدا فقد انسحب إلى مدينته، وأقام فى داره هناك، لأنه أتى من عائلة ثرية، وكان حاكما وخادما عظيما للكنيسة فى مدينته فى أيام يوحنا الأسقف الذى جاء من دير كارثامين، الرجل البار. وقد بارك فى أيامه نونس وقال "أنا واثق بإلهى أنك ستموت كأسقف على كرسى". وتأجل الحدث إلى ما بعد سبى آميدا، وصار توماس البار اسقفا هناك، الذى بنى دارا. هذا عندما جاء حامل الرسائل ليقبض عليه، لكى يختار بين قبول المجمع أو الطرد سقط مريضا حسب صلاته ومات فجأة وهو على كرسيه، وكان مازال حامل الرسائل فى المدينة، فأذهل هذا الكثيرين. وبالتالى لكى ما يتم قول المبارك يوحنا، قبض رجال آميدا على نونس وعينوه أسقفا هناك, وعاش بضعة شهور ورحل.
ومرة أخرى، لتعيين خليفة له، وفى حضور ثلاثة اساقفة كما تتطلب قوانين الكنيسة [وهُم] ارنوس من مارتيروبوليس، وآرثو من اجيلا، وهارون من ارساموستا الذى تصادف وجوده، رسموا مورو، ابن كوستانت الحاكم، الذى كان خازنا للكنيسة [وهو] رجل متقشف وبار فى اعماله، عفيفا ومؤمنا وكان طلقا فى اللسان اليونانى ومتمرسا إذ قد تعلم بدير سان توماس الرسول فى سلوقية. ثم بغيرة ايمان انتقل واستقر فى كنشير على نهر الفرات، وأعاد البناء بواسطة يوحنا الأرشيمندريت، رجل متعلم مواطن من اديسا، وابن ابسونيا كان فى ذلك الوقت محامٍ سابق. وقد شبَّ مورو هذا على كل انواع التعليم الصحيح والامتياز العقلى من طفولته، بواسطة شومنى ومورثو أخواته الأطهار الشجعان. وبعد أن ظل على كرسيه لفترة قصيرة، نُفى إلى بترا، ومن بترا إلى الأسكندرية. واستقر هناك لبعض الوقت وكون مكتبة هناك تضم الكثير من الكتب الرائعة وفيها وفرة من المنافع العظيمة لأولئك الذين يحبون التهذب والتميز والبحث. وقد نُقِلّت بعد وفاته إلى خزانة كنيسة آميدا. وقد رويتُ فى كل أمر سجلته، لكى لا أذم أحدا أو أمدح آخر، حقيقة الأمر مهما كانت بلا تزييف. ومع ذلك، تقدَّم الرجل اكثر فأكثر فى القراءة فى الأسكندرية، وهناك رقد. ونُقِل جثمانه بواسطة أختيه، اللواتى كن معه يخدمنه ويعزيانه ، كما هو مكتوب([501]) ووُضِع فى مقصورة الشهيد فى قرية بيت شورو([502]). وكدليل بليغ على محبته للتعلم، سأدوّن هنا "المقدمة" التى ألفها باللسان اليونانى، وأُدمِجت فى كتاب البشائر الأربعة.
والآن، وأكثر من ذلك، طُرِد رهبان آخرون من الأديرة المؤمنة فى الشرق. من السنة الثالثة إلى السنة التاسعة([503])، اسبوعا من السنوات([504]) من أديرتهم فى منطقة انطاكية والفرات، وأيضا من اوسروهن وميسوبوطاميا. ودير توماس فى سلوقيا مع الأخوية، وجاءوا إلى كنشير على الفرات واستقروا هناك مع الأرشيمندريت المتعلم يوحنا ابن ابسونيا. ونُفى أيضا كيروس ارشمندريت السوريين من انطاكية مع أخوية دير تل أودو، ودير رومانوس، وسمعان من ليجنو، واغناطيوس أرشيمندريت دير عجيبو فى كالكيس ودير صعنون، ويوحنا الأرشيمندريت الذى لخافرو دوبرثو، ودير سيدة باسوس ويوحنا المشرقى، ورهبان أرخس، ودير ماجنس وسرجيوس الحجار، وتوماس من بيت ناتيش، واسحق من بيت عبد يشو، وابرهام المدعو "المتضع" صانع المعجزات، ودانيال خورى ابيسكويس أديرة اديسا، وايليا من بيت اشكونى، وسيماى وكوزماس [من دير[ يوحنا من آنازتين، ومارون المشرقى، وسليمان من بيت سيدة صموئيل، وكيروس من سوغا، ورهبان [من أديرة] برج المراقبة، ورهبان تيهرى بالقرب من رهشعينا.
ولهذا السبب، استقرت اربعة أو خمسة جماعات من النساك فى الصحراء. مورى فى رامشو، رجل عفيف ذو خصال مكرَّمة. وفى ناتفو رجل واضح وبسيط يُدعى سرجيوس، وبعده انطونى، رجل وديع ومسالم. وذلك الشيخ الطيب ايليا من الريف وسيمون من كاليكس، وسرجيوس الذى أعاد بناء سوداكثا، والجماعة التى بجوار هارموشو من الدير الذى أسسه سيدى يوحنا من هورو. وسيمون ارشمندريت دير سيدى اسحق بجابولا الذى تدنس الآن بهرطقة يوليان الخيالى. وكان فى ذلك الزمان غيورا فى الايمان، هو والذين كانوا معه. وبار هاكيتو من بيت سيدى هانينو صانع المعجزات، الذى انتقل بالمثل، وصعد إلى المدينة الملكية ووعظ بنفسه الملك وأنبه على الرغم من أنه لم يقبل. وهذا شهدت به رسالة شكر اخسونيو التى كتبها إليه من غنغرا. وبالمثل مع رهبان بيت سيدى زكا فى كالينيكوس، وفى مستوطنة سيدى آبو، وبيت رعكوم.
وهكذا كانت الصحارى فى سلام، وكانت تنمو بوفرة بالسكان المؤمنين، الذين عاشوا فيها، وكانوا يتجددون يوميا بالمنضمين إليهم ويساعدوهم فى تضخيم عدد الإخوة، البعض من الرغبة فى زيارة إخوتهم عن محبة مسيحية، وآخرون لأنهم طُرِدوا من بلادهم من قِبل اساقفة المدن. وهناك نموا كما لو كانوا "كومنولث" من الكهنة والمؤمنين المنيرين، وأخوية هادئة بهم. وكانوا متحدين بالمحبة ومملوئين بالود المتبادل، وكانوا محبوبين ومقبولين فى عينى كلّ أحدٍ. ولم يكن يعوز رؤوس هذا الجسم المكرَّم شىء، المكوَّن من كل أعضاء الجسد، وفى صحبتهم يوحنا التقى من قنستانتيا، الرجل الناسك والمتدين (ولم يكن يتناول حتى الخبز الذى هو أساس حياة الانسان. وكان متقدما فى قراءة الأسفار المقدسة، وصار غنوسيا ومُنظِّرا([505]) لأنه اعتاد أن يرفع ذهنه إلى فوق بدراسة الأمور الروحية، لمدة ثلاث ساعات متأملا فى، ومتعجبا من، حكمة أعمال الله، ولمدة ثلاث ساعات أخرى، من السادسة إلى التاسعة، يستمر بفرح وسلام مع كل واحد، مشتركا مع كل واحدٍ يأتى إليه بعمل ضرورى). وأيضا توماس من دارا كان يهتم بالفيزيقا إلى جانب أعمال كثيرة.
والآن، فى السنة التاسعة([506])، أى فى السنة الخامسة من حُكم هذا الملك القاسى جوستنيان، ملك زماننا، إذ قد تحرك من الله ربنا الذى سبق فعرف أعماله، بسط العدل وأمر برجوع سائر الرتب من المنفى، ومن كل البلاد التى انسحبوا إليها فى غيرتهم على الايمان، كما استدعى إليه سائر الاساقفة المؤمنين. وبعد أن حدث ذلك فى السنة التاسعة، دخل فى السنة العاشرة جمهور من الهون الاقليم الرومانى وقتلوا أولئك الذين وجدوهم خارج الأسواق، وعبروا نهر الفرات وتقدموا إلى قرب منطقة انطاكية. وبالتالى بتوجيهات من الله الذى قال "هلم يا شعبى، أدخل مخادعك، واغلق ابوابك خلفك. اختبىء نحو لحيظة حتى يعبر الغضب"([507]). وبأمر الملك اختبأ المؤمنون ثانية. ولكن يوحنا الناسك من انستاسيا رجل مكرم قد قُتِل فى الصحراء على يد الهون، أما سيمون الناسك الذى دُعِى "ذو القرن" فلم يُصَب بضرر.
الكتاب الثامن: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثامن يسجل رؤساء الكهنة الذين كانوا فى أيام يوستين، الذى بعد أن حكم تسع سنوات توفى فى السنة الخامسة. وصار جوستنيان ابن اخته ملكا بعده، فى أيامنا هذه.
أما رؤساء الكهنة فى ايام يوستين فهم كالآتى:
فى روما هورميسدا. فى الأسكندرية: تيموثاوس. فى أورشليم: بطرس الذى خلف يوحنا. فى انطاكية: بولس اليهودى الذى طُرِد، وبعده يوفراسيوس الذى احترق فى مرجل من الشمع المتوهج فى زلزال انطاكية فى السنة الرابعة([508])، ومن بعده افرايم من آميدا. وفى القنسطنطينية: ابيفانيوس.
وفى هذا المؤلف مدة تسع سنوات من الزمن.
الكتاب الثامن: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الثامن يحتوى على التمهيد الذى ألفه مورو اسقف آميدا باللسان اليونانى فى كتاب البشائر الأربعة.
"لكى ما يجمع المرء معا معانى مقالة طويلة فإنه يكدس معرفة هذه الأشياء فى بضعة رؤوس([509]) بإيجاز فى ذهنه وذاكرته وفهمه. ولكى ما نفهم هذه الأمور من رؤوسها ندونها فى كتاب. وهذه أيضا تجعل كل الأمور الباطنية تنسل بسرعة وايجاز إلى الذهن عندما تُسمَع ويتم التفكير فيها بالترتيب. فإذا جمع المرء ما هو مدون فى الانجيل، فإنه سيعلم أن الله([510]) تجسد، وأن هذا الإله كانت له خواص بشرية بها صنع أُسُس العالم، وأنه فى مجيئه الثانى سيكون ظاهرا بجلاء. وهكذا كل واحد يتفحص هذه الأمور عدة مرات سيجد أولا الإشارة إلى الاكتتاب قبل تجسده، ثم ميلاد يوحنا المعمدان ليشهد بإله اسرائيل الذى حدث بناء على بشارة الملاك المسبقة. ثم يجد الميلاد فوق الطبيعى ليسوع الذى هو الله الذى حدث من العذراء مريم. وأن كل انسان من الارض له بداية كما قال المعمدان، ولكن ذاك الذى ليس من الأرض يسوع الذى من السماء([511]). وقد ذُكِرت شواهد تجسده هذا فى الانجيل: فى كلام اليصابات بالروح، ومن الملاك للعذراء، وللرعاة فى البشارة بميلاده، ومن جمهور الملائكة. وأيضا فى نبوة زكريا، وبروز النجم الذى اشار إلى مُلك ابن الله المولود الذى لا يُمحَى، ونبوة سيمون الكاهن وحنة بشأن مجىء المسيح لخلاص العالم واسرائيل. وإلى جانب هذا أيضا، اعلان المعمدان الذى يشهد أنه من الأرض، وأما مخلصنا فمن السماء. وأكثر من ذلك يسجل الانجيل أن الرجل سيُفهَم الإنسان سيفهم تدبيره الإلهى الذى حدث بواسطة الحكمة اللانهائية وليس بواسطة حكمة الكتب والسعى إلى التعلم، وقدرته على انجاز الاعمال العجيبة، بالفعل والقول، ومعرفته بكل شىء، وأنه بلا خطية. وأيضا أنه كان بمسرته الخاصة يتألم فى وقته الخاص، وألا بتألم عندما لا يكون الوقت. وأنه كان فى سلطانه أن يلاشى الألم بآلامه الطواعية بالجسد، وأن يدوس الموتَ بقيامته، وأن يصعد إلى السماء. ويسجل السجل بوضوح أنه تجسد من العذراء بالجسد، وله نفس وعقل. فهو يُسجل الحبل به تسع شهور، وميلاده فوق الطبيعى، وأنه قد قُمِّط بالأقمطة، وأنه رضع اللبن، وأنه أُختُتِن طبقا للناموس، وأنه هرب بالأكثر من هيرودوس إلى مصر محمولا من أمه، وأنه صعد من مصر لتجديد اسرائيل، حسب المثال السابق([512]). وأيضا أنه نما فى القامة، وكان خاضعا لأمه وليوسف زوجها. وأنه اعتمد بالماء من يوحنا اشارة إلى تجديد البشرية. والذى به مثال type للتجديد، لأن معموديته هى التى تهب لنا الميلاد المقدس من الروح القدس. وقد جُرّب من الشيطان كإنسان، ولكنه كإله تغلب على المجرِّب بسهولة فى المواجهة والنزال. لقد خدمته الملائكة وأعطى السلام لجنسنا ورد [لنا] الفردوس. وشارك التلاميذ فى الاسلوب البشرى، فانسحب من أمام المضطهِّدين ذات مرة. وجاع وعطش وتعب. ولكنه أظهر أنه لم يخضع لهذه الأشياء عن ضرورة طبيعية للطراز البشرى، كما لو كان ليس إلها. بالحقيقة، أنه صام اربعين يوما، وأنه وجاع أخيرا. (وبالمثل نام، ولكنه كان على الجبل ساهرا فى صلاة. وهذه الصلاة قدمها للآب بالأسلوب البشرى، نيابة عن البشر، ولكن فى البحر والعاصفة نام فى المركب، ليُعلِّم التلاميذ أنه هو الذى يُسَكِّن عواصف البحر وأصوات الأمواج). وأكثر من ذلك عندما فكروا فى طرحه إلى أسفل من قمة التل لم يستطعوا عمل ذلك، ولكن بينما كان جميعهم يقفون حوله اجتاز فى وسطهم وعبر ومضى فى طريقه. وعندما طُعن بالحربة فى جنبه على الصليب، لم تنته حياته بالضرورة، ولكنه احنى رأسه وأسلم الروح([513]). وفى كل النواحى كانت له خواصه البشرية والإلهية. ولكن الإصلاح الذى عمله المسيح فى العالم كان توبيخه للمخادع، والشياطين التى أخرجها، والمنحنين الذين أقامهم، والأمراض التى شفاها، والموتى الذين أقامهم، والتجارب المتنوعة التى أزالها، والآلام التى لاشاها. تلك الاصلاحات التى كانت نموذجا ومثالا للعالم الآتى، الذى سيكون بعيدا للغاية عن الأشرار، العالم الذى ننتظره نحن برجاء وايمان ومحبة. وتجذب تعاليم مخلصنا البشر، من هوى محبة المال ومحبة المجد والملذات، وترفعهم إلى أعلى ليخدموا الله بإستقامة الإرادة.
والآن، هناك فصل مُدرَج فى انجيل مورو الاسقف، فى القانون التاسع والثمانين، وهو المروى فقط فى انجيل يوحنا، والذى لا يوجد فى مخطوطات أخرى. هذا القسِم هو كما يلى: "حدث ذات يوم بينما كان يسوع يعلّم أن أحضروا اليه امرأة وجدوا أن لها ابن زنى، وأخبروه عنها فقال لهم (إذ عرف كإله أهوائهم المخجلة وأيضا أعمالهم) "بِم تأمر الشريعة. فقالوا له، على فم إثنين أو ثلاثة شهود، يجب أن تُرجم. فأجابهم وقال لهم: وطبقا للناموس من كان نقيا وبلا خطية ويمكن أن يشهد بثقة وسلطة، بكونه بلا لوم من جهة هذه الخطية فليشهد عليها، وليرجمها أولا بحجر، ثم يرجمها الباقون، وتُرجَم. ولكنهم، لأنهم كانوا خاضعين للوم والإدانة، بخصوص هذا الهوى الآثيم، خرجوا واحدا تلو الآخر، من أمامه وتركوا المرأة. وعندما انصرفوا إلى الأرض، وكتب على التراب هناك، وقال للمرأة: لقد احضروكِ وأرادوا أن يشهدوا عليكِ، وإذ فهموا ما قد قلته لهم، وما قد سمعتيه، تركوكِ ورحلوا. ولذلك اذهبى أنتِ أيضا، ولا ترتكبى هذه الخطية ثانية".
الـكـتـاب الـتـاســع
و يهتم هذا الكتاب التاسع أيضا، بعهد جوستنيان. فيسجل كيف صار مندوب قيصر anti-Caesar([514])، فى اليوم الخامس([515]) من الاسبوع، فى الاسبوع الأخير من الصوم. وبعد أن حكم لثلاثة أشهر فى معية خاله يوستين الذى توفى فى نهاية يوليو عندما انقضت السنة الخامسة([516])، صار يوستنيان هذا امبراطورا فى السنة 838 لليونان، والسنة 327 للأولمبياد. وتغطى الأحداث التى حدثت خلال حكمه إلى السنة الخامسة عشر([517]) مدة عشر سنوات، مدونة أسفل فى هذا الكتاب التاسع الذى يحتوى على ستة وعشرين فصلا، كما يلى:
يتناول الفصل الأول من الكتاب التاسع، المعركة التى اندلعت فى صيف السنة الخامسة، عند نصيبين، والحصن الفارسى ثيباثا thebetha. ويتناول الفصل الثانى المعركة التى وقعت فى صحراء ثانّورس. ويصف الفصل الثالث المعركة التى وقعت أمام مدينة دارا على الحدود. ويعطى الفصل الرابع معلومات عن المعركة التى وقعت على الفرات فى السنة التاسعة. ويتكلم الفصل الخامس عن مقتل الجنرال الفارسى جدار القادسى، وكيف قُتِل وعن ازديجرد الذى كان معه ابن أخ البيت بيتهاشا الآرزنانى الذى أُسِر. ويتناول الفصل السادس المعركة التى وقعت أمام مارتيريوبولس على الحدود والأعداد الكبيرة من الهون التى غزت مقاطعة الرومان فى السنة العاشرة. ويشرح الفصل السابع كيف حدث السلام فى صيف السنة الحادية عشر بين الرومان والفارسيين بواسطة السفراء روفينوس وهرموجينس قادة القوات. ويتناول الفصل الثامن من الكتاب السامريين الذين عصوا، وأقاموا طاغية عليهم فى بلادهم فلسطين. ويتناول الفصل التاسع هرطقة يوليان الخيالى phanatasiast أسقف مدينة هيلاكارنسيس وكيف ظهرت. ويسجل الفصل العاشر رسالة يوليان الأولى إلى ساويرس، وسؤاله عن جسد المسيح ربنا. ويتناول الفصل الحادى عشر رد الملفن ساويرس رئيس الكهنة الذى كتبه إليه. ويستعرض الفصل الثانى عشر معلومات الرسالة الثانية ليوليان التى أرسلها إلى ساويرس. ويحدثنا الفصل الثالث عشر عن رد ساويرس على هذه الرسالة الثانية ليوليان. ويتناول الفصل الرابع عشر من الكتاب التاسع الشغب الذى حدث فى المدينة الملكية، ويصف كيف اُعدِم هيباتيوس وبومبيوس وعدد كبير من الشعب فى مذبحة بالسيرك فى السنة العاشرة. ويتناول الفصل الخامس عشر المطلب الذى احتوى عليه الالتماس الذى قدمه الاساقفة المؤمنون الذين عادوا من المنفى إلى الملك جوستنيان بشأن الإيمان. ويستعرض الفصل السادس عشر من الكتاب التاسع الدفاع المقدَّم من ساويرس رئيس الكهنة إلى الملك جوستنيان، رافضا المجىء عندما اُستُدعِىَّ منه إلى المدينة الملكية. الفصل السابع عشر يتناول المدينة الرئيسية لإقليم افريقيا، قرطاج Carthage، وكيف أُخذها بليساريوس والجيش الرومانى، وأُخضِعت للملك جوستنيان. الفصل الثامن عشر من الكتاب التاسع يتناول روما ونابلس فى بلاد ايطاليا، وكيف استولى عليهما الجنرال بليساريوس والجيش الرومانى. الفصل التاسع عشر من الكتاب التاسع، يتناول مرة ثانية ساويرس البطريرك الذى صعد إلى المدينة الملكية وظهر أمام الملك، وأُستُقبِل فى القصر، وظل هناك إلى نهاية مارس من السنة الرابعة عشر ثم رحل. ويتناول الفصل العشرون رسالة البطريرك ساويرس إلى طغمة الكهنة ومجمع الرهبان فى الشرق، ونفيه من المدينة الملكية. ويعرض الفصل الواحد والعشرون من الكتاب التاسع، رسالة الاتحاد القانونية والاتفاق التى أُرسِلت من انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية إلى ساويرس البطريرك. ويتناول الفصل الثانى والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق القانونى المرسلة من ساويرس ردا على انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية القنسطنطينية. ويعرض الفصل الثالث والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق المرسلة من ساويرس إلى ثيودوسيوس الاسكندرى. ويتاول الفصل الرابع والعشرون رسالة الاتحاد والوفاق القانونية المرسلة من ثيودوسيوس البطريرك إلى ساويرس. ويُعطى الفصل الخامس والعشرون معلومات عن رسالة الاتحاد والوفاق القانونية المرسلة من انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية إلى ثيودوسيوس رئيس كهنة المدينة العظمى الأسكندرية. وفى الفصل السادس والعشرين، الرد على الرسالة المرسلة قانونيا من ثيودوسيوس رئيس كهنة الأسكندرية إلى انثيموس رئيس كهنة المدينة الملكية عن الوفاق والاخوة.
ومُدرَج أيضا فى نهاية هذا الكتاب التاسع التمهيد([518]) المعطى عاليه الذى أُلِّف بإختصار تحت رئاسة القديس مورو اسقف آميدا، الرجل ذو الذكرى المباركة، على الانجيل وتدبير المسيح بالجسد، وأيضا القصة الواردة فى القانون التاسع والثمانين المأخوذة من إنجيل يوحنا والمذكورة فيه وحده. عن امرأة بطفل زنى قد أُحضِرت إليه بواسطة المعلمين اليهود.
الكتاب التاسع: الفصل الأول
الفصل الأول من الكتاب التاسع يتعلق بإرتقاء جوستنيان للعرش، والمعركة التى دارت عند نصيبين وحصن ثيباثا.
فى السنة الخامسة([519])عندما كان يوستين، ذلك الرجل المسن الذى قدِمَ من بلاد ايلليريكوم، والذى روينا عنه عاليه([520])، ملكا جعل ابن أخته الذى كان جنرالا، نائبَ قيصر anti-caesar. فصار نائبا فى اليوم الخامس([521]) من الأسبوع الأخير للصوم([522]). وبعد أن حكم ثلاثة أشهر توفى خاله فى نهاية يوليو، فصار الامبراطور فى السنة الثامني الثمانى مائة وثمانية وثلاثين لليونان([523])، والسنة الثلاثمائة وسبعة وعشرين للأولمبياد. فأعطى أوامر ببناء مدينة عظيمة له فى castra mauriana، ومُنِحت لها الامتيازات، وعسكرت فيها قوة عسكرية، وجُلِبت إليها المياه من بعيد لأن مياهها كانت رديئة. وها هو منذ بداية حُكمه إلى اليوم قد أعطى فى الحقيقة اهتماما لبناء وإعادة تأسيس المدن فى بلاد عديدة، وإصلاح الأسوار فى أماكن عديدة لحماية سلطنته.
ولكن لما كانت هناك عداوة بين الرومان والفارسيين فى ذلك الوقت بين بعضهم البعض، فإنه عندما كان تيموس قائد القوات على الحدود دوقا، إلتف الجيش بضباطه حوله للحرب ضد نصيبين. فحاربوا ولكنهم لم يقدروا أن يستولوا عليها، فإنسحبوا عندئذ إلى ثيباثا، واقترب الجيش من السور وأحدث نقبا فيه. وكانت الفترة الأشد قيظا من الصيف, ولسبب أو آخر مُنِعوا من تحقيق غرضهم، ولم يستولوا على الحصن الذى كان على مسافة حوالى خمسة عشر باراسانجس([524]) parasangs من دارا. وأُمِر الجيش بالعودة إلى دارا، ولأنهم كانوا قد أكلوا عسلا بشراهة ولحمَ عددٍ كبير من الخنازير، مات بعض المشاة من العطش أثناء السير وفُقِدوا من الجيش، وألقى الآخرون بأنفسهم فى آبار الصحراء وغرقوا، واحترق آخرون من الحر أثناء السير، ووصل فقط الفرسان. وهكذا انكسر الجيش.
الكتاب التاسع: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب التاسع، يتناول المعركة التى دارت فى صحراء ثانورس.
وفى خلال حياة يوستين الملك الذى عرف أنّ ثانوريس مكان ملائم لبناء مدينة كملجأ فى الصحراء، وكمحطة للقوات العسكرية لحماية العرب ضد عصابات قطاع الطرق من البدو العرب، أُرسِل توماس الذى من أفادانا، رئيس موظفى الأبواب، لبناء مدينة كهذه. وعندما حقق بعض التقدم غير المعتبر توقف العمل الذى كان قد بدأ يكمل، ودُمِّر على يد البدو العرب والقادسيين من ثيباثا وسنجارا. والآن، كان الرومان، كما دونا عاليه، قد زحفوا وحاربوا ضد نصيبين وثيباثا، لذلك جاء أيضا الفارسيون فيما بعد وعسكروا بالمثل فى صحراء ثانورس. وإذ كان الدوق تيموس قائد الجنود قد مات، فقد خلفه بليساريوس ولم يكن شرها للرشوة، وعطوفا على الفلاحين، ولم يسمح للجنود بإلحاق الضرر بهم. وكان يصطحب معه سليمان الخصى الذى من حصن ادريباث، والذى كان رجلا أريبا متمرسا فى شؤون الدنيا، وكان مسجلا لفليكسيموس الدوق ثم أُلحِق بالحكام الآخرين. وكان قد اكتسب مكرا من خبرات المشقات. وبناء عليه احتشد الجيش الرومانى بهدف الزحف إلى صحراء ثانورس ضد الفارسيين بقيادة بليساريوس وكوتزس أخو بوتزس، وباسيليوس، وفنسنت والقواد الآخرين، وآتافار رئيس الساراسيين. وعندما سمع الفارسيون عن ذلك، وضعوا خدعة حربية فحفروا أخاديد عديدة بين خنادقهم وأخفوها وأحاطوها كلها من الخارج بأوتاد مثلثة من الخشب، وتركوا فتحات عديدة. وعندما صعد الجيش الرومانى لم يُدرِك خدعة الفارسيين الحربية فى وقتها، فدخل الجنرالات معسكر الفارسيين بأقصى سرعة فسقطوا فى الحفر وأُسِروا، وقُتِل كوتزس. أما فرسان الجيش الرومانى فقد انسحبوا وعادوا إلى دارا مع بليساريوس. ولكن المشاة الذين لم يقدروا أن يهربوا، فقد قُتلوا وأُسِروا. وضُرِب عتافار ملك الساراسيين أثناء هروبه من مسافة قريبة وهلك. وكان رجلَ حرب ومقتدرًا، وكانت له خبرة كبيرة فى استخدام الاسلحة الرومانية، وحاز على تميز وشهرة فى الحرب فى أماكن كثيرة.
الكتاب التاسع: الفصل الثالث
الفصل الثالث من الكتاب التاسع بشأن المعركة أمام دارا.
كان الفارسيون متكبرين ومنتفخين ومتباهين، فجمع المهران والمرازبة جيشا وصعدوا إلى دارا وعسكروا فى آموديس، وهم واثقون تماما فى توقعهم بالاستيلاء علي المدينة، لأن الجيش الرومانى قد نقص بسيفهم. واقترب فرسانهم ومشاتهم إلى جانب المدينة الجنوبى وهم عازمون على أن يخيموا حولها بقصد محاصرتها. ولكن قوة رومانية تصدت لهم بمعونة ربنا الذى يؤدب ولكن إلى الموت لا يُسلِّم([525]). لأن الجنرال سونيكا وهو من الهون، وكان قد التجأ إلى الرومان واعتمد، وسيموث التربيون الرومانى وحاملى أسلحتهما مع عشرين رجلا لكلٍ [منهما]([526])، قد طردوا كل الجيش الفارسى عن المدينة مرات عديدة، وهم ينتقلون بشجاعة وجسارة من موضع إلى آخر فى الميدان، ويمزقون بحرابهم الرجال يمينا ويسارا. وكانوا متمرسين على استخدام السيف، وكانت صيحاتهم عالية ومرعبة تثير الرعب للفارسيين لدرجة أنهم كانوا يسقطون أمامهم، وقتلوا اثنين من قوادهم، بالإضافة إلى عددٍ ليس بقليل من الفرسان. بينما سقط الكثيرون من المشاة الفارسيين، ودُفعِوا إلى الوراء من قِبل الهليوريين بقيادة بوتزس Butzes إلى شرق المدينة.
وعندما رأى الفارسيون كِبر عدد الموتى، سلكوا بدهاء. فأرسلوا إلى [أهل] نصيبين نسيبس لكى يُحضروا عددا كبيرا من دواب الحمل حسبما يُمكنهم ويأتون فى الحال إلى دارا ليأخذوا من الغنائم ما استطاعوا. وعندما حضر عدد كبير [منهم] حملوها بأجساد الموتى، وعادوا عندئذ بخزى. ومع ذلك، غزت بقية القوات الفارسية، العربة الرومانية واحرقوها بالنار.
الكتاب التاسع: الفصل الرابع
يتناول الفصل الرابع من الكتاب التاسع المعركة التى دارت عند الفرات فى السنة التاسعة
وإذ تعلم الفارسيون الحكمة من خلال الضرر الذى لحقهم من الهجوم على الرومان فى كل مرة يقتربون فيها من المدينة ويخرجون ضدهم، صعدوا إلى الصحراء القريبة من المقاطعة الرومانية وعسكروا عند الفرات. وتبعا لعاداتهم القديمة حفروا خندقا. فصعد ضدهم بليساريوس وتربيونات على رأس قوة رومانية، للمعركة. ووصلوا فى الأسبوع الأخير من الصوم([527]). وكان الفارسيون كقطيع صغير أو هكذا ظهروا فى عيونهم([528]). وكان آسيثبد قائدهم والذين معهم خائفا منهم. فأرسل إلى الرومان أن يحترموا الصوم العيد من أجل "النصارى Nazarenes واليهود الذين فى الجيش معى، ومن أجل أنفسكم ايها المسيحيون([529])". وعندما فكر بليساريوس فى هذا كان راغبا فى الموافقة، ولكن القواد تدمدموا بشدة ولم يرضوا بالإنتظار أو احترام ذلك اليوم. وعندما خرجوا للمعركة فى اليوم الأول من الأسبوع، وهو يوم الفطير كان يوما بارادا برياح فى وجه الرومان، فظهروا ضعفاء وعادوا وهربوا أمام الفارسيين وقُتِل آخرون، ولكن بليساريوس هرب، بينما أُسِر ابن أخت بوتزس (لأنه هو نفسه كان مريضا فى آميدا، ولم يذهب للمعركة، ولكنه أرسل جيشه إلى ابيجرساتوم بقيادة دوميتزيولوس) ونزل إلى بيرسيا، ولكنه عاد توا. ولكن كيف حدث ذلك، هذا ما سأرويه فى الفصل التالى.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس.
الفصل الخامس من الكتاب التاسع، بشأن الجنرال الفارسى جادار القادسينى، وكيف قُتِل هو وازديجرد الذى كان معه. وكيف أُسِر ابن أخت هورميزد "بيتهاشا" الذى من آرزانين.
عندما مُنِع الرومان من البناء فى ثانورس على الحدود، عندما كان بليساريوس دوقا فى السنة الخامسة([530])، رغبوا فى تشييد مدينة فى ميلباسا. لذلك أرسل كاواد جادار القادسينى بجيش ومنع الرومان من تحقيق غرضهم، وأجبرهم على الفرار فى معركة شنها ضدهم عند تل ميليباسا. وكان محل ثقة كاواد الكبير، لذلك تمركز مع جيشه لحراسة الحدود الشرقية من ميليبسا Melebasa فى بلاد آرزانين Arzanene، لغاية مارتيروبوليس Martyropolis. وتفوه هذا الرجل بكلام فارغ وتفاخر ضد الرومان كثيرا، وجدَّف مثل راب شاكيه([531]) الذى أرسله سنحاريب. وأحضر نحو سبعمائة من الفرسان المسلحين وبعض المشاة الذين اصطحبهم بقصد السلب. فعبروا تيجرى الى منطقة آتاشيا([532]) فى مقاطعة آميدا. وكان بيسا([533]) Bessa دوقا فى مارتيروبوليس، وكان وقت الصيف فى هذه السنة التاسعة([534]). وكان مع جادار ايزدجرد ابن أخت بيتهاشا الذى كان، كجار لإقليم آتاشيا، يعرفه. وعندما سمع بيسا عن ذلك، خرج ضده بحوالى خمسمائة من الفرسان من مارتيروبوليس التى كانت على مسافة حوالى أربع استادات([535]) وقابله عند بيت هيليت واقتلع جيشه من تيجرى وقتل جادار وأسر ايزدجرد وأحضره الى مارتيروبوليس. وعقب السلام الذى تم فى السنة العاشرة([536]) سُلِّم هذا الرجل فى مقابل دوميتزيلوس الذى عاد من بلاد فارس. ولكن بيسا الدوق بعدما قضى على جادار والفرسان الفارسيين الذين كانوا يحرسون حدود آرزانين، دخل الريف وأتلف الكثير وحمل أسرى وأحضرهم إلى مارتيروبوليس.
الكتاب التاسع: الفصل السادس
يخبرنا الفصل السادس من الكتاب التاسع عن الحرب التى وقعت أمام مارتيربوليس، والكم الكبير من الراهبات [اللواتى أُسِرن] فى الغزو على مقاطعة الرومان.
كانت قرى ارزانين مملوكة للفارسيين، وكان يُجمَع منها مبلغا ليس بالقليل كضريبة رؤوس من سكانها لخزانة المملكة، ولخدمة البيتهاشا(وهو الحاكم الملكى) الذى يعسكر هنا. هذا الريف، كما روينا عاليه، كان بيسا الدوق قد ألحَق به ضررا كبيرا، وأسَر ابن اخت البيتهاشا وسجنه فى مارتيروبوليس. واغتم الملك كاواد بشدة، عندما سمع من البيتهاشا عن خراب الريف، والذى لم يترك هورميزد نفسه حجرا على حجر لم يُقلَع. فإستخدم القوة والمكر ضد مارتيروبوليس من أجل الاستيلاء عليها لأنها صارت ملجأ وكمينا للجيش الرومانى ومكنته من تخريب ارزانين. فجيش معدات، إن أمكن القول، للجيش الفارسى وأرسل ميهرجيروى الى الهون ليستأجر عددا كبيرا من الهون ويُحضِرهم لمساعدته. فجاءوا واجتمعوا معا ضد مارتيروبوليس فى بداية السنة العاشرة، وحفروا خندقا وركاما فى مقابلها ومناجم كثيرة([537]) وبدأوا يشنون الغارات عليها، ويضغطون عليها بشدة. وكان هنا بوتزس وقوة عسكرية ليست بصغيرة، وردوا عددا كبيرا من الفارسيين فى المعركة. ولكن نونس اسقف المدينة توفى. وإذ كان بليساريوس قد صار مذنبا أمام الملك بسبب الهزيمة التى لحقت بالجيش الرومانى فى ثانورس والفرات فقد عُزِل من قيادته وصعد الى الملك وخلفه فى دارا قنسطنطين. وحُشِد جيش كبير من الرومان بقيادة سيتاس الجنرال. وكان بارجابلا ملك الساراسين معهم، ووصلوا الى آميدا فى نوفمبر([538]) من السنة العاشرة([539])، واصطحبهم يوحنا الناسك من انستاسيا، رجل ذو خصال حميدة، الذى أُنتحُب للأسقفية وعندما ذهبوا إلى مارتيروبوليس كان الشتاء قد حل (والموضع فى الشمال بارد) وكان الفارسيون معوقين من المطر، والوحل ويعانون المشقات بالإضافة الى خوفهم من عدد الجيش الرومانى. ومات كاواد ملكهم بينما هم هناك، فعقدوا معاهدة مع الرومان وانسحبوا من المدينة.
وبمجرد أن انسحبوا وانفض الحصار عن مارتيربوليس، وعاد الجيش الرومانى، وصل الهون الذين كان الفارسيون قد اسأجروهم. وهاجم هذا الشعب الكبير فجأة مقاطعة الرومان، وذبحوا وقتلوا الكثيرين من الفلاحين، واحرقوا القرى وكنائسها وعبروا الفرات وتقدموا لغاية انطاكية، ولم يقف أحد أمامهم أو يُلحِق بهم ضررا، فيما عدا بيسا نفسه دوق مارتيربوليس الذى انقض على فيصل عسكرى منهم خلال انسحابهم، وقتلهم واستولى على خمسمائة حصان وغنائم كثيرة، وصار الرجل ثريا. وفى حصن سيثاريزن قمع الدوق هناك فريقا منهم يضم نحو أربعمائة رجل، واستولى على دواب الحمل منهم.
والآن، بعد كواد صار خوسرو ابنه ملكا. وكانت أمه طوال حياة زوجها، عليها شيطان. ولم يستطع المجوس والسحرة والمنشدون الذين جمعهم كاواد زوجها، وكانوا يحبونها بشدة، أن يفعلو أى خير لها ولكنهم، لقول الحق، أضافوا شياطينا الى الشيطان الذى كان فيها. وفى السنة الرابعة([540]) فى أيام ليباراريوس الدوق، أُرسِلت إلى المبارك موسى الذى كان راهبا بالقرب من دارا على مسافة حوالى اثنين "باراسنجس"([541]). وكان رجلا مشهورا. وكانت معه لأيام قليلة، فتطهرت وعادت الى بلدها([542])، بعد أن أخذت من القديس موسى هذا من دير كارمل تميمة مأخوذة من عظام([543]) سرياقوس الشهيد لتحميها، لتجد فيها ملجأً حتى لا يعود الروح [النجس] إليها. ولكى تكرّمه([544]) شيدَّت له بشكل رمزى بيتا للصلاة فى بلدها وكُرّم هناك. وقد سبب تذكار النعمة التى حصلت عليها بواسطة المبارك موسى من تامرل خدمة كبيرة لأرض الرومان، على النحو والأسلوب الذى سنرويه بعده.
الكتاب التاسع: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب التاسع يروى كيف تم السلام بين الرومان والفارسيين ودام نحو ست أو سبع سنوات فى أيام روفينوس وهرموجينس قادة القوات.
وإذ فكر جوستنيان الملك فى الأمور التى حدثت فى سلطنة ما بين النهرين، والقوات التى هلكت فى أوقات عديدة على يد الفارسيين، والفلاحين الذين قُتِلوا وأُسِروا بواسطة الهون، والبلدان التى أُحرِقت بقراها، لم يمل إلى ارسال أى جيش [مرة] ثانية للحرب ضد خوسرو Khosru الذى صار ملكا بعد ابيه كاواد. ولما كان هذا الرجل صديقا لروفينوس، وكان هو الذى نصح أبيه بأن يجعله خليفة له، واعتاد أن يؤكد للملك([545]) ويشجعه ويتعهد أنه اذا أثبت نفسه فى بلده، فإنه من أجل السلام المطلوب من الملك سيُقبَل ما يُطلبه منه بعدل. وهكذا أُرسِل روفينوس وهرموجينس قادة القوات كسفراء الى خوسرو فى السنة الحادية عشر([546])، وتحدثوا طويلا معه. ولأن روفينوس هذا كان معروفا جيدا هناك حيث كان يُرسَل فى مرات عديدة الى كاواد وكان صديقا له واعتاد أن يُقدّم هدايا كثيرة لوجهاء مملكته، وكانت الملكة أم خوسرو ودودة معه لأنه هو الذى نصح كاواد بأن يجعل ابنها ملكا، وكانت مدينة بالعرفان للمبارك موسى الراهب الذى من تارمل، بعد الله، بشفائها. فقد [لذا] شجعت بحرارة ابنها خوسرو([547]). ونظرا لمبلغ الذهب الذى تلقاه والذى أرسله جوستنيان له طبقا للرسالة المبعوثة له مع روفينوس وهرموجينس سفرائه، عقد [معاهدة] سلام. وحُررت اتفاقية مكتوبة وموثقة. ورقصت النجوم فى السماء على نحو غريب. وكان صيف السنة الحادية عشر([548])، ودامت نحو ست أو سبع سنوات الى السنة الثالثة ([549]).
الكتاب التاسع: الفصل الثامن
بشأن السامريين الذين عصوا، ونصَّبوا طاغية لهم فى بلاد فلسطين.
وعندما سمع السامريون الذين يعيشون فى بلاد فلسطين، ليس بعيدا عن قيصرية أن الفارسيين يهاجمون، من وقت لآخر، المقاطعات الرومانية، وافترضوا أنهم([550]) ضعفاء أمامهم، تجاسروا بفكر أنهم قد أُرسَلوا من خوث وبابليون ومن عوا، وحماة، ومن سيفاروايم بواسطة شلمناصر ملك أشور، وتوطنوا فى بلاد السامرة، فعصوا ونصَّبوا طاغية عليهم، ودخلوا نيابولس وقتلوا مومو الاسقف هناك. وأثاروا فتنة واشاعوا أنهم يرغبون فى مساعدة الفارسيين الذين يقيمون خارج بلادهم فى مقاطعات الرومان. واحرقوا هياكل قديسين كثيرة، واحتلوا المدينة واكتنزوا الغنائم. وعندما سمع الملك بذلك أرسل هادريان التربيون، واجتمع معه هناك دوق البلد أيضا، وجيش رومانى وعرب العربية وزحفوا ضد السامريين الذين قُطِّعوا إربا على يد الرومان الذين قتلوا طاغيتهم، وأخذوا المدينة واستردوها لحالتها الأولى المعتادة فى خضوعها لسلطنتهم. وعُيّن اسقف فيها، وحلت بها قوة عسكرية لحراستها ولبسط النظام بين سكان البلد.
الكتاب التاسع: الفصل التاسع
بشأن هرطقة يوليان اسقف هاليكارنسوس الخيالية. وكيف ظهرت.
كان يوليان اسقف هاليكرناسوس([551])، قد أُبعِد عن كرسيه، بواسطة غيرة الأساقفة المؤمنين الآخرين، وكان شيخا وغيورا فى الإيمان. ومن رغبته فى عدم الكلام عن الطبيعتين سقط مثل يوتيخس والرهبان الذين ليس لهم معرفة سليمة بالترتيب الحقيقى للأمور فى هرطقة أوطيخا. (وكان مدققا، وصديقا لساويرس المتعلم رئيس الكهنة. يوليان هذا، عندما سُؤل ذات مرة من شخص ما، ألفَّ مقالة ضد الدايوفزيت وأنتجها بإيجاز فسببت عثرة). ومع ذلك، عندما سمع عنها هذا المحارب الحكيم ساويرس، أبقى على عِلمه بذلك طى الكتمان، خشية أنه إذا صححها ينقسم بيت على بيت وتنفصم المحبة التى لا يُمكن لإنسان أن يفصلها، عازما بصبر على قبول فقره الذى هو بالصواب. وعندما أُضيف سبب إلى سبب([552]) كما أظهر ربنا بالترتيب، أى لكى يُظهِر عِلم ساويرس جمال ايمانه الحقيقى، لمنفعة وتميز أولئك الذين يُحبون التهذيب. اضطر الى فضح الأمر].([553])
ولكى أظهر طبيعة الموضوع الأصلى للنزاع فإننى سأدرج هنا بعض الرسائل التى[حُرّرت] بالترتيب، لتزوِّد القارىء بالمعلومات فى الفصول التالية من هذا الكتاب التاسع.
الكتاب التاسع: الفصل العاشر
بشأن الرسالة الأولى ليوليان الى ساويرس بخصوص مسألة "جسد المسيح".
"لقد ظهر هنا بعض الرجال الذين يقولون أن جسد المسيح ربنا قابل للفساد معتمدين على شهادة القديس كيرلس. أولا مما كتبه الى سكسنسوس Succensus قائلا "بعد القيامة كان الجسد هو ذاك الذى تألم على الرغم من أنه لم يعد يتسم بالأسقام البشرية ولكنه غير قابل للفساد([554]). ومن هذه أرادوا أن يُثبِتوا أنه قبل القيامة كان جسدا فاسدا مثل طبيعتنا، ولكن بعد القيامة نال عدم الفساد. وثانيا مما كتبه الى ثيودوسيوس الملك قائلا: إنه لعجيب وإعجازى أن الجسد الخاضع بالطبيعة للفساد قام بلا فساد. وقد اقتبسوا أيضا أشياء كهذه على سبيل المقتطفات، ولكننى وأنا أضع الفقرة كاملة أسعى لإظهار الرأى الذى يذهب اليه ملافنة عديدون. ولكنهم أحضروا لى أيضا مقالته السابعة والستين التى كتبها بخصوص القديسة العذراء الثيوتوكس، والتى يرد فيها هذا الكلام "لم يكن جسد ربنا خاضعا بأى حال من الأحوال للخطية التى تخص الفاسد، ولكنه [كان] قابلا للموت وللدفن، وقد أباده به". واننى فى الحقيقة فهمتها على أنها خطأ فى الكتابة([555]). ومن ثم لحل هذا النزاع بعد فحص الأمر بمعرفتك، قد أرسلتُ لك أيضا ما قد كتبته، وأنا مقتنع أن آباءنا يتفقون معه([556]) وأكتب لى فى الحال، لكى ما أعرف أى الآراء آخذ بها فى هذه الأمور. لأننى لا اعتبره صوابا أن نقول ثانية أن غير الفاسد كان قابلا للفساد. وأرجو أن تكون حياتنا متآلفة مع نعمة الله".
الكتاب التاسع: الفصل الحادى عشر
الرد الذى كتبه ساويرس على رسالة يوليان هذه، كما يلى:
"أولا عندما استلمتُ رسالتك التقوية فرحتُ كعادتى بتحياتك التى سُررتُ بها. إذ أنك تشجعنى بها على قراءة الرسالة المؤَّلفة منك التى ارسلتها معها والمكتوبة لأولئك الذين تقول عنهم أنهم يفكرون ويقولون أن جسد ربنا وإلهنا يسوع المسيح مخلصنا كان قابلا للفساد، وتطلب منى أن أكتب نقدا لذلك، وأن أرسله لمحب الله الذى هو أنت. وقد قمتُ بذلك، محبة لك، وأنا انتقل من مكان لآخر، وليس لدى وقت مناسب حتى بالنسبة لأمور أخرى مطلوبة. ومع ذلك على قدر ما كان ممكنا للكتابة كتبته بتجميع بعض الفقرات من تعاليم الآباء، جزئيا من ذاكرتى، ومن القليل من مجلدات أعمالهم التى كانت هنا، فى جزء آخر. لأننى أعلم جيدا أن هناك سؤالا مماثلا فى المدينة الملكية أيضا. وبواسطة براهين من الآباء المستخلصة من الجدل والنزاع. ولما بدا لى أن شيئا معيبا فى الأمور المكتوبة منك، إذ لما وجدتُ أن معلمى الكنيسة المقدسة الذين علمونى من وقت لوقت، يختلفون فى هذه الأمور، أرجأتُ إرسال ما قد كتبته لتقواك (وكان صوابا)، لئلا يظن بعض الجهلة أن الجدل فى هذا الموضوع هو نزاع بيننا على الرغم من أن مناقشة كهذه، كما أعلم، ستكون برباط المحبة، إلا أن البعض سيفترضها عداوة. ومن ثم دعنى، أعرف فى الحال ماهى مسرتك بالنسبة لهذا الأمر، لأن أنجز ما هو مقبول لمحبتك مع الأخذ فى الاعتبار قول الرسول القائل "لتصر كل أموركم فى محبة"([557])
الكتاب التاسع: الفصل الثانى عشر.
بشأن رسالة يوليان الثانية ردا على رد ساويرس على رسالته الأولى له.
"لقد كتبتَ أنه قد ظهر لك شىءٌ معيبٌ فيما كتبته، وكان ينبغى عليك أن تُعلِمنى به الحال حتى تحررنى من القلق. ولكننى أعتقد أننى فى كل ما قد كتبتُ قد اعترفتُ بالحقيقة بالتجسد المأخوذ منا، واجتهدتُ فى أن أثبت أن الآباء كانوا متحدين مع بعضهم البعض، لأننى اعتبر من غير الممكن لنا أن نعتقد ونتمسك، بأن الفاسد وغيره هما واحد. وبينما نعترف أن الذى جُلِد هو الذى شفى جميع البشر المتأثرين، ولكننا نعرفه أيضا أنه ممجد ومرتفع فوق الأهواء، وإذ كان قابلا للموت إلا أننا نعترف بأنه داس الموت وأعطى بموته حياة للمائتين. وبالتالى لقد سببتَ لى قلقا فقط بقولك اننى كتبتُ شيئا معيبا، ولم تُخبرنى ما هو لكى أدافع عنه. ولكن تنازل وأكتب وأخبرنى بما هو مدوَّن من الآباء أثناسيوس، وكيرلس وآخرين لأننى أود أن أعرف فكرك أيضا. ولكننى أعتقد أننى اتبعتُ نوايا الآباء الذين كانوا غير مختلفين مع أنفسهم، أو مع بعضهم البعض، مثلما لم يكن بولس الذى يقول أن الخلاص ليس بالأعمال ولكن بالإيمان، مختلفا فى ذلك مع يعقوب الذى يقول أن الإيمان بدون أعمال ميت. إنهما لم يقولا هذه الأمور فى تعارض بين بعضهما البعض، ولكن فى اتفاق. ولكن صلى لكى ما نستنير من الله، ولا نستسلم بالأهواء لإرادتنا، وفى نفس الوقت تُرسِل كلمة مختصرة تُشرق بها علينا. فالقديس كيرلس يكتب "ليس من اليسير لنا القول أن الفساد يمكن أبدا أن يسيطر على الجسد المتحد بالكلمة". وبعد ذلك بخمسة أسطر "إنه لأمر عجيب وإعجازى أن الجسد الخاضع للفساد يقوم". فما هى الفكرة التى يُريد أن يوضحها (لأنه ليس متناقضا مع نفسه فى هذه الأمور) إن لم يكن يفكر بهذا الكلام فى فساد الطبيعة العامة. لأنه حمل أسقامنا بإرادته وليس بضغط الطبيعة، وسَّمر خطايانا بجسده على الخشبة مائتا لأجل خطايانا".
الكتاب التاسع: الفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر من الكتاب التاسع، خاص برسالة ساويرس الثانية المرسلة إلى يوليان هذا.
"إنه يبدو لى شيئا غريبا جدا عندما أتذكر الكلمات القليلة التى كتبتُها عن أن محبة الله التى فيك، حتى تقول أنك كنت فى قلق عظيم، إذ أننى أنجزتُ طلبك لا لسبب آخر سوى أن أخلصك من القلق والإنزعاج. لأنك لو كنتَ قد ارسلت لى مسألة زهيدة أو سؤالا بسيطا، لكنتُ بالطبع قد استخدمتُ كلمات قليلة فى الإجابة، ولكن إذا كان ذلك الذى أرسلته لى لأتفحصه، "مقالة"([558]) من سطورٍ كثيرة وعملا وافيا للغاية، فإننى بعد التفكير فيه فى كل يوم حسب قدرتى، سأعرض لك رأيى بوضوح.
والآن، بالنسبة للمناسب الذى وجدته، فهو كثير جدا وسأعرضه لك. إننى لا أتكلم بزيف. اصغى اصغِ لما قد كتبتُه كالآتى: لكى ما أعرض فهما لموضوع النزاع. لقد أرسلتُ لك ما قد كتبته، اختبره لترى ما إذا كان متفقا مع الأسفار المقدسة أم لا، لأننى اعتقد أن آباءنا كانوا متفقين على هذا. اكتب لى وأخبرنى ما هو الرأى الذى علىَّ أن اتمسك به، وإذ قد اعطيتنى موضوعا للنقاش، فكيف إذن فى رسالتك الثانية تطلب منى معالجة أمور كثيرة بسطور قليلة، وبكلمة مفردة كما تقول، الأمر الذى يحتاج كلاما كثيرا وبراهينً من الآباء الذين تكلموا بوحى من الله؟. الآن، الكتاب المقدس يقول "الله يُعلّم المعرفة، ويقضى على العالين"([559]). وفى موضع آخر "لأَنًّ الرَّبَّ يُؤتي الحِكمَة ومِن فَمِه العِلمُ والفِطنَة. يَدَّخِرُ لِلمُستَقيمينَ مَعونةً وهو تُرسٌ لِلسَّائِرينَ بِالكمال"([560]). لأنه إذا كان تقواك وأنا نسعى إلى إثبات أن هؤلاء الآباء لم يكونوا متعارضين مع بعضهم بعضا، فليس هناك ما يمنعنا من فحص الأمر بدقة، ومعرفة أنهم لم يكونوا بأى حال من الأحوال متعارضين مع بعضهم بعضا أو مع أنفسهم. لأنك تقول بالصواب والعدل أن الملافنة ليسوا متعارضين مع بعضهم، وأن بولس لم يكن متعارضا مع يعقوب عندما قال الواحد "بالإيمان يتبرر الإنسان، بدون أعمال([561]). بينما كتب الآخر"الإيمان بدون أعمال، ميتٌ". لأن بولس تكلم عن الإيمان قبل المعمودية، الذى هو الاعتراف التام من القلب عندما لم يكن هناك أعمال صالحة سابقة فى الدنيا، فمثل هذا الإنسان يتبرر بالإيمان والاعتراف فيُعمَّد. أما يعقوب فيشير إلى الإيمان بعد المعمودية عندما قال أنه بدون أعمال ميت إذا لم يُرفِقه الانسان بأعمال صالحة. لأن المعمودية هى سمة الإهتداء الصالح. لأنه حتى ربنا الذى كان مُعلِّما لنا بعد أن قدَّس المياه، واعتمد من يوحنا وأعطانا تأسيس المعمودية صعد إلى الجبل ومارس جهادا مع المجرِّب، وأهلك كل قواه لكى ما يُرشِدنا بذلك إلى أنه ينبغى لنا بعد التطهير الإلهى أن نجتهد بالأعمال، وأن نجاهد بحسب الناموس مع المقاوم، وبذلك نظهر فضائلنا. ولكن شخصا ما سيعترض ويقول" هوذا بولس قد أخذ ابراهيم كدليل على أن الانسان يخلص بالايمان بدون اعمال، قائلا "إذن الذين هم من الايمان يتباركون مع ابراهيم"([562]) الذى لم يعمل، ولكنه آمن بأنه يبرر الخطاة، "فحُسِب ايمانه برا"([563]). بينما يبرهن يعقوب، بحالة ابراهيم، أن الانسان لا يتبرر بالايمان وحده، ولكن بالإيمان المؤكد بالاعمال([564]). فكيف لا يكون هذا تناقضا؟، لأن نفس ابراهيم مثال للذين لم يعملوا ولكن آمنوا، ولأولئك الذين يُظهِرون ايمانهم بأعمالهم. وأنا مستعدٌ للشرح من الأسفار المقدسة لأن الذى يتفحص فترة حياة ابراهيم [سيرى] أنه مثال للإثنين: مثال للايمان الذى قبل المعمودية، [الذى] يعترف بالخلاص بواسطة الإيمان بالمسيح، ومثال للإيمان الذى بعد المعمودية المرتبط بالأعمال الذى هو إعادة انتاج لختان اللحم القديم الذى يستبعد انكار الغرلة ويجلب لنا التبنى كأبناء لله. ولذلك أُمِر موسى أيضا أن يقول هذا لفرعون". وقل لفرعون: اسرائيل فتاى، بكرى". لذلك يشهد بولس للكولسيين ويقول "الذى به اختتنتم بختان غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية، وختان المسيح. مدفونين معه فى المعمودية"([565]). لذلك قال عن ابراهيم أيضا أنه قد تبرر بالايمان بدون اعمال عندما كان فى الغرلة، قبل ان يختتن، وبهذا يُشير إلى الاعتراف بدون أعمال قبل المعمودية، اثناء كتباته إلى الرومان"حُسب لإبراهيم ايمانه برا". كيف؟. ليس بالختان، ولكن بدون ختان"([566]). ولم يتكلم باطلا لأن كلام موسى شاهدٌ، الذى يقول عن الله أنه قال لإبراهيم "انظر إلى السماء وقل للنجوم إن كنتَ قادرا أن تقول لها. هكذا سأجعل نسلك. وصدَّق ابراهيم الله، وحُسِب له ذلك برا". ولكن أيضا معلمنا يعقوب أخذ نفس ابراهيم كمثال للإيمان الذى يخلص بالأعمال بعد المعمودية لأنه إذ أختتن، وليس فى الغرلة، كما نتعلم من الكتاب المقدس الذى يقول هكذا "اتعرف أيها الانسان أن الايمان بدون أعمال ميت. لأن آبانا ابراهيم قد تبرر بالأعمال عندما قدَّم اسحق ابنه كذبيحة محرقة. أرأيتَ أن الإيمان يظهر بأعماله، وبأعماله قد كمل". ويُكمِل الكتاب المقدس فيقول "آمن ابراهيم بالله، فحسب له برا، ودُعِى خليله"([567]). إنه من السهل أيضا لمن يقرأ كتابات موسى أن يعلم من سفر التكوين أن ابراهيم بعدما اختتن قدَّم ابنه اسحق محرقة وتمم الوصية، أنه تبرر بالأعمال معطيا لنا مثالا للإيمان بعد المعمودية، التى هى الختان الروحى التى تبرر الانسان بالأعمال لأنه مكتوب "ُخُتِن ابراهيم واسماعيل ابنه، وجميع رجال بيته، سواء أكانوا مواليد بيته أم مشترين بالفضة من الغريب."([568]). وعندما جرَّب الله ابراهيم وقال له "خذ ابنك وحيدك الذى تحبه اسحق، واصعد إلى التل الذى أريهه لك وقدمه لى محرقة"([569]). وبناء عليه، كلام الرسل هذا، وذلك المكتوب فى العهد القديم لا يبدو أنه متناقض مع بعضه البعض، ولكنه واحدٌ، وقيل بروحٍ واحد، بشأن الايمان قبل المعمودية الذى يشهد للإنسان الذى يُقدِّم نفسه بإعتراف قصير بدون أعمال، والمعمودية كخلاص تام إن ترك المرء العالم. وايمان آخر الذى هو بعد المعمودية، الذى يتطلب البرهنة عليه بأعمال صالحة، والذى أيضا يرفع الإنسان إلى قياس الكمال وإلى مكان مرتفع. وهكذا يقول يعقوب بالصواب عنه أنه الايمان الذى كمل بالأعمال إذ أن بولس الحكيم يعطى أيضا فى موضع آخر تعليما مماثلا بخصوص الإيمان قائلا أنه يكمل بالأعمال. لأن الغلاطيين بعدما اعتمدوا وحُسِبوا ابناء الله بالروح، قد ارتدوا إلى اليهودية وأُختتنوا إذ أنهم افترضوا باطلا أنه بختانة لحمهم يحصلون على شىء فى المسيح يفوق الغرلة. فكتب موبخا إياهم قائلا" فى المسيح يسوع، لا الختان ولا الغرلة ينفع شيئا، بل الإيمان العامل بالمحبة"([570]). ولذلك، يتضح أيضا من هذا أن نوع الإيمان بعد المعمودية المرتبط بالأعمال، والمتحد بالمحبة هو المفيد و[هو] الذى يخلِّص. وما هو ذلك العمل [الذى] بالمحبة؟، هذا ما يوضحه بولس ويقول "المحبة طول أناة، ورفق. لا تحسد، ولا تنتفخ، ولا تتفاخر. ولا تخزى. ولا تطلب ما لنفسها. ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق. المحبة ترجو كل شىء، وتحتمل كل شىء. المحبة لا تسقط سريعا"([571]). هذه الأشياء هى لتوجيه الأعمال، وللكد والتعب، لكى ما يربح الكثيرون ويخلصون عندما ترتبط بالإيمان. ومن ذا الذى يجرؤ ليجد غلطة؟. لأن ربنا أيضا قال فى هذا الصدد "إن كنتم تحبوننى، احفظوا وصاياى"([572]). لذلك الكتاب المقدس وآباؤنا متآلفين معا فى التعليم المعطَى لنا. ولهذا بالنسبة لهذه المسألة أيضا هم بروح واحد فى التعليم لمن لا يقرأ بتوان. وبناء عليه، كما هو مكتوب "كل شىء معروف للفهيم، وواضح لمن يجد المعرفة"([573]). تلك المعرفة التى اسعى إلى أن ارسلها لمحبتكم بأسلوب محدد، كما هو الواجب على المسيحيين.
ولكن لما كنتُ قد سمعتُ من أنحاء كثيرة أنك نشرتَ الطوم الذى المقالة التى تحتوى على عملك والمعنون إلىَّ، ليس فقط فى المدينة العظمى الأسكندرية، ولكن فى مواضع عديدة. فإننى بناء على ذلك على قدر ما أنا مقتنعٌ بالمسيح الله معطى الشريعة، قد ارسلتُ وكتبتُ إلى أخينا توماس الكاهن ألا ينشر عملى ولكن يحتفظ به لنفسه لأننى رجوتُ أنه بمشورة إثنين، كما بفم واحد ونفس واحدة، تكون كتاباتى وكتابات قدسك معروفة. وعلى هذا المنوال فحصتُ مرة واثنتين تعليم الطيب الذكر اخسونويو Akhs'noyo وإلسينوس Eleusinus الأسقفيَن، والكتب إلى التى ألَّفاها عن أمور عسرة [الفهم] بشأن الايمان ولم أجد قط فى حالتهما أى تصريح عن العلاقات التى كانت بين بعضنا البعض بالمحبة خلال مناقشاتنا بينما كنا بمعونة ربنا بفكر واحد متماثل. لأننى لم أنتج كتابا أو مقالة لكى اكسب تميز بين الناس، أو شهرة تجاوز قياس ضعفى، ولكن [من أجل] الرأى السديد للإنجيل بحسب تعليم وتشريع الرسل. ولكن من المشين أن نترك فى وقت كهذا جهادنا ضد الهراطقة لنجتهد ونكتب ضد بعضنا البعض لئلا ينطبق قول الرسول علينا الذى يقول "إن كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضا، فاحذروا أن يُفنِى بعضكم يعضا".([574]). فمثل هذا النزاع يجب أن يعرض عنه أولئك الذين يُحبون ربنا بكل قواهم، وأن يحبوا بعضهم بعضا، لكى ما يغمرنا السلام ويفتقد اسرائيل الله([575]). تحية للإخوة الذين معك. الواحد الذى معى يحييك بربنا".
وعندما استلم يوليان هذه الرسالة أيضا من هذا المتعلم ساويرس، اشتعل غضبا وسخطا بشدة، وكتب قائلا أن طلبه هذا قد رُفِض منه لمدة سنة وشهر، وأنه لم يلق منه الاحترام الواجب، وأنه خُدِع([576]).
فكتب عندئذ ساويرس مقالة طويلة مملوءة بالبراهين من المعلمين الحقيقيين للكنيسة المقدسة الذين يقولون أن جسد المسيح الذى أخذه منا كان خاضعا للآلام البريئة ما عدا الخطية، إلى القيامة. ولهذا السبب، ولكى ما يكون معلوما، قد دونتُ الرسائل عاليه للتمييز.
وهناك كتبٌ كثيرة موجهة ليوليان وفليكسيموس ورومانوس وآخرين، الذين شايعوه فى رأيه، وفيها أيضا الكثير من المواد النافعة فى الدراسة لأولئك الذين يُحبون التعلم. وصاروا معروفين للحكماء والفهماء من حزب الايمان الحقيقى بخصوص تجسد مخلصنا. وتم الحفاظ على البسطاء. وبصفة خاصة الرهبان، واستـناروا ولم يصيروا أوطاخيين.
الكتاب التاسع: الفصل الرابع عشر
الفصل الرابع عشر من الكتاب التاسع بشأن الشغب الذى حدث فى القنسطنطينية، وكيف قُتِل هيباتيوس وبومبيوس وذُبِح عدد كبير من الشعب فى السيرك.
لم تكن المذبحة التى جرت فى السنة العاشرة([577])، على يد كثيرين من الهون الذين غزوا مقاطعة الرومان ونهبوها وقتلوا كثيرين من الشعب الذين كانوا فى الريف هناك، وأحرقوها كما سجلنا عاليه بكفاية، بل هلك أيضا فى المدينة الملكية اشخاصٌ كثيرون هناك فى الشغب الذى اندلع. لأنه عندما كان يوحنا القيصرى حاكما على كبادوكيا، كان يُشِيع وشايات بمكر وحيل ضد اشخاص هناك وفى مدن عديدة، وكدَّس كمية كبيرة من الذهب للخزانة الملكية من كل الطبقات، الوجهاء والحرفيين. وكان يُصغَى إليه بعناية فى القصر، وكان محظورا على كل أحدٍ([578])، إذ كان يحتل مكانة عالية من ثقة الملك إلى درجة أنه قدَّم اتهامات باطلة ضد الكثيرين، وكان محاطا بالمنافقين والوشاة. فكان حاضرا فى المدينة الملكية عدد من الشعب ليس قليلا من كل النواحى ممن كانوا لهم شكاوى ضده، وعضدوا بعضهم بعضا وشكلوا فصيلا واحدا. لذلك كان هناك صراخ مستمر ضده وضد الملك، واتحد كل الفيصل وكانوا بقلب رجل واحد مع بعضهم البعض لأيام عديدة، وأُغلِقَت المحلات، وبدأوا ينهبون كل ما يصادفهم فى طريقهم، ويحرقون. وأُخطِر الملك، وأغلِق أخيرا القصر. واجتمعت الأطراف فى السيرك، وأثاروا شغبا عظيما، وطالبوا أن يكون هيباتيوس ملكا، وإلاَّ سيحرقون المدينة. واضطر هيباتيوس إلى الخروج، واصطحبه بومبيوس. فأخذوا عُقدا يخص أحد الجنود ووضعوه على رأسه، وتوجوه ملكا، وهللوا له ومدحوه. وعندما حدث ذلك احرقوا الكنيسة الكبرى بناء على مشورة بعض الأشخاص، لكى عندما يصل خبر الكارثة، يتبدد الشعب المجتمع لأن الملك جوستنيان كان مغتما فى القصر. وكان الجنرال موندوس وكتائبه حاضرون هناك، فتلقى هو والاسكولاريون([579]) scholarians، وكل الكتائب التى كانت فى متناول اليد الأوامر. فأُغلِقت أبواب السرك. وذبحوا وقتلوا كل فئات الشعب الذين كانوا حاضرين هناك. ولم تكن هناك وسيلة للهرب والفرار من المذبحة. وهلك فى هذا الشغب أكثر من ثمانين ألف شخص. وقُبِض أخيرا على هيباتيوس وبومبيوس، وأُحضِرا أمام الملك. وعندما فهم حالة الأزمة رغب فى إنقاذ حياة الرجلين، ولكنه لم يكن قادرا على فعل ذلك لأنه أقسم فى غضبه بالله وبنفسه بإعدام الرجلين([580])، فأرسِلا إلى شاطىء البحر، وقتلا وأُلقيا البحر.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس عشر.
الفصل الخامس عشر من الكتاب التاسع يختص بالأساقفة المؤمنين الذين تم استدعاؤهم من المنفى إلى المدينة الملكية، والإلتماس الذى قدَّموه إلى الملك بشأن الإيمان كما يلى:
"إن الرجال العديدين الذين توجوا رأسك أيها الملك الظافر بإكليل المديح، رجال ينتهزون فرص اشخاص آخرين ليكتبوا كلاما بشأن تعطفكم نحوهم، ولكننا نحن الذين حُسِبنا أهلا لنوال فضائلكم نقدم الشكر لكم بإكليل الحمد الذى ننسجه بكل روعة. فبينما كنا نقيم فى هدوء فى الصحراء، أو ما يمكن القول، فى آخر الدنيا لمدة طويلة كنا نصلى إلى الله الصالح والرحوم من أجل جلالتكم، وعن خطايانا، طوال تلك الأيام. وقد مالت سكينتكم نحو ضِعتنا، فى رسائلكم الإيمانية التى تستدعينا للمجىء إليكم. وإنه لأمر عجيب لنا أنك لم تتلق طلبنا بإحتقار، ولكن بالعطف الملازم لك، وتعاطفت معنا لكى ما تُخرجنا من مذلتنا بحجج هذا أو ذاك ممن تشفعوا من أجلنا.
والآن، لما كان من واجبنا أن نطيع أمرك تركنا الصحراء فى الحال ورحلنا بسرعة عبر الطريق بسلام، دون أن يسمع أحدٌ صوتنا، ونحن آتون على أقدامنا سائلين الله المعطى بسخاء أن يجازى سموك والملكة المحبة لله، بالخيرات التى من فوق، نيابة عنا، وأن يهب السلام والهدوء لكم، وأن يضع تحت أقدامك كل شعبٍ عاصٍ. ومع ذلك فإننا وقد أتينا، نقدم لسموكم هذا الإلتماس الذى يحتوى على ايماننا الحقيقى([581])، ليس عن رغبة فى المجادلة مع أى شخص فى أى موضوع ليس مفيدا، كما هو مكتوب([582]) لئلا نضايق آذانكم. لأنه من العسير جدا للإنسان أن يقنع اشخاصًا يرغبون بإستمرار فى النزاع، على الرغم من أنه يعلن الايمان الحقيقى. ولهذا، كما قلنا، نرفض الانشغال بالمنازعة مع المشاكسين الذين لا يريدون أن يتعلموا، لأن معلمنا الرسول يقول "فليس لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله"([583]).
وبناء عليه، نحن الآن نعلن، أيها الملك الظافر، حرية ايماننا، على الرغم من أننا كتبنا عندما استلمنا فى الصحراء مرسومكم بيد الدوق ثيودوتس، وأعلنا بما نؤمن به، وأعطانا جلالتكم رسالة صدق خالية من أى مكروه تحركتم به واستدعيتمونا إلى حضرتكم. ولما كنا قد حُسِبنا أهلا لمراحم الله، فنحن نعلن فى هذه الرسالة بنعمة الله لأرثوذكسيتكم أننا قد تلقينا منذ الطفولة المبكرة ايمان الرسل وتربينا عليه وبه. ونحن نفكر ونؤمن مثل آبائنا القديسين الملهمين من الله الثلاثمائة وثمانية عشر الذين حرروا ايمان الحياة والخلاص، والذى صُدِّق عليه أيضا من آبائنا القديسين المائة والخمسين الذين التقوا هنا([584])، وتثبَّت بواسطة الأساقفة الأتقياء الذين اجتمعوا فى أفسس ورذلوا نستوريوس غير التقى. وهكذا بإيمان الرسل هذا، اعتمدنا ونعمِّد. وهذه المعرفة متجذرة فى قلوبنا وهذه العقيدة ذاتها هى التى نعترف بها كدستور ايماننا ولا نقبل أى شىء يجاوزها. لأنها كاملة من جميع النواحى، ولم تشخ ولا تحتاج إلى تجديد.
والآن، نحن نعترف بثالوث معبود وقدوس من طبيعة وسلطان وقدرة واحدة، معروف بثلاثة اقانيم. لأننا نعبد الآب، وابنه الله الكلمة المولود منه أزليا قبل كل الدهور، وهو معه دائما بدون تغيُّر فى الأزمنة. والروح القدس المنبثق من الآب([585])، وهو من نفس طبيعة الآب والابن. وأن أحد الأقانيم من الثالوث القدوس، أى الله الكلمة، نقول، أنه بإرادة الآب أخذ جسدا فى آخر الأيام من أجل خلاص البشر من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم، الثيوتوكس، بجسد موهوبًا([586]) بنفس عاقلة وواعية قابلة للتأثر بحسب طبيعتنا. وتأنس، ولم يتغير عما كان عليه. كذلك نعترف أنه بينما هو فى الطبيعة الإلهية ظل من طبيعة الآب، فإنه كان أيضا فى ناسوته من طبيعتنا. وبالتالى هو الكلمة الكامل ابن الله غير المتغير [الذى] صار انسانا كاملا، ولم يدع شيئا يعوزنا بخصوص الخلاص([587])، كما قال الغبى ابولليناريوس القائل أن تأنس الله الكلمة، لم يكن كاملا، ويحرمنا طبقا لرأيه من أمور أولية فى خلاصنا. لأنه إذا كان عقلنا ليس متحدا به كما يقول هو بسخف، إذن فاننا لم نخلص. وبالنسبة لموضوع الخلاص نكون قد افتقرنا إذن إلى النتيجة الأسمى لنا. ولكن هذه الأمور ليست كما قال هو، لأن الله الكامل صار من أجلنا انسانًا كاملا بدون تغيُّر. ولم يدع الله الكلمة أىَّ شىءٍ معوزا فى تأنسه. وكما قد قلنا، لم يكن خيالا كما افترض مانى غير التقى ويوتيخس الضال. ولما كان المسيح هو الحق الذى لا يعرف الكذب أو الخداع لأنه هو الله، لذلك الله الكلمة قد تجسد بالحقيقة، حقا وليس شبها، بالطبيعة والأهواء البريئة([588])، لأنه بإرادته تحملها([589]) أيضا من أجلنا، ضمن الأشياء التى أخذها بجسد طبيعتنا القابل للتأثر([590]) وللموت، وأحيَّانا بالقيامة الخاصة بالله، اذ استرد عدم الفساد والخلود الأول لطبيعتنا البشرية. ولما كان الله الكلمة لم يترك، فى الحقيقة، شيئا معوزا، ولا كان شبحا([591]) فى تجسده وتأنسه، لذلك لم ينقسم إلى اقنوميَن وطبيعتيَن بحسب التعليم الذى أدخله نستوريوس "عابد الإنسان"([592])، والذين علَّموا مثله [بذلك] سابقا، والذين يفكرون هكذا فى أيامنا. والإيمان المشمول فى اعترافكم يدحض تعليم هؤلاء الأشخاص الذين يميلون إلى النزاع. لأنك فى غيرتك، قد قلتَ هكذا "الله الذى تجسد، ظهر. هو مثل الآب فى كل شىء ما عدا تفرد الآب([593]). وصار شريكا لطبيعتنا، ودُعِى ابن الانسان، وإذ ظل هو الواحد نفسه الله والانسان، أظهر ذاته لنا، ووُلِد كطفل من أجلنا. واذ هو الله تأنس من أجل البشر ومن أجل خلاصهم([594]). فإذا تشيع أولئك الذين ينازعوننا لهذه الأمور بالصدق، ولا يتظاهرون بالتمسك بها ظاهريا فقط، ولكن بالأحرى يؤمنون بها مثلنا ومثلك، ومثل آبائنا القديسين الملهمين من الله، فإنهم سيكفون عن هذا النزاع. لأن جميع علماء الكنيسة الحكماء قد قرروا بوضوح أن المسيح قد اتحد بمُركَّب([595]). وأن الله الكلمة قد اتحد بمركب [أى] بجسد ونفس عاقلة. فإن ديونيسيوس الأريوباغى الذى انتقل بواسطة سيدنا بولس من ظلمة وضلالة الوثنية إلى النور السامى لمعرفة الله، يقول فى مقالته التى ألفها عن الأسماء الإلهية للثالوث القدوس "فلنسبحه بتعقل، كما نقول بالصواب. لأنه فى الحقيقة اشترك تماما فى خواصنا ووحدها بشخصه جاذبا لنفسه ورافعا لضِعة بشريتنا، التى صار يسوع البسيط متحدا منها بمركب بأسلوب لا يُمكن وصفه([596]). وذاك الذى كان [موجودا] منذ الأزل وقبل كل الدهور، أخذ وجودا عرضيا. والذى كان ممجدا ومعظما فوق كل الرتب والطبائع صار على مثال طبيعتنا بدون تغير أو تشوش([597]). وأيضا أثناسيوس فى مقالة عن الايمان دعا اتحاد الله الكلمة مع الجسد الحائز على النفس مُركَّبا، متحدثا هكذا "ماهى علاقة عدم الايمان بأولئك الذين يقولون "سكن" بدلا من "تجسد". و"طاقة بشرية"، بدلا من اتحاد ومركب؟. لذلك، إذا كان الله الكلمة الذى كان قبلا بسيطا وغير مرَّكب، قد تجسد من العذراء مريم، الثيوتوكس، تبعا لآبائنا القديسين الذين يتبعهم جلالتكم، واتحد بجسدٍ ذى نفس عاقلة وجعله خاصا به كالتدبير، فإن هذا يُظهر، أنه ينبغى لنا أن نعترف طبقا لآبائنا بطبيعة واحدة لله الكلمة الذى تجسد وتأنس بالكامل([598]). وبناء عليه، الله الكلمة الذى كان بسيطا قبلا، لا يمكن الاعتراف به أنه قد صار مركبا بالجسد، إذا كان منقسما ثانية بعد الاتحاد بالقول أنه بطبيعتين. ولكن، كما أن الانسان العادى، المكوَّن من طبائع مختلفة جسد ونفس وهلم جرا، ليس منقسما إلى طبيعتين، لأن النفس متحدة بالجسد عن طريق التركيب لتكوين طبيعة واحدة وشخص واحد هو الانسان. هكذا أيضا الله الكلمة الذى اتحد شخصيا بجسد ذى نفس ليس منقسما إلى طبيعتين بسبب اتحاده بالجسد المركب. لأنه طبقا لكلام آبائنا الذين اتبعتهم بخوف الله، الله الكلمة الذى كان سابقا بسيطا قد رضى من أجلنا أن يتحد بجسد ذى نفس عاقلة وواعية، بدون تغير، ليصير انسانا. وبناء عليه، طبيعة واحدة، واقنوم واحد ممجد لله الكلمة الذى أخذ جسدا. وهناك فعل واحد لله الكلمة، الذى ظهر ممجدا ومعظما ولائقا بالله، وأيضا متضعًا وبشريًا. فكيف اذن يكون البعضُ([599]) ليسوا على صواب؟. وهم يرفضون بسرعة قبول ما قد كتبه ليو فى "الطوم" معارضا، هو والذين مع آرائه، هذه الأمور. وهم([600]) يقدمون اقتباسات منه ومن نستوريوس وثيودور وديدورس وثيودوريت ومجمع خلقيدون الذى تكلم عن طبيعتين بعد تجسد الله الكلمة، وعن اقنوميَن. وقدموا دحضا لهذه الآراء ببراهين مستقاة من الآباء الذين تمسكوا فى أوقات عديدة بآراء مضادة لهذه، وعلَّموا فى الكنيسة بطبيعة واحدة واقنوم واحد قائلين أن الله الكلمة، فى الحقيقة، تأنس بدون تغيُّر، وصار انسانا كاملا وظل هو نفسه إلها كاملا. بالإضافة إلى أمورٍ أُحجِم عن تسجيلها هنا بسبب طولها، ولأنها موجودة فى كل مكان فى الأعمال التى ضد الدايوفيزيت".
وفى نهاية إلتماسهم قالوا هذا: "ولهذا السبب نحن لا نقبل سواء لا "الطوم" أو ولا تعريف خلقيدون، أيها الملك الظافر، لأننا نحافظ على قانون وشريعة آبائنا الذين اجتمعوا فى أفسس وحرموا وخلعوا نستوريوس، وحرموا كل مَن يُؤلِّف تعريفا آخر للإيمان إضافة إلى تعريف نيقية الذى وُضِع بالصواب وبإيمان من الروح القدس. هذا ما نرفضه ونحرمه. وهذا التعريف والقانون قد أبطله ولاشاه أولئك الذين اجتمعوا فى خلقيدون، كما سجلوا فى أعمال ذلك المجمع، فخضعوا لعقوبة ولوم آبائنا القديسين من حيث أنهم قد أدخلوا تعريفا جديدا للإيمان هو ضدٌ للعقيدة الحقيقية لأولئك الذين تمسكوا بها من وقت إلى وقت بحسب الاسلوب السليم لمعلمى الكنيسة الذين، كما نعتقد، يعاملون المسيح الآن مثلنا، وأنه ينبغى أن تُعِين ايمانهم الصادق، مكرِّما المفاهيم التى يتعهد بها كهنتهم، والتى بها تتعظم الكنيسة وتتمجد. وبهذا يسود السلام فى عهدك بقوة يمين الله القدير الذى نصلى إليه من أجلك لكى ما يضع اعداءك تحت موطىء قدميك، بلا كفاح أو تعب يَدَين".
وعندما قُدِّم خطاب الدفاع عن الإيمان كما ورد عاليه إلى الملك، وقُرِأ، وقيل كلام كثير خلال مدة لا تقل عن سنة وأكثر، من قِبل الاساقفة المؤمنين، الذين جاءوا إلى هناك، إلى المدينة الملكية حسب أمر الملك، كما دونا عاليه، ومن ضمنهم يوحنا الأرشيمندريت المتعلم، ابن افثونيا( وكتب سجلا بهذه المناقشات) لم يشأ الملك أن يُقصِى مجمع خلقيدون من الكنيسة، بينما استدعى بخطاب القديس ساويرس رئيس الكهنة الذى كان مختبئا فى أماكن عديدة. ولما رفض طلب الملك، ورفض أن يأتى إليه، عاد كلٌ من الأساقفة المؤمنين الذين كانوا فى القنسطنطينية إلى الاختباء فى أى مكان، [كلٌ حسبما] رآه مناسبا له.
وعندئذ، بعد وقت من الزمن، فى السنة الثالثة عشر([601])، وأيضا بعد خطابات كثيرة من الملك، جاء القديس ساويرس، واُستقبِل. وكان فى القصر إلى مارس من السنة الرابعة عشر، بينما كان الأساقفة الدايوفيزيت متضايقين ومنزعجين، وخاصة افرايم الأنطاكى، إلى أن هيجوا فى غضبهم اجابيتوس رئيس كهنة روما الذى شاركهم فى رأيهم، ودعوه وأحضروه إلى المدينة الملكية. وأكثر من ذلك، ماذا حدث، وكيف حدث ذلك. فهذا ما سيُعرَف من الفصل الذى سأكتبه بعده.
نهاية العريضة المشتملة فى [الفصل] الخامس عشر بشأن الرهبان الذين اجتمعوا فى القنسطنطينية ([602]).
الكتاب التاسع: الفصل السادس عشر
يتناول الفصل السادس عشر من الكتاب التاسع دفاع ساويرس عن رفضه الحضور إلى المدينة الملكية. فكتب رسالة كما يلى:
"الآبدى، كلمة الآب، ابن الله، الذى أخذ فى النهاية جسدا ولم يتغير. وأكثر من ذلك صار انسانا كاملا من الروح القدس، ومن مريم القديسة العذراء، الثيوتوكس، وكان بالحقيقة مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية([603]). وإذ كان يتمم تعليم الخلاص بالأمثال، [زرع] بذورا منه فى تلاميذه لكى هم أيضا والجميع فى سائر انحاء الدنيا الذين بواسطتهم يتلقون الكلمة، لكى ما يُعزَى كل [ما هو] صالح يثمر [فيهم] فى طريق البر والأعمال التقوية، لا أنفسهم ولكن إلى قوة ذلك الذى زُرِع فيهم فى البداية، كما بالنعمة بين الوديان والأخاديد وأحجار البرية، لكى ما تسبح بأصوات قوية وعالية وتنطق. لذلك، أنت بالمثل قد ألقيتَ بذار تعطفاتك فى حقارتنا، فأثمرت كتابة هذا الخطاب منى ليس كثمرة لإفتراض أنه من الممكن الرد على الصوت القوى لجلالتكم الذى وصل إلى آذانى، أن يخرج نطقا منى. لأنه عندما فكر أولئك الذين رذلوا حقارتى، أنهم قد أغلقوا الأبواب فى كل مكان فى وجهى بلا رحمة، فإنه عندئذ، فى الحقيقة، كما بمعجزة غير متوقعة، تستدعينى أنتَ نفسك بخطابك، أنا الطريد والمنفى من قِبل الأعداء. ونفس هذا الشىء هو مثل الله الذى قدَّم، بالنسبة لأولئك الذين كانوا مطاردين من قِبل الاعداء، الذين فكروا أنه حبسوهم وامسكوا بهم، طريق آمان عريض جدير بحكمته وجبروته، الطريق الذى صنع اعجوبة على فرعون الذى تركهم بعد زمن طويل من العبودية، ثم طاردهم ليعيدهم إلى الخضوع لنيره الثقيل وأحاطهم بفرسانه فى برية "بحر القصب"([604]) وسد الطريق مفكِّرا فى قلبه وقائلا هؤلاء الرجال قد انحبسوا فى الارض لأن البرية قد أُغلِقَت عليهم([605])، فإذا بالله العجيب يفتح بنعمته لأولئك الذين ظنوا ظن المحاربون أنهم قد أُطبِق عليهم، طريقا يابسا فى البحر لكى ما يعبروه بأقدامهم، عندما أمر موسى أن يرفع عصاه ويشق البحر. وهكذا بالمثل فعل جلالتكم أيضا بصولجان السلام، وشق البحر فى البرية المطبقة علىَّ. والطريق الذى لم يكن ممكنا عبوره، عبرته.
وإنه لدليل عظيم على تعطفكم أنكم قد حررتم رسالة إلىَّ بلا تردد، وبقسم واعدا إياى بضمان من الأذى. [فكنتَ] فى هذا أيضا، كان على غرار الله. لأنه تنازل هو أيضا إلى ضعف البشر وأرسل وعوده مرارا بأقسام، كما يُعلِّمنا الكتاب المقدس، ويذكرها بولس قائلا "عندما حلف الله لإٌبراهيم، إذ لم يكن له أعظم يُقسِم به أقسم بنفسه قائلا لأباركنك بركة وأكثرك تكثيرا"([606]). ولكننى أنا الحقير إذ اثق فقط بالكلمة التى تخرج من فمك، مصدقا أنها ضمان تام لى حتى كما قال الحكيم الجامعة([607]) "لاحظ فم الملك ولا تقلق بسبب كلام القسم بالله"([608]). ولكننى فى الواقع أثق بالإختبار النابع من الأعمال التى فى الحقيقة تشهد أكثر من الاقسام بسلامك، بالإضافة إلى ميلك إلى الرحمة الذى يخص النفس اللطيفة، لأنه بمجرد أن أخذتً على عاتقك مهام المملكة قد أرحت من الحزن كل فئات البشر الذين حُكِم عليهم بالنفى من رؤوساء كهنة ووجهاء وعامة البشر، معتبرا ذلك محل تقدير متساوى من الجميع، مثل نور الشمس والمطر والهواء المعتدل والأمور الأخرى اللازمة لحياة البشر. ولكننى لن اسمح لنفسى بزلل بشرى من جراء النهل من هذا المجرى الجياش للطفكم، وانتفخ. ولكننى عزمتُ أن أوضح [لكم] ما فى ذهنى. لأننى أخشى إذا ما شوهد حقارتى فى المدينة الملكية، أن يفزع كثيرون. فعلى الرغم من أننى، فى الحقيقة، لا شىء ومجرد شخص وضيع مثقل بنير الخطايا الثقيلة، إلاّ أنهم عندما يسمعون عن ذلك([609])، سيثور كثيرون غضبا، وسيلتهبون بهذا الإنزعاج الخسيس كما بجمرة من نار فيُزعجوا ويسببوا المتاعب حتى لجلالتكم بسبب عطفكم نحوى. وأظن أن ذلك لن يبدو ملائما لك، أو مفيدا لآخرين. والآن، أنا لا اقول ذلك كمَن له أية قوة ضد جبروت جلالتكم، لأنه مكتوب "الملك الجالس على عرش العدل([610]) يبدد كل شر بنظره"([611]) . ولكن لأننى مقتنع بأنه كما أن هذه القوة تخصكم بالنعمة من فوق، هكذا أنتَ خليق بالفهم والحكمة، وتجعلك تسعى إلى عمل أشياء كثيرة، ليس بالسيف ولكن بالحكمة الملائمة لملِك. وهذا ما تعلمناه من الكتاب المقدس الذى يقول "الملك الحكيم يُغربل ويبدد الأشرار"([612]). وكما أنه من السهل لأولئك الذين يبددون بالرياح الرفش أن ينزعوا الأثمة([613])، هكذا أيضا من البساطة لسموكم يا سيدى، بكل تقدير قلب ورحمة من أبٍ كريم أن تفصل أولئك الخاضعين لك عن أولئك الذين من الحزب المضاد لكى ما تكون الكنائس المتحدة مستحقة للصداقة. لأننى أعلم أنه لهذا السبب ذاته اعتبرتَ أنه من الصواب أن يأتى ضعفى إلى اقدامكم، لأنه عندما حسبتَ أيضا نفس هذا الشىء مستحق لرسالة منك إلى اساقفة الشرق الاتقياء، الذين هم رجال يُصلُّون من أجل الأمن، وحفظ جلالتكم، هم أيضا بعدما كتبوا لك عما يُفكرون فيه، أعلموا ضعفى بأن هذه هى إرادتك، حاثين إيانا، طبقا لعادة الكنيسة، لأجل أن نعينك بالصلاة نيابة عنك.
والآن، فى مدينة الأسكندرية العظمى، لم يحدث شىء لى من الأشياء الباطلة التى أثيرت ضدى. ومن السهل لى أن أظهر غباوة المبلغين([614]) لأنهم اغتابونى قائلين: أنه بواسطة مبلغ كبير من الذهب قد وزعته هناك، أثرتُ العصيان. وهذا الشىء عينه معلوم لأولئك الذين يكرهوننى بشدة، وهو أننى رغم انغماسى بأوجاع خطايا أخرى إلاَّ أننى لا أهتم بتكديس النقود. وهذه لأبسط عاقل هى حياتى المعتادة فى التقشف حتى أن الاسقفية لم تُخرجنى عن هذه العادة. لأنه كما أنه من المحبب أن يمارس الكاهن الواجبات الكهنوتية، هكذا بالمثل من المحبب أن يكون فقيرا. ولذلك أيضا، القانون المعطى من موسى ينص على أن سبط لاوى المختار لا يكون له ميراث فى الارض، ولكن يكتفى بالتقدمات المعينة، ويرتبط بذلك الأرملة واليتيم والمحتاج لأنهم معتادين على الفقر، قائلا "واللاوى سيأتى (لأنه ليس له ميراث أو نصيب معك) والغريب واليتيم والأرملة التى فى فى قريتك، فيأكلون ويفرحون لكى الرب الهك يباركك فى كل اعمالك التى تفعلها"([615]). ولكن لأنه كما هو مكتوب "شفتى البار مقبولة للملك وهو يُحب الكلام المستقيم"([616]) فإنه يمكن لسيادتكم أن تعلموا من الحكام الذين كانوا فى الأسكندرية فى أى وقت، والآن من ضباطهم ممن لا يغيب عنهم شىء ما، عما إذا كان أى شىء من هذا النوع قد حدث منى ولو بكلمة، أو قيل أنه قد عُمِل، كما أشاعوا عنى بزيف ومكر. وأما عن هؤلاء المبلغين فلن أقول أى شىء [عنهم] لأنه لا يخفى على علمك أى نوع من الرجال هم، ولكننى أنتظر دينونتهم بعد أن ننفصل عن عالم الشقاء هذا أمام محكمة المسيح، حيث سنعطى حسابا عن كل كلمة بطالة وفكر باطل، وخاصة نحن الاساقفة الذين عُهِد الينا بالكثير، على الرغم من أننا نبتهج ونلهو هنا بأمور جسدية. ولكن إن طبق أحدُ لفظ الشغب على ما كتبته إلى يوليان اسقف هاليكرناسوس الذى مال إلى هرطقة المانويين واعتبر الأوجاع الطواعية المخلِّصة التى للمسيح الإله العظيم خيالا، فإننى اعترف بعشرة آلاف فم ولسان بما كتبته ولا أنكر، مثلما لا يتسرع أحد ويأمرنى بإنكار ايمانى. لأن هذا هو رأى أرثوذكسيتك أيضا انت المهتم بالتمسك بالأمور التى تخص الروح أكثر من أى شىء من شؤون الدنيا. ولم أكن مضطرا لعمل ذلك بإرادتى الخاصة، أو بدوافعى، ولكننى كنتُ مضغوطا بشدة منه للكتابة لأنه ظن اننى اوافق على رأيه. لاننى عندما تفحصتُ ما قد ارسله لى (وكنتُ بعيدا عن الأسكندرية) فى الأمور التى كتبها، وجدتُ أنه تحت اسم "عدم الفساد" يُغطى، كما لو كان بجلد غنم، تجاديف مانى، لأن هناك أشياء كثيرة امتنعُ عن ذكرها.
هذا الرجل الغبى الذى يعترف بالآلام بشفتيه فقط، يُخفى كفره ويكتب هكذا "عدم الفساد كان ملتصقا دائما بجسد ربنا الذى كان قابلا للتأثر بإرادته الخاصة من أجل الآخرين". وبكل محبة اخوية كتبتُ له وسألته ماذا تقصد "بعدم الفساد" و"تألم بإرادته من أجل الآخرين" و"كان ملتصقا بجسد ربنا"، إن كنتَ تعترف بأنه بالطبيعة([617]) قابل للتأثر؟. فإذا كنتَ تقصد بعدم الفساد الذى يمتلكه، القداسة بدون الخطية، فإننا جميعا نعترف معك بهذا، وهو أن الجسد المقدس[المأخوذ] من رحم العذراء النقية، الثيوتوكس، بالروح القدس اساسا قد حُبل وولِد بالجسد بدون خطية واشترك معنا نحن البشر"لأنه لم يصنع خطية ولا وُجِد فى فمه غش([618]) طبقا لشهادة الكتاب المقدس. ولكن إن دعوتَ عدم الفساد عدم القابلية للإحساس ([619]) والخلود، وقلتَ أن الجسد الذى تألم نيابة عنا لم يكن هو الجسد القابل للألم طواعية، وللموت باللحم، فإنك تُخفِّض الآلام المخلِّصة نيابة عنا إلى خيالphantasy. لأن الشىء الذى لا يتألم، أيضا لا يموت، وغير قابل للآلام.
وعندما استلم منى مثل هذه الملاحظات رفض صراحة أن بعتبر يعتبر الجسد المقدس لعمانوئيل قابلا للتألم بالنسبة للآلام الطواعية، ولذلك لم يتردد فى أن يكتب هكذا بدون خجل وبكل صراحة "نحن لا ندعوه من طبيعتنا بالنسبة للآلام ولكن بالنسبة للجوهر. لذلك حتى إن كان هو غير قابل للتألم، وحتى إن كان غير قابل للفساد، إلا أنه مع ذلك هو من طبيعتنا بالنسبة للطبيعة".
وبقية حماقة يوليان الضالة المتضمنة بإسهاب فى الرسالة سأمتنع عن تسجيلها الآن، لأنها موجودة فى الكتب الكثيرة إلى ألفها القديس ساويرس هذا ضد يوليان. ولكنه كتب فى نهاية الرسالة قائلا هكذا:
"لذلك، اتوسل اليك وامسك بقدميك، وأكرر طلبى ثانية أن تتركنى وحدى [أنا] الحقير، ولا تُحضِرنى ثانية بين الناس لأننى سقيم فى جسدى وذهنى، وضعيف، وما أصدق الكتاب المقدس الذى يقول الذهن يسقط بالضربات، وهناك شعر ابيض كثيف على رأسى يشهد بقرب موتى والرحيل عن هذه الحياة المتعبة، ويظهر لى أنه لأمر جيد جدا ونافع الجلوس خفية فى ركن، واتفكر بذهنى فى انفصال النفس عن الجسد منتظرًا قبرى"لأن الأرض بيت لكل ما هو مائت" كما قال أيوب([620])، لأنه فى حالة الحيوانات الأخرى التى تعيش على الأرض شعرها لا يتغير. لكن فى حالة هذا الحيوان العاقل، الانسان، لأنه عتيد أن يأتى إلى الدينونة وستُفحَص أعماله فى العالم الآتى، فبمجرد أن يقترب من الشيخوخة يتغير شعر رأسه إلى أبيض ليُعلن له هذا المظهر ويُنبهه بمقدار التوانى الذى اجتازه، لكى يُعد أعماله للرحيل. ويشهد الكتاب المقدس أيضا له قائلا "ارفعوا اعينكم وانظروا الحقول انها قد ابيضت للحصاد"([621]) لأن انفصال النفس عن الجسد هو فى الحقيقة حصاد، وكما بمنجل يقطعه منها. لذلك أرجو أن يهبنى عظمتكم هذا المطلب البسيط [وهو] أن اقبع مختبئا حيث أنا بقية أيامى فى الدنيا. حيث عزمتُ على الحياة سرا، كما فى ركن، لأن هكذا هى حياة الراهب. وليعطك المسيح الذى هو، اله فوق الكل، السلطان على اعدائك بسلام تام، ووفاق بين الكنائس لكى ما تتوج بهذا أيضا. واذا كنتُ قد ارتكبتُ أى خطأ أو تجاسر فى خطابى هذا فأتوسل إليك أن تغفر لى كما فى أمور أخرى لأنه جدير بملك محب للمسيح، أن يغلب الشر بالخير، كما قال الرسول([622]). [الأمر] الذى أنت تظهره بالأعمال، ولذلك دُعِيت، بالصواب، الظافر".
توقيع ساويرس على الرسالة. فليحفظ الثالوث الهنا ارثوذكسيتك سنينا كثيرة حافظا سلطنة أمة الرومان بسلام. وليُخضِع لك أمم الرومان والبرابرة. وليهب الكنائس بواسطتك الاتفاق التام فى الايمان السليم. ويحسبك أهلا لنوال تاج ملكوت السموات".
والآن، ظل القديس ساويرس بعد هذه الرسالة إلى السنة الثالثة عشر([623]) ثم جاء إلى المدينة الملكية لأنه كان مضغوطا من رسائل الملك.
الكتاب التاسع: الفصل السابع عشر
الفصل السابع عشر من الكتاب التاسع، بشأن غزو بليساريوس الجنرال لأفريقيا.
فى صيف السنة الحادية عشر([624]) صنع روفينوس وهرموجينس قادة القوات، بمعونة ربنا سلاما بين الرومان والفارسيين بالشروط المكتوبة فى المعاهدة. وجاء الجنرالات الرومان والجيش من الشرق إلى المدينة الملكية فتلقوا لوما من الملك وعدم مسرة لأنهم لم يسلكوا كما يحق للرتبة والكرامة العالية التى انعم بها عليهم، بأن يُظهروا ذواتهم شجعان وجسورين فى الكفاح ضد الفارسيين وخاصة بليساريوس بسبب خسارة الجيش تحت قيادته عندما هُزِم فى المعركة فى ثانورس، وعلى الفرات. ودافع أمام الملك، بعدم صبر الجيش، ونقص التدريب بين الافراد الذين كانوا تحت امرته. والآن، كان هناك فى القنسطنطينية بعض الوجهاء من افريقيا الذين بسبب معركة مع امير البلاد، قد تركوا بلدهم ولجأوا إلى الملك، واعطوه معلومات عن البلد وحثوه قائلين أنها كثيفة جدا ومسالمة وليس لديها أى فكر عن الحرب مع الرومان، ولكنها مشغولة بالحرب مع المور، وهم شعب يقيم فى الصحراء ويعيش على السرقة والتخريب مثل الساراسيين، واوضحوا له أن هذا البلد قد قُطِع وأختُطِف من الامبراطورية الرومانية من أيام زرزريك الذى أخذ روما وحمل أيضا مواد قيمة من الذهب والفضة والمعادن الأخرى، وانسحب إلى قرطاجة فى افريقيا، المدينة المتميزة التى استولى عليها، واحتلها واستقر هناك وخزَّن الكنوز فيها. وهكذا، جهَّز الملك جيشا بقيادة بليساريوس ومارتين وأرخيلاوس الوالى. وحملت سفن كثيرة الجيش والإمدادت اللازمة، وابحروا عبر البحر. ولأن الله اراد هذه التجربة وساعدها، وصلت فى أيام قليلة وظهرت فجأة أمام المدينة الملكية فى قرطاجة. ولم يكن أمير البلاد هناك، ولكن كان منهمكا فى الحرب مع المور فى الصحراء. فإنهزمت القوة الصغيرة التى كانت فى المدينة وخرجت لملاقاة الرومان، وانسحبت. وحوصِرَت المدينة ودخل الرومان واحتلوها. وجمعوا الغنائم وحُفِظَت كنوز الأمير لملك الرومان. واحتل الرومان مدنا أخرى فى البلد بخيانة بعض الرجال الذين كانوا معهم، وكانوا يعرفون البلد جيدا. وكانت ارضا فسيحة تمتد لمسافة سفر خمسين يوما، ووجهاء الشعب كانوا آرمانيين([625]) arimenites. وعندما سمع الأمير بذلك جاء بجيش ووجد نفسه صغيرا وزهيدا امام الرومان. وعندما فهم أن أنسباءه قد أُخِذوا وأن وجهاءه قد استسلموا، وأن كنزه قد حُمِل، ضعف وخارت قواه فإستسلم. فإصطحبه بليساريوس فى السنة الثانية عشر([626])، وعُرِض جهرا على الملك وأمام الشعب، فى السيرك، مع انسبائه وكنزه ووجهائه. وكان سفير خوسرو ملك الفارسيين حاضرا هناك ورأى هذه الأشياء. ومنذ ذلك الوقت صارت افريقيا خاضعة للرومان. وبالتدريج انحفضت المدن الأخرى. واستمر فقط المور فى عداوتهم هناك.
الكتاب التاسع: الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر من الكتاب التاسع ينشغل اساسا باستيلاء بليساريوس على روما
كان آليمارك Alimeric الطاغية قد استولى على روما بعصيان أيام زينو وانستاسيوس، وكان رجل حرب ومقتدرًا. وقد أضاف قوة عظيمة لإقليم ايطاليا وأعاد بناء روما، وأبعد البرابرة عنها. ومات وحكم خلفاؤه من بعده الواحد تلو الآخر، دولة الرومانيين([627]) عاصين لمملكة القنسطنطينية. والآن، حدث أن تشاجر أحد رؤوساء البلد وهو دومنيك([628]) مع الطاغية فإلتجأ إلى الملك جوستنيان، وأعطاه معلومات عن البلد. وكان شيخا قارئا([629]) جيدا للكتاب المقدس، ودايوفيزيت، وكثيرا ما اشترك فى المنازعات، وأنا أعرفه. فتاق الملك إلى غزو روما أيضا بعدما غزا افريقيا، ولاحظ أن بليساريوس قد نجح فى الحرب فى افريقيا بدون إلحاق أى ضرر بسكان القطر، أو انقاصهم بسفك الدماء، ولكنه قنع بالمتطلبات الضرورية مع جزية وضريبة خضوع على النحو الذى وصفته عاليه. لذلك جهَّز جيشا له، وأرسله إلى روما. وكان يوحنا رئيس الكهنة هناك قد مات، خلال تلك الأيام وخلفه آجابيوتس. وعندما وصل الجيش إلى موضع يُدعى نابلس مدينة مشهورة ليست بعيدة عن روما واستولى عليها، انزعج وخاف السينات فى روما، ومستشاروهم مع رئيسهم، لأنهم كانوا قد سمعوا بالفعل عما حدث لقرطاجة بإفريقيا وكيف هُزِم طاغية ذلك البلد. وإذ تدبروا هذه الأمور، سبقوا فأرسلوا التماسا يطلبون فيه السلام، ووعدوا بتسليم المدينة، وأرسلوا أيضا فيما بعد رهائن. ووصل بعد ذلك بليساريوس مع الجيش إلى هناك، وأُستُقبِل فى المدينة بالمدائح من سكانها واحتلها، ولم يُلحِق بها أى ضرر. وكان هناك لبعض الوقت. بينما احتل المدن الأخرى، وأخضعها للملك، دون الحاق أى ضرر من قتل أو هلاك للسكان. واكتسب الملك شهرة بهذه الأمور، وابتهج فى السنة الرابعة عشر([630]).
الكتاب التاسع: الفصل التاسع عشر
الفصل التاسع عشر من الكتاب التاسع ينشغل بساويرس الذى صعد إلى القنسطنطينية، وظهر أمام الملك.
والآن، بعد أن تلقى ساويرس المختبر رسائل استدعاء من الملك تضغط عليه، جاء أخيرا إلى القنسطنطينية فى السنة الرابعة عشر([631]). وأُستُقبِل بود من قِبل الملك فى القصر، والذى حثته وهيأت له أيضا الملكة ثيودورا التى كانت تقدس ساويرس. وكان شيخا وقورا ومبجلا فى عينيها. وكان ابيفانيوس رئيس الكهنة [للقنسطنطينية] قد تُوفى وخلفه انثيموس. وكان هذا رجلا ناسكا ممارسا للفقر وصديقا للمحتاجين والمؤمنين، وكان اسقفا لتربيزوند وتصادف أن كان موجودا هناك لسبب ما، وكان معروفا للملك والوجهاء بعفته وخصاله الفاضلة، فعينه بطريركا([632]). ولم يكن يقبل فى الايمان مجمع خلقيدون.
وفى الأسكندرية، بعد أن طُرِد جايين الذى كان يوليانيا، وكان هناك لمدة ثلاثة شهور بعد وفاة تيموثاوس، صار ثيودوسيوس([633]) اسقفا وكان رجلا ذو ذا ايمان جلى، لطيفا ومتعلما. وكان على معرفة بالقديس ساويرس وصديقا له.
وعندما اجتمع هؤلاء الثلاثة رؤساء كهنة معا فى المحبة والايمان، لم ينفصلوا عن بعضهم بعضا. فأُخطِر افرايم الانطاكى فاضطرب جدا، وبالأكثر لأن بطرس الأورشليمى لم يكن ميالا إلى محبة عدم الوفاق مثله، أو الهرطقة على الرغم من أنه سلك حسب الظروف نتيجة لضعفه ووهن نشاطه وحيويته.
والأن، حدث فى تلك الأيام أن صعد سرجيوس، وهو الطبيب الخاص للامبراطور([634]) archiatros ـ إلى راس عينا([635]) rhesaina، فى تلك الأيام إلى أنطاكيا ليُقدِّم شكوى ضد آسيليوس اسقف تلك المدينة، مخبرا افرايم البطريرك أنه قد تضرر منه. وكان هذا الرجل بليغا، ومتمرسا فى قراءة كتب كثيرة يونانية، وفى تعليم اورجين، بينما كان يقرأ لبعض الوقت تعليقات المعلمين الآخرين على الكتاب المقدس، فى الأسكندرية (وكان ماهرا فى اللسان السريانى، قراءة ومحادثة)، وفى كتب الطب. أما عن ايمانه الخاص فقد كان مؤمنا والدليل على ذلك تمهيده، وترجمته لديونيسيوس، والمقالة التى ألفَّها عن الايمان فى أيام بطرس المنير الاسقف المؤمن. ومع ذلك كان فى شخصيته مولعا بشهوة النساء، وغير عفيف وغير قانع، بالإضافة إلى شراهته الشديدة للمال. فوضع افرايم لهذا الرجل شركا إذ وجده رجلا مختبرا، فوعده بأنه سيفعل له أى شىء يطلبه، إذا قبل أن يتوجه إلى روما كمبعوث له برسالة إلى آجابيتوس رئيس كهنة هناك، وعاد. فقبل، وزُوِّد بالهدايا من افرايم، واستلم الخطاب [المرسّل] للرجل. وكان يصطحبه غلام يُدعَى يوستاس، مهندس من آميدا الذى نشر قصة غريبة عن سرجيوس لن اسجلها هنا حتى لا تضر القارىء. وتوجه هذان الرجلان إلى روما، إلى اجابيتوس، وسلَّماه الرسالة. فاستقبلهما، وكان مسرورا بالرسالة لأنه وجد فيها اتفاقا مع رأيه. وجاء معهما إلى القنسطنطينية فى شهر مارس من السنة الرابعة عشر([636]). وكان ساويرس هناك وانثيموس رئيس الكهنة. وانزعجت المدينة كلها من وصول آجابيتوس، وتزلزلت الأرض كلها بمن عليها، واظلمت الشمس فى وسط النهار، والقمر بالليل، وهاج المحيط فى الرابع والعشرين من مارس من هذه السنة إلى الرابع والعشرين من يونيو فى السنة التالية، الخامسة عشر([637]). وعندما ظهر آجابيتوس قدام الملك، حظى بإستقبال فخم لأنه يتكلم نفس اللغة. وكان رئيس كهنة بلاد ايطاليا التى كانت قد هُزِمت وأُخضِعت له. وكان متعلما بظاهر([638]) كلام الكتاب المقدس، ولكنه لا يفهم معانيه وكان له رأى منحط عن تجسد يسوع المسيح ربنا، الله الكلمة، ولم يكن مقتنعا بأن يدعو العذراء مريم ثيوتوكس، وكان يقسِم الاتحاد إلى طبيعتين، إذ أنه يتمسك بأولوية الحبل بالطفل مثل اتباع مدرسة ثيودورس ونستوريوس. وحرم من التناول انثيموس وساويرس، ومن الشركة معه. ودعا الواحد بالزانى([639]) والآخر بالأوطاخى([640]). وحوَّل محبة الملك لهما إلى كراهية([641])، فطردهما من المدينة.
واتحد ساويرس وثيودوسيوس الأسكندري وانثيموس مع بعضهم بعضا فى الرسائل التى دوناها اسفل. وترك انثيموس وساويرس المدينة ليعيش كل منهما فى مخبأ أينما كان، ملائما له.
وصار الآن ميناس اسقفا للمدينة الملكية بعد انثيموس. ومات فجأة سرجيوس الطبيب الخاص للامبراطور هناك، ومات آجابيتوس بعده فى تلك الأيام بمعجزة إذ أكل لسانه فى حياته([642]). وصار سلفيروس اسقفا لروما بعده.
الكتاب التاسع: الفصل العشرون
الفصل العشرون من الكتاب التاسع يختص برسالة ساويرس إلى طغمة الكهنة والرهبان فى الشرق، التى يتناول فيها طرده من المدينة الملكية.
"إلى أحباء الله، الكهنة والشمامسة والأرشيمندرات والأراخنة وسائر مصاف الرهبان القديسين فى الشرق. التحيات من ساويرس بربنا. كَونى قد خرجتُ من المدينة التى هى حاكمة بين المدن وتجاوز مسعى الانسان، فإن بعضكم أيها القديسون كان حاضرا ورأى بعينيه الذى حسبته صوابا أن أصنف خطابا قصيرا من جانبى لأحفزكم على التعبير عن الشكر عما احسبه مجدى، وأن اسجل بوضوح أن أعمال العناية الالهية نحونا هى فى الحقيقة نافعة لنا، لحفظ الايمان الارثوذكسى، ولتكوين الارادة الجيدة التى بها، يمكن القول، يرتدى الإنسان نمط رداء جديد، ويبتعد عن كل مفهوم ورأى هرطوقى. لأن يعقوب أيضا أب الآباء، العظيم فى احتمال المشقات، وفى الثقة بالله، عندما فر من معاملات البرابرة فى شكيم، ومن المخاطر التى أحاطت به هناك، حث أولئك الساكنين معه على نفس الكلام الذى أحثكم به إذ يقول الكتاب المقدس" وقال يعقوب لأهل بيته ولجميع مَن كانوا معه، اعزلوا الآلهة الغريبة التى بينكم، وتطهروا وأبدلوا ثيابكم، ولنقم ونصعد إلى بيت إيل. فأبنى هناك مذبحا لله، الذى استجاب لى فى يوم ضيقتى، وأنقذنى فى الطريق الذى ذهبت فيه"([643]). لأنه فى الحقيقة، قد انقذنى من كل توقعات المعاندين الذين كرهونى بلا سبب، وسخروا بى وهزَّوا رؤوسهم، وقالوا كما فى أيوب "رجلاه تدفعانه إلى المصلاة([644])، فيمشى إلى شبكة. يُمسكُ فى فخ. ويتمكن منه الشرك. ويسود عليه كمتعطش للدماء. أنفه مطمور فى الأرض. والشباك فى طريقه"([645]). أما عن شرور هؤلاء الناس فلم تسجَّل بالدماء لأن الملكة المحبة للمسيح كانت حماية كافية لى، إذ وجهَّها الله بصلواتكم إلى ذلك الجيد فى عينيه، كما صرَّح فى اشعياء النبى إلى أولئك الذين يؤمنون به "لا تخف لأنى فديتك. دعوتك بإسمك لأنك لى. إذا اجتزتَ فى المياه فأنا معك. والانهار لن تغمرك. وفى النار لن تحترق. واللهيب لن يلسعك. لأنى أنا الرب الهك، قدوس اسرائيل مخلصك"([646]). وهذا الذى قال هذه الأشياء لم يعطنى فقط نجاة عجيبة، بل أضاف إضافة إلى نصيب المؤمنين، أو لنقل الحق، إلى نصيب الرب وملكه فى ميراثه اسرائيل، لكى لا ينطبق ما قيل فى الكتاب المقدس لأولئك الذين لامهم "عبثا تلقون البذار"([647]) لأن التقى انثيموس رئيس اساقفة المدينة الملكية الذى استلم الكرسى الرئيسى، حتى وهو يمتلكه لم يرضى يرضَ بالبقاء فيه، ولكن على نحو مستقيم وبحكم صادق ومعرفة كره كفر هؤلاء الرجال، وقبِل الشركة معنا ومع البابا pope الأسكندري ثيودوسيوس، وكل الرعاة المنتمين إلى اعترافنا. وبالتالى عبثا حاولوا أن يُضلوا الناس الذين يقولون أنهم لا يقبلون مجمع خلقيدون بخصوص تعريف الايمان، ولكن بخصوص رذل يوتيخوس ونستوريوس، وهى الأردية التى استخدمها أيضا فلافيان ولكنه لم ينجح فى أن يؤدى بغيرتكم إلى الضلال. ولم تنخدعوا بالشيطان، وكنتم قادرين على القول مثل بولس"لا نجهل حيله"([648])
وهكذا، بالنسبة لباقى الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الواحد والعشرون
الفصل الواحد والعشرون من الكتاب التاسع يقدم رسالة أنثيموس إلى ساويرس الأنطاكى
"إلى أخينا التقى والقديس، والخادم الشريك، البطريرك سيدى ساويرس. تحيات انثيموس بربنا. إذ أتذكر كلام الرب القائل" من يُعطَى كثيرا يُطلَب منه كثيرا"([649]) وكلام المرنم "مَن يصعد إلى جبل الرب، ومَن يقف فى موضعه المقدس"([650])، والنوع الواجب الذى يرسمه الرسول للرجل الذى يختاره الله، أشعر بخوف ليس بقليل. لأنه إذا كان هؤلاء البطاركة العظام قد دعا أحدهم نفسه "ترابا ورمادا"([651]) والآخر "دودة ولستُ انسانا"([652]) فماذا أقول انا الصغير الحقير الذى نلتُ هذه الرتبة السامية للخدمة وأنا غير مستحق لها؟. لأن ضيقات الكنائس المقدسة قد لوحت أيضا نفسى بشدة. لأن بعض الرجال إذ يتمسكون بالآثام، ويظهرون كأنهم يتجنبون التشويش والتغير، وهو الأمر الذى لا يوجد [فيهم]، يقسمون بمكر الله الكلمة الذى هو واحد وغير قابل للإنقسام، والذى تجسد بدون تغيير. ولهذا السبب أنا أيضا فى حزن عظيم، كما قيل فى المزامير "الكآبة ملكتنى من أجل الخطاة الذين حادوا عن ناموسك"([653]). ولكن الثقة بالله تهبنى فرحا، وأنا أومن أنه سيتمم وعوده، ويعطينا نحن الخلائق الوضيعة كل ما نحتاجه، ليس لأننا أصدقاؤه ولكن بسبب اللجاجة، وسيستجيب لطلبات كل مختاريه، الذى حفظ أيضا لزمن طويل قداستكم من الخطايا([654]) بواسطة قناعتكم الرسولية وتعليمكم الروحى والفعال الذى اسبغه عليك بالنعمة، كحجر لا يهتز، كما مثلنا، لتكون كنائسه المقدسة فى ايمان راسخ لا يهتز. لذلك هذا الإله نفسه يعطى تكريما للمنحطين، وعظمة للصغار، وقوة للضعفاء كما يقول الرسول المكرَّم "بالنعمة نتبرر جميعا"([655]). ولأن هذه الأمور قد تقوت بالقوة الإلهية فى الضعف، فقد جعلت ضعفنا، بحكم لا يهتز، حاكما للكنيسة المقدسة فى هذه المدينة الملكية. واذ نعترف لذلك بنعمته، فإننا نرجوك ايها التقى أن تتضرع إلى المسيح الهنا أن يُعين عدم استحقاقنا. ولأن الناس المختلفين لهم سمات مختلفة، هكذا أيضا سمات الكهنة الكارزين بالإنجيل، لأنه يقول "تكلموا أيها الكهنة، وعندما تصعدون إلى الجبال العالية، ارفعوا صوتكم"([656]).
"بهذه التحية الأولى ورباط المحبة أتواصل معك ايها القديس. لأننى وأنا مبتهج بالإتحاد وأيضا بالترابط معك برباطات روحية طبقا لقوانين الكنيسة، أصرخ بأننى متمسك بتعريف الإيمان الوحيد فقط الذى قد وضعه الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر بإرشاد الروح القدس الذين اجتمعوا فى نيقية، والذى اصلى من أجل أن اتمسك به إلى النهاية. ذلك الإعتراف الذى صدَّق عليه أيضا مجمع الآباء القديسون المائة والخمسون الذين اجتمعوا فى هذه المدينة الملكية ضد المحاربين الكافرين للروح([657]). وليس هذا فحسب، بل أيضا بواسطة المجمع الذى إلتأم فى افسس ضد الكافر نستوريوس وكان قادته رؤساء الكهنة محبو الله طيبو الذكر سيلستين([658]) الرومانى، وكيرلس الأسكندري الذى دحض فى فصوله الإثنى عشر نستوريوس "عابد الإنسان". وإلى هذه الفصول أضم معها كل كتاباته واحتضنها كقانون كنسى. وإلى جانب تعاليم كيرلس المقدسة هذه، اقبل أيضا صيغة زينو الخاصة بتوحيد الكنائس التى تهدف إلى كمال الديانة بإلغاء مجمع خلقيدون وطومس ليو الكافر. واعترف أن الله الكلمة المولود قبل كل الدهور من الله الآب، الإبن الوحيد الجنس، الواحد فى الطبيعة والأزلى مع الآب، الذى به صُنِعت سائر الأشياء، وبه تأسست كل الأشياء، نور من نور، الصورة غير المتغيرة للآب غير المرئى، وإرادته غير المتغيرة، تجسد فى الأيام الأخيرة، وصار إنسانا كاملا من الروح القدس ومن القديسة مريم، الثيوتوكس، الدائمة البتولية([659]) ووحد مع نفسه جسدا شخصيا من طبيعتنا بنفس عاقلة وواعية بدون تغير أو تشويش أو خطية، آخِذا شبهنا، لأنه ظل كإله غير قابل للتغير. وعندما اتخذ خواصنا لم يُنقِص فى نفس الوقت من خواصه الإلهية. وذلك الذى اشتقه منا، جعله خاصا به بالتدبير، بالإتصال المشتمل على اتحاد طبيعى. لأن ذاك الذى وُلِد قبل كل الدهور وبلا جسد من الآب، هو نفسه الذى خضع لميلاد ثانى بالجسد، وبعد أن كان له اسلوب فوق الوصف، تجسد من الأم العذراء. وهذه التى ولدته استمرت بعد الميلاد عذراء. وبناء عليه نحن نعترف أيضا أنها بالحقيقة، ثيوتوكس. وأن الذى وُلِد منها بالجسد هو إله كامل وإنسان تام كامل. هو نفسه، ابن واحد، رب واحد، مسيح واحد، من طبيعتين، طبيعة واحدة للكلمة المتجسد([660]) ، وقد صار انسانا كاملا بينما ظلت كلا الطبيعتيَن اللتيَن كونتا الاتحاد غير القابل للتغير بدون اختلاط فى نطاق استعلانهما. لذلك، هو بالصواب جدا أحد الثالوث القدوس الواحد فى الطبيعة، قبل التجسد وبعد التجسد، وبالمثل لم يُضف عددا إلى الثالوث ليكن رباعيا رابوعا([661])، وهو غير قابل للتأثر([662]) فيما هو خاص بطبيعة الآب، وقابل للتأثر بالجسد فيما هو خاص بطبيعتنا. لأن الله الكلمة لم يتألم بطبيعته، بل تألم بجسد طبيعتنا الذى وحَّده بنفسه على مثالنا. وقد عرَّف غريغوريوس اللاهوتى الأمر ودعاه: غير متألم باللاهوت، متألما بلبسه للجسد. وهو نفسه واحد فى المعجزات وأيضا فى الآلام. بالتدبير جعل آلامنا آلامه طواعية. كان بالجسد متأثرا ومائتا كطبيعتنا، وله نفس عاقلة وواعية. وهذه طوال مدة التدبير سُمِح لها أن تكون متأثرة وفانية للغرض المذكور عاليه لتأنسه. أقصد أن يتألم ليس بالشبه، ولكن بالحقيقة. لأنه بالجسد الخاضع للآلام، احتمل طواعية الآلام البريئة والطبيعية، والموت بالصليب. وبمعجزة خليقة بالله، أى بالقيامة، أظهر وقدَّم غير المائت وغير المتأثر من جميع النواحى. لذلك، جاء غير الفاسد، إذ جاء من الاتحاد والوجود فى الرحم الذى كان مقدسا وبلا خطية. ولذلك عندما نميز بين العناصر التى كونت اتحاد الطبائع، اقصد الطبيعة الإلهية والناسوتية، فإننا لا نفصل الواحد عن الآخر، ولا نرتبك برفض التمييز بين اللاهوت والناسوت، بل نعترف بأنه عمانوئيل، الواحد من اثنين([663]).
ولهذا إذ أومن واتمسك بهذا الايمان كما على صخرة، وأحرم أى حيدان عن الحق مِن قِبل الرجال الضالين غير الاتقياء فى كل من الجانبين الذين ذهبوا وراء قادتهم (اقصد فالنتين ومرقيون واريوس ومقدونيوس واوفيميوس وابوليناريوس ويوتيخوس). وكذلك أولئك الذين ذهبوا أيضا بسبب الاتحاد مع الكلمة إلى الاعتراف الباطل غير التقوى بأن الجسد الذى أخذه الله الكلمة منا ووحَّده شخصيا به، هو [جسد] خالد وغير قابل للتأثر، وأدخلوا بذلك المشابهة والخيال إلى السر العظيم لتأنس الرب غير القابل للتغير، والحقيقى. وأحرم أيضا بولس السميساطى، وفوتينوس وديودورس وثيودوريت ونستوريوس وايضا ثيودوريت واندرو وهيبو ويوثيريوس والكسندر من هيرابوليس، وايريناوس المتزوج مرتين، وكيروش ويوحنا، وبارتساومو الفارسى، ومجمع خلقيدون وطوم ليو، وأولئك الذين يقولون أنه قد صار معروفا وموجودا فى طبيعتين، أى [فى] ربنا يسوع المسيح بعد الاتحاد الذى لا يُوصف. ولا يعترفون أن هناك هيئة واحدة، اقنوم واحد، طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد، الذى صار انسانا. وعلى أساس هذه العقائد الرسولية والإلهية التى بلا لوم، أُعطِى يمين الشركة إلى اخوتنا القديسين، [تلك] الشركة التى اتمسك بها إلى النفس الأخير لى، وأنا غيرُ راضٍ بالشركة مع أى انسان له تفكير آخر مختلف عن هذا. لأن باسيليوس يقول "ذاك الذى يتواصل بدون تمييز مع غبى ينفصل عن حرية المسيح"([664]) لأننى أعرف انك أنت ايها التقى تتمسك بهذه الأمور بثبات، وتعبت من أجلها زمنا طويلا. لأنه مَن ذا الذى تحمَّل فى أيامنا هذه مثل هذا الضنك متنقلا من مكان إلى آخر، حتى لا يهتز ايمانه؟. وفيك أرى معلمى الكنيسة، لأنك بإجتهاد تضع المصباح مضيئا ظاهرا على حامله([665])، كما تفعل بالقول والفعل. لذلك من اللائق لتقواكم التدبر فى هذه الأمور لتفرحنا بتعليمك ردا على رسالتنا".
والبقية تشتمل على تحيات الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون من الكتاب التاسع يشمل رسالة ساويرس إلى انثيموس
"إلى أخينا الكلى القداسة والتقوى، والخادم الشريك، البطريرك انثيموس، التحية من ساويرس بربنا يسوع المسيح الهنا. أما عن رسالة عفتكم، فإن بولس الرسول يعطينى سابقة فى الصياح بصوت عالٍ فى هذه المناسبة ذاتها "شكرا لله على عطاياه التى لا يُعبَّر عنها"([666]) لأنه بمجرد اعتلائكم لعرش البطريركية لكرسى المدينة الملكية، حتى صممتَ فى الحال على تعظيم أولوية الكرسى من أجل الديانة الحقيقية التى تزدرى بما يخص الآخرين الذين خانوا ايمانهم. لأن أولئك الذين يرغبون فى اتباع الوصايا الإلهية كما هى مكتوبة, وأن يسعوا وراء الرب، الحكمة التى من فوق، المعطاة للشمامسة والكهنة والبطاركة بحسب رتب الكهنوت، حتى أن البطريرك ابراهيم، بعد أن استقر فى مواضع عديدة وكثيرة، جاء إلى بلد معين، وشرب بغزارة من بئر ينبع فيه يُدعى بئر القسم([667])، لأنه اقسم للبرابرة الذين كانوا يعيشون بالقرب من هذا المكان، وزرع نباتات عادية ومثمرة. ولئلا يتشكك بفكر من جهتهم، دعا هناك بإسم الرب، الإله السرمدى وكما قال له "لا تدع أفكارك، تذهب وراء جمال الأشياء التى تُرى، وتنسى الله ببهجة النظر السارة، لأنه هو وحده الذى من الأزل قد صنع الأشياء التى تُرَى لامعة بالعيون للعيون وشهية للتذوق". ويستطرد الكتاب المقدس فيروى هكذا "وزرع ابراهيم قطعة من الارض ببئر القسم ودعا هناك بإسم الرب الإله السرمدى"([668]) (ويشرح البعض أنها كانت ارض غابة، وارض زراعة). لذلك، بنفس الطريقة، بعد أن مكث تقواكم فى بلاد أخرى جاء إلى رأس القسَم، كما إلى قطعة ارض ملائمة للإنتاح، اعنى كرسى المدينة الملكية التى هى غنية ببذخ الدنيا، وشربتَ من المجرى الغزير المتدفق. وعندما أدركتَ أن هؤلاء الأشخاص يريدون تضليل العقول وجعلها تحيد عن العملة النقية غير الملوثة، فإنك كمندوب جيد للأرثوذكسية، لم تسمح لعيون ذهنك أن تضل بجمال الدنيا وفخامة خيالاتها التى تزول. ولكنك على غرار البطريرك ابراهيم دعوتَ هناك بإسم الرب الإله السرمدى الذى تجسد كلمته الرحيم وتأنس، لكى ما يُمِت آدم الثانى بموته، ذلك الموتَ الذى ساد علينا، ويقتلع سلطانه الأبدى. ذلك الموت الذى لم يكن ممكنا للجسد غير المتأثر، وغير المائت أن يقبله، لأن ما هو غير مائت وغير متأثر، يكون غير قابل للآلام والموت. لأنه إذا لم يكن قد مات موتنا من أجل خطايانا وأهلك هذا الموت بجسد مماثل لأوجاعنا عندما قام من الموت، فإننا نكون غرباء واجانب عن منافع القيامة. لأن بولس يقول "أن المسيح مات عن خطايانا"([669])، وأيضا "لما كان الموتُ بإنسان. هكذا بإنسان أيضا كانت القيامة لأنه كما فى آدم يموت الجميع، هكذا فى المسيح يحيا الجميع"([670])، وأيضا "لما كان الأبناء يشتركون فى اللحم والدم، هو أيضا بالمثل اشترك فى نفس الشىء لكى يبطل بالموت من له قوة الموت أى الشيطان، وينجى الذين خوفا من الموت كانوا خاضعين للعبودية طوال حياتهم. لأنه لم يستلم من ملائكة، بل من نسل ابراهيم لذلك كان جيدا أن يشبه اخوته فى كل شىء"([671]). والآن، نسل ابراهيم كان حسب جنسنا القابل قابلا للتأثر، الذى وحَّد الله الكلمة ضابط الكل نفسه به شخصيا من العذراء القديسة، لكى ما يُقيم به معه جنسنا الذى سقط تحت سلطان الموت حتى أنه كما كان بكر جنسنا، هكذا أيضا لما كان هو اقنوم واحد وطبيعة واحدة، فقد كان من الواضح أن كلمة الله المتجسد قد تحمل بإرادته وحده تجارب وانقضاض الأوجاع البشرية والطبيعية والبريئة. ونطق بالعلامات البشرية على نحو إلهى، وانجز بعضها بأسلوب يليق بالله، وبعضها الآخر بأسلوب بشرى ونحن لا نسقُط بسبب اختلاف النشاط energy والكلمات والمعجزات والأوجاع فى تقسيم الطبيعيتين بعد الاتحاد الذى لا يُعبَّر عنه، ونقسم هذه الأمور، الأنشطة والكلمات والعلامات. لأنه على قدر ما نعرف ذاك الذى أجرى المعجزات هو نفسه الذى تألم، والذى تكلم بأسلوب الهى حسب التدبير.
وبإختصار هذه هى الأساسات التى يرتكز عليها الايمان والإعتراف بالمسيح. ولا يمكن إضافة شىء إليها، ومنها لا شىء يمكن أن يُستبعَد ([672]). واننى استخدم بالمناسبة فى هذا الصدد كلام الجامعة([673]). وبتطبيقه على أولئك الذين هووا من مرتفعات الملك، وذهبوا إلى الطرق المعوجة، وابتهجوا بالضلال الشرير، ولكن كما يقول الكتاب المقدس الروح يتكلم بالأمثال طبقا للشريعة التى كانت قبل تلك التى سلَّمها الرسل للكنيسة".
ثم يقول أيضا بعد ذلك بقليل فى الرسالة: "وعلى هذه الشروط، اتعهد بالمشاركة فى الشركة وكذلك فى الارتباط غير المنفصم مع تقواكم ومع أولئك الذين يتمسكون ويكرزون بهذه الأمور معك. وأما الذين يتمسكون بأى شىء مخالف أو يقولونه فإننى أرفضهم كغرباء وأجانب عن شركتنا، وإننى لأتجنب الحماقة التى فى هؤلاء الناس، كما قال أيضا رسولكم كشىء يجعلنا غرباء عن جسارة المسيح، وتزوِّد الكثيرين بفرص للخطية. ولكن كما يقول أيضا واحد، من رجال الحكمة فى الإلهيات، "بسبب الحماقة أخطأ كثيرون"، لأنه إن وقفنا فوق برج مراقبة وموضع الملاحظة وأعلنا هذه الأمور إلى أولئك الذين تحت سلطاننا، فإننا سنسمع منهم اقراص العسل والكلام الجيد، وحلاوتهم الشافية للنفس. ولما كنتَ قد اخترت لنفسك أن تجاهد الجهاد الحسن، واعترفت الاعتراف الجيد فصِح مع النبى حبقوق "سأقف على مرصدى، واسير على صخرة"([674])، وإزدرِ بأولئك الذين يصارعون أسفل، وإن وضعوك تحت حرومات ولعنات، فقل لله مع داوود بثقة عظيمة "هم يلعنون وأنت تبارك. ليخز الذين يقومون علىَّ. وأما عبدك فيفرح"([675]). لأن أولئك الذين يعترفون بالإيمان السليم، بحسب منطوق الرسل، "يجيئون إلى جبل صهيون، إلى مدينة الله الحى، اورشليم التى فى السماء، وصحبة الملائكة، الذين بلا عدد إلى كنيسة الأبكار المكتوبين فى السماء"([676]). والآن، كيف يمكن لإنسان نابع من الأرض أن يضرب أولئك الذين فى الكنيسة التى فى السماء، ويمتزج بها؟، لأنه باطلا يتعب وبلا فائدة يشد قوسه، وحتى إن تجاسر وأطلق سهامه علىَّ مَن أعلى، فإنها ستُرَّد على مَن هم اسفل، لأننا نصغى أيضا إلى أحد الحكماء الذى يقول هكذا "إن مَن يُلقِى حجرا إلى فوق انما يلقيه على رأسه"([677]). وهكذا استمر إلى النهاية مُسلَّحا بدرع([678]) وحزام الايمان القويم، فى كل مكان ضد كل انواع الارواح. والآن، بالنسبة للإرتباط بتقواكم المطلوب منا بهذا الخطاب القانونى بكل من رباط الروح ورباط السلام كما قال الرسول فسوف أرسل معلومات إلى شريكنا فى الخدمة([679])، سيدى ثيودوسيوس البابا القديس ورئيس اساقفة المدينة العظمى المحبة للمسيح، الاسكندرية، الذى يكد بالأسلوب الرسولى، ويتعرض للضيقات والمخاطر من أجل كلمة الحق، ويُزيد من فاعلية الوزنات المودعة عنده كل يوم بواسطة الانتاج، ويبتهج بإستمرار بإعلانها. واكتب أنت اليه، مثلما كتبت لى، وآزره بنفس يدَىّ الوفاق، وتواصل معه بخطاب تبعا لقواعد وقوانين الكنيسة. وبناء عليه، فلتحفظك محبة الله، لتُكمِل دورك نحوه أيضا، وستكون لك طبقا لأشعياء النبى "سورا ومترسة"([680]). كما حدث. تحية لإخوتكم. الذين معى يحيونك فى الرب".
الكتاب التاسع: الفصل الثالث والعشرون
الفصل الثالث والعشرون من الكتاب التاسع يخص رسالة ساويرس إلى ثيودوسيوس
"إلى اخينا وشريكنا فى الخدمة القديس التقى سيدى رئيس الكهنة ثيودوسيوس. يحييك ساويرس فى ربنا. فى سفر القضاة الذى هو سفر الأسباط يقول أن سبط يهوذا قد دعا سبط شمعون اخيه إلى شركة انصبة، حاثا إياه كمساعدة أخوية، بهذا الكلام "اصعد معى إلى نصيبى لنحارب الكنعانيين، وانا اصعد معك إلى نصيبك. فصعد معه شمعون"([681]). ولكننى ادعو شخصك أيها الأخ القديس ليس إلى شركة حرب وقتال، ولا الى مد يد المساعدة من أجل ميراث، ولكن بالأحرى إلى شركة سلام واتفاق ومن أجل مكسبٍ للكنيسة التى اشتراها المسيح، بل الله، بدمه. لأن القديس انثيموس رئيس الكهنة الذى حُسِب أهلا لرعاية كنيسة المدينة الملكية، إذ حطم قيود وشِباك مرارة الهراطقة، راذلا فنونهم الخداعية تارة، ومحاربا جهرا تارة، قد احتضن شركتنا متمسكا بالإيمان النقى السليم. وقد ارسل إلى حقارتى خطابا محتويا على عهد شركة على الاعتراف الأرثوذكسى التام، وحرم بالإسم كل واحد هرطوقى وغريب ولم يتغرب ذهنه عن وصايا وفرائض الرب التى تركها آباؤنا القديسون كقوانين مقدسة، والتى ينبغى علينا جميعا أن نتمسك بها، ونقول مثل ايوب المحتمل "تمسكتُ ببرى فلا ارخيه"([682]). ولهذا رحبتُ بحماس وطيب خاطر بهذا الحدث الذى حدث كعطية من الله، وكررت قول الكتاب المقدس الإلهى "اليوم عَلِمنا أن الرب معنا. ولتعلم جميع شعوب الارض أن يد الرب جبارة "([683]) لأن هذا مكتوب فى يشوع بن نون. وقد كان من الصواب أن يكتب رئيس الاساقفة القديس انثيموس أولا إلى عرشك الانجيلى، ويقدم لك باكورة الاتفاق، ولكن ضرورة هذا الوقت ومسافة القطر، وعجلة الأحداث غيرت الترتيب الواجب للأمور([684])، ولأن هذا قد عُمِل سرا، لأنك تعلم، كمعلِّم حكيم للأمور الإلهية، ما قد كُتب فى السجلات من يوحنا اللاهوتى، بالأحرى الانجيلى، أنَّ التلاميذ اجتمعوا والابواب مغلقة خوفا من اليهود، وأن الهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح ظهر فى وسطهم بينما الأبواب مغلقة، بمعجزة ووقف بينهم وقال "سلام لكم"([685]). ولذلك ارفقتُ بخطابى هذا نسخا من خطابى فى الاتفاق، [وخطاب] رئيس الكهنة محب الله الرجل المذكور عاليه الذى ألفه فى ظل الخوف من اليهود، وأرسلتهما إلى قداستكم. ولكن الكاهن التقى والخازن([686]) ثيوبومبس، قد اعطاك بكل تأكيد وصفا لما سبق (لأنه كان أيضا، متواصلا معك، فى هذه المشورة والفعل) لأننى أعتقد أن محبة الله التى فيك ستبتهج وتطرب بذلك وخاصة عندما تتلقى الرسائل القانونية المشتملة على العهود. ولكن الآن، ايها الأخ التقى المحبوب منى فوق كل شىء، إن كل طلبات الخلقيدونيين لا تختلف فى أى شىء عن عهد ناحاش العمونى الموعود الذى اراد عمله مع بنى اسرائيل الذين قالوا له "اقطع عهدا معنا فنستعبد لك" ولكن البربرى والقاسى عاد فقال "بهذا اقطع لكم، بتقوير كل عين يُمنى لكم([687])، وجعل ذلك عارا على جميع اسرائيل"([688]). لذلك نحن فى حاجة إلى سهر أكثر، وإلى الايمان الراسخ والى صلوات وتضرعات لكى ذاك الذى يحفظ اسرائيل ولا ينام ولا ينعس يحوّل العار إلى اولئك الاثرياء المتفاخرين، فلا نصِر هزءً وسخرية للذين حولنا كما أنشد داوود فى مكان ما([689]). وبالسقوط من الأمور الإلهية، يعترفون أيضا بالأمور البشرية. لأنه لا يوثق بغير المؤمنين وأعداء الله. ولكن لك أيها الفاهم للإلهيات، ما هو هنا هو مادة معرفة".
الكتاب التاسع: الفصل الرابع والعشرون
الفصل الرابع والعشرون من الكتاب التاسع خاص برسالة ثيودوسيوس إلى ساويرس
"إلى كلى التقوى، والكلى القداسة اخينا وشريكنا فى الخدمة البطريرك سيدى ساويرس. ثيودوسيوس يحييك بربنا.
"ايها المحبوب لى فوق كل شىء، صخرة المسيح وحارس الإيمان النقى الذى لا يمكن أن يهتز. ممتازة جدا هى البركة المعطاة لزماننا التى أظهرت ثباتكم الروحى لكنائس الله. ونحن أيضا برجاء جيد وثقة فى أن نمط فضيلتكم التى نمتلكها، ستكون مصونة لك. ولكننى لا اعرف أية فضيلة نُعجَب بها، لأنه ماذا بين صفاتك تكون قاصرة، أو فى حاجة إلى اطراء أكثر؟!. إن أنا أُعجبتُ بأسلوب حياتك الشديد، وفضيلة العفة التى تجذبنى، ونقاوة الإيمان السليم الرائعة التى تستلزم بعدل أن توضع قبلهم جميعا، وحياة كدكم التى تحملتموها طويلا من أجل الله، وفراركم من مكان إلى مكان. وحقيقة أنكم فى كل شىء قد اخترتم المعاناة من أجل ألاَّ نحِد عن الايمان الصحيح. وكم من مرة تحت ضغط الأحداث صِحتم من أجل هذا الايمان عينه مع بولس "مَن ذا الذى يفصلنى عن محبة المسيح؟. اشدة أم ضيقة أم اضطهاد"([690]). وفى أى فئة يمكننا أن نضع دقة تعاليمك التى اقتلعت بها ضلالات وخداعات المضلين من جذورها بينما نجا المؤمنون وتثبتوا فى الايمان الصحيح. ويبدو لى كأننى سمعتُ المسيح، بل الله، قائلا لك ما قاله لأرميا النبى الإلهى "ها قد جعلتُ كلامى فى فمك. انظر قد وكلتك اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتنقض وتبنى وتغرس"([691]). وأيضا ما قد قيل عن بولس "إناء مختارا لى ليشهد بإسمى أمام الأمم وامام ممالك، وامام كل اسرائيل"([692]). هذه هى صفاتك أيها الأب التقى، صفات من اليسير الإعجاب بها، ولكن من العسير تنفيذها بالتمام، بل وحتى الآن أيضا بالتعب والسهر لنفسك التقية مازالت اعمال جيدة تُعمل لكنيسة الله. لأنه بالمسيح يسوع صار الذين كانوا قبلا بعيدين، قريبين. فأنثيموس التقى رئيس الكهنة والراعى الحقيقى لكنيسة المدينة الملكية الذى سيُشتَهر من الآن فصاعدا بشخصه وإيمانه قد صار بإرادته الحرة متواصلا معك أيها التقى، ومعنا، وسار فى إثر الإيمان الصحيح، الذى أبطل ورذل الفخاخ والقلق ووطأ على المنافع الزائلة والباطلة، وعرف أن العظمة البشرية لا شىء وأعلن بشجاعة الإيمان الصحيح الذى لا يفشل. ولذلك لماذا لا نبتهج بسبب هذا الذى حدث ولا نُقدِّم الشكر إلى الله، ولا نحتفل روحيا، يا أبونا المكرَّم بما ليس من الممكن التعبير عنه بالكلام. والآن، لقد صنع عهدا ثابتا، فى خطاب قانونى أرسله إلى كرسينا الإنجيلى، كما دوَّن قداستكم بالحقيقة فى خطابكم الموقر. وفى الأمور التى كتبها أعلن بكل دقة الإيمان الصحيح والسليم، وألحقه بحرم كل شىء هرطوقى وخدَّاع، معترفا بأنه يتمسك ويُعلن هذه الأمور معنا، ويقول أنه يرتبط بأولئك الذين تبتهج كنيستنا المقدسة بالشركة معهم، ويبتعد عن أولئك الذين نبتعد عنهم. لذلك ذكر بالإسم وحرم تلك الأسماء التى تشايع الهرطقات الكافرة ومجمع الكفر المنعقد فى خلقيدون وطوم ليو. وعندما فحصنا بكل ما أمكننا من عناية الأمور التى كتبها لنا الرجل التقى ودرسناها بتدقيق لم نجد فيها شيئا غريبا عن الإيمان الصحيح. ورأينا أيضا هجوما على كل أحد كان معارضا لنا([693]). وإننا لمعجبون بالأكثر لحكمكم عليها. لأنه بالنسبة للأمور المكتوبة قانونيا إليك ايها القديس من قِبل التقى انثيموس عن العقائد الإلهية وجدناها مكتوبة الينا أيضا، لنكون على وفاق، ولذلك إذ قد وجدنا أن خطاب الاتفاق والشركة للقديس انثيموس من هذا النوع فإننى اصيح فى هذه المناسبة مثل النبى "افرحى ايتها السموات من فوق ولتقطر الغيوم برا"([694]). لأن الرب قد صنع رحمة لشعبه ومثل هذا الاصلاح الجيد الذى أتى على كنيسة الله المقدسة. لذلك قد قبلنا بأيادى ممدودة الحدث وأسرعنا من جانبنا أيضا إلى تحرير عهود مماثلة، وقبلنا الرجل التقى فى شركة وثيقة معنا، وأملينا ردا له أعلنا فيه بوضوح ايمان الآباء الصحيح وفضحنا السمات الشريرة للإيمان الذى يلوث ضعفاء الفهم. وأما عن المستند الذى بواسطته قد اشتركنا معه، والذى يُعطى لأىٍ من بعده([695])، فقد أرسلنا نسخة [منه] لأبوتكم لأننا لم نرغب فى إغفال أيا من حقوقك، تسبب لك غيرة وخاصة تلك التى يتعين عملها مع كنيستنا المقدسة. وأقول عندئذ عن ضرورة أن الحقيقة التى لاحظتها نحو الكرسى الإنجيلى والإكرام الأول الواجب له والمعبّر عنه كتابة كما هو مكتوب إلىَّ والواجب عمله، لهى فى الحقيقة جديرة بنفسك المقدسة المعتنية بعمل كل شىء بعدل واتفاق مع ارادة الله، ولكننى اعلن صراحة شعورى أن اكرامى الأساسى والذى يُعطينى الفرح العظيم هو الإكرام المقدَّم لك من كل أحدٍ. لذلك، بكل ثقة التصق، يا أبانا التقى، بلا تردد بأى شىء يبدو جيدا لك، بالنسبة للكنيسة المقدسة، معتبرا ذلك كما يليق لأبوتكم أن لا تكف عن النشاط والمشورة التى لصالح الكنيسة. ولكن بالأكثر لهذه الأمور، أما بالنسبة لنا يا أبانا المبجل، فأية ضيقات ومذلة بشرية نحن محاطين بها الآن، وكل نوع من المكائد تتم ضدنا لكى إما نتخلى عن اتفاقنا، وإما أن نُطرَد بسلطة آخرين. وبينما يَهبُون هنا بعض الوقت لكى ما يعملوا عملهم الخاص أيضا ويضلون الكنيسة المقدسة، فإننى أود أن اعلن فى هذا الخطاب أيضا(فهذا ما يجب حثك عليه بصفة خاصة ايها العطوف علينا أن تصلى من أجلنا). ولكن ليس من الصواب لنا أن نضيف ثِقلا على ثقل وعبئا على عبء، ولكن لكى أوضح فقط بكلامى عن عظم الضيقة أننا فى الحقيقة فى حاجة إلى صلواتك التقوية".
وهكذا بقية الرسالة.
الكتاب التاسع: الفصل الخامس والعشرون
الفصل الخامس والعشرون من الكتاب التاسع خاص برسالة انثيموس إلى ثيودوسيوس
"إلى أخينا القديس والتقى والخادم الشريك، البطريرك سيدى ثيودوسيوس. انثيموس يحييك بربنا. إن يسوع المسيح إلهنا الذى دعا البسطاء والأميين والصيادين لكى يكونوا رسلا ومعلمين، والذى دعا أولئك الذين كانوا قبلهم من رعى الغنم ليكونوا ملوكا وانبياءَ. الذى قد اختار الضعفاء والمزدرى بهم، كما قال الرسول التقى([696]). قد دعانى الآن انا الحقير للقيام بخدمة روحية حسب القضاء الذى يعرفه هو لأكون على رأس كنيسة القنسطنطينية المقدسة هذه. لذلك، إذ اتذكرُ أنا الخاطىء كلام ربنا المنطوق بواسطة حزقيال "يا ابن الانسان، إنى جعلتك رقيبا لبيت اسرائيل. فإسمع الكلمة من فمى وانذرهم عنى. فإذا قلتَ للشرير إنك موتا تموت، ولم تنذره أنتَ، ولم تتكلم منذرا الشرير بشر طريقه ليحيا فذلك الشرير يموت فى اثمه، لكنى من يدك أطلبُ دمه"([697]). ووصية الرسول إلى تيموثاوس عن خدمة الاسقفية التى بلا لوم، اشعر بالخوف والرعدة. وعندما أتأمل بالإضافة إلى هذه الأمور فى الهياج المتزايد فى الكنائس المقدسة من جانب أولئك الذين لا يؤمنون بالصواب لأنهم حسبوا الديانة كوسيلة للتكسب الزمنى فتكلموا بالشرور على رؤوسهم، وقسَّموا الله الكلمة الذى تجسد من أجلنا بدون تغير وتأنس بكمال، فإننى أُحصَر بالدموع وأتأوه وأنوح على نفسى لأننى غير مستحق، ولكن الثقة بالله تريحنى كما قيل "أنظروا إلى الأجيال القديمة وتأملوا هل توكل أحد على الرب وخزى، أو ثبت فى مخافته وخذل. أو دعاه فأهُمِل. فإن الرب رؤوف رحيم يغفر الخطايا، ويُخلص فى يوم الضيقة"([698]) لذلك كل رجائى وفكرى مركز فيه لينظر إلى حالتنا ويسمع، هو الذى صنع العيون والآذان، ويبكت ازعاجات أولئك الذين يحجبون الطريق السليم، ويدعو كراعٍ حقيقى وضع حياته من أجل خرافه لأنه قال "لا أحد يستطيع أن يخطفها منى"([699]). إذ قد سبق فعيَّن قداستكم لتكونوا على رأس شعب الأسكندرية العظيم وجعلك راويا لكنيسته ليس فى هدوء ولكن فى شغب العواصف لكى ما تقود السفينة بسلام عبر الأمواج إلى ميناء المسيح الهنا بواسطة الروح القدس المعبود لأنه بصلوات آبائك القديسين، القادة السابقين، قد نلتَ الثقة فى أن تكون على رأس شعب يسير فى إثر تعاليم الآباء وتهتم برعايته إلى الموت بالقول والفعل. لذلك إذ نحتضن الاتحاد معك بالرباط الأخوى فى المسيح، وقوانين الكنيسة، فإننا نعلن بهذه الرسالة المجمعية أننا نتمسك بتعريف الإيمان الواحد الذى لآبائنا القديسين الثلاثمائة وثمانية عشر الذين اجتمعوا هنا فى نيقية، والذى صدَّق عليه أيضا المائة وخمسون الذين اجتمعوا هنا ضد محاربى الروح([700]). وذلك الذى للمجمع المقدس الذى اجتمع فى افسس بقبول من سيلستين، وحضور كيرلس الذى أبطل فى فصوله الإثنى عشر تعليم نستوريوس. وبهذا اقبل واوافق على بقية كتاباته، كما أقبل صيغة زينو الخاصة، بإتحاد الكنائس الهادفة إلى إلغاء تلك التى لمجمع خلقيدون وطوم ليو. واعترف أن الله الكلمة الإبن الوحيد الجنس، المولود من الآب ازليا، الذى به كانت سائر الأشياء، نور من نور، صورة الآب الحى، والواحد معه فى طبيعته، تجسد فى آخر الأزمنة من الروح القدس ومن مريم العذراء، وصار إنسانا كاملا، بدون تغيير([701]) أو اختلاط، مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، وظل الإله غير المتغير. وعندما تقلَّد خواصنا لم يَنقُص فى ألوهيته. فالذى أخذه منا جعله بالتدبير خاصا به بإتحاد طبيعى، لأن ذاك المولود من الله الآب قبل الزمن بلا جسد، هو نفسه الذى قبِل ميلادا ثانيا بالجسد بأسلوب لا يوصف، وتجسد من أم عذراء واستمرت على بتوليتها بعد أن ولدته([702]). ولذلك، نعترف، بالعدل، أنها ثيوتوكس، وأن ذلك الذى وُلِد منها بالجسد هو إله كامل وإنسان كامل. وهو نفسه من طبيعتين، ابن واحد، رب واحد، مسيح واحد، طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد، وكلتا الطبيعتين اللتين كونتا الإتحاد غير القابل للإنقسام([703])، ظلتا بدون اختلاط([704]). ولهذا، فهو بالصواب جدا أحد الثالوث القدوس، قبل أن يأخذ جسدا، وبعد ان أخذ جسدا. وهو غير متأثر فيما يخص طبيعة الآب، لكنه متأثر بالجسد فيما يخص طبيعتنا. لأن الله الكلمة لم يتألم بطبيعته ولكن بجسد طبيعتنا والذى كان متحدا شخصيا به على مثالنا. وقد عرف غريغوريوس اللاهوتى الأمر ودعاه غير متأثر فى ألوهيته، ومتأثر بإتخاذه لحما. وهو واحد فى معجزاته وفى آلامه. بالتدبير جعل آلامنا آلامه طواعية، والبريئة، بالجسد القابل للتأثر والفانى حسب طبيعتنا والذى له نفس وعقل، وقابل للفناء والتأثر فى كل وقت التدبير. لأنه تألم بالحقيقة لا بالخيال، وبالجسد الذى كان قابلا للتألم، تألم ومات على الصليب، وبالقيامة اللائقة بالله، قد أعطاه عدم التأثر والخلود وعدم الفساد فى كل شىء، إذ قد جاء من اتحاد الرحم المقدس الذى بلا خطية. ولذلك إذ نميز بين العناصر التى اجتمعت لتكوين اتحاد الطبائع، أقصد اللاهوت والناسوت لا نفصلهما مع ذلك عن بعضهما البعض، كذلك لا نشق الواحد إلى اثنين، أو إلى طبيعتين، ولا نخلطهما برفضنا التمييز بين اللاهوت والناسوت. ولكننا، نعترف به واحدا من اثنين، عمانوئيل. وهكذا إذ أؤمن وارتكز على هذا الايمان كما على صخرة فإننى احرم كل حيدان عن الحق، لهؤلاء وأولئك الرجال".
وبقية الرسالة تحتوى على التحيات.
الكتاب التاسع: الفصل السادس والعشرون
الفصل السادس والعشرون من الكتاب التاسع يشمل رسالة ثيودوسيوس إلى انثيموس رئيس الكهنة
"إلى أخينا القديس والتقى والخادم الشريك، رئيس الاساقفة والبطريرك سيدى أنثيموس. ثيودوسيوس يحييك فى الرب. أى شىء آخر يمكن أن يكون، أن تظهر ذاتك بجلاء أنت رئيس الكهنة العظيم الساهر لله خالق جميع الأشياء ومخلصنا، فى وسط كل هذه الأحداث وتصيح مع ارميا النبى التقى "أما أنا فلا أكلُّ عن السعى اليك، ويوم الانسان لم اشته"([705])، إلاَّ لأنك قد ازدريت بالكرامة البشرية، وجعلتَ الحفاظ على الديانة، قبل سائر الأشياء. لذلك كل الأمور التى جرت من قداستكم هى بلا جدال عظيمة، وسائر المؤمنين الذين سمعوا عنها تعجبوا بالفعل منها، وأيضا عبيد الرب الآتين من بعدهم([706])، فى جميع الكناس المقدسة. ولكنها، فى الحقيقة، ليست أعظم من بقية حياتكم السامية والمقدسة والرسولية. لأنه فى الحقيقة لائق بكم أنتم الذين بطاقة لا تكل، قد أمتم بممارسات نسكية الأعضاء الأرضية، لكى ما تتكلموا بكلام الكتاب المقدس. وكنتم قادرين أن تقولوا مع بولس "مع المسيح صُلِبت لأحيا لا أنا بل المسيح فىّ"([707]) وأن تحسب على غرار موسى العظيم عار المسيح أعظم من كنوز هذا العالم، وأن تختار بالأحرى المذلة مع شعب الله عن التمتع بملذات الخطية الزمنية([708]). لأننى أنا الضعيف أحسب انه بسبب قصورى، حلَّت كل هذه المشقات علىَّ. ولكن إذ أنا مرتبط بتمثيل الكنيسة التى تحت العرش الإنجيلى، والتى تعانى الآن من أمراض كثيرة (ليس من السهل القول عن كثرتها) فإننى فى الوقت المناسب، اقول مثل بولس القديس "لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزياتنا أيضا"([709]) لأن حقيقة جرأتك أيها البطريرك التقى ورئيس كهنة المدينة الملكية من أجل الايمان الرسولى والصحيح وغيرتك على المراعاة الدقيقة للعقائد الإلهية، وأنك بفكر واحد واتفاق مع القديس ساويرس بطريرك الكنائس الشرقية، جعلتنى أنسى تقريبا فى الكرسى الإنجيلى للقديس مارمرقس كل المشقات التى حلت علينا. لأن هذا القول الرسولى أيضا "أى شكر نستطيع أن نعوض الله"([710]) استخدمه من جراء المساعدة التى ساعد بها كنائسه المقدسة، والذى أيدك الآن كمعضد لها وكمحارب مقدام عن خطر الديانة. لأنك اظهرت ايها التقى أن كلام الرب المقدس الذى يقول "لا تخافوا ممن يقتلون الجسد، لكنهم لا يقدرون أن يقتلوا النفس. ولكن بالأحرى خافوا ممن يقدر أن يُهلك النفس والجسد، فى جهنم"([711])، ساكنٌ فيك. وانك تحسب آلام هذا الزمان الحاضر لا شىء بالمقارنة مع المجد العتيد أن يُستعلَن فينا([712]). لذلك عندما يُشرق النور الروحى أمام الناس، يتمجد الله فى هذه الزيادة العظيمة لأولئك المخلَّصين التى الذين تستقبلهم الكنيسة الحقانية. لذلك من المُبهج أن تلقيتُ بفرح عظيم خطاب تقواكم القانونى بالإتفاق والإتحاد الذى أُحضِر الىَّ. لأن القديس البطريرك ساويرس المذكور عاليه، قد أخبرنى مسبقا، أنه آتِ إلىَّ الذى كان سبب كل بركة ومنفعة لكنيسة المسيح ولى. ولقد أرسل إلىَّ أيضا حسبما هو لائق له به نسخة مما كتبتماه قانونيا لبعضكما البعض، والذى أوضح أيضا أن شركتك قد أتت بكل حذر وبفائدة عظيمة. وبينما أنا أملى هذا الخطاب بكل قلبى، أقول لقداستكم، نفس الأمر والذى كتبته أيضا له وهو أننى اعترف بتعريف الإيمان الواحد وأسلِّم بما حرره الآباء القديسون الثلاثمائة وثمانية عشر فى نيقية، بالروح القدس، والمصدَّق عليه من مجمع المائة وخمسين، ومن مجمع افسس والذى اجتمع من قِبل أبينا كيرلس الذى رذل فى الفصول الإثنى عشر نستوريوس. وقد قبلتُ أيضا صيغة زينو الموحدة للكنائس التى تهدف إلى نقض مجمع خلقيدون وطوم ليو. بينما اعترف أن الله الكلمة من طبيعة الآب الأبدى، نور من نور، إله حق من إله حق، تجسد وتأنس من الروح القدس ومن مريم الدائمة البتولية بجسد ونفس عاقلة كطبيعتنا، وصار مثلنا فى كل شىء ما خلا الخطية، لأنه "لم يفعل خطية قط، ولا وُجِد فى فمه غش"([713]) كما قال الكتاب المقدس. لأنه من الصواب والعدل أن تلبس الطبيعة التى كانت زائلة فى آدم، بالمسيح اكليل الغلبة على الموت. وهكذا قال أيضا الرسول، فإذ قد تشارك الأولاد فى اللحم والدم اشترك هو أيضا فيهما لكى يُبيد بالموت الذى له سلطان الموت أى ابليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية([714]). ولكن إن كنا زائلين بطبيعة أخرى، ولم يكن الله الكلمة قد شاركنا فيها، ويأخذ نفس اللحم الذى لنا، ويوحده بنفسه هو غير المتأثر الأزلى بالإتحاد به، كما يقول البعض بغباء فإن ايماننا باطل، لأنه ليس بالأمر العظيم، أن يهلك الشيطان من الرب. ولكن بالجسد القابل للتأثر، جسد طبيعتنا، تحمل الآلام البريئة، وقهر الموت ووطأ على شوكة الخطية، وبدد سلطان الموت. والآن، ان كان قد قبل نسل ابراهيم وشابهنا نحن اخوته فى كل شىء ما خلا الخطية كما قال الحكيم بولس، وبالموت الذى قبله باللحم قهر الشيطان الذى له سلطان الموت بينما ظل هو فوق كل غارات الآلام فإننا نمجده فى ذلك كإله عادل على انتصاره، ولأننا تحررنا من نير العبودية. لذلك من ذا الذى لا يتعجب من دقة الكلام الإلهى الذى يزودنا من كل النواحى، بالاتجاه السليم ويدحض بنفس الكلام مشابهة يوتيخس وأولئك الذين مثله وتعليم نستوريوس. لأنه يقول أن المسيح قد شاركنا فى اللحم والدم مثلنا، ولكى لا يظن أحد أنه فعل ذلك خيالا، يستطرد فيقول أنه شارك نفس الشىء لكى بالموت يبيد سلطان الموت. وأكثر من ذلك، ينازعون ضد أولئك الذين يقسّمون المسيح الواحد إلى اثنين بمثال الأبناء. فكما أن كلا من الإبن والرجل مكون من نفس وجسد والاثنان يُدعوان طبيعة واحدة، على الرغم من أن النفس لم تتحول إلى لحم، ولا تحول الجسد إلى جوهر النفس. هكذا أيضا المسيح الذى يتكون من عنصرى اللاهوت والناسوت الذى له وجود كامل، كل فى مجاله الخاص هو واحد وغير منقسم، والاتحاد غير مختلط فيه([715]). وسمح بالتدبير أن يكون قابلا للتأثر والفناء (ولكنه فى ذاته بلا خطية)، وبالقيامة جعله غير متأثر وخالد وغير فاسد فى كل شىء. لأن أبانا الأول كيرلس قال "هو أقام أولا جسده فى عدم فساد، وهو أولا عظَّمه فى السماء"([716]) وإذ أؤمن بهذا، فإننى احرم كذا وكذا" وبقية الرسالة تحتوى على التحيات.
الـكـتـاب الـعـاشــر
يشتمل هذا الكتاب العاشر وفصوله الستة عشر التى يحتوى عليها والمدونة اسفل، على الأحداث التى وقعت بالتتابع من السنة الخامسة عشر، وهى السنة الثمانيمائة وثمانية وأربعين بحسب عصر اليونان([717]) إلى نهاية السنة الثلاثين، أى السنة الثمانيمائة وتسعة وخمسين لليونان([718]). وتنشغل بمَلك أيامنا هذه جوستنيان الرصين. فالفصل الأول يهتم بأفرايم الذى توجه إلى الشرق. والفصل الثانى ينشغل بأعمال بار خيلى فى آميدا، وفى السنتين الخامسة عشر والسابعة عشر([719]). ويتناول الفصل الثالث كيروس([720]) كاهن مدينة لجينو الذى أُحرِق عند نُصِب البوابات الأربعة([721]) الذى فى آميدا. والفصل الرابع بشأن رسالة رابوللو الذى من اديسا إلى جيملينوس من بيريه بشأن أولئك الذين يأكلون السرائر مثل الخبز العادى. والفصل الخامس بشأن تكريس كنيسة انطاكية، وكذلك المجمع الذى عقده افرايم. والفصل السادس بشأن خوسرو ملك فارس، الذى صعد واستولى على سورا وبيرية وانطاكية. والفصل السابع بشأن بليساريوس الذى نزل واستولى على حصن سيسوراثا، فى المقاطعة الفارسية. والفصل الثامن بشأن خوسرو الذى صعد وأخذ كالينيكوس والمعسكرات الأخرى على حدود الفرات وخابوراس. والفصل التاسع بشأن ضربة الأورام. والفصل العاشر بشأن مارتين ويوستس اللذين دخلا ارمينيا الفارسية وعادا. والفصل الحادى عشر، بشأن خوسرو الذى صعد على اديسا، ولم يأخذها وعاد. والفصل الثانى عشر، بشأن يعقوب وثيودور الأسقفيَن المؤمنيَن اللذين رُسِما وأُرسِلا إلى الشرق، وعُهِد اليهما بالقيادة. والفصل الثالث عشر، بخصوص بلاد لاذقيا التى هزمها خوسرو. والفصل الرابع عشر، عن نقص الحنطة والخضروات فى السنتين التاسعة والعاشرة. والفصل الخامس عشر، بشأن روما التى أخذها البربر ونهبوها. والفصل السادس عشر، بشأن زخارف ومبانى روما.
الكتاب العاشر: الفصل الأول
عندما طُرِدا ساويرس وانثيموس رؤساء الكهنة المؤمنيَن بأمر الملك، كما ذكرنا عاليه فى الكتاب التاسع، وانسحبا من المدينة الملكية عقب وصول آجابيتوس الرومانى، وموته الذى سرعان ما حدث فى نهاية مارس من السنة الرابعة عشر([722])، وكذلك [موت] سرجيوس الأرشياتروس([723]) archiatros الذى أحضره، تقوى عندئذ افرايم الذى تولى كرسى انطاكية فى الشرق وانتعش، وأرسل رسالة إلى [الملك]([724]). فأرسل [قوة من الرومان] وكلمنتـ [ينوس التربيون و] تلقى أوامر فى السنة الرابعة عشر لأن يعبر المقاطعات الشرقية، وأن يحيط بها بنفسه، ليعظ بالكلام، وأن يستخدم كلمنتينوس القوة ليجعل سكان المدن فى الشرق يقبلون المجمع، كما عُمِل لأهالى ايطاليا وبلاد روما. فذهب هذا المدعو افرايم بصحبة كلمنتينوس إلى بيرية وكالكيس وهيرابوليس وباتينيا واديسا وسورا، وكالينيكوس والبقية على الحدود، وإلى روزيانا وآميدا وقنسطانتيا. وأغرى اشخاصا كثيرين بالخضوع. البعض بالكلام والبعض بالوعود بصداقة الملك، والبعض خوفا من التهديدات والنفى ومصادرة الممتلكات والحط من درجاتهم، وحرمانهم من كل تجارة، وآخرون طُرِدوا من بلد إلى بلد، ومن بينهم الرهبان الذين ثبتوا على الايمان الصحيح وكانوا مؤمنين حقيقيين. ولما كان الشتاء قاسيا لدرجة أن الطيور هلكت من كمية الثلج المتساقط. و... كانت هناك ضيقة... بين البشر ... من الأمور الشريرة... و... فى بلاد عديدة... من تلال سنجارا [فى أرض] الفارسيين، أخذوا... يوحنا [اسقف] القنسطنطينية المؤمن [بواسطة] رجل يُدعى قنسـ]طنتينوس]. وقد سُجِن فى أنطاكية وعُذِّب، و... لم يتغير بل استمر ... إلى بداية السنة واحد([725]) [فى] السجن [وهناك] انتهت [حياته]... وكانوا قد طُرِدوا... وعاشوا فى بلاد [عديدة]... [إلى] السنة ثلاثة ([726])... خوسرو... وصعد [إلى] سـ [ورا] وبيرية وأنطاكية.
والآن، أُستُدْعِىَّ ثيودوسيوس الأسكندري من الملك أن ليأتى إليه. فصعد ومعه بضعة من الأساقفة التابعين لإيبارشيته، ولم يقبل بأى حال من الأحوال مجمع خلقيدون إلى السنة واحد([727])، فعُيِّن بولس على الكرسى. وعندما أتى ثيودوسيوس والأساقفة الذين معه إلى حضرة الملك، أُخطِر افرايم [بوصولهم] بخطاب ... ومن ثم... ولكن ثيو[دوسيوس والذين كانوا] معه [ظهروا] أمام الملك، و...، بدون... وانتقلوا ... وهناك عاشوا. وكانت الملكة حريصة على تقديم الإكرام لهم. ولم يكن أحدٌ [من] معارفهم أو خاصتهم يُمنع من رؤيتهم [أو] خدمتهم... والآن صعدوا ... فى السنة [الخامسة] عشر وايضا...الملك... كثيرا... وقال له عن [رجل] يُدعى...[صنع مكيدة] فى دارا فى صيف السنة، فأُعدَم. وحرر الملك من ضغطة الفكر ولكن بأى طريقة، ليس لدىَّ أية معلومات لتدوينها، ولذلك اصمت. ولأن بولس الذى خلف ثيو[دوسيوس] فى الكرسى... حبس... بسبب غيرته للإيمان [فى] حمام وخنقه، وقبض على ابن هذا الرجل لكى لا يتكلم عن موت أبيه. ولكن تصادف أن هرب وتوجه إلى الملكة ومن خلال المؤمنين الذين يعرفون والده، أخبر عن موته المرعب. فأرسل بسبب ذلك افرايم إلى الأسكندرية [واصطحبه] ابراهام بار خيللى. ولمَّا إجتازا فلسطين أخذا معهما راهبا يُدعى زيولس. وذهبوا إلى الاسكندرية وفحصوا سلوك بولس وعزلوه عن كرسيه، واجلسوا زيولس الصيدونى فى المدينة. ولكى ما يحموا هذا الرجل من غضب شعب المدينة، عينوا أكاكيوس بار اشخونو من آميدا، تربيون للرومان هناك.
الكتاب العاشر: الفصل الثانى
الفصل الثانى من الكتاب العاشر بشأن ابراهام [ بار خيلى فى آميدا]
[ هنا قطع فى المخطوطة] ([728])
[ترجمة روبرت فينكس لهذا الفصل، من ميخائيل السورى]
كان بار كيلى Bar Kaili [اسقفا] لمدة ثلاثين سنة. كان رجلا حسن المظهر وأنيقًا، فقد اعتاد أن يهتم بجسده. وبعد [وقت ما] بدلا من [الشعر] الأبيض على رأسه وفى لحيته، صار شعره أسودا. وعندما استعلم شعب آميدا عن هذا الأمر الجديد الذى حدث، قالوا انها نبوة بفترة رديئة... آميدا شارحا بأسى... وكانت هناك عادة [فى المدينة] خلال أيام الصوم، تلك الأيام التى يُطلق فيها، حسب الناموس، سراح جميع المسجونين، ولا تكون هناك عقوبات. قد أجبرهم على القبض عليهم، وإرسالهم للمحاكمة والحبس. وضُرِب الكثيرون، وسُجِن البعض، وأحرِق آخرون فى "البوابات الأربعة"([729]) بينما وكان [ذلك] خلال يومى الأربعاء والجمعة طوال الصوم الكبير. وكانت تُرفع الصلوات والابتهالات فى وقت المساء، وكان ويتم يقترب التقرب من التناول. ولكن لأن هذا الرجل المسن، ابراهام بار كيلى كان يقتات بإنتظام خلال النهار، وكان خجولا امام الناس ولكن ليس امام الله، فقد سقط فى خطية كبيرة، وهى هوى البُطنة. فقد فكان يتعاطى الحلويات المنتقاة والنبيذ المعتق، ويغذى جسده طوال النهار، وفى المساء يرفع القرابين امام الشعب بتباهى ويتناول [منها]([730]). اننى لا اكتب ذلك عن ضغينة، ولكن لأننى، فى الحقيقة، علِمتُ من كهنته وشمامسته، وإذ كنتُ غير راغبٍ أن [افعل]، فقد كتبتُ ذلك للنصح، ولكى متى تداول [خطابى] بين القراء والسامعين، يُصلون بالنياية عنه إلى الله لكى يغفر له، لأن الله أيضا رحوم، ويغفر للخطاة ولا يُهلكهم، لأن أبا مصريا كان غنوسيا رأى جثة رجل خاطىء كان قد أُحرِق فى موكب وقور، فوعظهم أنه يجب أن تُسحَل، لكى ما يُزدَرى بالإهانة، لعل الله يُشفِق عليه بسبب الإهانة([731])...
الكتاب العاشر: الفصل الرابع([732])
الفصل الرابع من الكتاب العاشر خاص بالرسالة المحررة من رابولا Rabbula إلى جميللينوس Gemellinus اسقف بيرية Perrhe بشأن أولئك الذين يهينون السرائر، ويتناولونها كخبز عادى.
"لقد سمعتُ عن بعض الإخوة([733]) فى بلدك بيرية([734])، الذين أديرتهم غير معروفة، وبعض الارشيمندرات المتميزين فى المكان قد أذاعوا باطلا تقاريرا عن انفسهم أنهم لا يأكلون الخبز، ويتمتمون كاذبين بكلام باطل أنهم لا يشربون ماءَ، وانهم يُحجمون عن النبيذ. وبناءً عليه أخشى أن أذكر أننى قد سمعتُ أنهم يهينون جسد ودم يسوع ابن الله. ولكن لما كانت الضرورة تُلزمنى، فإننى سأتجرأ، كما بالصواب، أن أقول أمورا لم يَخَف هؤلاء الناس من فعلها، الذين - بجنون وبدون افراز - يتناولون جسد ودم يسوع المسيح ربنا، ذلك الجسد المقدس المُحيى والدم المُحيى. هؤلاء الرجال الذين لا أعرف كيف اسميهم، قيل أنهم بكُفر يُشبِعون حاجاتهم من الجوع الطبيعى والعطش بها([735])، وأنه من المستحيل أن يقضوا حتى يوما واحدا بإرادتهم بدون تقدمة، التى هى قوامهم، بل تُقدَّم يوميا بإستمرار كمية من السرائر المقدسة، كطعام. ولهذا السبب هم أيضا يخمرون الرقاق([736]) الذى يُحضرونه ويُعدّونه بإجتهاد ويطهوه لكى ما يخدمهم كطعام. وهو لا يُعامَل كسِر، [أى] جسد المسيح المرموز إليه بالخبز غير المختمر. وقد قيل بالنسبة للباقين، أنه عندما يكون هناك ضغط يقدمون حتى خبزا غير مكرَّس، من أيادى أخرى، ليأكلوه. وقيل أن هذه هى عادتهم عندما ينتقلون من مكان إلى مكان فى سفر طويل، ليُشبِعوا جوعهم وعطشهم الطبيعى بنفس جسد ربنا مرتين أو ثلاث مرات فى اليوم. وبمجرد أن يَصِلوا إلى وجهتهم، قيل أنهم يُقدمون ثانية تقدمة فى المساء، ويتناولونها كما لو كان صوما. بل حتى فى الأيام المقدسة للصيام، أو الصوم الكبير، يسلكون نفس المسلك بدون خوف من الله، وبلا خجل أمام الناس. والناس أمثالهم، الذين يُحجِمون عن الخبز والماء يأكلون كل يوم الخبز المقدس ويشربون النبيذ المبارك فى هذه الأيام المجيدة التى فيها حتى الرذيلة ذاتها تُمنع.
والآن، بالروح الذى فىَّ يا اخونا القديس اشهد لى أننى مرتعد أن أكتب لوقارك كل ما قد سمعته عنهم لأن قلبى لا يستطيع فى الواقع أن يصدقه، وكنتُ أود لو أنك قد عرفتَ ما أريد أن أُعلِمك به بدون رسالة أو كلمة منى، وأن يَلقى أولئك الأشخاص تقويما من استقامتك لأننى لا أريدك انتَ يا سيدى أو هُم أن يعرفوا ما قد أُشيع عنهم. لا تظن إذن، أنت أو هم أنه لأننى صدقتٌ هذه الأخبار الشريرة اكتبُ هذه الأمور ذاتها إليك بشأنهم، ولكننى إذ أنا متشكك، فإننى أقول للآخرين أيضا أن ذلك مستحيل أن تُرتَكب خطية كبيرة مثل هذه من رجال معمَّدين بالمسيح. لأنهم يقولون أنهم بمجرد أن يُنجزوا السرائر فى الصينية، يأكلون بخفة ما يُريدون منها، بينما يغمر كل منهم الكأس بماء ساخن كلما أمكن كنبيذ ممزوج ويشربه ثم يملأه ثانية ويعطيه للآخر لدرجة أنه بسبب كمية النبيذ التى يشربونها تحت اسم السرائر يكونوا مضطرين فى الواقع إلى بصقه من افواههم. فياله من كفر هائل! إذا كانت هذه هى الحقيقة، أن يُحوّل هؤلاء الناس المزدرون بحياتهم، الأوانى المقدسة للسرائر التى بسبب الأسرار التى فيها [مخصصة] للأغراض الروحية السمائية، والتى يقترب منها الناس بخوف للتناول، إلى أوانى لخدمة بطونهم. ولا يتذكرون كثيرا العقوبة التى نالها بيلشاصر الملك الوثنى، والذى وُبَّخ لأنه أراد كعاصى أن يهين الله بإستخدامه لأوانى خدمة الله فى أغراض جسدية. فأُرسِلت كفُ يدٍ من أعلى لتكتب على حائط بيته الحُكم العادل الذى يُدين عمله. على الرغم من أنه كيف نقارن، فى الحقيقة، أوانى خدمة هيكل أورشليم بالأوانى المجيدة لخدمة جسد ودم الله. لأنه لا خبز وجوه كهنة اسرائيل بأى حال من الأحوال، جدير بالمقارنة بمجد السرائر الفائقة. واذا شبه أى أحد خبز المائدة الذى أكله داوود عندما جاع بجسد الله الكلمة المُعطِى الحياة، فإننا ننظر إليه كرجل غبى لا يميز بين جسد ودم الرب وبين خبز الوجوه، وبناء عليه هو آثمٌ ضد جسد ودم ربنا. لأن خبز الوجوه بالكاد يُطهِّر النجاسة الجسدية، حتى إن صاحبته انواع متعددة من المعمودية، وفروض لهذه وتلك. ولكن الجسد والدم المُحييَن اللذيَن لربنا يسوع ليسا فقط ينقيان ويقدسان من خطايا النفس والجسد لأولئك الذين يتناولونه بإيمان، ولكنهما أيضا يُسببان أن يكون الله فينا بروحه القدوس كما نحن فيه بجسدنا، لأن ابن الله يقول "من يأكل جسدى ويشرب دمى، يثبت فى وأنا فيه. واقيمه فى اليوم الآخير"([737]). ويمكننا بطريقة أخرى، أن نفهم عظمة هذه الخدمة الجديدة المسلَّمة لنا من الله الكلمة، من العقوبة الشديدة والقاسية التى نطق بها بولس ضد أولئك الذين يتمتعون بها، بما يُجاوز أولئك الذين أخطأوا ضد الخدمة القديمة التى وضعها موسى. لأنه يقول "إن كان مَن يخالف ناموس موسى، على فم شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابا أشر تظنون أنه يُحسَب مستحقا من داس ابن الله، وحسب دم العهد الجديد الذى قُدِّس به دنسا، وازدرى بروح النعمة"([738]). لذلك، من ذا المجنون الذى يقارن خبز الحياة هذا النازل من السماء بفضل اتحاده بالله الكلمة والذى يُعطِى حياة للعالم، بخبز الوجوه الذى من الأرض؟. إن رأى مثل هذا الرجل الذى يفكر أو يسلك بهذا، واضح وأكثر من ذلك ظاهر. لأن ذاك الذى يتناول بجنون يحسبه فى الواقع خبزا عاديا حسبما يراه، ولا يُصدِّق الإبن الذى يقول "الخبز الذى أعطيه أنا هو جسدى الذى يُعطَى من أجل حياة العالم"([739]). وهذا يستتبع أنه ليس فقط الخبز فى جسد المسيح كما هو مشاهد منهم بل الخبز فى جسد الله غير المرئى كما نؤمن ونتناول الجسد، لا لنُشبِع بطوننا ولكن لنُشفى نفوسنا. لأن أولئك الذين يأكلون الخبز المقدس بإيمان يأكلون فيه وبه جسد الله المحيى المقدس. وهؤلاء الذين يأكلونه بدون ايمان، يتناولون مادة مثل باقى الأشياء الضرورية للجسد. لأن الخبز إن أُختُطِف من قِبل الأعداء وأُكِل، فإنهم يأكلون خبزا عاديا لأن الذين يأكلونه ليس لهم الإيمان الذى يُعطيه حلاوته. لأن الخبز يُتَذوق بالحلق، ولكن الفضيلة المخزنة فيه تُتَذوق بالإيمان. لأن ما يؤكَل ليس فقط جسد المسيح كما قلنا، قبلا بقليل، بل كل ما هو ممزوج فيه كما نؤمن. لأن الفضيلة التى لا تُؤكل مُدمجة فى الخبز الصالح للأكل، وأولئك الذين يتناولونه يتحدون بها، مثلما أن السموات الخفية ممتزجة بالمياه المرئية، ومنها الميلاد الثانى يولد، لأن الروح يرف على المياه المرئية، ومن ثم يُولد منه شبه آدم السمائى من جديد. وكما أنه لكى ما يُعطَى للشخص المُعمَّد الحياة غير المرئية نغطيه من الخارج([740]) بالمياه المرئية، هكذا أيضا الحياة الخالدة مخفية ومستترة فى الخبز الخارجى، لمن يتناول منه بصواب. ونحن نؤمن بقول بولس أن أولئك الذين يتناولون بخفة يضرون نفوسهم، وأجسادهم، ولا يكسبون حتى أن يُحسبوا من المؤمنين. ويا ليتهم قد أطاعوا قول الرسول الذى يقول "افحصوا ذواتكم، وهكذا يأكل من الخبز، ويشرب من الكأس. لأن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق، يأكل ويشرب دينونة لنفسه"([741]). وبنفس التصريح من كلامه، أنه بسبب عداوتنا للجسد والدم تنتشر بيننا الأسقام المتنوعة، والموت الفجائى غير المتوقع، كدينونة عادلة، "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى، وكثيرون يرقدون. لأننا لو كنا قد حكمنا على أنفسنا لما حُكِم علينا. ولكن إذ قد حُكِم علينا نؤَّدب من الرب، لكى لا ندان من العالم"([742]). واذا كان هؤلاء الذين كانوا فى الأيام المحددة للخدمة، يتناولون، كان عليهم أن يتناولوا مادة واحدة فقط لجسد الحياة. واذا كان ذلك قد عُمِل بدون ألم التوبة، ولم يتناولوا بإيمان وخوف ووقار ، فإنهم حتى لو لم يكونوا قد ارتكبوا شيئا مضادا لإيمانهم، فهم مذنبون ضد جسد ودم الرب، كما قال بولس، لأنهم لم يميزوا جسد الرب. فأية عقوبة شديدة يُمكن أن تُطبَق على هذا لدينونة أولئك الذين يتقربون بدون خوف ولا يتناولون قوت الإيمان، ولكن شيئا يسد ضرورة جوعهم. يا لسفاهة هذا الذى لا يكفيه الجزاء الإلهى، لو قُتِل الإنسان. من ذا الذى لا يخاف حتى السماء، عندما يُشبِع الناس المرء حاجة جسده بجمرة ملتهبة، كما لو كانت خبزا عاديا؟. من ذا الذى لا يرتعد من هذه الحالة، أن يتناول هؤلاء الناس للشبع بلا خوف الجمرة التى تعتمد عليها حياتنا، والتى كشف لنا السيرافيم([743])، وهو يلتقطها بملقط بيده إشارة إلى سمو أسرارنا. وعندما نتأمل فيها بوقار، عندما نقترب منها. ولا تهتز قلوبهم ولا يخافون من الخبز المُعطِى حياة للعالم، ولا ترتعش أياديهم ولا تهتز، ولا تخور ركبهم ويسقطون، عندما يأكلونه من أجل حياة اجسادهم. وربما ينبغى علينا أن نقول أيضا أن ربنا فى ملء معرفته لكل الأزمنة، عرف أعمال الناس. ولهذا السبب، بعدما أكلوا من الفصح الشرعى وشبعوا، بارك الخبز وأعطاه لتلاميذه، لكى لا يُقل هؤلاء الناس أنه بعد أن بارك قد شبعوا (ولكن بعد أن شبعوا، بارك وعندئذ أخذ المعلِّم وتلاميذه قطعة صغيرة منه) وقال على الكأس "خذوا اشربوا منه كلكم"، لكى يفهموا بهذا أنه من هذا الكأس الصغير قد شرب الإثناعشر.
وقد يحتاج الأمر القول أنهم فكروا فى انفسهم جذب إعجاب البسطاء بإحجامهم عن الخبز والنبيذ، ولم يفهموا أن مَن يضحك على العقول سيهزمهم ويتغلب عليهم، وسيسقطون على رؤوسهم، عندما يسود عليهم مديح الأشخاص الجهلاء أمثالهم. إن جميع أمثالهم قد قبلوا، فى بهذه الخطية التى لا تُغتفر، مجد الأشخاص الفانيين. ومع ذلك فهذا غير منتج مفيدٍ لهم، وليس من اللائق أن يُدعوَن بشرا، بل من العدل أن يُدعَون كلابا سريعة. لأن علامة الكلاب السريعة، أنها تهاجم فجأة جسد معلمها وتأكله. فالرجل الذى يمتنع عن الخبز ينبغى عليه أن يكون خاليا ولا يذق شيئا إلى الوقت المعيَّن له([744]). وهذا معروف جيد أنه عندما رسم صموئيل أن لا يذق أحدٌ أىَّ شىءٍ فى يوم المعركة حتى المساء، وذاق يوناثان بطرف قصبته بعض العسل استوجب عقوبة الموت، لو لم يكن ذلك ضررا للشعب لو كان قد عاش. لأن "رأس المعيشة الماء والخبز" كما يقول يشوع ابن سيراخ([745]) ابن سمعان (وتحت اسم الخبز يمتد كلامه ليشمل كل الطعام) وهم يقولون عن كل الناس أنهم بعد أن يتناولون من التقدمة فى الصباح ويشتركون فيها، يكررونها فى المساء ثم يأكلون طعاما آخر ويتغذون ببقول وجذور مسلوقة. وقيل أنهم يُشبِعون ذواتهم بالجبن بدلا من الخبز. وهم أكثر من ذلك يعتادون أكل السمك بتذوق سار، ويشبعون من الفواكه اللذيذة، ويتلذذون [بها] خاصة وهى جافة، بالإضافة إلى الكعك وأقراص العسل. وبسبب حرارة النبيذ الذى شربوه، تحت ستار السرائر، يلتهبون بالعطش أكثر طوال الصيف، فيشربون بإنتظام – كما قيل - لبن الماعز والغنم. وهذا أيضا يفعلونه عن قصد لأنهم اكتشفوا أيضا أن رطوبة وبرودة اللبن تلطف من الحرارة الناجمة عن الإفراط فى النبيذ. والآن، بسبب هذه الأمور قد قيل، فى الوقت المناسب، كما سيُقال ضدهم أيضا توبيخ الله العادل الذى نطق به لعالى بسبب أبنائه: هوذا قد أعطيتُ لك كل طيبات الأرض لتستعملها بلا إثم، بل أفرزتُ لك تقدمات بنى اسرائيل لكى ما تستعملها بلا ذنب. فلماذا تعديتَ على جسدى ودمى مثل أولئك الذين صنعوا شرورا ضد ذبائحى. وضد تقدماتى([746]). ولما كان كفر هؤلاء الرجال قد فاق كفر أولئك الآخرين الذين ارتكبوا هذا ضد الشعب، فإن هناك خوف ورعدة عظيمة فى حالتهم، لئلا نفس العقوبة التى حلَّت على أولئك تنطبق عليهم" لذلك، يقول الرب إله اسرائيل: انى قلتُ أن بيتك وبيت أبيك يسيرون أمامى إلى الآبد. والآن، يقول الرب، حاشا لى فإنى أُكرِم الذين يُكرِموننى، والذين يحتقروننى يصغرون"([747]). ها أنت ترى كيف رذلهم إلى الآبد من الكهنوت، وجعلهم طريدين، وغرباء عن بيته. والآن ماذا اقول عن الناس الذين لا ينسجمون مع انبياء العهد القديم، ولا يشبهون رسل الجديد؟. لأنهم كان ينبغى أن يتعلموا على الأقل من بطرس رئيس([748]) الرسل ماذا كان طعامه، إذ يقرر بوضوح ماذا كان طعامه الجسدى، لأنه عندما سأله تلميذه المختار كلمنت([749]) أن يسمح له أن يكون خادمه الوحيد قال له هكذا مادحا غيرته واهتمامه بقوْته، لماذا؟. من هو القوى بكفاية لكل هذه الخدمة ألاَّ تأكل بإستمرار خبزا وزيتونا، وربما أحيانا الكرنب أيضا([750]). وأكثر من ذلك ألم يستلموا أيضا تقليدا حسنا من بولس الكارز بالحق؟. فها هو ايضا بسبب عظم حاجته، ارسل وباع ردائه وبثمنه قيل أنه اشترى خبزا فقط وأحضره مع كرنب لكى يضع بسلوكه قانونا كما فى قوله "إن كان لنا قوتٌ وكسوة فلنكتف بهما". وإذا كان ذلك بالأمر الهين لهم أن يتشبهوا بالرسل الذين عمَّدوا العالم، فليتشبهوا إذن برب الرسل صانع العالم، وكل ما فيها، إن لم يكن حتى تدبير إلهنا المتأنس زهيدا، ومزدرى به فى عيونهم. لأنه هوذا فى كل شىء يُرينا أنه أكل خبزا، وأن الخبز لم يكن من القمح بل من الشعير، فهكذا كانت السبعة أرغفة التى أثمرت وتضاعفت بكلمته، وأكل منها أربعة آلاف وشبعوا وفضُلت منها سبعة سلال مملوءة من الخبز. وعندما أكل الفصح مع تلاميذه، كان الموضوع أمامه خبزا غير مختمر. وأيضا بعد قيامته أكل خبزا مع تلاميذه لمدة (اربعين يوما لكى ما يصدقوا تدبير ربنا ولبسه لجسد، كما كتبوا هم أنفسهم "ودخل يسوع وخرج بينهم"([751])). وفى بيت كليوباس إذ لم يُرِد أن يتعرفا عليه فى الطريق وهو سائر معهما، بارك خبزا وكسره لهما داخل البيت، فعرفاه عندئذ.
ولكن هؤلاء الناس كما اسمع لا يتبعون فى اعمالهم أولئك الذين ضلوا، ولا هم يتفقون مع الحق فى اعمالهم لأنهم ليسوا مختتنين مثل المارقونيين، ولا هم نساك حسب اسلوب المسيحيين. فهم ليسوا مثل ناكرى الحق الذين يأكلون بقولا وخبزا فقط ولكنهم لا يكذبون فى تقدماتهم، ولا هم يشبهون المؤمنين الذين يأكلون الخبز العادى بإعتدال ويتناولون حياتنا الحقيقى([752]) على انفراد. لماذا هؤلاء النهمون لم يتدربوا على أن يكتفوا بالأشياء الزهيدة؟. ولماذا هؤلاء الشرهون لم يتعودوا على سد جوع بطونهم بما هو زهيد ورخيص؟. ولماذا لم يأكلوا طعاماعاديا وبسيطا، وهو الخبز المعتاد فقط؟. ولكن من الواضح انهم [يفعلون] ذلك كى لا يبلُوون، ولكن إن كانوا حقا يريدون أن يُنهِكوا اجسادهم فليكتفوا بأكل الخبز فقط، ولا يُشبعوا انفسهم. ونرى إن كانوا قد ضعفوا ووهنوا. ولكن من الواضح والجلى أنهم لا يجاهدون ضد أجسادهم، ولا يصارعون الشيطان، ولكن من أجل المجد الباطل وليس من باب الإماتة النسكية، يمارسون بحيل، مشوراتهم الشريرة".
وبقية الرسالة أدلة أكثر من الكتاب المقدس.
الكتاب العاشر: الفصل الخامس.
الفصل الخامس من الكتاب العاشر خاص بتكريس كنيسة انطاكية التى أتمها افرايم الآنطاكى، ومجمع اساقفة المناطق الخاضعة لنطاق اشرافه.
لقد أعاد افرايم الذى كان رئيس كهنة انطاكية، بناء كنيسة انطاكية من أساساتها على شكل مستدير، والقاعات([753]) الملاصقة لها. وعندما أكمل تدشينها، جمع مائة وثلاثين اسقفاٍ الذين تحت اشرافه فى السنة الأولى([754]). وتلقى مساهمة من كل منهم بمناسبة تدشين الكنيسة، كل حسب مسرته بإسراف. وأكد مجمع خلقيدون فى وثيقة، وطلب من الاساقفة الذين قد جمعهم التوقيع عليها، وحرموا القديس ساويرس البطريرك المؤمن وكل مَن يتفق معه ولا يقبل المجمع.
ولكن الله الذى يحكم للمظلومين، أثار بعد ذلك بوقت قصير الآشوريين ضده وضد المدينة، بحسب كلام النبى الذى قال "آشور قضيب غضبى، والعصا فى يدهم هى سُخطى. على أمة منافقة أرسله، وعلى شعب سخطى أوصيه ليغنم غنيمة"([755]). وبعد ذلك بسنتين فى السنة الثالثة([756]) صعد خوسرو على انطاكية كما هو موصوف فى الفصول التالية.
ç بقية الكتاب العاشر ناقص
ç ومع ذلك توجد قصاصة من الفصل الخامس عشر، وقصاصة من الفصل السادس عشر فى شكل مختزل فى نسخة بالمتحف البريطانى نشرها لاند.
كذلك يمكن استرداد أجزاء من الفصول 6-15 من قصاصات يعقوب الذى من اديسا، ومن ميخائيل، وغريغورى.
قصاصات من الفصول 6-8 من فوليو لميخائيل([757]).
"فى السنة الحادية عشر لجوستنيان التى هى السنة 850 لليونان([758]) فى شهر ديسمبر([759]) ظهر مذنب ضخم فى السماء فى وقت المساء لمدة مائة يوم([760]), وفى هذه السنة زال السلام بين الممالك، وصعد خوسرو ملك الفارسيين، وسبى سبيا من مدن سوريا وانطاكية وبيرية وآباميا والمناطق التى تخصهم. وأيضا نزل الرومان إلى فارس وسبوا سبيا من بلاد كردستان وآرزين والعربية. فصعد خوسرو ثانية ضد كاليكينوس بجيش كبير وحمل سبيا منها ومن كل الطرف الجنوبى لأرض ما بين النهرين.
ç قصاصة من الفصل التاسع من فوليو لميخائيل
[وأكثر من ذلك يكتب زكريا الخطيب بشأن هذه الكارثة فيقول] فى النسخة اليونانية لنبوة حزقيال هناك فقرة تشير إلى ضربة الدمامل، فبدلا مما هو مدون باللسان السريانى "كل الركب تصير ماءً"([761]) تقول "كل الأحقاء ستتلوث بالصديد". وهذه الضربة التى هى ظهور دمامل فى الأحقاء وتحت إبط الرجال، بدأت فى مصر وأثيوبيا والنوبة والاسكندرية وفلسطين وفينيقية والعربية وبيزنطيوم([762])، وايطاليا وافريقيا وسيسليا والغال، وتغلغلت إلى غلاطية وكبادوكيا وارمينيا وانطاكية وآرزين وميسوبوطاميا، وبالتدريج إلى بلاد فارس والى شعوب الشمال الشرقى. ثم خفتت. وأولئك الذين أُصيبوا بهذه الضربة وحدث أن شُفيوا ولم يموتوا كانوا مهزوزين ومرتعدين. وكان معروفا أنها ضربة من الشيطان، الذى أُمِر من الله بإهلاكهم،
وفى مدينة اميسا كان يوجد رأس يوحنا المعمدان، فلجأ إليها الكثيرون وهربوا. وكانت الشياطين تتبدد أمام الناس الذين تشتتوا([763]) بالقديسين.
- قصاصات من ف10، ف11 من يعقوب الذى من إديسا، وميخائيل وغريغورى.
- قصاصة من ف12.
ç قصاصات من 13، 14
وصعد خوسرو ثانية وحمل أسرى من مدينة البترا فى لاذيقا ووضع حامية هناك. ومنذ ذلك الوقت استمر الرومان فى شن الهجمات خلال سبع سنوات وعندئذ هُزِم الفارسيون، وأخذها الرومان منهم.
وفى ذلك الوقت، كانت هناك ندرة فى الإنتاج وعوز فى ثمار الأشجار، وفى السنة التاسعة([765])، كانت هناك مجاعة اهلكت النفوس والأبدان، وقد تلاها هزال، حتى أن الرجل كان يأكل عشرة لبرات من الخبز فى المرة الواحدة، وأى نوع آخر من الطعام يمكن أن يجده معه، من شدة الجوع والنهم، حتى تضخم وانتفخ من الطعام والتمس الخبز لبطنه، وهكذا مات. وبعد ذلك كانت هناك ضربة بين الثيران فى كل البلاد، وخاصة فى الشرق، ودامت سنتين حتى صارت الأرض بلا حرث من نقص الثيران.
الكتاب العاشر: الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر من الكتاب العاشر بشأن غزو روما واستيلاء البربر عليها، فى أيام جوستنيان.
فى السنة الثامنة عشر لجوستنيان، التى هى السنة 857 لليونان([766]) استولى البرابرة على روما التى هى المدينة الرئيسية فى ايطاليا. واذ لم يكونوا قادرين على حراستها فقد عسكروا إلى جانبها وتركوا المدينة تُخرَّب وتُنهَب. وفى السنة الثالثة بعد الغارة على مدينة ايليوم التى أُغِير عليها فى أيام سمسون وايلى الكاهن فى أورشليم، بدأ الملوك فى الإقامة فى مدينة روما التى كانت تُدعى أولا ايطاليا. وكان الملوك الذين يحكمون هناك، يُدعون ملوك اللاتين. وفى أيام يوثام وآحاز ملوك اليهودية صار رومولوس ملكا هناك، فبنى مدينة بمبانى عظيمة ونبيلة، ودعاها روما على اسمه. ودُعِيَّت مملكة سكانها مملكة الرومان منذ أيام حزقيا النبى.
الكتاب العاشر: الفصل السادس عشر
[ من التاريخ الكنسى لزكريا، عن مواد ومبانى روما ]
والآن، [فيما يلى] وصفٌ مختصرٌ لزخرفة المدينة كما يلى: بالنسبة لثروة سكانها وثرائهم العظيم والمتميز، ومواد ترفهم الباهر والكبير، وملذاتهم كما فى مدينة عظيمة رائعة الجمال. كانت زخارفها كما يلى، ناهيك عن الروعة داخل المنازل وتكوين الأعمدة الجميلة فى صالاتهم وأروقتهم وسلالمهم ورفعتهم كما فى مدينة رائعة الجمال. لقد كانت تحتوى على أربعة وعشرين كنيسة جامعة للرسل المباركين. وعلى اثنين بازليكيِّتيَن كبيرتيَن كان يجتمع فيهما الملك والسيناتورات فى كل يوم. وتحتوى([767]) على 324 شارعا فسيحا جدا. وعلى اثنين كابيتول. وثمانين تمثالا ذهبيا، و624 تمثالا من العاج. وعلى 46603 منزلا. وعلى 1797 منزلا للوجهاء، و1352 مستودعا للمياه، و274 مخبزا يصنع بإستمرار انونيا([768]) annonae ويوزعها على سكان المدينة، خلاف الذى الذين يصنعون ويبيعون فى المدينة. وعلى خمسة آلاف مقبرة يدفنون فيها. وعلى 31 قاعدة تماثيل من الرخام، و3785 تمثالا من البرونز للملك والماجستيرات. وعلى أكثر من 25 تمثالا من البرونز لإبراهيم وسارة وهاجر وملوك بيت داوود التى أحضرها الملك فسبسيان عندما غزا أورشليم، وعلى ابواب اورشليم والمواد البرونز الأخرى. وعلى تمثالين هائلين وعمودين كبيرين، وعلى سيركين، وثلاثة مسارح، ومدرجين، و22 جوادًا جبارًا هائلا من البرونز، و926 حمامًا، و2300 مخزن زيت، و291 سجنا أو محبسا. وتحتوى فى الأقاليم على 254 مكانا عاما أو ضاحية. وعلى 673 "امبارخ" emparkhe([769]) يحرسون المدينة تحت قيادة سبع أشخاص، وعدد بوابات المدينة 37. ويبلغ محيط المدينة كلها 216036 قدما، أى 40 ميلا. وقطر المدينة من الشرق إلى الغرب 12 ميلا ومن الشمال إلى الجنوب 12 ميلا. ولكن الله أمين وعادل الذى يجعل رخائها الثانى أعظم من الأول، لأنه عظيم هو مجد وقوة وسلطان الرومان.
ç الكتاب الحادى عشر كما ذُكِر فى المقدمة، لم يُترجم.
الكتاب الثانى عشر
ç الكتاب الثانى عشر: [ به جزء كبير من مقدمته إلى موضع ما من الفصل الرابع منه ساقط ]
الكتاب الثانى عشر: الفصل الرابع
"... [واعظا اياها] بحرارة ألاَّ تفعل هذا بأسلوب دنىء، وتضر روحها أمام الدينونة العادلة العتيدة. فقالت له كيف أعبد مَن هو غير مرئى، ولا أراه؟. وبعد هذا بيوم، بينما كانت فى نزهتها (وكانت هذه الأمور فى ذهنها) رأت فى ينبوع المياه الذى كان فى المنتزه، صورة يسوع ربنا مرسومة على قماش من الكتان وكانت فى المياه. وعندما التقطتها اندهشت من أنها لم تكن مبتلة. ولكى تُظهِر تكريمها لها أخفتها فى غطاء رأسها الذى كانت ترتديه، وأحضرتها وأرتها للرجل الذى كان يعلّمها. وأيضا انطبعت على غطاء رأسها نسخة بالضبط للصورة التى خرجت من المياه. ووصلت إحدى الصورتين إلى قيصرية فى وقت ما بعد آلام ربنا، وحُفِظَت الثانية فى قرية كاموليا، وشُيِّد هيكل تكريما لها بواسطة هيباتيا التى صارت مسيحية. ولكن بعد ذلك بوقت ما تحمست امرأة أخرى من قرية ديبودن المذكورة عاليه([770]) فى رعوية آماسيا، عندما علِمت بهذه الأمور فأحضرت بطريقة أو بأخرى، نسخة من الصور من كاموليا إلى قريتها. وقد دعوها فى ذلك البلد "اكسيروبوريوس" أى المصنوعة بغير يد. وأكثر من ذلك بنت أيضا هيكلا تكريما لها. وما أكثر هذه الأمور.
وفى السنة السابعة والعشرين من حكم جوستنيان، السنة الثالثة([771])، جاءت إلى قرية ديبودن عصابة من البربر، واحرقوها هى والهيكل وسبوا الشعب. وأخطر بعض الغيورين من مواطنى البلد الملك الرصين بهذه الأمور، وتوسلوا إليه أن يُقدِّم مساهمات لإسترداد القرية والهيكل، وافتداء الناس. فأعطى ما سَّره. ولكن أحد الأشخاص اللصيقين برجال الملك فى القصر نصحه بالحصول على صورة ربنا وحملها فى موكب يطوف خلال المدن بواسطة هؤلاء الكهنة، فتُجمَع المبالغ اللازمة لبناء الهيكل والقرية. وهوذا منذ السنة الثالثة حتى التاسعة([772]) وهم يطوفون بها، فيها. وأنا اعتقد أن هذه الأمور قد حدثت بتوجيه من العناية. لأن هناك مجيئيَن للمسيح طبقا لما يدل يُشير إليهما الكتاب المقدس، واحد فى اتضاع وهو الذى حدث قبل هذه السنة التاسعة والتى هى أيضا السنة الثالثة والثلاثين من حكم جوستنيان، بخمسمائة واثنتين وستين, والثانى بالمجد فى المستقبل، [وهو] الذى نترجاه. وهذا الأمر ذاته هو مثال لتقدم السر، وصورة الملك والرب المزينة من فوق وأسفل التى ستُعلَن سريعا. وفى الحقيقة أنا أعظ نفسى وإخوتى من السقوط فى يد الله، أن يُكرِّس كل انسان، نفسه للمذلة والتوبة، لأنه سيُحاسب على أعماله لأن مجىء ربنا، القاضى العادل، هو بالفعل قريب، الذى له مع أبيه والروح القدس المجد. آمين.
الكتاب الثانى عشر: الفصل الخامس
الفصل الخامس من الكتاب الثانى عشر يتناول المسحوق الذى يحتوى على رماد سقط من السماء
وبالإضافة إلى الأمور الشريرة والمرعبة التى وصفناها عاليه والتى سنسجلها أسفلا، من زلازل ومجاعات وحروب فى مواضع عديدة([773])، وكثرة الإثم وقصور المحبة والإيمان، التى حدثت وتحدث، فقد تمت ضدنا أيضا، ضد هذا الجيل الأخير لعنة موسى فى سفر التثنية عندما حذَّر الشعب الذى خرج من مصر وكانوا على وشك دخول أرض الموعدـ وقال لهم "ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التى أنا أوصيك بها اليوم، تأتى عليك جميع هذه اللعنات وتدركك"([774]). ثم بعد ذلك بقليل يتكلم هكذا "ويجعل الرب مطر أرضك غبارا وترابا ينزل عليك من السماء حتى تهلك. ويجعلك الرب منهزما أمام أعدائك. وتكون جثتك طعاما لجميع طيور السماء ووحوش الأرض، وليس مَن يزعجها([775]). مثل هذه الأمور المرعبة، والأكثر رعبا ما يأتى: فى السنة الرابعة([776]) فى السبت الأول الذى هو السبت السابق لعيد الخبز غير المختمر([777])، غطت السماء من فوقنا سحبٌ عاصفة جلبتها الرياح الشرقية، وبدلا من المطر المعتاد والماء الرطب اسقطت على الأرض غبارا يتكون من رماد وتراب بأمر الله. وقد ظهرت على الأحجار، وسقطت على الجدران. وامتلأ الرجال المتميزون بالرعب والقلق والهلع. وبدلا من فرحة الفصح كانوا فى حزن، لأن كل الأمور المكتوبة قد تمت ضدنا من جراء خطايانا. وكانت الآن السنة الثامنة والعشرين لهذا الملك.
والآن بالنسبة لنطاق وتعاقب عملنا يوصلنا هذا الكتاب فى الترتيب الكرونولوجى لغاية السنة الرابعة، ولكن هناك فصل واحد بشأن حادثة وقعت هنا فى نهاية السنة واحد الأولى([778]) التى قبل هذه السنة الرابعة، كنا قد حذفناه. فإننا نقتفى خطواتنا كإنسان يمشى على البحر وسط أمواجه العنيفة، ونسجله بإختصار، وهو كالآتى:
الكتاب الثانى عشر: الفصل السادس
الفصل السادس من الكتاب الثانى عشر، بشأن باسيلسكوس كاهن انطاكية الذى ذهب إلى آميدا مع آدونو الدوق.
فى صيف السنة الأولى، عندما كانت السنة على وشك الانقضاء، وكان هناك مجمع اساقفة منعقد فى المدينة الملكية، كتب بعض الرجال والممثلين لمدنهم هنا، وأنا مضطر إلى تحاشى ذكر أسمائهم، إلى اساقفتهم الذين كانوا متغربين فى الغرب، [كتبوا] من باب الغيرة على ما أظن أو الضغينة، لكى ما يُسِّروهم وأيضا ليُشنِّفوا آذانهم قائلين "إن هناك بعض المنشقين([779]) أى المقسِّمين فى المنطقة وخاصة بلاد ما بين النهرين الذين يعقدون مجامع ويجذبون، كما لو كان، كل الشعوب من طرف إلى آخر لينضموا إليهم، وهم منفصلون عن الكنيسة". فنقل الاساقفة الخبر الذى تلقوه إلى الملك فأمر آدونو الدوق الذى كان من هاميميثو بفحص الأمر بالاشتراك مع باسلسكوس كاهن انطاكية ومصالحتهم إن أرادوا مع الكنيسة. وبينما الأمر كذلك انضم اليهم بار كورجيس، كاهن آميدا، فى هاميميثو، وجمع الكهنة وسكان القرى فى خندق وفرض عليهم حصارا كأنهم، إن جاز القول، من ممتلكات ديث الرجل المؤمن الذى كان قد توفى مؤخرا، ومن وانجلنز وطوزفانين. وعندما وصل هؤلاء الرجال إلى مدينة آميدا، وضعوا ضغوطا على الأديرة الخمسة للرهبان العفيفين هناك بقصد طردهم، وتكلموا معهم واصغوا لهم، وقابلوهم بترحاب، وبصفة خاصة الأرشيمندريت يوحنا الذى ذكرناه سابقا، وكان حاضرا بالعناية وهو يونانى ونحوى، وزائرهم الغيور سرجيوس، وهؤلاء كانوا على رأسهم وكانوا مدعومين من الرجال المؤمنين والمتعلمين يوحنا وسوبو وستيفان وهو الطبيب الامبراطورى الخاص([780]) بهذه المدينة. فلم يطردوا أديرة الرهبان، ولكنهم اعتزلوا فى ازلو. ولما وصل بطرس مدير الخدمات فى السنة الثانية ([781]) وسمع من الرهبان التهديدات التى قيلت ضدهم، ردهم ومنع الدوق من طرد الرهبان ثانية، وانتقده.
الكتاب الثانى عشر: الفصل السابع
الفصل السابع من الكتاب الثانى عشر يتناول خريطة العالم التى عُمِلت بإجتهاد بتولمى فيلوميتور ملك مصر.
كان بتولمى فيلادلفيوس ملكا لمصر حسبما يُصرِّح يوسابيوس القيصرى، سنة 280 وأكثر قبل ميلاد ربنا. وفى بداية عهده اطلق اليهود الأسرى فى مصر، وأرسل تقدمات إلى هيكل أورشليم، إلى ازرائيل الذى كان كاهنا فى ذلك الوقت. وجمع سبعين رجلا متعلمين للشريعة ليترجموا الأسفار المقدسة من اللسان العبرى إلى اليونانى. وخزنها عنده وحافظ عليها، إذ كان مدفوعا فى هذا الأمر، فى الحقيقة من الله. ليمهد لدعوة الأمم للحصول على المعرفة([782]) ليكونوا ساجدين حقيقيين للثالوث المجيد بواسطة خدمة الروح.
ولكن فى مرة أخرى، تحرك أيضا بتولمى فيلوميتور، بعده بحوالى مائة وثلاثين سنة، بحمية واجتهاد وأرسل إلى حكام البلاد والشعوب بواسطة السفراء والرسائل والهدايا التى كان يُرسلها، وحثهم على أن يُدوّنوا له حدود البلاد التى تحت سلطتهم، والشعوب المجاورة، وأيضا وصفا لعاداتهم وتقاليدهم. فكتبوا وأرسلوا إليه ماعدا الإقليم الشمالى الممتد إلى الشرق والغرب. وقد فكرنا أنه من الضرورى أن نكتب هنا فى النهاية، من أجل المعرفة والتمييز، الوصف التالى:
[عند هذا الحد، يرد تقريظ لجغرافية كلوديوس بتولماوس الذى أخذ منه مؤلفنا للملك المصرى. ولما كان ليس هناك هدف جيد لنشره فقد حذفتُ ترجمته. ويوجد جزء منه أيضا تحت اسم زكريا فى مخطوطة 14620، وبه اختلاف ملحوظ عن مخطوطتنا. وبعد وصف اقاليم افريقيا تحتوى هذه المخطوطة على اضافة شيقة "وهم يتكلمون السريانية واللاتينية". وهناك اضافة اخرى إلى بتولمى فى ملحوظة سينتيا من عربية فيلكس، حيث يضيف مؤلفنا "وهى ذاتها شيبا" بينما فى مكان سابينس التى يذكرها بتولمى بعد ذلك يضع مؤلفنا "الأوفريانز، هم أنفسهم أوفير". هذه الإضافات بالطبع هى من مؤلفنا نفسه أو أحد المترجمين المسيحيين الأوائل. ولكن هناك اختلافات أخرى لها أهميتها فى القراءة. ففى مكان "اثكاى آسيبس" يضع "آخرون يعيشون فى المياه، يأكلون الفواكه". وبالنسبة لملاحظة الإسكاليت، يضيف "ومن هناك تأتى الجواهر، وهم يُبحرون فى المياه على زحافات" وهى اضافة طُبِعت فى نص بتولمى لنوب Nobbe، على أنها ملاحظة من أحد المدرسيين. وأيضا بالنسبة للملاحظة الخاصة ببخور بلاد اثيوبيا يُضيف "ومن هنا يأتى البنجر([783])" وهناك بعض المواضع الأخرى التى يُلقى فيها مؤلفنا بعض الضوء على نص بتولمى. وهكذا فى موضع "بيخونوى" فى اثيوبيا، يضع "كوبتمن". بينما فى الموضع الذى وضع فيه نص نوب "دوبينوى" بين قبائل عربة فيلكس، بضع مؤلفنا "دوكسارى نوى" كما فى نص مونتانوس. كذلك هناك اختلافات عن نص بتولمى ترجع من المحتمل إلى عدم الاهتمام أو إلى سوء الفهم. ومع ذلك هناك اختلاف له خصوصية من الصعب معرفة أصله فى وصف طابروبين حيث عند مؤلفنا "ونساؤهم صم". ثم أكملتُ الترجمة]([784])
وقد عُمِل وصف الشعوب، هذا كما سجلنا عاليه، بتشجيع من بتولمى فيلوميتور، فى السنة الثلاثين من عهده، السنة المائة والخمسون قبل مولد مخلصنا. ولذلك المدة من ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر التى هى السنة الثامنة وعشرين، من عهد جوستنيان، الملك الرصين لأيامنا، السنة 866 للأسكندر، والسنة 333 للأولمبياد([785])، وهى مدة 711 سنة. وخلال هذه المدة بالطبع، كم من مدن شُيِّدت وأُضيفت بين الشعوب فى العالم، من وقت بتولمى إلى يومنا الحاضر وخاصة منذ ميلاد مخلصنا. وعم السلام بين الشعوب والألسنة، ولم يعودوا يراعون عاداتهم السابقة، ولا قامت أمة لتحارب وتستخدم سيوفها ضد أخرى، ولا دخلوا معارك. وتمت عليهم النبوة التى تقول "فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل"([786]). وبالإضافة إلى ذلك، هناك فى هذا الإقليم الشمالى خمسة شعوب مؤمنة واساقفتهم اربعة وعشرون، ويعيش الكاثوليكوس فى دوين Dwin، المدينة الرئيسية لأرمينيا الفارسية واسمه غريغورى، رجل بار ومتميز. وأكثر من ذلك، كورزان بلد فى ارمينيا ولغتها تشبه اليونانية، لها أمير مسيحى، خاضع لملك فارس. وبلاد اراران فى ارمينيا ولها لغتها الخاصة، شعب مؤمن ومعمد. ولها أمير خاضع لملك فارس. وبلاد سيساجان بلغة خاصة بها، شعب مؤمن وبها وثنيون يعيشون فيها. وبلاد باذجن لها لغتها الخاصة، تتاخم وتمتد إلى بوابات كاسبيان والبحر، والبوابات فى اراضى الهون. وبجوار البوابات البلغار ولهم لغتهم الخاصة وهم شعب برابرة وثنيين، ولهم مدن. والآلنز ولهم خمس مدن. وناس من جنس دادو، وهم يعيشون على الجبال ولهم حصون. وهؤلاء الشعوب الثلاثة عشر (الأنوجار، أوجور، سابير، بلغار، خوروسريجور، آفار، خاسار، درمار، سارورجر، باجارسك، خولاس، آبديل، افثالايت) يعيشون فى خيام، ويقتاتون بلحم المواشى والسمك واللحوم البرية، وبالسلاح. وورائهم قبيلة بيجمايس، وشعب الكلاب. وفى الشمال الغربى لهم، نساء الآمازون بثدى واحد لكل منهن([787]) وهن يعشن منفردات تماما ويُحاربن بالسلاح من على ظهور الجياد وليس هناك ذكر بينهن. ولكن عندما يُردِن الزواج، يذهبن إلى قبيلة مجاورة فى سلام، ويقضين شهرا هناك، يتزاوجن ثم يعودن إلى بلدهن. فإذا ولدن ذكرا قتلوه، وإن كانت أنثى يبقونها حية. وبهذه الطريقة يحافظن على رتبتهن. أما القبيلة التى تعيش بالقرب منهن فهى قبيلة هاروس، وهم رجال طوال بأطراف ضخمة وليس لهم اسلحة حرب، فالجياد لا تستطيع حملهم بسبب ضخامة اطرافهم. والى الشرق ونحو الشمال ثلاثة قبائل أخرى سوداء. والآن أرض الهون منذ حوالى عشرين سنة أو أكثر مضت ترجم بعض الرجال بعض الكتب إلى لغة الأهالى وأصلها كما أجراه الرب، سأرويه كما سمعته من أناس ثقة [هم]: يوحنا من راس العين الذى كان فى دير أسسه اشكونى بالقرب من آميدا، وتوماس الدباغ الذى أُسِر عندما حمل كاواد الأسرى قبل ذلك بخمسين سنة وأكثر. وعندما وصلوا بلاد الفرس بيعوا ثانية إلى الهون وذهبوا إلى ما وراء البوابات وكانوا فى بلادهم أكثر من ثلاثين سنة وتزوجوا وانجبوا هناك. ولكن بعد هذه المدة من الزمن، عادوا وأخبرونا بالقصة من أفواههم كما يلى:
بعد مجىء الأسرى من أرض الرومان الذين كان الهون قد أخذوهم معهم، وبعدما عاشوا فى البلاد نحو اربع وثلاثين سنة، ظهر ملاك عندئذ لرجل يُسمَّى كاردوستات، اسقف بلاد آراران، كما روى الأسقف وقال له "خذ ثلاثة كهنة اتقياء، واخرج إلى السهل وتلقى منى رسالة مرسلة إليك من رب الأرواح لأننى حارس المسبيين، الذين خرجوا من ارض الرومان، إلى بلاد الأمم، ورفعوا صلواتهم إلى الله. وقد أمرنى أن أخبرك بهذا". وعندما خرج كاردوستات هذا الذى ترجمته إلى اليونانية "ثيوكليتوس"(أى الله يدعو، بالآرامية) بحماس إلى السهل،... دعا الله هو والثلاثة كهنة. عندئذ قال لهم الملاك، اذهبوا إلى ارض الأمم وانذروا ابناء الموتى، وارسموا كهنة لهم، وناولوهم من السرائر، وقووهم. وها أنا معكم وسأشملكم بالعطف هناك، وستُجرَى بواسطتكم آيات هناك بين الأمم، وستجدون كل ما يلزم لخدمتكم هناك. وخرج ومعه أربعة آخرون. وفى البلاد التى ليس بها أى سلام، وجد هؤلاء السبعة كهنة إقامة وسبعة أرغفة خبز وجرة ماء من المساء إلى المساء. ولم يدخلوا من البوابات، بل وُجهِّوا عبر الجبال. وعندما وصلوا إلى هناك، أخبروا الأسرى بهذه الأمور، فإعتمد كثيرون، واهتدى بعض الهون أيضا. وكانوا هناك لمدة اسبوع من السنوات([788]). وهناك ترجموا الكتب إلى لغة الهون.
والآن، حدث أن بروبس توجه إلى هذه الأنحاء، مرسَلا من الملك فى سفارة ليستأجر بعضا من هناك للحرب ضد أمم. وعندما سمع من الهون عن هؤلاء الرجال القديسين، وسمع قصتهم أيضا من المسبيين، كان شغوفا جدا ومشتاقا لرؤيتهم. فرآهم وتبارك منهم، ورآهم أكثر إجلالا فى عيون تلك الأمم. وعندما سمع الملك منه تلك الحقائق التى دوناها عاليه، التى أجراها الرب، حمَّل ثلاثين دابة من مقاطعات المدن الرومانية المجاورة وأرسلها لهم، وأيضا دقيقا ونبيذا وزيتا واقمشة كتانية وبضائع أخرى وأوانى تقديس([789]). وأعطاهم الحيوانات هدية لهم، لأن بروبس كان رجلا طيبا مؤمنا.
والآن، التهب اسقف أرمنى آخر اسمه ماكو، بمحاكاة هذه الأعمال النبيلة، فخرج بعد أكثر من اسبوعين من السنوات، وذهب بحماس ومعه كهنته إلى بلد ما، وبنى فيها كنيسة من الطوب، وزرع زرعا وبذر أنواعا مختلفة من البذور، وأجرى آيات وعمَّد كثيرين. وعندما رأى حكام هذه الأمم شيئا جديدا يحدث أُعجَبوا بالرجال، وسُرّوا بهم جدا وكرَّموهم، ودعوا كل منهم إلى منطقته الخاصة، وشعبه الخاص، ورجوهم أن يكونوا معلمين لهم، وهاهم هناك إلى اليوم. ونفس هذا الشىء علامة على مراحم الله الذى يهتم بكل أحدٍ له، فى كل مكان. ومن الآن فصاعدا هذا هو الوقت المحدد فى سلطانه لكى ما تأتى ملء الشعوب إليه كما قال الرسول([790])
ولمدة اسبوع من السنوات أحجم أيضا ملك الفارسيين، كما يروى العارفون، عن أكل المخنوق والدم وعن لحم الحيوانات والطيور النجسة، منذ أن نزل إليه تريبونيان Tribonian الطبيب الامبراطورى([791])، الذى أُخِذ أسيرا فى ذلك الوقت. ومن ملكنا الرصين جاء بيروى الحاكم، وبعده كاشوى، والآن جبرييل، مسيحى من نصيبين. ومنذ ذلك الوقت وطعامه ليس نجسا حسب العادة السابقة، ولكنه بالأحرى مبارك. وايضا يوسف كاثوليكوس المسيحيين موضع ثقته الكبيرة، ووثيق الصلة به لأنه طبيب، وهو يجلس أمامه على المقعد الأول بعد رئيس المجوس وكل ما يطلبه منه يناله. ومن باب الشفقة على الأسرى والرجال القديسين أقام مستشفى بناء على مشورة الأطباء المسيحيين الملتصقين به، وهو أمر لم يكن معروفا من قبل، وقدَّم مائة بغلا وخمسين جملا محملا بالبضائع من المخازن الملكية، واثنى عشر طبيبا وكل ما يلزم، وفى روتين الملك...
ç عند هذه النقطة تنقطع المخطوطة ومن الصعب معرفة مضمونها.
وباقى المخطوطة بقلم آخر([792]).
[1] - ترجمها البعض حاليا بالباحث. ولكن روبرت فينكس يقول أن scholasticus كانت تُطلَق غالبا على المحامين، انظر ODB 1952.
[2] - أنظر رأى المعرِّب ص 4 بعده.
[3]- وكانت تعرف بميناء غزة، ولكنها كانت مدينة متميزة فى العصر المسيحى، وقد أشير اليها أيضا فى بعض الكتابات القديمة بالإسم اليونانى نيابلس، وهى حالي "المينا" على مسافة حوالى اربعة كيلومترات من مدينة غزة على الساحل, وقد عُثِر فيها، فى ستينات القرن العشرين على بعض الآثار ترجع إلى عصر الملك داوود عبارة عن "مجمع". ويبدو أن المدينة كان مسورة، ولكن لم يُمكن اكتشاف سورها بعد.
[4] - أنظر، The chronicle of Pseudo-Zachriah Rhetor, by Robert R. Phenix &…, Liverpool Uni., 2013. P.4
[5] - وهذه المجموعة تهدف إلى التعريف بشخص المسيح على نحو ايجابى لذلك كانت تجتمع معا لدارسة الأسفار المقدسة والآبائيات.
[6] - كانت دراسة القانون، فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين وحتى خمسينات ذلك القرن، السمة الغالبة لصفوة المجتمع حيث كان معظم رجال السلطة والفكر من خريجى الحقوق، ولذا كانت هذه الكلية آنذاك على رأس قائمة الأمنيات لأى أسرة تبغى تثقيف أولادها.
[7] - أنظر ترجمتنا لتاريخه، قيد الطبع.
[8] - أو آماصيا، هى حاليا عاصمة محافظة آماسيا بتركيا، وتقع على البحر الأسود، فى وسط تركيا، وليس من الواضح هنا سبب وجود رأس المعمدان هناك. فى هذه الفترة فسوزمينوس يقول فى تاريخه الكنسى(ك 21:7) أنها كانت فى Cosilaos وهى قرية فى زمام Mardonius إلى أن نقلها ثيودوسيوس الكبير إلى حى Hebdomas.
[9] - يورد لنا سوزمينوس فى تاريخه الكنسى (ك21:7) قصة اكتشاف رأس يوحنا المعمدان فى عهده. وبالطبع من المستحيل فى أيامنا هذه إثبات صحة أية فرضية خاصة بالرفات بتاتا بصفة عامة، وبالنسبة لرأس يوحنا المعمدان وسائر الأنبياء بصفة خاصة. فهناك العديد من الأماكن فى سائر انحاء العالم كلُ منها يؤكد "وبالمخطوطات وشهادات علماء الآثار" أن الرفات هى تلك التى لدى اصحاب هذا المكان فحسب!!. ولعل "المذهب العقيدى" لأول مَن ذكر عنه سوزمينوس أنه قد اكتشف الرفات، يكفى لإثبات تنازع الجميع من "هراطقة" وغير مسيحيين، ومسيحيين على مِلكية هذه الرفات سواء من باب التبجيل والتقديس، أو من باب المتاجرة والسياحة. وجدير بالذكر أن ما تعرضت له الكنائس فى الشرق من تدمير وحرق وتخريب فى فترات عديدة، فى معظم القرون المتأخرة يجعل من العسير توثيق تسلسل تقليد ما. أنظر: التاريخ الكنسى لسوزومينوس عن الفترة البيزنطية، والمقريزى بالنسبة لأحداث مصر القرن الرابع عشر الميلادى.
[10] - وهو اساسا ابن ملك من جورجيا، حُمِل اسيرا فى طفولته وتربى بالقصر الامبراطورى، وحظى بمكانة عالية لدى الملك والملكة، واستقال وتحرر واعتنق الحياة الرهبانبة، وأُجبر على الأسقفية. ويرى روبرت فينكس أنه من القوقاز.
[11] - ميتيلين. الاسم اليونانى للمدينة التى تقع فى الجنوب الشرقى لجزيرة ليسبوس التى تقع في شمال بحر إيجة. وهذه الجزيرة هي ثالث أكبر جزر اليونان الحالية.
[12] - أنظر ص 8 بعده.
[13] - أنظر:"التاريخ الكنسى" لسوزمينوس، (12:6)، للمعرب(تحت الطبع).
[14] - مدينة مالاطيا أو ملطية هى باللغة الحيثية: Melid وباليونانية Malateia(Μαλάτεια). وبالأرمنية Malatia . ثم فى اللاتينية Melitene وهي عاصمة محافظة ملاطية بتركيا الحالية. ويُراعى عدم الخلط بينها وبين جزيرة مالطة.
[15] - دعاها الاتراك أولا "إسكى مالاطيا"Eskimalatya أى مالاطيا القديمة Old Malatya.
[16] - أفادنى أحد الباحثين بأن النص السريانى لسيرة البطريرك مار ساويرس الأنطاكى، قد نُشِر مع ترجمة فرنسية له عام 1907م فى Patrologia Orientalis، ثم نشر أيضا الدكتور يوحنا نسيم النص العربى مع ترجمة انجليزية له عام 2004م، فى العدد 20 من نفس المجلة سالفة الذكر توا. والمعرب هنا يتمنى من ناحية أخرى، أن تقوم الأديرة التى تكون العناية الإلهية قد حفظت فيها نسخة منها بنشرها للباحثين.
[17] - كتب تاريخه الكنسي هذا باللغة اليونانية، بعد حوالى سنة 593م تقريبا حسبما يرى روبرت فينكس. وقد نُشرِت ترجمة انجليزية حديثة له من جامعة ليفربول سنة 2000م.
[18] - عن رقم هذه المخطوطة انظر هامشنا رقم 1 سابقا.
[19] - كلمة المترجم طوال هذا العمل مقصود بها على وجه الحصر، المترجم من السريانية إلى الانجليزية. أما المعرب، فهو هنا المترجم من الانجليزية إلى العربية.
[20] - ويمكن الرجوع لمعرفة طريقة حسابها ومعادلها بالتقويم الميلادى فى Y. E. Meimaris: chronological Roman- Byzantine and Arabia
[21] - كلمة "طوم" فى هذا النص، هى كلمة "طومس" المتداولة فى الكتابات العربية. ويُقصَد بها "مقالة" أو "رسالة" أو "أطروحة". أما ليو فهو اللفظ والشكل اللاتينى لإسم (لاون) المتداول أيضا فى العربية المصرية. وقد تركت ألفاظ الأسماء فى النص بالشكل الذى وردت به، ليتعرف القارىء على اشكال الأسماء فى نصوصها، ويألفها ليسهل عليه عمليات البحث الآلى.
[22] - أنظر الثيؤتوكيات بكتاب الأبصلمودية السنوية للكنيسة القبطية غير الخلقيدونية.
[23] - أنظر: Blaudeau, in 2008a: 273-308. عن روبرت فينكس.
[24] - المقصود بهما بروكسس وهاملتون.
[25] - ولكنه سيلاحظ أن المترجمين الغربيين لهذا النص، أو لأى نص آخر من التراث المسيحى، أو حتى عندما يكتبون أى عمل كنسى من عندياتهم، وسواء أكانوا كاثوليك أو بروتستانت، يجردون باباوات الاسكندرية من لقب بابا، بينما يذكرون كل اساقفة روما حتى أولئك الذين كانوا قبل التنظيم السياسى لترتيب الكراسى الذى فرضه مجمع خلقيدون، منعوتا بلقب بابا.
[26] - "مونوفيزيت" كان هذا التعبير الخاطىء عقيديا، يُطلَق من قِبل الخلقيدونيين على اتباع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأيضا الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية، والكنائس التابعة لهم (الأثيوبية، والاريترية والهندية الارثوذكسية) لأنهم رفضوا مجمع خلقيدونية. وذلك ردا على نعت هذه الكنائس لأتباع مجمع خلقيدونية "بالديوفيزيت"، والذى كان يشير إلى أخذ المجمع بالفكر النسطورى عن السيد المسيح الذى يفصل بين طبيعتى السيد المسيح بعد التجسد. فنعتونا بالمقابل بهذا النعت الذى يشير إلى الأوطاخية.
[27] - يلفظه البعض ويكتبه "جونسيان".
[28] - أى باقى المخطوطة التى استخلص منها بروكس عمله هذا.
[29] - زكريا، من جهة الاسم له اشكال عدة فى المخطوطات العربية زكريا، أو زخاريا، أو زخارياس. ومن جهة اللقب يلقب بالخطيب أو البليغ أو النحوى، ثم الميتلينى(وليس الميليـتينى) نسبة الى المدينة التى سيم اسقفا عليها(أنظر ه26 بعده). كما رأينا نسبته إلى مسقط رأسه بالغزواى حيث كان من غزة. وهو أرثوذكسى غير خلقيدونى إلى النفس الأخير. ولذلك كما سنرى بعد قليل فى المتن أنه بعد رسامته أسقفا هناك، عُزِل. وطبعا كان ذلك فى وقت اضطهاد الاباطرة الخلقيدونيين لغير الخلقيدونيين.
[30] - ميتيلين، مدينة كانت تقع على الساحل الشرقى لجزيرة ليسبوس مقابل الساحل التركى. وهى حاليا مدينة يونانية، وعاصمة منطقة شمال ايجة.
[31] - عن ميتلين، أنظر ص 4 هنا.
[32] - شخص آخر خلاف بالاديوس صاحب التاريخ اللوسـسى.
[33] - ويعرف أيضا بالخطيب أو المنطيقى.
[34] - الأنطاكى.
[35] - حسنا أن قال "ربما" فمن الثابت خلال حوليته هذه أنه لم يكن "متفقا" بحال من الأحوال مع مجمع خليقدون، ولا مع طومس ليو ولا كان موافقا على تعريف الايمان الذى قدمه ليو وتبناه مجمع خلقيدون. أما المعرِّب فيرى أنه كا اسقفا على مدينة ارمينية بإسم مليتين، أنظر ص 4 عاليه.
[36] - "مؤلفنا" سيستخدم بروكس هذه الكلمة طوال هذا العمل للاشارة إلى ناسخ المخطوطة التنى استخلص منها عمل زكريا. لأن عمل زكريا كان اساسا باللغة اليونانية ثم تُرِجم إلى السريانية على نحو شبه مطول كاقتباس فى أعمال كتّاب آخرين، وبالذات المؤرخ ميخائيل السورى. وفُقِد النص اليونانى الاصلى وغير موجود حاليا، وبقيت الترجمة السريانية التى اسخلصها المترجمان من عمل ميخائيل السورى. وهذا كان يكتب بالسريانية لذلك اهتم بترجمة عمل زكريا السورى من اليونانية لمنفعة بنى جلدته الذين لا يعرفون اليونانية.
[37] - هنا لنا وقفة علمية بحتة ولازمة. المترجم هنا استنتج من كتاب ايفاجريوس هذا أن الملخص الوارد فى عمل ميخائيل السورى قد استبعد اشياءً تخص زكريا. ولكن من قال ـ علميا وتجريديا ـ أن العبارة التى ذكرها ايفاجريوس هى بالضرورة كانت فى مؤلف زكريا!!. هذا السؤال تستلزمه الضرورة العلمية، عندما نعلم أن ايفاجريوس هذا كان كاتبا خلقيدونيا، وأن الكتَّاب الخلقيدونيين فى ذلك الزمان عندما وجدوا ضراوة المعارضة من الكنائس الشرقية لإعتراف الايمان المقدَّم من مجمع خلقيدون ضدا للإعتراف النيقاوى الأفسسى ، لجأ كما يقول الدكتور سى.صموئيل، فى كتابه "مجمع خلقيدون، اعادة فحص" إلى تحريف نصوص الآباء الأولين وبالذات القديس كيرلس، والقديس ساويرس لكى ما يثبتوا وجهة نظرهم. أنظر فى ذلك: "مجمع خلقيدون، اعادة فحص"، ترجمة د/عماد موريس نشر دار باناريون ، 2009م، ص 373.
[38] - آميدا هى ديار بكر الآن بتركيا.
[39] - فى نظرى، ليس من الضرورى الاستدلال من كلمة "هنا" أنه كان يعيش فى آميدا. فالرجل بصفته مواطنا فى الامبراطورية الرومانية كانت "هنا" بالنسبة له أى جزء داخل فى زمام هذه الامبراطورية، وكلمة "هناك" اشارة إلى الدول الخارجة عن السلطان الرومانى مثل بلاد فارس. المعرب.
[40] - ولماذا لا نفترض أن كلاهما قد نقلا هذا المختصر عن مصدر ثالث كان متاحا آنذاك للجميع، وكان يمكن لغيرهما أيضا الرجوع اليه متى شاء.
[41] - اولا من ناحية اضافة عمل لاحق إلى نص مكتوب سابق. هذا الاحتمال ليس احتمالا قويا فحسب، بل أنه واقع فعلا فى معظم المخطوطات القديمة، عند اعادة نسخها حيث يضيف الناسخ الجديد اليها ما يراه هو من تصويب لكلمات أو تغيير لتواريخ (حسب رؤيته هو) ثم بالطبع يمكن أن يضيف إلى ذات المخطوطة اعمال آخرين، إما تعجب الناسخ أو يطلبها منه المشترى. كما أن النساخ فى الاديرة غالبا ما كانوا يجمعون كتابات عدة مؤلفين حول موضوع معين فى كودكس واحد ويعطونه اسما من عندهم.
[42] - هذا ما رآه مقدم الطبعة الانجليزية. ولكننى فى الواقع لا اراه شرحا وافيا كما يقول على نحو يجعلنى كما قال اقطع بأن مؤلفنا ـ ولا أدرى مَن يقصد بالضبط زكريا البليغ أم الناسخ ـ قد نقل عن يوحنا الافسسى، كما يرى هو.
[43] - السورى، وهو من مؤرخى الكنيسة السريانية.
[44] - أى الأنبا زكريا.
[45] - كان ذلك بالطبع أيام بروكس، ولكنه الآن قد نشر. أنظر هامشنا رقم 1 من مقدمة المعرب، السابق الاشارة اليه.
[46] - المشهورة فى الأدب العربى بقصة أهل الكهف.
[47] - الأصح بين بيزنطة وفارس. أما من ناحية أنها قيمة فهى بالفعل كذلك إذ توضح لنا العوامل التى أدت إلى بروز القوة العربية تحت غطاء الاسلام كقوة حربية جديدة نازعت القوتين العالميتين آنذاك، وقضت عليهما وورثت ممتلكاتهما شرقا وغربا وشمالا.
[48] - قارن ذلك بالعبارة الواردة فى الفصل الرابع كالآتى "فى مكتبة المطوبين الذكر الاساقفة الذين كانوا يُدعون بيت بيرويا من مدينة راس العين rhesaina [ وتقع بسوريا الحالية. المعرب]، فى حوزة غلام من أقاربهم، يُدعى مورعبدو... وجدتُ كتابا صغيرا.. يُدعَى كتاب آسياث Asyath[ أى اشعياء، المعرب].
[49] - ترجمها روبرت فينكس مدفوعين.
[50] - تك 3:6. (نسخة البشيطة). وطبعا "جسد" حسب الترجمة السريانية السيطة هى "بشر"، حسب الترجمة البيروتية واليسوعية.
[51] - هذا الشاهد كما سنرى من سفر الحكمة الذى هو من الأسفار القانونية الثانية حسب الطبعة البيروتية. وكان موضعه الطبيعى فى النسخة السبيعينية بعد سفر نشيد الأناشيد مباشرة. ونلاحظ هنا أن الأنبا زكريا أسقف ميتلين، يأخذ بالتقليد الأسكندرى من نسبة هذا السفر إلى سليمان النبى.. المعرب. (قارن حك16:1- 9:2 ) الاقتباس عاليه من نسخة البشيطة.
[52] - حرفيا شيئول Sheol.
[53] - قد لا يتضح المقصود من هذا الشاهد لأول وهلة. ولكن السرد التالى لهذا الفصل، يوضح أن الأنبا زكريا الميتيلينى قصد منه عبارة "نترك أثرا لنا" ليمهد الحديث عن الأثار التى يخلفها الانسان كذكرى له، ومنها عمله هذا. المعرب.
[54] - تك 1:11-4.
[55] - أى نهر الأردن.
[56] - يش 1:22-28.
[57] - حسب النص الوارد بالانجليزية.
[58] - قض22:8-28.
[59] - قض1:17-4.
[60] - الغور وادى صغير.
[61] - 2صم 18:18.
[62] - أى كما كتب يوسابيوس. أو كما كتبا يوسابيوس وسقراتيس.
[63] - أى 569م.
[64] - ما أروع هذا المنهج من مؤرخنا هذا!! رغم أن مقاوميه الخلقيدونيين لم يتبعوه فى كتاباتهم كما سنرى، بل أسرعوا بإلحاق النعوت الدنسة بالأرثوذكس غير الخلقيدونيين.
[65] - نُذَكِّر أن هذه النسخة التى لزكريا البليغ ليست هى العمل الأصلى المدون باليونانية، ولكنها الترجمة السريانية التى أمكن استخلاصها من عمل آخر. تماما كما حدث بالنسبة لنصى هستوريا موناخورم والتاريخ الرهبانى لبالاديوس على يد بطلر، كما ذكرنا فى مقدمة طبعتنا لهذا العمل (نشر دار باناريون، 2013م). ومن ثم هناك مؤلِّف أصلى للعمل هو زكريا البليغ اسقف متيلين، وهناك مترجم لعمله، قد يكون وقد لا يكون هو ميخائيل السورى أو السريانى من اليونانية إلى السريانية، ثم مترجم للنص من السريانية إلى الانجليزية وهما د/هاملتون والسيد بروكس. ثم مترجم من الإنجليزية إلى العربية. والآن منعا للتشويش عندما استخدم كلمة المترجم يكون المقصود المترجم الانجليزى، وبالنسبة للترجمة العربية سأقول المعرب. ومن ناحية أخرى لما كانت الهوامش هنا فى هذه الطبعة فى غالبيتها الغالبة من المعرب، لذلك قصرت كلمة المترجم على الهامش الخاص به.
[66]- الكلمة المستخدمة هنا doctor، وهذه لها معنى خاص فى التراث الكنسى السريانى، وهو ما يُعبَّر عنه أحيانا بملافنة فى العربية، ويُقصَد به معلم كنسى قانونى بارز.
[67] - عن روبرت فينكس.
[68] - يحددها روبرت صراحة "قرية"
[69] - بالسريانية "مدراش".
[70] - هو المعروف أيضا بلفظ سقراط.
[71] - من المعروف أن ثيودوسيوس الثانى (أو الصغير) قد حكم (401 م -450م). أولا مع أبيه(402- 408م) ثم مع أخته (408-416م)، ثم منفردا من 416-450م. ومن ثمة تكون السنة الثانية والثلاثين من حكمه (المنفرد) هى 448م أو 449م.
[72] - هذه الكلمة مقصود بها فى هذا المصنف "أعمال المجامع" أى ما نسميه اليوم "مضابط الجلسات".
[73] - يضيف هنا روبرت فينكس نعت "جسديا" فى ترجمته.
[74] - ذكر روبرت صراحة فى مقدمته أنه استبدل نعت الملك فى النص بالامبراطور. أما أنا فأبقيته، المعرب.
[75] - يوتيخس Eutyches هو الشكل المعتاد فى الكتابات الاجنبية لمن يَرِد اسمه فى الكتابات المصرية أوطيخا، أو أوطاخى. وقد حرصتُ على كتابة الاسماء فى المتن كما وردت فى ترجمتها الانجليزية، والتى على ما أظن كان متقيدا بالشكل الاصلى للاسم كما ورد فى المخطوطة. على أية حال إذا لم يكن ذلك كذلك، فهو من ناحية أخرى سيساعد القارىء العادى على التعرف على الشكل الذى يمكنه استخدامه فى مواقع التصفح الآلى. اما اخوتى الاحباء الباحثين فيمكنهم بالطبع العبور سريعا على شكل الاسم.
[76] - ويكتب أيضا فى المطبوعات المصرية، يوفيناليوس، وكذلك يوفيناليس، ويوفينال.
[77] - "نستوريوس" هو المعروف فى الاصدارات المصرية بنسطور.
[78] - يورد روبرت هنا ملاحظة، جديرة بالإشارة إليها(فى هامشه35على ك2) وهى أن نستوريوس استخدم الكلمة الواردة فى (يو14:1) والتى تترجمها النسخ السريانية "tabernacled in us "، تبعا لفلوكسينوس(وآخرين)، وحوَّر النص الانجيلى إلى "اللحم يوجد أولا ثم "يسكن الكلمة" فيه.
[79] - الطرسوسى.
[80] - "الدائمة البتولية". لاحظ الأثر التاريخى على "الثيؤتيكيات" بالأبصلمودية القبطية.
[81] - ويرِد إسمه بهذه الأشكال أيضا: كليستين، كليستينوس، سيليستينوس. وهو سيليستينوس الأول اسقف روما(422-432م).
[82] - اسقف أورشليم من 422-451م.
[83] - يقول بروكس أن النص فاسد هنا وأن هذا هو ما أمكنه فهمه منه.
[84] - "ليو"، هو المعروف فى الكتابات المصرية بالعربية بإسم "لاون"، وهو أسقف روما من 400 إلى 461م. وصاحب "الطومس المشهور بطومس لاون، والذى يرتبط إسمه بمجمع خلقيدون.
[85] - وهو المعروف فى المخطوطات العربية المصرية بطومس لاون. وهو "رسالة" أو "مقالة" عن تجسد الله الكلمة من منظور لاون اسقف روما (ق5م). أنظر تعاليمه ومقدمات مقالته هذه، وعواقبها فى "مجمع خلقيدونية اعادة فحص" للأب الدكتور فى، سى. صموئيل، ترجمة د/عماد موريس، نشر دار باناريون، ص 332- ..
[86] - ويُكتَب أيضا يوفيناليس.
[87] - لفظه البعض سيروس.
[88] - "الرؤوس" حسب النص هنا، للبابا كيرلس عمود الدين، هى المعروفة أيضا "بالفصول" الاثنى عشر فى كتابات اخرى.
[89] - وأحيانا يُلفَظ ايباس.
[90] - Nisibis، مدينة نصيبين مدينة تاريخية قديمة في الجزيرة الفراتية العليا، تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد. وهى الآن منطقة إدارية بمحافظة ماردين داخل حدود تركيا الحالية.
[91] - "جايوس". يقول بروكس (فى هامش 2 ص29) أن يوحنا بلا شك يقصد بها، ايجة Aegae. ويقول المعرِّب، أن هناك عدة مدن بهذا الإسم، ومن الصعب تحديد أي منها.
[92] -يعلق بروكس(فى هامشه 3 ص 23) على العريضة التى قدمها يوتيخس هنا، والتى ترجمها البعض "بطعن" و "نقض" و"تشهير" بآرائه السابقة. بأن الكلمة السريانية تحتمل "الموافقة" و"الاقتناع" و"النقض". وأن هذه العريضة أوردها Mansi فى (vol. vi. p. 629. ). ولا يوجد بها أى نقض أو طعن، الأمر الذى يرجح – كما يقول هو – المعنى الأول الذى أورده مؤرخنا هنا، وهو الاعتراف بالايمان السليم.
[93] - أى 452/453 م
[94] - وهو لاون الأول.
[95] - كتبه روبرت فينكس، مكسيميانوس.
[96] - لم يترجم روبرت فينكس هذا الخطاب، لأنه، كما يقول، محفوظٌ فى أصله اليونانى فى مصادر عدة. ولكنه أشار إلى أنه قد تُرجِم إلى السريانية منذ وقت مبكر جدا حيث يوجد نص سريانى له يعود إلى ما قبل 562م. أنظر ص91 من كتابه سابق الذكر.
[97] - يقصد دويناه هنا. والكلمة فيها لون من البلاغة على غرار (التعليم فى الصغر "كالنقش" على الحجر)، أى على نحو لا يزول.
[98] - "كما فى المثال"، تعبير كتابى(أنظر 1كو6:10، 11)، إشارة إلى لوحى الحجر الذى استلمهما موسى النبى على جبل حوريب.
[99] - عن التجسد
[100] - راجع غل 9:1.
[101] - "هو... بدون اندفاق"، أى بدون إضافة. كما سيرد شرحها فى خطاب البابا تيموثاوس فى ك 22:4، فى اقتباسه من أقوال البابا أثناسيوس الرسولى إلى ابكتيتوس. وتعود هذه العبارة فى الواقع إلى القديس البا أثناسيوس الرسولى فى رده على الأريوسيين الذى يفصلون بين "الإبن" و"الآب" فى الجوهر، حيث استخدم مثل الينوع والنهر. فقال: كما أن النهر الخارج من الينبوع لا ينفصل عنه، وبالرغم من ذلك فإن هناك بالفعل شيئين مرئيين وإسمين. هكذا الآب والابن هما جوهر واحد، ولكن لا "الآب" هو "الإبن"، ولا الابن هو الآب، فالآب هو أب الابن، والابن هو ابن الآب. وكما أن الينبوع ليس هو النهر، والنهر ليس هو الينبوع، ولكن لكليهما نفس الماء الواحد الذي يسرى في المجرى من الينبوع إلى النهر، هكذا لاهوت الآب هو في الابن بلا تدفق أو انقسام.
[102] - فى 10:2
[103] - باروخ 38:3. وهو من الأسفار الثانية. ولاحظ المؤرخ زكريا البليغ وهو يقول "كيف سنقبل أصوات الأنبياء".
[104] - أش 4:53
[105] - اصداء لبدعة الدوستية التى ظهرت فى أواخر القرن الأول، والتى ترى أن المصلوب هو شخص آخر "شبيه" بالسيد المسيح. تلك البدعة التى وجدت لها مشايعين فى القرن السابع الميلادى أيضا، وخاصة فى شبه الجزيرة العربية. انظر عن ذلك، الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى" مذكرات لأحد رهبان البرية. .
[106] - قارن: رو 21:1، 22.
[107] - "imperial freedom". تعبير بلاغى من المؤرخ هنا، يقصد به اقصى حرية، مثل القول "الحرية الملكية" للاشارة إلى حرية المرء فى أن يفعل ما يشاء.
[108] - أى المسيح
[109] - 1كو6:8
[110] - يو1:1-3
[111] - أع 22:2
[112] - أع 31:17
[113] - يو40:8
[114] - اش 14:7. مت23:1
[115] - يقول المترجم أن هذه الفقرة تثير نوعا من المتاعب عند ترجمتها، ويفترض بروكس أن كلمة ما قد سقطت من النص. ولذا فهو يفترض أن العبارة هى هكذا "لأن ذاك المولود بالتنازل، هو إله فوق الكل". وأقول أنا أيضا أنه بالفعل هناك كلمة ناقصة لأن سياق ذات العبارة يجب أن يكون هكذا "بقولهم أن المولود على نحو أدنى، ليس هو الإله فوق الكل".
[116] - "بالإضافة إليه". يتعين الانتباه إلى هذه العبارة هنا. فهى تعنى أنهم "يُضيفون" إلى الثالوث، رابعا، كما هو واضح من بقية هذه الفقرة. وهذا فكر تجديفى بالطبع يتنافى مع وحدانية الجوهر، وتثليث الأقانيم.
[117] - أف14:2.
[118] - رو4:9.
[119] - خر 25:4، أش 13:46.
[120] - مت 16:16
[121] - قارن غل15:1، 16
[122] - رو5:9
[123] - كو8:2
[124] - لاحظ أن هذه العبارة ترجع على الأقل إلى النصف الأول من القرن الخامس الميلادى.
[125] - "أرمينيا العظمى التى للفارسيين". فى ذلك الزمان، كان شِطرا من أرمينيا خاضعا لدولة فارس. مثلما هو الحال الآن حيث هناك شِطرٌ من أرمينيا خاضعٌ لدولة تركيا.
[126] - يقول روبرت فينكس أن الأولمبياد 308 قد استمر من 453 م إلى 457م ومن ثمة يكون تاريخ اعتلاء مركيان للعرش، فى رأيه، سنة 450م خطأ. (أنظر هامشه91 ك2).
[127] - يعترض روبرت فينكس (فى هامشه 78 ك2)، على هذا التاريخ قائلا أن جلسات المجمع، كانت من 8 أكتوبر إلى أول نوفمبر سنة 451م. وهذه تقابل السنة 763 للسلوقيين. عن "أعمال مجمع خلقيدون" انظر:
Gaddis & Price, acts of the Council of Chlacedon, Liverpool ,2005
[128] - انظر مقدمة المترجم بروكس.
[129] - ويلفظه البعض جيسريك.
[130] - هذا الرجل، تلقى أيضا عدة رسائل من القديس ساويرس الأنطاكى. وقد ذُكِر أيضا أنه كان المهتم بالقديس ساويرس اثناء زيارته للقسطنطينية حوالى 508-511م.
[131] - Cubicularius.
[132] - ثيودسيوس الثانى
[133] - قال لى الدكتور صموئيل القس قزمان معلقا على هذا الرقم (أن المصادر القديمة قد أوردت أرقاما مختلفة لعدد الاساقفة الذين حضروا مجمع خلقيدونية. فيذكر ساويرس بن المقفع فى كتابىّ "المجامع" و"الرد على سعيد بن بطريق" أنهم كانوا 636، بينما ورد عددهم فى "مديحة للأنبا مكاريوس اسقف ادكو" أنهم كانوا 634. وقد نقل عنها المقريزى هذا الرقم فى "خططه". أما يوحنا النقيوسى [ق7م] فيذكر 645. ويقول ميخايل السريانى [المؤرخ، ق12م] انهم كانوا 300. وقال ليو اسقف روما [وصاحب الطومس الشهير بإسمه] فى رسالته 98 أنهم 520. وورد العدد فى كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية الصعيدية أنهم كانوا 500. ويبدو أن هذا الرقم الأخير هو الأقرب إلى الصواب). ثم يقدّم لنا رأيا له وجاهته فيقول (ولعل شهرة الرقم 638 ترجع إلى أنه ضعف الرقم 318 الذى هو عدد أساقفة نيقية للتدليل على قانونية خلقيدونية حيث كان مقررا عقد هذا المجمع أولا فى نيقية بدلا من خلقيدونية). العبارات ما بين القوس المربع من المعرب.
[134] - غنغرا. يقول المتن أنها بتيراس Gangra of Thrace، ويرى روبرت فينكس أنها خطأ من الناسخ فهى فى "بافلاجونيا بأسيا الصغرى"، ويرى الأب سى. صموئيل (مرجع سابق) أنها على الجانب الجنوبى للبحر الأسود. بينما تحددها المصادر التركية بأنها الآن مدينة شانيكرى شمال شرق أنقرة.
[135] - " ديوسقورس" الأول، هو البابا الخامس والعشرون فى عداد باباوات الاسكندرية، وكان المساعد الأول للبابا كيرلس الملقب بعمود الدين (البابا الثالث والعشرون فى عداد البطاركة)، ومن التواريخ الكنسية العامة نعلم أنه نُفى أولا إلى أماكن عديدة ثم انتهى به المطاف إلى هذه الجزيرة، حيث توفى فيها.
[136] - "جوفيناليس، يُلفظ أيضا بوفيناليس، ويوفينال، وكلها أشكال مختلفة، كما قلنا قبلا، لذات الاسم الواحد تبعا للهجة المحلية لكل كاتب أو ناسخ.
[137] -هناك خلاف حول لقب "ايبيرى" فكلمة "ايبيريا" فى المراجع هى بلاد اسبانيا والبرتغال حاليا. ولكن الاب سى. صموئيل(فى هـ 21) يرى انها جورجيا فى الازمنة القديمة. بينما نسبه روبرت فينكس تارة إلى القوقاز، وتارة أخرى إلى جورجيا. (أنظر: "التاريخ الكنسى لسقراتيس"، ك20:1، والهوامش هناك. للمعرب، (تحت الطبع).
[138] - أو المنطيقى
[139] - اى بعد بروتيريوس الدخيل الخلقيدونى.
[140] - يقول الأب فى. سى. صموئيل (فى هامشه83 من كتابه "مجمع خلقيونية ـ إعادة فحص" تعريب د/عماد موريس، نشر دار باناريون) أن هذه الكلمة يُقصد بها الحاجب الذى يظل حارسا عند الأبواب اثناء انعقاد اجتماعات المجلس الامبراطورى الأخرى. ويقول روبرت فينكس (نقلا عن LRE 571) أن هذا الشخص كان فردا فى جهاز داخل القصر الامبراطورى يتكون من ثلاثين موظفا يُشرِف عليهم ثلاثة decurions. [والـ decurions كان أحد أعضاء سينات المدينة، فى الامبراطورية الرومانية. وكان يتم إختيارهم من الطبقة الوسطى الثرية فى المجتمع. أنظر: History of the Later Roman Empire, Bury, J.B. Chapter 1.]
[141] - هنا يضيف النص، والفصل الثالث عشر يخبرنا عن تبوأ مركيان وعن مجمع الاساقفة الذين وفدوا إلى خلقيدون، وما حدث فى المجمع إلى الخطاب العام من الملك إلى الاساقفة. المترجم. ويقول المعرب واضح اذن أنه قصد "بالكتب الثلاثة عشر، الفصول الواردة فى هذا الكتاب الثالث. بينما يرى آخرون ومنهم روبرت فينكس أن هذا الجزء مفقود.
[142] - الصيغة الشرقية فى التعبير عن المبالغة.
[143] - وهى المجامع التى تعترف بها فقط، الكنائس غير الخلقيدونية، وهى مجمع نيقية المنعقد سنة 325م(بحضور318 أسقفا) ضد اريوس، والقسطنطينية الأول المنعقد ضد ناكرى الروح القدس سنة 381م(بحضور 150 أسقفا)، وأفسس المنعقد ضد نسطور سنة 431م(بحضور مائتى أسقف). أنظر صلاة التحليل بالقداس الباسيلى القبطى.
[144]- الكلمة الانجليزية الواردة هنا هى champion ومعناها الأول فى القاموس نصير أو مدافع. وقد ترجمها آخرون أيضا "متحمسا". ولكن الدكتور صموئيل تفضل مع الشكر بإبداء الملاحظة الآتية (وردت هذه الكلمة فى النص السريانى"أجونيستيس" وهى كلمة يونانية الأصل تعنى "مجاهد" أو "محارب". وهى إحدى معانى كلمة champion الواردة فى الترجمة الانجليزية. وفى الترجمة الألمانية وردت أيصا "مجاهد". ولذلك من الأفضل ترجمتها مجاهد. وهى تتوافق مع السياق عن كلمة نصير). وقد أخذتُ بهذا الرأى فى المتن عاليه.
[145] - ترجمها آخرون "ثقة بالنفس" ولم أرتح لهذا التعبير.
[146] - وتكتب أيضا من قِبِل البعض هيبا، وايباس. هو اسقف اديسا (435-458م) كان مشايعا للنسطورية، وتلميذا لتيودور الطرسوسى، وتيودور الذى من ميسوبوطاميا
[147] - يوسيبيوس، أو يوسابيوس، هذا اسقف دوريليوم. وهو ذاته الذى دعى إلى عقد مجمع مكانى فى القسطنطينية عام 448م لمحاكمة أوطاخى، وحرمه. وسوف نرى أنه صار أحد الذين يتمسكون "بطبعتين بعد الاتحاد" للسيد المسيح، ومن أبرز المشايعين للنسطورية.
[148] - "رؤوس كيرلس". هذه العبارة حسب النص الانجليزى بالمتن، ترد فى كتابات عربية أخرى "فصول كيرلس". ولا مانع، فى نظرى، من الإحاطة بالتعبيرات العربية فى لهجاتها المختلفة.
[149] - ورد هذا الاسم فى بعض الكنابات العربية "ماريس" و "مار".
[150] - أنظر هامشنا 83 آنفا.
[151] - تث19:16
[152] - يقول روبرت فينكس (فى هامشه 33) على هذا الكتاب، أن مسألة "إستدعاء نستوريوس" من منفاه "أسطورة" من المؤرخين غير الخلقيدونيين، لتأكيد العلاقة بين هرطقته وبين مجمع خلقيدون. فهذه القصة توجد لدى يوحنا روفوس، ولدى بار هادبشابا، وفلكسينوس. ولذا قام، كما يقول روبرت، ايفاجريوس [المؤرخ الخلقيدونى المعاصر لزكريا] بدحض هذه القصة، مؤكدا حسب روبرت على أن زكريا تجاهل الحرم المتكرر فى هذا المجمع لنستوريوس وأتباعه. بينما يورد روبرت فى نفس الهامش أسماء باحثين آخرين يرون أن القصة نشأت أولا فى مصر. من تحرك نستوريوس ابان انعقاد المجمع، وأن ذلك يدل، فى نظرهم، على أن مرقيان أراد حضور نستوريوس المجمع لإجباره على الخضوع لقرارته. ومن هؤلاء الباحثين، بافن(2007)، هوتباى(2009)، كويسنسكى(2007). ويخبرنا الدكتور صموئيل استاذ اللغة القبطية، عن الأصل المصرى لهذه الرواية، فيقول أنها قد وردت فعلا فى المصادر القبطية المتعلقة بمجمع خلقيدونية، خاصة المديحة الخاصة بالأنبا مكاريوس اسقف ادكو" والمنسوبة للبابا ديوسقوروس. وتربط هذه المصادر بين طومس لاون وبدعة نسطور.
[153] - الواحات، يقول المؤرخ ايفاجريوس المعاصر لزكريا البليغ، أنها كانت مدينة آبيس، بالواحات فى مصر العليا غرب النيل. وأيضا يرى الدكتور صموئيل، أن "تاريخ الكنيسة باللغة القبطية يورد قصة مقابلة نسطور للأنبا شنودة رئيس المتوحدين [هذا اللقب المشهور به فى الكتابات العربية المصرية للعصور الوسطى، كترجمة للنعت اليونانى "ارشيمندريت"، غير صحيحٍ رهبانيا، لأن "المتوحدين" ليس لهم رئيس. ولذا الأصح رئيس الرهبان. وخاصة أن الأنبا شنودة كان بالفعل "آبا" abbot ورئيس "كوينوبيوم" أى جماعة رهبانية تعيش حياة الشركة الجماعية. أنظر كلمتنا بمؤتمر الأنبا شنودة عميد الأدب القبطى،بدار بانريون سنة 2015 المعرب] انتهت بهلاك نسطور بواسطة ملاك).
[154] - يضيف هنا روبرت فى المتن نعتا لدورثيوس هذا بأنه كان مواطنا من مدينة ماركيانوبولس. ويقول أن يوحنا روفوس يقول أنه كان وثيق المعرفة لماركيان.
[155] - نلاحظ أن كلمة الاستفهام التى اوردها المترجم هنا هى What وليس Who.
[156] - يقول روبرت (فى هامشه 36) لهذا الكتاب، أن هذا المصير المأساوى الغامض قد ذكره أيضا ميخائيل السورى(ق12م) ويوحنا روفوس نقلا عن تاريخ البطريرك تيموثاوس ايليريوس الأسكندرى. ولكنه لم يستطع أن يعلق على الواقعة نفيا أو اثباتا. وله العذر فى ذلك لأن هذه الرواية ترد فى التواريخ الكنسية اللا خلقيدنية سواء القبطية أو السريانية أو العربية المترجمة عن أىٍ منهما.
[157] - واضح إذن أن رئيس المجمع كان يُعيَّن من السلطة السياسية الزمنية وليس له أية علاقة بأولوية مزعومة لكرسى ما. ومن ناحية أخرى نلاحظ أن الأصوات كانت مسألة شكلية بحتة على غرار المجالس السياسية فى البلاد ذات الحكم الشمولى فى أيامنا، حيث المجلس هو الرئيس وحده وكلمة الرئيس هى كلمة المجمع.
[158] - يقر هنا روبرت (فى هامشه53 على هذا الكتاب) أن هذا بالضبط ماقاله ديوسقورس طبقا "لأعمال" المجمع. ثم يقول نقلا عن باحثين أنه بينما كان ديوسقورس موافقا على عبارة "من طبيعتين"، إلا انه لم يكن موافقا بتاتا على صيغة "فى طبيعتين" بعد التجسد. وإذ يعتبر روبرت أن مجال العقائد، كما قال فى مقدمته، ليس من اختصاصه، لذلك أحال القارىء إلى مصادر أخرى للبت فى هذه المسألة. وله الشكر.
[159] - أى مضابط الجلسات بتعبيرنا اليوم.
[160] - بينما التعبير الأرثوذكسى الكيرلسى هو from two natures. أنظر فى ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الأبصلمودية القبطية السنوية، وكيف ركز الآباء فى الليتورجيات والتسابيح الكنيسة سائر العقائد الايمانية الجوهرية، ليتلوها الشعب يوميا. ففى ثيؤتوكية يوم الأحد نقول "واحد من إثنين[ أى من طبيعتين]، لاهوت واحد [لا تدنى فيه] قدوس بغير فساد[ رد على بدعة يوليانوس كما سنرى هنا، عندما يجعل جسد المسيح قابل للفساد]. مساوٍ [للآب] [فى الجوهر].
[161] - عن الإجبار على التوقيع، أنظر ما قاله يوستاثيوس اسقف بريتوس[بيروت] اسفله.
[162] - قدم بروك (فى هامشه رقم 4 ص 50) ترجمة هذه الجملة كما يلى: " الرجل الذى يتكلم عن طبيعتين فليُقطَع إلى اثنين" [ أى إلى نصفين].
[163] - Silentiarii جمع Silentiarius وهى عن كلمة يونانية، ثم إنتقلت إلى اللاتينية فالانجليزية، وكانت تُطلَق فى الامبراطورية البيزنطية على فئة من رجال الحاشية في البلاط الإمبراطوري البيزنطي، مسؤولة عن النظام ومراعاة الصمت في القصر الكبير في القسطنطينية. ثم في الفترة البيزنطية المتوسطة (ق 8م – الى ق11م) تحول إلى لقب بلاط شرفي. وبالتالى يمكننا ترجمتها برئيس الحجَّاب.
[164] - عن التعاليم الجوهرية الواردة بهذه الرسالة، والتى تؤكد فعلا كلام الأنبا زكريا اسقف ميتلين، بأنها كانت متسقة تماما مع فكر الآباء العظام أثناسيوس وكيرلس عمود الدين، انظر "مجمع خلقيدون، إعادة فحص"للأب سى. صموئيل"، مرجع سابق الذكر، ص 359-..
[165] - أى كلام البابا ديسقورس الأول، الخامس والعشرين فى العدد(444-454م).
[166] - مز22:22
[167] - طبقا للهرطقة الدوسيتية.
[168] - 2كو 9:8
[169] - "ما أعتقده" هنا ليس بمعنى ما أظنه أو ما أراه، ولكن بمعنى "هذه هى عقيدتى، التى أؤمن بها".
[170] - أى ديوسقورس
[171] - يقول روبرت فينفكس (فى هامشه 81 ص 63) أن اتيوس كان رئيس شمامسة القسطنطينية، وكان بمثابة رئيس كتبة primicerius [ وهى كلمة لاتينية الأصل، دخلت اليونانية لفظا، وكانت لقبا فى الامبراطورية الرومانية المتأخرة، والامبراطورية البيزنطية ويُطلَق عادة على رئيس قسم إدارى، واستخدمتها الكنيسة فيما بعد لنعت رئيس مجموعة من الزملاء]. وهكذا كان مسؤولا عن تحرير الوثائق المجمعية. وأنه اضطر- فى نظر روبرت هذا- للدفاع عن دقته بالنسبة للإجراءات ضد اوطاخي في 448م في أفسس. ثم يقول [معلقا بالطبع على إشارة زكريا البليغ التالية مباشرة] أنه لا يوجد أى ذِكر فى أى مصدر آخر- خلاف مؤرخنا هذا- يذكر واقعة ذهابه ليلا إلى ثيودوريت.
[172] - استخدم زكريا البليغ هنا، حسب الترجمة الانجليزية – على فرض دقتها – كلمة Symbol وهى تعكس دلالة ذات مغزى بالطبع ذى ذهن زكريا. إذ هو لا يعترف بتعليم الطبيعتين، لا "كعقيدة"، ولا "كتعليم"، فدعاه Symbol أى شِعار أو رمز. ولأن روبرت فينكس متعاطف ضمنيا –فى نظرى – مع الجانب الخلقيدونى، فقد أورد فى ترجمته فى المتن كلمة creed" of" أى قانون إيمان. مما يُثبت رأيى عن فِكر مؤرخنا هنا. ثم ذكر (فى هامشه 82 بنفس الصفحة)، أن كلمة creed هى بالسريانية swmbln، وباليونانية symbolon..!!.
[173] - "عليها" أى على الصيغة الخلقيدونية.
[174] - كانت غنغرا عاصمة لإقليم بافلاجونيا على الجانب الجنوبى للبحر الأسود (حاليا فى تركيا). وكان المقصود من النفى فى هذا المكان، قطع الصلة بين ديوسقورس وشعب الأسكندرية لصعوبة المواصلات إليها ولبُعد المسافة الشاسع. وهو ما لم يتحقق مثلما سنرى مع خليفته تيموثاوس.
[175] - يقصد الأنبا زكريا هنا "بغير الراغبين"، الرافضين "للشركة المقدسة " معه.
[176] - هذا السِفر أو الكتاب، عبارة عن لوح يُكتَب فيه أسماء آباء الكنيسة المكرَّمين الذين تُذكَر اسماؤهم جهرا فى مناسبات معينة قبل الدبتيخا. أى تشبه طلبات ذكر اشخاص معينين فى الصلوات السرية التى يذكرها الكاهن الخادم فى الليتورجية الآن عقب صلوات "القسمة". وواضح أن هذا الكتاب، أو فلنقل اللوح خاص بالأحياء. أما لوح الدبتيخا فخاص بالمنتقلين.
[177] - وكانت هذه المقاطعات ذاتها قد سبق أن أُعطِيَّت لكرسى أنطاكية فى مجمع أفسس الثانى عام 449م.
[178] - تذكر سيرة البابا ديسقورس بالعربية والسريانية المراسلات التي تمت بين ديسقورس وجوفيناليس الأورشليمي، عندما علِم الأول بموافقة الثاني على قرارات مجمع خلقيدونية، وذلك حتى يعيده إلى الصواب ولكن دون جدوى.
[179] - يقول الأب سى. صموئيل أنه هو نفسه الأمير نابارنوجينز أمير ايبيريا. الذى قدَّمه أبوه وهو بعد طفل صغير كرهينة للإمبراطور ثيودوسيوس الثانى. فنشأ فى القصر الإمبراطورى وحظى بحب الامبراطور والامبراطورة الكبير، ولما نما احتل مكانة سامية فى القصر، لكنه اعتزل المنصب وعاش فى قفار فلسطين وأسس مستوطنة رهبانية فى مرفأ مايوما فى غزة. وايبريا هى اليوم جورجيا. ويرى روبرت أنه أُرسِل إلى القصر حوالى سنة 420م.
[180] - إن كان زكريا البليغ قد اختصر سيرته هنا، إلا أن سيرته قد وصلتنا كاملة، وهى قيد التعريب والنشر بمشيئة الرب.
[181] - مدينة نابلس الحالية بفلسطين.
[182] - أنظر، مز1:78. ويخبرنا الدكتور صموئيل أن "مديحة مكاريوس الاسقف" السابق ذكرها، والذى كان مع البابا ديسقورس، تذكر أيضا بالتفصيل هذه المذبحة، وتقول أنهم كانوا يرنمون تسبحة "الثلاثة تقديسات". ويقول المعرب هنا أن مَن يُسرع من الخلقيدونيين ويقول أن هذه الرواية متحيزة لأنها ترد من مؤرخ رافض أو مقاوم لمجمع خلقيدونية، فليتفضل مكرَّما ويرجع إلى تاريخ سوزمينوس، على سبيل المثال لا الحصر، ويستعرض معاملات السلطة السياسية الرسمية للبلاد آنذاك للمخالفين لمذهب الملك.
[183] - السامريين هنا جماعة من اليهود.
[184] - أو النحوى.
[185] - كانت السفسطة ترتبط قديما بعلم الخطابة والبلاغة والنحو. ومن ثم كان السوفسطائى يُلَّقب بالبليغ Rhetorician أو الخطيب أو المنطيقى.
[186] - أى على غرار النسل البشرى.
[187] - "الدبتيخا" لوح كان يكتب فيه اسماء القديسين المنتقلين المعتبرين فى شركة الايمان الارثوذكسى الواحد حسب المجامع الثلاثة الأولى فقط. وهذا اللوح هو نواة طلبة المجمع فى الليتورجية القبطية الأرثوذكسية. وأيضا منه جاءت تشفعات "المجمع" فى التسبحة اليومية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية. أنظر الخولاجى المقدس، والأبصلمودية السنوية.
[188] - هذه الجملة هى هكذا فى النص الانجليزى، ولم يعلق على تركيبها المترجم، وهى غير واضحة. ولكن شكرا للدكتور صموئيل الذى أوضح لنا أنها ترد فى الترجمة الألمانية ما ترجمته هكذا " لا يجب على أى أحدٍ أن يوجه اللوم لهؤلاء الذين يسعون بإجتهاد لأن يهجوا الذين لا يظلون فى الترتيب الدقيق". وأرجو أن تكون هذه الترجمة الألمانية مُساعِدة فى التوضيح.
[189] - أى من سنة 13(أو 14)/7/ 443م. إلى يوليو 456م.
[190] - لفظها روبرت أيضا ماجوريان.
[191] - الأول. أو لاون كما يلفظه البعض بالعربية، الأول.
[192] - الثانى.
[193] - اورد بروكس هنا كلمة weasel وهى تعنى " ابن عرس"، ويقول زكريا كما سنرى فى ك1:4، أن جماعة بروتيريوس قد أطلقوه عليه من باب السخرية منه بسبب قصر قامته. غير أن البعض رأى أن اللقب "ايليروس" باليونانية يعنى قطة. ولكن الحقيقة نعت "قطة" فيه تدليل أكثر منه سخرية. ولذلك اتفقتُ مع بروكس فى ترجمته للنص السريانى هنا "بإبن عرس". وحدث أن أرسل لى الدكتور صموئيل القس قزمان فيما بعد، نسخة من ترجمة Ebied wickham لرسالة هذا البابا ضد تعريف مجمع خلقيدون للإيمان، فإذا به يذكر على وجه التحديد، (فى هامش 1، ص115) أن الكلمة اليونانية "ايليروس" مبهمة وغامضة، ومن العسير معرفة الحيوان المقصود، ولكنه بكل تأكيد - كما يرى هو- "ليس قطة" not a cat. ويأخذ بترجمة بروكس لها بابن عرس.
[194] - قدَّموا "طعنا"، المقصود هنا أنهم قدموا طعنا ضد بورتيريوس. والكلمة المترجمة طعنا هنا تتضمن أيضا التشهير به والقدح والذم. كما يتضح من الجملة التالية مباشرة.
[195] - المعروب فى الكتابات العربية بلاون بابا روما صاحب "الطومس" الخليقدونى المشهور بإسمه.
[196] - الملك.
[197] - أى ذو القلنسوة (أو القُبعة) المتأرجحة. ويذكر كتاب تاريخ الكنيسة باللغة القبطية أنه رغم كونه خلقيدونيًا كان مستقيم الإيمان ويحترم البابا تيموثاوس الإسكندري وكان بعض الأقباط يحضرون معه القداس ويتناولون من يده مما حدا بالبطريرك الملكاني أوتيخيوس أو سعيد بن بطريق بالادعاء أنه كان من حزب ضد خلقيدونية.
[198] - الامبراطور البيزنطى.
[199] - كانت الاسكندرية فى العصر الرومانى والبيزنطى قائمة بذاتها اداريا عن سائر مقاطعات مصر الأخرى. ولذلك كان يقال الاسكندرية و"مصر". ونلاحظ من الاقسام الادارية لمصر فى القرن الرابع والخامس أنه كانت هناك مقاطعتان بإسم مصر هما مصر الأولى( وكانت تشمل الصحراء الغربية المتاخمة لغرب الدلتا) ومصر الثانية( وتشمل الأجزاء الشمالية الغربية من محافظة دمياط وباقى شمال الدلتا حتى فرع دمياط شرقا). انظر الأب متى المسكين، القديس اثناسيوس الرسولى، 1981، ص 731.
[200] - هذه الكنيسة دُعِيَت هكذا، لأنها كانت معبدا وثنيا كبيرا لعبادة الامبراطور، وهو الذى قُتِلَت بجواره هيباتشيا الفيلسوفة سنة 415م. وتُعرَف أيضا بالكنيسة الكبرى، وكانت تقع فى شمال آجورا. أنظر روبرت فينكس(ك4، هـ 18).
[201] - تعود سيامة البطريرك بواسطة ثلاثة أساقفة على الأقل، إلى القانون الرابع من قوانين نيقية.
[202] - أى تيموثاوس.
[203] - هو البابا تيموثاوس الثانى (السادس والعشرون فى عداد باباوات الاسكندرية). وكانت سيامته سنة 457م.
[204] - هى حرفيا بالسريانية qebrarasarin عن الكلمة اليونانيةtaphosirion وهى تقع على مسافة خمسين كيلومتر فى جنوب غرب الأسكندرية، عند قرية ابو صير الحالية على بحيرة مريوط، وكانت حصنا رومانيا، أنظر، جروسمان بالموسوعة القبطية،1991م.
[205] - "قيّم الكنيسة" هنا المقصود به قيّم الكنيسة الخاضعة للبطريرك الخلقيدونى الدخيل.
[206] - هذا الراهب كان أب دير إناتون بظاهر الأسكندرية، وقد وصلتنا سيرته بالقبطية. وقد قام الدكتور صموئيل القس قزمان بترجمتها فى كتاب "اطلالات على تراث الأدب القبطى"، ص 317.
[207] - "الكنيسة التى تدعى Quirinian". يقول بروكس أنه لم يستطع أن يُخمن ماهيتها. أما روبرت فيقول(فى هـ 31 ص135) أنها كنيسة كويرينس Quirinus التى سمعنا عنها بالفعل أثناء هياج الأريوسيين سنة 339. ثم يرجح(نقلا عن آخرين) موقعها بأنه كان شرق المدينة.
[208] - Easter . ذكرها بروكس فى المتن هكذا صراحة وقال فى هامشه أنها حرفيا فى النص السريانى "عيد الفطير" وهى اشارة إلى "عشاء الفصح"paschal meal الذى مارسه يسوع المسيح ليلة الصلب. بينما ذكرها روبرت فى المتن "وحدث أن اقترب "أسبوع الآلام" Holy Week، وأشار أيضا إلى أنها حرفيا تعنى "وقت الفطير".
[209] - كلمة "الرومان" فى هذا النص لزكريا يقصد بها الجنودٍ.
[210]- A tetrapylon (باليونانية: Τετράπυλον، أى "الأربع بوابات")، وجمعها Tetraphylla، وهو نمط معمارى يُعرَف في اللاتينية باسم "quadrifrons" (أى "الأربع جبهات")، وهو نوع من النُصُب المعمارية الرومانية القديمة على شكل مكعب له بوابة فى كلٍ من جوانبه الأربعة. وكان يُشيَّد بصفة عامة عند مفترق الطرق.
[211] - الكلمة المستعملة هنا هى hippodrome "هيبودورم"، وتعنى مضمار (أى ساحة) سباق الخيل والمركبات التى تجرها الخيول، أو ساحة تدريب الفرسان وسباق الخيل. وكانت تقع فى جنوب غرب المدينة.
[212] - جورج الاريوسى، ويُعرف أيضا بجورج الكبادوكى، هو الاسقف الدخيل الذى عينه الامبراطور قنسطانطيوس الأريوسى على الاسكندرية سنة 357م. أنظر، القديس اثناسيوس الرسولى، الأب متى المسكين، 1981م، ص 51 .
[213] - أى الملك ليو الأول.
[214] - أو مرسوم. لقد وصلتنا، بالفعل هذه الدورية، وردود الاساقفة عليها (وكان عددهم نحو 65)، فى مجموعة باليونانية.
[215] - مت 19:28.
[216] - الكلمة السريانية هنا "كيانا"، ولذلك ترجمها بروكس nature وترجمها روبرت essence "جوهر". وسيان جوهر أو طبيعة المعنى هنا واحد.
[217] - أى المرض.
[218] - مت29:22
[219] - أى خطاب ليو أسقف روما.
[220] - هو البابا الأسكندري بطرس الثالث(477-489م) خليفة البابا تيموثاوس الثانى(455-477م).
[221] - هيرابوليس. هو الإسم اليونانى القديم لمدينة منبج الآن التى تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب بسوريا الحالية، على بعد 80 كم بالقرب من نهر الفرات. وكانت فى العصر البيزنطى نقطة التماس بين الامبراطوريتين البيزنطية والفارسية.
[222] - راهب من دير مار عجيبا بكاليكس.
[223] - أحد المطرودين فى اضطهاد يوستنيان سنة 530م.
[224] - هذه الأسماء يُوردها روبرت فى المتن هكذا "أولا ديوسقورس، ومن بعده تيموثاوس، ومن بعده بطرس وفيلوكسينوس المنبجى، وساويرس البليغ، رئيس كهنة انطاكية فى عمله "ضد النحوى"، ولدى كوزماس، وسيمون من لجينا، وفى رسالة الكسندريانس.
[225] - أى "طوم" ليو اسقف روما. الرد المسهب للبابا تيموثاوس الاسكندرى اللاخلقيدونى، قيد الإعداد بمشيئة الرب.
[226] - أننى أرى أنه فى عبارته هذه، أراد أن يظهر بمظهر المحايد، أو بالتعبير السياسى، أراد أن يرضى الطرفين.
[227] - ليس غريبا أن يظهر هذا النعت لوصف ملوك أو رؤساء معينين قى أى دين كان، عبر التاريخ حتى أيامنا هذه. إذن واضح أنها تراث شرقى عام وليس قاصرا على ابناء الفراعنة فقط.
[228] - ترى أية دموع يمكن أن نسميها هنا. اننى أعف عن وصفها، ولكننى لا استطيع أن امنع نفسى من التصفيق الحاد لإجادته فى القيام بهذا المشهد المسرحى الرائع.
[229] - مز 3:18 س. قارن مز 3:18 ط/بيروت. والذى يمكن تعريبه على هذا النحو" الشرير يسلك بإحتقار، حتى وهو فى هوة الشر".
[230] - واضح اذن البُعد السياسى أولا وقبل كل شىء الملتحف برداء الدين والغيرة على "شريعة" الدين!!. وهى عادة بشرية قائمة فى سائر الأديان والنُحل عبر الزمان وإلى يومنا هذا.
[231] - نسبة إلى بروتيريوس البطريرك الخلقيدونى الدخيل.
[232] - "نزل جرن المعمودية" هذه العبارة تدل من الناحية الأثرية على أن الجرن كان كبيرا وعميقا بما يسمح لإختباء شخص أو أكثر فيه. وهذا يعنى أيضا من الناحية الطقسية أن العماد كان بالتغطيس، على الأقل فى كنيسة الاسكندرية فى ذلك الوقت.
[233] - يقول بروكس (المترجم) أن العبارة هنا غير واضحة، ويقترح قراءتها كما يلى "قُتِل أكثر من عشرة آلاف وهم يحاولون انقاذه".
[234] - سبق أن ذكرنا أن القطر المصرى الآن، كان ينقسم إداريا إلى عدة أقاليم. فكانت الاسكندرية إقليما قائما بذاته وبإسمها، أما بقية أقاليم القطر المصرى فكان يُطلَق عليها "مصر". ومن ثم تعنى عبارة "عبر مصر" أى عبر منطقة شمال جمهورية مصر الحالية. أى عبر الدلتا وشمال سيناء.
[235] - أى طوال ساحل البحر الأبيض المتوسط، عبر فلسطين وسوريا الكبرى، التى دُعِيَت فى العصر العربى بلاد الشام. ومن مصادر أخرى نعلم أنه كان يسافر ممتطيا بغلة.
[236] - يوستاثيوس.
[237] - فى الواقع، قضاء اوكسينوس الليل مع تيموثاوس وحديثه عن النسطورية، قد فسره كل من الطرفين: الخلقيدونى واللاخلقيدونى حسب وجهة نظره. فإيفاجريوس المؤرخ الخلقيدونى رآه محاولة من الأول لإبعاد شبهة النسطورية عن مجمع خلقيدون، ليوافق تيموثاوس عليه. وأنا أرى ذلك معقولا بدليل حزنه وبكائه من رد تيموثاوس مما أشعره بخيبة رجائه. أما عن اتهام روبرت لزكريا الخطيب بأنه تصوَّر أن يوستاثيوس لا خلقيدونى، فليس له محل بتاتا إذ أن مؤرحنا عرض الموقف دون تعليق منه، ومن ثم رأى روبرت هنا غير صحيح. وكون أن هناك قصاصة يشهد فيها يوستاثيوس لمجمع خلقيدون كما يقول روبرت، فهذا لا يمس رواية زكريا من بعيد أو قريب، فهو يتكلم فقط عن استقباله لتيموثاوس، وفى رأيى ربما فعل ذلك من باب الدبلوماسية لكسب وده فيقبل خلقيدون، على غرار ما تفعله بعض الطوائف.
[238] - أيضا معلومة هامة فى تاريخ الطقس، وهى "زفة الطفل أو الشخص المعمَّد" اشارة كما نرى إلى "موكب الغالبين".
[239] - أى للأسقف الخلقيدونى سالوفاكيولس.
[240] - ان عبارة هذا الرجل توضح، فى نظرى، حقيقة أن الروحانية خاصية شخصية لصيقة بالانسان نفسه، وليس من الضرورى أن ترتبط بنزاع عقائدى أو انتماء لكنيسة معينة بذاتها. ومن المعروف، فى الأدب الرهبانى، أننا نقرأ ميامر مار اسحق ونُعجَب بها، رغم أنه غير أرثوذكسى، كما أننا لا نمانع من قراءة "الاقتداء بالمسيح" رغم أنه كِتاب لكاتب غير ارثوذكسى. ومن هنا كانت قاعدة "أنظر إلى ما قيل، وليس إلى مَن قال".
[241] - أى بدون العسكر الرومان.
[242] - تماما مثلما نرى استخدام الكنائس الخلقيدونية فى مصر اليوم (حسب التعليمات الصادرة لهم بذلك من روما) للكتب الطقسية القبطية المعتمدة من الكنيسة الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، وألحانها وطقوسها، ولكن مع دس الكلمات الخلقيدونية فى ثناياها، حتى لا يشعر البسطاء بالمحتوى العقيدى، ويبتلعون كما قال فلافيان" الأرغفة" الخلقيدونية دون أن يدروا.
[243] - من هنا كان السعى الشديد للكتّاب الكاثوليك لإثبات أمرين: أولا أن بطرس كان "رئيسا" للرسل !! ( وقد فند هذا الرأى بجلاء الأراخنة حبيب جرجس، وفرنسيس العتر، والقمص جرجس فيلوثاوس). والثانية، أن القديس مرقس كاروز الديار المصرية كان تلميذا لبطرس، وقد ردَّ على ذلك بشرح مستفيض مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث (فى كتابه "ناظر الإله الانجيلى مرقس الرسول..").
[244] - كيرسون أو خيرسون هى مدينة تقع حاليا فى جنوب اوكرانيا، على البحر الأسود ونهر دنيير.
[245] - أى الكتابات.
[246] - هذا الرجل خلاف القديس غريغوريوس النيصى الذى من آباء القرن الرابع الميلادى. ولا نعرف عنه شيئا، سوى أنه لُقِّب هنا بالخطيب.
[247] - هى مدينة هرموبولس بارفا بالدلتا، وكان احد الحاضرين فى مجمع أفسس الثانى ومجمع خلقيدون.
[248] - عدد17:20، مز27:4
[249] - اقتباس بتصرف من جا 16:7.
[250] - مز 3:142.
[251] - هنا ملاحظة جديرة بالإشارة إليها والتوقف عندها، وهى ترجع على الأقل إلى القرن الخامس الميلادى، وهى عبارة "على الصخرة التى لمعلمنا بطرس". وها هى ترجمتها عن السريانية كما وردت فى النص الانجليزى محل تعريبنا stand on the rock of our leader Peter Kepho . وكيف فهم الآباء عبارة "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابنى كنيستى" وليس stand on Peter the rock ، ولا تعليق. وتجدر الإشارة هنا إلى أن روبرت فينكس، عرض ترجمة هذه الفقرة بأسلوب كاثوليكى رومانى فصحَّف فى الكلمات مثل "أنت الصخرة" عكس ترجمة بروكس.
[252] - أى صفا.
[253] - أى الإيمان الصحيح كما قال توا.
[254] - أى الجحيم.
[255] - يو42:1 ، مت18:16.
[256] - قارن عب14:2- 18
[257] - 1كو11:3، 12
[258] - there are not two natures in one Son
[259] - there is one nature of God the Word, who became incarnate
[260] - He is clothed.
[261] - Quaternity، "رابوعا" باللغة العربية، على وزن "ثالوثا".
[262] - يو5:17
[263] - يو14:1
[264] - 1كو8:6
[265] - "الخيال" كانت بدعة منذ القرن الأول تعرف بالدوستية، تذهب الى أن المصلوب "شُبِّه لهم". انظر عن ذلك "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى"، مرجع سابق الذكر.
[266] - عب8:8.
[267] - فى 7:2
[268] - لو36:24- 43، يو19:20-27.
[269] - النيصى.
[270] - أى أخذ الجسد البشرى، المشبه بالعجين هنا.
[271] - يقول بروكس (فى هامشه 1 ص 96) أن هذا الاقتباس المنسوب إلى يوليوس الرومانى هنا، لم يرِد فى أى من اعماله الباقية، ولا المنسوبة إليه.
[272] - أى من طبيعة الهية
[273] - "بلا عقل بشرى".
[274] - البابا اثناسيوس الاسكندرى.
[275] - غل8:1، 9.
[276] - القديس امبروسيوس اسقف ميلان.
[277] - من الرسالة الفصحية السادسة.
[278] - consciousness.
[279] - البابا كيرلس عمود الدين.
[280] - عب 16:2
[281] - مر41:4
[282] - أى أنه بواسطة هذا الجسد أجرى "الكلمة المتجسد" الآيات، فعندما أقام ابنة يايروس من الموت بجبروت لاهوته، أمسك بيد جسده بيدها وأقامها.
[283] - يو48:6
[284] - قارن 1يو1:4 – 3، 2يو7 .
[285] - 2يو11:10
[286] - غل8:1
[287] - قارن، تى 10:3، 11
[288] - استخدم بروكس هذا المصطلح بالفعل والذى صار مألوفا فى الكتابات العقيدية، وهو يعنى "الطبيعتين" بالمعنى النسطورى. فى مقابل مصطلح "مونوفيزيت" أى الطبيعة الواحدة بالمعنى الأوطاخى. ومن هنا أسفر الحوار المسكونى الذى تم فى عهد البابا شنودة الثالث عن مصطلح ثالث للتعبير عن مفهوم الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية عن اتحاد الطبيعتين فى "الكلمة المتجسد"، وهو "ميافيزيت". عن هذه المصطلحات، أنظر كتاب تفسير انجيل متى، للقمص تادرس يعقوب، ص 256.
[289] - أى لاون فى الكتابات العربية كما قلنا سابقا، والمرتبط إسمه بمجمع خلقيدون المشؤوم، وطومس لاون.
[290] - هكذا ورد فى النص. ولكن على الصعيد الكنسى القبطى الارثوذكسى لا نعتبر تيموثاوس خليفة لبروتيريوس الدخيل، ولكن خليفة لديوسقورس. ونعتبر المدة ما بين وفاة ديوسقورس إلى سيامة تيموثاوس مدة شغور كرسى الاسكندرية اللاخلقيدونى، لإغتصابه بالسلطة الزمنية.
[291] - هو البابا تيموثاوس الثانى، الملقب ايلروس، السادس والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية .
[292] - دخيل آخر.
[293] - يقول بروكس (فى هـ3 ص 107) أنها وردت أيضا بالشكل Zenonis
[294] - واضح اذن أن الكنيسة كانت ألعوبة فى يد الحاكم الفرد وأنها لم تكن سلطة دينية بحتة لا علاقة لها بالسلطة السياسية الزمنية. فى بعض الأوقات كانت بإرداتها البحتة تُدخِل السياسة الزمنية فى ولايتها الكنسية. وفى البعض الآخر كان ذلك رغما عنها. وفى كل الأحوال لا يمكن اذن اعتبار ما تسمى "بالمجامع المسكونية" مجامع كنسية بحتة، وخاصة منذ خلقيدون.
[295] - هو البابا بطرس الثالت السابع والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية ، والملقب منجوس.
[296] - Henotikon . هو مرسوم أو اتفاق كان يهدف للوحدة بين أنصار وأعداء خلقيدونية لتوحيد الكنيسة مرة أخرى.
[297] - spatharius. كلمة يونانية تعنى حرفيا "spatha-bearer" وهذه كانت فئة من الحرس الخاص فى البلاط الامبرطور بالقسطنطنينية فى القرنين الخامس والسادس ثم صارت الكلمة بعد ذلك رتبة شرفية فى الامبراطورية البيزطية (عن موقع en-wikipedia). وواضح أن هذا دليل داخلى على أن عمل زكريا الخطيب يرجع إلى القرن السادس فعلا، أو أن المستندات التى نقل عنها كانت فعلا تخص الحدث المروى عنه.
[298] - ورد لقبه عند بروكس sophist أما روبرت فلقَّبه lawyer.
[299] - هكذا العبارة فى النص. ومعناها المحدد غير واضح حاليا.
[300] - master of offices
[301] - يقول روبرت فينكس (فى هامشه رقم17 لهذا الكتاب) أن هذه المكيدة لم يرِد ذكرها، فى مصدر آخر خلاف زكريا. ويعزو ذلك إلى كراهية زكريا لأكاكيوس!!. والواقع أن المشاعر الخاصة واضحة فى معظم هوامشه مما جعلتها غير علمية فى نظرى.
[302] - لاحظ هذا النعت لبولس الراهب، فى ضوء تلك الكتابات التى يحلو لمؤلفيها أن يصوروا الرهبنة القبطية على أنها رهبنة نسك وتقشف فقط لا غير.
[303] - فقط فى نظرها، أى فى نظر النسطورية.
[304] - حرفيا خطاب دورى. ولكننى أجد أن كلمة "منشور" أوضح. ومؤرخنا هنا يعرض مقتطفات من هذا المنشور، ولكن المؤرخ ابفاجريوس(الخلقيدونى) المعاصر له يُورد المنشور كاملا. انظر ترجمة "التاريخ الكنسى" لهذا المؤرخ، للمعرب(قيد الإعداد).
[305] - أى على جميع الكراسى.
[306] - أى فى القنسطنطينية.
[307] - انظر هامشنا السابق عن الدوسيتية.
[308] - لفظها روبرت "زنونيس"zenonis معتبرا هجاء نسخة زكريا خطأ.
[309] - يذكر بروكس (فى هـ2 ص117) أن هجاء إسم ثيودريت هنا خطأ، وأن صحته هو ثيودوتس، كما ورد فى نفس الفقرة بعد بضعة أسطر، وكما جاء لدى ايفاجريوس [المؤرخ الخلقيدونى المعاصر لزكريا] فى ك 6:3.
[310] - anachristo Novatian النوفاتيون، كانوا فريقا متشددا للغاية فى القرن الثالث الميلادى، كانوا يرفضون إعادة قبول المسيحيين الذين ارتدوا عن الإيمان فى فترات الاضطهاد. وهذا الفريق عاد إلى الظهور فى بداية القرن السادس وسبَّب المتاعب الجمة للقديس ساويرس الأنطاكى، وكان يطلب إعادة مسحهم بالميرون أى إعادة منحهم "سر التثبيت". أما البابا تيموثاوس ايللريوس والقديس ساويرس الأنطاكى فقد كانا يمثلان الخط المعتدل.
[311] - كلمة prefect من praetorian وهى تعنى ممثل الامبراطور البيزنطى فى المدينة العاصمة لقُطر ما من الأقطار الخاضعة للسيادة الامبراطورية. ولذلك ترجمتها هنا "بالوالى"، على غرار اللقب الذى كان يُطلق فى أزمنة الحكم العربى على ممثلى الخلفاء فى البلدان الخاضعة للخليفة (والى مصر، والى الشام ،...الخ.) وممكن أن تعنى أيضا "الحاكم". ويكتبها البعض فى المطبوعات الحديثة بلفظها اللاتينى "بريفكتوس".
[312] - عرفت الرهبنة الشرقية حالات رهبان كانوا يعيشون فى قلاية فوق عمود ولا ينزلون من عليه. ولكن هذا النوع رفضته الرهبنة المصرية. انظر عن ذلك، "الرهبنة القبطية: ما لها وما عليها"، مذكرات محدودة النشر، للمعرب.
[313] - "كما كان هكذا يكون". ما زالت ظاهرة تكفير السلطة الدينية للحاكم لإثارة الفتنة ضده، تتكرر فى بلاد الشرق عبر التاريخ حتى يومنا هذا رغم اختلاف الأديان وتعاقب الأزمان.
[314] - مز14:41، 15.
[315] - طبعا لم ينطلِ هذا على الاسكندريين لسبب بسيط أنه حتى الخلقيدونيين يعترفون بهذه المجامع الثلاث، ويحرمون نستوريوس ويوتيخس. ولكن الخلاف بين الشرق اللاخلقيدونى والغرب الخلقيدونى يبدأ من مجمع أفسس الثانى بصفة عامة، ومن مجمع خلقيدون بصفة خاصة. ومن هنا كانت دمدمة بعض الاسكندريين على الهينوتيكون أنه لم يحرم جهرا ومباشرة طوم ليو.
[316] - أى تيموثاوس سالوفاكيوس الدخيل.
[317] - سالوفاكيولس.
[318] - أى من أحد أديرة القديس باخوميوس بصعيد مصر، حيث كان رهبانه يعرفون بالطبانسيين نسبة إلى مدينة طيبة. أنظر "التاريخ الرهبانى.." للمعرب، نشر دار باناريون، ديسمبر 2013م.
[319] - يعلق روبرت وآخرون على هذه العبارة فى ترجمتهما، بأنه قد كشف عِلم الملك بمؤامرتهما ليوليوس. ويرى أن الاسم يوليوس خطأ وصحته ايللوس والذى كان فعلا منافسا لزينو زمنا طويلا. (أنظر هامشه 104 ، ص 104).
[320] - سالوفاكيوليس الدخيل
[321] - "البريفكت". أى والى أو حاكم، كما قلنا(أنظر هامشنا رقم 310 هنا).
[322] - هكذا وردت فى الترجمة الانجليزية، ولكن واضح أن ضميرا هنا قد سقط، وأن الكلمة هى "سيعطيه"، وبذلك تستقيم الفقرة.
[323] - أى اتباع بروتيريوس الدخيل الذى عينه مجمع خلقيدون محل البابا ديوسقورس.
[324] - "الرؤوس" أو "الفصول" فى ترجمة أخرى.
[325] - أو يمكن ترجمتها هكذا "فعندما تصله اخبار صلواتكم ومديحكم، لن يخزينا فى أى شىء نطلبه منه بصواب، بل سيكون مستعدا لتلقى طلبتكم وأن يهب لكم سؤلكم".
[326] - أى يظنون أن التجسد خيالا، وهى الهرطقة المعروفة بإسم "الدوسيتية"."أنظر عن بدعة الدوستية، "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى"، السابق الذكر.
[327] - هذه الجملة الأخيرة حرفيا هى "وتكونون موضع توصية من قِبل امتيازاتنا الضريبية". أى الوعد بمنح اعفاءات ضريبية كما نقول نحن فى أيامنا هذه. ولكن روبرت فينكس قرأها فى (ص201) هكذا "وتتمجدون فى الامبراطرية". وأنا اميل الى قراءة بروكس هنا لأنها تعكس نوعا من إغراء أو تشجيع الشعب على القبول. وهذا اسلوب سياسى معروف حتى اليوم.
[328] - يجب الوعى جيدا، أن "عِلمانيا" فى الكتابات المسيحية باللغة العربية، ليس لها أية علاقة من قريب أو بعيد بالمفهوم السىء لدى البعض فى مجال التنازع السياسى. لكنها تعنى فى هذه الكتابات "الشخص غير الحائز على أية رتبة من رتب الكهنوت".
[329] - "الشركة" fellowship أى حياة الشركة المجمعية بين إخوة الإيمان والمعتقد الواحد، والمُعَبَّر عنها بالاشتراك فى التناول.
[330] - أى البابا بطرس، بابا الاسكندرية.
[331] - يقول المترجم هنا، أن الكلمة الواردة تعنى حرفيا "الزانى" إشارة إلى أنه يشغل الكرسى على نحو غير شرعى. ويقول المعرب أن ذلك طبعا فى نظره هو كخلقيدونى. ومما يؤكد رأى المعرب، السطر التالى مباشرة الذى يصف فيه القديس "كيرلس عمود الدين"، "بالغبى"!!!.
[332] - الكلمة هنا تعنى خدمة الليتورجية.
[333] - ويلفظها البعض أيضا سيلستين.
[334] - الضمير هنا فى الخط الانجليزى يعود إلى السيد المسيح له المجد.
[335] - قارن، تاريخ ايفاجريوس اسكولاتيكوس،16:3. Trans. By: Michael Whitby , Liverpool University Press, 2000
[336] - ترجمها روبرت "المُشرِق".
[337] - أى الامبراطور.
[338] -أورد بروكس فى ترجمته للأقنوم هنا "Person" أما روبرت فقد ترجمها " in a single hypostasis" واتفق الاثنان على عبارة body and has made from two .
[339] - اش 1:25.
[340] - اش 4:60.
[341] - مز14:115، 15.
[342] - من الواضح، سقوط كلمة هنا تقديرها إلى غبطتكم أو تقواكم، أو شخصكم، أو محبتكم. كما هو معتاد فى الرسائل كما رأينا من قبل.
[343] - ـ spatharius. أنظر هامشنا سابق الذِكر رقم 284
[344] - انفصلوا عن "الشركة" معه، تعنى هنا الامتناع عن تناول السرائر المقدسة معه، أو منه.
[345] - الواقع أن اسباب انفصال بعض الرهبان عن الشركة مع بطرس الأسكندري، هى أن الاعتراف بالمجامع الثلاث الأُولى لا يعنى، ولهم كل الحق فى ذلك، حرم مجمع خلقيدون و"الطوم" بالذات. فالخلقيدنيون يزعمون أنهم ليسوا فقط يعترفون بها، بل وأيضا حافظوا عليها. وذهب بعضهم إلى أن ليو الرومانى أسقف روما قد صحح "أخطاءً " للقديس كيرلس عمود الدين.(أنظر مثلا هوامش روبرت فنكس!! فى أكثر من موضع بكتابه سابق الذكر.). وعن ايجابيات وسلبيات مجمع خلقيدون، أنظر: الأب فى. سى. صموئيل، مجمع خلقيدون، إعادة فحص" تعريب د/عماد موريس. دار باناريون.
[346] - أنظر هامشنا سابق الذكر رقم 301 بالكتاب الخامس هنا.
[347] - نُذكِّر هنا أن "ارشيمندريت" لا تعنى – كما هو دارج- "رئيس متوحدين"، لأن المتوحدين بحُكم نعتهم هذا ليس لهم رئيس. ولكنها تعنى فى أصلها اللغوى، رئيس جماعة رهبانية تعيش حياة مشتركة. أى بتعبيرنا اليوم "رئيس دير". أنظر عن أصل هذه الكلمة وتطور معناها الديرى، كلمة المُعرِّب بمؤتمر الأنبا شنودة [الأخميمى] عميد الأدب القبطى، بمركز باناريون، سبتمبر 2013م.
[348] - أى على القوات العسكرية، حيث كانت الغلبة للرومان.
[349] - كان اسقف قيصرية، انظر ك1:7 بعده.
[350] - لو21:10
[351] - واضح انه اقتباس بتصرف حر من اش 23:44 أو اش 13:49.
[352] - قارن، باروخ 36:3- 38,
[353] - عب 16:2-
[354] - غل 8:1 ،9.
[355] - سنة 802 لليونان، هى490/491م. ويقول روبرت فينكس( فى هامشه 80) أن زينو مات فى 9 أبريل سنة 491م.
[356] - أى فى يوم "خميس العهد" بتعبيرنا الآن. وكان ذلك حسب رأى روبرت فينكس فى 11 أبريل سنة 491م.
[357] - عن المقصود بالسنة الخامسة، انظر مقدمة المعرب. وهى 512م
[358] - حرفيا "التى لبسِت".
[359] - سنة 829 لليونان هى 517/518م، وتاريخ الأولمبياد صحيح (حسب هـ 3 ص 227. روبرت).
[360] - يقول روبرت فينكس(فى هامشه رقم 4 ص 228) أن زكريا اعتاد استخدام الكلمة اليونانية autokrator للتعبير عما ندعوه الامبراطور هنا، بدلا من الكلمة السريانية malka, .
[361] - عن هذه الدورة انظر حساب التواريخ فى مقدمة المعرب
[362] - نلاحظ فى هذا العمل، أن العادة التى كانت سارية، هى التعبير عن "اسبوع الآلام" كما نسميه نحن اليوم، بالأسبوع الكبير أو "الأسبوع العظيم"، وكانوا يُطلقون على أيام الأسبوع أعدادا وليست أسماءً كما نفعل نحن الآن. فيقولون: اليوم الأول من الاسبوع، أو اليوم الرابع من الاسبوع .. وهكذا.
[363] - Decurion. يجب عدم الخلط بين هذه الكلمة بمفهومها الادارى، وبين ذات الكلمة بمعنى (ضابط فروسية فى الجيش الرومانى). الكلمة هنا تعنى عضوا في مجلس شيوخ مدينة في الإمبراطورية الرومانية. وكان اعضاء هذه الفئة يُختارون من طبقة curiales التي كانت تتألف من المواطنين الأثرياء في مجتمع المدينة. وكانوا الشخصيات السياسية الأقوى على المستوى المحلي. وكانوا مسؤولين عن العقود العامة، والطقوس الدينية، والترفيه، وحفظ النظام، والاشراف على جمع الضرائب المحلية.
[364] - silentiary يعطينا الاب ف. سى. صموئيل فى كتابه "مجمع خلقيدون اعادة فحص"(ص 225 هـ 83)، تعريفا لهذه الكلمة يقول فيه أنه كان "الحاجب الذى يظل حارسا عند الابواب اثناء انعقاد المجلس الامبراطورى أو أثناء اجتماعات الامبراطور الأخرى". ويقول موقع (en-wiki) أن هذه الكلمة تشير إلى جهاز فى ايام الامبرطورية البيزنطية كان يتكون من ثلاثين عضوا تحت اشراف ثلاثة من الـ decurion. وهؤلاء الأخيرون كانوا المشرفين الاداريين من الطبقة السياسية العليا.
[365] - مدينة تقع فى ألبانيا الحالية.
[366] - [فقد حدث ما يلى]. هذه الكلمات بين القوسين، ليست فى النص السريانى، ولكن لابد أن تفهم هكذا. المترجم بروكس.
[367] - هي حاليا "ديار بكر" ، وهى أكبر مدينة في جنوب شرق تركيا وهي العاصمة الإدارية لمحافظة تحمل نفس الاسم تقع على ضفاف نهر دجلة، على موقع مدينة أميدا الأثرية.
[368] - Church scholastic of the
[369] - أى معتمدة وسارية بتعبيرنا اليوم.
[370] - ويلفظه آخرون أوفيمويوس.
[371] - هو البابا بطرس منجوس، البابا السابع والعشرون فى عداد باباوات الأسكندرية .
[372] - apokrisiarioi.
[373] - إيساوريا isauria، هى إقليم روماني جبلي في دواخل جنوب الأناضول. وسكانه قديما، كما وصفهم الكتَّاب القدماء، كانوا قوما محاربون همج وغير أشداء. ثم احتلهم القائد الروماني بوبليوس سيرفيليوس إيساوريكوس في بداية القرن الأول قبل الميلاد وبلادهم مع عاصمتهم إيساوريا بالايا أصبحت ضمن إقليم غلاطية، ثم أصبحت لاحقا مسقط رأس الإمبراطور زينون البيزنطي الذي كان عهده يُعرَف بالعهد الإيساوري. وهذا هو سبب الهبات التى كان يُنعم بها عليهم. وقد انطمست عواصم هذا الشعب ولكن تم اكتشاف عملات ونقوش ترجع الى عهد هذا الجنس
[374] - هذه معلومة تحتاج إلى توثيق من التاريخ المدنى العام لبيزنطة آنذاك، ولما كان موضوع انشغالى هنا هو فقط التاريخ الكنسى، فإننى سأعبر عليها الآن. فقط أريد أن أقول أنه فى عالم السياسة، كما على مستوى الأفراد الأشرار، من الممكن أن يكون ذلك ادعاءً منهم هم لكسب أقصى ما يمكن كسبه من كلا الطرفين. ويدعم ذلك قولهم هم أنفسهم أننا كبربر [ودعنى أقول كبدو، لأن هذه فى الواقع هى سمات البدو كافة سواء أكانوا من الهُون أو من العرب أو من الأفارقة] أننا نعيش على سلاحنا وقوسنا. وفعلا حتى اليوم ورغم تدين هؤلاء البدو بالإسلام حاليا، مازال الكثيرون منهم يتسمون بالفظاطة والسلب والنهب والابتزاز بالقوة والسلاح، دون شبع.
[375] - مدينة أثرية سورية تقع أطلالها على مسافة حوالى 60 كم شمالى محافظة حماة. وتنطق أيضا "افاميا".
[376] - يضيف هنا روبرت اسم جبرائيل. مما يشير الى انه اعتمد على نسخ اخرى خلاف تلك التى اعتمد عليها بروكس.
[377] - يسميه روبرت كافاذ Kavadh .
[378] - steward. فى الواقع هذه الكلمة لها على الصعيد اللُغوى معانى عِدة منها: مُشرِف، مُضيف، مُتعهِد، وكيل، قهرمان، مدير مالى، وكيل أعمال. ولكن أُصطُلِح على ترجمتها "بالخازن" فى المجال الديرانى فى الكتابات العربية. وهذا ما أخذتُ به عاليه.
[379] - لا أظن أن هذا تفسير زكريا البليغ. وفى نفس الوقت لا استطيع الجزم، هل هذا ما سجله المؤرخ الأصلى للخبر أم هذا تعليق متأخر. فاننا سنرى بعد قليل أنه لما دخل المدينة، أجرى فيها مذابحًا، ولم يكتفِ بقتل المحاربين فقط، ودخل الكنيسة. ولما رأى "صورة جليلى" سأل عمن تكون. فلما قالوا له أنه السيد المسيح، قال أن: هذا هو الذى ظهر لى وأمرنى بالاستيلاء على المدينة!!!. وهذه رواية تتكرر فى سائر حروب الشرق عبر التاريخ سواء قبل الأديان (كما مع الاسكندر وعرافة سيوة) أو بعد الأديان، وحتى يومنا هذا.
[380] - tripyrgian باليونانية.
[381] - "باراى" أو برعاى.
[382] - اى رحمة.
[383] - هكذا كتبها بروكس، أما روبرت فينكس فقد كتبها Aglon.
[384] - أنظر هامشنا 83 هنا.
[385] - حسب هجاء بروكس، أما روبرت فينكس فكتبها بالشكل Akhare ودعاها قرية بدلا من مدينة مثل بروكس.
[386] - حسب هجاء بروكس، أما روبرت فدعاه جادانا Gadana.
[387] - يقول بروكس (فى هامشه 1 ص 162) أنها ربما تعنى "قطيع الغنم". ويقول روبرت فينكس(فى هامشه 84 ص ) أن الكلمة السريانية هنا هى epta ra'en ولم ترِد فى موضع آخر. ثم يقول أن هونجمان يرى أن موضع هذا المكان كان يقع على مسافة عشرة كيلومترات جنوب غرب آميدا.
[388] - المؤرخ اليهودى الذى عاصر خراب اورشليم الأخير فى حوالى سنة 70م. وسجل ذلك بالتفصيل، فى كتابه الشهير "العاديات اليهودية"، انظر عن ذلك، ترجمته للمعرب(قيد الطبع).
[389] - لا اعرف هذا التفسير الغيبى، هل هو من زكريا أم من المحرر الأول للخبر، حسبما قال زكريا فى تمهيده انه اعتمد على مستندات ووثائق.
[390] - واضح الأثر الشرقى القديم فى محاولة ارجاع النصرة أو الهزيمة إلى القوى الغيبية، سواء قبل الأديان أو بعد الأديان فإذا انتصرت الدولة كان ذلك لأن الله راضِ عنها، وإذا انهزمت كان هذا يعنى أن الله غاضبٌ عليها. بل أننى قد سمعتُ بنفسى، فى أيامنا هذه، أحد المتأملين الروحيين، فى تأمل له فى آية من آيات الكتاب المقدس، يردد نفس الفكر عند حدوث أى اضطهاد للكنيسة!!. ولا يسمح لى الموضوع هنا بالتعليق المستفيض على هذه النظرة.
[391] - آدون Adon. أو عدون حسب لفظ آخرين.
[392] - الـ "كراتيون" keration يعادل 1/24 من السوليدسsolidus . وهذا كان الأجر الشهرى العادى للعامل غير الماهر، وبذلك كان يمثل أجرا كبيرا جدا. أنظر: روبرت فنكس، مرجع سابق الاشارة اليه، هـ 109.
[393] - الرجل هنا، مقصود به الاسقف، كما سنرى من النصف الثانى للجملة.
[394] - وردت فى ترجمة بروك فى صيغة المفرد، وإذ هى تعود على الملاحظين فقد صححتها إلى صيغة الجمع. وبالفعل هذا ما عمله أيضا روبرت فينكس.
[395] - تُعرَف فى الآثار بالآبار الرومانية. أنظر عن ذلك الباب الثانى من رسالة الماجستير، للمعرب، (على مواقع البحث الآلى).
[396] - واضح أن الإشارة هنا إلى الاسقف.
[397] - لاحظ هنا طقس سيامة الكاهن آنذاك. وهو ما يوجد الآن فى سيامة الشمامسة حيث يُقَص بعض الخصلات، بدلا من الحلق الكامل، كما هنا.
[398] - قرأها روبرت "توماس بار عبديا من "ريش عينا" Thomas bar 'abdiya from resh'aina. ويقول تعليقا على resh'aina أنها هى مدينة ثيودوسيوبوليس Theodosiopolis القديمة، في أوشرون Osrhoene. ويقول المعرب أن أوشرين أو أسروينا هى إديسا، أو الرها. وهذه المملكة القديمة كان بعضها يقع فى زمام سوريا الحالية، وجزء آخر منها يقع فى زمام تركيا الحالية. أما resh'aina (وهى "ريش عَيْنَا") بالسريانية الآرامية (أو الآشورية)، فهى إسم البلدة المعروفة حاليا "براس العين" الوقعة فى شمال محافظة الحسكة بسوريا الحالية على الحدود مع تركيا. وجدير بالذكر أنها حملت أسماءً عديدة عبر التاريخ(من كابارا فى العهد الآرامى، إلى غوزانا فى العهد الأشورى، ورازينا أو رسين وثيودوسيوبوليس فى العصر الرومانى، ثم ريش عينا التى تعنى بالأشورية راس العين، وهو إسمها الحالى).
[399] - "القديس توماس". ظل أسقفا إلى أن طُرِد سنة 519م، ومع ذلك لم يُقبَض على يوحنا هذا آنذاك. وظل منفيا طوال سبعة عشر سنة. وتوفى فى حوالى 539م أو 540م.(أنظر هـ 119 ص 133) لروبرت فينكس.
[400] - ترجمها روبرت، هذا الوفى.
[401] - وردت الكلمة هنا فى ترجمة بروك suffragan، ولكن روبرت فينكس كتبها "خورى ابسكوبس" chorepiskopos. والواقع أن الكلمة التى استخدمها بروكس تعنى حسب التسلسل الهيراركى للكنيسة الكاثوليكية، وكذا كنيسة انجلترا (أسقف مساعد، تابع لأسقف العاصمة[ وطبعا أسقف العاصمة هو رئيس الأساقفة، أو البطريرك بتعبيرنا اليوم] أو أسقف الأبرشية [أى المطران]. وبإختصار، تكون كلمة بروك هنا أصوب – فى نظرى – من كلمة روبرت فينكس حيث أن الخورى ابيسكوبس تعنى أساسا اسقف الريف، وعمليا رتبة أدنى قليلا من أسقف. وهذا ما لا يتفق مع "مدينة" منشأة جديدا.
[402] - بينما يستخدم بروكس بكل وضوح فى ترجمته للنص عبارة "فى المنفى"، يترجمها روبرك فينكس "عاش كغريب فى مواضع شتى". وحذف جملة "أرسله إلى بيرية" ووضعها (فى هامش 118 ص 133)،
[403] - أى حلب Aleppo بسوريا.
[404] - أضاف روبرت فينكس هنا عبارة "بدون أن يغير إيمانه" أى أن يغير اعتقاده فى مجمع خلقيدون، الى أن توفى عندما صعد خوسرون على أنطاكية".
[405] - تأمل فى هذه العبارة الواردة بعمل زكريا الذى يرجع إلى القرن السادس الميلادى، بما نردده فى القداس الإلهى على لسان الكاهن فى "أوشية الراقدين"عُلهُم في موضعِ خضرة. علي ماءِ الراحةِ في فردوسِ النعيمِ". وكذا عب3:4.
[406] - ويلفظه البعض أيضا مقدونيوس.
[407] - أى 19:32.
[408] - لو2:12.،3
[409] - كتبها بروكس بالهجاء الذى فى المتن، أما روبرت فكتبها هكذا Akoimetai. أى "دير الذين لا ينامون". وكانوا جماعة رهبانية ترفع صلوات إلى الله بلا انقطاع وفقا لنظام صارم. وكانوا مؤيدين بشدة لمجمع خلقيدون – حسبما يقول روبرت فينكس(فى هامشه 124 ص 134)، ولذلك لا يستغرب من لهجة زكريا البليغ العدائية نحوهم، حسبما يرى. وفى منتصف القرن الخامس الميلادى أسسوا ديرًا لهم خارج القنسطنطينية ذاتها، عند إيرنيون Eirenaion على البوسفور.
[410] - أنظر عن هذا الأمر بالتفصيل كتاب "المربى" للقديس اكليمنضس الأسكندري.
[411] - وهو تيودر الطرسوسى، كما هو معروف، والذى كان أبو الفكر النسطورى.
[412] - هو ثيودريت الذى من مسوبوتوميا. وربما يقصد بعمله المشار إليه هنا، العمل المعروف بإسم Eranistes والذى يرجع بالفعل إلى سنة 448م، قبل مجمع خلقيدون بقليل. وهو يحتوى على 238 إقتباس من 88عملٍ وشملت هجوما على تعاليم أوطيخا. أو ربما العمل المسمى Pentalogos والذى تتضمن هجوما على قرارات مجمع أفسس وبصفة خاصة هجوما على القديس كيرلس عمود الدين، وهذا العمل لم تصلنا منه سوى قصاصات، حيث أنه قد حُرِم فى مجمع القنسطنطينية المنعقد سنة 553م.
[413] - هذا هو أسلوب الهراطقة منذ بداية المسيحية وحتى اليوم. حيث ينسبون هرطقاتهم إلى آباء الكنيسة المشهورين لينخدع بها بسطاء المعرفة. مثل الأسماء المطلقة على الأعمال المنحولة، أى المزيفة المنسوبة، للرسل "كإنجيل برنابا" المزعوم. وقد اشتكى القديس ساويرس الأنطاكى نفسه مرارا من تزييف أعماله. وهذا يجعلنا نحترس بشدة عند التعامل مع أى مخطوطة مهما كان عنوانها، أو تاريخ نساختها، والتحقق أولا من صحة نسبتها إلى مؤلفها عن طريق الأدلة الداخلية، والفكر العام المعروف عن هذا المؤلف. خاصة وأن مثل هذه المخطوطات الهرطوقية قد تسللت إلى أديرتنا فى فترات بساطة بعض الرهبان المعرفية فى وقت ما أو آخر، حسبما شهد بذلك طيب الذكر البابا شنودة الثالث.
[414] - هذه اشارة هامة فى تاريخ الطقس. ويمكن الرجوع اليها بالتفصيل فى كتاب "مجمع خلقيدونية، إعادة فحص" مرجع سابق الذكر.
[415] - الكلمة فى الانجليزية تعنى الخاص بهم.
[416] - أم 1:21، حسب الترجمة اليسوعية.
[417] - [يوم] "الاستعداد".
[418] - Hebdomon. كانت إحدى ضواحى القنسطنطينية على ساحل بحر مرمرة. وكان بها معسكر لتدريب الجيش، وتُعرف حاليا بإسم باكيركوى بالجانب الأوربى من استنابول، بتركيا الحالية.
[419] - ملاحظة تاريخية هنا جديرة بالإشارة إليها، فرغم أنها من القرن السادس أو الخامس، لكنها تردد أصداء الأسلوب الرهبانى للقرن الرابع. وهو اطلاق لقب "أخ" على كل راهب غير كاهن، واقتصار لقب "أب" على الكاهن والمسؤول الإدارى. وها نحن نلاحظ هنا فى هذا الوصف التاريخى، ان سمعان الراهب يقول عن الرهبان "بعض الإخوة". عن مدلول "أخ" و"شيخ" فى الحياة الرهبانية الأولى، أنظر:"دير السيدة العذراء، براموس. تاريخيا وأثريا وفنيا". رسالة ماجستير للمعرب. التمهيد.
[420] - غنى عن القول أن "مار باتريك" بالسريانية تعنى "السيد" باتريك.
[421] - "لئلا يدخل أحد من الرهبان". لفهم هذه العبارة أنظر هامشنا السابق رقم 389.
[422] - لاحظ هذ الكلمة ، وتعريف مجمع خلقيدون.
[423] - هنا لنا وقفة عقيدية هامة. لقد كان هذا الرجل تبعا للسرد التاريخى لحياته نسطوريا قحا يعيّد بتذكار نسطور سنويا، ويُجبِر الرهبان الذين تحت ولايته من على عمل ذلك. إذن لم يكن الخلاف معه منذ البداية خلافا حول قبوله أو عدم قبوله لمجمع خلقيدون. ومن ثم عندما يتماحك فى هذه العبارة بهذا المجمع، لهو دليل كافِ على أن النساطرة قد وجدوا فى هذا المجمع انتصارا لرأى نسطور. وهذا ما سمعناه أيضا من نستوريوس فى تعليقه على هذا المجمع.
[424] - لعل المقصود هنا كرسى الأسقفية.
[425] - احدى قطع الملابس الكهنوتية. انظر: اللالىء النفيسة فى شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة.
[426] - هذه العبارة تتفق بالفعل مع طقس القداس البيزنطى حيث يدعو الشماس، وليس الكاهن كما فى الطقس القبطى، الشعب لبدء الصلاة.
[427] - اى اسم ماكدونيوس.
[428] - يقدم لنا روبرت ترجمة لهذه الفقرة أوضح (وعندما قرأ الشماس الطلبة [= الأوشية عندنا]، وأُحتُفِلَ بالسرائر [الإلهية] بدون ذِكر اسمه، وبدون الدعاء من أجله فى الدبتيخا).
[429] - أى أرسل الملكُ الحاكمَ ليُنفِذّ الأمر بنفى مدير الخدمات.
[430] - يقول روبرت فى (هامشه 165) أن ماكدونيوس قد نُفِى إلى يوخايطا. وهذه كانت منفى سلفه يوفيميوس. ومن ثم لعل هذا هو ما كان فى ذهن سيمون كاتب هذه الرسالة.
[431] - يذهب المؤرحون الخلقيدونيون، كما سنرى بعون الله فى اصدارتنا قريبا، إلى أن سبب ترحيله ليلا كان فى الواقع الخوف من هياج الشعب ضد الامبراطور نفسه حيث كان يحظى(أى ماكونيوس) بتأييد شعب القسطنطينية!!!. وطبعا لو صح هذا فإن سؤالا سيثور عندئذ هل كان الشعب نسطوريا حينئذ؟, أم أنه كان لا يعى مفاهيم الاسقف الحقيقية، وهذا هو الاكثر احتمالا.
[432] - أنظر هامشنا رقم 211 سابقا.
[433] - أى مع التقرير الذى قدمه.
[434] - ويكتب ايضا بالشكل هيباس ، و ايباس .
[435] - هذا السطر من المعرب للتوضيح.
[436] - God-honouring . أو "المفتخر بالله". وفى قاموس الكتاب المقدس يعنى "عابد الله".
[437] - chartularius. هذه الكلمة تعنى محاسب فى مكتب الحاكم، كما يقول روبرت فينكس. ولكن من الممكن أن ترد أيضا بمعنى سكرتير أو كاتب.
[438] - نقطة مفيدة فى تاريخ الطقس. وإن كانت محل جدل من ناحية التاريخ والمكان الذى برزت فيه. على أية الأحوال من الثابت أنها أضيفت فى أو عقب الجدل الأريوسى. وجدير بالذكر أن خلافا قد حدث بين الأسكندرية وانطاكية من جهة وبين القنسطنطينية من جهة أخرى بشأنها. فبينما كانت الأسكندرية توجهها لله الكلمة المتجسد، ومن ثم تمجد صلبه وقيامته، كانت القنسطنطينية توجهها للثالوث، ومن ثم رفضت الاضافة.
[439] - أنظر هامشنا 211 هنا.
[440] - أى 512م.
[441] - "العصر الأنطاكى" The antiochene eraأو التقويم الأنطاكى The antiochene calener كان إحدى طرق التقويم التاريخى التى لجأ إليها الكتَّاب القدامى، مثل التقويم اليونانى أو الأولمبياد، واليوليانى، والسلوقى، والصيدونى. وهو يبدأ كما يقول Witold Witakowski فى كتابه (Studies in Eusebian and Post-Eusebian Chronography) ص 136، فى 1 أكتوبر سنة 49 ق.م. وفى هـ 53 بنفس الصفحة يقول أن هذا التقويم هو فى الواقع تقويم قيصرى حيث يتخذ بدايته من انتصار قيصر على بومبى فى معركة فارسالوس pharsalus فى يونيو 48 ق.م. ويقول Kevin Butcher (Roman Syria and the Near East) ص 125، أنه ينتهى عند النصف الثانى من القرن الخامس الميلادى عندما تم تعديله ليتطابق مع التقويم اليوليانى.
[442] - بينما كتبها بروكس هكذا Mar 'Akiba at Chalics كتبها روبرت هكذا my lord 'aqiba of Qenneshrin (chalcis).
وكان دير مار عقيبا هذا يقع بالقرب من قنشرين. وعن هذه المدينة أرى أن أقدِّم هنا نبذة عنها من التاريخ المدنى العام لفائدة القارىء: (إلى الجنوب الغربى من مدينة حلب، تقع أطلال قرية قنسرينQenneshrin (أو عش النسور)، التى كانت مدينة زاهرة ولها أهميتها الملحوظة منذ ما قبل الميلاد بأكثر من قرنين ونصف وحتى القرن الثالث عشر الميلادي. واسم قنسرين هو سرياني الأصل ويلفظ بقنشرين[ولهذا كتبه مترجمو نص زكريا بهذا الهجاء] أي بيت النسور. وجاء في قاموس الكتاب المقدس أن قنسرين كان اسمها صوبا بالعبرية. وفي العصر الروماني حُرِّف الاسم فأصبح شالسيس Chalcis أو كلسس، كما أُطلِق عليها أيضا اسم بيلومBelum . وعندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين شرقية وغربية أصبحت بلاد الشام تحت سيطرة الروم الشرقيين "البيزنطيين" الذين دخلوا فى حروب ضد الفرس. وقد عمل الفريقان على إيجاد حلفاء لهم من زعماء القبائل العربية، فكان الغساسنة أصدقاءُ للبيزنطيين وحلفاءَهم في سورية، بينما اعتمد الفرس على جيرانهم وأصدقائهم المناذرة، وكان العداء مُسْتَعِراً بين الفريقين ومعظم ضحاياه من حلفاء الدولتين المتعاديتين (بيزنطة، والفرس) وأدى هذا العداء إلى خراب العديد من المدن ودمارها، وقد عمد الإمبراطور جوستنيان إلى تحصين بعض المدن وبناء أسوار ضخمة لها ومن بينها مدينة قنسرين عام 554م، وكانت قد تعرضت إلى دمار كبير من قبل الفرس. وفى سنة 529م عيَّن البيزنطيون الحارث بن جبله الغساني أميراً على جميع القبائل العربية المقيمة في سورية، وكان مسيحيا لا خلقيدونيا، ومنحه الإمبراطور البيزنطي لقب فيلارك Phylarek وهو أكبر لقب بعد الإمبراطور. وكانت القبائل العربية المقيمة في قنسرين وضواحيها آنذاك، قبائل بني تنوخ وبني طيّء. بينما كانت القبائل العربية المقيمة في الجزء الشرقي من جزيرة العرب متأثرة بالنفوذ الفارسي لقربها من إمبراطوريتهم. وكان زعيمها المنذر الثالث أمير الحيرة وزعيم المناذرة. ولقد تجلى العداء بين الإمبراطوريتين بالغارات المستمرة بين حلفائهما الغساسنة والمناذرة والمعارك الطاحنة ومن أشهرها ما دعاه المؤرخون العرب بمعركة يوم حليمة نسبة لحليمة بنت الحارث الغساني، وكانت ساحة المعركة هى ضواحي قنسرين وذلك عام 555م والتي انتهت بانتصار الحارث الموالي للبيزنطيين ومقتل المنذر الثالث الموالي للفرس.
[443] - "رأسا". ترد فى كتابات عربية أخرى "فصلا".
[444] - ساويرس هذا، هو القديس ساويرس بطريرك انطاكيا، ويُذكر اسمه فى السنكسار القبطى فى 14 أمشير.
[445] - صار ساويرس هذا، ورفيق دراسة لمؤرخنا موضع الترجمة، بطريركا فى سنة 512م. وهناك اختلاف بين الباحثين على يوم تنصيبه إذا يتراوح هذا اليوم بين 6و11و18 نوفمبر. وكلٌ يقدم وجهة نظره. وقد ولد ساويرس فى حوالى 456م، ودرس فى بيروت والاسكندرية، ونال العماد فى 488م ثم تبنى حياة الرهبنة، فقضى بعض الوقت فى دير بطرس الايبيرى ثم فى دير رومانوس بالقرب من إليوثيروبولس، ثم عاد إلى ميناء غزة على ساحل مايوما. والدير المشار إليه هنا فى المتن، يخمن روبرت وكذا بروك أنه دير بطرس الايبيرى الذى كان يُشرف عليه فى وقت رهبنة ساويرس(حوالى منتصف 490م) رفيقا سابقا له فى المحاماة اسمه ثيودور(ربما من عسقلون) ولذلك دعى باليونانية apodikanikon أى ( former lawyer). ولذا ترجمها بروك أيضا ex-pleader. وقد رافق ثيودور هذا القديس ساويرس فى زيارته للقسطنطينية عام 508م.
[446] - كلمة apokrisiarios أو apocrisarius تعنى "المندوب الرسمى" لأسقف أو بطريرك أو بابا فى مكان ما. أى مثل "القاصد الرسولى" لدى الكنيسة الرومانية الآن، أو "النائب البابوى" لدى الكنيسة القبطية الآن.
[447] - Probus هذا كان ابن أخت انستاسيوس. وظل ثابتا على موقفه ضد مجمع خلقيدون حتى فى أيام جوستنيان. (أنظر روبرت هامش 182ص 269).
[448] - عن جهاده العقيدى أنظر "حياة ساويرس"، لمؤرخنا هذا. وكذا "مجمع خلقيدونية، إعادة فحص". مرجع سابق الذكر.
[449] - فى نسخ أخرى بأعمال صالحة واحدة.
[450] - يقول بروكس فى هامشه رقم 3 ص 187، أنه تبنى قراءة للكلمة السريانية الواردة هنا بما ترجمته up build. أى تُعزِّزوا أو تُعضدوا، أو تُأصِلُّوا. وهكذا قرأها أيضا روبرت فينكس دون أن يُشير إلى تباين قراءة الكلمة فى المخطوطات، مثلما فعل بروكس.
[451] - أر16:23.
[452] - راجع مر24:3.
[453] - غل 15:5
[454] - رو12:5
[455] - مر32:10
[456] - لاحظ ما نقوله فى القداس الإلهى "مفصِّلين كلمة الحق بإستقامة" وتفسير البعض لها بأنها "مفسرين" لكلمة الله، بينما أصلها "فاصلين" من "فصِل" بين النقى والخبيث.
[457] - مل18:3
[458] - هذا الشاهد ورد فى الطبعة البيروتية هكذا "خمرك مغشوشة بالماء"أش22:1. وفى الطبعة اليسوعية "شرابك ممزوج بالماء"ولكنه هنا مأخوذ من الترجمة السريانية "البشيتة" peshitto. وبالطبع الخمر المغشوشة بالماء، أو الشراب الممزوج بالماء، سيكون من عمل عمال الحانة، المعبَّر عنهم هنا بحفظة الحانة".
[459] - مت 51:13
[460] - يرى روبرت فينكس(هـ 215 ص 275 من كتابه سابق الذكر) أن هذا التاريخ (وهو يعادل 512/513 م) غير صحيح إذ أنها توفيت فى 515م.
[461] - 518م
[462] - يع 2:1، 4.
[463] - أى بتعبيرنا الآن، من الخلقيدونيين.
[464] - غنى عن البيان أن زكريا البليغ يقصد بكلمة "المؤمنون" فى كل عمله هذا " الأرثوذكس اللاخلقيدونيين".
[465] - "أثناسيوس" هذا، هو "أثناسيوس الثانى" بابا الاسكندرية الثامن والعشرين فى عداد بابوات الاسكندرية(455-477م).
[466] - "يوحنا ويوحنا آخر". بابوان للأسكندرية على التوالى. هما "يوحنا الأول"(التاسع والعشرون فى العدد)، و"يوحنا الثانى"(الثلاثون فى العدد). وقد شغلا البابوية من (496- 505م).
[467] - هو البابا الاسكندرى "ديوسقورس الثانى" الواحد والثلاثون فى العدد(516-518م). ونلاحظ أن جملة" الذى يشغل الكرسى الآن" تدل على أن هذا العمل أو على الأقل هذا الكتاب السابع مكتوبُ بيم 516م وبين 518م.
[468] - أى القديس ساويرس الأنطاكى الأرثوذكسى اللاخلقيدونى.
[469] - هنا سقطت كلمة كما سنرى فى ذلك الفصل.
[470] - أى 518م.
[471] - cura palati حسب هجاء بروكس. أو فى هجاء آخر Kouropalatēs (وهى عن اليونانية، عن اللاتينية curopalate أو curopalata) وعُربِّت فى مواقع البحث بالشكل قُربلاط. كانت أعلى الرتب التشريفية فى بلاط الامبراطور البيزنطى منذ جوستنيان الأول.
[472] - دعاه روبرت ص 285، آبوت جابولا abbot of Gabbula,. وذكر(فى هـ23 بنفس الصفحة) أنها بسوريا. و"جابولا" هذه هى المعروفة فى الكتابات العربية بإسم جابالا والتى ترتبط بالفصول المختارة من "سافيروس اسقف جابلا" التى تُقرأ فى اسبوع الآلام فى الكنيسة القبطية. وقد وردت فى السنكسار القبطى طبعة دير السريان بمصر، على أنها فى اليونان وهذا طبعا خطأ. ويقر روبرت أنه كان لاخلقيدونيا، مرجحا أنه كان منفيا أو مُبعَدا من ديره مع "الميافيزيت" عندما وصلته هذه الرسالة.
[473] - أى 524م.
[474] - أو أوفراسيوس حسب لفظ البعض.
[475] - استخدم بروكس هنا كلمة عربية هى Ma'doye شارحا إياها فى الهامش بأنها تُشير إلى قبيلة عربية معينة.
[476] - نلاحظ هنا كلمة (برأس مكشوفة) وبعدها بعدة سطور( ووجه مكشوف لثانى مرة). هذه الاشارة التى ترد عرضا فى رواية تاريخية، من القرن السادس الميلادى، أى قبل ظهور الاسلام بنحو قرن من الزمان على الأقل، والتى إنما تعكس بدورها بالضرورة تقليدُا عربيا كان سائدا فى الجزيرة العربية آنذاك، وهو تحجب المرأة العربية جنسا، أى سكان شبه الجزيرة العربية حاليا. ثم لاحظ وصف "العربى اليهودى" لهذا المسلك بالجنون. كل هذا يؤكد أن الحجاب كان للمرأة العربية (الوثنية، واليهودية، والمسيحية) تقليدا ثابتا راسخا، قبل ظهور الإسلام. وهو ما أثبته أيضا الشيخ الدكتور عبد المنعم نمر.
[477] - انظر الهامش السابق مباشرة.
[478] - هذا اسلوب القسَم عند العبرانيين تجنبا للنطق بلفظ "يهوه".
[479] - العجيب أن اليهود يتناسون بعد ذلك هذه الواقعة، ويتحدثون فقط عن "محرقة اليهود" واضطهاد العالم لهم.!!
[480] - ترجم روبرت هذه العبارة (فى الأحد الأول من الصوم) ثم علق (فى هامشه 43) بأن عودته، إلى الحيرة كان فى 18 فبراير إذا كانت سنة 524م، او فى 11 فبراير إذا كانت سنة 519م التى يبدأ فيها الصوم الكبير. ثم يقول أن سيمون يسجل من هنا ما قد سمعه. واقول، أننا نلاحظ فى عمل زكريا هنا الاشارة إلى "الصوم" ويقصد به "الصوم الكبير" كفترة ثابتة معروفة فى الشرق آنذاك.
[481] - يرى روبرت نقلا عن آخرين، أن الحارث كان بن كعب وليس ابن خاناب.
[482] - طبعا مفهوم بعلامة الصليب.
[483] - اليهودى
[484] - يساعدنا هنا هامش روبرت(رقم 48 فى هذا الكتاب) على معرفة نتائج هذه الرسالة المرسلة من سمعان إلى تيموثاوس بابا الاسكندرية. فيقول، نقلا عن عدة مراجع له، أن الأثيوبيين قد تحركوا بالفعل لمساعدة الحميريين فى سنة 525م، وشاركهم فى ذلك الاسطول الرومانى. ويشير إلى أنه كانت هناك علاقة ما بين الجماعة اليهودية فى تيبرياس، وبين جنوب العربية.
[485] - ترجمة بروكس هنا بها بعض التشوش، ولكن ترجمة روبرت أزالت هذا التشوش. ربما لأن بروك التزم بحرفية النص، أما روبرت فقد تصرف بحرية عنه. أو ربما اختلاف النسخة التى اعتمد عليها كل منهما. على أية حال، كلمات روبرت هنا تساعد على فهم أفضل. فهنا استخدم بروكس كلمة شيلو، ثم قال وفى قراءة أخرى شيلوهو, أما روبرت فقد ترجمها "سلوام" كما فى الانجيل. كذلك، قال بروكس هيكل سليمان بهليوبولس، أما روبرت فقال فى بعلبك، وهذا أصح من سياق الفصل ذاته.
[486] - هنا جملة مبتورة.
[487] - الكلمة اليونانية المستخدمة هنا وهى syncellus تعنى حرفيا رفيق القلاية "cell-mate". وهو تعبير يعنى "مشيرٌ" قريب للأسقف أو البطريرك الذى يعيش معه. ولعل المقصود أنه كان مشايعا للمجمع أو كان مقيما مع فلافيان، حيث أن الضمير هنا بالانجليزية عند روبرت هو his syncellus.
[488] - الى انطاكية.
[489] - أى يوستين.
[490] - يقول روبرت فينكس(فى هـ 54، ص 294) أن بولس هذا قد عاد إلى كرسيه بعد نفيه، عندما قَبِل مجمع خلقيدون، فى 8 مارس سنة 526م. ومات فى 30 أكتوبر من نفس السنة.
[491] - يرى روبرت أن "نسطوريا" هنا يقصد بها زكريا أنه كان "خلقيدونيًا". ويرى المعرِّب أن ذلك ممكن ومعقول، خاصة أن الخلقيدونيون القدامى كانوا ينعتون اللاخلقيدونيين بالأوطاخيين.
[492] كتبه روبرت ديسان.
[493] - أى 525م.
[494] - أنظر هامشنا 465 هنا.
[495] - كانت فلسطين تتعرض للجفاف من آن لآخر,
[496] - هذه الكلمة ساقطة من النص وموجودة فى عنوان الفصل.
[497] - 526م
[498] - تحدثنا الحوليات المدنية عن زلزال عنيف ضرب بالفعل مدينة انطاكية فى 29/30 مايو 526م، أى كما يقول فعلا مؤرخنا هنا ويقول روبرت فينكس (فى هامشه 61 ص 296) اعتمادا على مصادر أخرى، أنه قد أودى بحياة 350 ألف نسمة.
[499] - comes orientis. كلمة "comes" كلمة لاتينية تطور معناها خلال العصور الرومانية حتى تحدد على نحو رسمى منذ عصر قنسطنطين، وهى التى تُكتَب الآن فى اللغات الأجنبية "كونت". وصارت تمثل فى العصر البيزنطى رتبة قيادية عالية، تعادل فى العربية "حاكم"، ولكنها أعلى من الدرجة التى تمثلها الكلمة العربية، كما يظهر فى هذه عبارة comes orientis والتى تعنى "حاكم المشرق" أو المقاطعات الشرقية للامبراطورية البيزنطية، وكانت تشمل آنذاك البلاد الآتية: العربية، وفلسطين( الأولى، والثانية، والثالثة)، وسوريا (الأولى، والثانية)، وفينيقيا، وفينيقيا اللبنانية، وفيليقيا (الأولى، والثانية)، والرها، وأرض الرافدين، والفرات، وإيساوريا[وهى خلاف سوريا. المعرب]، وقبرص. وبذلك تكون الابارشية المشرقية هى الأكبر من بين جميع الابارشيات الستة عشر المكونة للإمبراطورية الرومانية، سواء الغربية أو الشرقية (البيزنطية).
[500] - "العُزَّى". أحد آلهة العرب فى العصر الجاهلى.
[501] - 2كو4:1، 1تس7:3.
[502] - وفى قراءة أخرى "بيت شيللو".
[503] - أى من 525-531م.
[504] - لاحظ أثر أسلوب التعبير الكتابى( من سفر دانيال) على اسلوب المؤرخ انبا زكريا هنا.
[505] - أى متعلما بالمعانى الباطنية أو المجازية. بروك
[506] - 531م.
[507] - أش 20:26
[508] - 526م
[509] - أى فى عناصر، أو نقط بحسب تعبيرنا اليوم.
[510] - يجب أن نلاحظ أنهم كانوا يقصدون دائما "الله الكلمة".
[511] - هناك باقى الجملة مبتورة فى النص ولكنها مفهومة ضمنيا، وهى أما هو فهو أزلى.
[512] - typologically. أو foreshadowing حسب نص روبرت.
[513] - هنا تلميح مفهوم ضمنيا، وهو أنه أسلم الروح بإرادته الحرة المطلقة، "ولم يمت بضرورة طعن الحربة".
[514] - أى "ولى العرش" أو "ولى العهد" بالتعبير الملكى لأيامنا هذه فى البلاد الملكية كالسعودية ، والمملكة المتحدة. إذ يترجم روبرت هذا النعت (فى هـ1من ك9) بكلمة deputy التى تعنى: مندوب معتمد، أو مبعوث.
[515] - أى يوم "خميس العهد".
[516] - 526م
[517] - 537م.
[518] - يقول بروكس أن هذه العبارة ترجع الى المخطوطة التى كان ينسخ منها ناسخ مخطوطتنا هذه، حيث لا ترد هنا فى الموضع المذكور. غير أن "التمهيد" أو المقدمة المشار إليها عاليه أنها جُمعت تحت اشراف أو رئاسة مورو، يمكننا فهمها بسهولة عند معرفة هذا القديس. مورو أو مارا، اسقف أميدا، كاتب سرياني، واضح أن اعماله على ما يبدو قد فقدت، وواضح أنه كان قد وضع "مقدمة" عن الأناجيل الأربعة باللغة اليونانية، وهو ما يُشير إليها هنا زكريا البليغ. ولما كان بروكس لم يترجم الأجزاء الأولى من عمل مؤرخنا زكريا البليغ الذى تحدث فيها عن قصص من الكتاب المقدس(الكتاب الأول والثانى) واعمال سلفستر اسقف روما وأسطورة "النائمين فى أفسس" والمعروفة فى الأدب العربى بـ"أهل الكهف"، لذا بدت كلمة "عاليه" هنا غريبة بالنسبة لبروكس ولكن عندما ننظر إلى ما سيورده توا، نفهم أن الاشارة هنا راجعة الى العمل الذى جُمِع تحت اشراف القديس مورو اسقف آميدا غير الخلقيدونى. وآميد احدى مدن بلاد ما بين النهرين وتقع حاليا بديار بكر فى تركيا الحالية.
[519] - 527م
[520] - فى 14:7 و 1:8
[521] - مما يؤكد أن روبرت فينكس كان يُترجم بتصرف أنه يترجم أعداد الأيام بأسمائها الحالية، فقد كتب هنا "فى يوم الخميس".
[522] - يضع روبرت بين قوسين اضافة من عنده كلمة "الصوم الكبير". مما يؤكد هامشنا الطقسى السابق الاشارة إليه والذى أوضحنا فيه سيادة "الصوم الكبير" على الأقل فى كنائس الشرق.
[523] - أى 527م.
[524] - يقول روبرت فى (هـ 24 من ك9) أن استخدام الباراسانجس كوحدة قياس للمسافة، أمر غير معتاد. ( ويقول المعرِّب هنا، ربما لأن البلدة كانت تخص الفارسيين، فذَكر المقياس الذى كانوا يستخدمونه هم، والذى نرى من مصادر روبرت ذاتها أنه، أى هذا المقياس، كان مستخدما فى العصر الأخمينى)، ثم قال أنه يعادل 30 استاد stades ، أو أربعة أميال رومانية (ومرة أخرى نحن نعرف أن الميل الرومانى كان يختلف طوله من حقبة لأخرى فى العاديات المتأخرة). إذن يمكن القول أن 15 إستاج باراسانجس تعادل تقريبا - وتقريبا جدا - ستين ميلا رومانيا. بينما ترى مصادر أخرى أن المسافة بين دارا وثيباثا كانت حوالى 65 كم.
[525] - قارن، مز 18:118
[526] - أى لكل من الجنرال سونيكا، وسيموث التربيون.
[527] - طبعا المقصود هو الصوم الكبير.
[528] - فى عيون القوة الرومانية.
[529] - لاحظ أنه يقول "النصارى" Nazarenes الذين معى.. و"أيها المسيحيون"Christians . لأن "النصارى" كانوا شيعة يهودية وليست مسيحية، كانت تنتشر آنذاك فى الجزيرة العربية. وهذه هى التى حاربها الاسلام وليست المسيحية. ومن هنا كان خطأ نعت المسيحيين "بالنصارى"، إذ هناك فرق جذرى بين اللفظين.
[530] - 527م
[531] - "راب شاكيه" اسم آرامى، هو المذكور فى أش 2:36 يإسم "ربشاقى". عن تعييره لشعب اسرائيل، أنظر(2مل17:18). كان ذلك عند صعود ملك آشور سنحاريب على أورشليم وحصارها سنة 701 قبل الميلاد، فى أيام الملك حزقيا ملك يهوذا.
[532] - يقول روبرت فى(هـ72ك9) أنها آتاخيا فى اليونانية واللاتينية، وأنها كانت تقع على مسافة حوالى عشرين كم من مارتيروبولس، ومن ثم الرقم أربع استاد غير صحيح فى نظره.
[533] - هذا الاسم هو الذى يكتب بالعربية "ويصا".
[534] - 531م.
[535]- يقول بروك أن اربعة استادات لا يمكن أن تكون صحيحة لأن مارتيروبوليس كانت فى شمال تِجرى على مسافة مائتين وأربعين استاد من آميدا، ومائة من آتاشيا.
[536] - 532م
[537] - هذه الكلمة هكذا فى النص وغير واضح المقصود منها.
[538] - أو أكتوبر لأن النص غير واضح فيه اليوم من شهر تشرين. بروكس.
[539] -531م.
[540] - 526م.
[541] - انظر هامشنا رقم 503.
[542] - يقول روبرت فى(هـ 95ك9) نقلا عن مصادر أخرى، أن التواريخ الكنسية، والأدب المسيحى تشير الى وجود أطباء مسيحيين كانت لهم مكانتهم فى البلاط الساسانى. ولكن موضوع أم خوسرو هذه لم يرد ذكره فى مصدر آخر. ولكن الطبعة الأرمنية لتاريخ ميخائيل السريانى (ق12م) تذكر أنها اعتمدت.
[543] - مرة أخرى، نلاحظ هنا اشارة كنسية عن عادة الاحتفاظ "برفات" القديسين فى تاريخ كتابة مؤرخنا لعمله هذا، ولنقل فى العقد الأول من القرن السادس الميلادى. وهى تُناقض وجهة نظر هوايت الذى أرجعها إلى تاريخ متأخر عندما فقد الرهبان – حسب قوله – قداستهم، فبدأ يبحثون عن رفات السلف الصالح لكى يُلفتوا الأنظار إلى أديرتهم. أنظر عن ذلك ايفلين هوايت للمعرب (ط/2 تحت الطبع). بينما تخبرنا المصادر الكنسية المبكرة أن الأنبا انطونيوس والأنبا باخوميوس والأنبا شنودة الأخميمى، بل والبابا أثناسيوس الرسولى (فى رسالته الفصحية، 41) قد أدانوا جميعا هذه الظاهرة فى القرن الرابع الميلادى، عندما كان المسيحيون يحتفظون بأجساد الشهداء فى مقاصير خاصة بدلا من دفنها فى القبور.
[544] - أى الشهيد سرياقوس
[545] - أى لخوسرو
[546] - 532/533م
[547] - أى شجعته على اقرار السلام، كما سنرى بعده.
[548] - 533م
[549] -540م.
[550] - أى الرومان.
-[551] مدينة اغريقية قديمة، تقع أطلالها اليوم عند مدينة بودروم فى جنوب غرب تركيا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
[552] - يرى بروكس أن جملة أو فقرة هنا سقطت من النص إما فى النساخة أو سهوا من المؤلف، واقترح أن تكون" وبعد تبادل الرأى مرتين ولم يُطِع، اضطر ساويرس الى التصدى..".
[553] - هذه الإضافة التى بين القوسين هى، كما يقول بروكس، نقلا عن نسخة ميخائيل السريانى(ق12م)
[554] - من رسالة كيرلس، 45.
[555] - هنا ملاحظة جيدة عن أخطاء النساخة حتى فى الزمن القصير والمتوسط، ما بين عهد كيرلس عمود الدين(ق4م) وزمن ساويرس (ق6م).
[556] - أى مع ما كتبته.
[557] - 1كو14:16.
[558] - حرفيا "طوم" وهى تقابل كلمة "مقالة".
[559] - أى22:21.
[560] - أم6:2، 7. ط/اليسوعية.
[561] - رو28:3.
[562] - غل 9:3.
[563] - رو5:4.
[564] - يعقوب 21:2-24.
[565] - قارن كو11:2، 12.
[566] - راجع رو9:4، 10.
[567] - يع 5:2 ،6.
[568] - قارن، تك26:17، 27 ط/ اليسوعية.
[569] - قارن، تك2:22.
[570] - غل6:5.
[571] - قارن، 1كو4:13-8.
[572] - يو 15:14.
[573] - قارن، أم 9:8.
[574] - غل 15:5.
[575] - لاحظ هذا التعبير المستيكى"اسرئيل الله" الذى يشير به القديس ساويرس إلى المجاهد الروحى من أجل الله.
[576] - أى انخدع فى ساويرس!!ُ
[577] - 532م.
[578] - هنا باقى الجملة مبتور، ومفهوم ضمنيا كالآتى "أن يتكلم ضده".
[579] - ابقيتُ على هذه الكلمة كما هى، وهى اساسا Scholae Palatinaeلأنها ترتبط بالعصر البيزنطى المتأخر وبالذات فى عهد جوستنيان الأول. وهذه كانت وحدة حراسة عسكرية منتقاة تابعة للقصر الملكى ( أى تماثل الحرس الجمهورى الآن فى مصر، أو الحرس الثورى فى ايران). وظلت هذه الفرقة قائمة إلى القرن الحادى عشر الميلادى حيث اختفت بعد ذلك.
[580] - إنه لم يقرأ المحاورة الشيقة عن انواع القسَم الذى يمكن الرجوع عنه بكل صواب، ضمن محاورات كاسيان. أنظر: محاورات كاسيان، المحاورة رقم 17 للأب يوسف عن الوعود. للمعرب (تحت الطبع).
[581] - نلاحظ هنا أمانة هؤلاء الاساقفة انهم يجاهرون بإيمانهم رغم استدعاؤهم من المنفى.
[582] - انظر، تى9:3.
[583] - 1كو16:11.
[584] - "هنا"، أى مدينة القنسطنطينية، حيث يقيم الملك الذى يخاطبونه.
[585] -لاحظ هذه العبارة فى خطاب من اساقفة غير خلقيدونيين فى القرن السادس الميلادى، ثم انقسام المعسكر الخلقيدونى بعد ذلك بسبب الاضافة التى اضافتها كنيسة روما، بين إلى ارثوذكس خلقيدونيين يونان، وكاثوليك خلقيدونيين غربيين (روما ومَن فى فلكها).
[586] - أى "الجسد" الذى أخذه "الله الكلمة" من العذراء مريم. والجملة التالية مباشرة ردٌ على الخياليين أو "الدوستيين".
[587] - قارن هذه الجملة "ولم يدع شيئا يعوزنا بخصوص الخلاص" مع ما يقوله الإنسان على لسان الكاهن فى صلاة "قدوس. قدوس" بالقداس الغريغورى القبطى بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية "لم تدعنى معوزًا شيئا من أعمال كرامتك".
[588] - اصطلاح "الأهواء البريئة" innocent passions مقصود به حاجات الانسان البشرية التى ليست فى ذاتها خطية مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والملبس والراحة من التعب...الخ. فالجوع والعطش والنوم وما شابه ذلك، يُطلق عليها فى الجدل العقائدى لأغراض الشرح "أهواء الناسوت البريئة".
[589] - عن "الأهواء البريئة" التى تحملها "الكلمة" من أجلنا، راجع صلوات القِسَم الموجهة "للإبن" أرقام 18- 20 على سبيل المثال لا الحصر، بالخولاجى المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ط/ المحبة.
[590] - "الجسد.. القابل للتأثر" passible flesh ، وللموت. الواقع أن كل عبارة من صيغة الإيمان هذه ترُد على بدعة من البِدع التى اجتاحت الكنيسة فى تلك الأيام. وبالرغم من استدعاء هؤلاء المنفيين غير الخلقيدونيين من منفاهم، إلا أنهم لم يُفرِّطوا رغم طول سنين الغربة فى عقائدهم البتة.
[591] - "شبحًا" أى "خيالا" كما يقول أصحاب بدعة "الدوسيتية" عن جسد "الله الكلمة".
[592] - man-worshipper . هذا هو النعت الذى أطلقه اللاخلقيدونيون فى كتاباتهم على نستوريوس(= نسطور)، الذى قسَم الكلمة بعد التجسد إلى قسمين. وقد تكرر هذا النعت فى رسالة أنثيموس بطريرك القنسطنطينية إلى القديس ساويرس الأنطاكى. أنظر ك21:9 هنا.
[593] - أى تفرده بخاصية الأبوة.
[594] - "تأنس من أجل البشر..." إصرار على التمسك بقانون الإيمان النيقاوى "هذا الذى من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا [نحن البشر] نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء. وتأنس.
[595] - composition. "مركب" هنا إشارة إلى الجسد البشرى الذى أخذه- كما هو واضح من الجملة التالية مباشرة- والمكون من لحم ونفس وعقل.
[596] - فى كتابات آبائية أخرى، ترد عبارة "بأسلوب يعرفه هو وحده".
[597] - أنظر ديونيسيوس فى "de Div. Nom. i. 4.".
[598] - "طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد" بتعبير القديس كيرلس عمود الدين بابا الأسكندرية، والتى تمسك بها واعتمد عليها القديس ديسقورس المعترف بابا الأسكندرية فى مواجهة مجمع خلقيدون. وهذا هو إيمان الكنيسة الأرثوذكسية اللاخلقيدونية عن طبيعة السيد المسيح بعد التجسد.
[599] - البعض، هنا كما سنرى من العبارات التالية مباشرة، غير الخلقيدونيين، المتهمين بالخطأ من انصار مجمع خلقيدون.
[600] - أى الخلقيدونيون.
[601] - 536م
[602] - طبقا لعنوان العريضة، لم يكن الرهبان هم الذين قدموها، ولكن الاساقفة. ومع ذلك فى نسخة ميخائيل السورى دعيوا "الاساقفة والرهبان".
[603] - أنظر تشبع القديس ساويرس الأنطاكى بطريرك الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية غير الخلقيدونية بالتراث الآبائى الأرثوذكسى كما يرِد فى صلاة الصُلح بالقداس الغريغورى القبطى: "بل أنتَ بغير تحول تجسدتَ وتأنستَ، وشابهتنا فى كل شىء ما خلا الخطيئة وحدها".
[604] - أنظر، خر 18:13، الترجمة اليسوعية، وهى هنا تتفق مع الاسم الوارد فى رسالة القديس ساويرس Rushes Sea of والذى كان يعرف به البحر الاحمر. وقد ورد فى الترجمة البيروتية "بحر سوف". وكان البحر الأحمر يُعرف كتابيا بإسم Rushes Sea of كما ورد فى رسالة القديس ساويرس هذه. والكلمة الانجليزية Rushes الواردة فى ترجمة بروكس للنص السريانى للقديس ساويرس الأنطاكى، تُشير إلى نوع من النباتات العشبية المزهرة التى تتسم بسيقان اسطوانية، وأوراق على شبه سيقان stemlike، ويوجد بالمناطق المعتدلة وخاصة الرطبة، وهو يُستخدم فى مناطق كثيرة من العالم فى صنع الكراسى والسلال، وفى مصر لصنع الحصير. وهذا النبات هو المعروف فى مصر بإسم الحلفا. ومازال يوجد بكثرة فى منطقة جنوب سيناء حتى اليوم. ومن هنا أخذ البحر الأحمر فى الكتابات القديمة هذا الإسم كما ورد فى النص الانجليزى هنا، وكما ترجمته الطبعة الكاثوليكية "بحر القصب". وفى الواقع هذا النبات المترجم هنا "القصب"، تسميه القواميس العلمية "القيصوب الجنوبى" أو الغاب أو البردى أو البوص reed واسمه باللاتينية Phragmites .
[605] - خر 3:14
[606] - عب 13:6، 14
[607] - كتبها بروكس "كوهلث" Koheleth وهو إسم "الجامعة" بالسريانية.
[608] - جا2:8، حسب الترجمة السريانية. قارن جا2:8ط/بيروت
[609] - أى عن حضورى إلى المدينة الملكية.
[610] - أى كرسى القضاء، حسب ترجمة بيروت
[611] - أم 8:20. الترجمة اليسوعية
[612] - قارن أم 26:20. ط/يسوعية
[613] - هكذا نص المتن. ولذلك يعلق د/هاملتون فى الهامش على ذلك بإقتراح قراءة الكلمة السريانية بطريقة اخرى بحيث تعنى (كما أنه من السهل للحاصدين فصل الرفش عن الحنطة). وهذا يعكس صعوبة قراءة الخط المنسوخ به هذه المخطوطة.
[614] - يقصد الوشاة
[615] - تث 29:14
[616] - أم 13:16
[617] - طبعا " الطبيعة الناسوتية".
[618] - 1بط22:2
[619] - لاحظ أن هذه الكلمة impassibility والمعروفة باليونانية "آباثيا" هى التى أثارت، من قبل، الحساسية الشديدة بين جيروم من جهة وبين كاسيان وبالاديوس من جهة أخرى. أنظر عن ذلك مقدمتنا لكل منهما فى تعريبنا لأعمال كاسيان وبالاديوس.
[620] - أى23:30
[621] - يو35:4
[622] - رو21:12
[623] - 534/535م
[624] - 533م
[625]- أى من أتباع مجمع اريمنييم. وهو مجمع كنسى عُقِد سنة 358م فى ارمينيم التى هى حاليا ريمنى بإيطاليا. أنظر:"التاريخ الكنسى" لسوزومينوس، للمعرب (تحت الطبع).
[626] - 534م.
[627] - هنا روما/ايطاليا
[628] - أو دومينوكس.
[629] - كان القارىء فى التاريخ المبكر للكنيسة، يعنى الشارح أو المفسر بلغة اليوم للكتاب المقدس، ولذا نلاحظ هنا كلمة "جيدا" أى يجيد التفسير.
[630] - 536م
[631] - 535/536م
[632] - نلاحظ هنا ملاحظة تاريخية، وهى امكانية انتقال اسقف ايبارشية إلى بطريرك، رغم حظر ذلك. وثانيا: نلاحظ مسألة تعيين الملك للبطاركة والاساقفة وعزلهم.
[633] - هو ثيودوسيوس الأول بابا الاسكندرية، الثالث والثلاثون فى عداد باباوات الاسكندرية(536-567م). ويرِد إسمه فى الكتابات العربية القديمة بالشكل تاودوسيوس.
[634] - archiatros (أرشياتروس). كان لقبا لطبيب الملك الخاص.(المعرب).
[635] - عن "راس عينا" rhesaina، أنظر هامشنا السابق 397.
[636] - 536م
[637] - 537م
[638] - لاحظ وصف زكريا السريانى هنا.
[639] - يقصد انثيموس ؟!!
[640] - يقصد ساويرس، وهكذا كانت نظرة الخلقيدونيين إلى الأرثوذكس الشرقيين الرافضين لمجمع خلقيدون وخاصة الاسكندريين إلى اوائل خمسينات القرن العشرين حسبما ذكرت ايريس حبيب المصرى(فى كتابها "قصة الكنيسة القبطية" الجزء الأول، المقدمة.). عندما نعت أحد ضيوفها الأجانب الكنيسة القبطية بذلك، فى إحدى جلساتهم معها.
[641] - ولهنا كانت عبارة ذهبى الفم الشهيرة - ذاك الذى سبق واختبر محبة الرؤساء، وعرف أنها خاضعة كلية للإعتبارات السياسية - "لا تجالس الرؤوساء".
[642] - هذه الواقعة، ذُكِرت مرة أخرى فى القرن التاسع، فى حولية بالمتحف البريطانى جاء فيها أنه قضم لسانه بأسنانه.
[643] - قارن تك2:35، 3 ط/بيروت
[644] - أى الشِباك، أو بالعامية المصرية "الخية"
[645] - حسب قراءة البشيطة التى كان ينقل منها ساويرس. قارن، أى 8:18-10
[646] - قارن أش1:43-3 ط/بيروت
[647] - لا 16:26
[648] - 2 كو11:2
[649] - لو48:12
[650] - مز3:24
[651] - تك 27:18
[652] - مز6:22 سبعينية.
[653] - مز 53:119
[654] - الخطايا هنا مقصود بها كما سيتضح من العبارة التالية مباشرة خطايا العقيدة.
[655] - تى7:3
[656] - قارن أش9:4
[657] - أى الروح القدس، وعلى رأسهم مقدونيوس.
[658] - المعروف فى الكتابات العربية بإسم كلستينوس.
[659] - لاحظ مدى تأثر هذا المبارك بتعبيرات القديس كيرلس عمود الدين.
[660] - one nature of the Incarnate Word. هكذا وردت الجملة فى ترجمة بروكس. والجملة هكذا هى صيغة القديس كيرلس عمود الدين، فى رده على نسطور.
[661] - كما ذهبت بعض الهرطقات. انظر عن ذلك "الفكر البشرى الدينى المناوىء للحق الإلهى المسيحى". مرجع سابق الذكر.
[662] - أى غير قابل للألم.
[663] - أنظر أصداء الفكر الكيرلسى هذا على ثيؤتوكية الأحد، القطعة الثانية، بالأبصلمودية السنوية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية. (التابوت .... سبق أن دلنا، على الله الكلمة، الذي صار إنساناً، بغير إفتراق. واحد من إثنين، لاهوت قدوس، بغير فساد، مساوي للآب).
[664] - يقول بروك لا اعرف من أى عمل من اعمال باسيليوس هذا الاقتباس. ويقول المعرب ربما هو قول دارج شفاهيا.
[665] - أى حامل المصباح. والعبارة هنا صدى للتشبيه الكتابى" لا يوقَد سِراج ويوضع تحت مكيال، بل على المنارة" والمنارة هنا الموضع المرتفع فى الغرفة الذى يوضع عليه السِراج(= المصباح) ليُضِىء كل الغرفة.
[666] - 2كو15:9
[667] - "Well of Oaths". وهو بئر سبع فى النسخة البيروتية. ولكن كلمة "سبع" العبرية تعنى"القسَم" (انظر هامش الترجمة اليسوعية)، لذلك استخدما ساويرس هنا بمعناها وليس بلفظها.
[668] - تك 33:21
[669] - 1كو3:15
[670] - 1كو21:15، 22
[671] - عب 14:2-17
[672] - قارن هنا جا14:3. يقول بروكس أريد أن اسجل هنا ان الجملة التالية كانت صعبة فى ترجمتها، واننى مدين للدكتور هاملتون فى ترجمتها واننى بالكاد أظن انها تمثل ما كتبه ساويرس، وايضا يرى ميخائيل السورى نفس الشىء ومن ثمة أى فساد فى هذا النص لابد أنه أقدم من مؤلفنا. [ يقصد كلا من ميخائيل السورى وزكريا البليغ. المعرب]
[673] - أوردها بروكس بصيغتها السريانية " كوهلث".
[674] - قارن حبق1:2
[675] - مز 28:108 سبعينية.
[676] - عب 22:1، 23
[677] - سى 25:27
[678] - breastplate
[679] - ملاحظة طقسية للتاريخ الليتورجى. لاحظ عبارة "وشريكه فى الخدمة، ..." الواردة فى القداس القبطى عن الاساقفة والبابا.
[680] - أش 1:26.
[681] - قض3:1.
[682] - أى 6:27.
[683] - قارن يش 33:22 مع 24:4
[684] - لاحظ ما يقوله القديس ساويرس الأنطاكى عن ترتيب المراسلات الكنسية – سواء من باب الاتضاع من جانبه، أو بالنظر إلى ترتيب ما كنسى – عن وجوب الكتابة إلى الكرسى الاسكندرى أولا.
[685] - يو19:20
[686] - steward Theopompus
[687] - قد لا يُفهَم هذا المطلب للقارىء الحالى، ولكن سيُفهم بسهولة عندما نقول لأسير يعتمد كلية على ذراعه اليمنى فقط فى القتال، بأننا لكى نتركك حيا سنقطع لك فقط ذراعك اليمنى. وهكذا كان يفعل الجيش الإسرائيلى حاليا بالنسبة للكثيرين من أسرى الحرب، عندما كانوا يقطعون اصابع يدهم اليمنى، ليحُولوا بينهم وبين القدرة على استعمال السلاح ثانية. ولما كان القتال قديما كان يعتمد على اطلاق السهام، وكان التصويب بالطبع يعتمد على النظر بالعين اليمنى، تماما مثل "التنشين" اليوم، من هنا كان طلب هذا البربرى الطاغية "تقوير" العين اليمنى، حتى يعجز الأسير المطلَق سراحه عن القتال بتاتا فيما بعد.
[688] - 1صم 3:1
[689] - مز4:78
[690] - رو 3:8
[691] - أر9:1
[692] - أع 15:9
[693] - فى الإيمان القويم.
[694] - اش 8:45
[695] - المقصود يُعطِى حق الشركة لمن بعده.
[696] - 1كو27:1، 28
[697] - حز17:3، 18
[698] - سى10:2، 11
[699] - يو 29:10
[700] - أى الروح القدس
[701] - أنظر: "يسوع المسيح. الكلمة الذى تجسد وصار بغير تغيير(عب12:1) إنسانا كاملا" فى القطعة السادسة من ثيؤتوكية الإثنين، بالأبصلمودية السنوية بالكنيسة القبطية.
[702] - نلاحظ هنا التيار العقيدى الأرثوذكسى عن دوام بتولية العذراء، منذ مقالات القديس اكليمنضس الاسكندرى، ومرورا بالقديس البابا اثانسيوس الرسولى، والقديس غريغوريوس النيصى، والقديس ديديموس الضرير. أنظر أيضا القطعة السابعة من ثيئوتوكية الثلاثاء بالأبصلمودية السنوية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التى تقول "وبعدما ولدَته، بقيت عذراء.".
[703] - أو حسب تعبير البعض غير القابل للتجزئة، أو التجزِيء.
[704] - وهو ما نصر عليه، على لسان الكاهن عندما يقول فى نهاية الليتورجية القبطية الأرثوذكسية (غير الخلقيدونية) "أؤمن، أؤمن، أؤمن واعترف إلى النفَس الأخير أن ناسوته لم يفارق لاهوته...... وجعله واحدا معه بدون اختلاط أو امتزاج أو تغيير".
[705] - قارن أر 16:17 ط/بيروت.
[706] - أيضا هنا الأثر الاسكندرى الواضح لليتورجية القبطية سواء أقلنا أن هذه الرسالة لاحقة للنصوص الليتورجية أو حتى إذا افترضنا جدلا أن النص الليتورجى كان معاصرا لها أو لاحقا لها، فإن الخلاصة التى أريد أن أخلص اليها هى أثر الروحانية والفكر الاسكندرى هنا فى عبارة "وعبيد الرب الآتين من بعدهم". أنظر أوشية الإجتماعات التى يصليها الكاهن عدة مرات فى دورات البخور فى القداس الإلهى التى يقول فيها "بيوت صلاة، بيوت طهارة. بيوت بركة أنعم بها يارب علينا وعلى عبيدك الاتين من بعدنا إلى الأبد".
[707] - غل20:2.
[708] - حب25:6، 26.
[709] - 2 كو5:1.
[710] - 1 تس9:3.
[711] - مت 28:10.
[712] - رو 18:8.
[713] - 1بط 22:5.
[714] - عب 14:2، 15
[715] - أو الذى وحَّد لنفسه لحم طبيعتنا.
[716] - يقول المترجم أنه لا يعرف مصدر هذا الاقتباس, ويقول المعرب يسعدنا أن يرسل الينا من يعثر عليه بالمرجع.
[717] - 537م
[718] - هذا الرقم الأخير لابد أنه خطأ لأن السنة الثلاثين تنتهى فى 31/8/580م. أما سنة 859 للسلوقيين فتنهى فى 30/9/548م. والثانية هى الأصح على الأرجح لأن سقوط روما الذى ينتهى به الكتاب هنا قد حدث فى 17/12/546م.
[719] - هكذا وردت فى الترجمة الانجليزية للنص(فى السنتين الخامسة عشر واثنتين). وفى الهامش، يقول المترجم أنهما 537م و539م، وبذلك نفهم أن ذلك كان تعبيرا سريانيا، بدلا من القول السنتين الخامسة عشر، والسابعة عشر.
[720] - أو كما يكتبه البعض سيروس.
[721] - tetrapylon. . أنظر هامشنا رقم 214 سابقا.
[722] - 536م
[723] -أنظر، هامشنا 633 عاليه.
[724] - هناك أجزاء كثيرة ممزقة فى هذا الفصل، ولذلك العبارات الواردة بين الأقواس هنا عبارات تخمينية. بروكس.
[725] - 537/538م.
[726] - 540م.
[727] - 537/538م.
[728] - حسب اصدار بروكس
[729] - تترابيلون، أنظر هامشنا 208 سابقا.
[730] - هنا ملاحظة طقسية تاريخية فارقة بين الطقس البيزنطى (واللاتينى الغربى) وبين الطقس القبطى لإقامة القداس الإلهى. ففى الكنيسة القبطية، فيما عدا قداسات الأعياد السيدية الكبرى: القيامة والميلاد والغطاس) كان القداس يُقام يوم الأحد صباحا بعد فترة انقطاع لا تقل عن تسع ساعات. أما الطقس البيزنطى كما هو واضح من هذه الفقرة فيتم (رفع القرابين) مساءً. وواضح، من نقد سلوك هذا الاسقف، عدم الحرص على فترة انقطاع قبل التناول. أما عن إقامة القداسات ليلا، فقد عرفت الكنيسة القبطية هذا النوع أيضا فى القرن الرابع الميلادى (أنظر: "الأنظمة" و"المحاورات" لكاسيان. للمعرِّب، تحت الطبع).
[731] - مصدر هذه الأقصوصة الغريبة غير معروف. ولكننى أحب أن اوضح، أن هذا الأب المصرى قد وُصِف بكلمة (غنوسى) ويغلب علىَّ الظن أنه كان غنوسيا ليس حسب المفهوم المسيحى، أى العارف بالله وأسفاره المقدسة، ولكن حسب الفلسفة الوثنية، لذلك اشار عليهم بسحل الجسد. وهى بالطبع مشورة لا يقبلها الفكر الرهبانى القبطى، ناهيك عن الآباء القديسين المصريين.
[732] - هذا الفصل من ترجمة بروكس.
[733] - نلاحظ أن الأسقف هنا يسمى الرهبان "الإخوة". ورغم أن هذا أيضا كان معروفا منذ نشأة الرهبنة كما نجد فى "الأبوفثجماتا باتروم" فى عبارة "سأل أخٌ شيخا". فها نحن نراها فى كتابات القرن السادس الميلادى. ورغم أنها وما زالت تُستخَدم فى "الأخوبات الغربية"، إلا أن الرهبان فى الأديرة القبطية قد تخلوا عنها وسادت كلمة "ابونا"، سواء أكان كاهنا أم راهبا.
[734] - "بيريه"، مدينة كانت تقع فى الفرات على مسافة حوالى 30 كم فى شمال غرب ساموسطا. وكان جمللينوس اسقفًا لها. أما رابولا فكان اسقف اديسا(412-436م).
[735] - أى بالسرائر المقدسة.
[736] - "الرقاق" particle. أحد عنصرىَّ سر الإفخارستيا فى الكنائس الغربية، بدلا من "القربان" فى الكنائس الشرقية.
[737] - يو54:6، 56.
[738] - عب28:10، 29.
[739] - يو52:6.
[740] - هنا نلاحظ اشارة طقسية تاريخية عن المعمودية بالتغطيس, وأن هذه الاشارة ترِد من اسقف شرقى لمدينة غير الاسكندرية.
[741] - 1كو28:11، 29
[742] - 1كو32:11، 33
[743] - أش6:6
[744] - هنا اشارة طقسية أخرى، إلى فترة ما للإنقطاع عن الطعام قبل التناول، وإن لم تذكر هنا كم مدتها بالضبط.
[745] - سى 28:29 . كتبه بروكس هكذا "Jesus Bar Asira,^ the son of Simeon " وهو المعروف فى طبعتنا العربية كما فى المتن.
[746] - راجع 1صم28:3، 29
[747] -1صم30:3
[748] - ليس بالمعنى الذى تطور لاحقا فى كنيسة روما لترسيخ مفهوم رئاسة اسقف روما، لسائر أساقفة الكراسى الرسولية!!!. ذلك المفهوم الذى رفضه حتى الأساقفة الخلقيدونيون انفسهم، وبدأت ارهاصاته كما رأينا عاليه بين سالوفاكيولس واسقف القسطنطينية الخلقيدونييَن. ولكن بمعنى كبير الرسل سنا.
[749] - ويُكتب أيضا، كليمندس أو كليمنضدس، أو اكليمنضس. وهو هنا اكليمنضس الأول، الرومانى(88م- 99 أو 100م).
[750] - انظر اكليمنضس، العظات 5:12، 6 (عن هـامش بروكس 2 ص 309).
[751] - قارن أع 21:1.
[752] - "يتناولون حياتنا الحقيقيى" أى بعد أن يأكلوا "الخبز العادى"، يتناولون "خبز الحياة الحيقيقى" المعطى الحياة لنا. أنظر: يو34:6.
[753] - الكلمة الواردة هنا فى نص بروكس سريانية، وقد شرحها روبرت (فى هـ 109)، بالمعنى عاليه.
[754] - 537/538م
[755] - اش 5:10 ،6
[756] - 540م
[757] - يقول بروكس أنه قد وجد هذه القصاصات تتطابق مع عناوين الفصول الواردة هنا، على نحو لا يشك فى أنها منقولة من زكريا الخطيب، ولذا اتبع ما ورد فى فوليو(= ورقة) ميخائيل السورى.
[758] - 538/539م.
[759] - ليس من الثابت ديسمبر أم يناير، لأن الشهر فقط هو المذكور فى قصاصة اديسا، وغير واضح ما إذا كان واحد أم اثنين من خونون [اسم من اسماء الشهور القديمة. المعرب].
[760] - حسب قصاصة يعقوب من اديسا. لكن ميخائيل يقول لأيام عديدة.
[761] - حز17:7 وهكذا وردت أيضا فى ط/بيروت.
[762] - أى بيزنطة.
[763] - يقول المترجم الانجليزى: هنا خطأ نساخة. ويقول المعرب أن صحتها لابد أن تكون "تشفعوا" كما هو واضح من بقية الجملة.
[764] - 538/545م
[765] - 546م
[766] - 546م
[767] - أى المدينة.
[768] - annonae. كلمة لاتينية تشير إلى الحنطة والغلال. أى المخابز التى تطحن الحنطة وتصنع خبزا توزعه على سكان روما فى العصور القديمة. حيث كان انتاج ريف مدينة روما لا يكفى احتياجات سكانها، مما جعلها تعتمد على جلب الغلال من المستعمرات الرومانية.
[769] - يذكر بروكس (فى هامشه رقم 7 ص319) أنها تعنى custodians أى حارس، أو قيِّم أو حافظ.
[770] - فى الجزء المفقود من بداية الفصل. بروكس
[771] - 555م
[772] - 561م
[773] - يسجل التاريخ المدنى بالفعل كوارث طبيعية عديدة شهدها العالم فى السنوات الأخيرة لعهد جوستنيان.
[774] - تث 15:28
[775] - تث 25:28، 26
[776] - 556م
[777] - أى عيد الفطير.
[778] - 553م
[779] - لاحظ هذه الكلمة التى بدأ الخلقيدونيون ينعتون بها الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية منذ ذلك الحين وإلى أوائل القرن الواحد والعشرين، حيث تصادفنا هذه الكلمة بإستمرار فى سائر الكتابات الكاثوليكية فى أى لغة، وحتى البروتستانتية بكل عدائها للكنيسة الرومانية كانت تستعمل هذه الكلمة وكلمة "مونوفيزيت"(بالمعنى الأوطاخى) فضلا عن نعت "اليعاقبة" فى الكتب العربية. ومؤخرًا جدا ونتيجة للحوارات المسكونية التى جرت فى عهد مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تم الاتفاق على اصطلاح "ميافيزيت" كنعت للكنائس غير الخلقيدونية.
[780] - أرشياتروس. أنظر هامشنا السابق رقم 633 .
[781] - 554م
[782] - الإلهية
[783] - لا أعرف علاقة هذه الاضافة بالبخور ولكنها وردت هكذا فى الترجمة الانجليزية beet.
[784] - هذا الجزء من المترجم الانجليزى. المعرب
[785] - 555م
[786] - اش 4:2
[787] - هذا الجزء أترجمه كما ورد فى ترجمة بروك، ولم يعلق هو عليه من ناحية ما إذا كان أصلا من زكريا أو نقلا عن مَن. رغم أنه فى نظرى، يدخل تحت باب الفلوكلور والأساطير، وسواء أكان هذا من زكريا أو نقلا عن بتولمى. فإننى أرى أنه كان يتعين عليه تناوله بالتمحيص والتعليق. المعرب
[788] - أى سبع سنوات
[789] - أيضا لا تفوتنا هنا الإشارة إلى العلاقة بين هذه الأصناف التى أرسلها الملك، وبين أوشية القرابين فى الليتورجيا القبطية. فهذه الأصناف كلها مستلزمات إقامة الافخارستيا، وايقاد قناديل الكنيسة، وفرش المذبح. أنظر الخولاجى المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
[790] - رو25:11
[791] - ارشياتروس. أنظر هامشنا رقم 633 السابق.
[792] - بروكس.